الإسرائيليات ليست من مصادر تفسير القرآن مقالة للدكتور حسين بن علي الحربي

عبدالرحمن الشهري

المشرف العام
إنضم
29/03/2003
المشاركات
19,318
مستوى التفاعل
127
النقاط
63
الإقامة
الرياض
الموقع الالكتروني
www.amshehri.com
بسم الله الرحمن الرحيم​
دار حوارٌ علمي في إحدى اللجان العلمية حول اعتبار "الإسرائيليات" مصدراً من مصادر تفسير القرآن الكريم، بين مؤيد ومعارض، وكان الدكتور العزيز حسين بن علي الحربي الأستاذ المشارك بجامعة جازان ضمن اللجنة، وكان له رأي بعدم اعتبارها مصدراً من مصادر التفسير فطلبت منه أن يتكرم بتحرير رأيه مكتوباً لنشره في ملتقى أهل التفسير؛ رغبةً في إثراء الحوار العلمي حوله.
فتكرم مشكوراً بكتابة المقال، وهذا هو بين أيديكم .


(الإسرائيليات ليست من مصادر تفسير القرآن)
إعداد
د. حسين بن علي الحربي
أستاذ الدراسات القرآنية بجامعة جازان

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد:

فلقد جمعني اجتماع بثلة من المتخصصين في الدراسات القرآنية ودار حديث حول مسألة الإسرائيليات وجعلها مصدراً سادساً من مصادر تفسير القرآن الكريم، وتجاذبنا أطراف الحديث في المسألة، وعلى إثرها طلب مني أخي وصديقي أ.د. عبد الرحمن الشهري أن أكتب وجهة نظري حول المسألة في مقال ينشر في ملتقى أهل التفسير بين يديّ المتخصصين ويعرض للنقاش العلمي المتجرد، والمستند إلى الأدلة الصحيحة المعتبرة، فها أنا أجيبه إلى طلبه، وأعرض بين يديكم ملخصاً مختصراً حول المسألة، آملاً أن تثرى المسألة من حيث الدليل الصالح للاستدلال تعميماً للفائدة، فأقول مستعيناً بالله:
أولاً: بلا خلاف أن المسألة تنقسم إلى قسمين:
أحدهما: قسم تأصيلي نظري، يؤصل للمسألة ويقرر أن الإسرائيليات من المصادر التي يعتمد الرجوع إليها في تفسير القرآن وبيان معانيه.
ودلالة هذا التأصيل على المسألة دلالة قطعية لا تحتمل غير كونها تفسيراً للقرآن،
ولا يوجد في كلام أحد من الأئمة المتقدمين والمتأخرين من ينص في تأصيله لمصادر تفسير القرآن على جعل الإسرائيليات مصدراً قسيماً لمصادر التفسير المتفق عليها في تفسير القرآن – حسب علمي، ومن لديه فضل علم في هذا فليفدنا به مشكوراً مأجوراً- لأن التنصيص على كونها مصدراً لتفسير القرآن لا يحتمل شيئاً آخر.
والقسم الثاني: قسم تطبيقي بحيث يذكر المفسر بعض الروايات الإسرائيلية مقترنة بتفسير الآية .
ودلالة هذا القسم على المسألة دلالة ظنية وليست قطعية، فهو يحتمل التفسير ويحتمل أن يكون من باب التحديث عن بني إسرائيل، واجتهاد المفسَّر في جعلها قرينة لتفسير الآية استناداً لإذن النبي صلى الله عليه وسلم في التحديث عن بني إسرائيل، وليس من قبيل التفسير والبيان للقرآن،
وهذا القسم موجود في تفسير بعض السلف والمفسرين من بعدهم، كما أن طائفة منهم أعرض عنها بالكلية،
وفي رجوع من رجع من السلف إلى الإسرائيليات في تفسير القرآن لا يخلو من:
إما أن يكون رجوعهم عن توقيف أو عن اجتهاد.
فإن قيل:عن توقيف: افتقر إلى الدليل ، ولا دليل على التوقيف.
وإن قيل: بل رجوعهم عن اجتهاد .
قيل: وما بال من لم يرجع إليها من السلف أو أنكر سؤال أهل الكتاب، هل كان عن اجتهاد أو عن توقيف ؟
فإن قيل بالتوقيف: لزم الدليل، ولا دليل .
وإن قيل : بل عن اجتهاد .
قيل: وما الذي جعل اجتهاد من رجع إلى الإسرائيليات أولى من اجتهاد من لم يرجع إليها؟!
والأصل المقرر عند أهل العلم أن الصحابة إذا اختلفوا فليس قول بعضهم حجة على بعض. ويطلب المرجح من الخارج .
فإذا تقرر هذا بطل الاستدلال بفعل من رجع من السلف إلى الإسرائيليات في تفسير القرآن الكريم ، وأن فعلهم – عند الخلاف - يستدل له ولا يستدل به.
ويبقى من رجع إليها من آحاد المفسرين اجتهاداً له، وتُعرض الإسرائيلية على أدلة الشرع لمعرفة صدقها من كذبها ، وهذا كان منهج عامة المفسرين قديماً وحديثاً، وهو الذي قرره شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - وهو منهج مطرد في كل صور تعاطي الإسرائيليات.
كما أن دلالة قول النبي صلى الله عليه وسلم: "بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج" على جعل الإسرائيليات مصدراً من مصادر التفسير دلالة ظنية، إذ الإذن بالتحديث عن بني إسرائيل لا يقتضي جعلها مصدراً لتفسير القرآن قولاً واحداً، فالتحديث عنهم من قبيل الإخبار المطلق بقصصهم وأخبارهم، ولا يقضي أبداً الإحالة عليها في بيان القرآن، وليس من دلالة لفظ (حدثوا) معنى: البيان أو التفسير أو الشرح، ولم أجد ـ على تتبع ـ ورود هذا اللفظ وتصاريفه بهذا المعنى لا في القرآن ولا في السنة ولا في اللغة ولا في عرف السلف – حسب اطلاعي - فالتحديث شيء والتفسير والبيان شيء آخر،
وفي حال جعلها مصدراً لتفسير القرآن سيكون حالها من قبيل الإحالة عليها في بيان القرآن وهو ضرب من ضروب البلاغ عن الله تعالى، إذ بيانها منحصر في بيان معاني لا يمكن إدراكها إلا بخبر عن الله تعالى أو عن رسوله صلى الله عليه وسلم مقطوع به، وهذا هو وجه الفرق بين البلاغ عن الله وبين مجرد التحديث عنهم، وقد غاير النبي صلى الله عليه وسلم بين اللفظين كما هو ظاهر في هذا الحديث.
وهذان الدليلان من أمثل ما يستدل به على جعل الإسرائيليات مصدراً لتفسير القرآن.
ثانياً: بلا خلاف أن الإسرائيليات تنقسم إلى ثلاثة أقسام،
القسم الأول: ما خالف شرعنا، وهذا القسم خارج عن بحث هذه المسألة باتفاق.
القسم الثاني: ما وافق شرعنا، وهذا القسم – فيما أحسب - أنه خارج عن بحث هذه المسألة- أيضاً - اكتفاء في تفسير القرآن وبيانه بما جاء في شرعنا واستغناء به عن ما وافقه من الإسرائيليات.
القسم الثالث: المسكوت عنه، وكامل بحث المسألة يدور على هذا القسم، وعامة أخبار هذا القسم تدور حول مبهمات القرآن، في قصص الأمم السابقة، وبعض المغيبات، والتي لا يمكن الوصول إلى بيان حقيقتها إلا بخبر صادق.
ومنزلة بيان هذا القسم للقرآن منزلة الشك باتفاق – وأحسب أنه لا يخالف في هذا أحد من أهل العلم بالكتاب والسنة- وقد نص النبي صلى الله عليه وسلم على منزلتها بقوله : "لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم"، وهذا هو معنى الشك، والشك لا قيمة له، فالمشكوك فيه لا يصلح أن يبين المقطوع به، كما أن ما لا يصح في نفسه لا يصح أن يكون تفسيراً وبياناً لغيره، والعبرة في البيان بالصدق والحق والصواب وغلبة الظن ونحوها من المعاني التي تدل على إصابة عين الحقيقة، أو القرب منها، والقرآن حق ومعانيه حق، فلا يحمل على غير الحق يقيناً.
فإذا كانت هذه منزلتها بنص قول النبي صلى الله عليه وسلم فكيف لنا أن نحيل الأمة إلى الإسرائيليات ونجعلها مصدراً لتفسير القرآن ليأخذوا منها المعاني ويبقَوا منها على شك؟ وما الفائدة المحصلة لهم من هذا الشك؟.
وإذا لم يكن كذلك فهل يمكن لنا أن نقول إن الإسرائيليات تستقل ببيان معنى أو تعيين مبهم دون بقية مصادر التفسير؟
فإن قيل: بـعدم استقلالها ببيان المعاني، فقد رجعنا عن القول بجعلها مصدراً لتفسير القرآن؛ لأن ما لا يستقل بالبيان لا يكون مصدراً.
وإن قيل: بل تستقل ببيان المعاني وتعيين المبهمات دون بقية مصادر التفسير.
قلنا: وهل إذا استقلت ببيان معنى هل يمكن الجزم به معنىً معتبراً في الآية أو لا؟
فإن قيل : لا يمكن الجزم به.
قلنا: هذا رجوع عن القول بجعلها مصدراً من مصادر التفسير؛ لأن ما لا يمكن الجزم بمعانيه لا يمكن أن يكون مصدراً لتفسير كلام الله.
وإن قيل: بل يمكن الجزم بالمعاني والبيان الذي استقلت الإسرائيليات ببيانه.
قلنا: هذا مخالف لنص قول النبي صلى الله عليه وسلم الصريح الذي لا يحتمل تأويلاً، وهو قوله صلى الله عليه وسلم "إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم".

