"إلى الطّلاب" مقالة رائعة للشّيخ الطّنطاويّ -رحمه الله تعالى-

  • بادئ الموضوع بادئ الموضوع نعيمان
  • تاريخ البدء تاريخ البدء

نعيمان

New member
إنضم
31/12/2005
المشاركات
351
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
قال أديب العربيّة الشّيخ المبارك عليّ الطّنطاويّ -رحمه الله- في كتابه "مع النّاس"؛ في مقالة رائعة له عنوانها: "إلى الطلاب":
( زرت من أيّام صديقاً لي قبيل المغرب، فجاء ولده يسلّم عليّ؛ وهو مصفرّ اللّون باديَ الضّعف؛فقلت خيراً إن شاء الله؟
قال أبوه: ما به من شيء؛ ولكنّه كان نائماً.
قلت: وماله ينام غير وقت المنام؟
قال: ليسهر في اللّيل؛ إنّه يبقى ساهراً كلّ ليلة إلى السّاعة الثّانية.
قلت: ولم؟ قال: يستعدّ للامتحان.
قلت: أعوذ بالله! هذا أقصر طرق الوصول إلى السّقوط في الامتحان.
لقد دخلت خلال دراستي امتحانات لا أحصي عددها؛ فما سقطت في واحد منها؛ بل كنت فيها كلّها من المجلّين السّابقين، وما سهرت من أجلها ساعة؛ بل كنت أنام أيّام الامتحان أكثر ممّا أنام في غيرها.
فعجب الولد وقال: تنام أكثر؟
قلت نعم, وهل إلا هذا.أفرأيت رياضيّاً؛ ملاكماً، أو مصارعاً؛ يهدّ جسده ليالي المباراة بالسّهر, أم تراه ينام، ويأكل، ويستريح؛ ليدخل المباراة قويّاً نشيطاً؟
قال: والوقت؟
قلت: إنّ الوقت متّسع, وإنّ ساعة واحدة تقرأ فيها وأنت مستريح؛ تنفعك أكثر من أربع ساعات تقرأ وأنت تعبان نعسان؛ تظنّ أنّك حفظت الدّرس وأنت لم تحفظه.
قال: إن كانت هذه النّصيحة الأولى فما الثّانية؟
قلت: أن تعرف نفسك أوّلاً, ثمّ تعرف كيف تقرأ.
فإنّ من الطلاب من هو بصريّ؛ يكاد يذكر في الامتحان صفحة الكتاب و مكان المسألة منها, ومنهم من هو سمعيّ يذكر رنّة صوت الأستاذ.
فإن كنت من أهل البصر فادرس وحدك, وإن كنت من أهل السمع فادرس مع رفيق لك مثلك، واجعله يقرأ عليك.
قال : وكيف أعرف نفسي؟
قلت: أنا أكتب عشر كلمات لا رابطة فيها (مثل: كتاب، مئذنة, سبعة عشر, هارون الرّشيد ... )
وأقرؤها عليك مرّة واحدة، ثمّ تكتب أنت ما حفظته منها.
وأكتب مثلها وأطلعك عليها لحظة، وتكتب ما حفظته منها.
فإن حفظت بالسّمع أكثر فأنت سمعيّ وإلا فأنت بصريّ.
قال: والنّصيحة الثّالثة؟
قلت: أن تجعل للدّراسة برنامجاً تراعي فيه تنوّع الدروس.
وأحسن طريقة وجدتها للقراءة أن تمرّ أوّلاً على الكتاب كلّه مرّاً سريعاً على أن يكون القلم في يدك,
فما هو مهمّ خططت تحته خطّاً والشّرح الّذي لا ضرورة له تضرب عليه بخطّ خفيف
