الأنبياء والجبال؟

إنضم
07/05/2004
المشاركات
2,562
مستوى التفاعل
13
النقاط
38
الإقامة
الخبر - المملكة ا
الموقع الالكتروني
www.islamiyyat.com
لاحظت وأنا أقرأ القرآن منذ أيام أن لكل نبي علاقة ما بجبل ما فمثلاً سيدنا موسى مع جبل الطور وسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام مع جبل ثور وسيدنا نوح مع ابنه الذي آوى إلى جبل وسيدنا إبراهيم مع الطير جيث جعل على كل جبل جزء من الطير التي قطعها ثم أصحاب الحجر الذين كانوا ينحتون من الجبال بيوتاً وهكذا.
فهل هناك من كتب في هذه المسألة من هذا الباب أم نترك الموضوع لاجتهاد علمائنا الأفاضل في هذا الملتقى ليبحثوا لنا سر الارتباط هذا؟
 
الأخت الفاضلة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لا أعتقد أن هناك سر بالمعنى الحرفي للكلمة

وإنما هناك مناسبة وعلاقة بين الحدث والبئية التي عاش فيها الأنبياء.

ثم ليس هناك استقراء تام يشير إلى أن ما من نبي إلا وكان للجبل معه ذكر.

وعلى أي حال هي ملاحظة جيدة.

وأما بخصوص نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فعلاقته بالجبال جديرة بالاهتمام حيث بدأت بجبل النور ونزول الوحي وأنتهت بجوار أحد الذي قال عنه صلى الله عليه وسلم : "أحد جبل يحبنا ونحبه".
 
السلام عليكم و بعد
ينتبه إلي أن اللتماس الرابط بين الجبال و الأنبياء يحوم حوله كثير من الصوفية قصد الاستدلال لخلواتهم و اعتزالهم - طبعا البدعي - و قد تناقشت مع بعض الصوفية هنا عندنا في تلمسان حول هذا الموضوع بالذات !!! نسأل الله لهم الهداية ......
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
مراجعة

مراجعة

( لاحظت وأنا أقرأ القرآن منذ أيام أن لكل نبي علاقة ما بجبل ما فمثلاً سيدنا موسى مع جبل الطور وسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام مع جبل ثور وسيدنا نوح مع ابنه الذي آوى إلى جبل وسيدنا إبراهيم مع الطير جيث جعل على كل جبل جزء من الطير التي قطعها ثم أصحاب الحجر الذين كانوا ينحتون من الجبال بيوتاً وهكذا.
فهل هناك من كتب في هذه المسألة من هذا الباب أم نترك الموضوع لاجتهاد علمائنا الأفاضل في هذا الملتقى ليبحثوا لنا سر الارتباط هذا؟ )

قلت : وهنا مراجعة فأحببت التنبُّه لها :
( الذي آوى ) صوابه : الذي قال سآوى إلى جبل
أو : الذي أوى
فالفعل ( آوى ) متعدٍ بنفسه
و الفعل ( أوى ) متعدٍ بحرف الجر ( إلى)
وأصل ( سآوي ) : سأأوي ، السين للاستقبال ، والهمزة الأولى للمضارعة ، والباقي ( أوى ) الثلاثي
أما ( آوى ) الرباعي بزنة فاعَل ، فهو متعد بنفسه ومنه قوله تعالى : ( ألم يجدك يتيما فآوى ) أي : فآواك ، وحذف المفعول لعلة بلاغية معروف .

وبالله التوفيق .
 