والقاعدة المقررة عند أهل العلم وهي من أصول الاستدلال عند أهل السنة والجماعة أن ما لا يدرك علمه بالعقل، فلا بد فيه من الخبر الصادق المحض، وهذا المعنى ثابت بأدلة القرآن والسنة القطعية.
ونحن عندما نجزم بجعل الإسرائيليات مصدراً من مصادر التفسير، نقطع بالجزم بصحة بعض أفرادها، وننقلها من باب الاستشهاد إلى باب الاعتقاد، وهذا لا شك أنه باطل، فالإسرائيليات لا يجزم بصحة أي فرد من أفرادها بعكس باقي مصادر التفسير حتى لو تخلله نوع من الاجتهاد، ففيه ما يجزم بدلالته ومنه ما هو دون ذلك.
بينما دلالة صنيع بعض المفسرين لا يتضمن القطع بصحة بعض أفراد الإسرائيليات لعدم القطع بأنها تفسير للآية، وتبقى في بابها تذكر للاستشهاد لا للاعتقاد، كما فعل أئمة التفسير عليهم رحمة الله.
وهذا هو الفرق بين ذكر مبحث الإسرائيليات في التأليف في أصول التفسير ضمن مباحث مناهج المفسرين وبين ذكرها قسيمة لمصادر التفسير الخمسة المتفق عليها.
فإذا تقرر كل ذلك فكيف يستقيم أن نترك الأدلة المقطوع بها، والأصول المسلَّمة عند أهل العلم وننزل على الأدلة الظنية، والمقرر عند أهل العلم أنه لا تترك القطعيات للظنيات والمشكوك فيها.
وهذا المنهج في التعامل مع الإسرائيليات منهج وسط بين المبالغة فيها ورفعها فوق منزلتها بجعلها مصدراً لتفسير القرآن، وبين الجفاء والتطاول على أئمة السلف وأئمة التفسير بسبب الذين رووها أو ذكروها، وهذه هي طريقة أهل العلم الذين ألفوا في التفسير أو في أصول التفسير من المتقدمين ومن المتأخرين.
أسأل الله تعالى أن يفتح على قلوبنا جميعاً، وأن يلهمنا رشدنا ويقينا شرور أنفسنا ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