والفقرة الجامعة تشير إليها بسهم.
ثمّ يأتي دور المراجعة, فتأخذ الكتاب معك فتمشي في طريق خال وتستعرض في ذهنك مسائل الكتاب واحدة تلو الأخرى؛ تتصوّر أنّك في الامتحان وأنّ السّؤال قد وجّه إليك فإذا وجدته حاضراً في ذهنك تركته, وإلا فتحت الكتاب فنظرت فيه نظراً تقرأ فيه الفقرات والجمل الّتي قد أشرت إليها فقط فتذكر ما نسيته, وإذا وجدت أنّك لا تذكر من المسألة شيئاً أعدت قراءة الفصل كلّه.
والرّابعة: ألا تخاف؛ والخوف من الامتحان لا يكون من الغباء، ولا التّقصير، ولا الجبن؛ ولكنّ الخوف من شيء واحد وهو منشؤه وسببه.
ذلك أنّ بعض الطّلاب ينظرون إلى الكتاب الكبير والوقت القصير الباقي ويريدون أن يحفظوه كلّه في ساعة فلا يستطيعون؛ فيدخل الخوف عليهم من أن يجيء الامتحان وهم لم يكملوا حفظه.
ومثلهم مثل الّذي يريد أن يمشي على رجليه من المزّة إلى المطار ليدرك الطّيّارة وما معه إلا ساعتان,
فإن قال لنفسه: كيف أصل؟ أو ركض كالمجانين فتعب حتّى وقع, ولم يصل أبداً.
وإن قسم الوقت والخطا وقال لنفسه: إنّ عليّ أن أمشي في الدّقيقة مئة خطوة فقط؛ سار مطمئنّاً ووصل سالماً.
والخامسة: أنّ بعض الطلاب يقف أمام قاعة الامتحان يعرض في ذهنه مسائل الكتاب كلّها, فإذا لم يذكرها اعتقد أنّه غير حافظ درسه واضطرب وجزع.
كم تعرف من أسماء إخوانك وأحبّائك؟ هل تستطيع أن تسردها كلّها سرداً في لحظة واحدة؟
لا؛ ولكن إذا مرّ الرّجل أمامك أو وصف لك ذكرت اسمه.
فغيابها عن ذهنك ليس معناه أنّها فقدت من ذاكرتك.
والسّادسة: أنّك كلّما قرأت درساً استرحت بعده، أو انصرفت إلى شيء بعيد عنه؛ ليستقرّ في ذهنك.
وإنّ إعادة القراءة للدّرس بعد الفراغ منه مرّات, كمن يأخذ صورة بالفوتوغراف، ثمّ يأخذها مرّة ثانية من غير أن يبدّل اللّوحة، أو يدير الفلم؛ فتطمس الصّورتان.
والسّابعة: أنّ عليك أن تستريح ليلة الامتحان وتدع القراءة؛تزور أهلك، أو تتلهّى بشيء يصرفك عن التّفكير في الامتحان، وأن تنام تلك الليلة تسع ساعات أو عشراً إذا استطعت,ولا تخش أن تذهب المعلومات من رأسك؛ فإنّ الذّاكرة أمرها عجيب. إنّ ما ينقش فيها في الصّبا لا ينسى.
وأنا أنسى والله اليوم ما تعشّيت أمس؛ ولكنّي أذكر ما كان قبل أربعين أو خمس وأربعين سنة كأنّي أراه الآن.
وأنت تبصر في التّلفاز فلماً كنت شاهدته منذ عشر سنين فتذكره؛ ولو سألتك عنه قبل أن تدخل لما عرفته.
