محمد يحيى شريف
New member
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم وبعد
عند مطالعتي لكتاب الضابطيّةُ للشاطبيّة اللاميّةللعلامة ملا علي القارئ (ت1014) وقفت على تعليقه لكلام الشاطبيّ عليه رحمة الله تعالى : (وسهّل سما وصفاً وفي النحو أبدلا):فقال عليه رحمة الله تعالى مستدركاً عليه : "فقلتُ : (وسهّل سما وأبدل وفي النحو فُضّلاَ) ، أي فُضّل الإبدال عند النحاة عكس القراء حيث فُضّل التسهيل عندهم مع اتّفاق الفريقين على جواز الوجهين."انتهى كلامه عليه رحمة الله تعالى. قال المحقق للكتاب : "قلتُ : وجه اعتراض المؤلف هنا غير صحيح لأنّ وجه الإبدال مع كونه صحيحاً متواتراً إلاّ أنّه ليس من طريق الشاطبية ولا يُقرأ به من طريق التيسير." انتهى كلامه. ثمّ نقل كلام صاحب غيث النفع ، وذكر بعض المراجع كالنشر والوافي في شرح الشاطبية للشيخ القاضي عليه رحمة الله تعالى.
وكنت أظنّ في البداية أنّ صاحب النشر هو الذي ضعّف وجه الإبدال في {أئمّة} من الشاطبية ولكنّي لما رجعت إلى النشر وجدتّ خلاف ذلك إذ لم يشر لا من قريب ولا من بعيد إلى ضعفه ، فعرفت أنّ مصدر التضعيف لوجه الإبدال هو كتاب غيث النفع للصفاقسي وتبعه في ذلك الشيخ عبد الفتاح القاضي في البدور الزاهرة والوافي ومن ثمّ صار هذا الوجه غير معمول به بعد ما استقرّ عليه العمل بدليل أنّ كلاً من المتولّي والضباع والحسيني عليهم رحمة الله تعالى أخذوا بالوجهين جميعاً أي التسهيل والإبدال من طريق الشاطبية. قال العلامة المتولي (ت1313) في كتابه فتح المعطي : (أئمّةٍ الإبدالُ جاز عن الملا). ثمّ قال في شرحه : ويزاد له أيضاً إبدال الثانية ياء مكسورة وهو وجه وجيه."(ص22 طبعة مكتبة القاهرة). وقال العلامة الضباع في إرشاد المريد عند شرحه لكلام الشاطبيّ عليه رحمة الله تعالى : (وسهّل سما وصفاً وفي النحو أُبدلا)"وسهّل أيّها المخاطب همزته الثانية عن نافع وابن كثير وأبي عمرو ، وحققها للباقين ، وجاء عن النحاة إبدالها ياء خالصة ، وأجاز هذا الوجه لنافع وابن كثير وأبي عمرو : صاحب النشر ، وإليه أشار صاحب إتحاف البريّة لقوله : وأئمّة سهّل وأبدل لنافع.....ومك وبصري ففي النشر عوّلا."
ومن هنا يتّضح أنّ وجه الإبدال في {أئمّة} كان معمولاً به لا سيما في مصر ثمّ بدأ يندثّر بعد ما َضعفّه الشيخ عبد الفتاح القاضي في البدور والوافي تبعاً لصاحب غيث النفع. وقد قرأنا بالوجهين على بعض تلامذة الشيخ يخلف شراطي رحمه الله تعالى ثمّ تركنا العمل به اعتماداً على كلام الشيخ القاضي والصفاقسي.
قال الصفاقسي في كتابه غيث النفع : "وأمّا أبدالها ياءً محضة فهو وإن كان صحيحاً متواتراً فلا يُقرأ به من طريق الشاطبيّ لأنّه نسبه إلى النحويين يعني معظمهم ولم أقرأ به من طريقه على شيخنا رحمه الله."(ص270).
وقال الشيخ عبد الفتاح القاضي في البدور الزاهرة : "وأمّا إبدالها ياء محضة لنافع ومن معه فليس من طرق الحرز وأصله ، بل هو من طريق النشر."
من خلال كلام الصفاقسي والقاضي ندرك أنّ سبب التضعيف لوجه الإبدل :
- كون الشاطبيّ نسبه إلى النحويين.
- وكونه ليس من طرق الشاطبية والتيسير.
- كونه لم يقرأ به الصفاقسي عن شيوخه من طريق الشاطبية.
أمّا كونه منسوب إلى النحويين فليس دليلاً على ضعفه إن ثبت بالرواية عن أهل الأداء.
