أحمد بزوي الضاوي
New member
1- تعريف الإرث لغة :
الإرث هو البقاء وانتقال الشيء من قوم إلى آخرين ، يقول ابن فــارس ( ت 395 هـ ) " الواو والراء والثاء : كلمة واحدة ، هي الورث . والميراث أصله الواو ، وهو أن يكون الشيء لقوم ثم يصير إلى آخرين بـنسب أو سبب " .
" و أورثه الشيء أبوه ، وهم ورثة فلان ، وورثه توريثا أي أدخله في ماله على ورثته ، وتوارثوه كابرا عن كابر... وأورثه الشيء : أعقبه إياه . وأورثه المرض ضعفا ، والحزن هما ، كذلك . وأورث المطر النبات نعمة ، وكله على الاستعارة والتشبيه بوراثة المال والمجد " .
و" أصل الوراثة انتقال قنية إليك من غيرك ، من غير عقد ولا جار مجرى العقد ، ثم تطلق الوراثة والإرث على نفس المال المنتقل عن الميت ، ويقال لها ميراث ، وإرث وتراث . وقد يكون الإرث بمعنى البقاء " .
ويقال الإرث في الحسب ، والورث في المال .
2- مفهوم الإرث في القرآن الكريم :
وردت مادة ( ورث ) ومشتقاته في القرآن الكريم خمسا وثلاثين مرة ، موزعة على عشرين سورة على الشكل التالي :
رقم السورة اسم السورة رقم الآية
2 البقرة 233
3 آل عمران 180
4 النساء 11
4 النساء 12
4 النساء 19
4 النساء 176
7 الأعراف 43
7 الأعراف 100
7 الأعراف 128
7 الأعراف 137
7 الأعراف 169
15 الحجر 23
19 مريم 6
19 مريم 40
19 مريم 63
19 مريم 80
21 الأنبياء 89
21 الأنبياء 105
23 المؤمنون 10
23 المؤمنون 11
26 الشعراء 59
26 الشعراء 85
27 النمل 16
28 القصص 5
28 القصص 58
33 الأحزاب 27
35 فاطر 32
39 الزمر 74
40 غافر 53
42 الشورى 14
43 الزخرف 72
44 الدخان 28
57 الحديد 10
89 الفجر 19
ويمكننا أن نجمل المعاني التي ورد بها لفظ ( ورث ) ومشتقاته في القرآن الكريم في المعاني التالية :
1- صفة لله تعالى : وذلك في قوله تعالى :
إنا نحن نرث الأرض
ومنه قوله تعالى :
ولله ميراث السماوات والأرض
فالله سبحانه هو " الباقي بعد فناء خلقه وزوال أملاكهم ، فيموتون ويرثهم " .
2 – المال المنتقل عن الميت ، ويقال ميراث ، وإرث ، وتراث ، كقوله :
وتأكلون التراث أكلا لما
... ويتعدى ورث بنفسه لواحد ، فإذا دخلت عليه الهمزة أكسبته آخر ، قال :
وورث سليمان داود
3- حصول الأشياء بلا تعب ، ويقال لكل من خول شيئا مهنئا أورث ، وما وصل إليه إرث ، قال :
تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا
4 – بقاء العلم والنبوة ، ومنه قوله :
وليا يرثني ويرث من آل يعقوب
" أي يرث العلم والنبوة ، تمنى بقاء العلم والنبوة في عقبه ، فإن الأنبياء لا يورثون المال ، إنما يبورثون العلم " .
5 – الاستخلاف والتمكين ، ومنه قوله تعالى :
أن الأرض يرثها عبادي الصالحون
وقوله تعالى :
إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده
وقوله تعالى :
وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده و أورثنا الأرض
" واستعمل لفظ الوراثة لكون ذلك بغير ثمن ولا منة " .
6- الاستفادة ، " ويقال ورثت علما من فلان أي استفدت منه " ، ومنه قوله تعالى :
فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ
قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ
3 – المبحث الثالث : تعريف الفرائض لغة :
الفرائض مشتق من مادة ( فرض ) ، ونص ابن فارس ( ت395 هـ ) في معجمه المقاييس أن " الفاء والراء والضاد أصل صحيح يدل على تأثير في شيء من حز أوغيره " .
