ملاحظة ابتدائيّة:عنوان القصيدة دعاء له بأن يكون من أهل جنان الفردوس؛ لا قطع له بها؛ وإنّي لأرجو الحنّان المنّان أن يكون من أهلها؛ لما نعلم عن حاله. والله أعلم بحاله ومآله.
كنت مسافراً بعيداً بعد زمان وبعد مكان عندما جاءني نعيك يا أبي ، في عاشوراء ، فطرت إليك مسرعاً وحنيني لك يكوي أعظمي أسابق الريح على متن طائرة كنت أحس الساعات قروناً طوالاً ، والثواني جمرات في دمي !
وقلبي يتمزق في داخلي ، ودمعي يتفجر من مآقي ، والدنيا مظلمة في عيني ، حتى وصلت إليك والناس قد صلوا عليك في المسجد ، ووضعوا جسدك المعطّر بانتظار قدومي لأصلي عليه في المقبرة ، ثم نضعك في أحشاء الأرض – ويح قلبي – فوقفت عليك أرثيك وأخاطبك ، وأشهد لك أمام الله تعالى شهادة الحق ، وأردت أن أكشف وجهك لأرى النور فيه - كما وصفه لي مغسلك ومن كان معه ، وأنك نائم مبتسم جسدك كالحرير - فلم أستطع ، فتركتك لأنشغل بقبلات الناس الحرى التي كانت تلفح وجهي ، ودموعهم تنساب من أعينهم ، فبدل أن يواسوني فيك واسيتهم ، وبدل أن يعزوني عزيتهم ! فأي قلب قاسٍ يملكه ابنك المسكين في أحشائه يا حبيبي ؟!!
وهاأنذا أهديك يا أبي وحبيبي بعد مماتك هذه النفثات الحرى ، ، وهيهات أن توفيك بعض حقك هيهات !!!! لكنها جاءت خربشات على غير هدى مني وترتيب ، عفو الخاطر فسامحني وأنت الشاعر المُجيد ، والأديب الرفيع ، والمربي الكبير !!!
يا ربّ إن والدي اليوم ضيفك ، وطالما أكرم ضيوفك على الدنيا ، فأكرم مثواه في الآخرة .
[poem=font="Simplified Arabic,6,darkblue,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="solid,4,red" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
يا ليلة العشر مـن مُحَـرّمِ الحُـرُمِ = زادت على غيرها في الفضل والشّمَمِ
موسى نجا من أذى فرعـون ليلتهـا = كما نجا نوح من طوفان ذي العَـرِمِ
وصام فيها رسولُ الله يـومَ رضـىً = فضلاً على منهـج اليهـود والعجـم
جاءت بهـا كربـلاء الـدّمِ معلنـةً = من مجرمين استباحوا حرمة الذمـمِ
وها علـى إثرهـا "جميـلُ" فاجأنـا = بفقـده صاعـداً فـي أمّـةِ القِمَـمِِ
أبٌ حبيبٌ بـه القلـوب قـد تُيّمـت = يا لهف نفسـي علـى أبنائـه اليُتّـمِ
لقد طواه الرّدى في روضةٍ عطرت = بيـن أحبتـه مـن أمّــة الخـيـمِ
وكم بكته عيـونُ القلـبِ مخضلّـة = حزناً ووجداً علـى حبيبهـا الهيّـمِ
وكم قلـوبٍ عليـه نزفـت حسـرةً = على الذي كان وصّالاً إلـى الرّحـمِ
يا ليلة العشرِ مـن محـرّمِ الحُـرُمِ = ابكِ على العاشـق المتيّـم الصائـمِ
القائـمِ الليـلَ ذكـراً شاكـراً ربّـه = وقارئـاً فـي كتـاب ربِّـه المنعـمِ
والمنفـقِ المـالَ إحسانـاً وتكرمـةً = من فجرِ عهد الصِّبا في دوحة الكرمِ
والقـارضِ الشّعـرَ يهدينـا بدائعَـه = والثغـرُ ينشِـده مـن قلبـه الكلـمِ