قال ابن الجزريّ عليه رحمة الله تعالى عند ذكر أصحاب مذهب التسهيل : "وذهب آخرون منهم إلى أنها تجعل ياء خالصة نص على ذلك أبو عبد الله بن شريح في كافيه وأبو العز القلانسي في إرشاده وسائر الواسطيين وبه قرأت من طريقهم قال أبو محمد بن مؤمن في كنزه : "إن جماعة من المحققين يجعلونها ياء خالصة." وأشار إليه أبو محمد مكي والداني في جامع البيان والحافظ أبو العلاء والشاطبي وغيرهم أنه مذهب النحاة" (النشر 1/379). وقال ردًاً على الزمخشريّ في الكشاف : "وأما التصريح بالياء فليس بقراءة ولا يجوز أن تكون ومن صرح به فهو لاحن محرف. (قلت) – أي ابن الجزريّ - وهذا مبالغة منه والصحيح ثبوت كل الوجوه الثلاثة أعني التحقيق وبين بين والياء المحضة عن العرب وصحته في الرواية كما ذكرناه عمن تقدم ولكل وجه في العربية سائغ قبوله والله أعلم." (1/380).
وأهل الأداء اليوم يقرؤون بالإبدال من بعض طرق الطيّبة ولو كانت العلّة في تضعيفه أنّه مذهب النحويين لسقط العمل به من جميع الطرق. ومن الطرق التي يُقرأ منها بوجه الإبدال كتاب التبصرة لمكّي القيسي وقد صرّح فيه بأنّه مذهب النحاة فلماذا يُقرأ به الآن من طريقه من الطيّبة إذن ؟. قال مكي القيسي في كتابه التبصرة في القراءات السبع : "قرأ الكوفيون وابن عامر{أئمة} بهمزتين محققتين حيث وقع ، وقرأ الباقون بتحقيق الأولى وتسهيل الثانية ، والنحويّون يقولون إنّ الثانية ياءً مكسورة."(ص226). وقد اقتصر على الإبدال كلّ من أسند الرواية من طريق مكي القيسي كما هو مذهب صاحب القصيدة الحصرية الذي يقول : ولا بدّ من إبدالها في أئمّة ......فصَحْوَكَ إنّ الجاهلين لفي سُكْر. قال ابن عظيمة الإشبيلي (ت543) في كتابه منح الفريدة الحمصية في شرح القصيدة الحصرية عند قول الناظم : "ولا بد من إبدالها في {أئمّة} ، "وقرأ وإبدال الثانية ياء محضة ولا تلتفت إلى من يرى تسهيلها بين بين".ص308).
وقال الجعبري عليه رحمة الله تعالى : "ولم يُنبّه – أي الداني في التيسير – على ما نبّه عليه الناظم من أنّ قياس التخفيف عند النحاة إبدال الهمزة ياءً مكسورة وبه أخذ مكّي وابن شريح. وليس معنى كلامه أنّ كلّ القراء سهّلوا وكلّ النحاة أبدلوا بل الأكثر من الكلّ على ما ذكروا الأقلّ على العكس ، ووافق في قوله : وفي النحو أبدلا قول مكي ، والنحويون يقولون إنّ الثانية ياء مكسورة."(كنز المعاني 2/416 الطبعة المغربية).
وقال الإمام أبي الأصبغ السُماتيّ الإشبيليّ (ت560) في كتابه كتاب تحصيل الهمزتين ص 132 و133 : "فمنهم من حققهما معاً ومنهم من سهّل الثانية ، وأبو عمرو من جملتهم ، وتسهيلها عندهم بإبدالها ياءً مكسورة بدلاً محضاً ، إعلاماً بأنّ أصلها السكون ، والهمزة الساكنة حقّها البدل ، فهي على مراعاة الأصل من باب الهمز المفرد، ومن مصيرها من باب الهمزتين كما قلنا."
أقول : وجه الإبدال ثابت بالرواية الصحيحة عن أهل الأداء كما صرّح ابن الجزريّ وكونه مذهب النحويّين لا يعني القدح في صحّته بل ذلك يُقوّيه من جهة القياس ، وقد أقتصر عليه دون التسهيل الكثير من المحققين من أهل الأداء كابن شريح وأبو العزّ القلانسي وابن الباذش وصاحب القصيدة الحصرية وغيرهم وهو المقروء به من طريق مكي القيسي ، وبه أخذ الكثير من المغاربة من طريق الداني كما سيأتي بيانه.
إنّ شرّاح الشاطبيّة المتقدّمين لم يُضعّفوا وجه الإبدال في {أئمّة} .
قال السخاوي في فتح الوصيد : "وقوله – أي الشاطبيّ - : وفي النحو أبدلا : يريد أنّ من النحويين من لا يجوّز فيها غير البدل نظراً إلى الأصل وعلى ذلك أبو علي – أي الفارسي- ومن تبعه." (ص1/353).
وقال الفاسي في شرحه على الشاطبية : إخبار بمذهب بعض النحويين في هذه الهمزة ،فإنّهم يبدلونها ياءً ويضعّفون تحقيقها وتسهيلها بين بين وعلى ذلك أبو علي ومن تبعه.انتهى كلامه (1/254). وهو معنى قول أبي شامة أيضاً إلاّ أنّه أضاف : "ولم يذكر صاحب التيسير إبدالها ياءً ولا ذكر مسألة {أئمة} في هذا الباب وإنّما ذكرها في سورة براءة." (إبراز المعاني 1/368).
