عذرا يا شيخ محمد : قد ضيقتم أمرا واسعا ، والنبي صلى الله عليه وسلم ما خير بين أمرين إلا واختار أيسرهما ، ولا دليل على حرمة الإقراء عبر وسائل الاتصال الحديثة ، وخصوصا وأن هناك من أهل العلم من يجيزها ويقرها وقد يدخلها في باب المصالح المرسلة .
هذا أولا ، وثانيا : عندما بحثت عن شيخة مجازة عندنا في دمياط لأتلقى عنها قراءة عاصم وجدت وقتها القليل منهن ولكن يومهم بسنة ولم أجد وقتها شيخة مجازة بالعشر ، فلم يكن مني إلا أن أخذت الإجازة من الشيوخ الرجال ، ولكن غيري قد لا يسمح لها بذلك ، وقد لا تجد حتى من يعلمها في محيطها ، وكثير من النساء لا تخرج من البيوت إلا لضرورة فلماذا نضيق عليهن ؟؟؟
والأمر يرجع إلى المجيز وحرصه على الإتقان ، وإلا فهناك من ارتحلوا طلبا للسند العالي وتعدد المشايخ وقد لا تجد عندهم إتقان من تعلم على سكايبي أو عن طريق الهاتف ، وما أكثر المجازين في زماننا وما أندر المتقنين ، وإنا لله وإنا إليه راجعون .
سيدتي الفاضلة حفظكِ الله وأيدكِ وفتح عليكِ وأفاض عليكِ من رحماته وبركاته وقادكِ إلى التوفيق
سيدتي الكريمة : الأمر ليس مسألة اختيار حتى نختار أيسرهما، ولو خُيّرنا لا اخترنا أيسر الأمرين، لكن الأمر أمر صحة وعدم صحة. ومعلوم أن تحريم الشيء يحتاج إلى نص وثيق. وقد قلنا فيما سبق - أنا والصومالي - بأن ما نقوله "مجرد رأي"، وعليه فخذيه "مجرد رأي"، وتصرفي بعد ذلك كما ترين ولكِ من الله التوفيق.
إن أجازه بعض العلماء القراءة والإقراء عن طريق الهاتف وأدخلوه في باب "المصالح المرسلة" فنحن نراها من "المفاسد المرسلة" لعدم ضرورة تدعو إليها.
أما ما ذكرتِ من ندرة المقرئات فأمر مؤسف، لكنه لايكفي تبريرا للقيام بما أراه غيرَصحيح.وأرى أنكِ، بقراءتك على شيخ متقن، تصرفت على الوجه الصحيح. ذلك لأني لا أرى وجه المرأة ولا صوتها عورة. وعليه فلا أرى مانعا من قراءتها على شيخ متقن مهما كان عمره ووصفه.
ثم إن قراءة المرأة على الرجل عن طريق الهاتف أو الإسكايب يعني، أيضا، وجوب وجود ذي محرم، وإلا فإن كل ما يمكن أن يحدث عند حضورها شخصيا يمكن أن يحدث عند قراءتها عن الطريقين المذكورين، ألم يقل أحمد شوقي:
نظرة فابتسامة فسلام = فكلام فموعد فلقاء
ضعي مكان "نظرة" "همسة".
آخر ما يرد في أذهان من يستحقون الإقراء هو هذه الأمور التي يتخوف منها بعض الناس. وترين أنه، من وجهة نظري الشخصية، لا فرق بين المرأة والرجل في القراءة والإقراء.
أما ذكرتِ من أن "هناك من ارتحلوا طلبا للسند العالي وتعدد المشايخ وقد لا تجد عندهم إتقان من تعلم على سكايبي أو عن طريق الهاتف" فلا ندلي برأينا في ذلك لأنه من باب الاحتمال، وإلا فإن المتعلم عن طريق الهاتف أحق بالضعف. أما حزنك التي عبرت عنه بقولك: "وما أكثر المجازين في زماننا وما أندر المتقنين" فنهدئك بما يلي: لو كان الهاتف والإسكايب يستطيعان أن يجعلا أكثريةَ المجازين متقنين برفع نسبة "الحرص على الإتقان" عند الشيوخ والطلاب ولو إلى مستوى 60% فقط فأنا أوجبهما بنص سورة الحج.