الإعجاز العلميّ في قول الله تعالى:(وعلّم آدم الأسماء كلَّها) لـ أ.د.ظافر القرني

عبدالرحمن الشهري

المشرف العام
إنضم
29/03/2003
المشاركات
19,331
مستوى التفاعل
136
النقاط
63
الإقامة
الرياض
الموقع الالكتروني
www.amshehri.com
بسم الله الرحمن الرحيم
الإعجاز العلميّ في قول الله تعالى: وعلّم آدم الأسماء كلَّها(*)


أ.د. ظافر بن علي القرني

أستاذ علوم هندسة المساحة
جامعة الملك سعود – كليّة الهندسة –القسم المدني
الرّياض
www.dr-algarni.net
[email protected]

المقدمة
العقل البشري مهيأ للعلم من خالقه عزّ وجلّ؛ لذا فتعلّم العلم هو من أيسر الأمور على الإنسان؛ ولمَّا وهمنا أن غيرنا أجدر به منَّا، تصورناه أمرًا صعبًا، فحاولنا ابتكار تعاريف تليق بهذه الصعوبة المتوهمة. وكانت أسهل طريقة لجلب هذه التَّعاريف أن تؤخذ ممَّن بُهرنا بثقافتها من الأمم المتقدِّمة تقنيًّا، فقادتنا تلك التّعاريف إلى تقسيمات عشوائية أكثرها غير رشيد؛ حتّى بلغ بنا الأمر أن قسّمنا العلم، في مدارسنا ومعاهدنا وجامعاتنا، إلى علم وأدب (Science and Art)، أو علم وغير علم (1)؛ ولأنَّ هذا لا يتّسق مع واقع العلم، ولا مع ثقافة أمتنا، لما بين يديها من علوم ومعارف لا تخضع لهذا التقسيم الفاسد، لم يقم لها قائمة منذ أمدٍ بعيد.

وقد يحجر المرء العلم على ما يعرفه منه، وينفي صفته عن علوم أخرى لجهله بها. وهذا أمر أفدح من سابقه؛ لأنَّ العلم لا يحيط به أحد، ليبعد عنه ما شاء، ويدني منه ما شاء؛ وإن كان علمٌ دون علمٍ في الأهمّية؛ فمن العلم ما لا يسع المرء جهله، أو ما هو فرض عين على النَّاس. ولو حكمنا معارفنا بما دلّ عليه كلام الرّسول الكريم في العلم، لكفانا مؤونة التقسيم التي لا تنتهي متاهتها؛ ألم يقل صلى الله عليه وسلّم في دعائه: "اللّهم إنّي أعوذ بك ... من علمٍ لا ينفع" (2، سنن التّرمذي، حـ 3404). إذن العلم إمَّا أن يكون نافعًا أو ضارًا. وهذا هو ما نراه في واقع الحياة. ونحن لا نعجب ممّن لم يعرف عن الوحي شيئًا إذا أخطأ في فهم كنه العلوم وتصنيفها؛ ولكن العجب يتملّكنا ممّن وفقه الله لمعرفة كتابه، ثمَّ يسلك في تعريف العلم ما سلكه غيره، دون معرفةٍ حقّة به. ولنكتف بدليل واحد من القرآن الكريم لنرى السّياق الذي جاءت فيه كلمة علماء في قول الله جلَّ في علاه:) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ * وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءٌ) (3، فاطر، 27-28). فالآية تخبرنا عن أنواع من العلوم لها اليوم تخصصاتها التي تُعرف بها، فإذا ما اتَّقى أصحابها الله في علمهم، وكان خالصًا لوجهه، كانوا من العلماء الّذين ذكرتهم الآية. فأيّما معرفة تقود إلى عبادة الخالق عزَّ في علاه، على ما شرعه، فهي علم وأهلها علماء بها، وقد لا يتجاوزنها لغيرها.