وقال الجعبري : "ولم يُنبّه – أي الداني في التيسير – على ما نبّه عليه الناظم من أنّ قياس التخفيف عند النحاة إبدال الهمزة ياءً مكسورة وبه أخذ مكّي وابن شريح. وليس معنى كلامه أنّ كلّ القراء سهّلوا وكلّ النحاة أبدلوا بل الأكثر من الكلّ على ما ذكروا الأقلّ على العكس ، ووافق في قوله : وفي النحو أبدلا قول مكي ، والنحويون يقولون إنّ الثانية ياء مكسورة."(كنز المعاني 2/416 الطبعة المغربية).
أقول : ليس في كلامهم ما يدلّ أنّ وجه الإبدال غير مقروء به ، بل كلامهم يدلّ فقط أنّ بعض أهل اللغة من لا يُجوّز إلاّ وجه الإبدال فضعّفوا وجه التحقيق والتسهيل باعتبار الأصل وهو {أَأْممة} إذ الهمزة الساكنة في هذا النحو يلزمها البدل. وهذا لا يدلّ على ضعفة من جهة الرواية البتة بل قد تتقوىّ الرواية به من جهة القياس إن ثبتت كما مرّ ، وقد علمنا أنّه ثابت بالرواية عن أهل الأداء. لذا اقتصر عليه ابن الباذش في كتابه الإقناع وأخذ بمذهب مكيّ القيسي دون الداني ، مع أنّ مصدر كتاب الإقناع هو التبصرة والتيسير فاختار وجه الإبدال واقتصر عليه لثبوته في الرواية ولقوّته من جهة القياس.
أمّا كون الإبدال في {أئمّة} ليس من طرق الشاطبيّة والتيسير ففيه نظر.
فأمّا من التيسير فقد اختلف المغاربة في ذلك فمنهم من منع وجه الإبدال من طريق التيسير كما هو ظاهر عبارة الداني في التيسير وفي غير التيسير. قال الداني في التيسير :"قرأ الكوفيون وابن عامر{أئمة الكفر} بهمزتين حيث وقع وأدخل هشام من قراءتي على أبي الفتح بينهما ألفاً والباقون بهمزة ، وياء مختلسة الكسرة من غير مد" (ص302). أقول: ومراده بياء مختلسة الكسر بين بين لقول ابن الجزريّ بعد عزوه وجه التسهيل لأصحابه : "وهو – أي التسهيل بين بين – معنى قول صاحبي التيسير والتذكرة وغيرهما بياء مختلسة الكسرة."(النشر1/379). وقال أبو عمرو الداني في جامع البيان : "وإنّما يتحقّق إبدالها ياءً محضة الكسرة في مذهب من لم ير التحقيق ولا بالفصل ، وهو مذهب عامّة النحويين والبصريين ، فأمّا من يرى ذلك وهو مذهب أئمّة القراء ، فلا يكون إلاّ بين بين."(ص534). أقول : إنّ كلام الداني صريح في اقتصاره على وجه التسهيل دون الإبدال.
وذهب الكثير من المغاربة إلى أنّ وجه الإبدال مقروء به من طريق الداني بل وصل الأمر إلى بعضهم الاقتصار عليه دون التسهيل. قال المنتوري (ت834) في شرحه على الدرر: "وذكر الأدفُويّ في الإبانة ، ومكي في الرعاية والكشف ، وابن سفيان في الهادي ، والمهدوي في الشرح ، وابن شريح في الكافي والتذكير ، وابن شعيب في الاعتماد ، وابن مطرّف في البديع ، وابن الطفيل في الغنية ، إبدال الثانية من {أئمّة} ياء محضة ، وقال الحصريّ في قصيدته :
ولا بدّ من إبدالها في أئمّة ......فصَحْوَكَ إنّ الجاهلين لفي سُكْر.
قلتُ – أي المنتوري- وكان شيخنا الأستاذ أبو عبد الرحمن القيجاطي رضي الله عنه يأخذ من طريق الداني في {أئمّة} لنافع ، وابن كثير وأبي عمرو بياء خالصة ، وبذلك قرأت عليه وبه آخذ. وقلتُ له : تأخذ في مذهب أهل التخفيف من طريق الداني بالإبدال ، وهو قد نصّ على التسهيل بين بين ، وأخبر أنّه مذهب القراء ؟ فقال لي : نصوص المتقدّمين من القراء في {أئمّة} محتملة ، فينبغي أن تحمل على الإبدال ، كما حملها الكثير من المتأخّرين لأنّ سيبويه منع فيها التسهيل بين بين.". ثمّ قال المنتوري : واعلم أن أنّ ثلاثة من المقرئين سبقوا شيخنا رحمه الله فأخذوا في أئمّة من طريق الداني لأهل التخفيف بإبدال الثانية ياء خالصة ، أوّلهم ابن الباذش ، قال في الإقناع : إنّ حكم التخفيف في {أئمّة} عند النحويين والقراء الإبدال ياءً محضة ، لأنّها من كلمة واحدة. قال – أي ابن الباذش- وهكذا نصّ عليه سيبويه ، وثانيهم أبو بكر القرطبي ، قال في أرجوزته : ولكنّ في أئمّة حيث ورد ........فأخلص الياء هُديتَ للرّشد. وثالثهم برهان الدين الجعبريّ ، ذكر في قصيدته أنّ نافعاً وابن كثير وأبا عمرو ، قرءوا {أئمّة} بالياء." انتهى كلام المنتوري عليه رحمة الله تعالى (1/280،281).