 
للتوضيح فقط :
من الناحية التطبيقية : هناك من المفسرين من اعتمد الإسرائيليات كمصدر من مصارد التفسير عنده .
بينما الإسرائيليات ليست مصدرا من مصادر التفسير المعتمدة . وقد جاءت المقالة أعلاه لتوضح ذلك وتؤكده .
لكن ، ألا يمكن أن نعتبر الإسرائيليات عند السلف نوع من الثقافة المتواجدة آنذاك ، باعتبار ما كان رائجا عند أهل الكتاب . مما جعل التفسير يتأثر به قوة وضعفا . أعتقد أن هذا السبب هو الذي جعل البعض يعتبره من مصادر التفسير .
وهذا ما وقع لبعض التفاسير عبر المرحلة التاريخية ، حيث تأثرت بكل الثقافات الموازية مثل التراث الكلامي والصوفي والفلسفي والمرجعيات المتعددة التي نجدها في التفاسير المختلفة . مما يؤكد أن التفسير يتأثر سلبا وإيجابا مع المفسر وعصره . فهناك علاقة جدلية بين هذه العناصر مما يجعل التفاسير تكتسي في كل مرحلة صبغة جديدة عبر تاريخ التفاسير المختلفة .
خلاصة القول : إن الثقافة السائدة في المجتمع تؤثر سلبا و إيجابا في التفسير وذلك عبر المفسر الذي هو عنصر من هذا المجتمع .

والله أعلم وأحكم
 
جزاكما الله خيرا ؛
دار حوارٌ علمي في إحدى اللجان العلمية حول اعتبار "الإسرائيليات" مصدراً من مصادر تفسير القرآن الكريم، بين مؤيد ومعارض ..
هذا، وقال الدكتور بن علي الحربي:
القسم الثالث: المسكوت عنه، وكامل بحث المسألة يدور على هذا القسم، وعامة أخبار هذا القسم تدور حول مبهمات القرآن، في قصص الأمم السابقة، وبعض المغيبات، والتي لا يمكن الوصول إلى بيان حقيقتها إلا بخبر صادق.
إذن: جرى هذا الحوار بين محاورين يتفقون على مسألة الأخذ بالإسرائيليات! وهذا في نظري مشكل لأن وجود الإختلاف على درجة أعلى، وهو في تباين مواقف المفسرين إزاءها، يجعل هذا النوع من الحوار بلا معنى. بل أظن أن هناك إختلاف على درجة أعلى من ذاك التباين وهو في جواز التحديث عن بني إسرائيل لأن النص الذي نمرره هنا نؤوله ولا نكتفي بإعادة إنتاجه مجرّدا، وبالتالي يطرح السؤال: ما هي الأدلة التي ساقها أهل الدراية في رفع المنافاة بين إذنه صلى الله عليه وسلم هنا، ونهيه في خبر آخر عن التحدث؟ وما هي الأدلة على معنى التحديث التي قدموها؟ وما الدليل على أن رواية مسلم غير رواية البخاري عند تعليلهم لإختلاف اللفظ ؟ .. وأسئلة أخرى ..

نعم: إن خير الأمور أوسطها، صحيح؛ لكن بعد الإتفاق على أطراف المعادلة؟ وهذا الطرف الذي ذكره فضيلة الدكتور "الجفاء والتطاول على أئمة السلف وأئمة التفسير بسبب الذين رووها أو ذكروها" طرف مشكل لأننا لا نطعن في أئمة السلف فيما يتعلق بتدينهم وبعلاقتهم -رضي الله عنهم- بالقرآن المقدس وبالسنة الشريفة، من الجانب العملي. أشكك في التعاطي المعرفي مع المعرفة الكتابية وفي ربط هذا التعاطي بممارستهم التأويلية للنصوص الإسلامية؛ طبعا هناك ما يبرر فعلهم هذا في بيئتهم وزمانهم لأن الإنسان فضولي بطبعه، وقد ذكر إبن خلدون في مقدمته عن إعتبارهم للإسرائيليات السبب حيث قال: "والسبب في ذلك أن العرب لم يكونوا أهل كتاب ولا علم، وإنما غلبت عليهم البداوة والأمية، وإذا تشوقوا إلى معرفة شيء مما تتشوق إليه النفوس البشرية في أسباب المكونات، وبدء الخليقة، وأسرار الوجود، فإنما يسألون عنها أهل الكتاب قبلهم، ويستفيدونه منهم، وهم أهل التوراة من اليهود ومن تبع دينهم من النصارى.."، إلا أن هذا الوضع تغيّر مع تقدم الزمن وظهور المستكتبين، من علماء الإسلام الذين إهتموا بالدراسات الكتابية، المتأخرين منهم الذين تمكنوا من الإطلاع على مصادر أهل الكتاب بعد أن روجت وترجمت وعرفوا ما فيها من تخبط وتهافت، والتطور الذي حصل في ميدان الإستكتاب من ابن ربن الى ابن حزم معروف، فلهذا إنما "الجفاء" - وأستعير لفظ الأستاذ - جاء متأخرا ولسبب منطقي واضح. ثم ألا يحدث ما حدث؟ ألا نرى إقحام "الإسرائيليات المعاصرة" (المادة المعرفية الغربية المعاصرة) كما تم من قبل إقحام "الإسرائيليات الوسيطة" (المادة المعرفية اليونانية والهلنستية) في التفسير؟

