إعجاز القرآن عند أبي العلاء المعري:

أحمد كوري

New member
إنضم
13 يونيو 2008
المشاركات
153
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
موريتانيا
يحكي بعض المترجمين لأبي العلاء المعري أنه حاول معارضة القرآن!! وهي حكاية غريبة جدا، ومستبعدة جدا؛ فكيف لشخص عارف بدقائق اللغة ومتعمق في أسرار العربية كأبي العلاء أن يبلغ به الحمق أو الجنون أن يحاول معارضة القرآن الذي تحدى الله به الإنس والجن فعجزوا عن الإتيان بمثله، بل بعشر سور، بل بسورة واحدة، بل بآية مثله؟! "قل لئن اجتمعت الانس والجن على أن ياتوا بمثل هذا القرآن لا ياتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا".
على أني لم أقف لسند صحيح يثبت هذا الخبر عن المعري، بل الذي وقفت عليه للمعري هو كلامه هو نفسه في كتابه: "رسالة الغفران" عن إعجاز القرآن، وهو كلام يوضح فيه بما لا يقبل مجالا للشك رأيه في إعجاز القرآن، ويؤكد الحقيقة المجمع عليها، وهي أن القرآن كتاب معجز يستحيل الإتيان بمثله، وأنه قد وصل من الفصاحة والبلاغة وقوة التأثير إلى درجة معجزة للبشر ومتفوقة على كل الأصناف الأدبية، ويتضح الفرق جليا بين كلام الخالق وكلام المخلوق حينما نجمع في سياق واحد بين آية من كلام الخالق وجملة أو جمل من كلام المخلوق، يقول المعري (رسالة الغفران: 472 - 473):
"وأجمع ملحد ومهتد، وناكب عن المحجة ومقتد، أن هذا الكتاب الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم كتاب بهر بالإعجاز، ولَقِيَ عدوَّه بالإرجاز، ما حُذِيَ على مثال، ولا أشبه غريب الأمثال، ما هو من القصيد الموزون، ولا الرجز من سهل وحزون، ولا شاكل خطابة العرب، ولا سجع الكهنة ذوي الأرب، وجاء كالشمس اللائحة، نورا لِلمُسِرَّة والبائحة، لو فهمه الهضب الراكد لتصدع، أو الوعول المُعْصِمَة لَرَاقَ الفادرة والصَّدَع: "وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون". وإن الآية منه أو بعض الآية لتعترض في أفصح كَلِم يقدر عليه المخلوقون فتكون فيه كالشهاب المتلألئ في جنح غسق، والزهرة البادية في جدوب ذات نسق. "فتبارك الله أحسن الخالقين".

شرح الغريب:
الإرجاز: من "الرجز" وهو: ارتعاد يصيب البعير أو الناقة فيعجزها عن القيام.
الفادر: الوعل العاقل في الجبل، وهو المسن أو الشاب التام من الوعول، والفادرة أيضا: الصخرة الصماء العظيمة في رأس الجبل.
الصَّدَع: من الظباء والوعول: الفتى القوي، وقيل: هو الوسط من الوعول ليس بالصغير ولا بالكبير.

المصدر:

رسالة الغفران – تأليف: أبي العلاء المعري – تحقيق: د. عائشة عبد الرحمن (بنت الشاطئ) – دار المعارف – مصر – ط 7 – 1397هـ/1977م.
 
الأظهر أن كل ذلك كان منه...فأبو العلاء و امثاله من المتذبذبين - خلاف من خرجوا الى الكفر الصريح و اعلان الحرب و المحادة كابن الراوندي و غيره- ما كانوا يثبتون على قدم واحدة...فمرة ينخر الشك و الألم عظامه فيحط على كل ما يظنه سببا له...ثم لا يلبث ان يأخذ الحق بخناقه فيعود للاعتراف به و التسليم بالحاجة الى ظله...و الله أعلم على ما مات و بعض الروايات مشعرة بأنه فاء
 
