محمد محمود إبراهيم عطية
Member
الأشهر الحرم أربعة كما قال الله تعالى : { مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ } ( التوبة: 36 ) ، وفي حديث النبي - صلى الله عليه وسلم : " مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ، ثَلَاثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ : ذُو الْقَعْدَةِ ، وَذُو الْحِجَّةِ ، وَالْمُحَرَّمُ ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ " متفق عليه .
وقوله تعالى : { مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ } ، قال ابن كثير - رحمه الله : فهذا مما كانت العرب - أيضًا - في الجاهلية تحرمه ، وهو الذي كان عليه جمهورهم ، إلا طائفة منهم يقال لهم ( البسل ) كانوا يحرمون من السنة ثمانية أشهر تعمقًا وتشديدًا ؛ وأما قوله - صلى الله عليه وسلم : " ثَلَاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ : ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ " فإنما أضافه إلى مضر ليبين صحة قولهم في رجب أنه الشهر الذي بين جمادي وشعبان ، لا كما تظنه ربيعة من أن رجب المحرم هو الشهر الذي بين شعبان وشوال ، وهو رمضان اليوم ، فبيَّن - صلى الله عليه وسلم - أنه رجب مضر لا رجب ربيعة ؛ وإنما كانت الأشهر المحرمة أربعة : ثلاثة سرد وواحد فرد ، لأجل أداء مناسك الحج والعمرة ، فحرَّم قبل شهر الحج شهرًا وهو ذو القعدة ، لأنهم يقعدون فيه عن القتال ، وحرَّم شهر ذي الحجة لأنهم يوقعون فيه الحج ، ويشتغلون بأداء المناسك ، وحرَّم بعده شهرًا آخر وهو المحرم ، ليرجعوا فيه إلى أقصى بلادهم آمنين ؛ وحرَّم رجب في وسط الحول لأجل زيارة البيت والاعتمار به لمن يقدم إليه من أقصى جزيرة العرب ، فيزوره ثم يعود إلى وطنه فيه آمنًا ؛ وقوله : { ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ } أي : هذا هو الشرع المستقيم من امتثال أمر الله ، فيما جعل من الأشهر الحرم والحذو بها على ما سبق من كتاب الله الأول ؛ قال تعالى : { فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ } أي : في هذه الأشهر المحرمة ، لأنها آكد وأبلغ في الإثم من غيرها ، كما أن المعاصي في البلد الحرام تضاعف ، لقوله تعالى : { وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } [ الحج : 25 ] ، وكذلك الشهر الحرام تغلظ فيه الآثام ، ولهذا تغلظ فيه الدية في مذهب الشافعي وطائفة كثيرة من العلماء ؛ وعن ابن عباس - رضي الله عنهما : قوله : { إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ } إلى قوله : { فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ } في كلهن ، ثم اختص من ذلك أربعة أشهر فجعلهن حرامًا ، وعظم حرماتهن ، وجعل الذنب فيهن أعظم ، والعمل الصالح أعظم .ا.هـ . وقال قتادة : إن الظلم في الأشهر الحرم أعظم خطيئة ووزرًا من الظلم في سواها ، وإن كان الظلم على كل حال عظيمًا ، ولكن الله يعظم من أمره ما يشاء ؛ وقال : إن الله اصطفى صفايا من خلقه : اصطفى من الملائكة رسلًا ومن الناس رسلًا ، واصطفى من الكلام ذكره ، واصطفى من الأرض المساجد ، واصطفى من الشهور رمضان والأشهرالحرم ، واصطفى من الأيام يوم الجمعة ، واصطفى من الليالي ليلة القدر ، فعظموا ما عظم الله ، فإنما تعظيم الأمور ما عظمها الله به عند أهل الفهم وأهل العقل .ا.هـ . وقال ابن إسحاق : { فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ } أي : لا تجعلوا حرامها حلالًا وحلالها حرامًا كما فعل أهل الشرك ، فإنما النسيء الذي كانوا يصنعون من ذلك { زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا } الآية .ا.هـ. والنسيء في الأشهر الحرم أن العرب في الجاهلية كانوا يجعلون بعض الأشهر مكان بعض ، فيجعلون صفرًا ( وهو ليس من الأشهر الحرم ) مكان المحرم ( وهو من الأشهر الحرم ) في عام ، ثم يعيدونه بعد ذلك في العام الذي بعده ؛ فيحلوا ما حرم الله ، ويحرموا ما أحل الله ، ولذلك ليقوموا بالإغارة في الشهر الحرام ، قال الله تعالى : { إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ } [ التوبة : 37 ] ؛ قال ابن كثير - رحمه الله : فإنهم كان فيهم من القوة الغضبية والشهامة والحمية ما استطالوا به مدة الأشهر الثلاثة في التحريم المانع لهم من قضاء أوطارهم من قتال أعدائهم , فكانوا قد أحدثوا قبل الإسلام بمدة تحليل المحرم فأخروه إلى صفر فيحلون الشهر الحرام ويحرمون الشهر الحلال ليواطئوا عدة ما حرم الله الأشهر الأربعة .