وأنا أشرح قولي أن هذا الحوار بلا معنى من خلال السؤال التالي: هل يجوز إعتبار الإسرائيليات المعاصرة من أصول التفسير، مع العلم بوجود الإختلاف حول هذا التفسير العلمي الحديث؟ لا أظن، مع أن {فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا} و {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} أقوى من "حدثوا عنهم ولا حرج.." من حيث تسييقها داخل موضوع الحوار.

ويبقى التقسيم المعروف، وهو مشكل أيضا لأن قولنا ما وافق، ما خالف، وما سكت عنه أقسام لا تمس النص بقدر ما تمس بيانه. هذا، وأظن أن تعديل هذا الحوار من خلال إضفاء القيمة العلمية عليه، سيضفي مزيد من الشرعية على الإختلاف الذي حصل في المواقف من التفسير بالإسرائيليات، وهذا ما يستعيد في الذهن القراءة السلفية الإستشراقية لنص القرآن من خلال ربطه ببيئة كتابية، ونقترب بذلك من القراءة الإستشراقية المعاصرة وهي نفسها القراءة الحداثوية - التبيئة والأرخنة -، بينما الحكمة تقتضي دفع الفاسد مقدم على جلب الصالح، والإمام الشوكاني المعروف بنقده اللاذع لها يكون قدوة للمفسرين في هذا العصر، أما "ما فات فقد مات" وليس هناك جفاء ولا طعن .. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
 
وهي نفسها القراءة الحداثوية - التبيئة والأرخنة -
اضحك الله سنك ، يا شايب ، من اين تاتي بمثل هذا الكلام ، بحثت في جوجل ( اعطاني اقتراح تعديل - البيئه والادخنه ) ..
 
سبحان الله !!
كيف لكاتب المقالة أن ينكر أمرأ يشهد الواقع بخلافه تمامأ ؟!
فهو ينفى أن تكون الإسرائيليات من مصادر التفسير ، بينما كتب التفسير ذاتها مكتظة ومحشوة بركام هائل من الإسرائيليات ، بل إن العديد من السلف الصالح كان يروى الإسرائيليات
فلماذا لا نكون واقعيين ونتعامل مع الواقع كما هو ؟
هل نهوى خداع أنفسنا ؟
ربما كانت معالجة هذا الموضوع بشكل صحيح تتمثل فى سؤال كالتالى :
ما مدى صلاحية الإسرائيليات لتكون مصدرأ من مصادر التفسير ؟
فهذا سؤال لا ينفى وجود الإسرائيليات كمصدر حقيقى من مصادر المفسرين ، وإنما يتساءل فحسب عن مدى صحة هذا التوجه
ولهذا حديث آخر
 
مصادر التفسير المعتمدة خمسة وهي : القرآن الكريم ، السنة النبوية الشريفة ، أقوال الصحابة ، أقوال التابعين ، اللغة وعلومها .
والإسرائيليات ليست من مصادر التفسير المعتمدة ، ولا يحق أن تكون مصدرا للتفسير ، وإن اتخذها البعض مصدرا لتفسيرهم .
جاء في المقالة : " والأصل المقرر عند أهل العلم أن الصحابة إذا اختلفوا فليس قول بعضهم حجة على بعض. ويطلب المرجح من الخارج .
فإذا تقرر هذا بطل الاستدلال بفعل من رجع من السلف إلى الإسرائيليات في تفسير القرآن الكريم ، وأن فعلهم – عند الخلاف - يستدل له ولا يستدل به.
ويبقى من رجع إليها من آحاد المفسرين اجتهاداً له، وتُعرض الإسرائيلية على أدلة الشرع لمعرفة صدقها من كذبها ، وهذا كان منهج عامة المفسرين قديماً وحديثاً، وهو الذي قرره شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - وهو منهج مطرد في كل صور تعاطي الإسرائيليات."

وهذا الإجراء كاف لبيان أن الإسرائيليات ليست مصدرا من مصادر التفسيرالمعتمدة . لأنها تتميز بكونها مصدرا مشكوكا فيه ، هذا الشك الذي يشكل أكبر العوامل في إقصاء الإسرائيليات كمصدر معتمد للتفسير .

والله أعلم وأحكم
 
مقالة رصينة، ورأي سديد في هذه المسألة، وقد أعجبني ختمها بقوله:
وهذا المنهج في التعامل مع الإسرائيليات منهج وسط بين المبالغة فيها ورفعها فوق منزلتها بجعلها مصدراً لتفسير القرآن، وبين الجفاء والتطاول على أئمة السلف وأئمة التفسير بسبب الذين رووها أو ذكروها، وهذه هي طريقة أهل العلم الذين ألفوا في التفسير أو في أصول التفسير من المتقدمين ومن المتأخرين.