أبو العلاء رحمه الله تعالى مفكر مسلم عميق ليس من السهل تحديد معالم اعتقاده، وهكذا شأن كبار الفلاسفة والمفكرين حتى قال برتراند راسل عن ديكارت سنظل إلى قيام الساعة لا نتيقّن هل كان مؤمنا أم كان يجاري الوضع العام للتفكير في عصره.​

ومن أحسن من وصفه الباخرزي (ضرير ليس له في الأدب ضريب، مكفوف في قميص الفضل ملفوف، طال في دوحة الإسلام آناؤه ولكن ربما رشح بالإلحاد إناؤه. وعندنا خبر بصره والله اعلم ببصيرته )​

وقوله الأخير يشبه قول راسل في ديكارت. أما قوله ولكن ربما رشح بالإلحاد إناؤه فيعني ما يصدر من المعري أحيانا من تشكيك في النبوات، وإن كان لا يشك في الله تعالى.​

ومن أقواله​

[poem=font=",6,,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,blue" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black""]
قالت معاشرُ كلّ عاجز ضرعُ =ما للخلائق لا بطء ولا سِرعُ
مدبرون فلا عتب إذا خطئوا =على المسيء ولا حمد إذا برعوا
وقد وجدت لهذا القول في زمني =شواهدا ونهاني دونه الورع​
[/poem]

وقال مستنكرا للقرامطة​

[poem=font=",6,,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,blue" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black""]
إذا وفتْ لتجار الهند طائفةٌ =فاجعل مع الله في دنياك مُتّجرا
ودينُ مكةَ طاوعنا أئمتــــــه =دهرا فما بال دين جاء من هجرا
والسعدُ يدرك أقواما فيرفعهم =وقد ينال -إلى أن يُعبد -الحجرا
وشرفت ذات أنواط قبائلها =ولم تباين على علاتها الشجرا​
[/poem]

وهو محق من الناحية الفلسفية في بيانه عدم تساوي أدلة وجود الله مع أدلة النبوة ، رغم أنه كان مؤمنا بالنبوة في معظم أحيانه. لأن دليل وجود الله دليل استقرائي موجود في طبيعة العقل البشري أن يستقري من كون كل شيء له أصل أن يعزو الوجود إلى موجد لا يمكن تكراره لأنه يؤدي إلى الدور. ولا تعدده لأنه يؤدي إلى تصادم الإرادات والفساد وهذه أدلة عرضها القرآن الكريم وحث الناس على إعطائها الأولوية التي تستحقها. لكن أدلة النبوة تحتاج معجزة تخرق قوانين العقل نفسه ، وهي تصبح تاريخا إذا لم يشهدها الإنسان بنفسه، باستثناء المعجزة الوحيدة الباقية وهي القرآن الكريم ، التي أحسّ النبي صل1 بتميزها عن سائر المعجزات فقال وإنما كان الذي أعطيتُه وحيا فأرجو أن أكون أكثرهم تبيعاً
وأبو العلاء من المنفعلين بالقرآن ولكنّه ذا عقلية علمية تُشبه عقلية فلاسفة الإغريق وعقلية ابن حزم والمعتزلة وبعض فلاسفة الإسلام لكنّ له ميزة على غيره بانفعاله بمعنى الوجود وجدية الحياة أن صام أربعين سنة وامتنع عن كل ما يؤذي الحيوان بحثا عن العدالة القصوى.
ويصدق كريمر حين قال إنه من أعاظم الأخلاقيين على مدار التاريخـ وأنه كان سابقا لعصره بمراحل.
ومن وجهة نظري المتواضعة أنه أكثر من أديب بمعنى أن فلسفته تصلح لبناء دولة على أرقى مستوى من الإنسانية والقيم العليا. ويؤسفني أنه رغم أن العصر الحديث قد أعاد له الاعتبار بعد التشويه الذي قام به علماء الإسلام لأنهم نقلوا آراء ابن الجوزي فيه وكرروها كما أثبت ذلك الكتاب القيم الذي جمعه جماعة من الفضلاء بإشراف طه حسين وسموه (تعريف القدماء بأبي العلاء)، إلا أن الأمة ما تزال بعيدة عن فلسفة أديبها الكبير والمعلم الحقيقي شاعر الإنسانية في جميع العصور.
ومن جيد ما قيل فيه من الشعر قول العراقيين الجواهري والرصافي​

