إلى السادة المغفلين الذين يدعون إلى التقارب مع الرافضة

إنضم
04/02/2006
المشاركات
389
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
العمر
57
الإقامة
مصر
الموقع الالكتروني
www.aldahereyah.net
السلام عليكم ورحمة الله
إلى السادة المغفلين الذين يدعون إلى التقارب مع الرافضة
من تدعون إلى التقارب معهم لم يكتفوا بادعاء أن في القرآن تحريف
بل طبعوا مصاحف ووضعوا فيها سورة محرفة
وهذا المصحف مطبوع في إيران قديماً منذ ما يقرب من 100عام أي قبل ثورة الرافضة بزعامة الهالك الخميني فما ظنك بما يفعلون في العراق وإيران الآن
انظر إلى الصورة على الرابط

tahreef.jpg



وأحذر آخرين يحملون الكتب الإسلامية من موقع يعسوب الرافضي
فهل تأمنون أنهم لم يحرفوا فيها بالزيادة والنقصان؟


 
سامحك الله يا أخي على هذا الأسلوب المخالف لأدب الإسلام في توجيه الخطاب إلى الآخرين.
هل يمكنك، غفر الله لي ولك، أن تذكر لي قولا واحدا من أقوال الأنبياء والصالحين ممن خاطبوا مخالفا لهم بهذه العبارة: (أيها السيد المغفل)؟
هل خاطب رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد المشركين بمثل هذه العبارات الجارحة؟
يا أخي الذي لا أعرفه، ولكن له حق الأخوة عليّ، لا أحد يرتضي أن يتوجه إليه بمثل هذا الخطاب، حتى لو كان مغفلا فعلا.
هل ترضى لنفسك أن يوجه أحد إليك مثل هذا الخطاب وهو يحاول تنبيهك إلى خطأ وقعت فيه؟
بل هل ترى من المقبول (من الناحية التربوية، أو الدعوية، أو الأدبية) أن يوجه إليك أحد مثل هذا الخطاب؟
إن لم ترضها لنفسك، فمن علامات إيمان المرء وأدبه ألا يرتضيها لغيره.
ألا ترى أنا في التعامل مع أبنائنا، مطالبون بأن نتوجه بخطاب الرحمة والإشفاق حتى ينقادوا لنا، وأن مخاطبتهم بعبارات مهينة لا تساعد في إصلاحهم، بل تؤدي إلى عنادهم وشرودهم، حتى ولو كانوا على خطأ.
مثل هذه العبارات لا يمكن لها أن تصلح من حال المغفلين (إن كانوا فعلا مغفلين كما تزعم)، وإنما سيوغر صدورهم عليه، بدون موجب، حتى لو كان الحق معك، وهم على باطل.
ولو توقف الأمر على إيغار صدورهم على شخصك بسبب ذلك، لهان الأمر، وإنما الأخطر من ذلك أن يكون أسلوب مخاطبتك لهم معينا لهم على العناد، وعدم الرجوع إلى الحق، فتكون بذلك قد أوصلتهم إلى عكس ما كنت ترغب فيه من هدايتهم وإصلاحهم إلى الحق.
إصلاح الآخرين، ونشر الحق وتمييزه عن الباطل أمر مطلوب ومحمود، سواء كان ذلك من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو من باب النصيحة، أو من باب إفشاء العلم، وكل هذا مأجور عليه، ولكن بشرط: عندما يكون ذلك بالأسلوب الصائب، وبالتي هي أحسن.
قال تعالى في سورة الملك: (الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا). وأحسن العمل: أخلصه وأصوبه.
ولو عرض أحدنا حجته فقط بدون الحط من قول مخالفه أو استفزازه، أو إهانته، لكان ذلك أدعى إلى احترام رأيه، والاستماع إلى حجته والاستفادة منها، واستمالته إلى الحق.
أما عندما يضيف أحدنا لكلمة الحق كلمات أخرى جارحة أو انفعالية، فإن كلمة الحق يذوب مفعولها ويتحلل ويضيع بمفعول ما حاطها.
ها من ناحية الأسلوب.

أما عن مصداقية ما تنقله، ففي الشيعة غلاة متطرفون وآخرون أقل غلوا وتطرفا. وأغلب علماء الشيعة المعاصرين (وأنا أزعم اطلاعي على جل أقوالهم في الموضوع)، ينكرون التحريف في القرآن سواء بالزيادة أو النقصان، ويعتقدون ويتعبدون برواية حفص عن عاصم لأنها ثبتت لديهم من طريق علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
أضف إلى ذلك، فهل من العدل أن نأخذ المعاصرين بجريرة السابقين؟ ولو أخرج أحدهم من خزانات كتب أهل الحجاز أو الجزيرة العربية بعض كتب التصوف المنحرف والتمسح بأضرحة الأولياء التي كتبها بعض أهل الجزيرة من 200 سنة، ثم قال: (احذروا من هؤلاء المعاصرين الذين يزعمون رفضهم للتبرك بالأضرحة، لأن أجدادهم كانوا يفعلون ذلك...).. أفيكون كلامه واتهامه مشروعا؟ أم أننا نعتبره ظلما؟..
وهل رأيت من العدل أن نأتي لأحدهم ونقول له: كان أبوك ظالما ومعتديا. وإذن فأنت مثله..؟
إن الله تعالى يقول: (كل نفس بما كسبت رهينة). ويقول: (يوم يفر المرء من أخيه، وأمه وأبيه، وصاحبته وبنيه، لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه).
لذا فإن تعميم الأحكام والقسوة في مخاطبة الآخرين ينطوي على: خطإ منهجي، وعلى ظلم كبير، وعلى تجاوز لمقام الله تعالى الذي أمرنا بالبلاغ (بالتي هي أحسن) وعدم محاسبة الآخرين (إنما عليك البلاغ وعلينا الحساب).
 
ما تزعمه عن إنكار الشيعة المعاصرين تقية منهم ولو غلبوا على بعض البلاد -لا قدر الله ذلك- سترى وساعتها ستعض بنان الندم .
أرجو أن يكون لدينا غيرة على القرآن كتاب الله ولا نتأثر بكلام دعاة التقريب .
اللهم خيب سعي دعاة التقريب واهد من تأثر بهلاوسهم .
اللهم إني أبرأ من الرافضة ومن تستر عليهم ودعا إلى التقارب معهم..
اللهم اشهد .
 