وهذا هو رأي العلامة أحمد شاكر -
rhm.png
- حيث يقول: "إن إباحة التحدث عنهم فيما ليس عندنا دليلٌ على صدقه ولا كذبه– شيءٌ، وذكر ذلك في تفسير القرآن، وجعله قولاً أو روايةً في معنى الآيات، أو في تعيين ما لم يعين فيها، أو في تفصيل ما أُجمل فيها– شيء آخر، لأن في إثبات مثل ذلك بجوار كلام الله ما يوهم أن هذا الذي نعرف صدقه ولا كذبه مُبينٌ لمعنى قول الله سبحانه، ومفصلٌ لما أُجمل فيه! وحاشا لله ولكتابه من ذلك، وإن رسول الله –صلى الله عيه وسلم– إذ أذن بالتحدث عنهم -أمرنا أن لا نصدقهم ولا نكذبهم، فأي تصديق لرواياتهم وأقاويلهم أقوى من أن نقرنها بكتاب الله ونضعها منه موضع التفسير والبيان".
[عمدة التفاسير (1/15)].
 
القرآن العظيم مصدّق لما بين يديه من الكتاب (الإسرائيليات)، ومهيمن عليه. فلا شك أن في ما بين يديه من الكتاب مما يصدقه القرآن ما يفسر ما أجمله القرآن، ويبين مبهماته، وثمة علوم من علوم القرآن لا مصدر لها إلا الإسرائيليات مثل (مبهمات القرآن) التي ألف فيها السيوطي ومصدره في بيانها ما نُقل عن بني إسرائيل.
يمكن عكس السؤال على المتسائل فيقال هل يمكن تفسير ما هو مشترك بين القرآن وكتب بني إسرائيل من كتب دون العودة إلى تلك الموضوعات فيها؟ وإلى أي مدى يقترب التفسير من مقصده الذي هو بين المعنى وتوضيحه في حال أخذ بالإسرائيليات أو لم يأخذ بها؟
لا شكّ أن القصص الإسرائيلية قد وردت في القرآن لغرض مغاير هو دعم رسالة القرآن الكريم وتفصيلها، ولكن لا شك أن القرآن الكريم يُجمل ويختصر ويلمح وأن المتلقي له يتساءل عن تلك المجملات والتلميحات التي لا يمكن للمفسر أن يستغني عن الإسرائيليات في بيانها.
لو كان يطاع لقصير رأي لصرحت برأيي أن البابيل (الكتاب المقدس) كله مصدر من مصادر التفسير، ما دام يساهم في توضيح المعنى والقصص القرآني.

لا القصص القرآني وحده بل حتى القراءات يمكن أن ننتصر لمعنى على معنى بواسطة الإسرائيليات: أذكر أن أحد أصحابنا روى قراءة (حتى يلج الجُمَّلُ في سم الخياط) ونقل أن الجُمَّل هو حبل السفينة فقال تبدو لي هذه القراءة سديدة لأن الحبال أقرب أن تذكر مع سِمام المخايط فقلت له لكن المثال قد ورد في الإنجيل بما ينتصر لقراءة الجمهور حيث قال المسيح عليه السلام [انجيل مرقص 27:23] "ما أصعب دخول الأغنياء إلى ملكوت الله ! فدهش التّلاميذ لهذا الكلام ، فعاد يسوع يقول لهم : يابنيّ ، ما أصعب دخول المتّكلين على المال إلى ملكوت الله ! فأسهل أن يدخل الجمل في ثقب إبرة من أن يدخل الغنيّ إلى ملكوت الله ، فذهلوا إلى الغاية ، وقال بعضهم لبعض : ومن يقدر أن يخلص"
فأذعن صاحبي لكون قراءة الجمهور أقوى من هذه القراءة الشاذة ولولا أنه ظن أن الإسرائيليات قد توافق القرآن لما اقتنع بسهولة.
أقول للدكتور حفظه الله ما قاله سفيان الثوري رحمه الله
"إنما العلم عندنا الرخصة من ثقة، فأما التشديد فيحسنه كلُّ أحد".
من وجهة نظري المتواضعة أن علم التفسير خسر الكثير بإعراضه عن الإسرئيليات في المواضع التي لا يحسن الإعراض عنها فيها
وهي كثيرة في القرآن العظيم، والله أعلم.
مع التذكير بأن السيادة والهيمنة هي كما وضعها الله تعالى لكتابه الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد، ولعل هذا يقتضي وضع ضوابط لمن يمكنه الاستفادة من هذا المصدر دون أن يقع في محذور ليّ النص القرآني ليوافق ما في الإسرائيليات، ولعل هذا المحذور ما يجعل من الإسرائيليات مزلقا يحذر منه المخلصون.
والله أعلم
 
"الإسرائيليات ليست من مصادر تفسير القرآن"
العنوان واضح ، وصدوره من جهة علمية عاقلة يغني عن تقدير صفة المعتبرة ،فصاحب الموضوع لا يقصد إلا :
الإسرائيليات ليست من مصادر تفسير القرآن (المعتبرة)...
فإذا ذهب الكاتب إلى أنها ليست من المصادر فلا يعني أنها غير موجودة في تفاسير الناس ، ولكن يقصد ما تعنيه كلمة مصادر..فالمصدر هو المكان الذي نظن فيه وجود البغية والمنشود..فمن قال الإسرائيليات من مصادر تفسير القرآن يعني أنها "مكان" يمكن أن نقصده إذا أردنا تفسير القرآن مثلما نقصد حديث الرسول صلى الله عليه وسلم أو آثار الصحابة والتابعين..
وإنكار صاحب المقال أن تكون الإسرائيليات من مصادر التفسير حق لا مرية فيه...ووجود هذه الاسرائليات في كتب التفسير واقع لا ينكر..لكن المراد عند الكاتب حكم القيمة لا الإخبار بواقع.
وطرح المشكلة يجدى كثيرا -ويقل حولها الخلاف أيضا- لو لم يكن مبدئيا بل غائيا..
أعني بدل طرح المشكلة هكذا:
هل "الإسرائيليات من مصادر تفسير القرآن" ؟
تطرح هكذا:
ما ثمرة الإسرائيليات في تفسير القرآن؟
الموضوع كله حسمه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله :
لا تصدقوهم ولا تكذبوهم..
قال صاحب الموضوع:
"هذا هو معنى الشك، والشك لا قيمة له، فالمشكوك فيه لا يصلح أن يبين المقطوع به، كما أن ما لا يصح في نفسه لا يصح أن يكون تفسيراً وبياناً لغيره.."