[poem=font=",6,,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,royalblue" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black""]
قف بالمعرة وامسح خدّها التربا = واستوح من طيّب الدنيا بما وهبا
واستوح من ملأ الدنيا بحكمته= ومن على جرحها من روحه سكبا
وللحوادث حالات وأفجعُها =أن تبصر الفيلسوف الحر مكتئبا
لدولة الفكر تاريخ يحدثنا =بأنّ ألفَ "مسيحٍ "دونَها صلبا​
[/poem]
رغم أن المسيح صل1نفسه لم يقتل ولم يصلب ولكن شبه لهم بل رفعه الله إليه.​

وقال الرصافي​

[poem=font=",6,,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,royalblue" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black""]
حيهل أيها الملا =نحي ذكرى أبي العلا
شاعر شعره اجتلى= صورا كلها غرر
هو بالفكر مذ سما =كان من نوره العمى
شاعر الأرض والسما =شارف الشمس والقمر
حل في ذروة الأب =آتيا منه بالعجب
لا تقل شاعر العرب= إنه شاعر البشر
جعل الحق ذوقه= باذلا فيه طوقه
شاعر ليس فوقه= شاعر من بني البشر
كوكب قد توقدا =في سماء من الهدى
عندما غمه الردى= اظلم الجو واعتكر​
[/poem]

وأهم كتبه على الإطلاق ديوانه الفلسفي لزوم ما لا يلزم الذي اختصره الناس باسم اللزوميات، وقد دافع عن بعض ما قاله فيه في كتاب أسماه - حاشى القارئ- بــ"ـــزجر النابح"، وهو وإن لم يصل إلينا إلا أن قسطاً كبيرا منه قد وجده الدكتور أمجد الطرابلسي رحمه الله على هامش مخطوط للزوميات قديم في مكتبة لندن. وهذا السفر هو الذي عناه الرصافي مادحاً
[poem=font=",6,,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,royalblue" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black""]
خطّ سفراً به ابتغى = غنيةَ الروح بالرغى
جامعا أفصح اللغى = حاويا أكبر العبر
شعره شفّ عن دها= ماله فيه منتهى
بمعانٍ هي النهى= ومبان هي الدرر
[/poem]​

ولا شك عندي أنه من أولياء الله الصالحين رغم ما كان يعتري نفسه المتفكرة من شكوك في جدوى الوجود.
عفا الله عنه وتغمده في الصالحين.​
 
