إشكال قرأته في منتدى

  • بادئ الموضوع بادئ الموضوع سليم
  • تاريخ البدء تاريخ البدء

سليم

New member
إنضم
23/11/2004
المشاركات
4
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
قرأت هذا الأشكال في أحد المنتديات الحوارية بين مسيحي ومسلم
حيث يزعم ذلك النصراني أن القرآن لم يحفظ ،بل إن اختلاف القراءات هو أكبر من مجرد اختلاف في تهجية كلمات بل هو اختلاف في وجود كلمات من مصاحف وغيابها في أخرى ،
وأعطى أمثلة منها :

في قراءة حفص :

الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ومن يتول فإن الله هو الغني الحميد


وفي قراءة ورش حذفت كلمة بكاملها

الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ومن يتول فإن الله الغني الحميد


لذا أرجو من المشايخ أن يجيبونا على هذا الاشكال وجزاكم الله خيرا
 
أخي الكريم سليم
لا زلت أعجب منا ـ نحن المسلمين ـ فنحن دائمًا في خطِّ الدفاع لا الهجوم ، مع أن بين يدينا أكمل الكتب وأتمَّها ، والمحفوظ بحفظ الله له ، بخلاف الكتب السابقة التي دخلها التحريف والتبديل والنقص .
ولقد دخلت في حوار يُديره نصراني ، فرأيت كيف يدير الحوار ، وكيف يلقي الشبه في كتابنا ، وإذا استشهدت له بشي مشابه لما جاء به في كتبهم انبرى بالقول : إننا ناقش القضية من خلال القرآن ، ومالناش دعوى بالكتاب المقدس .
عجيب أمر هؤلاء ، مع أنهم لا يملكون من الأدلة دليلاً واحدًا على صدق ما بأيدهم ، ولا على اتصال سنده ، ويرون ما فيه من الاختلاف والتخليط = ترى عندهم من القدرة على جرِّ بعض المسلمين إلى الحوار عن القرآن وما يلقونه عليهم من الشبهات حوله فحسب .
وموضوع اختلاف القراءات كان مرتعًا خصبًا للمستشرقين والتوراتيين والملحدين للنيل من القرآن ، لكن أنَّى لهم ذلك .
كناطح صخرة يومًا ليوهنا **** فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل
وإنني أدعو مثل هذا ـ إن كان على اطلاع على أناجيل النصارىـ أن يتخذ مثل أسلوبهم هذا ، ويسألهم عن الاختلافات الجوهرية التي في كتبهم ، بل يكفي أن يسأل عن إسناد كتبهم هذه ، ليرى ما سيجد من الجواب .
ولتعلم ان هؤلاء يراوغون ، ويستخدمون أسلوب التأويل والمجاز للتخلص من الإحراج في تفسير كثير من عبارات كتابهم في العهدين الجديد والقديم ، ولقد سمعت من هذه التخريجات ما يضحك له الطفل الرضيع فضلاً على من له عقل يفكر به .
وأقول : إن مناقشة جزئية من هذه الجزئيات المتعلقة بالقرآن لا تصلح على انفرادها ، فالمسألة ترجع إلى نقاش الثقة بصحة نقل القرآن ، وكيفية أدائه وتحمله ، والنظر في اختلاف القراءات ، وكونها لا تتناقض ، بل هي متنوعة ، تتعدد فيها المعاني ولا تتناقض ، بخلاف ما في أسفارهم من المتناقضات .
والموضوع رحب واسع ، وهو يحتاج إلى أمور عدَّة
أولاً : تأصيل أصول في معرفة كيفية نقاش هؤلاء ، وذلك أول ما يحتاجه من يريد أن يدخل معهم في النقاش .
ثانيًا : معرفة الحق الذي عند المسلم ، بحيث لا يلتبس عليه بسبب شبهة من الشُّبه .
ثالثًا : معرفة الباطل الذي عند الخصم ، لكي يوجِّه إليه المسلم المطاعن فيما عنده من الباطل .
رابعًا : معرفة طرائق الجدل العقلية التي يستطيع بها أن يُفحم الخصم .
وأقول : إنني من خلال مطالعتي وسماعي لبعض هذه الشبه والجدل الذي يقيمه النصارى لا أجد فيها سوى التشويش والتشويه ، ولم أر جدلاً علميًّا صرفًا ، يريد به صاحبه أن يصل إلى الحق إلا قليلاً ، لذا لا أرى أن يضيع المرء وقته في نقاش هؤلاء إلا من أراد أن ينبري لهم انبراءً تامًّا ، ويجعل ذلك سبيله ، فيكون كافيًا لغيره من المسلمين .
أما أن يخوض جماعة من المسلمين ممن لا علم عندهم ، بل ولا تعقُّل في بعض الأحيان فذلك مما يُفرح الخصم ، ويرتاح له ، فابتعد إن لم تكن قادرًا على نقاشهم ، واعلم أنك لست ملزمًا يمثل هذا ، فالسلامة لا يعدلها شيء ، والله الموفق .
 