يا أخي، حفظك الله ورعاك،

ما تدعو إليه من الغيرة على كتاب الله، فهو نعم النصيحة في الدين. ولا خير فينا إن لم نسمعها.
أما ما تقوله في بقية كلامك فهو مبني على محاكمة النوايا. والحكم على النوايا منهي عنه في الإسلام، وهو موكول إلى الله تعالى وحده. وأنت ظاهري، كما تصف نفسك، فلا تناقض قولك.
لقد ذكرت لك أمورا، في ردي على كلامك، لم ترد على شيء منها. وألزمت نفسك، عوضا عن ذلك، بشيء قد لا يكون هو المحدد في رضى الله عنك يوم القيامة. فألزم، نفسك (وأدعو نفسي قبل أن أوجه الخطاب إليك) بما يرضي الرب، ولا تهتم للآخرين. ووطن نفسك، إن أساء الناس أن تجتنب إساءتهم. فكل نفس لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت.
وإن كنت داعيا، فاقتد بالأنبياء في دعائهم: "اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون"، وقل كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عسى أن يخرج الله من أصلابهم.." من هم أنقى إيمانا وتوحيدا وأهدى من سابقيهم.
وادع كما دعا إبراهيم عليه السلام: (رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا، إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
وعمّم في دعائك، ولا تحدد، فذلك أدعى إلى الصدق، وعدم الخطإ بإدخال من لا يجوز إدخاله في دائرة الدعاء بالشر.
ولا تدع عليهم بما دعا نوح عليه السلام: "رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا"، فإنه حق له أن يدعو بذلك بعدما أقام الحجة تلو الحجة على قومه، فلم يزدهم ذلك إلا إصرارا واستكبارا. ونحن لسنا في مقام نوح عليه السلام. وكذلك من تدعو عليهم ليسوا في مقام قوم نوح (وفي صيغة دعائك اعتداء، لأن مفاده لن يسلم منه من ليس لك حق لك في الدعاء عليهم). والمتأول الباحث عن الحق غير المستكبر الجاحد. وتأمل مقام نوح عليه السلام، ومتى دعا على قومه، في سورة نوح، حتى تعلم أن ذلك الدعاء ليس هو الأصل في دعاء الأنبياء.

اللهم ألهمنا الرشد والصواب والإخلاص والسداد والحكمة في كل أعمالنا.
اللهم اهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم. واغفر لمن كان متأولا وأخطأ، فإنه كان أيضا باحثا عن الحق، ولم تأذن بهدايته.
اللّهمّ هب لنا إيمانًا يصغّر عندنا الدّنيا، ويقينًا يبدّد أمامنا الشّكوك، وبصيرةً تنير لنا الطّريق، وحكمةً تجنّبنا العثرات، وإرادةً تذلّل لنا العقبات، وعزيمةً تقرّب إلينا البعيد، وعملاً مثمرًا يحقّق لنا الآمال، ونصرًا مؤزّرًا على الأنفس والأعداء، وجنّةً عرضها السّموات والأرض يوم نلقاك، ورضوانك الّذي وعدت، بفضلك ورحمتك، يا أرحم الرّاحمين.
 
الله يجزيك خير أخي ( أبو محمد الظاهري ) علي هذا النقل وردك علي هؤلاء المغفلين (تم حذف كلمة ) ....

وأم بنسبه للأخي الفاضل ( محمد بن جماعة ) عن سؤاله

هل يمكنك، غفر الله لي ولك، أن تذكر لي قولا واحدا من أقوال الأنبياء والصالحين ممن خاطبوا مخالفا لهم بهذه العبارة: (أيها السيد المغفل)؟

نقول :

بل ثبت أنهم ردو علي هؤلاء بأشد الأوصاف وهذه أقولهم :


قال شيخ الإسلام فى الاستقامة (1/60) ذاكراً من تكلم ولايعرف الاختلاف :

(( بمنزلة حمار حمل سفراً ينقل نقلا مجرداً )) اهــ .


قال ابن القيم نقلا عن كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين :

( طبقة المقلدين وجهال الكفرة وأتباعهم وحميرهم الذين هم معهم تبعا لهم يقولون ... )

قال ابن الوزير في " العواصم " ( 1/223-224 ) : ( ولو أن العلماء – رضي الله عنهم - تركوا الذب عن الحق ، خوفاً من كلام الخلق، لكانوا قد أضاعوا كثيراً ، وخافوا حقيراً ) اهــ .

رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينكر على عمر بن الخطاب الذى أراد أن يضرب عنق حاطب ابن أبى بلتعة الذى ـ شهد بدراً ـ لأنه يعلم أن عمر ماقال هذا إلا غيرة على الدين ... فتأمل !!
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
الاخوة الكرام احسن الله اليكم مكان العتاب هو الخاص والنصح يمكن ان يكون في الخاص .
اما بالنسبة للتقارب , فالذي يدعوا له لا أظنه يعرف مذهب الاثني عشرية على حقيقته . وأدعوا اخواني الذين يزعمون ان الرافضة او الاثني عشرية لا يقولوا بالتحريف ان يورد الي اقوال علماء الرافضة , فالامر يهمني لاني لم اجد حقيقة من ينفي التحريف الا القليل والعكس هو الصحيح , والتقارب امر ممكن اخواني ولاهل السنة شروطهم الا وهي :
- الكف عن الطعن بكتاب الله وسنة نبيه الصحيحة
-الكف عن شتم الصحابة وامهات المؤمنين
-الرجوع الى كتاب الله وما صح عن نبيه صلوات الله وسلامه عليه وترك بدعهم .
وعندها نتفق على لا اله الا الله محمد رسول الله .
فهل هي شروط مجحفة بحق احد؟؟
 
السلام عليكم ورحمة الله

لا يمكن التقريب مع الشيعة بأي وجه من الوجوه، فأذكر الأمثلة للمغفلين:
1. الشيعة تقول بحلية المتعة، هل تقولون بها فيما تسمونه بالتقريب؟!
2. يقولون بخلود الخلفاء الثلاثة في النار -العياذبالله-، هل تصححون ما يقولون، أم تقولون هذا خلاف بيننا وبينهم!! خلاف إجتهادي!!
3. يطلبون الحاجة من ائمتهم الذين ماتوا ولا يسمعون بعيداً من قبورهم بإتفاق أهل العلم، بل أكثروا من الفرية وقالوا بجواز التوسل بإمامهم الخميني!
4. أهل السنة عندهم بمنزلة أولاد الزنا، لماذا؟ لأننا لا نقول بالخمس الذي يعتقد القوم به، لأننا لا نفتح باب الدار لسارقي القوم!
5. كبار علماءنا عندهم "نواصب"، و"أهل النار"! هل تجالس رجلاً يقول الشافعي، البخاري، أحمد وغيرهم من النواصب وهم مخلدون في النار؟!