والثّامنة: أن تعلم أنّ الامتحان ميزان يصحّ حيناً، وقد يخطئ حيناً، وأنّ المصحّح بشر, يكون مستريحاً يقرأ بإمعان، وقد يتعب فلا يدقّق النّظر، وأنّه ينشط ويملّ ويصيب ويخطئ.
وقد جرّبوا مصحّحاً مرّة؛ أعطوه أوراقاً، فوضع لها العلامات والدّرجات, ثمّ محوا علاماته وجاؤوه بها مرّة ثانية؛ فإذا هو يبدّل أحكامه عليها، وتختلف درجاته في المرّتين أكثر من عشرين في المئة.
وطلبوا من مصحّح مرّة أن يكتب هو الجواب الذي يستحق العلامة التامّة، فكتبوه بخط آخر، وبدّلوا فيه قليلاً، وعرضوه عليه، فأعطاه علامة دون الوسط.
والمصحّح ليس في يده ميزان الذّهب, وقد يتردّد بين السّتّين والسّبعين، وقد يكون في هذه العلامات العشر سقوط الطّالب أو نجاحه. فما العمل؟
عليك أن توضّح خطّك, فإنّ سوء الخطّ وخفاءه؛ ربّما كان السّبب في نقمة المدرّس وغضبه، فأساء حكمه على الورقة فأسقطها. وأن تكثر من العناوين, وأن تقطّع الفقرات وتميّزها, وأن تجتنب الفضول والاستطراد.
وقد يستطرد التّلميذ فيذكر أمراً لم يطلب منه, يريد أن يكشف به عن علمه, فيقع بخطيئة تكشف جهله؛ فتكون سبب سقوطه.
هذا الّذي عليك, وهذا هو الواجب في الامتحان وغيره.
على المرء أن يسعى ويعمل؛ ولكن ليس النّجاح دائماً منوطاً بالسّعي والعمل.
يمرض اثنان, فيستشيران الطّبيب الواحد، ويتّخذان العلاج الواحد، ويكونان في المشفى الواحد،
في الغرفة الواحدة، وتكون معاملتهما واحدة؛ فيموت هذا ويبرأ هذا؛ فلم؟ من الله.
ويفتح اثنان متجرين، ويأتيان بالبضاعة الواحدة، ويتّخذان طريقة للبيع واحدة؛ فيقع هذا على صفقة تجعله من كبار الأغنياء، ويبقى ذلك في موضعه؛ فلم؟ من الله.
وأنا لا أقول لأحد أن يترك السّعي. السّعي مطلوب, وعلى التّلميذ أن يقرأ الكتاب كلّه حتّى الحاشية الّتي لا يهتمّ غيره بها؛ إذ ربّما كان السّؤال منها, وبعد ذلك يتوجّه إلى الله فيطلب منه النّجاح.
وهذه خاتمة النّصائح؛ ولكنّها أهمّها.
أيّها الطّالب, إذا أكملت استعدادك وعملت كلّ ما تقدر عليه فتوجّه إلى الله، وقل له:
يا ربّ, أنا عملت ما أستطيعه, وهناك أشياء لا أستطيعها؛ أنت وحدك تقدر عليها, فاكتب لي بقدرتك النّجاح, ولا تجعل ورقتي تقع في يد مصحّح مشدّد لا يتساهل, أو مهمل لا يدقّق, أو ساخط، أو تعبان لا يحكم بالحقّ.
وانظر قبل ذلك في نفسك, فإن كانت على معصية، أو تقصير؛ فقوّمها، ودع التّقصير.
وليست هذه الوصفة من عندي؛ ولكنّها وصفة وكيع شيخ الشّافعيّ –رحمهما الله تعالى-:
شَكَوْتُ إلَى وكيعٍ سُوءَ حفظِي