أخي الطيار


لقد قرأت رسالة لإبن حزم في رده على مطاعن النصارى في آيات فلا مانع من إجابة الأخ السائل على ما سأل


(([color=990066]في قراءة حفص :

الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ومن يتول فإن الله هو الغني الحميد


وفي قراءة ورش حذفت كلمة بكاملها

الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ومن يتول فإن الله الغني الحميد))[/color]
وأنا لا علم لي بالقراءات---إلا أن حذف [color=990033]((هو)) [/color]في قراءة ورش لم يخل بالمعنى مطلقا

وظل النص محفوظا


فهل نتلق إجابة على هذه الإشكالية بالذات؟؟؟
 
جزى الله الأخيون الكريمين مساعد الطيار وجمال الشرباتي
وليسمح الأخ الفاضل الطيار بأن أختلف معه في أسلوب طرقه للموضوع
أنا لست متخصصا في علوم القرآن ، ولكن من باب اسألوا أهل الذكر ، طرحت الموضوع عليكم... والذي منعني من وضع رابط ذلك المنتدى هو أن فيه إساءات كبيرة للأسلام ، ولا أريد أن أحمل وزر إذاعته ، ولكن إذا إذا أردتم أن أضع رابط ذلك المنتدى وضعته لتتكفلوا أنتم بالحوار مع أولئك.
وأعود إلى صلب الموضوع
إن جواب الأخ الفاضل الطيار لا يصلح في زمننا هذا الذي اشتدت فيه الهجمة على الأسلام، والأنترنت هو مجال خصب لتلاقي الأفكار سقيمها وصحيحها، ومثل هذه الشبه لم يعد يصلح جوابا عليها ،الأمساك عن الجواب وتوجيه السائل إلى نقد ما عند الخصم.
نعم أتفق معك إن ما عند النصارى في عهدهم الجديد من أسفار لم يبلغ واحد منها مبلغ ما وصله - لا أقول القرآن- بل حتى مسند من مسانيدنا من ضبط وتحقق من الرواية.
لكن هل يصلح دفاعا عن هذه الشبه أن نقول
إن اكتشفتم في نصوصنا شيء ... ففي نصوصكم المقدسة أكثر من ذلك !!!!!!!
هذا لا يصلح كرد.

