الأصول العربية للتوراة العبرية

إنضم
15/04/2003
المشاركات
1,144
مستوى التفاعل
4
النقاط
38
الموقع الالكتروني
www.tafsir.net
الأستاذ . أحمد العلوي .. أستاذ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط
- - -
في سنة 1985 نشر الدكتور كمال الصليبي جملة من المقالات في جريدة "القبس" الكويتية تحت عنوان: "التوراة جاءت من جزيرة العرب"، وقد قصد من تلك المقالات أن يبرهن على وجود تشابه بين أسماء الأماكن والبقاع والربوع في الغرب من الجزيرة العربية وبين الأسماء المذكورة في التوراة العبرانية. ولعل غايته أن يوجه الصهاينة إلى تلك الجهة أو أن يصرفهم عن فلسطين.
لا مانع عندنا من قيام ذلك التشابه، لكن الذي نسبه كمال الصليبي هو أن الأسماء نقلت من الكتاب المذكور إلى الأرض لا العكس، وأن الحوادث المذكورة في ذلك الكتاب، وما يتصل بها من أمكنة وأشخاص، أنها كانت أمثالا وتفاسير، ولم تكن تاريخا للأرض.
هذه أولى.
الثانية: أن التشابه في الأسماء دليل على الأصل العربي للتوراة العبرانية المعروفة. ماذا نقصد؟
نقصد أن ذلك الكتاب العبراني الذي يزعم الزاعمون أن الحضارة الغربية قامت عليه أصله كتاب عربي، وأنه ليس إلا ترجمة عنه، كيف؟
أولا: نلاحظ أن اسم الكتاب العربي، وأن مترجمه إلى العبرانية عجز عن ترجمته، كما كان من مترجم الأركانون لأرسطو، فإنه ترجم الكتاب ولكنه أبقى على الاسم اليوناني عنوانا للكتاب، الاسم العربي الباقي هو "التوراة". هذا الاسم لا أصل له في اللغة العبرانية، ولا يدرك معناه بها، إنه مشتق من "ورى، يوري" العربية وليس إلا مصدرا لذلك الفعل ومصدره "التوراة والتورية".
وإليك ما جاء عن ذلك في لسان العرب لابن منظور "قلب دار إذا تغشى بالشحم والسمن، وأوريته... وكذلك وريته تورية... وناقة وارية أي سمينة... هو من وريت النار تورية إذا استخرجتها... والتوراة عند أبي العباس تفعلة... الفراء في كتابه في المصادر: التوراة من الفعل التفعلة كأنها أخذت من أوريت الزناد ووريتها فتكون تفعلة في لغة طيء، لأنهم يقولون في التوصية توصاة، وللجارية جاراة، وللناصية ناصاة... قال البصريون: توراة أصلها فوعلة... والأصل ووراة". (1) ومن البين أن البصريين انخدعوا في هذا بالشائع عن عبرانية الكتاب الأصلية، فتمحلوا في الاستخراج الصرفي، أما ما قاله أبو العباس، وما قاله الفراء الكوفي، فلا يحتاج إلى دليل لأنه هو نفسه دليل.
بقي أن نعرف المقصود من تسمية الكتاب بالاسم العربي "توراة".
إن جملة المعاني الواردة في مادة "وري" من لسان العرب لابن منظور رحمة الله عليه ترجع إلى التضخم والتوسيع والتسمين والاستخراج والتعظيم. فالذي يوري أو يوري يحول المورى إلى أمر مرئي محصل بالحواس. إن معنى اسم التوراة على هذا هو التبيين، ولا فرق بين اسم "التوراة" العربي وبين الاسم الآخر العربي "التورية" المعروفة في البلاغة. التورية تبين بأسلوب بلاغي، والتوراة تبيين لم يخصص لمعنى اصطلاحي، وإن كان بقي مع رفيقه أخوين مشتقين من أصل واحد هو "وري" العربي.
إذن اسم التوراة عربي لم يستطع أن يترجمه مترجم التوراة عن العربية، إما عن جهل وإما عن قصد. وإنه لدليل مشكك وكاف، مشكك لأنه يشكك في النسبة العبرانية للكتاب، وكاف لأنه عربي، ولا أثر له ولا لمثله في العبرانية، ولا معنى له في هذه اللغة فهو غريب فيها، لكننا مع ذلك لن نعده كافيا، وسنتسامح في ذلك لكفاية أدلة أخرى، فنحن هنا كالذي كثرت أدلته فهو يتسامح فيها ويؤخر بعضها ويبطل بعضها جدلا لا علما واعتقادا.