ولمادة ( فرض) معان متعددة في اللغة ، نذكر منها ما له صلة مباسرة بموضوعنا :
1- الحز في الشيء والقطع ، والجمع فروض ، وفراض .
2- التوقيت ، وكل واجب مؤقت ، فهو مفروض .
3- التقدير ، أي بيان مقدار الشيء ، ومنه حديث الزكاة هذه فريضة الصدقة التي فرضها رسول الله على المسلمين ، أي قدر صدقة كل شيء وبينها عن أمر الله تعالى .
4- الواجب ، سمي بذلك لأن له معالم وحدود ، وفرض الله علينا كذا وكذا ، وافترض أي أوجب . والفرض مصدر كل شيء تفرضه فتوجبه على إنسان بقدر معلوم ، وافترضه كفرضه ، والاسم الفريضة . وفرائض الله : حدوده التي أمر بها ونهى عنها ، وكذلك الفرائض بالميراث فهي حدود وأحكام مبينة. والفارض والفرضي : الذي يعرف الفرائض، ويسمى العلم بقسمة المواريث : فرائض ، ورجل فارض وفريض : عالم بالفرائض ، كقولك عالم وعليم .
4- الفرائض في القرآن الكريم :
وردت لفظة فرض ومشتقاتها في القرآن الكريم ثمانية عشر مرة ، موزعة على الشكل التالي :
رقم السورة اسم السورة رقم الآية
2 البقرة 68
2 البقرة 197
2 البقرة 236
2 البقرة 236
2 البقرة 237
2 البقرة 237
2 البقرة 237
4 النساء 7
4 النساء 11
4 النساء 24
4 النساء 24
4 النساء 118
9 التوبة 60
24 النور 1
28 القصص 85
33 الأحزاب 38
33 الأحزاب 50
66 التحريم 2
ويمكننا أن نجمل المعاني التي ورد بها لفظ ( فرض ) ومشتقاته في القرآن الكريم في المعاني الــتــالــيــة :
1- التقدير : قال تعالى :
وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ
أي قدرتم .
2- القطع : قال تعالى :
نصيبا مفروضا
أي مقطوعا محدودا . وقيل موفيا ، وقيل معلوما .
3- الإنزال : قال تعالى :
إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد
أي أنزله .
4- التبيين : قال تعالى :
قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ
أي بين .
5- الإحلال : قال تعالى :
ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له
أي أحل .
6- الواجب : قال : تعالى :
فمن فرض فيهن الحج
بمعنى : فمن أوجب فيهن الحج فأحرم .
ومنه قوله :
سـورة أنـزلناها وفرضناها
أي أوجبنا العمل بها .
7- الطاعن في السن : قال تعالى :
لا فارض ولا بكر
الفارض من البقر التي طعنت في السن كأنها فرضت سنها ، أي قطعته .
8- الفريضة بعينها ، قالتعالى :
فريضة من الله
يعني قسمة المواريث لأهلها .
-5- تعريف الإرث إصطلاحا :
اختار أغلب الفقهاء الترجمة لهذا الباب الفقهي بالفرائض ، وذلـك لأنه " جمع فريضة من الفرض وهو التقدير ، لأن سهام الورثة مقدرة " .
وعلل الرازي ( ت 395 هـ ) تسمية الباب بالفرائض لأن " أصلها الحدود ... فكذلك الفرائض حدود وأحكام مبينة " .
و لما كان علم الفرائض مشتملا على المعاني الفرآنية السالفة الذكر " لما فيه من السهام المقدرة ، والمقادير المقتطعة ، والعطاء المجرد ، وتبيين الله تعالى لكل وارث نصيبه ، وإحلاله ، وإنزاله سمي بذلك " . ومن ثم فإن الفرائض شرعا هي " نصيب مقدر شرعا للوارث " .
وعرف علم الفرائض " بأنه الفقه المتعلق بالإرث ، ومعرفة الحساب الموصل إلى ذلك ، ومعرفة القدر الواجب من التركة لكل ذي حق " . وهو من فروض الكفاية .