وإن كنت أفضل أن يستعمل" التوقف" لا "الشك"...لأن الشك يقتضي الموازنة بين الطرفين المتضادين فلا يحصل أي ترجيح.. أما التوقف فلا موازنة فيه أصلا ولا محاولة ترجيح طرف على آخر..بل نقول نتوقف عن تصديقهم، وعن تكذيبهم ،بل حتى عن الشك فيهم!
أعني حياد تام...ومثل هذا الحياد العدمي لا فائدة منه في تفسير القرآن...
بل لا يصلح حتى للترجيح في حالة وجود رأيين في التفسير تعادلا تعادلا مطلقا ...فما لا يصح في نفسه لا يصحح غيره كما قال صاحب المقال.
وقوله عليه السلام قول النبي : "بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج"
يعني فقط رفع الحرج ،ورفع الحرج صورة من صور الإباحة لا غير...فاعتماد الحديث لاعتبار "الإسرائيليات من مصادر تفسير القرآن" ممنوع ،لأن تفسير القرآن وتدبره واجب، وما لايتم الواجب إلا به واجب أيضا...فيؤول الأمر إلى شيء أكثر من رفع الحرج الذي نص عليه الرسول صلى الله عليه وسلم..وقد وضح الكاتب هذا توضيحا جيدا عندما قال:
"الإذن بالتحديث عن بني إسرائيل لا يقتضي جعلها مصدراً لتفسير القرآن قولاً واحداً، فالتحديث عنهم من قبيل الإخبار المطلق بقصصهم وأخبارهم، ولا يقضي أبداً الإحالة عليها في بيان القرآن."
 
القرآن العظيم مصدّق لما بين يديه من الكتاب (الإسرائيليات)، ومهيمن عليه. فلا شك أن في ما بين يديه من الكتاب مما يصدقه القرآن ما يفسر ما أجمله القرآن، ويبين مبهماته، وثمة علوم من علوم القرآن لا مصدر لها إلا الإسرائيليات مثل (مبهمات القرآن) التي ألف فيها السيوطي ومصدره في بيانها ما نُقل عن بني إسرائيل.
لو كان يطاع لقصير رأي لصرحت برأيي أن البابيل (الكتاب المقدس) كله مصدر من مصادر التفسير، ما دام يساهم في توضيح المعنى والقصص القرآني.
من وجهة نظري المتواضعة أن علم التفسير خسر الكثير بإعراضه عن الإسرئيليات في المواضع التي لا يحسن الإعراض عنها فيها وهي كثيرة في القرآن العظيم، والله أعلم.
أوافق على هذا الطرح تمام الموافقة ، بارك الله فى صاحبه وجزاه خيرأ
وتأتى موافقتى عليه عن تجربة شخصية طويلة مع تفسير القرآن الكريم ، فقد تبين لى أنه لا غنى عن الرجوع أحيانأ إلى كتب أهل الكتاب حتى نحيط علمأ بكافة أبعاد بعض الآيات القرآنية ( وأرجو الانتباه إلى الكلمات الملونة بالأحمر ) فمن واقع تجربتى الشخصية أقر بأنى لم أستطع فهم بعض آيات القرآن فهمأ تامأ يكشف عن إعجازها المكنون إلا بعد أن رجعت إلى ما يقابلها فى التوراة والزبور وكتب الأنبياء ، وهذا أمر طبيعى جدأ ، إذ كيف ننسى أن القرآن ذاته قد أكد مرارأ وتكرارأ على أنه جاء مصدقأ لما بين يديه من الكتب السماوية ؟! وهذا يعنى بالبداهة أنه جاء موافقأ لتلك الكتب فى كثير مما يقصه وأنه لا تعارض بينه وبينها
ثم كيف نتجاهل قوله تعالى :" فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون "
فهذا توجيه صريح وأمر مباشر من الله عز وجل بالرجوع إلى أهل الكتاب فى حالة الجهل ، صحيح أن المأمورين بالسؤال فى الآية هم كفار قريش ، ولكن العبرة هنا أن الله عز وجل قد أقر شهادة علماء أهل الكتاب ، وهذا يفيد الثقة بما عندهم من العلم وجواز التلقى عنهم
ثم يأتى حديث النبى صلى الله عليه وسلم : " حدثوا عن بنى اسرائيل ولا حرج "
فها هما أكبر مصدرين للتشريع ( الكتاب والسنة ) يتضافران معأ على إباحة التلقى والأخذ عن أهل الكتاب ، فكيف نتنكر بعد هذا للإسرائيليات بالكلية ؟!
ومن أسفٍ أن كلمة اسرائيليات قد اكتسبت مع الزمن معنى سيئ السمعة ، مع أن معناها العلمى هو أبعد ما يكون عن هذا المعنى
وفى الختام أبعث بتحية إعزاز وتقدير لأخى الدكتور عبد الرحمن الصالح على طرحه المتميز
والشكر موصول كذلك لصاحب الموضوع أخى الدكتور عبد الرحمن الشهرى
 
معذرة أخي عمر أحمد؛ الأرخنة قصدت بها إغلاق وظيفة النص - لا التفاعل مع النص - في زمانه ومكانه حصرا، وهذه العملية تعتمد غالبا على التبيئة أي ربط النص بظروفه البيئية.