بارك الله بكم إخواني الكرام على التعقيبات. سؤالي كان مجرد محاولة للتدبر فأحببت أن أطرحه للمناقشة والفائدة منكم.
أشكر أخي الكريم منصور على اللفتة العربية القيمة بارك الله فيك وعذراً على الخطأ في التعبير. شاكرة ومقدرة تنبيهك ومراجعتك فمنكم نستفيد جزاك الله تعالى كل خير
 
لفتة ذكيَّة حقاً.
وهي تصدق على نوح عليه السلام وقد ذكر الجبل في قصته عندما أخبره ابنه أنه سيأوي للجبل هرباً من الطوفان فكان ما كان، وذكر عند استواء السفينة على جبل الجودي . [FONT=QCF_BSML]ﭽ [/FONT][FONT=QCF_P226]ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ [/FONT][FONT=QCF_BSML]ﭼ[/FONT]
وتصدق على قوم هود وصالح ، في مثل قوله [FONT=QCF_BSML]ﭽ [/FONT][FONT=QCF_P266]ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ [/FONT][FONT=QCF_BSML]ﭼ [/FONT]وقوله تعالى :[FONT=QCF_BSML]ﭽ [/FONT][FONT=QCF_P373]ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ [/FONT][FONT=QCF_BSML]ﭼ[/FONT]
وتصدق على إبراهيم عليه السلام في قصته مع الطير .[FONT=QCF_BSML]ﭽ [/FONT][FONT=QCF_P044]ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭚ ﭛ ﭜ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ [/FONT][FONT=QCF_BSML]ﭼ[/FONT]
وتصدق على موسى مع جبل الطور. [FONT=QCF_BSML]ﭽ [/FONT][FONT=QCF_P167]ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯩ ﯪ ﯫ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ [/FONT][FONT=QCF_BSML]ﭼ[/FONT].
وتصدق على داود عليه السلام في قوله : [FONT=QCF_BSML]ﭽ [/FONT][FONT=QCF_P328]ﮦ ﮧ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮮ ﮯ ﮰ ﯓ ﯔ ﯖ ﯗ ﯘ [/FONT][FONT=QCF_BSML]ﭼ [/FONT]وفي قوله : [FONT=QCF_BSML]ﭽ [/FONT][FONT=QCF_P429]ﮃ[/FONT][FONT=QCF_P429] ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮋ ﮌ ﮍ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ [/FONT][FONT=QCF_BSML]ﭼ[/FONT] . وفي قوله : [FONT=QCF_BSML]ﭽ [/FONT][FONT=QCF_P454]ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ [/FONT][FONT=QCF_BSML]ﭼ[/FONT]
وتصدق على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم مع جبل ثور (غار حراء) ، ومع جبل أحد .
وهي مرتبطة بالبيئات التي عاش فيها الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في الجزيرة العربية ومصر والشام، والجبل مرتبط بالمنعة والحماية والشموخ، وهي معانٍ ظاهرة في الآيات التي ذكرت فيها، فذكر الجبال في قصة نوح عليه الصلاة والسلام مرتبطة بالمنعة والحماية من الطوفان، وفي قصة داود عليه السلام يظهر معنى القوة والمنعة في تسخير الجبال له ، وكذلك في قصة موسى عليه السلام فقد كان جبل الطور بركة وقوة لموسى جاءه الوحي على ذلك الجبل المبارك، وانطلق يحمل الرسالة منه إلى فرعون وبني إسرائيل. وأما في قصة النبي صلى الله عليه وسلم فهو كذلك كان يأوي إلى الغار في جبل ثور هرباً من الناس وأنساً بالله وحباً للخلوة ، وفي هذا تزود من التقوى يعينه على أعباء الرسالة فيما بعد، وكذلك عندما فر إلى الغار في قصة الهجرة التي ذكر فيها الغار وهو في الجبل .
هذه مجرد خواطر أثارها موضوع الدكتورة سمر وفقها الله ، والموضوع يحتاج إلى عمق في التأمل والتحليل للآيات الكريمة السابقة وغيرها مما لم أذكره .
 