وقوله تعالى : { مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ } ، قال ابن كثير - رحمه الله : فهذا مما كانت العرب - أيضًا - في الجاهلية تحرمه ، وهو الذي كان عليه جمهورهم ، إلا طائفة منهم يقال لهم ( البسل ) كانوا يحرمون من السنة ثمانية أشهر تعمقًا وتشديدًا ؛ وأما قوله - صلى الله عليه وسلم : " ثَلَاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ : ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ " فإنما أضافه إلى مضر ليبين صحة قولهم في رجب أنه الشهر الذي بين جمادي وشعبان ، لا كما تظنه ربيعة من أن رجب المحرم هو الشهر الذي بين شعبان وشوال ، وهو رمضان اليوم ، فبيَّن - صلى الله عليه وسلم - أنه رجب مضر لا رجب ربيعة ؛ وإنما كانت الأشهر المحرمة أربعة : ثلاثة سرد وواحد فرد ، لأجل أداء مناسك الحج والعمرة ، فحرَّم قبل شهر الحج شهرًا وهو ذو القعدة ، لأنهم يقعدون فيه عن القتال ، وحرَّم شهر ذي الحجة لأنهم يوقعون فيه الحج ، ويشتغلون بأداء المناسك ، وحرَّم بعده شهرًا آخر وهو المحرم ، ليرجعوا فيه إلى أقصى بلادهم آمنين ؛ وحرَّم رجب في وسط الحول لأجل زيارة البيت والاعتمار به لمن يقدم إليه من أقصى جزيرة العرب ، فيزوره ثم يعود إلى وطنه فيه آمنًا ؛ وقوله : { ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ } أي : هذا هو الشرع المستقيم من امتثال أمر الله ، فيما جعل من الأشهر الحرم والحذو بها على ما سبق من كتاب الله الأول ؛ قال تعالى : { فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ } أي : في هذه الأشهر المحرمة ، لأنها آكد وأبلغ في الإثم من غيرها ، كما أن المعاصي في البلد الحرام تضاعف ، لقوله تعالى : { وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } [ الحج : 25 ] ، وكذلك الشهر الحرام تغلظ فيه الآثام ، ولهذا تغلظ فيه الدية في مذهب الشافعي وطائفة كثيرة من العلماء ؛ وعن ابن عباس - رضي الله عنهما : قوله : { إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ } إلى قوله : { فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ } في كلهن ، ثم اختص من ذلك أربعة أشهر فجعلهن حرامًا ، وعظم حرماتهن ، وجعل الذنب فيهن أعظم ، والعمل الصالح أعظم .ا.هـ . وقال قتادة : إن الظلم في الأشهر الحرم أعظم خطيئة ووزرًا من الظلم في سواها ، وإن كان الظلم على كل حال عظيمًا ، ولكن الله يعظم من أمره ما يشاء ؛ وقال : إن الله اصطفى صفايا من خلقه : اصطفى من الملائكة رسلًا ومن الناس رسلًا ، واصطفى من الكلام ذكره ، واصطفى من الأرض المساجد ، واصطفى من الشهور رمضان والأشهرالحرم ، واصطفى من الأيام يوم الجمعة ، واصطفى من الليالي ليلة القدر ، فعظموا ما عظم الله ، فإنما تعظيم الأمور ما عظمها الله به عند أهل الفهم وأهل العقل .ا.هـ . وقال ابن إسحاق : { فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ } أي : لا تجعلوا حرامها حلالًا وحلالها حرامًا كما فعل أهل الشرك ، فإنما النسيء الذي كانوا يصنعون من ذلك { زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا } الآية .ا.هـ. والنسيء في الأشهر الحرم أن العرب في الجاهلية كانوا يجعلون بعض الأشهر مكان بعض ، فيجعلون صفرًا ( وهو ليس من الأشهر الحرم ) مكان المحرم ( وهو من الأشهر الحرم ) في عام ، ثم يعيدونه بعد ذلك في العام الذي بعده ؛ فيحلوا ما حرم الله ، ويحرموا ما أحل الله ، ولذلك ليقوموا بالإغارة في الشهر الحرام ، قال الله تعالى : { إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ } [ التوبة : 37 ] ؛ قال ابن كثير - رحمه الله : فإنهم كان فيهم من القوة الغضبية والشهامة والحمية ما استطالوا به مدة الأشهر الثلاثة في التحريم المانع لهم من قضاء أوطارهم من قتال أعدائهم , فكانوا قد أحدثوا قبل الإسلام بمدة تحليل المحرم فأخروه إلى صفر فيحلون الشهر الحرام ويحرمون الشهر الحلال ليواطئوا عدة ما حرم الله الأشهر الأربعة .