وقال ابن المرابط (ت552) في كتابه التقريب والحرش المتضمّن لقراءة قالون وورش : "وأمّا قوله : {أئمّة} حيث وقع فيجوز أن تُجعل الهمزةُ الثانية ياء مكسورة كسرة خالصة ، وهو مذهب النحويين ، ويجوز أن تُجعل بين الهمزة والياء كما يُفعلُ في مثل {أئذا} و { أئفكاً} وما أشبه ذلك وهو مذهب القراء."(ص91). أقول قد سلك ابن المرابط في كتابه التقريب طريق الداني في كتابه التيسير وقد أثبت وجه الإبدال من طريقه وهو من قدماء المغاربة.
أقول : من خلال ما سبق فالقول بأنّ الإبدال ليس من طريق التيسير وإن كنت أميل إليه إلاّ أنّه غير مسلّم به لثبوته عن الكثير من أعلام المغاربة القدامى كابن الباذش وابن الرابط وغيرهم.
وأمّا الشاطبية فليس ثمّة دليل يُثبت أنّ الإبدال ليس من طرقها. فالإبدال من زيادات الشاطبيّة على التيسير ومصادر هذه الزيادات مجهولة لحدّ الآن. قال العلامة المتولّي عليه رحمة الله تعالى : " وكذلك منع الشيخ سلطان وتابعوه – أي ترقيق ذكراً- على التوسط – أي توسط البدل- منالشاطبية ، ولا أدري ما علّة ذلك لأنّ الترقيق من زيادات القصيدة على التيسيروطرقها مجهولة ، وليس في كلامهم ما يُعيّنها وغاية ما في النشر أنّه أوصل سندالشاطبي عن النفزي إلى صاحب التيسير من قراءته على ابن خاقان فقط وسكت عن ما وراءذلك له في طريق الأزرق ، وقد أقرّ بذلك حيث قال- أي ابن الجزري- "مع أنّا لم نعدللشاطبي – رحمه الله – وأمثاله إلى صاحب التيسير وغيره سوى طريق واحدة وإلاّ فلوعددنا طرقنا وطرقهم لتجاوزت الألف ، وهذا علمٌ أُهمل وباب أُغلق وهو السبب الأعظمفي ترك الكثير من القراءات والله تعالى يحفظ ما بقي " . ومن تأمّل قوله : " فلوعددنا طرقنا وطرقهم " قطع بأنّ ما زاده الشاطبي على التيسير ليس من طرق النشر ، فلايُقال :" الترقيق مثلاً للنشر من الشاطبية " وهذه دقيقة لم أر من نبّه عليها ، فمنزعم بعد ذلك أنّ تحرير هذه الزيادة يؤخذ من النشر لم يدر حقيقة ما يقول " (روض النضير ص 268 و269).
وقال عند تعرّضه لتحرير أوجه اللين المهموز لورش ، فقالعليه رحمة الله تعالى : " وأمّا تحرير المسألة – أي أوجه اللين - من طريق الشاطبيةفكما ذكرنا ، فهذا مشهورٌ وتفريعنا عليه ولكنّي لا أدري من أين ذلك ؟ لأنّ طرقالشاطبية التي زادها على التيسير مجهولة وهذا أمرٌ متوقّف على معرفتها ، ولم يُبرّرأحد ممن قال بذلك شيئاً منها " ( روض النضير ص253 طبعة دار الصحابة).
أقول : إن كانت مصادر زيادات الشاطبية على التيسير مجهولة فعلى أيّ أساس يُحكم أنّ الإبدال في {أئمّة} ليس من طرق الشاطبية ؟
وأمّا كون الإبدال لم يقرأ به صاحب غيث النفع : فلا يدلّ أنّه غير مقروء به من طريق الحرز ، وقد قرأ به غيره من متقدّميه من أهل الأداء وما منعوه وكلام صاحب النشر واضح صريح لاغبار عليه.
الخلاصة :
نخلص ممل سبق أنّ وجه الإبدال في {أئمّة} مقروء به من الشاطبيّة ثابت بالرواية غير ممنوع عند المحققين الشارحين للقصيدة وغيرهم. وقد قرأ به الجهابذة المتأخرون كالعلامة ملا علي القارئ وكذا العلامة المتولّي والضباع والحسيني وغيرهم من المعاصرين وليس هناك ما يدلّ دلالة واضحة على أنّ وجه الإبدال خارج من طرق الشاطبية لا سيما إن كانت مصادر زياداتها على التيسير غير محصورة ومعلومة. والعلم عند الله تعالى.
