يا أخي الكريم
أنت تعلم أنني مثلك تماما أحترم القدماء وأجلهم وأقر أننا مدينون لهم بالكثير الكثير ، وحينما أقول أتمنى التوقف عن ترديد ما قاله القدماء فهذا يعني أن لا نتوقف عند النقطة التي انتهوا اليها ..
أين نحن ؟ أين دورنا ؟
أنت في إجابتك على سؤال الأخ تركي ذكرت له اختلاف القدماء في البسملة .. فهل زدت على ذلك ؟ أين رأيك أنت .. هل تعتقد أنك أجبت على سؤاله ؟
وأنا سألتك [ فماذا يكون رقم البسملة ؟ أيكون صفرا ؟ أم أنها تكون آية منفصلة عن القرآن ؟ ] ... المطلوب الإجابة على السؤال ..
هكذا يكون زماننا فعلا كما أسلفت ، نحن عاجزون عن الوصول إلى إجابة منطقية معقولة .. ولهذا فنحن نكتفي بتكرار ما قيل دون أن يكون لنا رأي واضح .
وما الذي أدراك أني أعلمُ أنّك تحترمُ القدماء وتُجلهم قبل هذا التصريح منك الآن.؟
وكيف يكون ذلك وأنت تتمنى تجاوز ما أقروه ليصبح لنا رأي واضحٌ بمعزلٍ عن ما قرروه.
ثمّ إنّ الأخَ تركي الذي تشفق عليه من إجابتي وتسألني أزدتُّ على ذكر خلاف المتقدمين له؟
لم يطلبْ ما يتوصّل إليه عقلي وعقلكَ - أستاذي الكريم - ولعلك أن تعيد قراءة سؤاله لتعرفَ عمَّ سأل تحديداً.
سأل عن سر عدم نطق الأئمة بها مع أنها الآية رقم (1), ونصّ على السؤال عن مذهب الحنابلة في الموضوع الذين يصلي خلف أئمتهم ولا يراهم ينطقون بها.
وأحيلَ لمن أطال النفس في المسألة من المتقدمين.
ولا يخفاك يا أستاذنا الكريم أنّ هذه المسألة لا يتعلقُ الخلافُ فيها بفن واحدٍ من فنون العلم فهي تتعلق بالرسم والقراءات والفقه والحديث والأصول ولا يمكنا تجاوز قواعد هذه العلوم وخلاف الصحابة ومن بعدهم الذي انبنى عليه الخلاف في هذه المسألة لنقول فيها بمحض عقولنا ونغرّ أنفسنا حينئذٍ بأننا وصلنا إلى إجابة منطقيةٍ معقولةٍ.!!
والخلاف في البسملة عائدٌ إلى أمرين ينبغي للمتكلم فيها عدمُ الخلط بينهما:
الأولُ: كون البسملة آية من القرآن أو ليست بآية.
الثاني: حكم الجهر بالبسملة في الصلاة.
وكلاهما منذ عهد الصحابة حتى السّاعة لا يزال قائماً , فهل لنا أن ننصب أنفسنا حُكّاماً بين أبي هريرة ومعاوية وابن عباس ومالك وأبي حنيفة رضي الله عن الجميع وأرضاهم
لكنّك فيما أحسب شكّل لك الخلاف في عدِّها وعدمُه معضلةً لما سينبني عليه من خلخلة بنيانٍ العدد المعجز في الحروف والآيات , كما هو الحال بالنسبة للقراءات التي ينقص ببعضها عدد حروف القرآن ويزيد في آخر كإثبات (هو) في قوله (فإن الله هو الغني الحميد) ونفيه في القراءة الأخرى , وإثبات (من) في قوله (تجري من تحتها الأنهار) ونفيه في القراءة الأخرى, مع تواتر الجميع وصحته, وأرجو أن تفيدنا يا أستاذُ بما توصلتَ أنت إليه في كونها آيةً أو غير آية,وأن تجيبنا بما يترتب على عدها من عدمه من الإعجاز العددي.
أمّا أسئلتك التي قلت فيها:
هل كان هذا الاختلاف موجودا زمن الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة ؟
ألم يكونوا على بينة من اعتبار البسملة هكذا أو هكذا ؟
هل كانوا منقسمين فريقين ؟
هل أباح لهم الرسول مثلا هذا الاختلاف ؟
فلم ير السابقون من الأقدمين المتكلمين في البسملة بأسأً من القول بما تستنكره من أنّ الصحابة اختلفوا فيها وانقسموا إلى فريقين كل منهما على بينة من أمره بناءاً على وقائعَ نبوية شاهدوها وكانت مختلفةً أيضاً في الإثبات وعدمه ,ورجعوا بعد ذلك إلى قواعد العلم الشرعي الأصيل التي يتبيّنُ بها المخرجُ عند حدوث أمرٍ كهذا الخلاف الذي تسميه تضارباً.!
وانقسم أتباعهم فيها فريقين بل زادوا ثالثاً , فذهب فريق إلى أنها آية , ونفى ذلك فريقٌ , وتوسط بينهما فريقٌ بالقول: إن البسملة في بعض القراءات كقراءة ابن كثير آية من القرآن وفي بعض القرآن ليست آية، ولا غرابة في هذا.
ولا أدري ما المشكل عندك في ذلك ؟
والله يوفق الجميع لمراضيه.