ورغم ما يشوب كثيرًا من علوم اليوم من خلل في الفهم والتَّصنيف، فقد بلغت مبلغًا عظيمًا يعكسه لنا التّطور التَّقني المشهود في كلّ بقاع الأرض. وإذا ما نظر المرء إلى المعطيات أو المعلومات التي تقوم عليها هذه العلوم والتّقنيات المتنوِّعة، وجدها تنقسم إلى نوعين مهمّين هما: المعلومات الكمّيّة (Quantitative)، والمعلومات النّوعيّة (Qualitative). والكمّيّة منها تقوم على العدد، والنّوعيّة تقوم على الحرف (الكلمة). وجلّ العلوم والتقنيات المسيطرة اليوم، تتّّخذ من الأعداد المعالجة بالحاسوب، وسيلة للوصول إلى نتائج علميّة قد يكون غيرها أصح منها؛ ولكنَّها هي أفضل ما يمكن الوصول إليه، بحسب النَّماذج الرّياضية المبتدعة فيها. ورغم الأهميّة البالغة للإعداد، فإنَّها لا تأتينا بكلِّ المعلومات، ولا تفي بالغرض الذي نريده، ولا تمكّنّا من جعل الآلة تتعرّف على كلا النّوعين من المعلومات المتعلّقة بالشيء المعالج بذاتها. ولذا أصبح من الضروري النّظر فيما يعوز هذه التقنيات من مكونات كي تفي بما يراد منها، بحسب المجالات المختلفة. وبما أنّ البحث قد بلغ مبالغ عظيمة في الصنف الكمّي، وقصر في الصّنف النّوعي من المعلومات؛ فلا بدّ للمرء من البحث في كلا الصّنفين بطرق علميّة، ليرى مكمن العجز، فيحدّده ويبيّنه، كي تصبح معالجته ممكنة ميسّرة.

سيبدأ البحث بمناقشة علوم وتقنيات حديثة مختارة، تشمل تقنيّة التّصوير المتري: المساحة التَّصويريّة، والاستشعار عن بعد (Photogrammetry & Remote Sensing)، ونظم المعلومات الجغرافيّة (Geographic Information System, GIS)، وتقنية النّانو (Nanotechnology)، والإنترنت (Internet)؛ ليبرهن أنّ العقبة الكؤود في سبيل هذه العلوم والتّقنيات، وما ماثلها، تكمن في المعلومات النّوعيّة، وتتمحور في اسم الشيء المعالج أو المراد معرفته. فيركّز البحث، بعد ذلك، على الاسم، ليُرى ما جاء فيه، وليرصد أهم التّحولات الحادثة عليه عبر عصور تأريخيّة محدّدة، هي: العصر الجاهلي، والعصر النّبوي، والعصر الأموي، والعصر العبّاسي. ولا يغيب عن القارئ الفطن أن الأرض بأممها كانت هامدة قبل بعثة الرَّسول، وكانت في ظلام دامس، وفقر مدقع في العلم والمعرفة؛ فلاختيار هذه العصور ما يبرره بشهادة أمم الأرض عامة، كونها تمثَّل الحضارة الإنسانيّة على الأرض آنذاك. ولا ريب أنَّ لها تأثيرها البيّن فيما بعدها من عصور إلى يومنا هذا. وستقود هذه الدّراسة، بطبيعة الحال، إلى أمر الإعجاز العلمي في القرآن، والسّنة النّبويّة ليتوّج به البحث، وليجيب على مقالة من قال إنّ القرآن جاء به محمد صلّى الله عليه وسلّم من عنده، أو إنَّه من عند غير الله تعالى؛ فكيف لهذا النّبي الأمّي، في هذه الأمّة الأمّيّة أن يعلم أهمّيّة الأسماء وأنّ معضلة العلم والتّطوّر العلمي ستكون فيها لينصّ عليها بعينها في القرآن الكريم في آية (وعلّم آدم الأسماء كلّها) (3، البقرة، 31). وكيف علم هذا النّبيّ الكريم أنّ معضلة ما سيُسمّى "العلوم البحتة"، في آخر الزّمان، ستكون في "جوامع الكلم" ليخبرنا أنَّها معجزته الباقية أبد الدّهر؟. تجدر الإشارة هنا إلى أنّ كثيرًا من معلومات هذا البحث، مستقاة من كتاب أسماء الأشياء والعلم والتّقنية: الإعجاز العلمي العظيم" (4)، الّذي وفّق الله الباحث، بفضله وكرمه، إلى إنجازه.

للاطلاع على البحث كاملاً ، يمكن تنزيله بجداوله من المرفقات



ــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) ألقي هذا البحث في المؤتمر الثامن للإعجاز العلمي في القرآن والسنة بالكويت ، ونشر ضمن أعمال المؤتمر .
 
عودة
أعلى