ما هي الأدلة الأخرى؟ ها هي سنستخرجها من نصوص الكتاب نفسه.
الحجة الأولى: قوله: "وهاأرتس هيت طهو وبهو" "سفر التكوين"، الطبعة العبرانية، 1967، مكتبة كولبو، باريز.
إن هذه الطبعة التي نعود إليه هنا، والتي هي من أصح الطبعات المعترف بها لأنها صححت تحت إشراف الحزان الأكبر "زادوف كاهن"، وهو الذي أشرف على الترجمة الفرنسية المصاحبة لها، إنها تترجم الجملة العبرانية بما معناه في العربية "وكانت الأرض خلاء فوضى". إن هذه الترجمة تدل على أن كلمة "طهو" وكلمة "بهو" لا حضور لها في العبرانية، إذ لو كان لها حضور لترجم معناه بالدقة المطلوبة، والحال أن لا صلة للكلمتين بالمعنى التقريبي الذي يذكره لها المفسرون والمترجمون. إن هاتين الكلمتين شأنهما كشأن كلمة "توراة"، إنها دليل النقل من اللغة التي منها تلك الكلمتان، وتلك اللغة هي العربية.
إن مترجم "سفر التكوين" من أصله العربي عجز عن الإتيان بمقابل للطهو والبهو فتركهما على حالهما كما فعل بكلمة التوراة، لجهل أو لقصد.
ما معنى الطهو المذكور في "سفر التكوين"؟: هو "الطحو" من طحاه يطحوه إذا بسطه، "الطحو كالدحو وهو البسط... وفي التنزيل العزيز (والأرض وما طحاها)... والقوم يطحو بعضهم بعضا أي يدفع" (2)، ومن البين أن معنى الطحو هناك الحركة والدفع فقد طحا الله الأرض أي حركها ودفعها، وذلك المراد بالبسط، فكل باسط محرك دافع. وأما "البهو" فهو "الواسع من الأرض الذي ليس فيه جبال بين نشزين، وكل هواء أو فجوة فهو عند العرب بهو... وبهو الصدر جوفه". (3) إذن فالمعنى في الأصل الذي نقلت عنه عبارة التوراة "العبرانية" هو: "وكانت الأرض طحوا وبهوا". يبقى على أصله، ويكون شرحه أن الأرض لم تكن إلا حركة وهواء.
الحجة الثانية: الأسماء المحرفة في "سفر التكوين" محرفة عن العربية، وأول ذلك اسم "حواء" فهو في عبرانية ذلك السفر "حوه". ولا معنى لذلك الجذر في العبرانية، إنما معناه في العربية، وهو هناك محرف عن حواء، وهو اسم على وزن فعلاء، ومذكره "أحوى" المذكورة في الكتاب العزيز. قالوا في معنى الحوة إنها سوداء إلى الخضرة، وقيل: حمرة تضرب إلى السواد، والحوة سمرة الشفة. يقال: رجل أحوى وامرأة حواء. ويبدو من جملة المعاني التي نقلها صاحب اللسان أنها تعود إلى تعيين لون، لكن يظهر أن معنى الجمع والإحراز جامع لمعاني الجذر كلها، وقد ذكر ذلك المعنى في مدخل "حوي" وبيانه أن ما ذكر في معاني الجذر عن الألوان إنما انجر إليه الجذر لدلالته على المتفق المجتمع منها. وعليه فيكون ما جاء منه عن الألوان من باب حذف المعروف كقولنا: "هذا كلام جامع". فالمقصود أنه جامع للمعاني أو للأقسام. وعليه يكون معنى "حواء" أنها جامعة ضامة مشتملة، ولعل الإشارة بذلك إلى الحمل، ويكون معنى "أحوى" المذكورة في الكتاب العزيز أن الغثاء جامع لكل فضائل المرعى الذي أخرج، وتكون الأوصاف بالحوة المذكورة دليلا على معنى اجتماع الألوان في الموصوف بها.
غاية الأمر أن هذا الإسم من أكبر الأدلة على عربية الأصل الذي نقل عنه بالترجمة المحرفة "سفر التكوين" العبراني، ومثله اسم "آدم" الذي حذفت منه صيغة الأفعلية فتحول في "سفر التكوين" إلى "آدم". وأضيف إليه هاء التعريف العبرانية.
إن اسم "آدم" لا معنى له في غير اللسان العربي، فالأدمة هي السمرة، والآدم من الناس الأسمر، وقيل: هو البياض الواضح، والجمع "أدم"، والأنثى، أدماء، وقالوا في جمعه "أدمان". والأدمة أيضا هي القرابة والوسيلة وهي الصداقة والموافقة والألفة. (4)
إن مكانة اسم "آدم" و"حواء" الاشتقاقية واضحة في العربية، وتحريفية "أدم" عن "آدم" واضحة أيضا في المآل العبراني للنص العربي المفقود.