ونخلص مما سبق أن علم الفرائض ، أو المواريث علم يتكلم عن الحقوق المتعلقة بالتركة وترتيبها ، وأسباب الميراث ، وشروطه ، وموانعه ، وأنواع الورثة ، وبيان نصيب كل واحد ، وحجب بعض الورثة حجبا كليا أو جزئيا ، والعول وتصحيح المسائل ، وغيرها من الأحكام والقضايا المتصلة بتوزيع التركة . ويسمى المستغل بعلم الفرائض : رجل فرضي ، وفارض .
وقد رغب الـرسـول صلى الله عليه وسلم في تعلمه وتعليمه ، يـقـول صلى الله عليه وسلم :
العلم ثلاثة وما سوى ذلك فهو فضل ، آية محكمة ، وسنة قائمة ، وفريضة عادلة
وقال صلى الله عليه وسلم :
تعلموا الفرائض وعلموه فإنه نصف العلم ، وهو ينسى ، وهو أول شيء ينتزع من أمتي
قال الماوردي ( ت 450 هـ) : " وإنما حثهم على تعلمه لقرب عهدهم بغير هذا التوارث أي وهو التوارث المتقدم ، واختلف العلماء في تأويل قوله فإنه نصف العلم على أقوال أحسنها أنه باعتبار الحال فإن حال الناس اثنان حياة ووفاة فالفرائض تتعلق بحال الوفاة وسائر العلوم تتعلق بحال الحياة " .
كما أن الصحابة كانوا يحثون الناس على تعلم علم المواريث ، ومن ذلك قول عمر رضي الله عنه : " تعلموا الفرائض فإنه من دينكم " .
ويحتاج علم الفرائض إلى ثلاثة علوم وهي :
1 - علم الفتوى ، بأن يعلم نصيب كل وارث من التركة .
2 – علم النسب ، بأن يعلم الوارث من الميت بالنسب ، وبكيفية انتسابه للميت .
3 – علم الحساب ، بأن يعلم من أي جنس تخرج المسألة ، وحقيقة مطلق الحساب أنه علم بكيفية التصرف في عدد لاستخراج مجهول من معلوم .
أما مصادر علم الفرائض فيمكننا إجمالها في ما يلي :
1 – الـقرآن الـكريم : ذلك أن الله أنزل تشريعا مفصلا لأحكام المـواريث ، حيث قدرها بمقادير لايجوز الزيادة عليها ، ولا النقصان عنها .
2 – الـسـنـة النبوية الشريفة : فقد بين الرسول أحكام المواريث الواردة في القرآن الكريم ، من ذلك قــوله صلى الله عليه وسلم :
إن الله أعطى كل ذي حق حقه ، ألا لاوصية لوارث
كما أكمل أحكام المواريث ، من ذلك قــوله صلى الله عليه وسلم :
ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر
ومنه تحديده صلى الله عليه وسلم لميراث الجدة ، وبنت الإبن مع البنت ، والأخت مع البنت ، وميراث العصبات مع أصحاب الفروض ، والإرث بولاء العتاقة ، وبعض شروط الإرث .
3 – الصحابة رضي الله عنهم : وقد اشتهر منهم بعلم الفرائض أربعة : علي بن أبي طـــالب ( ت 40 هـ ) ، وزيد بن ثابت ( ت 45 هـ ) ، وعبد الله بن عــبـــاس ( ت 68 هـ ) ، وعبد الله بن مسعود ( ت 32 هـ ) . ولم يتفق هؤلاء في مسألة إلا وافقتهم الأمة ، وما اختلفوا إلا وقعوا فرادى ، ثلاثة في جانب ، وواحد في جانب ... وعن القفال ( ت 336 هـ ) : أن زيدا لم يهجرله قول ، بل جميع أقواله معمول بها بخلاف غيره " .
و قد أجمعوا على بعض الأحكام الأخرى ، كميراث الجد عند عدم الأب ، وكذا نصيب ابن الابن ، ونصيب الأخت لأب .
4 – الإجـمـاع : وهي المسائل المتعلقة بالميراث ، والتي اتفق عليها أكثر علماء المسلمين، " وجـلها له أصل من الـكـتـاب أوالـسـنـة ، بعضها غير قاطع الدلالة على المعنى " . وقد أوردها ابن المنذر في ( ت 318 هـ ) في كتابه الإجماع ، وقد بلغ عدد مسائل الميراث المجمع عليها ثلاث وخمسون مسألة .