أكتفي بهذا القدر والحمد لله ربّ العالمين
عند مطالعتي لكتاب الضابطيّةُ للشاطبيّة اللاميّةللعلامة ملا علي القارئ (ت1014) وقفت على تعليقه لكلام الشاطبيّ عليه رحمة الله تعالى : (وسهّل سما وصفاً وفي النحو أبدلا):فقال عليه رحمة الله تعالى مستدركاً عليه : "فقلتُ : (وسهّل سما وأبدل وفي النحو فُضّلاَ) ، أي فُضّل الإبدال عند النحاة عكس القراء حيث فُضّل التسهيل عندهم مع اتّفاق الفريقين على جواز الوجهين."انتهى كلامه عليه رحمة الله تعالى. قال المحقق للكتاب : "قلتُ : وجه اعتراض المؤلف هنا غير صحيح لأنّ وجه الإبدال مع كونه صحيحاً متواتراً إلاّ أنّه ليس من طريق الشاطبية ولا يُقرأ به من طريق التيسير." انتهى كلامه. ثمّ نقل كلام صاحب غيث النفع ، وذكر بعض المراجع كالنشر والوافي في شرح الشاطبية للشيخ القاضي عليه رحمة الله تعالى.
وكنت أظنّ في البداية أنّ صاحب النشر هو الذي ضعّف وجه الإبدال في {أئمّة} من الشاطبية ولكنّي لما رجعت إلى النشر وجدتّ خلاف ذلك إذ لم يشر لا من قريب ولا من بعيد إلى ضعفه ، فعرفت أنّ مصدر التضعيف لوجه الإبدال هو كتاب غيث النفع للصفاقسي وتبعه في ذلك الشيخ عبد الفتاح القاضي في البدور الزاهرة والوافي ومن ثمّ صار هذا الوجه غير معمول به بعد ما استقرّ عليه العمل بدليل أنّ كلاً من المتولّي والضباع والحسيني عليهم رحمة الله تعالى أخذوا بالوجهين جميعاً أي التسهيل والإبدال من طريق الشاطبية. قال العلامة المتولي (ت1313) في كتابه فتح المعطي : (أئمّةٍ الإبدالُ جاز عن الملا). ثمّ قال في شرحه : ويزاد له أيضاً إبدال الثانية ياء مكسورة وهو وجه وجيه."(ص22 طبعة مكتبة القاهرة). وقال العلامة الضباع في إرشاد المريد عند شرحه لكلام الشاطبيّ عليه رحمة الله تعالى : (وسهّل سما وصفاً وفي النحو أُبدلا)"وسهّل أيّها المخاطب همزته الثانية عن نافع وابن كثير وأبي عمرو ، وحققها للباقين ، وجاء عن النحاة إبدالها ياء خالصة ، وأجاز هذا الوجه لنافع وابن كثير وأبي عمرو : صاحب النشر ، وإليه أشار صاحب إتحاف البريّة لقوله : وأئمّة سهّل وأبدل لنافع.....ومك وبصري ففي النشر عوّلا."
ومن هنا يتّضح أنّ وجه الإبدال في {أئمّة} كان معمولاً به لا سيما في مصر ثمّ بدأ يندثّر بعد ما َضعفّه الشيخ عبد الفتاح القاضي في البدور والوافي تبعاً لصاحب غيث النفع. وقد قرأنا بالوجهين على بعض تلامذة الشيخ يخلف شراطي رحمه الله تعالى ثمّ تركنا العمل به اعتماداً على كلام الشيخ القاضي والصفاقسي.
قال الصفاقسي في كتابه غيث النفع : "وأمّا أبدالها ياءً محضة فهو وإن كان صحيحاً متواتراً فلا يُقرأ به من طريق الشاطبيّ لأنّه نسبه إلى النحويين يعني معظمهم ولم أقرأ به من طريقه على شيخنا رحمه الله."(ص270).
وقال الشيخ عبد الفتاح القاضي في البدور الزاهرة : "وأمّا إبدالها ياء محضة لنافع ومن معه فليس من طرق الحرز وأصله ، بل هو من طريق النشر."
من خلال كلام الصفاقسي والقاضي ندرك أنّ سبب التضعيف لوجه الإبدل :
- كون الشاطبيّ نسبه إلى النحويين.
- وكونه ليس من طرق الشاطبية والتيسير.
- كونه لم يقرأ به الصفاقسي عن شيوخه من طريق الشاطبية.
أمّا كونه منسوب إلى النحويين فليس دليلاً على ضعفه إن ثبت بالرواية عن أهل الأداء.
