إما أن تكتبها هكذا وإما أن تعيدها كما كانت!

إنضم
29/10/2023
المشاركات
71
مستوى التفاعل
11
النقاط
8
الإقامة
ليبيا
قبل اختراع علامات الضبط كانت العرب في كتابتها تفرّق بين المتشابهات باستخدام الحروف، وفي الغالب يستخدمون لهذه الوظيفة حروفَ المد الثلاثةَ (الألف، والواو، والياء).
ففرقوا بين (عَمْر) و(عُمَر) بالواو.
وفرقوا بين (مئة) و(منه، فئة، فيه) بالألف.
وفرقوا بين (أولئك) و(إليك) بالواو.
وهلم جرا.
ثم إن الكتابة العربية كلما تأخر الزمن تتجه إلى الموافقة بين المنطوق والمكتوب، ولا سيما في زماننا.
وكان لهذه المسألة نصيب من ذلك؛
🔹
فأصبح كثيرٌ من الكتّاب يميلون إلى كتابة (مئة) من دون ألف¹.
🔹
ومال فريق منهم إلى حذف الواو من (عَمْرو).
وغير ذلك من المواضع التي ذكروا أن وجود علامات الضبط في الكتابة يغني عن الحروف المَزيدة ويقوم مقامها، ويساعد على تقليل الاستثناءات من أصل المطابقة بين المكتوب والمنطوق، ومن ثم يسهّل على المتعلمين تعلُّمَ الإملاء.
فقالوا عندما نكتب (مئة) فوجود الهمزة فيها كافٍ لتمييزها عما يشبهها في الكتاب، وكذلك (فيه) و(منه) و(فئة) يوجد فيها ما يميزها من النقط والهمز.
وقالوا: عندما نكتب (عَمْر) يمكننا تمييزها عن (عُمَر) بعلامات الشكل، فبمجرد وضع فتحة أو ضمة على العين سيتميز هذا من ذاك، فضلًا عن وضع الفتحة أو السكون على الميم.
وليس المقام مقام مناقشة للآراء في هذه المسائل، ولكن القصد من هذا المقال هو تنبيه الذين يختارون حذف الواو من (عَمْر) قد لا يَفُونَ بما ذكروا، فيهملون وضع الحركات؛ وهذا يجعل الحال أكثر عرضة للبس، فلو تركوا الواو على حالها لكان خيرًا لهم!
فإما أن تلتزموا بالضبط، وإما أن تعيدوا الكلمة كما كانت عليه؛ حتى لا تقعوا فيما فررتم منه فتكونوا كالمستجير من الرَّمْضاء بالنار.


________________________
1 هذا المذهب قديم، وليس جديدا -كما ظن بعض الناس-، فقد ذكره جماعة من النحاة كابن السراج وأبو حيان وغيرهما، ولكن السبب الذي جعلهم يميلون إليه في عصرنا أكثر هو ميلهم أكثر إلى مطابقة المكتبوب للمنطوق، وجَعْلُهم هذه الغاية غايةً أساسية في الكتابة.
 
عودة
أعلى