وأنا متفق معكم في كون :
قراءة حفص :
الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ومن يتول فإن الله هو الغني الحميد

وحذف "هو" في قراءة ورش :
الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ومن يتول فإن الله الغني الحميد

لم يخل بالمعنى أبدا ،بل المعنى محفوظ.
ولكن هذا ما يتعارض مع ما نجده في المصاحف عندما تكرر اللجنة قولها :
ملاحظات اللجنة العلميه لمراجعة طباعة المصحف على رواية ورش كتبت :


(( هذا وكل حرف من حروف هذا المصحف موافق لنظيره في المصاحف العثمانيه السته السابق ذكرها ))



وفي المصحف على رواية حفص نجد اللجنة تقول أيضا :


(( هذا وكل حرف من حروف هذا المصحف موافق لنظيره في المصاحف العثمانيه السته السابق ذكرها ))

وأنا إذ أطرح هذا القول أتمنى إن لم أجد عندكم إجابة شافية أن تقوم الأدارة بحذف الموضوع.
وجزاكم الله خيرا
 
عندي إستفسار


هل القراءة التي أوردتها(( [color=990000]الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ومن يتول فإن الله الغني الحميد[/color])) والتي خلت من (([color=990033]هو [/color])) هي فعلا قراءة ورش؟؟



أنا أعرف أن الاختلاف في القراءات القرآنية إنما كان فيما يحتمله خط المصحف ورسمه، سواء أكان الاختلاف في اللفظ دون المعنى، كقراءة قوله تعالى: {جَُِذوة } بضم الجيم وكسرها وفتحها، أم كان الاختلاف في اللفظ والمعنى، كقراءة قوله تعالى: {ننشرها } و {ننشزها } وقوله تعالى: {يسيركم } و {ينشركم } وهي قراءات متواترة محتملة لرسم المصحف إذ لم يكن هناك تنقيط يوم جمعه عثمان رضي الله عنه على حرف قريش


فأذا كان في إحدى القراءات لفظ---لا يمكن أن تخلو منه أخرى لكي تتناسق القراءتان مع الرسم العثماني
 
أجل أنا متأكد من كون مصحف رواية ورش ليس فيه لفظ " هو"، وقد تحققت من ذلك بنفسي من نسخة ورقية .
 
نعم يا أخ جمال هذه قراءة ورش نقرأ بها في المغرب ، وأعطيك مثل آخر في قراءة ورش : فلا يخاف عقباها . سورة الشمس الآية 15
وفي قراءة حفص : ولا يخاف عقباها. سورة الشمس الآية 15
 
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

كما تعلمون فهناك عشر قراءات مشهورة و متواترة للقرآن و كل قارئ له راويان فمثلا ورش و قالون يرويان عن نافع (قارئ المدينة ) فالرسم في مصحف ورش و قالون متطابق .

و مع الاختلاف في التنقيط أو الحركات هناك بعض الاختلافات في الرسم .

ولكن الأكيد أن كل هذه القراءات صحيحة و متواترة عن النبي صلى الله عليه و سلم .

و للعلم فهناك - حسب علمي - ثلاث اختلافات في الرسم و هي :

1- في سورة الحديد " الذين يبخلون و يأمرون الناس بالبخل و من يتول فإن الله هو الغني الحميد "

قرأ نافع ( و بالتالي ورش و قالون) و ابن عامر و أبو جعفر بدون ضمير فصل " فإن الله الغني الحميد " . و كذلك هو مرسوم في مصحف المدينة و مصحف الشام .
و قرأ لباقون بضمير فصل بعد اسم الجلالة " فإن الله هو الغني الحميد " و كذلك هو مرسوم في مصاحف مكة و البصرة و الكوفة فهما روايتان متواترتان ..

و الجملة مفيدة للقصر بدون ضمير فصل لأن تعريف المسند إليه و المسند من طرق القصر , فالقراءة بضمير الفصل تفيد تأكيد القصر .

2 - في سورة غافر ( و تسمى المؤمن ...) " وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدع ربه إني أخاف أن يبدل دينكم أ و أن يظهر في الأرض الفساد " .
قرأ نافع و ابن عامر و أبو جعفر و ابن كثير و أبو عمرو " و أن" بواو العطف .
و قرأ غيرهم " أو أن" بـ أو التي للترديد .