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
الهدف من كتابة هذا الموضوع هو إثبات شهادة المعري واعترافه بإعجاز القرآن، وهي شهادة لها وزنها من رجل متخصص في الدراسات اللغوية والأدب العربي، وحتى لو كان ملحدا – والعياذ بالله - فهذا لا ينقص من قيمة هذه الشهادة، بل ربما يزيد في قيمتها؛ فشهادته هنا هي كشهادة الوليد بن المغيرة في قوله في وصف القرآن الكريم: "والله إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أسفله لمغدق، وإن أعلاه لمثمر، ما يقول هذا بشر".
وما زال الناس مختلفين في المعري؛ وسبب اختلافهم هو أن شعره حافل بالتناقض ولا يكاد المرء يخرج منه بنتيجة محددة، والروايات عنه مختلفة كذلك؛ لأنه كان في ما يظهر يستعمل التقية ويجمجم ولا يصرح باعتقاده، وليس غموضها هذا منقبة له، وإنما يدل على جبن وخور وتذبذب ونفاق، وليس كل ذلك من أخلاق العقلاء في شيء، ولا يصح اعتبار من هذا شأنه نموذجا أخلاقيا. وإذا راجعنا تراجمه في مؤلفات علماء الإسلام (كابن الجوزي والسلفي والذهبي والصفدي وياقوت) نجد أنهم قد أنصفوه إنصافا بالغا، وحكوا كل ما قيل فيه، ولم يقولوا عنه إلا ما يشهد به شعره. (انظر كتاب: أبو العلاء وما إليه – تأليف: عبد العزيز الميمني الراجكوتي – دار الكتب العلمية – بيروت – ط 1 – 1403هـ/1983م). ولا عبرة بتعديل الزهاوي للمعري، لأن الزهاوي كان ملحدا متناقضا.
والمعري لم تكن له فلسفة خاصة، ولم يؤلف كتبا فلسفية، وإنما بث بعض آرائه وتأملاته في أثناء "اللزوميات" و"سقط الزند"، وقد كان نباتيا وله خواطر عن الحياة والناس، وكل هذا لا يعبر عن فلسفة خاصة ولا يجعل منه فيلسوفا، كما يقول د. يحيى شامي بعد أن عرف الفلسفة عدة تعريفات: "أقول إن كانت الفلسفة هذا كله أو بعضه فإن أبا العلاء بعيد من نسبة الفلسفة إليه، وذلك لأن الرجل وبصفته شاعرا في الأصل بطبعه وإحساسه ومزاجه، أوغل في العاطفة والانفعال، وأطلق لخياله ولحسه المستوفز العنان، فلم يتوفر على الأفكار وصوغها وتمحيصها وتحليلها تحليلا منطقيا بحيث تجري في نسق محكم النظام، مبوب البناء ثابت الأساس". (أبو العلاء المعري: 170 – ط دار الفكر العربي بيروت – ط1 – 2002م). ولا يستحق المعري أيضا مكانة متقدمة بين الأدباء؛ فأدبه متكلف مثقل بأنواع البديع وحوشي الكلام.
والدولة المثالية لا يمكن أن تبنى إلا على مبادئ كتاب الله (وهو الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه)، وعلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم (فهي المبينة للقرآن الكريم)، "إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم". أما أقوال المعري فهي قسمان: قسم هو حكم صحيحة موافقة للكتاب والسنة وهذا القسم لا نحتاج إليه في بناء الدولة؛ لأن الكتاب والسنة يغنيان عنه، وقسم مخالف للكتاب والسنة، فهو كفر وباطل يجب نبذه، وهذا القسم كذلك مخالف للمبادئ العقلية الصحيحة؛ فهو يقوم على الإلحاد والتشاؤم وكره الحياة ومعاداة البشرية والانقطاع عن النسل.
ووجود الله سبحانه وتعالى ثابت بالأدلة القطعية، وصدق الأنبياء – عليهم الصلاة والسلام – كذلك ثابت بالأدلة القطعية، وهما في مستوى واحد من حيث الثبوت وقوة الأدلة، كما تشهد بذلك قواطع العقول وسواطع النقول.
 
الأخ أحمد كوري مرحباً

تعمدت أن أضرب صفحا عن لب الموضوع ولا أعرج على كتاب الدلالات الذي طبع على أنه في الحكم والمواعظ وقيل إنه في معارضة السور والآيات، وكنت أنوي أن أضيف ملحقا للمقال الذي كتبته فيالإشادة بأبي العلاء رحمه الله.
وما إخالك تغفل أن آراء الرجال التي أوردتها فيه لا تلزمني بشيء ولاسيما أني قد قرأت شعره بنفسي وكونت رأيي الخاص عنه في سنين عديدة. وما يغفل مثلكم عن أن كونه فيلسوفا أو لا أمر نسبي فقد قالت الموسوعة الفلسفية عن هايدغر وبهذا النوع من المنطق أو بالأحرى انعدام المنطق بإمكان هايدكر أن يثبت أي شيء. ونحن نعد في الفلاسفة من لم يصلنا منه إلا شذرات شعرية فلسفية من فلاسفة اليونان فهذا أمر مرتبط بعصره. وعندي أن المعري فيلسوف حقيقي ومعلم كبير وما أفرض رأيي على أحد.
ولكن ما يستوجب ردا عليكم بوصفكم أستاذا لا قارئا عاديا هو قولكم

.
ووجود الله سبحانه وتعالى ثابت بالأدلة القطعية، وصدق الأنبياء – عليهم الصلاة والسلام – كذلك ثابت بالأدلة القطعية، وهما في مستوى واحد من حيث الثبوت وقوة الأدلة، كما تشهد بذلك قواطع العقول وسواطع النقول.

