يحكي بعض المترجمين لأبي العلاء المعري أنه حاول معارضة القرآن!! وهي حكاية غريبة جدا، ومستبعدة جدا؛ فكيف لشخص عارف بدقائق اللغة ومتعمق في أسرار العربية كأبي العلاء أن يبلغ به الحمق أو الجنون أن يحاول معارضة القرآن الذي تحدى الله به الإنس والجن فعجزوا عن الإتيان بمثله، بل بعشر سور، بل بسورة واحدة، بل بآية مثله؟! "قل لئن اجتمعت الانس والجن على أن ياتوا بمثل هذا القرآن لا ياتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا".
على أني لم أقف لسند صحيح يثبت هذا الخبر عن المعري، بل الذي وقفت عليه للمعري هو كلامه هو نفسه في كتابه: "رسالة الغفران" عن إعجاز القرآن، وهو كلام يوضح فيه بما لا يقبل مجالا للشك رأيه في إعجاز القرآن، ويؤكد الحقيقة المجمع عليها، وهي أن القرآن كتاب معجز يستحيل الإتيان بمثله، وأنه قد وصل من الفصاحة والبلاغة وقوة التأثير إلى درجة معجزة للبشر ومتفوقة على كل الأصناف الأدبية، ويتضح الفرق جليا بين كلام الخالق وكلام المخلوق حينما نجمع في سياق واحد بين آية من كلام الخالق وجملة أو جمل من كلام المخلوق، يقول المعري (رسالة الغفران: 472 - 473):
"وأجمع ملحد ومهتد، وناكب عن المحجة ومقتد، أن هذا الكتاب الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم كتاب بهر بالإعجاز، ولَقِيَ عدوَّه بالإرجاز، ما حُذِيَ على مثال، ولا أشبه غريب الأمثال، ما هو من القصيد الموزون، ولا الرجز من سهل وحزون، ولا شاكل خطابة العرب، ولا سجع الكهنة ذوي الأرب، وجاء كالشمس اللائحة، نورا لِلمُسِرَّة والبائحة، لو فهمه الهضب الراكد لتصدع، أو الوعول المُعْصِمَة لَرَاقَ الفادرة والصَّدَع: "وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون". وإن الآية منه أو بعض الآية لتعترض في أفصح كَلِم يقدر عليه المخلوقون فتكون فيه كالشهاب المتلألئ في جنح غسق، والزهرة البادية في جدوب ذات نسق. "فتبارك الله أحسن الخالقين".
شرح الغريب:
الإرجاز: من "الرجز" وهو: ارتعاد يصيب البعير أو الناقة فيعجزها عن القيام.
الفادر: الوعل العاقل في الجبل، وهو المسن أو الشاب التام من الوعول، والفادرة أيضا: الصخرة الصماء العظيمة في رأس الجبل.
الصَّدَع: من الظباء والوعول: الفتى القوي، وقيل: هو الوسط من الوعول ليس بالصغير ولا بالكبير.
المصدر:
رسالة الغفران – تأليف: أبي العلاء المعري – تحقيق: د. عائشة عبد الرحمن (بنت الشاطئ) – دار المعارف – مصر – ط 7 – 1397هـ/1977م.
على أني لم أقف لسند صحيح يثبت هذا الخبر عن المعري، بل الذي وقفت عليه للمعري هو كلامه هو نفسه في كتابه: "رسالة الغفران" عن إعجاز القرآن، وهو كلام يوضح فيه بما لا يقبل مجالا للشك رأيه في إعجاز القرآن، ويؤكد الحقيقة المجمع عليها، وهي أن القرآن كتاب معجز يستحيل الإتيان بمثله، وأنه قد وصل من الفصاحة والبلاغة وقوة التأثير إلى درجة معجزة للبشر ومتفوقة على كل الأصناف الأدبية، ويتضح الفرق جليا بين كلام الخالق وكلام المخلوق حينما نجمع في سياق واحد بين آية من كلام الخالق وجملة أو جمل من كلام المخلوق، يقول المعري (رسالة الغفران: 472 - 473):
"وأجمع ملحد ومهتد، وناكب عن المحجة ومقتد، أن هذا الكتاب الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم كتاب بهر بالإعجاز، ولَقِيَ عدوَّه بالإرجاز، ما حُذِيَ على مثال، ولا أشبه غريب الأمثال، ما هو من القصيد الموزون، ولا الرجز من سهل وحزون، ولا شاكل خطابة العرب، ولا سجع الكهنة ذوي الأرب، وجاء كالشمس اللائحة، نورا لِلمُسِرَّة والبائحة، لو فهمه الهضب الراكد لتصدع، أو الوعول المُعْصِمَة لَرَاقَ الفادرة والصَّدَع: "وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون". وإن الآية منه أو بعض الآية لتعترض في أفصح كَلِم يقدر عليه المخلوقون فتكون فيه كالشهاب المتلألئ في جنح غسق، والزهرة البادية في جدوب ذات نسق. "فتبارك الله أحسن الخالقين".
شرح الغريب:
الإرجاز: من "الرجز" وهو: ارتعاد يصيب البعير أو الناقة فيعجزها عن القيام.
الفادر: الوعل العاقل في الجبل، وهو المسن أو الشاب التام من الوعول، والفادرة أيضا: الصخرة الصماء العظيمة في رأس الجبل.
الصَّدَع: من الظباء والوعول: الفتى القوي، وقيل: هو الوسط من الوعول ليس بالصغير ولا بالكبير.
المصدر:
رسالة الغفران – تأليف: أبي العلاء المعري – تحقيق: د. عائشة عبد الرحمن (بنت الشاطئ) – دار المعارف – مصر – ط 7 – 1397هـ/1977م.