  • ___

فلا دين لمن ينصرهم فيما يقولون...
اللهم ارزقنا "الغيرة" التي لا توجد عند أصحاب التقريب...
 
التقريب موضوع استراتيجي سياسي، فلا يجوز أن يحمل ما لا يحتمل، والهدف منه هو التقليل من النزاع والتكثير من التعاون وذلك من أجل الوقوف ضد التطرف الاجتماعي السياسي الذي يؤدي إلى مشاكل كثيرة من الشرخ اللامسؤول إلى العنف اللامعقول، ثم إن التقريب - كما أكد الدكتور يوسف القرضاوي في أكثر من مناسبة - ليس المقصود منه رفع الخلاف لأن الخلاف ضروري لا ريب. ثم إن المتطرف غير مخاطب أصلا، فالمتطرف الشيعي الإمامي الإثناعشري مثلا لا يستطيع أن يستوعب التقريب بين الأخبارية والأصولية والشيخية، فما بالك بالتقريب الشيعي بين الإثناعشرية والزيدية والإسماعيلية .. !؟ نفس الشيء في الغرب، حيث أن المتطرف اليميني يخاف من التقريب بين أقصى اليمين واليمين، فكيف سيفكر في إمكانية التعارف على اليسار؟ بل إن التقريب بين المنهج الغربي في الحياة والإسلام عنده محال حتى في الخيال، ولهذا تقدموا في ألمانيا بأكثر من ألف شكوى جنائية ضد المستشارة أنجيلا ميركل حيث اتهموها بالخيانة العظمى، وهذا لا لشيء إلا لأنها من دعاة التقريب، أي التعايش والتعاون والتسامح والحوار والاستنسابية.. الى اخره.

وعليه التقريب موضوع كبير يجب أن تتبناه الجهات الكبيرة (مثل الإيسيسكو ومنظمة التعاون الإسلامي والأزهر ..)، لا ناشط سياسي أو شيخ أو نخبوية ضيقة الأفق؛ أما المتطرف يروح طبيب نفسي أو يلعب تنس، والتحدي في التقريب تمثله الميكافيلية لأن الطبقية والطائفية والمذهبية أو أي نوع آخر من الإختلاف الذي يلتقي فيه الموضوع بالعواطف الذاتية والشعبوية، إنما هي أدوات في توجيه وتفعيل الصراعات بل للتأثير فيها كذلك.
 
شايب زاوشثتي المحترم، السلام عليكم ورحمة الله
الدوكتور القرضاوي -سامحه الله- لا يقول بالتقريب بين المذاهب كما يجوزه البعض!
يقول في كتابه فقه الجهاد (2/1089):
«ينبغي للشيعة ألا يحالوا نشر المذهب الشيعي في بلاد السنة الخالصة، ولا لأهل السنة أن ينشروا مذهبهم في البلاد الخالصة للمذهب الشيعي!!»

يعني لا تتكلم عن التوحيد، ولا عن السنة ولا تنهى أحداً عما يفعل من سب الصحابة وتكفير کبارهم ولعن شيخهم وإمامهم أبي بكر الصديق رضي الله عنه حتى لا يحدث النزاع! فالمسئلة ليست بمسئلة الدين والشريعة، وليس بمهم أن يموت رجل على كفره وبدعته عند الأستاذ القرضاوي -سامحه الله-، المسئلة هي عدم وجود النزاع! فقط!
فــ: لعل الأستاذ لم يقرأ كتب الشيعة كما ينبغي، وإلا فلم يقل بهذا القول...
___
{فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ}
{وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلَا الْمُسِيءُ قَلِيلًا مَا تَتَذَكَّرُونَ}
اللهم اغفر لنا ولأئمة المسلمين...
 
الأستاذ محمد الكردي، حياك الله.
التقريب يراد منه التضييق على دعاة التكفير والكراهية والتحريض، وبالتالي سد الباب أمام تجار الفتن والفوضى الخلاقة، وهؤلاء التجار هم غالبا لا علاقة لهم بالسنة ولا الشيعة، والبعض منهم ينتسب اسما وظاهرا لهذا الفريق أو ذاك لكنه صاحب مصلحة خاصة وضيقة حيث لا طريق إليها بدون بلبلة وفتنة وصراعات وإلهاء الناس عن المشاكل الأساسية المتمثلة على سبيل المثال لا الحصر في الجهل والأمية الثقافية الفكرية وغياب العدل وانعدام العدالة ونهب الممتلكات العامة والتلاعب بالمال العام واضمحلال السيادة وافول الكرامة وتجريم الحرية السياسية (الشورى الراشدة المسؤولة) والفقر وغير ذلك من المصائب فإنا لله وإنا إليه راجعون أي يجب أن نعود إلى الله الذي يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء الطبقة المستضعَفة وينهى عن الفحشاء والمنكر والاعتداء. إن أكل أموال الناس بالباطل وأكل أموال اليتامى (الشعوب المقهورة) خاصة لهو شيء ملازم للتنافس الإقتصادي السياسي العالمي، حيث أن راية إله هذا العصر (السوق) هي المهيمنة للأسف، فالشرك أفيون الشعوب، وأسلحته معروفة.

عليه: لا يجوز أن نستهين بالنزاع، كما لا يجوز اختزال النزاع في الدماء مع العلم أن هدم الكعبة حجرا حجرا أهون من قتل المسلم، لكن من مقتضيات النزاع إذا فشى هو الحفاظ على الأفيون وبالتالي المزيد من الدماء والضعف والهوان والظلم وكل الفتن، وليس البر ان نولي وجوهنا قبل المشرق والمغرب أي ليس مجرد كلمات وطقوس وشعائر (التي هي من الناحية الشعبية عادة مجرد فلكلوريات تماما مثل مسألة الإمامة عند عوام الشيعة أي الأغلبية الساحقة والتي تكاد تفقه تلك المسائل البسيطة التي تلقن في المدارس العمومية الأساسية)؛ فالقضية هنا تتعلق بعوام مستقبلي الكعبة والعقلاء المذهبيين واللامذهبيين المنتسبين لهذه الفرقة أو تلك ثقافيا وموطنيا، وليس بالطائفيين لأن التقريب توجه معارض للطائفية شكلا، ولمقتضيات الطائفية مضمونا.