..............................فأرشدَنِي إلى تركِ المَعَاصِي
وقَال بأنّ هذَا العِلم نـُور

...............................ونور الله لا يـُهْدَى لعَاصِي) ا.هـ.

وصلّى الله على حبيبنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم
 
شكر الله لك يا دكتور نعيمان . وإنها ليست فقط للطلاب بل لكل طالب علم وقاريء . فكم من كتب نقرأئها فلا نتذكر بعد مدة إلا عنوانها. فالنسيان آفة وبلاء عظيم . ولو أستمسك أحدنا بعُشر ما قرأ لأصبح لديه العلم الكثير الغزير . ولا حول ولا قوة إلا بالله. وجزاك الله خيراً على تلك المنفعة . وارجو أن يستفيد منها طلابنا واحبتنا .
 
أشكرك ـ د. نعيمان ـ أن جمعتَ في موضوعك هذا بين حسنين , حسن الإختيار مع حسن التوقيت.
وبينما انهالتْ علينا نصائح الكاتب المبدع علي الطنطاوي ـ في موضوعك هذا ـ عادتْ بي مراكبي إلى الوراء, فتذكرتُ أيامي مع الاختبارات ـ وإن كنتُ لستُ بعيدةَ عهدٍ بها !! ـ فما أروعها من أيام وما أجملها من ذكرى.
كنتُ أحرص فيها أشد الحرص على النظام ودقته, فأحدد للمذاكرة ثلاث أو أربع أوخمس ساعات كحدٍ أقصى كافٍ للمذاكرة , أبدأ به بُعيد الغداء , فما يأتي علي المغرب إلا وقد انتهيتُ , وكنتُ أحدد للصفحة الواحدة زمنا بين الخمس والعشر دقائق , أنتهي فيه من الصفحة قراءة وفهما وتسميعا شفويا وكتابيا, فإذا انتهى وقتها ولم أنتهي منها بعد؛ تركتها وشرعتُ فيما بعدها. ثم أجعل لي بين الباب والباب استراحة؛ أغير فيها جلستي , أو أحضّر شرابا, أو أتفقد أهلي والعالم من حولي , على أن أعود قبل انتهاء العشر دقائق المخصصة لذلك لأستأنف المذاكرة ودون تلكع؛ وإلا خُصم زمن تلكئي من زمن مذاكرتي!!, فإذا انتهيتُ نهضتُ مسرعةً إلى رواياتٍ وقصصٍ أدبيةٍ جديدةٍ أعدّها مسبقا لكي أقرأها أيام الاختبارات؛ كمكافئةٍ مني لنفسي على ما بذلتْ!!؛ وشحذا لهمتي للمزيد من البذل, فإذا قضيتُ معها ساعة أو ساعتين انتزعتُ نفسي منها انتزاعا لأعود لجو الاختبارات مرة أخرى فأستعدّ للمراجعة.
وكنتُ أجعل للمراجعة طقوسا خاصة, فحيث أن منزلنا كان على نظام الفلل؛ وكان جناحي بالدور الثالث أسكنه وحدي؛ كنتُ أستغل وجود السطح بجواري لأراجع مذاكرتي في جو هادئٍ وشاعريٍّ, فلا أزال تحت النجوم أتمشى ممسكة بكتابي أراجعه, وقد انسدلتْ أستر الظلام حولي, حتى أني إن أبصرتُ من كتابي سطرا أضعتُ سطرا أو سطرين, وما ذلك من بخل في استخدام الإضاءة وإنما لرغبتي في عدم تشويه صورة الليل البديعة هذه , ولأجل أن يشق على عيني استراق النظر إلى كتابي فأعتمد على ذاكرتي في المراجعة أكثر.