شِعْرٌ يفيضُ تقـىً وطاعـةً وهـدىً = يجلو لنا من دُجانـا حالـكَ الظُّلـمِ
شِعرٌ له في كتاب الشّـوقِ أجنحـةٌ = لأرضِ أهلٍ دهتها قبضـةُ المجـرمِ
مستنهضاً هممَ الأبطـالِ فـي أمّـةٍ = كانت زمانَ العلى من خيـرة الأمـمِ
وهو المربّي لجيلٍ طـاب مَغْرِسُـهُ = ثقافة طـاب فيهـا مغـرسُ الأنْعُـمِ
شمائـلٌ حلـوةٌ مـكـارمٌ جـمّـةٌ = جـوارحٌ عَفَّـةٌ زَكَـتْ مِـنَ القِـدمِ
جموعُ أهلِ العُـلا جـاءت معزّيـةً = بموتِ شيـخٍ شريـفٍ طاهـرٍ عَلَـمِ
جـاءت تسابـقُ أشواقـاً مؤجَّجـةً = ترجو بها رؤيةَ البَدْرِ الذي قد رُمـي
يا والدي لو رأيـتَ اليـوم جمعَهـم = معزيـاً فلـذاتِ الكَبِـدِ المُـضْـرَمِ
لأثلجَ الصّدرَ حُسْنُ سيرةٍ قد مَضَـتْ = لوالـدٍ فـاضـلٍ مُـقَـدَّرٍ مُـكْـرَمِ
العينُ تدمعُ ، والقلبُ بكـى حسـرةً = والنّفسُ ترجو لك الفلاحَ في الموسمِ
أمّاه صبراً على موت الحبيـبِ فقـد = عَـلا هنـاك علـوَّ البَـدْرِ بالأنجُـمِ
بين جهادٍ وتعذيبٍ وسجـنٍ مَضَـتْ = منه ثلاثـونَ عامـاً تستحـلّ دمـي
فعاشَ بين شعابِ الصّبـرِ مُحتسبـاً = وصابراً مثلَ أيوبِ النبـيِّ المُكْـرَمِ
أَنْعِـمْ بزوجَتِـهِ بِــرّاً وتضحـيـةً = تحنو عليه حنـوَّ العاشـقِ المُغْـرَمِ
وأختُه تُطلِقُ الصَّبْرَ الجميلَ رضـىً = تُرضي بهِ قَدَراً أسمـى مـن النّـدمِ
فقد توارى "جميلٌ" ، "أحمدٌ" ، ولهـا = "مُحمَّدٌ" ، في رياضِ النورِ لا الظُّلَـمِ
هذا "جميلٌ" ، ونِعمَ الشّيخُ ، يَفجَعُنـا = به الزّمـانُ إذا امتـدّتْ يَـدُ العَـدَمِ
يا والــدي كم همومٍ كُنتَ تَحْمِلُهـا = عنّا ، وكنـتَ لنـا خيـرَ أبٍ قيِّـمِ
يا والدي سوفَ أبكيكَ الزّمانَ ، وكم = حُبّي لعينيكَ يَسْري في حنايـا دمـي
يا والـدي ذِكْـرُكَ الفـوّاحُ يأسِرُنـا = بمـا لأنْعُمِـهِ مـن طاعـةِ المُنْعِـمِ
أرجو الإلهَ بأنْ يرعاكَ فـي رحمـةٍ = تحنو على والـدي المُكَـرَّمِ المسلـمِ
يا ربّ أدْخِلْهُ جنّاتِ الخلــودِ ولا = تحْرِمْهُ من حُورِها ، والخيْرِ والأنْعُمِ
أعِذْهُ من حَـرِّ نيـرانِ القبـورِ ولا = تحْرِمْهُ من عفوِ ذي منٍّ وذي كَـرَمِ
ثُمَّ الصّلاةُ على خيْـرِ الأنـامِ فقـد = أهـدى لنـا سُنّـةً وضّـاءَةَ النُّظُـمِ[/poem]
توفّي الوالد الحبيب فجر السّبت :10/المحرّم/1426هـ- الموافق 19/2/2005م
وما يزال محفوراً في القلب وفي الذّاكرة، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون أن أراه في منامي رحمه الله تعالى.
ومن باب البرّ بالوالد الحبيب أنشرها هنا في هذا الملتقى المبارك. ولست أطلب تعقيباً عليها؛ ومن عقّب فله جزاءً الحسنى؛ إنّما نتذكّر بها أحبابنا الّذين نفقدهم فإنّ الشّجى يبعث الشّجى، وكلّه قبر والدي. مع الاعتذار لمتمّم بن نويرة -رحمه الله تعالى-
ورحم الله من فقدنا من أحبّائنا جميعاً.
