الأدلة العقلية على الصفات الإلهية .

إنضم
1 مايو 2010
المشاركات
172
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
الطائف / حي السداد
بسم الله الرحمن الرحيم​
استدل السلف على صفات الكمال بالنقل والفطرة والعقل ؛ وأدلتهم على صفات الكمال عقلا كثيرة جماعها أربعة :
١ - دليل الأفعال: فإن أفعال الله تعالى آيات بينات على صفات كماله، فالخلق يدل على العلم والقدرة والحكمة والحياة،وإتقان المخلوقات يدل كذلك على علم الرب وحكمته ووضع الأشياء في مواضعها اللائقة، والإحسان إلى العباد يدل على صفةالرحمة، وإكرام الطائعين يدل على صفة المحبة، وهكذا. وقد نبه الله لهذا الدليل بقوله : ( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ) يقول عبد الرحمن السعدي: "كثيرا ما يقرن بين خلقه وإثبات علمه.... لأن خلقه للمخلوقات أدل دليل على علمه وحكمته وقدرته"
٢ - دليل الترجيح والتفضيل: فإن صفات الكمال ثابتة لكثير من المخلوقات فيكون ثبوﺗﻬا للخالق من باب أولى، لأنه أفضل من خلقه مطلقا ؛ قال تعالى : ( أفمن يخلق كمن لايخلق ) ، وقال : ( إقرأ وربك الأكرم ) ؛ أي أنه أفضل وأحق من غيره في الكرم الجامع للمحاسن والمحامد، وهي صفات الكمال، فهو الأحق بالإحسان والرحمة والحكمة والعلم والحياة وسائر أوصاف الكمال المطلق .
٣ - الاستدلال بالأثر على المؤثر، فإن الله تعالى هو الخالق لذوات المخلوقات وصفاﺗﻬا وأفعالها، وكل ما فيها من صفات الكمال دليل على صفات الخالق من باب أولى، فقوة المخلوق دليل على أن الله أقوى وأشد، وعلم المخلوق ورحمته وسائر صفات كماله دليل على أن الله أعلم وأحكم وأكمل، لأن من فعل الكامل فهو أحق بالكمال، قال تعالى : ( وقالوا من أشد منا قوة أولم يروا أن الله الذي خلقهم أشد منهم قوة ) ؛ فما في المخلوقات من قوة وشدة يدل على أن الله أقوى وأشد، وما فيها من علم وحياة يدل على أن الله أولى بالعلم والحياة .
٤ - الاستدلال بانتفاء الوصف على ثبوت نقيضه ؛ فلو لم يتصف الرب بصفات الكمال للزم اتصافه بأضدادها، لأن القابل للضدين لا يخلو من أحدهما، وكل ما يضاد الكمال فهو نقص يناقض الألوهية، ولهذا أبطل الله الشرك بوجود صفات النقص فيما يعبد من دونه ؛ قال تعالى عن الخليل ( ياأبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْني عَنْكَ شَيْئا ) ، وقال : ( وَاتَّخذ قوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيهمْ عِجْلا جَسَدًا لهُ خُوَارٌ أَلمْ يَرَوْا أنَّهُ لا يُكلِّمُهُمْ وَلا يَهْدِيهمْ سَبيلًا ) .
حقيقة المثل الأعلى وآثاره ص 19 - 20
 
أولاً : هذه الأدلة هي دالة على كمال صفات الرب جل جلاله .
ثانياً : ما ذُكر آنفا من الأدلة هي أدلة شرعية عقلية , وليست عقلية فقط .
وفقك الله ,,,
 
ليتك توضح مقصودك بهذا الاستدراك لو تكرمت .

إنّ من فضل القول ومكرور الكلام أن يُقال : إنّه يجب أن يُوصف الله تعالى بما وصف به نفسه , ووصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم ؛ نفياً وإثباتاً , وهذا كما هو معلوم مذهب أهل السنّة والجماعة .
وإنّ من المحال أن يكون كتاب الله وسنّة نبيّه صلى الله عليه وسلم قد اهملت شيئاً في صفات الله جل وعز ؛ فلم تبيّنه للنّاس , كما قرّر ذلك شيخ الإسلام في مطلع الرّسالة الحمويّة .
فبعد ذلك لو قيل : هل يصح أن يكون العقلُ دليلاً على إثبات صفات الله سبحانه وتعالى ؟
فالجواب : نعم , ولكن بشرط ؛ أن يرجع إلى دليل شرعيّ , أما أن يتفرد العقل به فلا ! وأنّى له ذلك . قال شيخ الإسلام في التدمريّة : القاعدة السابعة أن يقال : إنّ كثيرا مما دلّ عليه السمع يُعلم بالعقل أيضا والقرآن يبيّن ما يستدِل به العقل ويرشد إليه وينبّه عليه ; كما ذكر الله ذلك في غير موضع ؛ فإنه سبحانه وتعالى : بيّن من الآيات الدالة عليه وعلى وحدانيته وقدرته وعلمه وغير ذلك = ما أرشد العباد إليه ودلهم عليه . انتهى
فتبيّن من هذا الكلام ومما سيأتي أن العقل دليل ولكن يجب أن يكون الشرع قد نبّه عليه وأرشد عليه , فمن ثَمّ يكون دليلاً شرعياً عقلياً , وأما تفرّد العقل بإثبات الصّفات وغيرها فهذا هو مذهب الأشاعرة والمعتزلة الذين يجعلون العقل مُشرّعا – وكاتب المقال لا أخاله يريد هذا فهو وهم وسبق قلم منه بدليل كلامه واستدلاله _ , الحاصل : أن الأدلة على ضربين لا ثالث لهما : الأوّل : شرعيّة , والثاني : شرعيّة عقليّة , وقد قسّم شيخنا عبدالرحمن البرّاك الأدلّة في شرحه الذي حلّى به جيد التدمريّة = تقسيماً بديعاً ؛ يُعلم منه أن المرجع أولاً وآخراً إلى أدلة الشّرع فقال ص460 : والواقع أن أدّلة السمع منها ما هو سمعيّ محض , ومنها ما هو سمعيّ عقليّ , فهي سمعيّة ؛ لأنّ الشرع جاء به , وهي عقليّة ؛ لأنّها اشتملت على الدّليل العقليّ , وأرشدت إليه .
وقد ذكر قبله ذلك شيخ الإسلام في الأكمليّة _ وفي غيرها _ مبيّناً أن المُعوّل عليه هو دليل الشّرع فقال ص58 : ودلالة القرآن على الأمور نوعان : أحدهما خبر الله الصادق فما أخبر الله ورسوله به فهو حق كما أخبر الله به , والثاني دلالة القرآن بضرب الأمثال وبيان الأدلة العقلية الدالة على المطلوب ؛ فهذه دلالة شرعية عقلية , فهي شرعية لأن الشرع دل عليها , وأرشد إليها , وعقلية لأنها تُعلم صحتها بالعقل , ولا يُقال : إنّها لم تُعلم إلا بمجرد الخبر . وإذا أخبر الله بالشّيء ودلّ عليه بالدّلالات العقليّة : صار مدلولا عليه بخبره . ومدلولا عليه بدليله العقليّ الذي يعلم به فيصير ثابتا بالسمع والعقل وكلاهما داخل في دلالة القرآن التي تسمى الدّلالة الشرعيّة . انتهى
والله اعلم ...
 
