الإجازات القرآنية وشروطها: رؤية جديدة مهمة

إنضم
19 ديسمبر 2009
المشاركات
73
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
الإجازات القرآنية وشروطها


نشأت فكرة الإجازات القرآنية اشتقاقاً من منظومة الرواية التي اعتمد نقل الدين الإسلامي عليها، إذ نقلتِ الروايةُ لأهلِ الحديثِ الشريفِ سنةَ الحبيبِ المصطفى صلى الله عليه وسلم، ولأصحابِ الفقهِ مدارسَهُم ومذاهبَهُم، وكذا لأصحابِ التفسيرِ أسبابَ النزولِ والناسخَ والمنسوخَ والآثارَ المرويةَ عن الصحابةِ والتابعينَ في تفسيرِ القرآنِ الكريمِ، ونقلت للأمة كتاب ربها.

والإجازةُ شهادةٌ: بأن فلاناً قد أُجيزَ بعلم ما، مسنَدَاً كان هذا العلمُ أم غير مسندٍ،أعني سواءٌ أكانَ منقولاً عن عالم آخر أو من بطون الكتب أو من جامعة أو مدرسة أو دورة أو من بُنَيَّاتِ أفكارِ الباحثِ أو العَالِمِ نفسِه، قد تكون الإجازة في علوم الآلة أوفي العلوم الشرعية الرئيسة.

أما السند: فهو تسميةٌ مُسَلْسَلَةٌ تُسْرَدُ ضمنها أسماءُ منْ حُملَ عنهم هذا العلمُ المُسنَدُ، فالسندُ قد يصاحبُ الإجازة، وقد لا يصاحبها سندٌ فتبقى مجردَ شهادة.

والإجازة أصلاً مستجدةٌ محدثةٌ: فالصحابةُ لم يحملوا القرآنَ الكريمَ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم بإجازة، ولا حملهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن جبريلَ عليه السلامُ بإجازة، وغاية ما ابتُدعت له الإجازة أن يُثبتَ فيها السندُ بعدما طالتْ سِلسِلَتُهُ توثيقاً لهذا النقل، لكن لو قرأ القرآنَ الكريمَ أحدٌ على أحدٍ جاز له الرواية عنه دون إذنه، أو سمع أحدٌ القرآنَ مِنْ أحدٍ جاز له الرواية عنه دون إذنه، لكنَّ الإذنَ بالروايةِ أعلى لاشتماله على الرضا والإذنِ أولاً؛ ثم على الإقرار بصحة ما يُروى ثانياً.

وانظر إلى ورع أهل العلم ودقتهم في نقل الدين عند الرواية في الحديث مثلاً إلى التفريق بين قولهم: حدثني وأخبرني وسمعتُ وقرأتُ ورويتُ، بأفعالٍ دقيقةٍ واضحةٍ. أما في القرآن الكريم فلم يُعهد من قديمٍ أن يَروِيَ القرآن الكريم من لم يحفظه، لذا لم تكن هناك مباحث عن هذه المسألة قديماً فيما علمتُ، والصحابة من تلقاء أنفسهم كان أحدهم ينقل ويروي ما سمعه أو قرأه على النبي صلى الله عليه وسلم؛ ينقله من ذاكرته مباشرة، فذهبت عادةً أنما يُروى يكون من الحفظ لا من الصحف والمصاحف.

شـروط الإجـازة

للإجازةِ شرطانِ في المُجَازِ، يدوران حول العدالة والضبط، وهما مشتقان من علم رواية الحديث الشريف، فإنَّ صحةَ الروايةِ تخضعُ ضمنَ ما تخضعُ له في الرواةِ إلى هذينِ الشرطينِ، والقرآنُ الكريمُ أعلى ما يُروى وينقلُ، فَصَحَّ أنْ يكونَ فيهِ أعلى ما في المروياتِ من شروطٍ، والله أعلم:

الشرط الأول للإجازة
وهو العدالة:

فإنه لا مناصَ منها ولا مَعدِلَ عنها، إذ لا يَصِحُّ أن يُحَمَّلَ القرآنَ الكريمَ فاسقٌ أو صاحبُ بدعةٍ أو معصيةٍ ظاهرةٍ يُجَاهِرُ بها ويُصِرُّ عليها، فإن ذلك مَدْعَاةٌ للاستهانةِ بالقرآنِ الكريمِ والاستخفافِ به، وإلى هَوَانِ المشتغلينِ به وبعلومه، فإن أحدَهُم لا يَعْدِمُ أن يقولَ على الله بغيرِ علمٍ، وربما فَجَرَ فذكرَ مِنَ القرآنِ الكريمِ مَبْتُورَاً ما يَشهَدُ لفاسدِ رأيهِ وهواه، والإجازة شهادة: فهي شهادةٌ للمجازِ بأنه يَحْمِلُ القرآنَ الكريمَ، يُسألُ عنها المُجِيزُ بَينَ يَدَيِ العزيز، "سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ" (الزخرف 19).

وحَمْلُ القرآن الكريم ضَرْبَانِ:
· حَمْلٌ كَحَمْلِ الحِمَارِ يَحْمِلُ أسفاراً، وأعيذُ عالماً أن يُجيزَ مِثْلَ هذا الحَمْل.
· وحَمْلُ أمانةٍ للأداءِ والبلاغِ والعمل.
فإنْ شَهِدَ عالمٌ لفاسقٍ بصحةِ حملِهِ القرآنَ الكريمَ فكأنما يجيزُ بِدْعَتَهُ أو فِسْقَهُ، ولذا كانَ التثبتُ مِنْ حالِ الطلابِ محموداً، ومُعَايَشَتُهُمْ ومُمَازَجَتُهُمْ لمعرفةِ مَشَارِبِهِمْ مما يَجْعَلُ المُعَلِّمَ على بينةٍ مِمَّنْ يُجِيزُهُم.


الشرط الثاني للإجازة
وهو الضَّبْطُ وهو ضَرْبَانِ:

· ضبط علمٍ وفهمٍ (علمي).
· وضبط حفظٍ واستظهار وأداء (عملي).


أولا: ضبط العلم والفهم

وهو أن يكون الطالب عالماً بالرواية أو القراءة التي يرويها عن شيخه، أصولاً وفرشاً، فيعرف أوجهها وأحكامها وكيفية الوقوف على كلماتها، ويضبط مواضع الوقف والابتداء عموماً، ومواضع الوقف والابتداء التي تختص بها عن غيرها، وهذا ما وُرِّثناه وما نصَّ عليه أئمتنا من مشايخ الإقراء.
وهذا الضَرْبُ من الضبط لا تَسَامُحَ فيه بحالٍ، وضابطه بالنسبة للشيخ المُقرِئِ: أن يكون في حدود علمه وإمكانه، فَمِنَ الأمانةِ أن ينقلَ العلم الذي وَرَّثَهُ إياه مشايخُه الذينَ درسَ على أيديهم وقرأ على أسماعهم ونقل من أفواههم إلى طلابه. وإن تعارض شيء من أقوالهم عنده؛ فإنه يرجِّحُ بينها بما يحققه من كتب أهل العلم، مع سؤال مشايخ الفن المُبَرَّزِينَ فيه، ثُمَّ يُقرِئُ بالذي يَرْجَحُ عنده، وإن آنس من تلميذِه سَعَةَ أفقٍ فليبسط له المسألةَ من جميعِ الأوجه: منقولها عن مشايخه، ومبحوثها في الكتب والأسفار، وآراء أهلِ العلمِ المُمَكَّنِينَ من غير مشايخه المباشرين، حتى يُعرَفَ من أين استقى علمَه وتحريرَه للخلاف.
ولهذا السببِ أيضاً ينبغي للشيخِ أن يطمئنَّ إلى تَمَكُّنِ الطالبِ من البحثِ والتنقيبِ عنِ المسائلِ المختلفةِ التي قد تُشْكِلُ عليهِ في مظانِّها من كتبِ أهلِ العلم، فإن ذلكَ مما يساعده ويفتحُ له آفاقاً جديدةً ربما كانت أرحَبَ مما عند الشيخِ المعلِّم، بَلْ ربما تَعَدَّتْ إلى أن يُفيدَ الطالبُ شيخَهُ إما مباشرةً؛ أو بأنْ يدفعَهُ إلى البحثِ والتنقيبِ للإجابةِ عنْ سؤالِ تلميذه إذْ لَمْ يَحْضُرْ عنده جوابُه. وينبغي كذلكَ أن يُعَلَّمَ الطالبُ أن لا يقول في كتاب الله بغير علم وثيق أو نقل حقيق، فإن ذلك مَهلَكَةٌ وبَوَارٌ، إذ هو توقيعٌ وإخبارٌ، عما أراد العزيز الغفار، فإن قالَ برأيِهِ فيه، تَحَمَّلَ مَغَبَّةَ ما يَفْتَرِيه، ولا يَمنَعَنَّهُ علمه ومركزه أن يقول: لا أعلمُ حين لا يعلم.