ثم إنني بعد ذلك أتوجه إلى فراشي مبكرا بعد عشاء سريع لأقوم نشيطة قبل الفجر , فأعود إلى ظلام السطح الدامس المتناغم مع سكون الكون المهيب؛ وأولى زقزقات الطيور التي يحلو لها أن تؤنسني بتغريدها قبيل شقشقة الفجر, فأنجز مراجعتي الثانية والأخيرة , فإذا ما انتهيتُ وحان وقت الذهاب إلى الاختبار عمدتُ إلى كتابي فأودعته مكتبي وودعته, لأذهب إلى الامتحان حاملةً جسدي, ومصطحبةً عقلي, ومتسربلةً بالهدوء والثقة, ولاهجةً بالأذكار وجملة من الأدعية, ولا شيء غير ذلك. لأبقى هادئة البال, أرفض ـ وبشدة ـ عروض المراجعة الجماعية التي تنهال علي قبيل اللجنة. فإذا ما دخلتُ واستلمتُ ورقتي؛ لا أفتحها حتى أتلو أدعيتي التي تبعث في نفسي الطمأنينة والثقة , فإذا قلبتُ الورقة أخفيتُ الأسئلة بورقة الإجابة , فلا أقرأها جملة واحدة حتى لا ينشغل عقلي بسؤال دون سؤال؛ فأسيء في سؤال أعرفه لانشغالي بإجابة سؤال لا أعرفه.
فإذا انتهيتُ راجعتُ أجوبتي مرتين ثم سلّمتُ الورقة متوكلة على الله. فإذا خرجتُ لا أراجع أجوبتي مع أحد مااستطعتُ, ولا أحرق دمي فيما فاتني أو نسيته, لأستعد نفسيا لأعيد الكرةَ ذاتُها مع كتاب آخر .
وأذكر أنه قد مر علينا اختبارات في شهر رمضان المبارك وكنتُ حينها بالصف الأول الثانوي, فكنتُ انهي مذاكرتي قبيل المغرب, ثم بعد الإفطار أطير مع والدي ـ حفظه الله ـ لأصلي التراويح في المسجد النبوي الشريف , وهناك أنسلخ عن واقعي, وأنسى نفسي, وأستعيد صفاء ذهني, لأعود بعد الصلاة أراجع المراجعة الأولى, ثم أنام بعد أن أكحّل عيني بقراءة يسيرة من كتاب أو رواية تسكن دوما بين طيات فراشي , وبعد الفجر أشرع في المراجعة الثانية إلى أن يحين موعد اللجنة الذي اعتدنا أن يكون متأخرا عن المعتاد ليتناسب مع أوقات الشهر المبارك .
ولقد ظللتُ على عادتي هذه حتى في الثانوية العامة , وكنتُ أحمد الله حين أرى زميلاتي في أقصى حالات التوتر والعصبية بسب الاختبارات, وأنا عكسهن تماما, وقد وفقني الله فكنتُ من الأوائل على مدرستي في الثانوية العامة بل وكنتُ الرابعة على منطقة المدينة المنورة, رغم أن أحدا لن يصدق كمية الروايات والكتب الأدبية التي التهمتها في تلك الفترة العصيبة, فلله الحمد والمنة .
ثم مازال هذا دأبي في أولى سنواتي الجامعية, إلا أن ... دوام الحال من المحال , ففي السنة الرابعة رأيت مالم أره في سنوات دراستي كلها, فقد ضاع النظام وتشتتَ, وتمزق مع تمزق أوراق الملازم التي تناثرت هنا وهناك , فإن نجتْ من الملزمة صفحة كنتُ أمعن النظر فيها لأذاكرها فلا أكاد أبصر من سطورها سطرا, رغم أن الإضاءة ساطعة حولي, وذلك من كثرة ما فيها من ( الشخوط ) والإبداعات الفنية التي كانت تحلو لضيفتي الجديدة ( ابنتي الحبيبة حفظها الله ) أن تخطها على ملازمي؛ تاركة الأوراق البيضاء التي أخصصها لفنها المزعوم خلف ظهرها؛ لتتحكم وحدها بأوراقي وملازمي. فلا أزال أراقب أناملها العابثة بقلة حيلة وأنا أترحم على الماضي المجيد حين كنتُ لا أخط على كتابي خطا بأي قلم كان؛ لأبقيه لغزا يحير من يراه, هل هو كتاب جديد أم مستعمل ؟. وقدكنت أُدخل يدي في حقيبتي في اللجنة لأخرج قلما أكتب به فتصطدم يداي أما برضّاعتها أوحفاضتها فيتشتتُ ذهني عن الإختبار لأفكر فيها كيف هي في غيابي يا تُرى؟. فالحمد لله أن كانت سنة واحدة تلك التي رأيتُ فيها انهيار طقوسي وأنظمتي تحت قدميّ ,
وقد كانتْ بحق سنة بكل السنوات.