قال ابن الجزريّ عليه رحمة الله تعالى عند ذكر أصحاب مذهب التسهيل : "وذهب آخرون منهم إلى أنها تجعل ياء خالصة نص على ذلك أبو عبد الله بن شريح في كافيه وأبو العز القلانسي في إرشاده وسائر الواسطيين وبه قرأت من طريقهم قال أبو محمد بن مؤمن في كنزه : "إن جماعة من المحققين يجعلونها ياء خالصة." وأشار إليه أبو محمد مكي والداني في جامع البيان والحافظ أبو العلاء والشاطبي وغيرهم أنه مذهب النحاة" (النشر 1/379). وقال ردًاً على الزمخشريّ في الكشاف : "وأما التصريح بالياء فليس بقراءة ولا يجوز أن تكون ومن صرح به فهو لاحن محرف. (قلت) – أي ابن الجزريّ - وهذا مبالغة منه والصحيح ثبوت كل الوجوه الثلاثة أعني التحقيق وبين بين والياء المحضة عن العرب وصحته في الرواية كما ذكرناه عمن تقدم ولكل وجه في العربية سائغ قبوله والله أعلم." (1/380).
وأهل الأداء اليوم يقرؤون بالإبدال من بعض طرق الطيّبة ولو كانت العلّة في تضعيفه أنّه مذهب النحويين لسقط العمل به من جميع الطرق. ومن الطرق التي يُقرأ منها بوجه الإبدال كتاب التبصرة لمكّي القيسي وقد صرّح فيه بأنّه مذهب النحاة فلماذا يُقرأ به الآن من طريقه من الطيّبة إذن ؟. قال مكي القيسي في كتابه التبصرة في القراءات السبع : "قرأ الكوفيون وابن عامر{أئمة} بهمزتين محققتين حيث وقع ، وقرأ الباقون بتحقيق الأولى وتسهيل الثانية ، والنحويّون يقولون إنّ الثانية ياءً مكسورة."(ص226). وقد اقتصر على الإبدال كلّ من أسند الرواية من طريق مكي القيسي كما هو مذهب صاحب القصيدة الحصرية الذي يقول : ولا بدّ من إبدالها في أئمّة ......فصَحْوَكَ إنّ الجاهلين لفي سُكْر. قال ابن عظيمة الإشبيلي (ت543) في كتابه منح الفريدة الحمصية في شرح القصيدة الحصرية عند قول الناظم : "ولا بد من إبدالها في {أئمّة} ، "وقرأ وإبدال الثانية ياء محضة ولا تلتفت إلى من يرى تسهيلها بين بين".ص308).
وقال الجعبري عليه رحمة الله تعالى : "ولم يُنبّه – أي الداني في التيسير – على ما نبّه عليه الناظم من أنّ قياس التخفيف عند النحاة إبدال الهمزة ياءً مكسورة وبه أخذ مكّي وابن شريح. وليس معنى كلامه أنّ كلّ القراء سهّلوا وكلّ النحاة أبدلوا بل الأكثر من الكلّ على ما ذكروا الأقلّ على العكس ، ووافق في قوله : وفي النحو أبدلا قول مكي ، والنحويون يقولون إنّ الثانية ياء مكسورة."(كنز المعاني 2/416 الطبعة المغربية).
وقال الإمام أبي الأصبغ السُماتيّ الإشبيليّ (ت560) في كتابه كتاب تحصيل الهمزتين ص 132 و133 : "فمنهم من حققهما معاً ومنهم من سهّل الثانية ، وأبو عمرو من جملتهم ، وتسهيلها عندهم بإبدالها ياءً مكسورة بدلاً محضاً ، إعلاماً بأنّ أصلها السكون ، والهمزة الساكنة حقّها البدل ، فهي على مراعاة الأصل من باب الهمز المفرد، ومن مصيرها من باب الهمزتين كما قلنا."
أقول : وجه الإبدال ثابت بالرواية الصحيحة عن أهل الأداء كما صرّح ابن الجزريّ وكونه مذهب النحويّين لا يعني القدح في صحّته بل ذلك يُقوّيه من جهة القياس ، وقد أقتصر عليه دون التسهيل الكثير من المحققين من أهل الأداء كابن شريح وأبو العزّ القلانسي وابن الباذش وصاحب القصيدة الحصرية وغيرهم وهو المقروء به من طريق مكي القيسي ، وبه أخذ الكثير من المغاربة من طريق الداني كما سيأتي بيانه.
إنّ شرّاح الشاطبيّة المتقدّمين لم يُضعّفوا وجه الإبدال في {أئمّة} .
قال السخاوي في فتح الوصيد : "وقوله – أي الشاطبيّ - : وفي النحو أبدلا : يريد أنّ من النحويين من لا يجوّز فيها غير البدل نظراً إلى الأصل وعلى ذلك أبو علي – أي الفارسي- ومن تبعه." (ص1/353).
وقال الفاسي في شرحه على الشاطبية : إخبار بمذهب بعض النحويين في هذه الهمزة ،فإنّهم يبدلونها ياءً ويضعّفون تحقيقها وتسهيلها بين بين وعلى ذلك أبو علي ومن تبعه.انتهى كلامه (1/254). وهو معنى قول أبي شامة أيضاً إلاّ أنّه أضاف : "ولم يذكر صاحب التيسير إبدالها ياءً ولا ذكر مسألة {أئمة} في هذا الباب وإنّما ذكرها في سورة براءة." (إبراز المعاني 1/368).