وإذا أضفنا إليها مسائل كتاب الولاء ، وعددها خمسة مسائل ، ومسائل كتاب الوصايا وعددها أربعة عشر مســـألة - وذلك لصلتها الوثيقة بكتاب الـفرائض حيث تتضمن أحكاما متعلقة بالوصية والإرث – فإن عدد مسائل الباب تصبح إثنين وسبعين مسألة ، وإذا علمنا أن عدد المسائل المجمع عليها في الكتاب هي خمسة وستون وسبعمائة مسألة تبين أن المسائل المتصلة بالفرائض هي من أكثر القضايا الفقهية المجمع عليها ، مما يبين ثبات أحكام الميراث ، لأنها تشريع متصل بالأسرة ، وبتدبير تداول المال في المجتمع بشكل سلمي وعادل ، كما أنه يبين حرص المشرع على المحافظة على التكافل الأسري ، وصيانة الكيان الأسري مما يهدد سلامته واستقراره .
5 - الاجـتـهاد : ومجاله ضيق هنا للأسباب السالفة الذكر ، ويتمثل في ترتيب الورثة ، وتفصيل بعض أنواعهم التي أجملها القرآن الكريم ، ولم تبينها الـسـنة الـنـبـوية الشريفة .
ويبين السهيلي ( ت هـ ) كيف تتآزر هذه المصادر لإقرارصرح هذا العلم : " قال السلف من علماء الأمة : قد أبقى القرآن موضعا للسنة ، وأبقت السنة موضعا للاجتهاد والرأي ، ثم إن القرآن أحال على السنة بقوله :
وما آتاكم الرسول فخذوه
وأحال الرسول صلى الله عليه وسلم بعدما بين من أصول الفرائض على زيد بن ثابت ( ت 45هـ ) بقوله في الحديث :
وأفرضهم زيد بن ثابت
فصار قول زيد أصلا عول عليه الفقهاء ، واستقر العمل به " .
الإرث هو البقاء وانتقال الشيء من قوم إلى آخرين ، يقول ابن فــارس ( ت 395 هـ ) " الواو والراء والثاء : كلمة واحدة ، هي الورث . والميراث أصله الواو ، وهو أن يكون الشيء لقوم ثم يصير إلى آخرين بـنسب أو سبب " .
" و أورثه الشيء أبوه ، وهم ورثة فلان ، وورثه توريثا أي أدخله في ماله على ورثته ، وتوارثوه كابرا عن كابر... وأورثه الشيء : أعقبه إياه . وأورثه المرض ضعفا ، والحزن هما ، كذلك . وأورث المطر النبات نعمة ، وكله على الاستعارة والتشبيه بوراثة المال والمجد " .
و" أصل الوراثة انتقال قنية إليك من غيرك ، من غير عقد ولا جار مجرى العقد ، ثم تطلق الوراثة والإرث على نفس المال المنتقل عن الميت ، ويقال لها ميراث ، وإرث وتراث . وقد يكون الإرث بمعنى البقاء " .
ويقال الإرث في الحسب ، والورث في المال .
2- مفهوم الإرث في القرآن الكريم :
وردت مادة ( ورث ) ومشتقاته في القرآن الكريم خمسا وثلاثين مرة ، موزعة على عشرين سورة على الشكل التالي :
رقم السورة اسم السورة رقم الآية
2 البقرة 233
3 آل عمران 180
4 النساء 11
4 النساء 12
4 النساء 19
4 النساء 176
7 الأعراف 43
7 الأعراف 100
7 الأعراف 128
7 الأعراف 137
7 الأعراف 169
15 الحجر 23
19 مريم 6
19 مريم 40
19 مريم 63
19 مريم 80
21 الأنبياء 89
21 الأنبياء 105
23 المؤمنون 10
23 المؤمنون 11
26 الشعراء 59
26 الشعراء 85
27 النمل 16
28 القصص 5
28 القصص 58
33 الأحزاب 27
35 فاطر 32
39 الزمر 74
40 غافر 53
42 الشورى 14
43 الزخرف 72
44 الدخان 28
57 الحديد 10
89 الفجر 19
ويمكننا أن نجمل المعاني التي ورد بها لفظ ( ورث ) ومشتقاته في القرآن الكريم في المعاني التالية :
1- صفة لله تعالى : وذلك في قوله تعالى :
إنا نحن نرث الأرض
ومنه قوله تعالى :
ولله ميراث السماوات والأرض
فالله سبحانه هو " الباقي بعد فناء خلقه وزوال أملاكهم ، فيموتون ويرثهم " .