وفق الله جميع الطلاب والطالبات للتفوق الذي يتتوقون إليه . وأسأل الله أن يجعلهم فخرا وذخرا لذويهم وللإسلام والمسلمين .
 
ما شاء الله تبارك الله

جزاك الله خيرا اختي بنت اسكندراني... تجربتك رائعة ما شاء الله... وكانت خير قدوة وخير مثال يحتذى به لأبناءنا وبناتنا في هذه الايام والتي تعد عصيبة بالنسبه لهم ..فالاختبارات بدأت اليوم.. والله المستعان...

ولو أن كل طالب تابع تلك الخطوات لما كانت النتائج بهذا الشكل... كان الله في عونهم ويسر الله أمرهم.


بارك الله فيك... والشكر موصول لكاتب المقال د نعيمان جزاه الله عنا خير الجزاء
 
شكرا.. د. نعيمان..
فقد أحسنت الاختيار.. فنقلت مقالاً للشيخ الأديب -رحمه الله- في غااية الرّوعة.. وكلّ كتاباته كذلك..
ومع أنني قد فارقت الاختبارات عن قرب أخيراً.. إلا أنّ جوّها لا يزال يحيط بي متى ما دقّت نواقيسها..
ومع انشغالي وضيق وقتي إلا أنني لم أحتمل المرور بعنوان ذكر فيه شيخي الطنطاوي بدون أن أطيل النظر فيه.. رغم قراءتي لأغلب ما كتب -رحمه الله-.. فلا يزال في ظني أسطورة لم تتكرّر!!​
 
الأخت الكريمة.. بنت اسكندراني..
أسرني أسلوبك -ما شاء الله- وأحمد الله على أني فارقت الاختبارات قريباً قبل أن أقرأ كلماتك.. وإلا لكنت أقدمت على مغامرة التأسي بك في طريقة المذاكرة!!
يبقى لكل شخص أسلوبه وطريقته التي تميزه عن غيره.. لكن.. المؤثر الحقيقي هو توفيق الله تعالى..
فأحمد الله تعالى أن وفقني وإياك.. وأسأله أن يسخر قلمك في خدمة دينه..​
 
