إشكال : هل يقال بأن القرآن أجل من أن يكون مقصوده التعريف بالأمور البديهية ؟

إنضم
02/04/2003
المشاركات
1,760
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
الإقامة
السعودية
الموقع الالكتروني
www.tafsir.org
"فالقرآن أجل من أن يكون مقصوده التعريف بهذه الأمور البديهية"

هذه العبارة ذكرها شيخ الإسلام رحمه الله في سياق هذا الكلام :

( وقول من قال‏:‏ إن قوله‏:‏ ‏{‏وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏179‏]‏، معناه‏:‏ أن القاتل إذا عرف أنه يقتل كف فكان فى ذلك حياة له وللمقتول، يقال له‏:‏ هذا معنى صحيح، ولكن هذا مما يعرفه جميع الناس، وهو مغروز فى جِبِلَّتِهم، وليس فى الآدميين من يبيح قتل أحد من غير أن يقتل قاتله، بل كلهم مع التساوى يجوزون قتل القاتل ولا يتصور أن الناس‏.‏‏.‏‏.‏ ‏[‏بياض بالأصل‏]‏ إذا كان كل من قَدَر على غيره قتله وهو لا يقتل يرضى بمال، وإذا كان هذا المعنى من أوائل ما يعرفه الآدميون ويعلمون أنهم لا يعيشون بدونه صار هذا مثل حاجتهم إلى الطعام والشراب والسكنى، [color=0000FF]فالقرآن أجل من أن يكون مقصوده التعريف بهذه الأمور البديهية[/color]، بل هذا مما يدخل فى معناه ...) هنا

فما تعليقكم معاشر الإخوة الكرام ؟؟
 
وهذا شبيه به

وهذا شبيه به

أخي الشيخ أبا مجاهد السلام عليكم ورحمة الله
بارك الله فيك على الموضوع الشيق والمفيد .
وهذا كلام وقع بين بعض الشيوخ وطلبة العلم :

قال أحدهم : ((ومعلوم أن القرآن كتاب هداية بالدرجة الأولى ، وما جاء فيه عرضا من علوم أخرى فهي بالقصد الثاني لا الأول .. ومن ذلك ما يمكن أن يكون إشارات إلى مسائل وجودية أو تاريخية معينة ، فغرض القرآن هو أخذ العبرة وهي الهداية والدلالة على الخير الذي يحبه الله من أعمال المكلفين وما استدعاه ذلك من الإشارة إلى مسائل جانبية وجودية فهو إنما يذكره لضرورة التوطئة وسياق القصة ونحو ذلك ، لكن ليس من مقاصد القرآن أن يذكر تفاصيل أين المكان الفلاني والشيء الفلاني ونحو ذلك .. ومن هنا فإن القول مثلا بأن القرآن احتوى على الدلالة القطعية على مكان سفينة نوح أو أنه لا بد أن يحتوي عليها ليس بسديد، والله أعلم)) اهـ

ورد الآخر : ((وأما قول أخينا: "ليس من مقاصد القرآن أن يذكر تفاصيل أين المكان الفلاني وأين الشيء الفلاني..."... فأنا أعجب لهذه (الجرأة) على الله.... فما أدرى أخانا بمقاصد الله؟؟ وقد برئ منها من هو خير منه وأعظم, ذلك عيسى بن مريم حين قال" تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك".... فليس لأحد أن يقول هذا أبدا, إلا أن يكون نبيا مكلّم!!.... ثم أين أنت من آخر آية يوسف {وتفصيل كل شيء} فهذا إطلاق من الله... فادخل أنت فيه وخصصه إن استطعت!!... فالاصل يا أخي أن تقول: أنا أرى, وأنا أظن.... ولا تقطع بمقاصد الله, فلست في نفسه, ما دام النص يحتمل هذه وتلك!!)) اهـ

نرجو منكم ومن العلماء التعليق والتوجيه ، وجزى الله الجميع خيرا .
 
ليس المقصود من معرفة مراد الله الدخول في نفسه سبحانه ونحو تلك المعاني التي تبادرت إلى ذهن الأخ الآخر
لأن معرفة مراد الله ممكنة وذلك من خلال معرفة الحكمة من أحكام الله ، فالله حكم على كذا لأجل كذا من المقاصد ...
وباستقراء تلك الحــِكم يعرف مراد الله
أما إيراد الأخ لقول عيسى عليه السلام ( تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك ) فإيراد في غير مكانه
لأن هذا يتعلق بعلم الغيب فعيسى لا يعلم هل كفر القوم بعده أم لا ، ولكن الله يعلم ذلك
وعيسى إنما قال ذلك لأن الله سأله أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله فأجاب عيسى أنت الأعلم بل أنت أعلم بما نفسي ولا أعلم ما في نفسك
فبالجملة تلك المقولة قيلت لمناسبة لا علاقة لها بموضوع معرفة مراد الله
فمراد الله عندما يبينه للناس كيف نقول لم نعرف مراده سبحانه ؟!
وأما عندما لا يبين الله مراده فعندئذ نقول لا نعرف مراد الله
فليست هذه المسألة من تلك .