________________________________________________

ومما يعين على تحقيق ضبط العلم والفهم لدى الطالب، أن يقرأ على شيخه:

· كتاباً في أصول الفنِّ فن التجويد كـ"غاية المريد في علم التجويد/ للشيخ عطية قابل نصر" عليه رحمة الله، مع التوسع _ إن أمكن _ بقراءة "هداية القاري إلى تجويد كلام الباري/ للشيخ عبد الفتاح عجمي المرصفي" عليه رحمة الله.
· وكتاباً كـ"التبيان في آداب حملة القرآن للنووي" رحمه الله يعرف به آداب القوم ليكون على سبيلهم.
·وكتاباً في بعض علوم القرآن الكريم مثل "كيف نتعاملُ مع القرآنِ العظيمِ/ للدكتور يوسف القرضاوي" حفظه الله، أو"مباحثُ في علومِ القرآنِ/ للشيخ مناع خليل القطان" عليه رحمة الله، و"الصحيحُ المسندُ من أسبابِ النزولِ/ للشيخ مقبل بن هادي الوادعي" رحمه الله.
ثم يَحسُنُ أن لا يُجَازَ بعدُ حتى يحفظَ استظهاراً متناً من متون التجويد المنظومة:
· كـ"الجزرية أو المقدمة: فيما يجب على قارئ القرآن أن يعلمه" (مائةٌ وتسعةُ أبياتٍ) لابن الجزري.
· أو "تحفة الأطفال" (أحدٌ وستون بيتاً) للجمزوري.
· أو منظومة "السلسبيل الشافي" (خمسةٌ وستونَ ومائتا بيتٍ) للشيخ عثمان بن سليمان مراد، وأرشح الأخيرة - إذا علت همة الطالب - فإنها متأخرةٌ وقد جمعت ما سبقها.


ثم لا بد أن يَعرِفَ مع حِفْظِ كلِّ منظومةٍ معانيها ومدلولاتِها؛ ويقرأَ شرحها على شيخه - أن أمكن - أو منفرداً، وليس الحفظُ من شروطِ الإجازة، ولكنه من تمام العلم، وتلك المنظومات من أدواته الضابطةِ المُعِينَةِ، والأمرُ في عمومِهِ مما تعارفَ عليه أهلُ العلمِ، وهو حسنٌ إن شاء الله.

ومن نافلةِ القولِ أنَّ طالباً يقرأُ على شيخه بالسبعِ أو العَشْرِ القراءاتِ لا يجازُ حتى يحفظ المتنَ الضابطَ لما يقرأُه: إن كانت قراءتُهُ السبعَ فالشاطبيةَ، وإن كان العشرَ الصغرى فهيَ والدرةَ، وإن كان الكبرى فالطيبةَ، إذ لم يُسمع بمن تحقق بمعرفة القراءات على وجه الإتقان دون استحضار متن جامع لها، والله أعلم.
_________________________________________

ثانيا: ضبطُ الحفظِ والاستظهارِ والأداء

ويكونُ لنصِّ القرآنِ الكريمِ الذي يرويه الطالبُ عن شيخِهِ عن مشايخِهِ بأسانيدهم المتصلة إلى رب العزة جل وعلا، فقيضَ الله بهذا الضبط من يَحَفَظُ نص القرآن الكريم أن يلحقه تحريفٌ أو تغيير بنقصٍ أو زيادة. وقد كان السلف قديماً على حال من العُلُوِّ في هِمَمِ الطَّلَبِ والتحصيلِ والدَّرْسِ، فكانوا لا يُقرِئون إلا مَنْ حَفِظَ القرآن الكريم عن ظهرِ قلبٍ، واستظهره بلا خلطٍ ولا تعتعةِ حفظٍ، ولم يزل غالبُ المشايخِ اليومَ يشترطُونَ قوةَ الحفظِ فيمن يُجيزُونَهُمْ، وتلكَ عَزِيمةٌ نُبقي بها على حالِ السلفِ الصالحِ من القرونِ المفضلات. ثم دَرَجَ في عصرنا من لا يشترط الحفظ فيمن يُجيزهم، فيقرأ الطالبُ عليهم من المصحفِ الشريفِ، ويستوثقُ الشيخُ من ضبطِ العلمِ والفهمِ، ويجيزه على ما قرأه من المصحف. وبعض أهل العلم يعطي الطالبَ غيرَ الحافظِ شهادةً لا إجازة، فهم يشترطون الحفظ للإجازة (أخبرني الشيخ عادل بن سالم الكلباني بذلك عن تلميذ للشيخ سعيد بن عبد الله الحسي الحموي عليه رحمة الله، أنَّ هذا كان فعله مع غير الحفاظ، أي إعطاءهم "شهادة")، وبعضهم لا يراها شيئاً ألبتة، بل ويراها على غير طريقة السلف.

لكنَّ واقع الحال قد غلب عليه الضعفُ، وسَرَتِ الإجازة لغير الحفظة بين الناس، فمن الحقِّ أن يكون لها ضبطٌ وحدودٌ ما دامت واقعاً، فقد عاينتُ بعضَ إجازاتِ المشايخِ المجيزينَ لغيرِ الحفظةِ فوجدتُّها لا تشيرُ إلى قراءة الطالبِ من مصحفه، وأحسبُ أن الأجدرَ ذكرُ ذلك، فإنها حين تكون مطلقةً ينصرفُ الذهنُ إلى أنها من الحفظ. وعكسُ ذلك أيضاً أن بعض المشايخ يُغفِلُ أن يَذكُرَ سماعهُ من الطالب عن ظهرِ قلبٍ، فلربما ظن من يقرأُ إجازته أنه قرأها على شيخه من المصحف الشريف. والأحرى - والله أعلم - بعد أن ظهر من يُقرئ ويُجيزُ بالقراءة من المصحف أن يكون نصُّ الإجازة على وَجْهٍ أَدَقَّ مما كانت عليه سابقاً، فإنها شهادةٌ والشهادةُ أمانةٌ.

والغايةُ في مسألةِ الحفظِ من عدمه: أن الأمر متروكٌ لتقدير الشيخِ المُقرِئِ، فلربما وَجَدَ مِنْ أهلِ العلمِ والفقهِ والدعوةِ من يصححُ للناسِ قراءتهم، أو يَؤُمُّهُم في الصلوات، وهوَ غيرُ مستظهرٍ لكتاب الله، لكن لديه من العلم ما يصحُّ أن يُشهد له به، ليستكمل الروايةَ بعد الدرايةِ، فيقرِئُهُ ثم يعطيه شهادة بإجادة القرآن الكريم إن كان غير حافظ، وهو الأولى أن تكتبَ له شهادة لا إجازة.