أخي عبدالكريم عزيز؛ أظن أن الحوار جرى حول مسألة تأصيلية: الإسرائيليات مصدر للتفسير، وليس حول كونها من مصادر كتب التفسير، أو عند المفسرين. هذا ما ذكره الدكتور بن علي الحربي وفقه الله: "ولا يوجد في كلام أحد من الأئمة المتقدمين والمتأخرين من ينص في تأصيله لمصادر تفسير القرآن على جعل الإسرائيليات مصدراً قسيماً لمصادر التفسير المتفق عليها في تفسير القرآن – حسب علمي".
ويبقى السؤال المهم بالنسبة لي عن معنى هذا الحوار العلمي؟ والسبب وجود تباين على مستويات مختلفة: قسم تأصيلي نظري (مؤيد ومعارض) ثم قسم تطبيقي (مؤيد ومعارض) ثم ما يتعلق بمعانى وجواز التحديث، ثم في تطبيقات التحديث.. الخ.

وفي هذا الشريط تباين شديد بين ما ذكره الأستاذ الحميضي نقلا عن أحمد شاكر، وما ذكره الأستاذ عبدالرحمان الصالح من وجهة نظره المتواضعة أن علم التفسير خسر الكثير بإعراضه عن الإسرئيليات. وما لفت نظري، بعد الإعراض عن "قال المسيح عليه السلام" هذه لأنه خطأ مطبعي على ما أظن، هو الإنتصار في الحوار لقراءة الجمهور إعتمادا على الإسرائيليات! لكن من الإسرائيليات أيضا أن كلمة الجمل اليونانية "خطأ مطبعي" فكلمة kamelos التي تعني الجمل كان ينبغي أن تكون kamilos التي تعني حبل السفينة؛ فهل سيرتد الذي لولا أنه ظن أن الإسرائيليات قد توافق القرآن عن قناعته تلك ؟
Some have suggested that there is a misprint in the Greek. The Greek word kamelos, meaning "camel" should really be kamilos, meaning "cable" or "rope."
Kamilos (Forerunner Commentary) - Bible Tools
 
أضيف تنبيها يسيرا لعله ينفع:
قوله عليه السلام "لا تصدقوهم ولا تكذبوهم "
خاص بالأخبار التي انفردوا بها فقط...بدلالة ذكر التصديق والتكذيب التي لا تتعلق إلا بالأخبار...
أما الأمور الأخرى المتعلقة بالعقيدة والأخلاق والتي يكون للعقل او للتجربة فيها دخل فلا يصح معها الشك أوالتوقف...
فإذا قال النصراني مثلا المسيح ابن الله وجب تكذيبه فورا ..أو قال اليهودي هذه العشبة تصلح علاجا لهذه العلة وجب تكذيبه إذا أثبت الطب أو التجربة أن تلك العشبة ضارة...
وقوله عليه السلام "حدثوا عنهم ولا حرج" قد يعني أنه لا حرج على المسلم من رواية ما عندهم من الطامات والعجائب على قاعدة ناقل الكفر ليس بكافر...وعبارة الحديث ترشح هذا المعنى...فنفي الحرج يلزم عنه أن المتحدث بالإسرائيليات يجد فعلا حرجا ،والحرج إنما ينشأ عادة مما يستعظم أو يستنكر أو يخدش الحياء العام ...وهذا كله واقع في كتب الإسرائيليات...
فليس المقصود أن الرسول صلى الله عليه وسلم يضفي "شرعية"ما على الإسرائيليات بحيث يمكن اتخاذها مصدرا في التفسير، بل مقصوده التخفيف النفسي عن أصحابه الذين كانوا يتعايشون مع أهل الكتاب فكانت المخالطة تقتضي السماع لأخبارهم وتناقلها، وقد يكون فيها ما تنقبض بها نفوسهم ،فخفف نبيهم عليهم....
فلا يبقى بعد كل هذا من فائدة للإسرائيليات :
1-إن كانت الإسرائيليات مما يتدخل فيها العقل والحس فسيكون مصدر التفسير هو العقل والتجربة لا الإسرائيليات( إذا قلنا بأن العلم الصحيح والعقل الصريح من المصادر المعتبرة)
2-إن كانت الإسرائيليات مما خالف القرآن فرفضها واجب في التفسير وغيره.
3-إن كانت الإسرائيليات مما يوافق القرآن أو أحد المصادر المعتبرة فإن مصادر التفسير في هذه الحالة هي تلك المصادر لا الإسرائيليات.
4-وإن كانت الإسرائيليات من جنس الأخبار التي انفردوا بها أعني سكت عنها القرآن فالتوقف متعين..

فلم يبق لها إلا أن تكون من ملح المسامرات وفاكهة المجالس وقصص الوعاظ ..فهذه لا حرج فيها ،وهي أيضا ليست من الجاد الذي ينهض إلى مر تبة تفسير القرآن، والقرآن {إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ (13) وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ (14)}
 
مداخلات علميه جميله ، يطرب لها القلب وينشرح ، شكرا اخي / شايب على ردك .
وهذا بالضبط ما طلبته ..
 