وقال الجعبري : "ولم يُنبّه – أي الداني في التيسير – على ما نبّه عليه الناظم من أنّ قياس التخفيف عند النحاة إبدال الهمزة ياءً مكسورة وبه أخذ مكّي وابن شريح. وليس معنى كلامه أنّ كلّ القراء سهّلوا وكلّ النحاة أبدلوا بل الأكثر من الكلّ على ما ذكروا الأقلّ على العكس ، ووافق في قوله : وفي النحو أبدلا قول مكي ، والنحويون يقولون إنّ الثانية ياء مكسورة."(كنز المعاني 2/416 الطبعة المغربية).
أقول : ليس في كلامهم ما يدلّ أنّ وجه الإبدال غير مقروء به ، بل كلامهم يدلّ فقط أنّ بعض أهل اللغة من لا يُجوّز إلاّ وجه الإبدال فضعّفوا وجه التحقيق والتسهيل باعتبار الأصل وهو {أَأْممة} إذ الهمزة الساكنة في هذا النحو يلزمها البدل. وهذا لا يدلّ على ضعفة من جهة الرواية البتة بل قد تتقوىّ الرواية به من جهة القياس إن ثبتت كما مرّ ، وقد علمنا أنّه ثابت بالرواية عن أهل الأداء. لذا اقتصر عليه ابن الباذش في كتابه الإقناع وأخذ بمذهب مكيّ القيسي دون الداني ، مع أنّ مصدر كتاب الإقناع هو التبصرة والتيسير فاختار وجه الإبدال واقتصر عليه لثبوته في الرواية ولقوّته من جهة القياس.
أمّا كون الإبدال في {أئمّة} ليس من طرق الشاطبيّة والتيسير ففيه نظر.
فأمّا من التيسير فقد اختلف المغاربة في ذلك فمنهم من منع وجه الإبدال من طريق التيسير كما هو ظاهر عبارة الداني في التيسير وفي غير التيسير. قال الداني في التيسير :"قرأ الكوفيون وابن عامر{أئمة الكفر} بهمزتين حيث وقع وأدخل هشام من قراءتي على أبي الفتح بينهما ألفاً والباقون بهمزة ، وياء مختلسة الكسرة من غير مد" (ص302). أقول: ومراده بياء مختلسة الكسر بين بين لقول ابن الجزريّ بعد عزوه وجه التسهيل لأصحابه : "وهو – أي التسهيل بين بين – معنى قول صاحبي التيسير والتذكرة وغيرهما بياء مختلسة الكسرة."(النشر1/379). وقال أبو عمرو الداني في جامع البيان : "وإنّما يتحقّق إبدالها ياءً محضة الكسرة في مذهب من لم ير التحقيق ولا بالفصل ، وهو مذهب عامّة النحويين والبصريين ، فأمّا من يرى ذلك وهو مذهب أئمّة القراء ، فلا يكون إلاّ بين بين."(ص534). أقول : إنّ كلام الداني صريح في اقتصاره على وجه التسهيل دون الإبدال.
وذهب الكثير من المغاربة إلى أنّ وجه الإبدال مقروء به من طريق الداني بل وصل الأمر إلى بعضهم الاقتصار عليه دون التسهيل. قال المنتوري (ت834) في شرحه على الدرر: "وذكر الأدفُويّ في الإبانة ، ومكي في الرعاية والكشف ، وابن سفيان في الهادي ، والمهدوي في الشرح ، وابن شريح في الكافي والتذكير ، وابن شعيب في الاعتماد ، وابن مطرّف في البديع ، وابن الطفيل في الغنية ، إبدال الثانية من {أئمّة} ياء محضة ، وقال الحصريّ في قصيدته :
ولا بدّ من إبدالها في أئمّة ......فصَحْوَكَ إنّ الجاهلين لفي سُكْر.
قلتُ – أي المنتوري- وكان شيخنا الأستاذ أبو عبد الرحمن القيجاطي رضي الله عنه يأخذ من طريق الداني في {أئمّة} لنافع ، وابن كثير وأبي عمرو بياء خالصة ، وبذلك قرأت عليه وبه آخذ. وقلتُ له : تأخذ في مذهب أهل التخفيف من طريق الداني بالإبدال ، وهو قد نصّ على التسهيل بين بين ، وأخبر أنّه مذهب القراء ؟ فقال لي : نصوص المتقدّمين من القراء في {أئمّة} محتملة ، فينبغي أن تحمل على الإبدال ، كما حملها الكثير من المتأخّرين لأنّ سيبويه منع فيها التسهيل بين بين.". ثمّ قال المنتوري : واعلم أن أنّ ثلاثة من المقرئين سبقوا شيخنا رحمه الله فأخذوا في أئمّة من طريق الداني لأهل التخفيف بإبدال الثانية ياء خالصة ، أوّلهم ابن الباذش ، قال في الإقناع : إنّ حكم التخفيف في {أئمّة} عند النحويين والقراء الإبدال ياءً محضة ، لأنّها من كلمة واحدة. قال – أي ابن الباذش- وهكذا نصّ عليه سيبويه ، وثانيهم أبو بكر القرطبي ، قال في أرجوزته : ولكنّ في أئمّة حيث ورد ........فأخلص الياء هُديتَ للرّشد. وثالثهم برهان الدين الجعبريّ ، ذكر في قصيدته أنّ نافعاً وابن كثير وأبا عمرو ، قرءوا {أئمّة} بالياء." انتهى كلام المنتوري عليه رحمة الله تعالى (1/280،281).