الأستاذة الفاضلة : د.منال القرشي (باعتبار ماسيكون بإذن الله)
أبارك لكِ خروجكِ ظافرة من طاحونة الاختبارات الهالكة, وأرجو أن تكوني قد انسللتِ منها سالمة غانمة. وأن يجعلك الله كحبة مباركة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مئة حبة ... (ابتسامة)
أسعدني تعليقكِ ... وأضحكني ...
ونعم صدقتي: يبقى لكل شخص أسلوبه وطريقته في المذاكرة وفق ظروفه ومعطياته التي تتغير في نفس الشخص من اختبار لآخر .
ولكن يبقى توفيق الله هو العنصر الأساسي لكل نجاح.
ولعلي أستشهد على ذلك بموقف مضحكٍ لي مع الاختبارات؛ يتجلى فيه توفيق الله فوق مخرجاتنا المادية الهزيلة .
ففي اختبارات السنة الثالثة في الجامعة, كان علينا اختبار (ترجمة إعلامية) وهي مادة باللغة الإنجليزية , وكانت صعبة جدا نظرا لنبوغنا في اللغة الإنجليزية!! , وزاد على تلك الصعوبة أنني كنتُ على وشك الولادة , ومع ذلك جازفتُ وحضرتُ جميع الاختبارات رغم نظراتِ الاستغراب التي كانتْ تلاحقني, وقد كانتْ لي صديقة مخلصة تساعدني وأساعدها , ونصنع معا مصيرا واحدا نشترك فيه, وذلك لحرصنا على مذاكرة شيء واحد وبطريقة واحدة . وفي اللجنة كانتْ المفاجأة الكبرى وقاصمة الظهر , حيث جاء سؤال واحد مما ذاكرناه؛ من أصل أربعةِ أسئلة كلها من خارج المنهج. وفور استيعابي للفاجعة ودون إضاعة أي وقتٍ.. انهرتُ مباشرة وبكيتُ؛ وكدتُ أنسحب من الاختبار قبل أن أستل قلمي من غمده. وصاحبتي ترمقني وتواسيني بدموعها الصامتة وكأني بنا وقد استشرفنا النتيجة المحتمة لهذا الاختبار العاري من العدل والرحمة.
وبعد مرور بعض الوقت حاولتُ إيقاف سيل دموعي المنهمر بلا توقف؛ وتمالكتُ نفسي بعد أن أكثرتُ من الدعاء والاسترجاع والاستغفار , وقد عزمتُ على تقديم اعتراض على مستوى الاختبار أدوّنه على نفس أوراق الإجابة. فشرعتُ أكتب باللغة العربية خطابَ استعطافٍ؛ حُقَّ أن يكون الأغربَ في بابه .
فلقد شحذتُ فيه طاقتي الأدبية والعقلية والنفسية , فنسجتها بلون الحداد , فقدّمتُ حروفي على طبقٍ من الدراما المبكية , ثم أسهبتُ في شرح صعوبة المادة كما لو أنني أصف نصا من طلاسم الهيلوغرافية الفرعونية القديمة!. ثم عرّجتُ على حالي مُلمِّحةً بأن صدمتي في هذه المادة قد تسبب لي ولادة مبكرة (في أواخر شهري التاسع !!) وإذا حدث هذا فالله وحده أعلم بماذا سأدعو في وقت المخاض وعلى مَنْ ؟!!.
فأتتْ رسالتي متضمنة ترغيبا ظاهرا وترهيبا خفيا. ثم لازلتُ أصّفُّ كلماتي وأنقحها؛ وأزينها بجملةٍ من الصور البلاغية البديعة, حتى لكأني رأيتُ دموع قارئها (دكتور المادة) وقد سالتْ على أسطري, فأشفقتُ عليه ورحمته, واكتفيتُ من إنهاك عاطفته بالمزيد من الاستعطاف حتى لا ينقلب الأمر بعكس ما أرجو وأتمنى.
وفي أثناء انشغالي ذلك حانتْ مني التفاتة إلى صديقتي تلك؛ فرأيتها تراقبني وقد فُغر فاها ( تظنّ أن بركة من السماء رحمتني فجاءني وحي بالإنجليزي !!) فلما قرأتُ حديث نفسها على صفحة وجهها لم أشعر بنفسي إلا وقد شق صوتي هدوء تلك اللجنة وأنا أقول : (بأكتب فيهم شكوى , منهم لله!!) فإذا بأزواج من العيون تلتفتُ إليّ من كل حدب وصوب, ومن بينهم كانت المراقبة؛ فعالجتها بابتسامة محببة؛ وعدتُ إلى ورقتي, ثم فتح الله عليّ واجتهدتُ قدر طاقتي في حل الأسئلة بشتى الوسائل واللغات!!.
ثم لم أزل أدعو الله وأجتهد في الدعاء : أن لا يذيقني علقم الرسوب المر أبدا.
ولما أعلنتْ النتائج كانتْ المفاجأة؛ فقد وفقني الله بنجاح لم أتوقعه , تقاسمتُ فرحته مع مولودتي الصغيرة , بينما جاءتْ نتيجة صديقتي صاعقة فقد رسبتْ في المادة رغم أنها قد انتهجتْ نهجي فذيلتْ ورقة إجابتها باستعطاف مشابه.
وهنا أدركتُ حقا أن توفيق الله يدرك من توكل عليه وبذل جهده وطاقته وسلم أمره له, ثم أتبع ذلك بدعاءٍ خالصٍ تيقّن إجابته. وقد مرّ على مسامعي قصصا تؤيّد أن توفيق الله إنما يصيب المجتهدين من حيث لا يحتسبوا , ومنها ما يحكيه معالي الشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي: أن رجلا قبل اختباره اضُّطر فرافق والده في المشفى وانشغل به؛ ولم يفتح ملازمه إلا بعد الفجر؛ فقرأ منها بضع صفحات متفرقة؛ فوفقه الله فلم تخرج أسئلة الاختبار عما قرأه .
ورغم اختلاف القصتين إلا أن العامل المشترك هو توفيق الله الذي يناله مَنْ بذل طاقته وتوكل عليه حق التوكل. وقد ذكرتُ قصتي هذه مع انتهاء الاختبارات لألى يسْتَنَّ بي أحد فيسيء فهم حكايتي هذه فيترك التوكل إلى التواكل.
أسأل الله أن يوفقنا جميعا لما يحب ويرضى ...
 
يــاااااااااااااااااااااااااااالــــيــتــني قرأت هذا الكلام الراااااااااائع قبل امتحان اليوم ..
جزيتم خيرا وسأضع هذه الدرر أمام ناظري دوما..
 
لا إله إلا الله من اجملها من نصيحة وما احلاه من سرد
اللهم ارحم عبدك الفقير الشيخ علي الطنطاوي واسكنه الفردوس الأعلى من الجنة
 
عودة
أعلى