نعم المسألة تأصيلية ، فمصادر التفسير معلنة سلفا من القرآن الكريم والسنة المطهرة الشريفة ، فقد علَّمَنا الرسول صلى الله عليه وسلم كيف نفسر القرآن . فقد فسر الرسول صلى الله عليه وسلم القرآن بالقرآن وفسر القرآن بالسنة القولية والفعلية والتقريرية . وأكدت الآيات البينات على أن القرآن الكريم جاء بلسان عربي مبين ، مما جعلنا نعتمد في تفسيره على معهود لسان العرب . وما حدث أن فسر الرسول صلى الله عليه وسلم مرة القرآن الكريم بالإسرائيليات .
فالقرآن الكريم مصدق للكتب السماوية السابقة على أنها من عند الله ، ومهيمن عليها . فهو الحَكَم على الكتب السماوية ، ما صدقه القرآن فهو صدق وما كذبه القرآن فهو كذب وبهتان ، وليس العكس .
وما جاء من توجيهات في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ما هي إلا معالم تجعلنا نتعامل مع الإسرائيليات بما يليق . لأن البيئة الإسلامية آنذاك كانت تتعايش مع بقايا الفكر الإسرائيلي الذي كانت له الهيمنة قبل نزول القرآن . هذا الفكر الذي عرف الصحابة رضوان الله عليهم كيف يتعاملون معه ، إلى أن جاءت مرحلة تاريخية معينة ، فُتح معها الباب بلا قيد ولا شرط في وجه التراث الكتابي عامة ، فحصل ما حصل .
كل ما جاء عن أهل الكتاب في القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف ليؤكد أن القرآن رسالة سماوية ممتدة للرسالات السابقة ، مثل قوله تعالى : {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}[النحل:43]
وقوله تعالى : {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِن دُونِ الرَّحْمَٰنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ} [الزخرف:45]
وقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (( ما حدَّثَكُم أهلُ الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم ، وقولوا آمنا بالله وكتبه ورسله ، فإن كان حقا لم تكذبوهم ، وإن كان باطلا لم تصدقوهم )) .
الصحابة رضوان الله عليهم تعاملوا مع الإسرائيليات بما يليق ، حسب توجيهات الرسول صلى الله عليه وسلم . وهذا التعامل لا يعني في شيء أن الإسرائيليات مصدر من مصادر التفسير .

والله أعلم وأحكم
 
سبحان الله !!
كيف لكاتب المقالة أن ينكر أمرأ يشهد الواقع بخلافه تمامأ ؟!
فهو ينفى أن تكون الإسرائيليات من مصادر التفسير ، بينما كتب التفسير ذاتها مكتظة ومحشوة بركام هائل من الإسرائيليات ، بل إن العديد من السلف الصالح كان يروى الإسرائيليات
فلماذا لا نكون واقعيين ونتعامل مع الواقع كما هو ؟
هل نهوى خداع أنفسنا ؟
ربما كانت معالجة هذا الموضوع بشكل صحيح تتمثل فى سؤال كالتالى :
ما مدى صلاحية الإسرائيليات لتكون مصدرأ من مصادر التفسير ؟
فهذا سؤال لا ينفى وجود الإسرائيليات كمصدر حقيقى من مصادر المفسرين ، وإنما يتساءل فحسب عن مدى صحة هذا التوجه
ولهذا حديث آخر
السلام عليكم من تكلم في غير فنه أتى بالأعاجيب
 

ان علم التفسير خسر الكثير بإعراضه عن الإسرئيليات في المواضع التي لا يحسن الإعراض عنها فيها
وهي كثيرة في القرآن العظيم، والله أعلم.
هذه الفقرة من كلام الدكتور عبد الرحمن الصالح هى عندى من أصدق وأحكم ما قرأت فى هذا الملتقى على الإطلاق
وأقول هذا عن علم وعن تجربة طويلة فى علم التفسير وفى علم مقارنة الأديان الذى لى فيه دراسات واسعة
أما الذين لا يعلمون فأولى لهم أن يصمتوا ويتركوا الأمر لمن يحسنه لأن من تكلم فى غير فنه أتى بالأعاجيب !!
 
) فمن واقع تجربتى الشخصية أقر بأنى لم أستطع فهم بعض آيات القرآن فهمأ تامأ يكشف عن إعجازها المكنون إلا بعد أن رجعت إلى ما يقابلها فى التوراة والزبور وكتب الأنبياء ، وهذا أمر طبيعى جدأ ، إذ كيف ننسى أن القرآن ذاته قد أكد مرارأ وتكرارأ على أنه جاء مصدقأ لما بين يديه من الكتب السماوية ؟! وهذا يعنى بالبداهة أنه جاء موافقأ لتلك الكتب فى كثير مما يقصه وأنه لا تعارض بينه وبينها

توضيح هام حول مفهومى لمصطلح " الإسرائيليات " على هذا الرابط :

http://vb.tafsir.net/tafsir40738/#post224936
 
ترجمة معاني القرآن الكريم هي تفسير له، ولذلك فإن تسمية الأعلام بما يُظنّ انها المقابل لها في اللغة المترجَم إليها هو من قبيل التفسير بالإسرائليات، وقد ذُكر في القرآن الكريم عدة أسماء لرجال يقال إن اسماءهم في العبرانية هي غير اسمائهم في العربية ومن ذلك:
طالوت الذي روى الطبري رواية إسرائيلية أنه شاؤول (وشاؤول بالإنجليزية سول Saul)
وعزير الذي قيل إن اسمه بالعبرانية عِزرا وقد أعرض عن ذكره ابنُ كثير مشكوراً والعجيب أن السموأل الذي أسلم بعد يهودية والف كتاباً فضح فيه اليهود وكشف عنّا غطاءهم قد أنكر ان يكون عزرا هو المقابل للاسم عزير بل المقابل له هو ألعازر. وترى بعض ترجمات القرآن الكريم (جزى الله أهلها خيراً) قد ترجموا عزير إلى عِزرا
فلا أدري ماذا يرى شيوخنا في هذه المسألة.
 
عودة
أعلى