بسم الله الرحمن الرحيم
وَقَالُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (15)أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (16) أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ (17) قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ دَاخِرُونَ (18) فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ يَنْظُرُونَ (19) وَقَالُوا يَا وَيْلَنَا هَذَا يَوْمُ الدِّينِ (20) هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (21) احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ (22) مِن دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَىٰ صِرَاطِ الْجَحِيمِ (23)-الصافات
تتكلم بدايات سورة "الصافات" المكية عن دعوة الرسول محمد (ص) للكافرين من قريش،
كانوا يستنكرون ويتسائلون : أءذا متنا وكنا ترابا وعظاما أءنا لمبعوثون؟ أوءاباؤنا الأولون؟
وكان الأمر من الله تعالى للرسول : قل نعم وأنتم داخرون.
ثم إختصرت السورة الحديث عن المستقبل والقول أنهم "ماتوا وأصبحوا ترابا وعظاما"،
الآية بعدها ذلك تحدثنا عن مشهد قيامتهم ورؤيتهم ليوم الدين الفصل الذى كانوا ينكرونه ويكذبونه يتحقق أمامهم :
وَقَالُوا يَا وَيْلَنَا هَذَا يَوْمُ الدِّينِ، هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ،
ثم تقول الآيات :
احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ (22)
والسؤال هنا : لماذا تم ذكر "الذين ظلموا وأزواجهم؟" فقط ؟
بينما هناك آيات أخرى بسورتى "الرعد وغافر" تتكلم عن الآباء والأزواج والذريّة:
جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ ۖ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ -23- الرعد
وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ ﴿8 غافر﴾
فلم تذكر الآية بسورة الصافات أن آبائهم وذريّاتهم سيدخلون الجحيم رغم أن الآية تقول انهم سيبعثون مع آبائهم من الموت " أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ، أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُون، قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ دَاخِرُونَ " والآباء فى القرآن تطلق على الآباء فعليا والأجداد،
جاءت تفاسير مختلفة لكلمة (أزواجهم)، رغم أن الآية واضحة وتعنى (الزوج والزوجة) ممن كفروا ورفضوا دعوة الرسول (ص) ، والدعوة كانت للرجال والنساء أو لكل ذكر وأنثى،
وذكر القرآن فى سورة المسد من الكفّار المعاندين أبى لهب وزوجته "تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ، مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ، سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ،وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ، فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ "
إذا الآيات بسورة الصافات لم تذكر آباؤهم وحشرهم فى الجحيم، ذلك لأنهم لم تصلهم دعوة النبى (ص) وماتوا قبل الإنذار، وتقول الآية 69 من نفس السورة :
إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ ، فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهرَعُونَ (70)
أى أنهم إتّبعوا آبائهم الضالين ومشوا على نفس نهجهم ، ولكن آبائهم لم يصلهم منذرون، كما الآية سورة يس الموجهة للرسول "لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّا أُنذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ "، لذا لم يتم حشرهم الى الجحيم .
وكل الآيات التى تتكلم عن يوم البعث فى القرآن الكريم تقول أن من تم إحيائهم كانوا عالمين بيوم القيامة أى وصلتهم الدعوة ولكنهم كفروا بها:
وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ (51) قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ (52)- يس
وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا ۖ مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۖ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا، ذَٰلِكَ جَزَاؤُهُم بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا وَقَالُوا أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا (98)-الإسراء
يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا ۚ قَالُوا شَهِدْنَا عَلَىٰ أَنفُسِنَا ۖ وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ -130-الأنعام
إذا لم تذكر الآية "الآباء" ودخولهم الى الجحيم لأنه لم يتم أى إنذار لهم، ولم تذكر "الذرّية" لأن فيهم الكثير ممن آمنوا بدعوة الرسول بعد ذلك وهذا يعدّ من دقائق القرآن الكريم .
وذكرت السورة أيضا مشهد للقرين أو الصديق ، وقد يكون متزوجا أو غير متزوج ممن سيحشر الى الجحيم " فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (50) قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ (51) يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ (52) أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَدِينُونَ (53) قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ (54) فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ"- صدق الله العظيم