أما التبشير فهو مرفوض إذا كان منظما مؤسساتيا بخلفية سياسية اجتماعية اقتصادية يؤدي إلى الشرخ (مفارقة الجماعة) وعندما يستهدف العوام ويستغل الفقر المادي والمعنوي، أما أن يذهب مثلا إمام سني إلى إيران يلقي محاضرة أكاديمية تأصيلية في وسط المثقفين والمتعلمين فيتدخل الشيعي بمداخلة كلامية (تبريرية دفاعية) وينتج عنها تسنن الشيعي، فهذه مسألة شخصية لا دخل لأحد فيها وما أنت عليهم بمسيطر، فليتسنن وليطبق تسننه بما يسمح به الذوق العام والقوانين التنظيمية الاجتماعية والضمير الأخلاقي، والعكس صحيح.

وفي قضية السب ليس من شأن التقريب أن تنتظر من شيعي إمامي إثناعشري الترضي على الصحابة، لكن من شأنه مثلا مباركة فتوى للإمام خامنئي والتي تحرّم الإساءة لزوجات النبي صلى الله عليه وسلم ورموز أهل السنة فالكلام عنها ونشرها والتشجيع على هذا النوع من الإفتاء والمطالبة بتفعيلها قانونيا، فتعميمها لتشمل الاعلام الرسمى والمؤسسات الرسمية التعليمية وغيرها.. والعكس صحيح، الافتاء بتحريم الاساءة لرموز الشيعة، والنهي عن لغة الشوراع "اولاد متعة" وما ادري ايش، واقفال المراحيض الفضائية التي تدعي المناظرة والجدال فللحوار آدابه وشروطه وأخلاقياته، وتأديب من يتدخل فيما لا يعنيه كما فعل سماحة الشيخ الفوزان مع واحد سأل هل بشار الأسد كافر، فأجابه: "يا أخي! ما كلفك الله بهذا، بالكلام بالناس وتكفير فلان وعلان، ما كلفك الله بهذا.. وانصح اخوانك الا يتدخلوا في مثل هذه المواضيع"، فتترك بعض المسائل الخلافية الخطيرة للمجالس الخاصة بين العلماء ينصح بعضهم بعضا ويتعاونوا في المتفق عليه مما يخدم المصلحة العامة للجميع، إذ هناك العديد من المشتركات الكبيرة بين السنة والشيعة ولا توجد خلافات واسعة بينهما كما أكد الشيخ مولوي عبد الحميد وهو واحد من دعاة التقريب من الجمهورية الاسلامية الايرانية. وهذا طبعا على المستوى الإسلامي، أما في الإيمان فالسني والسلفي والصوفي والعلوي والزيدي والإسماعيلي.. هم من المسلمين في الدنيا لكن هم كفار على الحقيقة أي في الآخرة، عند الشيعي الإثناعشري الأصولي.

ويبقى الحوار في تداخل مستمر مع التقريب لأنه ثمرة من ثماره، وفي الحوار يمكن الجلوس مع الشيعة لنتعلم منهم بطريقة سؤال جواب: بعض المتطرفين يسبون الصحابة رضوان الله عليهم، فهل كان هذا سبيل الأئمة عليهم السلام؟ وقد قرأت في كتاب من كتبكم رواية تنسب لإمامكم فلان يقول فيها .. وفي أصل الخلاف التاريخي مسألة الخلافة هي للصديق عليه السلام أم لعلي كرم الله وجهه؟ أنا شخصيا لا أهتم بالموضوع فهو موضوع تاريخي تنظيمي إداري، لا يهمني فيه إلا التأكيد على الشورى والبيعة والتراضي، ولا أهتم بأسئلة أخرى قريبة من هذا السؤال فأنا لست سنيا بميزان "العقيدة المرسومة كمذهب للفرقة"، لكن هناك خط رابع دخل على خط النقاش ومن العراق مثلا الصوفية الطرقية الكسنزانية ترى أن الصواب مع الشيعة ومع السنة في آن واحد! كيف؟ الخلافة لأبي بكر والولاية لعلي ويستشهدون برواية قال فيها الفاروق رضي الله عنه (بخ بخ يا بن أبي طالب، أصبحت مولاي ومولى كل مسلم ومسلمة) وهذه الطريقة تخالف الطريق الثالث: الطريقة التاريخية، تلك أمة قد خلت لها ما كسبت. وإذا نظرنا إلى الحجج الكلامية التي يقدمها الإثناعشرية على الإمامة، فإن للكسنزانية عليهم درجة: لماذا يتوقف سير الولاية عند الإمام الغائب؟ كما أن الأمة بحاجة متواصلة إلى القراء والفقهاء والحكماء، فأين الذين سيقومون بمهام التزكية والتصفية {ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم}؟ فكما عند البهائية دوام تعاقب الأديان، هم الصوفيون الطرقيون عندهم تعاقب الولاية، ومن لا شيخ له فشيخه الشيطان كما يقولون، لكن من يضمن صحة اتصال السند الروحي؟ إن إشراكهم إغناء للحوار وهذا ينبغي أن يكون في جو من التدارس والتفكير، وليس بفقه الردود والتبديع والتفسيق والتكفير والاقتباس (في الكتاب الفلاني الصفحة كذا قال فلان! هذا قول فلان ايش يهمني انا والمجتمع؟).