ولربما وَجَدَ من يحفظ لكن يَشُوبُ حفظَهُ وَهَنٌ وضعفٌ، فإن أََمِّلَ فيه خيراً أجازه.

ولربما أخذ الشيخ بالعزيمة في إقرائه فلم يُجِزْ إلا الحافظَ المتقن المدقق، ورأيتُ من بعض أهل العلم من المشايخ المقرِئين من يشترطُ إتمامَ ختمةِ الإجازةِ في شهرٍ أو أقل (منهم شيخ مشايخنا الشيخ محمد عبدالحميد أحمد أبو رواش، حدثني شيخنا الشيخ عادل الكلباني حفظه الله أنه قرأ عليه من أول سورة مريم إلى آخر سورة العنكبوت في يوم واحد ضمن ختمته بقصر المنفصل)، فإنَّ الطالبَ الذي يَقدِرُ على مراجعةِ جزءٍ يومياً تتابعاً بحيثُ يتلوه متقناً يكادُ يُعدَّ في الحُفَّاظِ. ولربما أخذ بعض المشايخ بالمذهب الأول مع بعض طلابه، وبالثاني مع بعضهم؛ كلٌّ حسب حاله.

لكنَّ أعلى ما رأيتُ من ذلكَ ملازمَةُ الطالبِ شيخهُ يقرأُ عليهِ مِنْ حفظِهِ خَتمَاتٍ عدداً، حتى يأنسَ منه الشيخُ إتقاناً وتحبيراً فيجيزُهُ، وإنما أقلُّ ما تحصلُ به الإجازةُ ما يفعلُهُ أهلُ عصرنا بعد أن فَتَرَتِ الهممُ: أن يُعرَضَ القرآنُ الكريمُ كاملاً عَرْضَةً واحدةً مضبوطةً، حتى يقالَ: قرأتُ عليه أو سمعتُ منه القرآن الكريم كله من أوله إلى آخره، والله أعلم.

يتبع في المشاركة التالية.
 
وقد شاع أن يبدأ طالبٌ غير مجيدٍ للقراءةٍ - أحكاماً وضبطاً - في ختمةٍ غَرَضُهَا الإجازةُ من شيخِهِ، فتكونُ المُحَصِّلَةُ أنَّ الأجزاء الأولى من ختمته تكون معروضة على الشيخ على غيرِ وجهِ الإتقانِ، إذ لم تكن المخارج والأحكام قد انضبطت بعدُ حتى ينسابَ بها لسانُ القارئِ دونَ لحنٍ، فإذا قدَّر الشيخُ أنَّ الطالبَ قد ترك اللحنَ في آخرِ وأغلبِ ختمته، وغلبَ على ظنه أنه تَشَبَّعَ حتى إذا أعاد من أول المصحف لم يزدد ضبطاً، فلا بأس أن يجيزه دون إعادةٍ، إن كانَ يوقفهُ على اللحنِ حتى يُصَحِّحَهُ ويَضْبِطَهُ، ولم يتجاوزْ لَحْنَاً دونَ تصويبٍ، وعليه فقراءته من أولِ المصحفِ إلى آخره مضبوطةٌ، وإن كان الأَولى أن يعيد من أول الختمة ما يغلِبُ على ظنه به أنه سمع الختمة بكاملها مضبوطةً دون تصويبٍ منه.

أما إن لَحِقَ أولَ الختمةِ لحنٌ جليٌ مِنْ تركِ حروفٍ أو تغييرِ كلماتٍ أو ما شابهه؛ ولم يتخلصِ القارئُ من لحنهِ إلا وسطَ ختمته، بأن كان لفظه ونطقه على وجهٍ خاطئ في أول ختمته، ولم يتمكن من تقليد شيخه ليتخلص من اللحن حال العرضِ، فلابد من إعادة أولِ الختمةِ على وجهِ الضبطِ والاستيثاقِ لما كان فيه اللحن.

وهذا الأمر قد لا يكونُ ظاهراً بشكلٍ كبيرٍ لأن مشايخَ الإقراءِ الكبارِ لا يُقرئون غالباً إلا من أجادَ، وعادة ما يتنقل الطالب في مراقي الطلب حتى يقف على أبوابِ مشايخِ الإقراءِ الكبارِ وهو مجيدٌ، ويكونُ غايةُ عملِهِم معهُ ضبطُ دقيقِ اللحنِ ومراجعةُ الأحكامِ أداءً، مع تبركِ الطالبِ بعلو أسانيدهم على الوجهين: علو الحال والعدد، وبهذه الغَرْبَلَةِ للطلابِ حُفِظَتْ الأسانيدُ العاليةُ نقيةً مِنْ ضَعِيْفِيْ الأدَاءِ أوِ المُتَعْتِعِيْن.
_____________________________________________

وهناك ضبط الأداء بأن يكون الطالب قادراً على الإتيان بالحروف صحيحة المَخْرَجِ والمَلفَظِ، مضبوطةَ الميزانِ، وأن يُتقِنَ مقاديرَ الغننِ والمدودِ، ويأتي بالرومِ والإشمامِ والإمالاتِ الصغرى والكبرى والاختلاسِ والقفلاتِ وغيرِ ذلكَ على مثالِ ما قرأَ شيخُهُ على مشايخِهِ، لايَخْرِمُ من ذلك شيئاً إلا أن يكون في مخارج الطالب عيبٌ خِلقِيٌّ كلُثْغَةٍ، فينبغي حالئذٍ أن يكون قادراً على التفريق بين الحروف سماعاً، حتى يتمكن من تعليم غيره، وقال بعض مشايخنا في مثل هذا: يجاز بالقراءة فقط ولا يجاز بالإقراء، قلتُ: ظاهر الأمر أن يجاز بالقراءة والإقراء، وإجازته بالإقراء فقط أولى من إجازته بالقراءة فقط، فإن عيب النطق إنما يلحق القراءة والتلاوة، لكن يَعْرِضُ لذلك أنه لن يتمكن من تصويب لحون تلميذه، فكيف يجاز بالإقراء؟ قلتُ: المصارف والمخارج كثيرة، أبسطها أن يستعين بغيره من المشايخ، وهو في منتهى الأمر لن يجيزَ باللحونِ لعلمه بها، والله أعلم.

أما خلطُ الحروفِ بتأثيرِ اللهجةِ العامِيَة كأهل مصر إذ يخلطون السينَ بالثاء، أو الجيمَ المُعَطَّشَةَ العربيةَ بالجيمِ الفارسيةِ (أو المِصْرِيَّةِ) غيرِ المعطشة، أو كالسودانِ إذ يستبدلونَ الغينَ بالقافِ، أو أهل نجدٍ إذ يستبدلونَ بالضادِ ظاءً، وما كانَ على شاكلةِ ذلك من الخلطِ: فمما لا تصحُّ الإجازةُ به بحالٍ، وينبغي للشيخِ أن يستوثق تمام الاستيثاق من زوالِ هذه اللحونِ من لسانِ من يُجيزُه.