أشكر الإخوة الكرام على تفاعلهم وبخصوص ماذكره الأخ الكريم سعد آل الراحلة فهو حق فإن العقل لايستدل به إلا إذا نبه الشرع عليه وأرشد إليه كما نبه لذلك شيخ الإسلام في التدمرية ودرء التعارض وهناك رسالة مفردة في هذا الموضوع لفضيلة الدكتور / سعود العريفي ، وهي من الرسائل القيمة !
وهذا الموضوع لم يغب عن ذهني أثناء كتابة المشاركة ؛ ولهذا كنت أتبع كل دليل عقلي بما أرشد إليه من القرآن ، ولم أذكر الأدلة العقلية مجردة كما يفعل أهل الكلام !
وعلى هذا فحين أقول الأدلة العقلية فالمراد التي نبه عليها الشرع بقرينة ما ذكر من نصوص وتكون ( أل ) للعهد الذهني وهذه الطريقة يسلكها العلماء كثيرا ؛ فمثلا كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله المراد به توحيد الألوهية بقرينة ماذكر في ثناياه من نصوص ومسائل و ( أل ) للعهد الذهني ؛ وهي كافية عن التقييد بالصفة أوالإضافة . والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
 
بارك الله فيكم يا دكتور عيسى .
ملاحظتي على كلام أخي سعد بن علي أحببت فيها تنبيهه إلى أنه ربما لا يعرف من هو د. عيسى السعدي ، فكلام د. عيسى واضح من وجهة نظري، وأخي سعد بن علي - ونحن عندما كنا في سنه - نبادر إلى تخطئة الآخرين والاستدراك عليهم بتعجل في أحيان كثيرة، ولعلها فرصة لأخي سعد أن يقرأ ما كتبه د. عيسى السعدي في العقيدة وكتبه مطبوعة ولعلي أعرِّفُ بآخرها صدوراً حيث أهداني عدداً منها في زيارته الأخيرة في الطائف ، وهي كتب وبحوث قيمة جداً في بابها .
ووجود مثل أخي د. عيسى السعدي بيننا هنا غنيمة باردة لنا صغار طلاب العلم ، فهو من العلماء الراسخين في العلم ولا سيما علم العقيدة، وأجد في كتابته شبهاً واضحاً بأسلوب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، وهي فرصة لنا للسؤال عما يشكل علينا في علم العقيدة ومسائله الدقيقة التي لا تجد لها إلا أمثال د. عيسى وفقه الله وزاده علماً ، وأعلم أن هذا الكلام لا يرضيه ولكن لأن هذه المنتديات الإلكترونية تعمي على القارئ أقدار المشاركين ، فلا يدري أكثرنا عن بعض العلماء المميزين الذين يشاركوننا في الملتقى، وقد يحجبهم عنا نشاط زملائنا المبتدئين في الملتقى الذين يشاركون بكثرة غير منضبطة ، وهذا دورنا في الإشراف ولا بد أن نتنبه له، فإن أمثال د. عيسى إذا لم يجدوا من ينتفع بعلمهم وبحوثهم ومشاركاتهم تركوا لنا الملتقى وفقدنا بفقدهم علماً غزيراً .
معذرة على الإطالة ولكنني لم أجد بداً من التنبيه .
 
أشكر الأخ الدكتور عبدالرحمن على تواضعه وحسن ظنه بأخيه ومحبته لعقيدة السلف ولما يكتب عن دلائلها ومسائلها ؛ وأسأل الله تعالى أن يرفع قدره ويزيده من فضله ، وما أنا إلا باحث أوطالب علم شارك في هذا المنتدى العلمي الراقي رغبة في الاستفادة والإفادة ؛ وأسأل الله تعالى أن يرزقنا جميعا الإخلاص في طلب العلم ونشره ؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
 
عودة
أعلى