أعود إلى مسألة التبشير لأقول بوجوب إعمال فقه الأولويات فعلى الداعية التبشيري الشيعي أن يفهم أن التحديات الفكرية الثقافية الخطيرة لا تأتي من بقاء السني الايراني على تسننه، بل بانتشار الزندقة والقومية الشعوبية والانحلالية واللادينية كالنار في الهشيم بين الشيعة في ايران، فالخطأ هنا نفس خطأ التبشير المسيحي إذ في عقر دار المسيحية الغربية تهيمن اللادينية واللائكية الدهرية وهم يدفعون ببعثاتهم إلى إندونيسيا ونيجيريا. هي سياسة، لا شك، وهنا يأتي دور التقريب، فهو استراتيجي سياسي اجتماعي في المقام الأول، وديني في المقام الثاني عندما يتعلق الأمر بالحوار الديني. فعليهم أن يتركوا عوام السنة على تسننهم، حتى لو افترضوا أن التسنن باطل وكفر، فلعل الله يخرج من أصلابهم من يؤمن بالإمامة، وإذا فهموا الأولويات ومشاكلهم الحقيقية فسوف يهتمون بأنفسهم وبمن معهم من الشيعة ويتشيعوا هم حقيقة قبل غيرهم .. إذن حفاظهم على وقتهم وطاقتهم يصب في مصلحتهم ومصلحة عوام السنة، ومصلحتهم تتمثل في إصلاح أنفسهم وحل مشاكلهم، ومصلحة السنة البقاء على الباطل فيحشروا ضمن أهل الفترة خير لهم.. بمعنى آخر {أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم}؟ وكما هي العادة: العكس صحيح أيضا.

وقولك (لعل الأستاذ لم يقرأ كتب الشيعة كما ينبغي)، فأقول: في التقريب يكون الإهتمام بالواقع، وليس بالكتب لأن تلك الكتب غالبا هي لخاصة الخاصة، وتأتي الكتب الشائعة في مرحلة الحوار، فلا يعقل أن تعلق السلطات الفرنسية على "ضرب الزوجة ضربا خفيفا عند الحاجة" في كتاب من كتب التفسير العريقة، لكن عندما يتعلق الموضوع بكتاب مثل الحلال والحرام للقرضاوي، فالموضوع مختلف لأن الكتاب لقي رواجا واسعا بين عامة المسلمين في الجمهورية، أما كتب التفسير فهي للخاصة هنا وهناك في مكتبة بعض المستشرقين وبعض أئمة المساجد وبعض الباحثين. ثم إن تلك الحجة هي نفس حجة اليمين المتطرف وكل من يعادي الوجود الإسلامي في الغرب، فيقولون لدعاة التقريب (بين الاسلام والمنهج الغربي في الحياة والمسيحية وو ..) من المسلمين وغير المسلمين: أنتم حمقى، جهلاء، لا تعرفون عن الإسلام شيئا، ولا تعرفون ما هو مسطور في كتبهم، بل في أمهات كتبهم، بل في قرءانهم.. ثم يشغلون الشريط: ضرب الزوجات، تعدد الزوجات، اضربوهم حيث ثقفتموهم، الجزية وهم صاغرون، قطع الرؤوس والأيادي والصلب والرجم، للذكر مثل حظ الأنثيين، رمي المثليين من طابق علوي، لا يقتل مسلم بكافر، اذا اعترض الكافر طريقك فاﻇﻬﺮ ﺍﻟﻐﻀﺐ وادفعه واصفعه، "إغتصاب" القاصرات (يقصدون زواج الصغيرة)، قتل المرتد أي لا لحرية التدين ولا الفكر ولا الرأي ولا حتى الحرية الشخصية، نحن عندهم كفار سنخلد في النار أبد الآبدين كلما نضجت جلودنا بدلت جلودا غيرها لنذوق العذاب الأبدي..، واللائحة طويلة. إذا قال لهم دعاة التقريب من غير المسلمين: نحن نهتم بواقع المسلمين بيننا وبفهوماتهم التطبيقية وما يعملون ويقولون، تسرعوا إلى الإجابات الكلاسيكية: عندهم تقية، والحرب خدعة، وقرءان مكي وآخر مدني، و إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان.. أما الحقيقة كلهم "دواعش" وكلهم يريدون الإقتداء بنبيهم الذي قال وقال وقال.. وفعل وفعل وفعل.. فيقتبسون روايات وأحاديث ومقتطفات.. طبعا بالقراءة العاطفية اللامسؤولة وبالمذهبية والطائفية والطبقية وبالتمركز حول الذات، وفي بعض الأحيان يقولون حقا يراد به الباطل (النزاع، الشرخ، الطرد، التكفير، تبرير العنف ضد المسلمين، ..).

المشكل الحقيقي في العقل والعقليات، وليس في الكتب.

انتهى. أخوك المغفل الذي لم يقرأ كتب الشيعة.
 
التقريب مصطلح عائم ابتداء وحدوده في أبعاده تنتهي عند كثير من دعاته إلى الذوبان
وقد جر هذا الخلط في مفهومه والطمس لحقيقة أبعاده
ظهور العلمانية وانتصارها بقوة في ببلاد الإسلام
فالعلمانية اتجاه قوي ضد إزالة الفوارق وعناصر الابتعاد والدعوة للتجانس والالتحام والاتحاد
فالائتلاف الديني وهو أس المفرقات أكبر عائق للعالم الموحد
للذلك متى كان الاعتقاد ليس جوهرا في التعامل والتعايش فقد تم التقريب وإذابة الفوارق
ومثل هذا المنحى شؤم على الإسلام خاصة لكونه ليس دينا فكريا كغيره بل هو عملي ويلتزم أصل العمل كركن في الإيمان..
فالولاء والبراء أعظم شرائعه التي تغذي استمراريته وظهوره ووضوحه فمتى انطلق المصلحون في اتجاه معاكس لمنع الحياة فإنهم مفسدون في الحقيقة يرومون جوهر الإسلام وحقيقته بالموت والفناء
وأما الاتجاه الذي يسمح في حدود معلومة ومدروسة بالتصالح والتعايش وإخماد الفتنة وحقن الدماء
فهو موجود قبل هذا التقريب المزعوم وهو الفقه الإسلامي والسياسة الشرعية
فالجهاد له ضوابطه وشروطه ومع من يكون وكيف يكون ومتى يكون وأبواب الصلح في كتب الفقه والحديث معلومة وأدلتها مرقومة ومنها الأحلاف والمعاهدات
فالسياسة من الدين لكنها ليست هي الدين
وهو محور ما يسمى بفقه المتغيرات والثوابت
فالحكم المتعلق بالواقع قد يخرج استثناءا عن الحكم الشرعي المنزل لكنه لا يغيره ويحرفه كما يريد هؤلاء
فما يروجه التقريبيون هو فكر وليس سياسة دين وليس صلح تحريف للعقيدة ونقض لمبدأ الولاء والبراء
فمبدأ الأخوة والتسامح مع اليهود والنصارى
متى تحفظت فيه وزعمت أنهم كفار من أهل النار كما قال القرءان
فأنت تشرع للإرهاب وتهدم العلمانية وتفسد التقريب
ولا إخال أحدا شم رائحة العلم والقرءان ومعانيه العظيمة ومقاصده الجامعة يناقش في وجود مثل اليهود والنصارى في المسلمين ممن نقضوا أعظم تلك المعاني والمقاصد بالشرك الصراح والكفر البواح والبدع الفاجرة والعلوم الجائرة كالسحر ونحوه
...
والله أعلم
 