أما القراءُ من أعاجمِ المسلمينَ الذين لا يقدرون على إقامةِ الحروفِ العربيةِ على وجهِ الدِّقةِ كما ينطقُ بها العربُ الخُلَّصُ: فإنَّ من لحونهم ما لا يُتجاوزُ عند الإجازة كما لو كَثُرَت حتى يضيعَ المبنى، ومنها ما يُتجوَّزُ فيه كما يُتَجَوَّزُ في لُكْنَةِ بعضِ العربِ التي تُضَيِّعُ النبرات الصحيحة بسبب لهجاتهم المحلية، وهذا مما يُحكم عليه حسب واقعه، والله أعلم.
_____________________________________________

ومن ضبطِ الأداءِ أن يَعرِفَ الطالبُ المقطوعَ والموصولَ وكيفيةَ الوقفِ عليهما، وياءاتِ الزوائدِ وغيرها من أصول القراءات، وفي المقطوع والموصول أكثر من نظمٍ ضمن متون التجويد والقراءات يجدر بالطالب أن يستظهرها ويعقل شرحها ليعرف مواضع القطع والوصل في رسم المصحف الشريف، ويختبرُهُ الشيخ في مواضعها عند مروره بها إلا إن علم رسمها من كيفية أدائها.
كما يلزمُ التأكدُ من إتقان لفظِ الكلمات المُشْكِلَة على الطلابِ في رسمها، وإعرابِ أواخر الآيات لأن الطالب غالباً ما يحفظها بالسكون حِيْدَةً عن ضبطها بسبب الوقف على رأس الآية (كما في قوله تعالى "ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ * فعال لما يريد" (البروج 15، 16) فقد يقرؤها الطالب في رواية حفص: المجيدِ بكسر الدال صفة لـ"العرش")، وغالبُ ذلكَ لا يُعرفُ إلا سماعاً.
_____________________________________________

ومن اللطائفِ التي ذَهَلَ عنها كثيرونَ على أهميتها: فنُّ القَفْلَةِ عند الوقفِ، فإن قَفْلَةَ الاستفهامِ تختلفُ عن قَفْلَةِ الإخبارِ، وقَفْلَةُ انتهاء الكلامِ غيرُ قَفْلَةِ الوقفِ الحسنِ الذي لم يتمَّ عنده المعنى. ولبعض مشايخنا عند نطقِ مثلِ قولِهِ تعالى "أَوَلَمْ، أَفَلَمْ، أوَلا، أَفَلا، أفبنعمة الله، أفبالباطل يؤمنون" اتكاءاتٌ لطيفةٌ تُبَيِّنُ الاستفهامَ وتُظْهِرُهُ، تُعرفُ كيفيتُها بالتلقي والمشافهة.

ومما ينبغي كذلك ضبطُ قواعدِ الوقفِ والابتداءِ الكليةِ ومواضعه الدقيقة، والمعاني المتولدة منهما: وهي وإن كانت ضمنَ أبوابِ التجويدِ، إلا أنها فنٌ رقيقٌ قلَّ مَنْ يُحسنهُ، وكثيراً ما يُكَدِّرُ السَّمْعَ وقوفٌ مخزيةٌ لبعضِ القراء، أَرْبَأُ بطالبِ علمٍ مجازٍ بالقرآن الكريم أن يَقِفَهَا. والمصنَّفَاتُ في هذا الباب كثيرةٌ، ومن لم يُوفق لمطالعتها، فليسَ أقلَّ من أن يلزَمَ وقوفَ مصحفٍ شريفٍ اعتَمَدَتْ وقوفَهُ لجنةٌ شرعيةٌ، كمصحفِ الأزهرِ أو مصحفِ مُجَمَّعِ الملكِ فهدٍ بالمدينةِ النبويةِ الشريفةِ على ساكنها أفضلُ الصلاةِ وأزكى السلام.

وقد نص غير واحد من أعلام الأمة على أن الإسناد من الدين، وأن طلب العلو فيه من مطالب الشريعة، وعليه فمن أعظم ما تُنْدَبُ وتُسْتَنْفَرُ له همةُ طالبِ العلمِ: الرحلةُ والسفرُ طلباً للإجازات من ذوي الأسانيد العوالي، وذلك أنَّ صحبةَ وخدمةَ العلماء المقرئين العاملين تأدبٌ وحالٌ وخلقٌ قبل أن تكون علماً وسنداً، والرحلة والمجاورة للعلماء من أعلى العلاء في الهمة. وقد كان بعض مشايخنا يوصي من ختم عليه أن يرحل إلى مشايخه طلباً لعلو السند، وهو أدبٌ عالٍ منهم، وحب لذيوع للخير ونشره.

لكنَّ الذي يجمع الأسانيد لعلومٍ لا صلة له بها، أو من يجمع أسانيد علومٍ لا يتقنها من باب الجمع فقط فذلك ملومٌ بلا شك، لكن أحياناً يضطر المرء إلى أن يلحقَ ببعض المشايخ المُعَمَّرِينَ فيستجيزهم طلباً لعلو السند وعلو الحال، فمما ينبغي عليه حالئذ أن يستكمل أدوات هذا العلم، فإنه لا يليق أن يرويَ عن الكبارِ ويدعي التَّلْمَذَةَ عليهم دونَ أن يرثَ علمهُم أو أصول علمِهِم، فادعاءُ التلمذةِ حينئذ حق أريد به باطل، فالتلمذة قد تكون ساعة أو يوماً، لكن التاريخ لا يرحم هؤلاء وما يلبثون حتى تغيض أصواتهم وتفنى مقالاتهم، وقد يُفْتِيْ أحدُهم في مسألةٍ منْ مسائلِ العلمِ بخطأٍ قد يُروى عن شيخه خلافه ونقيضه تماماً وهو لا يدري، حتى أنَّ بعض المشايخ يكون قد نص على رأيه في مسألةٍ من مسائل العلم في بعض ما ألَّف كتابةً، ويُفتي مدعي التلمذةِ عليهِ بخلافها جهلاً منه بما قال شيخه لا مخالفة له، وهؤلاء من أعظم البلاوَى على العلم وأهله، عياذا بالله.
_____________________________________________

ومما تنبغي مراعاته في نص الإجازة الدقة التامة في وصف مكانها وزمانها وكيفيتها وموضوعها وأشخاصها وشهودها، وذلك لعموم البلوى بمن يدعون الرواية عن المشايخ كذباً أو تدليساً: كمن يدعون الرواية في زمان معين قبل أن يُخَلِّطَ الشيخُ مثلاً، وهم قد عرضوا عليه بعد التخليط، أو يدعون القراءة عليه اعتماداً على كونه حياً في وقت ما بينا هو حينها قد توقف عن الإقراء أو تُوفيَ، أو يروون عنه بالقراءة من المصحف، ويدعون القراءة عليه من حفظ الصدر، أو يدعون عرض القرآن الكريم كاملاً ليجازوا وهم قد عرضوا بعضه فقط، إلى آخر ما انتثر على الساحة من الغثاء، ويَجُبُّ ذلكَ أن تكون الإجازة دقيقة الوصف كاملةَ البنود، فلا يختلط الحابل بالنابل.

والله تعالى أعلى وأعلم وأحكم.