فهذا إن كنت تعني أننا مؤمنون بالله وملائكته وكتبه ورسله فنعم نحن والحمد لله مؤمنون بالله وملائكته وكتبه ورسله، ولكن قولك إنهما سواء من حيث الأدلة مصادرة غير فلسفية وقد بينت سبب كونهما غير سواء من حيث القوة حتى إن القرآن الكريم قال إنهما ليسا سواء من حيث القطع فقال تعالى (قل أرأيتم إن كان من عند الله ثم كفرتم به من أضل ممن هو في شقاق بعيد) فكونه من عند الله هو رسالة الإسلام أن يؤمن البشر بها، وليس كونه من عند الله بقطعية كون الله حق في العقل بل في قلب المؤمن. وهذا مما لا أحسب عالما أو منطقيا أو مدركا لمبادئ العقل يكابر فيه، وقد تكون انفعلتَ بسبب ما رأيته مبالغة في الإشادة برجل لا تكن له ما أكنّ فقادك امتعاضك إلى أن تساوي بين قضيتين ليستا متساويتين بنص القرآن.وأنا هنا ضيفك ولا أماريك ولكني أحاورك فيما حاورتني فيه

والله من وراء القصد
 
الاعجاز القرانى

الاعجاز القرانى

1004ks.gif

salam.gif
الإعجاز​
الإعجاز: إثبات العجز، والعجز: ضد القدرة، وهو القصور عن فعل الشيء.​
ب-تعريف المعجزة: هي أمر خارق للعادة مقرون بالتحدي سالم عن المعارضة. يظهر على يد مدعي النبوة موافقاً لدعواه.​
ج-شروط المعجزة.​
1- أن تكون المعجزة خارقة للعادة غير ما اعتاد عليه الناس من سنن الكون والظواهر الطبيعية.​
2-أن تكون المعجزة مقرونة بالتحدي للمكذبين أو الشاكين.​
3-أن تكون المعجزة سالمة عن المعارضة، فمتى أمكن أن يعارض هذا الأمر ويأتي بمثله، بطل أن تكون معجزة.​
د-الفرق بين المعجزة والكرامة والسحر​
قد يكرم الله تعالى بعض أوليائه من المتقين الأبرار بأمر خارق يجريه له، ويسمى ذلك: الكرامة.​
وثمة فرق شاسع بين المعجزة والكرامة ، لأن الكرامة لا يدعي صاحبها النبوة، وإنما تظهر على يده لصدقه في إتباع النبي. لأن هؤلاء الأبرار ما كانت تقع لهم هذه الخوارق لولا اعتصامهم بالاتباع الحق للنبي صلى الله عليه وسلم.​
وهذا يبين لنا أن شرط الكرامة للولي صدق الاتباع للنبي صلى الله عليه وسلم، لكن ليس من شرطه العصمة ، فان الولي قد يقع في المعصية، أما الأنبياء فقد عصمهم الله تعالى.​
أما السحر فهو أبعد شيء عن المعجزة أو الكرامة، وان كان قد يقع فيه غرابة وعجائب، لكنه يفترق عن المعجزة والكرامة من أوجه كثيرة تظهر في شخص الساحر وفي عمل السحر.​
فمما يفترق به الساحر عن الولي:​
1- ركوب متن الفسق والعصيان.​
2-الطاعة للشيطان.​
3- التقرب إلى الشياطين بالكفر والجناية والمعاصي.​
4-الساحر أكذب الناس وأشدهم شراً.​
وأما عمل السحر فقد يكون مستغربا طريفا، لكنه لا يخرج عن طاقة الإنس والجن والحيوان، كالطيران في الهواء مثلا، بل هو أمر مقدور عليه لأنه يترتب على أسباب إذا عرفها أحد وتعاطاها صنع مثلها أو أقوى منها.​
لذلك ما أن نواجه السحر بالحقيقة حتى يذهب سدى، {وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى} [طه: 69].​
ومن هنا خضع السحرة لسيدنا موسى عليه السلام، لأنهم وهم أعرف الناس بالسحر، كانوا أكثر الناس يقينا بحقية معجزته، وصدق نبوته، فما وسعهم أمام جلال المعجزة الإلهية إلا أن خروا سجدا وقالوا: {آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى} [ طه 70​
 