أتذكر هذه الآيات مع دعاة التقريب :

{ وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا (107) يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَىٰ مِنَ الْقَوْلِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا (108) هَا أَنتُمْ هَٰؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَن يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَم مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا (109) }
 
الفاضل محمد أمين المشرفي، حياك الله.
لا أتفق معك في بعض ما ذكرت وأشرت، وبخلاصة سأعلق على نقط الإختلاف التي أراها مهمة بما يسهم في الإنتصار لمقاصد القرآن الكريم وبما يحقق احترام مشاعر الإخوة من الشيعة الإثناعشرية الذين يشاركون في هذا المنتدى ثم الذين يزورونه، فأرجو أن يتسع صدرك لها.

قولك سيدي (فالعلمانية اتجاه قوي ضد إزالة الفوارق وعناصر الابتعاد والدعوة للتجانس والالتحام والاتحاد) أفهم منه أنك تتحدث عن علمانية مثالية لا العلمانية في التطبيقات الواقعية وهي متنوعة بل ومتناقضة في ممارسات وتنظيرات كثيرة، لأنها مبنية على الأهواء لا القيم، والأهواء متلونة تتلون مع تقلبات الواقع بمصالحه وتحدياته. خذ علمانية الاستعمار البريطاني للهند ومينمار مثلا، ونكتفي بنموذج بورما لحيويته ولأن الحالة الهندية أكثر تعقيدا. إن المسؤول الأول على الكارثة الإنسانية هناك هو الاستعمار البريطاني . نتحدث هنا عن العلمانية، ثم المسؤول التالي هو الحزب الوطني القومي الذي يتبنى ايديولوجية قومية علمانية توظف خطابا دينيا وسياسيا يخدم المصلحة القومية، فدخل البوذيون المتطرفون في الصراع باسم القومية دخول القوميين باسم الهوية البوذية، فكانت فتنة، وتجسدت الطائفية في واقع البلد، بغض النظر عن الأبعاد الإقليمية والدولية لأزمة، أي دون إقحام أطراف الصراع الأخرى. ومن ناحية أخرى، العلمانية تدعم التقارب إلى حد التجانس والالتحام عندما ترى مصلحة ما في ذلك، فها هي الصين فعلت وتفعل في بوذيي التيبت الأفاعيال من احتلال واظطهاد وتهجير وتهميش واعتقالات تعسفية وغير ذلك من الطامات، لكنها بالفيتو وبغير الفيتو تقف مع السلطة في بورما وتعرقل التحركات الأممية، وكل ذلك لاعتباراتها وحساباتها هي، والذين يدفعون الثمن دائما هم اليتامى من الشعوب الضعيفة المستضعفة والمظطهدة والمقهورة.. فالحرب بين العراق البعثية وايران الخمينية كانت في مصلحة الصناعة الحربية والتجارة في الفوضى الخلاقة، والأحمق دفع الثمن وما زال يدفعه، وتلك الأموال مع الطاقة والوقت مما ذهب هباء منثورا . أليس كذلك؟

إن الثروة تتمركز قطبيا، وثمن خلخلة مسار الإستهلاك وتصدير وسائل الإنتاج، من يدفع ثمنه؟ إذن على الناس أن تفهم أن السوق لا صديق له وسيقف ليقول {وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم}، هذا إن رأى الصفقة في لعبة أخرى ثم قدر على اللعبة الجديدة، وقدرته طبعا حسابات يخرج بها على أن لا يخسر أكثر ما يمكن ربحه، وإلا فهو عسكريا وسياسيا واقتصاديا وفكريا قادر لا محالة، وهذا إن كان الحاكم أو المتحكم بوذيا بحق أو وطنيا ميانماريا بحق، ولم يكن منافقا. والقوة الفكرية للسوق قادرة على ايجاد طائفة بوذية جديدة تخالف كل الطوائف الأخرى في أشياء يمكن أن تبنى عليه البراء، وذلك باستغلال الظروف المعاشية ومكامن الضعف الفكري الثقافي عند البوذيين وبطرق علمية دقيقة اجتماعية ونفسية وتاريخية وغيرها.. وعليه لا يكون التقريب هناك بين الاسلام والبوذية على أساس التنازل عن الموقف العقدي من الآخر، لكن من مهمات التقريب مثلا مباركة تصريح الدالاي لاما أنه لو تحقق بوذا الآن لوقف مع الأقلية المسلمة ولدافع عنهم وناصرهم، وفي الحوار نفهمه مقاصد الاسلام بعد أن نعرف به، ويوضح لنا فلسفة البوذية بعد التعريف بها، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، ثم نتباحث في الأمور التي نتفق عليها كحفظ المال والنفس لنتعايش ونتعاون. نعم، للجهاد شروطه وآدابه وضوابطه، وهي من الأشياء التي تكلم عنها دالاي لاما عندما قال ليس الجهاد هو ما يحاول تصوريه حتى غاب الفرق العملي بينه وبين الإرهاب، وهذا طبعا ثمرة من ثمار التقريب والحوار.