أحمـد عـاصـم في 16/11/2004

وآخر تعديلٍ لما سبق كان في 10/3/2009
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فهذه زيادة بسيطة مستلةٌ ومعدلةٌ من مداخلة كتبتها على الرابط التالي:


http://www.mazameer.com/vb/showpost.php?p=670734&postcount=15

مقدمة (1):

مع كثرة الغثاء والتخليط وضعف الهمم والنفوس في زماننا: ظهر التساهل وظهرت الحيل في التلقي وكثر التدليس والوهم وضاع كثير من العلم، لكن:
يأبى الله إلا أن يتم نعمته ويحفظ كتابه، وهكذا تبقى كوكبة من أهل العلم قائمين بحق كتاب الله لا يضرهم وهنٌ ولا ضعف، يأخذون بالعزيمة حين يتراخى الناس، ويَتَسَربَلُونَ البيانَ والإفصاحَ حين يُدَلِّسُ الناسُ، حَقٌ على كل طالبٍ علمٍ أن ينتخبهم ويختارهم ويأخذ عنهم كما ينتخب زوجه وأقلَّ من ذلك: طعامه وبيته، من فاتُوهُ فاتَهُ أدبُ العلم، وهم علامةٌ على المَفَارِقِ يدلونَ الناسَ على أقومِ الطرائقِ وأهدى السبل.
مقدمة (2):
يُندبُ لطالب العلم أن يَرُوْمَ الأعلى والأطيب في طلبه، فينتخبُ مشايخه وينتقيهم، ولهذا الانتخاب معايير، وهي صالحةٌ لأن يَزِنَ بها طالبُ العلمِ نفسه كذلك:
فأعلى ما يقع في القراءة والإقراء: أن يلازم الطالب شيخه ليسمع من شيخِهِ بتلاوته، ويسمعُ الشيخُ من تلميذِهِ ختماتٍ عدداً، حتى يأنس منه الضبط والإتقانَ، ثم يجيزه الشيخ.

فهذا سماع وإسماع وملازمةٌ ثم إجازة.

ثم أقل منه: من يقرأ على شيخه ختمة كاملةً أو ختماتٍ ولم يسمع من شيخه مثل الأول، ثم إذا أنِسَ منه الشيخُ الإتقان أجازه.
وهذا عرضٌ على الشيخِ ثم إجازة منه.

ثم أقل منه: من يقرأ على شيخه بعض ختمةٍ يأنس منه فيها الشيخ إتقاناً، والطالب قد أجيز من شيخٍ معتبرٍ عند الشيخ الحالي، فيجيزه الشيخ الحاليُّ بالقرآن كله باعتبار إتقانه لما لم يقرأ على شاكلة ما قرأ!
فهذا بعضُ عرضٍ، ثم إجازةٌ على إجازةِ الثقة!

ثم أقل منه: من قرأ بعض ختمةٍ ولم يُجز من قبلُ، ويجيزه الشيخ إجازةً عامة على اعتبار إتقانه لما لم يقرأ: وأنه بإتقان ما قرأ!
وهذا بعضُ عرضٍ، ثم إجازةٌ به وحده!

وثمة أمور تقل بها درجة الطالب في عرضه على شيخه، وبيانها كما يلي:
(1)
أن يقرأ من مصحفه لا من حفظ صدره:

حتى وإن كان حافظاً، فهو حين القراءة من المصحف أقل ممن قرأ من حفظ صدره.

ومثل ذلك من قرأ الجمع من حفظ صدره مع استحضار الخلاف من كراسه أو كتابٍ يقرأ منه، فهذ ليس بقوة من قرأ من حفظ صدره مع الضبط من غير معينٍ خارجي.
(2)
أن يقرأ على شيخه دون مباشرة حقيقية:

كمن يقرأُ عبر وسائط الاتصال الحديثة، فليست قراءته كمن كان كِفَاحاً.

ولا يُعتَدُّ بقولهم: إنَّه مثلُ قراءة الطالب على شيخه؛ وأحدهما أو كلاهما ضرير، أو كقراءة المرأة على الشيخ وقد سترت وجهها أو من وراء حجاب، فإن الحال التي يكون عليها الشيخُ والأدب الذي يتخلق به مما يتلقاه الطالب، وربما ألجأت كلفة الاتصال أو عدم صفاء الصوت في نقله إلى التجاوز ولو عن اللحون البسيطة، ومُجردُ تطرقِ الاحتمال إلى ذلك مما يُضعِفُ مرتبتهُ عن غيره، فتأمل.
(3)
أن يقرأ الطالب على شيخه أوان ضيق خلقه ووهن طبعه:
وغالب ذلك إنما يحصل في أواخِرِ العُمُرِ أيان الشيخوخة، وله حالاتٌ:
أضعفها: أن يروي عن الشيخ بعد أن ثبت تخليطه وخرفه، وهو أمرٌ قد لا يعرف بسهولة، لكن أهل العلم لهم إلى معرفته سبيلٌ وعلاماتٌ، والتخليطُ والوهمُ مما لا تصح معه الرواية، فمن ثبتت قراءته على من خلَّط ولو كان أعلى أهل الأرض سنداً، فتسقط روايته من طريقه هذا.

وأقوى منها روايةً: أن يقرأ على الشيخ حال ضعف جسمه وقلة احتماله للتدريس، فهو حينها مَظِنَّةُ أن يَثْقُلَ سمعه، أو يتساهلَ في الإجازةِ وتصويبِ اللحونِ لضعفِ احتماله لا لقلةِ درايته، وأفضل ما يَجُبُّ ذلك أن يكون بحضرة أحد أقران الشيخِ، أو قدامى تلاميذ الشيخ، ليرد الطالب عن الخطأ إن وقع!

وهذه الجزئية تعني أن أعلى تلاميذ الشيخ (إذا نَحَّيْنَا بقية عوامل الطلب كنجابة الطالب وقوة حفظه واستيعابه ...) هم من أخذوا عنه بعد استقرار علمه حال شبابه إلى كهولته، وهم في العموم (إذا نَحَّيْنَا بقية العوامل أيضاً) أقوى ممن أخذ عنه في أواخر عطائه وتدريسه.
وصلى الله على الحبيب البشير النذير وسَلَّمَ تسليماً،
والحمد لله رب العالمين.

 
الحمد لله
والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد:

فهذا نقلٌ مع التحرير لمشاركة كتبتُها عن موضوع الإجازة ببعض روايات القرآن الكريم بقراءة أحرف الخلاف فيها وحدها فقط، حيث يقرأ الطالب على شيخه القرآن الكريم بحفص مثلا، ثم يثنّي بقراءة مواضع الخلاف (في الفرش فقط) بين حفص وشعبة، فيُجيزه الشيخ بشعبة، ثم يقرأ عليه مواضع الخلف لورش فيجيزه بورش، وهكذا. وهناك من المشايخ من يسأل الطالب؛ إن كان قرأ على غيره حفصًا مثلا، فإن كان كذلك؛ أقرأَه خُلف قالون مثلا فقط، ثم يجيزه بقالون، فهو لم يعرض القرآن أصلا على الشيخ، وإنما يُجيزه بإجازة غيره، والله المستعان!

قلتُ:

أما الإجازة بأحرف الخلاف فلي فيها رأي متشدد، هو - للأمانة - من كيسي:

فتجوز الإجازة بأحرف الخلاف، وهي طريقة متبعة عند السلف، لكن هيأتها غير هيئة اليوم:

فهيأتها القديمة عند سلفنا الصالح أن يقرأ الطالب على شيخه ختمة، فيمر أثناء الآيات على أحرف الخلاف فيأتي بها، والمقصود بأحرف الخلاف ليس "الفرش" فقط، بل الخلاف في "الفرش" والخلاف في "الأصول" معًا، وهي طريقة متبعة للضابطين الذين انتهوا واشتهر ضبطهم، ولا يتبعها شيخٌ مع تلميذه المبتدئ إلا أن يكون متساهلا!

أما القراءة على الشيخ بوسائل الاتصال الحديثة كالهاتف والمحادثات الشنكبوتية (الخاصة بالشبكة العنكبوتية): فهي معتمدة حاليا من كثير من أهل العلم، لكنها بلا ريب: أدنى من التلقي مشافهة كفاحا مباشرة من الشيخ.