صحيح أن الأنبياء مرتبطون ببيئتهم ، لكن تكرار ذكر الشيء الواحد في حياتهم مما يدعو إلى التأمل والنظر .
استطراد :
إن من ينظر في حال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم قبل البعثة ( أي : قبل التكليف ) وحرصه على التحنث في الجبال دون السهول والوديان = فإن هذا النظر يدعوه إلى أن القضية بحاجة إلى بحث علاقة التعبد بالجبال دون غيرها .
وإن قال قائل : إن حال النبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة ليس مما يُهتدى به إلا بما وافق ما شرعه الله له .
فإن الجواب : نعم ، هو كما قلت ، وإن الأمر الذي كان يطلبه النبي صلى الله عليه وسلم من الخلوة هناك؛ نراه استبدله بالاعتكاف في المسجد ، فما عُهِد عنه صلى الله عليه وسلم أنه تحنَّث في جبل بعد النبوة ، مع ما ثبت من محبته صلى الله عليه وسلم لجبل أحد مثلاً .
وهذا فيه تنبيه لمن يعظم أمر التحنث في الجبال ، أو يدعيه من الشرع ، وهو ليس كذلك .
لكن الذي أريد التنبيه عليه أن المسألة فيها مجال للبحث التاريخي ، وإن لم يكن لها أثر عقدي .
وأما علاقة النبي صلى الله عليه وسلم بجبل أحد بالذات ، فإنها مما يحتاج إلى بحث خاصٍّ ، فإن فيها من الإشارة اللطيفة إلى تجاوب أجزاء هذه الأرض الهامدة مع أولياء الله الصالحين ، وإننا لنحب جبل أحد ؛ لأن نبينا صلى الله عليه وسلم كان يحبه ، ولأنه يحب نبينا صلى الله عليه وسلم .
ومن فوائد هذا الحديث الوارد في محبة جبل أحد إثبات الإحساس للجمادات ، وإن كان الإحساس نسبيًا لا يدركه كثير من الناس ، إلا أن الحديث يشير صراحة إلى هذا ، وهذا يدخل في معنى قوله تعالى ( ولكن لا تفقهون تسبيحهم ) .
والله الموفق .
 
روى البخاري عَنْ قُرَّةَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ قَتَادَةَ سَمِعْتُ أَنَسًا رَضِى اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (( هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ )) .
قال في الفتح : وقال السهيلى: كان صلى الله عليه وسلم يحب الفأل الحسن والاسم الحسن ولا اسم أحسن من اسم مشتق من الأحدية. قال ومع كونه مشتقا من الأحدية فحركات حروفه الرفع ، وذلك يشعر بارتفاع دين الأحد وعلوه ، فتعلق الحب من النبى صلى الله عليه وسلم لفظا ومعنى فخص من بين الجبال بذلك والله أعلم . أ هـ .
وهناك أمر آخر يخص الجبال في القرآن وأنها خصت بالذكر مع أنها جزء من الأرض ، وذلك:
عرض الأمانة في قوله تعالى:
(إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا) سورة الأحزاب (72)

السجود في قوله تعالى:
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ) سورة الحج (18)

أما هل الجماد له حس " مشاعر" ؟ فمخاطبة للرسول صلى الله عليه وسلم لأحد ، وحنين الجذع ، وسلام الحجر عليه صلى الله عليه وسلم بمكة تدل على ذلك ، وربما دلنا على ذلك قول الله تعالى:
(فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ ) الدخان(29)
قال بن كثير رحمه الله:
"وقوله : ( فما بكت عليهم السماء والأرض ) أي : لم تكن لهم أعمال صالحة تصعد في أبواب السماء فتبكي على فقدهم ، ولا لهم في الأرض بقاع عبدوا الله فيها فقدتهم ; فلهذا استحقوا ألا ينظروا ولا يؤخروا لكفرهم وإجرامهم ، وعتوهم وعنادهم .