كنت مسافراً بعيداً بعد زمان وبعد مكان عندما جاءني نعيك يا أبي ، في عاشوراء ، فطرت إليك مسرعاً وحنيني لك يكوي أعظمي أسابق الريح على متن طائرة كنت أحس الساعات قروناً طوالاً ، والثواني جمرات في دمي !
وقلبي يتمزق في داخلي ، ودمعي يتفجر من مآقي ، والدنيا مظلمة في عيني ، حتى وصلت إليك والناس قد صلوا عليك في المسجد ، ووضعوا جسدك المعطّر بانتظار قدومي لأصلي عليه في المقبرة ، ثم نضعك في أحشاء الأرض – ويح قلبي – فوقفت عليك أرثيك وأخاطبك ، وأشهد لك أمام الله تعالى شهادة الحق ، وأردت أن أكشف وجهك لأرى النور فيه - كما وصفه لي مغسلك ومن كان معه ، وأنك نائم مبتسم جسدك كالحرير - فلم أستطع ، فتركتك لأنشغل بقبلات الناس الحرى التي كانت تلفح وجهي ، ودموعهم تنساب من أعينهم ، فبدل أن يواسوني فيك واسيتهم ، وبدل أن يعزوني عزيتهم ! فأي قلب قاسٍ يملكه ابنك المسكين في أحشائه يا حبيبي ؟!!
وهاأنذا أهديك يا أبي وحبيبي بعد مماتك هذه النفثات الحرى ، ، وهيهات أن توفيك بعض حقك هيهات !!!! لكنها جاءت خربشات على غير هدى مني وترتيب ، عفو الخاطر فسامحني وأنت الشاعر المُجيد ، والأديب الرفيع ، والمربي الكبير !!!
يا ربّ إن والدي اليوم ضيفك ، وطالما أكرم ضيوفك على الدنيا ، فأكرم مثواه في الآخرة .
[poem=font="Simplified Arabic,6,darkblue,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="solid,4,red" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
يا ليلة العشر مـن مُحَـرّمِ الحُـرُمِ = زادت على غيرها في الفضل والشّمَمِ
موسى نجا من أذى فرعـون ليلتهـا = كما نجا نوح من طوفان ذي العَـرِمِ
وصام فيها رسولُ الله يـومَ رضـىً = فضلاً على منهـج اليهـود والعجـم
جاءت بهـا كربـلاء الـدّمِ معلنـةً = من مجرمين استباحوا حرمة الذمـمِ
وها علـى إثرهـا "جميـلُ" فاجأنـا = بفقـده صاعـداً فـي أمّـةِ القِمَـمِِ
أبٌ حبيبٌ بـه القلـوب قـد تُيّمـت = يا لهف نفسـي علـى أبنائـه اليُتّـمِ
لقد طواه الرّدى في روضةٍ عطرت = بيـن أحبتـه مـن أمّــة الخـيـمِ
وكم بكته عيـونُ القلـبِ مخضلّـة = حزناً ووجداً علـى حبيبهـا الهيّـمِ
وكم قلـوبٍ عليـه نزفـت حسـرةً = على الذي كان وصّالاً إلـى الرّحـمِ
يا ليلة العشرِ مـن محـرّمِ الحُـرُمِ = ابكِ على العاشـق المتيّـم الصائـمِ
القائـمِ الليـلَ ذكـراً شاكـراً ربّـه = وقارئـاً فـي كتـاب ربِّـه المنعـمِ
والمنفـقِ المـالَ إحسانـاً وتكرمـةً = من فجرِ عهد الصِّبا في دوحة الكرمِ
والقـارضِ الشّعـرَ يهدينـا بدائعَـه = والثغـرُ ينشِـده مـن قلبـه الكلـمِ
شِعْرٌ يفيضُ تقـىً وطاعـةً وهـدىً = يجلو لنا من دُجانـا حالـكَ الظُّلـمِ