أما استدلاله بعموم قوله سبحانه (تفصيل كل شيء ) فليس في مكانه أيضا فهذا التفصيل إنما جاء خاتمة لقصة يوسف عليه السلام ، تلك القصة التي وردت لحكم بينها الله في سياق السورة ولم يرد في السورة معادلات رياضية وكيميائية وفيزيائية !
فالتفصيل المذكور في الآية (تفصيل كل شيء ) إنما هو من العام المخصوص فالله فصل لنا كل شيء أي مما نحتاجه ومما لا تنتهي صلاحيته بفناء الدنيا
ولذا ذكر غير واحد من أهل العلم أن الاستدلال بالعمومات هو مدخل يلزم الحذر منه فقد استخدمه أهل البدع فتاهوا كثيرا كالقائلين بعموم قوله سبحانه ( الله خالق كل شيء ) فسحبوا هذا التعميم حتى أوصلوه للقرآن فقالوا القرآن مخلوق بينما مثل هذا من العام المخصوص كقوله ( تدمر "كل" شيء )
فليس كل شيء على عمومه وإنما هذا عام مخصوص بدليل ( فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم )
والامثلة على هذا كثيرة لا تحصى ..
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخانا الكريم الدكتور أبا مجاهد العبيدي
أنا في تصوري أخي الكريم أن القرآن الكريم قد اهتم بتقرير البدهيات في بعض آياته التي تخاطب فكريا منحرفي الفطرة الذين غيبوا عقولهم ورضوا بأن يكون هواهم فوق كل شيء اقرأ مثلا هذه الآية التي ترد على المشتبهين بما هو مقرر بداهة (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَـذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ ) إذ كيف يستساغ في عقل من له عقل أن يتعلم العربي أبلغ كلام في لغته من أعجمي لا يحسن مبادئ العربية ؟
وفي مجال الأحكام نستطيع أن نجد كثيرا من الآيات التي تقرر للفطرة السوية أحكام الله التي هي فطرته التي فطر الناس عليها وهي كثيرا ما تبدو بدهيات لا يملك العقل أمامها سوى التسليم ومع ذلك فلم يكن ثمت بد من ذكرها لأن طريق المعرفة بالنسبة لنا هو الشرع ، لا مسلمات العقل وبدهياته ، ويحمل على هذا آيات منها قوله تعالى: { وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَاء سَبِيلاً } لاحظ قوله تعالى: { وَمَقْتاً } إنه تصريح بالبغض البدهي لهذا العمل غير المستساغ ولأجل هذا كان يسمى هذا النوع من النكاح نكاح المقت حتى قبل تحريم القرآن له { وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِل } فهل يستسيغ عقل إباحة أكل أموال الناس بالباطل وقوله تعالى: { وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ } وهو خبر في معنى الطلب وقوله تعالى:{ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْت } فهل يستساغ مع الفطرة السليمة نكاح الأم أو البنت أو …….
وقوله تعالى: { وكُلُواْ وَاشْرَبُوا } ومَنْ مِن الناس يستطيع التخلي عن الطعام والشراب ؟
وكيف ننسى تحريم الخمر وأن الصحابة رضي الله عنهم هم من لم يستسيغوها حتى راح عمر يطلب أن يبين الله فيها بيانا شافيا حتى انتهى الأمر إلى تحريمها في منهجية تربوية عالية نعلم جميعا مراحلها حتى قبل الإسلام كان عقلاء القوم لا يشربونها وفيها قال قائلهم:
رأيت الخمر صالحة وفيها خصال تفسد الرجل الحليما
فلا والله أشربها صحيحا ولا أشفى بها أبدا سقيما
ولا أعطي بها ثمنا حياتي ولا أدعو لها أبدا نديما
فإن الخمر تفضح شاربيها وتجنيهم بها الأمر العظيما
ورغم هذا فقد اهتم بالتذكير بذلك والأمر به لأن الناس جميعا ليسوا على مستوى واحد من التفكير كما أن فيهم من يغلب هواه على عقله وفطرته
ولأن الشرع وحده هو مناط التكليف
 
الدكتور : أحمد سعد الخطيب شكرا جزيلاً لك

منذ أن قرأت هذه المقولة وجدت في نفسي شيئاً منها ، وبدا لي أن فيها نظراً

ولعل الإمام ابن تيمية يقصد تقرير شيء معين ، وإلا فإن القرآن الكريم يذكر الأمور البدهية ليقرر بها أموراً أخرى وقع فيها نزاع ، أو أنكرها طوائف من الناس .