قال الحافظ أبو يعلى الموصلي في مسنده : حدثنا أحمد بن إسحاق البصري ، حدثنا مكي بن إبراهيم ، حدثنا موسى بن عبيدة ، حدثني يزيد الرقاشي ، حدثني أنس بن مالك ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " ما من عبد إلا وله في السماء بابان : باب يخرج منه رزقه ، وباب يدخل منه عمله وكلامه ، فإذا مات فقداه وبكيا عليه " وتلا هذه الآية : ( فما بكت عليهم السماء والأرض ) وذكر أنهم لم يكونوا عملوا على الأرض عملا صالحا يبكي عليهم . ولم يصعد لهم إلى السماء من كلامهم ولا من عملهم كلام طيب ، ولا عمل صالح فتفقدهم فتبكي عليهم .

ورواه ابن أبي حاتم من حديث موسى بن عبيدة وهو الربذي .

وقال ابن جرير : حدثني يحيى بن طلحة ، حدثني عيسى بن يونس ، عن صفوان بن عمرو ، عن شريح بن عبيد الحضرمي قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا . ألا لا غربة على مؤمن ما مات مؤمن في غربة غابت عنه فيها بواكيه إلا بكت عليه السماء والأرض " . ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( فما بكت عليهم السماء والأرض ) ثم قال : " إنهما لا يبكيان على الكافر " .

وقال ابن أبى حاتم : حدثنا أحمد بن عصام حدثنا أبو أحمد - يعني الزبيري - حدثنا العلاء بن صالح ، عن المنهال بن عمرو ، عن عباد بن عبد الله قال : سأل رجل عليا رضي الله عنه : هل تبكي السماء والأرض على أحد ؟ فقال له : لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد قبلك ، إنه ليس [ من ] عبد إلا له مصلى في الأرض ، ومصعد عمله من السماء . وإن آل فرعون لم يكن لهم عمل صالح في الأرض ، ولا عمل يصعد في السماء ، ثم قرأ علي ، رضي الله عنه ( فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين )

وقال ابن جرير : حدثنا أبو كريب ، حدثنا طلق بن غنام ، عن زائدة ، عن منصور ، عن منهال ، عن سعيد بن جبير قال : أتى ابن عباس رجل فقال : يا أبا عباس أرأيت قول الله : ( فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين ) فهل تبكي السماء والأرض على أحد ؟ قال : نعم إنه ليس أحد من الخلائق إلا وله باب في السماء منه ينزل رزقه ، وفيه يصعد عمله ، فإذا مات المؤمن فأغلق بابه من السماء الذي كان يصعد فيه عمله وينزل منه رزقه بكى عليه ، وإذا فقد مصلاه من الأرض التي كان يصلي فيها ويذكر الله فيها بكت عليه ، وإن قوم فرعون لم تكن لهم في الأرض آثار صالحة ، ولم يكن يصعد إلى الله منهم خير ، فلم تبك عليهم السماء والأرض .

وروى العوفي ، عن ابن عباس ، نحو هذا .

وقال سفيان الثوري ، عن أبي يحيى القتات ، عن مجاهد ، عن ابن عباس [ رضي الله عنهما ] قال : كان يقال : تبكي الأرض على المؤمن أربعين صباحا . وكذا قال مجاهد ، وسعيد بن جبير ، وغير واحد .

وقال مجاهد أيضا : ما مات مؤمن إلا بكت عليه السماء والأرض أربعين صباحا ، قال : فقلت له : أتبكي الأرض ؟ فقال : أتعجب ؟ وما للأرض لا تبكي على عبد ، كان يعمرها بالركوع والسجود ؟ وما للسماء لا تبكي على عبد كان لتكبيره وتسبيحه فيها دوي كدوي النحل ؟

وقال قتادة : كانوا أهون على الله من أن تبكي عليهم السماء والأرض . "


وعليكم تخريج الأحاديث.
 