2 – المال المنتقل عن الميت ، ويقال ميراث ، وإرث ، وتراث ، كقوله :
وتأكلون التراث أكلا لما
... ويتعدى ورث بنفسه لواحد ، فإذا دخلت عليه الهمزة أكسبته آخر ، قال :
وورث سليمان داود
3- حصول الأشياء بلا تعب ، ويقال لكل من خول شيئا مهنئا أورث ، وما وصل إليه إرث ، قال :
تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا
4 – بقاء العلم والنبوة ، ومنه قوله :
وليا يرثني ويرث من آل يعقوب
" أي يرث العلم والنبوة ، تمنى بقاء العلم والنبوة في عقبه ، فإن الأنبياء لا يورثون المال ، إنما يبورثون العلم " .
5 – الاستخلاف والتمكين ، ومنه قوله تعالى :
أن الأرض يرثها عبادي الصالحون
وقوله تعالى :
إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده
وقوله تعالى :
وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده و أورثنا الأرض
" واستعمل لفظ الوراثة لكون ذلك بغير ثمن ولا منة " .
6- الاستفادة ، " ويقال ورثت علما من فلان أي استفدت منه " ، ومنه قوله تعالى :
فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ
قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ
3 – المبحث الثالث : تعريف الفرائض لغة :
الفرائض مشتق من مادة ( فرض ) ، ونص ابن فارس ( ت395 هـ ) في معجمه المقاييس أن " الفاء والراء والضاد أصل صحيح يدل على تأثير في شيء من حز أوغيره " .
ولمادة ( فرض) معان متعددة في اللغة ، نذكر منها ما له صلة مباسرة بموضوعنا :
1- الحز في الشيء والقطع ، والجمع فروض ، وفراض .
2- التوقيت ، وكل واجب مؤقت ، فهو مفروض .
3- التقدير ، أي بيان مقدار الشيء ، ومنه حديث الزكاة هذه فريضة الصدقة التي فرضها رسول الله على المسلمين ، أي قدر صدقة كل شيء وبينها عن أمر الله تعالى .
4- الواجب ، سمي بذلك لأن له معالم وحدود ، وفرض الله علينا كذا وكذا ، وافترض أي أوجب . والفرض مصدر كل شيء تفرضه فتوجبه على إنسان بقدر معلوم ، وافترضه كفرضه ، والاسم الفريضة . وفرائض الله : حدوده التي أمر بها ونهى عنها ، وكذلك الفرائض بالميراث فهي حدود وأحكام مبينة. والفارض والفرضي : الذي يعرف الفرائض، ويسمى العلم بقسمة المواريث : فرائض ، ورجل فارض وفريض : عالم بالفرائض ، كقولك عالم وعليم .
4- الفرائض في القرآن الكريم :
وردت لفظة فرض ومشتقاتها في القرآن الكريم ثمانية عشر مرة ، موزعة على الشكل التالي :
رقم السورة اسم السورة رقم الآية
2 البقرة 68
2 البقرة 197
2 البقرة 236
2 البقرة 236
2 البقرة 237
2 البقرة 237
2 البقرة 237
4 النساء 7
4 النساء 11
4 النساء 24
4 النساء 24
4 النساء 118
9 التوبة 60
24 النور 1
28 القصص 85
33 الأحزاب 38
33 الأحزاب 50
66 التحريم 2
ويمكننا أن نجمل المعاني التي ورد بها لفظ ( فرض ) ومشتقاته في القرآن الكريم في المعاني الــتــالــيــة :
1- التقدير : قال تعالى :
وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ
أي قدرتم .