والله أعلم
 
السلام عليكم

لقد قلبت النص في مصدره فوجدت أن المرحوم إبن تيمية قد شرح موضوع الآية شرحا وافيا شافيا---وفي قوله(( فالقرآن أجل من أن يكون مقصوده التعريف بهذه الأمور البديهية، )) يفهم منه تنزيه النص من أن يقصرمعناه على الأمور البديهية فيه--ففي النص أمور أخرى غير تلك البديهية---وقد يكون للفظة "التعريف" معنى لديه يجعلنا نربأ بأنفسنا عن نقد عبارته
 
جزاك الله خيراً أخي جمال

والإمام ابن تيمية جدير بأن نحمل كلامه على أحسن الوجوه ، ولا شك أن له مقصداً يريد تقريره ....
 
قد يقال : بأن الأمور البدهية التي لا نزاع فيها تذكر للتوصل بها إلى تقرير أمر مختلف فيه.

كتقرير ربوبية الله تعالى ، وأنه الخالق المدبر ؛ يقصد بذلك إثبات استحقاق الرب الخالق الدبر للعبودية والألوهية التي ينازع فيه المشركون.

والله أعلم

ولعل الأستاذ الدكتور فهد الرومي يدلي برأيه في هذه المسألة ؛ فله اهتمام بهذا الموضوع فيما أذكر.
 
لعل ما ذكره الدكتور جمال هو المراد من عبارة ابن تيمية رحمه الله ؛ إذ لايصح أن نقصر المعنى في (فخرَّ عليهمُ السقفُ مِن فوقهم) أو ( ولا طائرٍ يطيرُ بجناحيه ) على المعنى البديهي ، أن السقف فوقهم ، وأن الطائريطير بجناحيه ، والقرآن أبلغُ من أن تقصر مثل هذه النصوص على المعنى الذي لايختلف فيه اثنان ، وإنما يَتحرَّى فيها المفسرُ المعنى المناسبَ لبلاغة القرآن وإعجازه .
وقد فصَّلتُ هذا كما أشارأخي أبو مجاهد في بحثين مختصرين منشورين هما (البدهيات في القرآن الكريم : دراسة نظرية ) و (البدهيات في الحزب الأول : دراسة اسثقرائية).
 
الامور البديهية تكون احيانا من اعقد الامور واجلّها واكثرها عمقا وتبصّرا وحكمة ... وكم يقضي من العلماء اوقاتا وسنين حتى يصلوا في النهاية الى امر كان من البداهة بمكان قبل ان يبدؤوا ثم غاصوا رحلة المعرفة والتجربة حتى وصلوا بيقين اليه .. وكم هناك من الحكم تكون البداهة فيها هي الملفت غير ان البشر تمرّ عليها بدون اعتبار ولا امعان نظر ... في كتاب لمي زيادة قرأت فيه الحكمة التالية: ان تقديرك للجوهرة الثمينة هو احترام لعقلك ومعرفتك اكثر من كونه تقدير لنفاسة الجوهرة ذاتها ... كم هناك من بداهة في هذا القول, لكنه لا يرد في اذهان الكثيرين ممّن ينظرون الى جوهرة ثمينة ...

غير ان القضية ليست في بداهة الامور او المواضيع, وانما هي في صفاء الناظر اليها .. ولمن يقرأ لبعض المتصوّفة سيجد ان جلّ ما يجمّل كلامهم وحكمهم هو لفت النظر الى البديهيات من الامور:
- جاء رجل الى الزاهد أبي علي الدقاق مشتاقا الى مواعظه، فقال:" قد قطعت اليك مسافة." فقال له أبو علي:" ليس هذا الامر بقطع المسافات. فارق نفسك بخطوة، يحصل لك مقصودك."

ملاحظة اخيرة: حتى ولو كان مقصود القرآن الكريم يتجاوز البديهيات, علينا ان نتنبّه الا نقع فيما وقع به اهل الكتاب من محاولة للجم التطوّر المعرفي في المجتمع بدعوى تفاسير قد لا تعدو ان تكون اضغاث احلام ...
 
وفقك الله أبا مجاهد لا يأتي منك إلا الخير
نظرت في العبارة التي ذكرتها وظهر لي أن تمام العبارة يفسر المراد من كلامه حيث قال :فالقرآن أجل من أن يكون مقصوده التعريف بهذه الأمور البديهية ، بل هذا مما يدخل في معناه
 
[align=center]للأستاذ النورسي كلمات دقيقة جدا في هذا الأمر .. أرجو مراجعتها
و لو أسعفني الوقت للبحث عنها جئت إليكم بها ملونة فنية الإخراج كما يليق بأنظاركم الكريمة .. !
[/align]
 
عودة
أعلى