صحيح أن الأنبياء مرتبطون ببيئتهم ، لكن تكرار ذكر الشيء الواحد في حياتهم مما يدعو إلى التأمل والنظر .
استطراد :
إن من ينظر في حال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم قبل البعثة ( أي : قبل التكليف ) وحرصه على التحنث في الجبال دون السهول والوديان = فإن هذا النظر يدعوه إلى أن القضية بحاجة إلى بحث علاقة التعبد بالجبال دون غيرها .
وإن قال قائل : إن حال النبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة ليس مما يُهتدى به إلا بما وافق ما شرعه الله له .
فإن الجواب : نعم ، هو كما قلت ، وإن الأمر الذي كان يطلبه النبي صلى الله عليه وسلم من الخلوة هناك؛ نراه استبدله بالاعتكاف في المسجد ، فما عُهِد عنه صلى الله عليه وسلم أنه تحنَّث في جبل بعد النبوة ، مع ما ثبت من محبته صلى الله عليه وسلم لجبل أحد مثلاً .
وهذا فيه تنبيه لمن يعظم أمر التحنث في الجبال ، أو يدعيه من الشرع ، وهو ليس كذلك .
.

يبدو أن للعلو أثره في صفاء النفس ونقائها وهذا أمر يلحظه من يرقى قمم الجبال ويرسل عينيه في الأفق الفسيح الممتد بلا حدود ثم ينظر إلى ما تحته من الأرض وما عليها من شخوص فيرى قدرة الخالق وعجيب صنعه في ارتفاع الجبال وتعرج الأودية والشمس ترسل عليها أشعتها في الصباح الباكر فتفوح الأودية بنسيمها البارد فتملأ الجو عبقا يسري في النفوس فيبعث فيها الحياة والنشاط ، ثم إذا ما انتصف النهار أو قارب والهبت الشمس بطاح مكة* وجبالها رأيت قصة أخرى تشعر النفس الإنسانية بعجزها وافتقارها ويصبح أكبر الهم ظلا يقي ذلك اللهيب المنبعث من كل مكان وشربة ماء تطفئ حرارة الفؤاد، ثم ما تلبث الشمس أن تميل إلى جهة الغرب فإذا ما تضيفت للغروب رأيت منظرا يعجز اللسان عن وصفه.

أما إذا ما جن الليل وأرخى سدوله وأظلمت الدنيا فلم تعد ترى من معالمها شيئا فارفع رأسك إلى السماء في ليلة يغيب فيها القمر وتأمل بديع صنع الخالق في صفحة السماء المرصعة بتلك النجوم المتلألئة والتي تبعث في النفس مشاعر لا حصر لها ربما حينها ستدرك لماذا كان يخلو النبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة إلى تلك القمة العالية مما يسمى بجبل النور.

أما لماذا لم يفعل ذلك بعد النبوة فأقول وهذا اجتهاد مني :
أولا: ربما لأن الآيات القرآنية التي يتلوها القائم بين أربعة جدر مع حضور القلب والتأمل والتفكر والتدبر تفتح على النفس البشرية من مشاهد عظمة الخلق الدالة على عظمة الخالق ما تعجز العين عن إدراكه بالنظر المباشر.
ثانيا: إن الرسول صلى الله عليه وسلم ما كان ليفعل إلا ما أمره الله به وشرعه له ، ولو افترضنا أن ذلك كان إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فربما تركه لأنه لا يريد أن يشق على أمته وقد ترك بعض الأمور خشية أن يشق على أمته مثل ترك الخروج مع كل غازية وتركه الخروج لصلاة التراويح.

هذا والله أعلم
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.

*ذكرت مكة لأني قد عشت أجوائها في الصباح الباكر وقبل الغروب من أعلى جبل خندمة فذكرتها وإلا فأنا بن الجبال فموطني بلاد غامد من سراة الحجاز.
 