الحجة الثالثة: اسم "هابل" واسم "فين"، فالأول محرف في "سفر التكوين" إلى "هفل". والثاني بقي على حاله، إلا أنه تحرف في الترجمات العربية التي عملت على النص العبري فصار "قابيل"، كما تحرف الإسم الأول إلى "هابيل" في تلك الترجمات، وربما كان الأمر أمر نساخ وسوء خط، والله أعلم. (5)
غاية الأمر أن اسم "هفل" من أدل الأدلة على الأصل العربي الذي نقل عنه "سفر التكوين"، نتذكر أن "آدم" حرف إلى "هأدم" فكذلك نرى في "هفل". إن الهاء هناك تعريف والإسم منقول عنه "آبل". يقال أبل الابل يأبلها ويأبلها. حذف مصلحتها، عمل في هذه الكلمة من التحريف ما أذهب صورتها، ولكن بقي في النص العبري ما يدل على الأصل العربي الذي نقلت منه. أين؟ ذلك قول كاتب "سفر التكوين" عن "هفل" إنه كان راعيا، والحقيقة أن ذلك المعنى مستخرج من اسم "آبل" فهو الراعي راعي الإبل، ويجوز أن تمد إلى راعي غير الإبل على سبيل المجاز. أما فين فقد بقي على حاله ومعناه الصانع، وبالفعل نرى أن المدعو بـ "فين" في "سفر التكوين" فلاح، والفلاح "فين" لأنه يعمل بالحديد، وكل عامل بالحديد فهو "فين" عند العرب. (6)
من أين جاء هذا التطابق بين وظائف ولدي آدم في "سفر التكوين" وبين معنى اسميهما؟
جاء من أن النص مكتوب في الأصل بالعربية، وأن الأسماء المطلقة فيه على الأشخاص عربية ذات معنى في معجمها.
الحجة الرابعة: اختلاط الأسماء الواضحة العروبة بأسماء غامضة بالانحراف الذي أصابها. مثال ذلك اسم "صلة" العربي الذي هو اسم إحدى زوجتي لمك أحد أحفاد (فين). هذا الاسم موضوع في جوار خليط من الأسماء مثل (متوشئل) و(مهويئل) وغير ذلك. لا معنى لهذا التباعد إلا مرور التحريف إلى الأسماء البعيدة عن العربية، وكأن الآخذ عن الأصل العربي بهذه البقايا العربية الواضحة مثل "صلة". دلائل ذلك الأصل.
هناك مثال آخر هو "عدة" الذي هو اسم الزوجة الأخرى للمك. كتبوا في النص العبري "عده". وكتبوا فيه اسم الزوجة الأخرى "صله" فهل كان الكاتب المترجم يحرف الأسماء بمقادير متفاوتة أولها ما عمله بصلة؟ ثم ما عمله بعده؟ ثم ما عمله بالأسماء الأخرى التي أخفى وجهها العربي؟
وفي كل الأحوال، ما سر تتابع الأسماء العربية في "سفر التكوين" مع أسماء غريبة الوجه في سلسلة النسب الواحدة؟ إن ذلك ما يجعلنا نشك في حقيقة أسماء مثل "إنس" و"هنوك" و"يرد"، فهل تكون محرفة عن أصول عربية غطيت بحركات أذهبت عربيتها؟ ذلك رأينا.
من الأسماء العربية التي نجدها في "سفر التكوين"، والتي تؤكد الحجة التي نسوقها هناأسماء ذكرت في قصة نوح من "سفر التكوين" وذلك مثل "سام" من السمو، و"حام" من الحماية، و"سبا". هذه الكلمة الأخيرة مذكورة في ذلك السفر بذلك الرسم في العبرانية، ومن البين أنها "سبأ" المعروفة في تاريخ اليمنيين. قال المسعودي: "أول من يعد من ملوك اليمن سبأ بن يشجب بن يعرب" (7) لكنها في "سفر التكوين"، تعني اسم رجل هو ابن كوش بن حام.
لا يعنينا هذا الخلاف الأنسابي وإن كان يجرنا إلى النظر إلى الكتاب العبراني المدعو عند أهله بالتوراة، كما ينظر إلى رواية للتاريخ والأنساب تدخل في علاقة مع جملة من الروايات الأخرى الممثلة في نقول المسعودي والطبري، وغيرهما من المؤرخين والإخباريين.