وقال ابن المرابط (ت552) في كتابه التقريب والحرش المتضمّن لقراءة قالون وورش : "وأمّا قوله : {أئمّة} حيث وقع فيجوز أن تُجعل الهمزةُ الثانية ياء مكسورة كسرة خالصة ، وهو مذهب النحويين ، ويجوز أن تُجعل بين الهمزة والياء كما يُفعلُ في مثل {أئذا} و { أئفكاً} وما أشبه ذلك وهو مذهب القراء."(ص91). أقول قد سلك ابن المرابط في كتابه التقريب طريق الداني في كتابه التيسير وقد أثبت وجه الإبدال من طريقه وهو من قدماء المغاربة.
أقول : من خلال ما سبق فالقول بأنّ الإبدال ليس من طريق التيسير وإن كنت أميل إليه إلاّ أنّه غير مسلّم به لثبوته عن الكثير من أعلام المغاربة القدامى كابن الباذش وابن الرابط وغيرهم.
وأمّا الشاطبية فليس ثمّة دليل يُثبت أنّ الإبدال ليس من طرقها. فالإبدال من زيادات الشاطبيّة على التيسير ومصادر هذه الزيادات مجهولة لحدّ الآن. قال العلامة المتولّي عليه رحمة الله تعالى : " وكذلك منع الشيخ سلطان وتابعوه – أي ترقيق ذكراً- على التوسط – أي توسط البدل- منالشاطبية ، ولا أدري ما علّة ذلك لأنّ الترقيق من زيادات القصيدة على التيسيروطرقها مجهولة ، وليس في كلامهم ما يُعيّنها وغاية ما في النشر أنّه أوصل سندالشاطبي عن النفزي إلى صاحب التيسير من قراءته على ابن خاقان فقط وسكت عن ما وراءذلك له في طريق الأزرق ، وقد أقرّ بذلك حيث قال- أي ابن الجزري- "مع أنّا لم نعدللشاطبي – رحمه الله – وأمثاله إلى صاحب التيسير وغيره سوى طريق واحدة وإلاّ فلوعددنا طرقنا وطرقهم لتجاوزت الألف ، وهذا علمٌ أُهمل وباب أُغلق وهو السبب الأعظمفي ترك الكثير من القراءات والله تعالى يحفظ ما بقي " . ومن تأمّل قوله : " فلوعددنا طرقنا وطرقهم " قطع بأنّ ما زاده الشاطبي على التيسير ليس من طرق النشر ، فلايُقال :" الترقيق مثلاً للنشر من الشاطبية " وهذه دقيقة لم أر من نبّه عليها ، فمنزعم بعد ذلك أنّ تحرير هذه الزيادة يؤخذ من النشر لم يدر حقيقة ما يقول " (روض النضير ص 268 و269).
وقال عند تعرّضه لتحرير أوجه اللين المهموز لورش ، فقالعليه رحمة الله تعالى : " وأمّا تحرير المسألة – أي أوجه اللين - من طريق الشاطبيةفكما ذكرنا ، فهذا مشهورٌ وتفريعنا عليه ولكنّي لا أدري من أين ذلك ؟ لأنّ طرقالشاطبية التي زادها على التيسير مجهولة وهذا أمرٌ متوقّف على معرفتها ، ولم يُبرّرأحد ممن قال بذلك شيئاً منها " ( روض النضير ص253 طبعة دار الصحابة).
أقول : إن كانت مصادر زيادات الشاطبية على التيسير مجهولة فعلى أيّ أساس يُحكم أنّ الإبدال في {أئمّة} ليس من طرق الشاطبية ؟
وأمّا كون الإبدال لم يقرأ به صاحب غيث النفع : فلا يدلّ أنّه غير مقروء به من طريق الحرز ، وقد قرأ به غيره من متقدّميه من أهل الأداء وما منعوه وكلام صاحب النشر واضح صريح لاغبار عليه.
الخلاصة :
نخلص ممل سبق أنّ وجه الإبدال في {أئمّة} مقروء به من الشاطبيّة ثابت بالرواية غير ممنوع عند المحققين الشارحين للقصيدة وغيرهم. وقد قرأ به الجهابذة المتأخرون كالعلامة ملا علي القارئ وكذا العلامة المتولّي والضباع والحسيني وغيرهم من المعاصرين وليس هناك ما يدلّ دلالة واضحة على أنّ وجه الإبدال خارج من طرق الشاطبية لا سيما إن كانت مصادر زياداتها على التيسير غير محصورة ومعلومة. والعلم عند الله تعالى.
أكتفي بهذا القدر والحمد لله ربّ العالمين