2- القطع : قال تعالى :
نصيبا مفروضا
أي مقطوعا محدودا . وقيل موفيا ، وقيل معلوما .
3- الإنزال : قال تعالى :
إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد
أي أنزله .
4- التبيين : قال تعالى :
قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ
أي بين .
5- الإحلال : قال تعالى :
ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له
أي أحل .
6- الواجب : قال : تعالى :
فمن فرض فيهن الحج
بمعنى : فمن أوجب فيهن الحج فأحرم .
ومنه قوله :
سـورة أنـزلناها وفرضناها
أي أوجبنا العمل بها .
7- الطاعن في السن : قال تعالى :
لا فارض ولا بكر
الفارض من البقر التي طعنت في السن كأنها فرضت سنها ، أي قطعته .
8- الفريضة بعينها ، قالتعالى :
فريضة من الله
يعني قسمة المواريث لأهلها .
-5- تعريف الإرث إصطلاحا :
اختار أغلب الفقهاء الترجمة لهذا الباب الفقهي بالفرائض ، وذلـك لأنه " جمع فريضة من الفرض وهو التقدير ، لأن سهام الورثة مقدرة " .
وعلل الرازي ( ت 395 هـ ) تسمية الباب بالفرائض لأن " أصلها الحدود ... فكذلك الفرائض حدود وأحكام مبينة " .
و لما كان علم الفرائض مشتملا على المعاني الفرآنية السالفة الذكر " لما فيه من السهام المقدرة ، والمقادير المقتطعة ، والعطاء المجرد ، وتبيين الله تعالى لكل وارث نصيبه ، وإحلاله ، وإنزاله سمي بذلك " . ومن ثم فإن الفرائض شرعا هي " نصيب مقدر شرعا للوارث " .
وعرف علم الفرائض " بأنه الفقه المتعلق بالإرث ، ومعرفة الحساب الموصل إلى ذلك ، ومعرفة القدر الواجب من التركة لكل ذي حق " . وهو من فروض الكفاية .
ونخلص مما سبق أن علم الفرائض ، أو المواريث علم يتكلم عن الحقوق المتعلقة بالتركة وترتيبها ، وأسباب الميراث ، وشروطه ، وموانعه ، وأنواع الورثة ، وبيان نصيب كل واحد ، وحجب بعض الورثة حجبا كليا أو جزئيا ، والعول وتصحيح المسائل ، وغيرها من الأحكام والقضايا المتصلة بتوزيع التركة . ويسمى المستغل بعلم الفرائض : رجل فرضي ، وفارض .
وقد رغب الـرسـول صلى الله عليه وسلم في تعلمه وتعليمه ، يـقـول صلى الله عليه وسلم :
العلم ثلاثة وما سوى ذلك فهو فضل ، آية محكمة ، وسنة قائمة ، وفريضة عادلة
وقال صلى الله عليه وسلم :
تعلموا الفرائض وعلموه فإنه نصف العلم ، وهو ينسى ، وهو أول شيء ينتزع من أمتي
قال الماوردي ( ت 450 هـ) : " وإنما حثهم على تعلمه لقرب عهدهم بغير هذا التوارث أي وهو التوارث المتقدم ، واختلف العلماء في تأويل قوله فإنه نصف العلم على أقوال أحسنها أنه باعتبار الحال فإن حال الناس اثنان حياة ووفاة فالفرائض تتعلق بحال الوفاة وسائر العلوم تتعلق بحال الحياة " .
كما أن الصحابة كانوا يحثون الناس على تعلم علم المواريث ، ومن ذلك قول عمر رضي الله عنه : " تعلموا الفرائض فإنه من دينكم " .
ويحتاج علم الفرائض إلى ثلاثة علوم وهي :
1 - علم الفتوى ، بأن يعلم نصيب كل وارث من التركة .
2 – علم النسب ، بأن يعلم الوارث من الميت بالنسب ، وبكيفية انتسابه للميت .
3 – علم الحساب ، بأن يعلم من أي جنس تخرج المسألة ، وحقيقة مطلق الحساب أنه علم بكيفية التصرف في عدد لاستخراج مجهول من معلوم .