بالنسبة لكتاب الفصول والغايات , فان ابن العديم و ان كان في نظري مبالغا يحب بحب ابي العلاء و يبغض ببغضه ,الا ان حجته قوبة في نفي الروايات المتعلقة بنية ابي العلاء من وراء هذا الكتاب, و اقواها عنوان الكتاب نفسه :الفصول والغايات في تمجيد الله تعالى والعظات . خاصة و انه وقف على نسخ كثيرة من اعمال ابي العلاء بخطه...
و ما أحسن ما ذكره الدكتور في تشبيهه بديكارت. فالمشابهة قوية من هذه الجهة اذ يبدو منهما الحرص على خصوصية اعتقادهما و كأن لسان حالهما عند الفناء ينشد الناس: مالكم و معاملتي لخالقي؟؟
مع فارق ظاهر بين الاثنين فابو العلاء مع كل هذا الذكاء الذي اوتي حتى ان الرجل كان مكتبة متنقلة في شتى انواع العلوم,ففضلا عن الروايات المتكاثرة في حدة ذكائه و دقة ملاحظاته حتى لا يكاد يفلت منه شيء ,وقدرته على لعب الشطرنج و تمييز الماء من الماء ومعالجة انواع الحسابات و غبرها من لطائف الأمور. فبالاطلاع على كتبه تجد مادتها متسعة في معرفة المذاهب و الفرق و علوم عصره و اقوال الناس و المعرفة المتعمقة بطبائع الاجتماع و نفسيات الخلق , مع اتساع مهول في الخيال و الذاكرة حتى ان كتابه في الايك و الغصون تجاوز الستين مجلدا,مع كل هذا ما استطاع التفلت من هيمنة الوحي و آل به الأمر الى الخضوع له ,بعكس ديكارت و كانط و اضرابهما كلما ازدادوا ذكاءا و صدقا ازدادوا تفلتا مما لبس عليهم من الوحي.و هذا تراه سمة عامة في فلاسفة المسلمين و فلاسفة النصارى..
ولا يستحق المعري أيضا مكانة متقدمة بين الأدباء؛ فأدبه متكلف مثقل بأنواع البديع وحوشي الكلام.
و لكن هذه ما رضيتها منك بنوب .ابتسامة..
و عن كتاب زجر النابح و كتاب الشيخ الميمني عن المعري و كتاب الشيخ ابن العديم فهي اعز من الكبريت الأحمر..و لم اطلع عليها الا في مكتبات خاصة..فهل من سبيل لايجادها على الشبكة مصورة ؟؟؟
 