وقولك (فهو موجود قبل هذا التقريب المزعوم وهو الفقه الإسلامي والسياسة الشرعية).. هو في الواقع يا أخي الكريم، ولا حتى أركان الإسلام الخمسة متحققة ومتجسدة في الواقع، فالواقع أننا غثاء كغثاء السيل، متخلفون في كل مجالات الحياة، أي إسلام الأعراب ممتزج بالاسلام الشعبي والعادات والفلكلوريات.. نتحدّث عن الولاء والبراء، فهل الركن الأول تحقق؟ لا إله إلا الله، الإيمانية متحققة؟ لا، الإسلامية ايه نعم، الحمد لله المساجد والمآذن موجودة، ونؤدي طقوسيات الصلاة، فلا نقول نحن نصلي لأن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر أي أن العبادات معللة بمصالح الخلق والحفاظ على الصلاة في وقتها مثلا إنما تعدك سوسيوسيكولوجيا للانضباط فتحترم الوقت وترى أهميته وتحترم المواعيد، فأين نحن من هذا فردانيا وجماعاتيا واداريا وو؟ في الحضيض، فالصلاة في بعدها الإجتماعي يؤديها غير المسلم السويدي فينقصه البعد العقدي والروحي، فرديا ومؤسساتيا، لا نحن. وهذا لأن لا إله إلا الله ليست مجرد كلمات تقال، بل إيمان، وليست مجرد عقيدة فقط، بل معايشة أيضا، وفي الواقع مجرد شعار تولد عليه فتتحول بفعل الإنتماء الموطني إلى جزء من الهوية الشكلية.. وإلا فالشهادة الحقيقية تنعكس على الصلاة، والصلاة الحقيقية تترجم آليا إلى تزكية القول والفعل والضمير فالتطهير بالزكاة وهكذا..

أين أركان الإسلام في الواقع الإسلامي الغثائي، أولا، ثم الخوض فيما بعد ذلك. لذا أقول وأكرر أن التقريب واقعي يتعامل مع الواقع، والواقع فقط. نحن نبحث عن تجسد أركان الإسلام في الواقع، فلا نجد شيئا يذكر، إلا الشكليات والفلكلوريات والسطحيات، والله المستعان. والفقه الإسلامي فقهيات فروع وأبواب، ومنه ما يتعلق بالتقريب، شرط تطور السؤال الفقهي، لأن التقريب يتعلق بواقع معقد ويزداد تعقيدا كل يوم، كذلك السياسة الشرعية في واد والواقع السياسي سواء من جانب التنظير في العلوم السياسية أو في الممارسات كأنه من كوكب آخر، فقد طرحت أسئلة كبيرة في العلوم السياسية تجعلك تقف مع نفسك وتسأل بكل براءة: لماذا لم تطرح عندنا من قبل ونحن عندنا القرآن والسنة؟ ومن الناحية التاريخية: أين كانت هذه السياسة وأين تحققت؟

إذا قيل لهم لا تفسدوا، قالوا إنما نحن مصلحون، وهم يعبدون السوق ويخدمونه وهم لا يشعرون، بعد ذلك صار الإهتمام بالشكل. البوذي الذي يعبد بوذا المفهوم أو التعاليم، أو الأيقونات البوذية في البوذية الشعبية، لا يهمني ولا يضرني ولا يضر غيري، فهذا بينه وبين ربه، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، بعد أن نعرض عليه الإسلام عرضا صحيحا، وكيف ذلك ونحن نسلم بأركان الإسلام ولا نؤمن بها باعتبار الإيمان قول وفعل وعمل؟ لكن البوذي عندما يعبد السوق، مشكلة كبيرة، وهل يعبد باعتقاد منه أم لا، مما لا يهم، وهذا عندما نتعامل مع الواقع. إن الإله المهيمن في هذا العصر هو السوق، ولا يمكن مواجهة تحدياته بالعنف المتهور كما يمارسه من يدعي الجهاد لأن العنف العدمي هذا إنما هو في مصلحة السوق، ولا يكون بالطائفية، ولا بالمذهبية المُستغَلّة في السياسة الميكافيليلية، ولا بالشكليات والسطحيات الفاشية في حياة المسلمين المتدينين وغير المتدينين على حد سواء. هذا السوق دين، وله رجاله بغض النظر عن تدينه الطقوسي، فقد يكون شيخا أو راهبا بوذيا أو قسيسا أو محللا سياسيا.. وواحد شيخ في دولة مسلمة (غوثائية طبعا) الأرستقراطية حد النخاع، يفتي ويفسر أسباب أزمة القمح للخبز والماء الصالح للشرب، قاللك انتشار المعاصي. بمعنى آخر لا تزعج الطبقة المتسيدة، ولا تسأل وين راحة كذا مليار من البنك الدولي مخصصة للخبز والماء، ولا شأن لك بالصادرات على الإطلاق فلا تفكر حتى في كتابة تغريدة تويتيرية في هذا الشأن، ولا تهتم بحيثيات وكيفيات التنافس والهيمنة بين الشركات في تصفية وتوزيع الماء، ..