شِعرٌ له في كتاب الشّـوقِ أجنحـةٌ = لأرضِ أهلٍ دهتها قبضـةُ المجـرمِ
مستنهضاً هممَ الأبطـالِ فـي أمّـةٍ = كانت زمانَ العلى من خيـرة الأمـمِ
وهو المربّي لجيلٍ طـاب مَغْرِسُـهُ = ثقافة طـاب فيهـا مغـرسُ الأنْعُـمِ
شمائـلٌ حلـوةٌ مـكـارمٌ جـمّـةٌ = جـوارحٌ عَفَّـةٌ زَكَـتْ مِـنَ القِـدمِ
جموعُ أهلِ العُـلا جـاءت معزّيـةً = بموتِ شيـخٍ شريـفٍ طاهـرٍ عَلَـمِ
جـاءت تسابـقُ أشواقـاً مؤجَّجـةً = ترجو بها رؤيةَ البَدْرِ الذي قد رُمـي
يا والدي لو رأيـتَ اليـوم جمعَهـم = معزيـاً فلـذاتِ الكَبِـدِ المُـضْـرَمِ
لأثلجَ الصّدرَ حُسْنُ سيرةٍ قد مَضَـتْ = لوالـدٍ فـاضـلٍ مُـقَـدَّرٍ مُـكْـرَمِ
العينُ تدمعُ ، والقلبُ بكـى حسـرةً = والنّفسُ ترجو لك الفلاحَ في الموسمِ
أمّاه صبراً على موت الحبيـبِ فقـد = عَـلا هنـاك علـوَّ البَـدْرِ بالأنجُـمِ
بين جهادٍ وتعذيبٍ وسجـنٍ مَضَـتْ = منه ثلاثـونَ عامـاً تستحـلّ دمـي
فعاشَ بين شعابِ الصّبـرِ مُحتسبـاً = وصابراً مثلَ أيوبِ النبـيِّ المُكْـرَمِ
أَنْعِـمْ بزوجَتِـهِ بِــرّاً وتضحـيـةً = تحنو عليه حنـوَّ العاشـقِ المُغْـرَمِ
وأختُه تُطلِقُ الصَّبْرَ الجميلَ رضـىً = تُرضي بهِ قَدَراً أسمـى مـن النّـدمِ
فقد توارى "جميلٌ" ، "أحمدٌ" ، ولهـا = "مُحمَّدٌ" ، في رياضِ النورِ لا الظُّلَـمِ
هذا "جميلٌ" ، ونِعمَ الشّيخُ ، يَفجَعُنـا = به الزّمـانُ إذا امتـدّتْ يَـدُ العَـدَمِ
يا والــدي كم همومٍ كُنتَ تَحْمِلُهـا = عنّا ، وكنـتَ لنـا خيـرَ أبٍ قيِّـمِ
يا والدي سوفَ أبكيكَ الزّمانَ ، وكم = حُبّي لعينيكَ يَسْري في حنايـا دمـي
يا والـدي ذِكْـرُكَ الفـوّاحُ يأسِرُنـا = بمـا لأنْعُمِـهِ مـن طاعـةِ المُنْعِـمِ
أرجو الإلهَ بأنْ يرعاكَ فـي رحمـةٍ = تحنو على والـدي المُكَـرَّمِ المسلـمِ
يا ربّ أدْخِلْهُ جنّاتِ الخلــودِ ولا = تحْرِمْهُ من حُورِها ، والخيْرِ والأنْعُمِ
أعِذْهُ من حَـرِّ نيـرانِ القبـورِ ولا = تحْرِمْهُ من عفوِ ذي منٍّ وذي كَـرَمِ
ثُمَّ الصّلاةُ على خيْـرِ الأنـامِ فقـد = أهـدى لنـا سُنّـةً وضّـاءَةَ النُّظُـمِ[/poem]
توفّي الوالد الحبيب فجر السّبت :10/المحرّم/1426هـ- الموافق 19/2/2005م
وما يزال محفوراً في القلب وفي الذّاكرة، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون أن أراه في منامي رحمه الله تعالى.
ومن باب البرّ بالوالد الحبيب أنشرها هنا في هذا الملتقى المبارك. ولست أطلب تعقيباً عليها؛ ومن عقّب فله جزاءً الحسنى؛ إنّما نتذكّر بها أحبابنا الّذين نفقدهم فإنّ الشّجى يبعث الشّجى، وكلّه قبر والدي. مع الاعتذار لمتمّم بن نويرة -رحمه الله تعالى-
ورحم الله من فقدنا من أحبّائنا جميعاً.