أدب المعري وفكره في ميزان د. طه حسين

أدب المعري وفكره في ميزان د. طه حسين

د. طه حسين، أكبر وأشهر مريدي أبي العلاء المعري في العصر الحديث، وربما في كل العصور، وكثيرا ما يعبر عن إعجابه بأحمد بن سليمان أديب معرة النعمان. لكن ذلك لم يمنعه من الحديث عن العيوب الكبرى التي تطبع أدب وفكر المعري، كما يقول (تجديد ذكرى أبي العلاء: 233): "وإن عز علينا أن ننال كلام أبي العلاء بهذه المقالة، إلا أننا لا نغض منه، وإنما نصف حاله". وقد عبر طه حسين عن رأيه هذا في عدة مواضع من الجزء العاشر من المجموعة الكاملة لأعماله، (وهو خاص بكتبه المتعلقة بأبي العلاء)؛ فلا داعي لاستقصاء كل هذه النصوص، بل يكفي مثالاً نقلُ نص عن تقويم طه حسين لأدب أبي العلاء في فترة الشباب، وثان عن تقويمه لأدبه في فترة الشيخوخة، وثالث عن رأيه في فكر أبي العلاء.
1- أدب أبي العلاء في فترة الشباب:
يقول عنه طه حسين: (تجديد ذكرى أبي العلاء: 232 - 233):
"نثره في طور الشباب: إذا كان شعر أبي العلاء في طور الشباب كثير التكلف، قليل المتانة، فإن نثره كذلك في هذا الطور، وإنما كثر في كلامه التكلف حين حرص على إظهار التفوق والظفر بالإجادة، فكأنه يملي عن ميله إلى النبوغ. لذلك لم تخل رسائله من السجع، بل قد تقرأ الرسالة كلها فلا تظفر بجملتين غير مسجوعتين، وكذلك لم تخل رسائله من الغريب، بل لا تكاد تمر فيها بجملة خلت من لفظ غريب. وحظ المبالغة في نثر هذا الطور كحظها في شعره، وكما أن أوائل "سقط الزند" قد عبث بها التكلف، فحال بينها وبين تمثيل عواطف الشاعر، فقد عبث التكلف برسائله أيضا، حتى ما تستطيع أن تدرس أخلاقه وميوله الفطرية في ما كتب إلى أبي القاسم المغربي، وإنما هي ألفاظ مرصوفة، وكلمات قد قرن بعضها إلى بعض يزينها السجع، وتختلف متانة وضعفا من حين إلى حين، وتظهر فيها المبالغة التي لا تأتلفها العادة، ولا يطمئن إليها العقل، انظر ما كتبه في "رسالة المنيح": "إن كان للآداب – أطال الله بقاء سيدنا – نسيم تضوع، وللذكاء نار تشرق وتلمع، فقد فغمنا على بعد الدار أرج أدبه، ومحا الليل عنا ذكاؤه بتلهبه، وخول الأسماع شنوفا غير ذاهبة، وأطلع في سويداوات القلوب كواكب ليست بغاربة، وذلك أنا معشر أهل هذه البلدة وهب لنا شرف عظيم، وألقي إلينا كتاب كريم، صدر عن حضرة السيد الحبر، ومالك أعنة النظم والنثر، قراءته نسك، وختامه بل سائره مسك، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون". فهل ترى في هذا الكلام لفظا قيما، أو أسلوبا عذبا، أو صناعة جيدة؟ وهل تجد إلا كلفا بالسجع ممقوتا، وحرصا على المبالغة مرذولا، وتكلفا هو أشبه بتعمل الأطفال؟ وإن لا فما قوله: "وللذكاء نار تشرق وتلمع"؟ أليس لفظ "تلمع" قد أكره على مكانه ليؤدي حق السجع؟ ثم انظر إلى قوله: "فقد فغمنا على بعد الدار أرج أدبه، ومحا الليل عنا ذكاؤه بتلهبه" فإن الفطرة تقتضي أن يقول: "تلهب ذكائه"، ولكن حب السجع اضطره إلى أن يعدل عن الفطرة إلى التكلف، وكذلك قوله: "وذلك أنا معشر أهل هذه البلدة وهب لنا شرف عظيم، وألقي إلينا كتاب كريم" ليس إلا من بارد اللفظ، وفاتر السجع، وإن عز علينا أن ننال كلام أبي العلاء بهذه المقالة، إلا أننا لا نغض منه، وإنما نصف حاله، وليس قوله: "السيد الحبر، ومالك أعنة النظم والنثر" بأقل بردا وفتورا من سابقه".
2 - أدب أبي العلاء في فترة الشيخوخة:
يرى طه حسين أن أبا العلاء لم يكتب "اللزوميات" أصلا ليعبر عن عاطفة أو فكر، وإنما كتبها من باب التسلية وتزجية الوقت؛ فقد حبس نفسه في بيته نحو أربعين سنة، وحيدا بلا أنيس، محروما من الزوج والولد، فكان أكثر حياته فراغا متصلا، كان من الضروري أن يشغله بشيء، فشغله بهذه "اللزوميات" التي ألزم نفسه فيها ما لا يلزمه؛ ووضع لنفسه فيها قيودا صارمة متكلفة من باب اللعب والعبث.
يقول طه حسين: (مع أبي العلاء في سجنه: 386):
"وأول ما أواجهك به من ذلك وأنا أقدر أنك ستلقاه منكرا له ثائرا عليه، هو أن "اللزوميات" ليست نتيجة العمل وإنما هي نتيجة الفراغ، وليست نتيجة الجد والكد، وإنما هي نتيجة العبث واللعب، وإن شئت فقل إنها نتيجة عمل دعا إليه الفراغ، ونتيجة جد جر إليه اللعب".
ويقول عن اللزوميات (مع أبي العلاء في سجنه: 404 - 405):
"على أن التكرار ليس هو العيب الوحيد أو الظاهر الذي اضطر إليه أبو العلاء، حين أخذ نفسه بهذه القيود الفنية، وإنما هناك عيب آخر ربما كان أشد منه خطرا (..)، فقد يمكن الاعتذار من تكرار أبي العلاء، ولكن هناك عيبا لا يمكن الاعتذار منه، وهو الاستسلام للفظ إلى هذا الحد، وتحكيم اللفظ وحده في المعنى والفن إلى الحد الذي انتهى إليه أبو العلاء. أن يفرض الشاعر على نفسه اصطناع الجناس أو غيره من ألوان البديع في كل ما يقول من الشعر أو في بعضه دون بعضه الآخر، هذا شيء مألوف قد نقبله وقد نرفضه، وقد نرتاح إليه وقد نزور عنه، ولكن أن يتخذ الشاعر الخضوع للقافية، وللقافية وحدها، قانونا فنيا صارما يذعن له الإذعان المطلق لا في قصيدة ولا في قصيدتين ولا في قصائد بل في ديوان ضخم، وأن يشترط في هذه القافية هذا الشرط القاسي الذي اشترطه أبو العلاء، وأن يلتزم هذا الشرط ويجريه في جميع حروف المعجم مهما تكن هذه الحروف ومهما تكن المعاني التي يريد الشاعر أن يقول فيها، هذا هو الشيء الذي لا يطاق ولا يمكن أن ينتهي بصاحبه إلى الخير"... إلخ
ويقول: (مع أبي العلاء في سجنه: 403):
"قد نسرف على أنفسنا وعلى الفن الأدبي إن ظننا أن شعر "اللزوميات" جيد كله من الناحية الفنية الخالصة، بل نسرف على أنفسنا وعلى الفن الأدبي إن ظننا أن كثرة هذا الشعر جيدة، وإنما المحقق أن الجيد من شعر "اللزوميات" قليل، يمكن أن يستخلص في مجلد نحيف، يجمع إلى الجمال الفني خلاصة الفلسفة العلائية كلها".
3 – رأي طه حسين في فكر أبي العلاء:
كان طه حسين معجبا جدا بفكر أبي العلاء، فأخذ في مستهل حياته بذلك الفكر المتشائم المعادي للبشرية وللحياة، لكنه بعد أن لقي زوجه بدأ يغير رأيه ويستكشف زيف الفكر العلائي. يقول طه حسين (الأيام: 3/85):
"يرحم الله أبا العلاء، لقد ملأ نفس الفتى ضيقا بالحياة وبغضا لها، وأيأسه من الخير وألقى في روعه أن الحياة جهد كلها ومشقة كلها، وإذا هذا الصوت يذود عن نفس الفتى كل ما ألقى فيها أبو العلاء من ظلمة التشاؤم واليأس والقنوط، كأنه تلك الشمس التي أقبلت في ذلك اليوم من أيام الربيع، فجلت عن المدينة ما كان قد أطبق عليها من ذلك السحاب الذي كان بعضه يركب بعضا، والذي كان يقصف ويعصف حتى ملأ المدينة أو كاد يملؤها إشفاقا وروعا. وإذا المدينة تصبح كلها إشراقا ونورا".

المصادر:
- الأيام – تأليف: طه حسين. دار المعارف - مصر.
- تجديد ذكرى أبي العلاء – تأليف: طه حسين – ضمن: المجموعة الكاملة لأعمال طه حسين – المجلد العاشر – الشركة العالمية للكتاب/ مكتبة المدينة/ الدار الإفريقية العربية – ط 2 – بيروت / لبنان – 1403ه/1983م.
- مع أبي العلاء في سجنه – تأليف: طه حسين – ضمن: المجموعة السابقة.
 
عودة
أعلى