أما مصادر علم الفرائض فيمكننا إجمالها في ما يلي :
1 – الـقرآن الـكريم : ذلك أن الله أنزل تشريعا مفصلا لأحكام المـواريث ، حيث قدرها بمقادير لايجوز الزيادة عليها ، ولا النقصان عنها .
2 – الـسـنـة النبوية الشريفة : فقد بين الرسول أحكام المواريث الواردة في القرآن الكريم ، من ذلك قــوله صلى الله عليه وسلم :
إن الله أعطى كل ذي حق حقه ، ألا لاوصية لوارث
كما أكمل أحكام المواريث ، من ذلك قــوله صلى الله عليه وسلم :
ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر
ومنه تحديده صلى الله عليه وسلم لميراث الجدة ، وبنت الإبن مع البنت ، والأخت مع البنت ، وميراث العصبات مع أصحاب الفروض ، والإرث بولاء العتاقة ، وبعض شروط الإرث .
3 – الصحابة رضي الله عنهم : وقد اشتهر منهم بعلم الفرائض أربعة : علي بن أبي طـــالب ( ت 40 هـ ) ، وزيد بن ثابت ( ت 45 هـ ) ، وعبد الله بن عــبـــاس ( ت 68 هـ ) ، وعبد الله بن مسعود ( ت 32 هـ ) . ولم يتفق هؤلاء في مسألة إلا وافقتهم الأمة ، وما اختلفوا إلا وقعوا فرادى ، ثلاثة في جانب ، وواحد في جانب ... وعن القفال ( ت 336 هـ ) : أن زيدا لم يهجرله قول ، بل جميع أقواله معمول بها بخلاف غيره " .
و قد أجمعوا على بعض الأحكام الأخرى ، كميراث الجد عند عدم الأب ، وكذا نصيب ابن الابن ، ونصيب الأخت لأب .
4 – الإجـمـاع : وهي المسائل المتعلقة بالميراث ، والتي اتفق عليها أكثر علماء المسلمين، " وجـلها له أصل من الـكـتـاب أوالـسـنـة ، بعضها غير قاطع الدلالة على المعنى " . وقد أوردها ابن المنذر في ( ت 318 هـ ) في كتابه الإجماع ، وقد بلغ عدد مسائل الميراث المجمع عليها ثلاث وخمسون مسألة .
وإذا أضفنا إليها مسائل كتاب الولاء ، وعددها خمسة مسائل ، ومسائل كتاب الوصايا وعددها أربعة عشر مســـألة - وذلك لصلتها الوثيقة بكتاب الـفرائض حيث تتضمن أحكاما متعلقة بالوصية والإرث – فإن عدد مسائل الباب تصبح إثنين وسبعين مسألة ، وإذا علمنا أن عدد المسائل المجمع عليها في الكتاب هي خمسة وستون وسبعمائة مسألة تبين أن المسائل المتصلة بالفرائض هي من أكثر القضايا الفقهية المجمع عليها ، مما يبين ثبات أحكام الميراث ، لأنها تشريع متصل بالأسرة ، وبتدبير تداول المال في المجتمع بشكل سلمي وعادل ، كما أنه يبين حرص المشرع على المحافظة على التكافل الأسري ، وصيانة الكيان الأسري مما يهدد سلامته واستقراره .
5 - الاجـتـهاد : ومجاله ضيق هنا للأسباب السالفة الذكر ، ويتمثل في ترتيب الورثة ، وتفصيل بعض أنواعهم التي أجملها القرآن الكريم ، ولم تبينها الـسـنة الـنـبـوية الشريفة .
ويبين السهيلي ( ت هـ ) كيف تتآزر هذه المصادر لإقرارصرح هذا العلم : " قال السلف من علماء الأمة : قد أبقى القرآن موضعا للسنة ، وأبقت السنة موضعا للاجتهاد والرأي ، ثم إن القرآن أحال على السنة بقوله :
وما آتاكم الرسول فخذوه
وأحال الرسول صلى الله عليه وسلم بعدما بين من أصول الفرائض على زيد بن ثابت ( ت 45هـ ) بقوله في الحديث :
وأفرضهم زيد بن ثابت
فصار قول زيد أصلا عول عليه الفقهاء ، واستقر العمل به " .