الكهف

الكهف

أظن أن الإيواء الى الكهوف والمغائر للتدبر أو الفرار من الإعداء كان هو دأب الأنبياء كذلك . فقد آوى النبي عليه الصلاة والسلام الى غار حراء للتعبد والمناجاة. وأوى أيضاً الى غار ثور هرباً من بطش قريش . وكذلك أصحاب الكهف الذي آووا الى كهفهم هرباً من بطش ملكهم. وكذلك عيسى عليه السلام كما ذكرت الروايات . وغيرهم الأنبياء . والجدير بالذكر أن الكهف يختلف عن الغار بالمعنى إذ إن الكهف تجويف أعمق وأكبر حجماً من الغار والذي يكون عادة تجويفاً صغيراً طبيعياً ليس من فعل فاعل .
 
سؤال تأملي جميل وتأملات أجمل
الحقيقة أن للجبال - في المنظور القرآني - علاقتها بالأرض كلها وما فيها ومن فيها ومنهم الأنبئاء عليهم السلام.
وجواب هذا السؤال سيتضح أكثر إذا اطلعنا على " الجبال " في القرآن ، فوصف القرآن للجبال وصف لافت من جهات .
وذلك في النقاط التالية، وأرجو أن لا أخل بها في هذا الاختصار :
- فهي - الجبال - مع الإنسان منذ هبوط آدم (جبل عرفة) إلى قيام الساعة (الأعراف)..
- وهناك تصريح يقرن أرض الرسالات بالجبال (سورة التين) انظر ابن كثير : الذي جعل [سيناء / سينين : الطور، والشام: ساعير: ومكة: فاران].. والجودي مع نوح ، وتنقل إبراهيم بين الجبال ( على كل جبل ) مع الطيور تنقل مجهد ! وهؤلاء هم أولو العزم من الرسل !. إذا بقي باق من غيرهم فهو استثناء أو تبع لهؤلاء الرسل كما هو معلوم ، والآثار تدل على حج الأنبئاء إلى بيت الله ووقوفهم بعرفة . وبذلك قد نصل إلى أن في حياة كل نبيء جبلاً أو جبالاً .
مع العلم أن أنبئاء بني إسرائيل كانوا حول بلاد الشام وهي (ربوة ذات قرار ومعين) .
لماذا ؟
- يصف الله الجبال بصفات مادية ذاتية تدل على القوة والثبات والرسوخ ، والظهور ، والشهرة ، والامتلاء بالخير ، وتثبيت الغير ... وتدل على أنها أعظم آيات الله على الأرض مع البحر، ومن صفتها أنها : رواسي ، شامخات ، نصبت ، وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم ، ومن الجبال أكناناً ، ... (يسجد له من في السموات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال..) فذكر الجبال في أول آيات الأرض الساجدات لله ..
- لاح لي أن كل غموض قبيح شكلا ومضموناً ، إلا غموضات الجبال فهي دالة على العظمة ، أقصد بغموضات الجبال الكهوف والمغارات والأكنان بوجه عام.
- من عظمة الله في الجبل أنه رغم ارتفاعه إلا أنه ممتلئ ماء كالخزان الضخم، بخلاف السهول فقد يحفر الإنسان ولا يجد شيئاً.
- يصفها بصفات معنوية حيوية ، فليست ميتة ، فهي ، على جماديتها ، منفعلة عابدة لله خاشعة متصدعة من خشيته ، منقادة إليه (فأبين أن يحملنها ..)، ( تجلى ربه للجبل جعله دكاً )، (وإذ نتقنا الجبل ...)، (ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفاً)، (وإذا الجبال سيرت / بعثرت / كانت سراباً)، (وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة).. عظمة تتواضع أمام عظمة الله !! وهذا تقريع شديد للإنسان !!.. سبحانك يا عظيم !!
- يشبهها الله سبحانه في مثلث بديع مختلف متباعد لكنه على تباعده متشابه معاً ، يدل على بديع الصنعة : الجبال ، والسفن ، والسحاب : فالجبال كالفلك الرواسي، والجواري في البحر كالأعلام وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب ، وينزل من السماء من جبال فيها من برد ) وأوجه الشبه تأتي بالتأمل وليس ببعيدة .
- ولأنها تدل على أنها أعظم آيات الله مع البحر فالانطلاق منها والإلمام بها إلمام بسبب من أسباب عظمة الله ، ولذا كانت المرتفعات الأرضية دائماً تلازم النبيء محمداً صلى الله عليه وسلم حتى بعد البعثة مع اختلاف في نوع العلاقة: أبو قبيس ، حراء ، الأخشبين ، صخرة بيت المقدس (المعراج)، ثور ، مرتفعات المدينة ، أحد ، تبوك ، عرفة ، يا سريةُ الجبل .
- المعيشة في الجبال قاسية جادة وأهلها أصحاء أشداء ، لا مجال فيها للميوعة ، والداعية ثابت كالجبل راسخ وقور حافظ أسرار ينفجر ماء يؤوي الخائفين يرفعهم على رأسه وهو مع ذلك يتصدع من خشية الله تعالى ويسير مع القرآن حقيقة وحكماً : (ولو أن قرآنا سيرت به الجبال...) ، ويحذر من الأعداء حقيقة وحكماً (وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال ..).
- الدعوة الإلهية لم تستثن أحداً من خلق الله حتى أولئك المنقطعين في شواهق الجبال، هم أول من استهدفتهم دعوة الله، وهؤلاء أنبئاء الله الذي مروا على ذرا الجبال خير شاهد .
والله تعالى أعلم .
 