أما قراءة ختمة أولا ثم قراءة أحرف الخلاف (الفرش فقط) مجردة: فقد أسلفتُ أنها لا تستوعب الخلافات في الرواية كلها، وبالتالي فهي إجازة ببعض القرآن الكريم لا به كله، وإن صحت من هذا الباب فهي لا تصح كقراءة لكامل القرآن الكريم، لأن الأمر كما - أسلفتُ - يخلو من الخلاف الذي يقع في الأصول، فهو سردٌ ناقص للخلف بين الروايات.

وفارقٌ كبيرٌ بين من يسرد الخلاف في كل كلمة في القرآن الكريم أثناء عرضه من أوله إلى آخره، سواءٌ كان خلافا في الأصول أم في الفرش، وبين من يسرد الخلاف في الفرش فقط، وأظنه يقرؤه بلا ترتيل كذلك!

إنها صورة مشوهة من التساهل، وليست تساهلا فقط، والله المستعان.
وإنما المتبع عند أهل العلم الحقيقيين، العلماءِ العاملين:
أن نص إجازاتهم لطلابهم يكون على وجه الدقة والتفصيل والإسهاب ودرء الوهم من حيث:

1. الزمان: زمان البدء والانتهاء إن أمكن، والأهم منهما تاريخ الإجازة من الشيخ.
2. المكان: الذي تليت فيه الختمة أو آخرها.
3. الكيفية، كيفية عرض التلاوة:​
أ. من الحفظ أم من المصحف.
ب. شفاها كفاحا أما الشيخ، أم عبر وسائل الاتصال المختلفة.
ج. من أول القرآن إلى آخره، أم ببعض القرآن الكريم.
د. عدد الختمات إن أمكن.
4. الشهود: الذين يشهدون على هذه الأمور بدقتها، أو على ما يقوله الشيخ المُجيز.
أعان الله الجميع، ووفق وسدد الخطى.
والسلام خير ختام.​
 
أضعفها: أن يروي عن الشيخ بعد أن ثبت تخليطه وخرفه، وهو أمرٌ قد لا يعرف بسهولة، لكن أهل العلم لهم إلى معرفته سبيلٌ وعلاماتٌ، والتخليطُ والوهمُ مما لا تصح معه الرواية، فمن ثبتت قراءته على من خلَّط ولو كان أعلى أهل الأرض سنداً، فتسقط روايته من طريقه هذا.


جزاك الله خيرا , ولبيان ما تفضلتم به من واقع عملي فقد حدثني الشيخ أحمد حامد حفظه الله أنه ذهب ليقرأ على الشيخ عبد العزيز الزيات حفظه الله بعد رجوعه من المدينة فوجده مريضا طريح الفراش ممدا ووجد الناس قد ازدحموا عليه رجالا ونساء ليقرأوا عليه حرصا على علو سنده وهو لا يرد شيئا على من يقرأ عليه وقد رتبوهم في صفوف وأدوار وقد قالوا للشيخ أحمد اترك تيلفونك فإذا جاء دورك اتصلنا بك , قال وتعجبت كثيرا فالشيخ في غيبوبة مستمرة لا يرد شيئا على من يقرأ عليه قال فانصرفت وبعد أيام اتصلوا بي فلم أذهب وعلمت أن زوجة الشيخ هي التي كانت تختم الإجازات للقارئين في ذلك الوقت . أ. هـ .
مع أن الشيخ الزيات رحمه الله كان يمتنع من الإقراء في أجازاته التي ينزل فيها قبل هذا التاريخ حتى أن أحد إخواننا ألح عليه مرة أن يقرأ الفاتحة فقط فأبى ذلك جدا .
فالعجب من شباب صغارايفاخر أحدهم بأن سنده كسند الشيخ عبد الحكيم عبد اللطيف أو الشيخ حسنين جبريل , وما هم من القراءة في شيء .
 

الشرط الأول للإجازة
وهو العدالة:

فإنه لا مناصَ منها ولا مَعدِلَ عنها، إذ لا يَصِحُّ أن يُحَمَّلَ القرآنَ الكريمَ فاسقٌ أو صاحبُ بدعةٍ أو معصيةٍ ظاهرةٍ يُجَاهِرُ بها ويُصِرُّ عليها، فإن ذلك مَدْعَاةٌ للاستهانةِ بالقرآنِ الكريمِ والاستخفافِ به، وإلى هَوَانِ المشتغلينِ به وبعلومه، فإن أحدَهُم لا يَعْدِمُ أن يقولَ على الله بغيرِ علمٍ، وربما فَجَرَ فذكرَ مِنَ القرآنِ الكريمِ مَبْتُورَاً ما يَشهَدُ لفاسدِ رأيهِ وهواه، والإجازة شهادة: فهي شهادةٌ للمجازِ بأنه يَحْمِلُ القرآنَ الكريمَ، يُسألُ عنها المُجِيزُ بَينَ يَدَيِ العزيز، "سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ" (الزخرف 19)..
السلام عليكم
أخي الكريم ليس الصلاح والتقوي شرطا في الإجازة ، وهذه الشروط من باب الاستحسان ..وهذا رابط فيه نقاش هذا الأمر من قبل .
http://vb.tafsir.net/showthread.php?t=8193http://vb.tafsir.net/showthread.php?t=8193&page=2
اقرأها جيدا ثم أعد قراءتها ستجد فيه زبدة المسألة .
والسلام عليكم
 
جزاك الله خيرا , ولبيان ما تفضلتم به من واقع عملي فقد حدثني الشيخ أحمد حامد حفظه الله أنه ذهب ليقرأ على الشيخ عبد العزيز الزيات حفظه الله بعد رجوعه من المدينة فوجده مريضا طريح الفراش ممدا ووجد الناس قد ازدحموا عليه رجالا ونساء ليقرأوا عليه حرصا على علو سنده وهو لا يرد شيئا على من يقرأ عليه وقد رتبوهم في صفوف وأدوار وقد قالوا للشيخ أحمد اترك تيلفونك فإذا جاء دورك اتصلنا بك , قال وتعجبت كثيرا فالشيخ في غيبوبة مستمرة لا يرد شيئا على من يقرأ عليه قال فانصرفت وبعد أيام اتصلوا بي فلم أذهب وعلمت أن زوجة الشيخ هي التي كانت تختم الإجازات للقارئين في ذلك الوقت . أ. هـ .
مع أن الشيخ الزيات رحمه الله كان يمتنع من الإقراء في أجازاته التي ينزل فيها قبل هذا التاريخ حتى أن أحد إخواننا ألح عليه مرة أن يقرأ الفاتحة فقط فأبى ذلك جدا .
فالعجب من شباب صغارايفاخر أحدهم بأن سنده كسند الشيخ عبد الحكيم عبد اللطيف أو الشيخ حسنين جبريل , وما هم من القراءة في شيء .
 
طبعا الخطأ في هذا ليس خطأ الشيخ رحمه الله فقد كان مريضا مرضا شديدا وكان ممتنعا عن الإقراء قبل ذلك بكثير لكنه خطأ من قرأوا عليه في هذه الحالة , وقد جاءني بعضهم ليقرأ علي فكان أداؤهم ضعيفا وقراءتهم ليست متقنة , ولو كان الزيات رحمه الله في صحته وقتها لما أقرأهم فضلا عن أن يجيزهم فرحمه الله رحمة واسعة .
 
[/RIGHT]
السلام عليكم
أخي الكريم ليس الصلاح والتقوي شرطا في الإجازة ، وهذه الشروط من باب الاستحسان ..وهذا رابط فيه نقاش هذا الأمر من قبل .
http://vb.tafsir.net/showthread.php?t=8193
اقرأها جيدا ثم أعد قراءتها ستجد فيه زبدة المسألة .
والسلام عليكم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

أشاركك فضيلتكم الرأي في أنها ليست شرطا في الإجازة، والصحيح أن أقول: مؤهلاتها أو شيئا كهذا، والله أعلم، إذ غالبا ما يطلق "الشرط" على ما يشرط للصحة، والإجازة للفاسق إذا وقعت فهي صحيحة، ويصح لهذا الفاسق الإجازة بموجبها، وليس للعالم المجيز أن يرجع في إجازته، والله أعلم.