إن في مروج الذهب نقولا عن "توراة" أخرى يمنية ومضرية تجعل الناظر في التوراة العبرانية، التي نستدل هنا على أصولها العربية، ينظر إليها على أساس أنها لا تعدو أن تكون نصا من جملة نصوص مشابهة بقيت آثارها عند المؤرخين العرب. لكن الدليل اللغوي الذي نأتي به هنا لا يزيد على أن يفضي بأن هذه "التوراة" العبرانية ليست إلا ترجمة لنص عربي كان جزءا من ذلك التراث الإخباري الأنسابي الممثل في النقول الإخبارية الأنسابية اليمينية والمضرية المنتصبة في كتابات المؤرخين الذين ضربنا لهم المسعودي هنا مثلا.
الحجة الخامسة: بقاء أثر الإعراب العربي كما هو قائم في إعرابات نوعية في اللسان العربي، بقاء ذلك بارزا في أسماء لم يكن من الممكن تحريفها، وهي الأسماء المركبة من جزأين هما "أبو+ اسم" كأبي زيد، وأبي مالك وما شابههما. نجد من ذلك في قصة نوح من "سفر التكوين" اسم "أبي مائل" الذي نسب ابنا ليفطن. وقد ذكر في ذلك السفر معربا بالكسر، نقلا عن صورته في الأصل العربي المفقود، ومن ذلك السفر محركا بالإمالة، ومحافظا على إعرابه العربي بالكسر في صورته النوعية "أبي". (8) ولا ينحصر الأمر فيما ذكرنا هنا من أمثلة.
الحجة السادسة: وهذه حقها أن تذكر مع الحجة الثانية، لكن فصلناها هنا لأنها نوع من الأسماء المذكورة في سفر آخر عند """سفر التكوين"""، هو "سفر الخروج"، ذلك هو اسم موسى، كيف كتب بالخط العبري؟: كتب (م ش ه) وفسر على لسان بنت فرعون التي زعم هناك أنها مسميته كما يلي "كي من هميم مشيتهو" ومعناها "لأنني من الماء مشيته" والمقصود أنها أخرجته من الماء.
أولا: نلاحظ أن الاسم "م ش ه" من لغة بنت فرعون لا من لغة العبرانييت. وأن "مشيتهو" من لغتها.
ثانيا: نلاحظ أن "م ش ه" من صيغة المبني للمجهول القربية، وأن الهاء هناك للسكت، والمقصود ان بنت فرعون سمته "مشي" أي أخرج.
ثالثا: يلاحظ أن "مشى" في لغة بنت فرعون تعني "مشى" في عربيتنا، وأنها استخرجت من ذلك فعلا مبنيا للمجهول على الطريقة العربية هو (م ش) وأضيفت الهاء للسكت.
رابعا: يلاحظ أن هذه المعاني لا تستقيم إلا بالعربية، أعني أن كاتب النص كان يتحدث عن ناطقة بالعربية، وكان يكتب لقارئين بالعربية، فلذلك فسر الاسم بمقتضى العربية كما فهم.
هذا كله ليس إلا اجتهادا في تفسير العلاقة بين (م ش ه|) والفعل المذكور في عبارة بنت فرعون، لكنه ليس موافقة على تلك العلاقة التي ليست إلا تفسيرا للاسم يأتي به كاتب النص المدعو "سفر الخروج".
إن اسم (م ش ه) ليس كما ذكر كاتب سفر الخروج اشتقاقا من المشي على لهجته العربية التي كتب بها في الأصل "سفر الخروج"، إن هو إلا تحريف لكلمة "موسى" التي تعني السكين. كل ما كان من ناقل النص إلى العبرانية أنه نقل هناك نصا عربيا يفسر الأصل الاشتقاقي لاسم (م ش ه). وعلى ذلك يكون كاتب النص العربي الأصلي قد قرأ في خط لا يثبت الحركات والنقط وحروف اللين، ويكون قرأ (م ش ه) في نص فيه (م. س)، وأضاف هاء السكت كما أضاف الحركات من بعد وحروف اللين.
ومعنى ذلك، أن كاتب النص العربي الأول الذي ترجم عنه النص العبراني أخطأ في القراءة. لماذا؟ لأن القراءة الصحيحة (م. س) هي "موسى" وتعني السكين، بل إننا نضيف إلى ذلك أن المترجم إلى العبرانية اضطر إلى إدخال فعل "مشى" محرفا إلى العبرانية، وذلك ليفسر اسم (م ش ه) به، وكأن الأصل الذي نقل عنه كان كما يلي: "لأنني من الماء مشيته"، وكأن القراءة التي جعلت للاسم في الأصل العربي هي "مشي" بصيغة البناء للمجهول العربية، فاضطر المترجم العبراني إلى الحفاظ على الأصول العربية مع تحريفها لتناسب النطق العبراني، وذلك ليتم له في النص العبراني بيان العلاقة بين الاسم وسبب التسمية.