ما شاء الله لا قوة إلا بالله، استنباطات جميلة وتأملات قيمة بارك الله بكم جميعاً.
فيما يتعلق برسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم ورد في خاطري أنه صلى الله عليه وسلم قبل الدعوة كان يلجأ إلى الجبل القوي الصلب الشاهق يرتفع به عن هذه الدنيا المتمثلة في الصحراء الواسعة فيتأملها من بعيد ويتفكر فيها وفي الكون -ونحن يعلم أنه كلما اتسعت دائرة الروية اتسعت الأفكار والمدارك - ولجوؤه صلى الله عليه وسلم للجبل رمز القوة والعظمة لأنه لم يكن له ملجأ قوي سواه يحتمي به من بطش كفار قريش بينما بعد البعثة وبعدما أيقن عليه الصلاة والسلام أن لا ملجأ له إلا الله سبحانه وتعالى خالق الأرض والسماء وما فيهن ومن فيهن صار الجبل يهتز تحت وقع أقدامه فقال صلى الله عليه وسلم مخاطباً جبل أُحد "اثبت أُحد"، فهذا الجبل رمز القوة والتمكين ما عاد كذلك بعد البعثة بل وكأنه هو الذي صار يلتجئ إلى النبي عليه الصلاة والسلام ويرتجف لوقع أقدامه.
مجرد استنباط خطر في بالي فأرجو التصحيح إن تجاوزت.
 
بارك الله بك أختاه على هذه الإضافات . ما تقولينه طيب وفيه نكتة بليغة . وهو ليس من الاستنباطات قدر ما هو ظلال وارفة تحت المعنى الإجمالي العام تضيف تصوراً للموقف فيه عبرة لا تخرج عن النص ولا تقيدها مناسبة .
 
السلام عليكم
أحببت تسجيل إعجابي وتقديري، فالموضوع جميل جدا
ومثله يفتح آفاقا للتدبر والتفكر
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بالأمس عندما ذهبت إلى مكتبة المتنبي وجدت كتابا عنوانه (الجبال ورسالات الأنبياء) للدكتور أحمد شوقي إبراهيم ولكن الكتاب لا يعنى بالتساؤل المطروح كما يفهم من العنوان وإنما عن الظواهر العامة لها في الطبيعة وإشارات القرآن الكريم لها وذكر سيرة بعض الأنبياء والرسل عليهم السلام الذين لهم تعلق بها وشرحها فقط
 
التعديل الأخير:
عودة
أعلى