لكن الأولى والأحسن - كما ذكرتم - أن يتوثق المجيز ممن يجيزه، حتى يوضع العلم في موضعه، والله أعلم.

أما المقال - على الرابط أعلاه - فقد قرأته كله إلا ما كان استطرادا من الردود خارج الموضوع، فجزاكم الله خيرا.
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن من كثرة قراءاتي دروس التجويد على المشايخ منذ 22 سنة تقريبا، لم يكن هذا الإهتمام بالإجازة أبداً، كنَّا نقرأ على الشيخ الواحد بعد الآخر، ثم نذهب إلى بيوتنا، وأكثر ما كنا نهتم به هو كيف نرقى بالقراءة ؟ وكيف نتدبر ونتعلم ما نقرأ؟ وكيف نحسن أصواتنا ؟ وهذه هي الغاية من الدروس عند الشيوخ. وكان الشيوخ -رحمهم الله -ومن الذين على قيد الحياة -حفظهم الله -يعلموننا الإخلاص لله في القراءة هذا الأمر الأول، ثم الإتقان، ثم انبرى أُناسٌ اليوم ومع شديد الأسف كل همهم هو الإجازة، فتسمعه يعدد لك المشايخ الذين قرأ عندهم فلان العلامة وفلان العلامة؛ ولكن عندما تسمعه بالقراءة لا يعرف شيئا لا درايةً ولا روايةً، وهذه هي الطَّامة الكبرى؛ حتى كثر هذا الشَّئ عند الأخوات من النساء تسمع أنها مجازة بالعشرة الصغرى، والكبرى أحياناً، وهي لا تتقن رواية حفص، فنصيحتي للإخوة والأخوات ممن يحب هذا العلم علم التجويد؛ أن يجعل نُصبَ عينيه الإخلاص لله في علمه وعمله؛ وأن يتخلق بما يتعلم، ولا يكن همه السمعة والرياء، لأنها محبطة للعمل، ولا ننسى حديث المصطفى -صلى الله عليه وسلم- " ربَّ قارئ للقرآن والقرآن يلعنه " والحديث الآخر أن أول ما تسعر جهنم في ثلاث والعياذ بالله، فذكر منهم رجل قرأ القرآن ليقال قارئ نسأل الله السلامة من حظوظ أنفسنا وأن يتقبل أعمالنا إنه سميع مجيب ...
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن من كثرة قراءاتي دروس التجويد على المشايخ منذ 22 سنة تقريبا، لم يكن هذا الإهتمام بالإجازة أبداً، كنَّا نقرأ على الشيخ الواحد بعد الآخر، ثم نذهب إلى بيوتنا، وأكثر ما كنا نهتم به هو كيف نرقى بالقراءة ؟ وكيف نتدبر ونتعلم ما نقرأ؟ وكيف نحسن أصواتنا ؟ وهذه هي الغاية من الدروس عند الشيوخ. وكان الشيوخ -رحمهم الله -ومن الذين على قيد الحياة -حفظهم الله -يعلموننا الإخلاص لله في القراءة هذا الأمر الأول، ثم الإتقان، ثم انبرى أُناسٌ اليوم ومع شديد الأسف كل همهم هو الإجازة، فتسمعه يعدد لك المشايخ الذين قرأ عندهم فلان العلامة وفلان العلامة؛ ولكن عندما تسمعه بالقراءة لا يعرف شيئا لا درايةً ولا روايةً، وهذه هي الطَّامة الكبرى؛ حتى كثر هذا الشَّئ عند الأخوات من النساء تسمع أنها مجازة بالعشرة الصغرى، والكبرى أحياناً، وهي لا تتقن رواية حفص، فنصيحتي للإخوة والأخوات ممن يحب هذا العلم علم التجويد؛ أن يجعل نُصبَ عينيه الإخلاص لله في علمه وعمله؛ وأن يتخلق بما يتعلم، ولا يكن همه السمعة والرياء، لأنها محبطة للعمل، ولا ننسى حديث المصطفى -صلى الله عليه وسلم- " ربَّ قارئ للقرآن والقرآن يلعنه " والحديث الآخر أن أول ما تسعر جهنم في ثلاث والعياذ بالله، فذكر منهم رجل قرأ القرآن ليقال قارئ نسأل الله السلامة من حظوظ أنفسنا وأن يتقبل أعمالنا إنه سميع مجيب ...

جزاكم الله خيرا، وأؤكد على ما ذكرتَ من الإخلاص والحرص على التعلم والإجادة، وتأتي الإجازة بعدهما.
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزى الله خيراً أخي أحمد النبوي عن هذه التوضيحات القيمة وأُحب أن أوضح بعض الأمور منها :
_ النبي _ صلى الله عليه وسلم _ أخذ القرآن الكريم مشافهة عرضاً وسماعاً على جبريل _ عليه السلام _ كما جاءت بهذا الأحاديث والآيات . فالرسول _ صلى الله عليه وسلم _ عرض القرآن كل عام على جبريل _ عليه السلام _ وعرضه على أبيّ بأمر من الله تعالى، وعرض أبَيّ عليه، وعرض غير واحد من الصحابة على أبَيّ، وعرض الصحابة بعضهم على بعض، ثم التابعين على الصحابة، ثم تابعي التابعين بعضهم على بعض، ثم جيلاً بعد جيل إلى عصرنا الحاضر .

_ أما الإجازة تعريفها عند المحدثين هي إذن في الرواية لفظاً أو خطاً .
وعند القراء: شهادة من المجيز للمجاز له في الإقراء .
والإجازة موجودة من زمن الرسول _ صلى الله عليه وسلم _ ، فتزكيته لبعض أصحابه _ رضي الله عنهم _ على حسن قرائتهم إنما هي إجازة لفظية من خير البرية لخير القرون، وهناك أدلة كثيرة تدل على هذا منها على سبيل الإختصار، حديث خذوا القرآن عن أربعة، وحديث قوله لابن مسعود _ رضي الله عنه_ : إقرأ عليَّ القرآن، وحديث قوله لأُبَيّ : إن الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن، وأخرج البغوي في شرح السنة أن زيد بن ثابت _رضي الله عنه _ شهد العرضة الأخيرة التي عرضها رسول الله _ صلى الله عليه وسلم_ على جبريل _ عليه السلام _، ولكن لم يوجد نص قاطع في بداية الإجازة القرآنية، لكن الذي يظهر والله أعلم أن مصطلح الإجازة القرآنية جاء مع بداية التصنيف في القراءات القرآنية في القرن الثالث الهجري .

_ شروط الإجازة :
1- شروط مشتركة بين المجيز والمجاز له : أن يكون مسلماً، بالغاً، عاقلاً، ثقةً، مأموناً، ضابطاً، خالياً من أسباب الفسوق ومسقطات المروءة .
2- شروط خاصة بالمجيز :
أ‌- العلم الشرعي، الفقه وما زاد عليه .
ب‌- معرفته بأحكام التجويد .
ت‌- معرفته لعلم الوقف والابتداء والرسم والضبط ...الخ .
ث‌- تحصيله طرفا من علوم القرآن الكريم وتفسيره .
ج‌- العلم بأسانيد القراء وطرقهم ورواتهم .
ح‌- يلزم المقرئ حفظ كتاب حاو لما يقرئ به من القراءات أصولاً وفرشاً .
خ‌- أن لا يُقرئ إلا بما قرأ أو سمع .
د‌- العلم باللغة العربية ( النحو والصرف ...الخ ).