الحجة السابعة: هذه حقها أن ترد مع الحجة الأولى، بل قبلها عند ذكر الأصل العربي لكلمة التوراة المحرف عند العبرانيين إلى "طورا".
ما القصة؟
إنها قصة اسم الإنجيل. ما يقال عن اسم التوراة يقال على اسم الإنجيل. لا نجد أسرة اشتقاقية يعود إليها ذلك الاسم إلا الأسرة الاشتقاقية لذلك الجذر في اللسان العربي. كيف؟ إنه صيغة "إفعيل" من (ن ج ل)، "النحل النسل وقد نجله أي ولده، والنجل القطع ومنه المنجل يحصد به، والمنجول من الجلود الذي يشق من عرقوبيه جميعا ثم يسلخ، ونجله بالرمح طعنه، وطعنة نجلاء أي واسعة، والنجل بالتحريك سعة شق العين نع حسن، والنجل بالتحريك سعة شق العين مع حسن، والنجل الماء السائل. والنجل محو الصبي اللوح، يقال نجل لوحه إذا محاه". (9)
وما ذكرناه هنا ليس إلا مختصرا شديدا للمذكور في لسان العرب. وما ذكر هناك ليس كله واردا على الحقيقة، بل معظمه على المجاز، ولعل المقصود بالإنجيل الأصل والمصدر، ويكون معناه على هذا متصلا بمعاني المادة التي ربطت النجل بالنسل والولد والوالد. وقد انتبه إلى ذلك القدماء فقال صاحب اللسان: "وقيل: هو عربي... والإنجيل مثل الإكليل والإخريط، وقيل اشتقاقه من النجل الذي هو الأصل، يقال: هو كريم النجل أي الأصل والطبع". (10)
هل كان نص الإنجيل عربيا؟ ذلك ما يدل عليه اسمه.
هذه أمثلة لا تستغرق مثيلاتها في العهد القديم والعهد الجديد أي في كتابي العبرانيين وأهل الكنائس، وسنعود إلى أمثلة أخرى بتفصيل في مقال آخر.

-----

1) ص: 388-389، مادة (وري).
2) ص: 5 مادة (طحا)، الجزء 15 من لسان العرب.
3) ص: 98. مادة بها لسان العرب الجزء 14.
4) 8، 9، 10، 11، 12/12 لسان العرب، انظر عن "حواء" الجزء 14 من لسان العرب ص: 206.
5) انظر ص: 6 من "سفر التكوين"، الطبعة المنوه بها من قبل، وانظر مادة هبل في لسان العرب ص: 686/11.
6) 350/13، لسان العرب، مادة (فين).
7) 48 مروج الذهب، الجزء الثاني، دار الأندلس 1965.
8) (انظر هذا المثال في قصة إبراهيم 31 من "سفر التكوين"، الطبعة المذكورة من قبل. انظر مثال "أبي مائل" في سفر نفسه ص: 15.
9) لسان العرب ص: 648، مادة (نجل)، الجزء 11.
10) ص: 648، مادة (نجل) الجزء 11، لسان العرب.

- - -
مجلة دعوة الحق - المغربية , عدد 307 , رجب 1415 .
http://www.daouatalhaq.ma/article.aspx?ida=7795&id3=278
 
باركك الله أخ نايف وأنا أومن أن التوراة كانت عربية وكذلك الإنجيل, (مع ملاحظة التطور اللغوي والانزياحات الدلالية للكلمات والتي تحدث باختلاف الأزمة والأمكنة) ولكني أخالف المنظور الذي يقول به كمال الصليبي ومن تبعه من أن كل مراحل الدين الإسلامي كانت محصوة في قرى معدودة لم تتعدها إلى غيرها, فموسى كان في مصر غير مصرنا!! ويوسف كذلك!!! فبهذا يحصر الدين في هذه البقعة من العالم وماذا عن باقي الأماكن؟!!
 
فموسى كان في مصر غير مصرنا!! ويوسف كذلك!!! فبهذا يحصر الدين في هذه البقعة من العالم وماذا عن باقي الأماكن؟!!
أحسن الله إليك، هذا من كلامك أم من كلام السيد المُشار إليه ؟
ومن أين جاء هذا القول ؟
 
عودة
أعلى