(متى تحفظت فيه وزعمت أنهم كفار من أهل النار كما قال القرءان
فأنت تشرع للإرهاب وتهدم العلمانية وتفسد التقريب)
العكس هو الصحيح، فأقوى حجة تمسكت بها العلمانية (الايديولوجيا) هي الطائفية، إلى جانب استغلال بعض جوانب "التديّن الشعبي" في شرعنة الحال والمآل، في انتظار السلطان بن السلاطين الذي سيسلط على من تسلط بغير حق مبين. ولهذا فكرة المهدي هي سيف ذو حدين، فتستعمل للاستحمار فهي أفيون الشعوب، أو تستعمل لخلق الأمل والتفاؤل كي تنهض ولا تيأس وتخضع فهي تحرير للشعوب. وبين الأفيون والحرية كما بين الطاغوت والله. ولا قيمة لحرية لا تدفعك إلى عمل صالح، ومن هنا اقترن الايمان بالعمل الصالح، فالمهدي الذي نفخ فيك الأمل وأبعد عنك الشعور بالكسل هو أنت الآن وإن كان غيرك بعد الآن والمهم أن تكون أنت من المهديين فكن من {أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده} فقد كانوا من الصالحين، إذن قم واصلح عقلك بالنظر وقلبك بالتزكية وبدنك بالرعاية لتصلح علاقتك مع نفسك ومع غيرك، فالزم الصمت إن كنت مرتابا أو حيرانا، أو ادخل في فوج المطالبة الفكرية الثقافية والسياسية والجمعوية والنقابية والحزبية بالإصلاح إن كنت صاحب نباهة وحكمة، وهنا أيها المهدي يجب أن تستهدي بقول النبي عليه الصلاة والسلام "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيرًا أو ليصمت" فإما تتمذهب بالإعتزال وإما بالتجمع، ولا مكان لمذهب ثالث. فهل أنت من المهتدين؟ فلماذا تدفع الخمس ولمن يدفع هذا الخمس؟ هل أنت فعلا من {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون}؟ فهل الخمس ظلم للرعية؟ سيقول لك: لا، الظلم هنا يعني الشرك، فراجع كتبك ومذهبك لا يجوز لك تكذيب السنة والتفسير النبوي منها.. آه، هنا هو معجب بمذهبي إذ وافق ما لا يزعجه فكريا، وله ما يريد، وهذا مطلوب في التقريب، لا الجدال الديني المذهبي بالتي هي أحسن. نعم الشرك ظلم، والظلم شرك، ولا نتكلم أإعتقادي هو أم عملي، إذ لست أنا هنا في محكمة قضائية لأصدر عليك حكما، وكل ما يهمني هو الواقع. هل أموال الخمس والضرائب وعائدات ثروات البلاد الإيرانية مما يوزع بشكل عادل بين الايرانيين؟ أم يؤخذ قسط منها لأجل تمويل مشاريع خاصة خارج الدولة لتتدخلوا في سياسة هذا البلد وذاك؟ هل تصرفون على الأمن القومي، والاستراتيجي كما تقولون، ما يوافق حجمه ولا ينال من حق التشغيل والأمن الوطني والتعليم والبحث العلمي والخدمات الإدارية الإجتماعية في الميزانية؟ وإذا لم يكن الأمر كذلك فهل تم ببيعة أو موافقة الشعب؟ أو، هل أنت من المهتدين؟ هل يعلم أهل إيران ما في إيران من ثروات وأموال؟ إن كانوا يدعون أن الحكم الإمامي أفضل من الحكم الراشدي، فأين جزء من المائة من عشر معشار النظام الراشدي؟ إذن، الأفيونية تغذي النفاق حتى يعم في كل أرجاء ومجالات الاجتماع البشري، ولأن المنافق في الدرك الأسفل من النار، فهو يبقى في الدرك الأسفل من الإنحطاط والتخلف والإستبداد، لذلك هي أمريكا مثلا تستبد خارجيا أكثر مما تستبد داخليا لأن النفاق في السياسة الخارجية أوسع، ولذا يأتي إنحطاطها الإنساني والأخلاقي على هذا المستوى بشكل أوسع.. معادلة منطقية، وسنة من سنن الإجتماع البشري.

ولا يمكن فهم المشاكل الكبرى، دون فهم الشرك العصري، وإذا كنت لا ترى أين يتجلى الشرك بقوة في هذا العصر، فلن تفهم علاقة الشرك بالمصائب الواقعية، وبالتالي الشرك الذي تتحدث عنه مجرد سطحيات كلام وأقوال، كما أن التوحيد هو توحيد الغثائيين، فالتوحيد إرتقاء يوزن بمدى الإبتعاد عن الشرك. أليس كذلك؟

من أنا لأحكم على غيري بالكفر؟ هل أعاني من أزمة ما؟ هل هي ممارسة للكبر والأنانية والاستعلاء باسم الدين (هو القرءان يكفرهم)؟ هل نحن مؤمنون وأين تتجلى حقائق هذا الإيمان في مجالات فكرنا وثقافتنا واجتماعنا ومعاشنا ووو؟ نحن مسلمون، إن شاء الله. ولا نتحدث عن التكفير النسبي فالناس كلهم كفار، لكن أن نقول هذا غير مسلم اذا هو كافر اذا هو في النار، ما أظن هذا صحيح. ونحن نعلم أن الله سبحانه {لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} والشرك الذي لا يترجم في الواقع إلى أعمال شر وفساد وفتنة واستبداد وقهر، هو مجرد مظاهر وعادات ثقافية، فهو جهل وصاحبه جاهل غافل نسميه بالاسم الذي يتسمى به، إذ {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به}، وهذه آية صريحة في نبذ الفوقية باسم الدين احنا عندنا توراة واحنا عندنا انجيل واحنا عندنا خاتم النبيين، والحوار مع آخر تعتبره كافرا شيء مستحيل، فهو اجهاض قبل الحمل، ولن نذهب بعيدا لمعرفة هذه الحقائق القرآنية. ولاشك أن الذي عرف الحق وأعرض عنه، إنسان كافر، فلا يصلح معه شيئا، لأنه سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون. ولكن نحن نعيش في عصر المسلم مجرد غثاء لا يعرف الاسلام، فما بالك بغير المسلمين؟ لذلك أقول وأكرر أن التقريب نشاط واقعي يتعامل مع الواقع، لكي لا نزيد الطين بلة، طامات متتالية متكاثرة، ونزيد عليها طوام التكفير والطائفية والطبقية؟ ما يصلحش، فيجب أن نكون واقعبين.

في القرءان الكريم دعوة إلى العدل والمودة، وكذلك الجدال بالتي هي أحسن، بل فيه إقرار بسنة التدافع. هل هذا تناقض واختلاف؟ لا، بل دعوة صريحة إلى الواقعية. والتدافع له علاقة بالفساد والهدم، فهو في الواقع، أما في الأفكار فهي مجردة إن لم ترتبط بالواقع، وهنا لابد من عمليات تنظيف واسعة النطاق في كل المذاهب والفرق، وكل يجدد في مذهبه وفرقته يزيل منها ما خلفته التراكمات التاريخية الثقافية المتراكمة. ولا يجوز التعامل مع الآخر بالتكفير، فهذا الذي نحاربه شرقا وغربا. ففي شركة غربية لا أسمح للمسؤول فيها محاسبتي أو تقييمي وفق تكفيره لي: أنت لست مني، وأنت تصوم في رمضان، فيتغير روتين نومك وهضمك للغذاء، بما يؤثر على أدائك وتركيزك وجودة عملك.كذلك مع التيارات التكفيرية التي تكفر فتشرعن للطائفية والتمييز والعنصرية، وهذا يحدث وطبعا باسم أنا على على حق وحرية وعدل، وأنت على طريق الشر والظلامية والرجعية. فالتكفير مشكلة عالمية، ولا حل لهذه المعضلة بدون تقريب وحوار؛ والتقريب لا يعني أعبد معك آلهتك وتعبد معي إلهي، لأن هذا الطريق لا يحل المشكلة بل يخلق طائفة جديدة، وستسلك سبيل التطرف حتى تسقط في نفس الإشكالية، فتعقد الأمور أكثر.
 
عودة
أعلى