_ أما الإجازة بأحرف الخلاف فقط : هذه الإجازة من المسائل الدقيقة فقد ذكرها ابن الجزري في تراجم بعض القراء، وهي تختلف عن الاجازة بالسماع، لأن في هذه الطالب يأخذ القرآن كله، أما هنا أحرف الخلاف فقط؛ ولكن هذه لا تتأتى إلا لمن بلغ درجة كبيرة بالاتقان .
_ أما القراءة عبر الهاتف أو السكايب فهذه تتطلب شروط، والشرط الرئيسي هو رؤية الطالب شيخه؛ لأن هناك أمور لا تنضبط إلا برؤية الفم عند النطق بها، وكذلك الروم والاشمام والتسهيل ...الخ .
فإذا انضبطت هذه الشروط لماذا أصفها بأنها أدنى من التلقي والمشافهة ؟؟ فهي بهذه الصيغة حصلت المشافهة وحصل التلقي ... والله أعلم
أسأل الله أن يتقبل منا ومنكم بمنه وكرمه لا رب سواه
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أما القراءة عبر الهاتف أو السكايب فهذه تتطلب شروط، والشرط الرئيسي هو رؤية الطالب شيخه؛ لأن هناك أمور لا تنضبط إلا برؤية الفم عند النطق بها، وكذلك الروم والاشمام والتسهيل ...الخ .
فإذا انضبطت هذه الشروط لماذا أصفها بأنها أدنى من التلقي والمشافهة ؟؟ فهي بهذه الصيغة حصلت المشافهة وحصل التلقي ... والله أعلم

جزاكم الله كل خير، ولي تعقيب بسيط على ما ذكرتم:
أولا: رؤية الطالب شيخه والعكس ليس شرطًا، فالأعمى تصح منه وله الإجازة، ولا دليل على اشتراط الرؤية، وإن كانت مطلوبة.
ثانيا: أما كون التلقى عبر وسائل الاتصال الحديثة أقل - عندي، إن صحَّ أنَّ ليْ "عند" - من التلقي كفاحًا من فيِّ الشيخ مباشرة، والجلوس بين يديه؛ لأن للشيخ حالا يتلقاه الطالب لا ينتقل عبر وسائل الاتصال، هذه الحال عندي أهم من التلقي نفسه، والله أعلى وأعلم وأحكم.
 
أخي الفاضل أحمد النبوي أنا معك إن الجلوس قرب الشيخ ليس هو أخذ التلقي والمشافهة منه فقط؛ ولكن الأدب، والأخلاق، والعلم ...الخ، ولهذا قال لقمان الحكيم لابنه :" يابني جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك "، وهذا أفضل وأولى من الأخذ عن طريق الإتصال بالأجهزة الحديثة المتوفرة حاليا، ولكن لا نستطيع أن نحكم على الأخذ بهذه الأجهزة الحديثة الآن بالأدنى كما وضحت سابقا باشتراط رؤية الطالب شيخه، لأن هناك الكثير من المسلمين اليوم يتعذر لهم أخذ هذا العلم، فهل نقول لهم إجلسوا حتى تعثرون على شيخ قريب منكم تأخذون عليه والإجابة أتركها لك .. حفظك الله ....
 
هذا من التشدد الذي ليس في مكانه، والدين يسرٌ، وما دام تحققت الرؤية بين الطالب والشيخ فلا يوجد سبب للتشدد على الناس أخي الكريم؛ لأنه لا نستطيع أن نحرم الناس من التقنية الحديثة إذا لم يكن هناك مانع شرعي ونحن في زمن التقدم والاسلام لا يقف عائق أمام التطور.
أما أن نقول للناس إجلسوا حتى تجدوا شيخا، وإذا لم يجدوا نقول لهم لا تتعلموا حتى تجدوا الشيخ..لماذا؟؟
 
ما شاء الله ، موضوع جميل مثمر أستاذ أحمد النبوي ..
كنت أود أن أعقِّب على نقطة إعادة أحرف الخلاف على الشيخ، فقد ذكرها بصورتها ابنُ الجزريِّ في منجد المقرئين، وتَوصَّل إلى جواز أن يقول القارئ أحرفَ رواية ما: قرأت بها القرآن كلَّه على فلان، وذلك إن كان قد قرأ القرآن كلَّه برواية سابقة أصولًا وفرشًا، كما يفعله مَن يقرأ رواية حفص على شيخه ختمة كاملة، ثم يقترح أن يأخذ أحرف اختلاف شعبة مع حفص، ولا تعلُّق بأصول، فيقرأ كلمات الخلاف؛ إما بعرضها وحدها، أو بعرض آياتِها كاملةً، فعلى ما ذكره ابن الجزريِّ: يجوز أن يقول قرأت القرآن كله برواية شعبة ...
وإن كان لم يقرأ على نفس الشيخ رواية كاملة أصولًا وفرشًا، فلا يصح منه إطلاق قراءة القرآن كله، والله أعلم .
 
أخي الفاضل أحمد النبوي
لا نستطيع أن نحكم على الأخذ بهذه الأجهزة الحديثة الآن بالأدنى كما وضحت سابقا باشتراط رؤية الطالب شيخه، لأن هناك الكثير من المسلمين اليوم يتعذر لهم أخذ هذا العلم، فهل نقول لهم إجلسوا حتى تعثرون على شيخ قريب منكم تأخذون عليه والإجابة أتركها لك .. حفظك الله ....
أنا لم أقل باشتراط رؤية الشيخ تلميذه ولا العكس، وإنما قلت إن المباشرة أعلى من عدمها، فمن توفر له شيخ قريب فقرأ عليه بواسطة أيا كانت: سواءٌ تلميذٌ للشيخ أو وسيلة اتصال حديثة؛ فلا شك أنه أقل درجة ممن تتلمذ على الشيخ مباشرة، أما من لم يتمكن من شيخ فيحوز ما في وسعه وإمكانه من الطلب والتلمذة، ويستكمل حينما يستطيع.

نعم ! نقول لهم: اجلسوا حتى تعثروا على شيخٍ، قرُبَ منكم أم بعُد !
لعلك تقصد: اجلسوا بين يدي الشيخ بالواسطة حتى تعثروا على شيخ مباشرة! فإن الله لا يكلف نفسًا إلا وسعها، والانتظار حال إمكان الطلب بالواسطة الحديثة؛ من باب ترك ما في الوسع رجاء ما ليس في الوسع، ولا ندري أيأتي أم يغيب؟ والله أعلم.

هذا من التشدد الذي ليس في مكانه، والدين يسرٌ، وما دام تحققت الرؤية بين الطالب والشيخ فلا يوجد سبب للتشدد على الناس أخي الكريم؛ لأنه لا نستطيع أن نحرم الناس من التقنية الحديثة إذا لم يكن هناك مانع شرعي ونحن في زمن التقدم والاسلام لا يقف عائق أمام التطور.
أما أن نقول للناس إجلسوا حتى تجدوا شيخا، وإذا لم يجدوا نقول لهم لا تتعلموا حتى تجدوا الشيخ..لماذا؟؟
أؤيد ما قلتَ أخي، وإن كانت الرؤية في حد ذاتها ليست شرطًا للإجازة، لكن المطلوب - وليس شرطًا - هو اللقيا والجلوس بين يدي أهل الإقراء، والله أعلم.
 
موضوع في غاية الحسن , بارك الله فيك , وزادك علما .
 
عودة
أعلى