3 - في سورة الشمس و هو الذي ذكره الأخ أبو علي في قوله تعالى " و لا يخاف عقباها " .
قرأ نافع و ابن عامر و أبو جعفر " فلا يخلف عقباها " بفاء العطف تفريعا على " فدمدم عليهم ربهم ..." وهو مكتوب في مصاحف المدينة و مصحف الشام .. و معنى التفريع بالفاء على هذه القراءة تفريع العلم بانتفاء خوف الله منهم مع قوتهم ليرتدع بهذا العلم أمثالهم من المشركين .
و قرأ الباقون من العشرة " و لا يخاف عقباها" بواو العطف أو الحال وهي كذلك في مصاحف أهل مكة و أهل البصرة و الكوفة , وهي رواية قرائها
و قال ابن القاسم و ابن وهب : أخرج لنا مالك مصحفا لجدِِه و زعم أنه كتبه في أيام عثمان بن عفان حين كتب المصاحف و فيه " و لا يخاف " بالواو . و هذا يقتضي أن بعض مصاحف المدينة بالواو و لكنهم لم يقرأوا بذلك لمخالفته روايتهم .

هذا ما وجدته في " التحرير و التنوير " . و لست أدري كيف يمكن إقناع هذا النصراني بصحة كل هذه الروايات المتواترة عن النبي صلى الله عليه و سلم و التي قرأ بها كلها دون أدنى شك .
 
أخي الكريم سليم
أرجو أن لا أكون قد أخللتُ بالبيان ، فأنا لا أدعو إلى ترك مجادلة هؤلاء البتة ، لكني اهتبلت فرصة سؤالك لأرشد بعض إخواني ممن لا علم لهم ، ويدخلون في جدل عقيم مع هؤلاء ، ولعل آخر كلامي كان واضحًا في أن ينبري نفر من المسلمين لمقارعة هؤلاء ، وقد قلت ( ... إلا من أراد أن ينبري لهم انبراءً تامًّا ، ويجعل ذلك سبيله ، فيكون كافيًا لغيره من المسلمين ) ، وأشكر لك ولجميع المشاركين هذه الغيرة ، ولعل الله ييسر من يفك هذا الاستفسار , ولكم من الله الجزاء الأوفى .
 
جزاكم الله خيرا على هذه الردود أخي أبو زينب وأخي مساعد الطيار
بالمناسبة إن ما تفضل به الأخ الكريم مساعد الطيار كلام يدل على حصافة ووعي ، فبالفعل إن بعض الحوارات والمناظرات يدخلها بعض الأخوة دون سبق علم وتكوين مما يجعلهم يسيؤون بضعف علمهم للأسلام .

قبل أن أنقل لكم إحدى المقالات المهمة في مبحث القراءات

ألخص الفكرة السابقة لعل أحد الأخوة يفيدنا برد أو يحيلنا على بحث أو دراسة تزيل ذلك الأشكال .
الفكرة هي أن في خاتمة النسخ القرآنية نجد تأكيدا على أن النسخة مطبوعة على رواية ورش / أو حفص ومطابقة حرفيا للنسخة العثمانية.
السؤال الذي أطرحه هلى النسخ العثمانية الستة أو السبعة كانت متشابهة وعلى قراءة واحدة.
إذا كانت كذلك فكيف نفسر الاختلاف الطفيف الذي نلاحظه بين رواية ورش ورواية حفص؟

أرجو ممن له علم بالقراءات أن يفيدنا وجزاه الله خيرا.

وإليكم هذه المقالة المفيدة وإن لم تكن قد أجابت على نحو مباشر على الأشكال المطروح:


-----------------------------
للشيخ أحمد سعد الخطيب

اختلاف القراءات
أسبابه ، وأنواعه ، وفوائده ، ودرء الشبهات عنه .

القراءات جمع قراءة ، والقراءة فى اللغة مصدر قرأ0
وفى الاصطلاح: مذهب من مذاهب النطق فى القرآن، يذهب إليه إمام من الأئمة مخالفاً به غيره ، سواء أكانت هذه المخالفة فى نطق الحروف ، أو فى نطق هيئاتها.
وعلم القراءات:
هو علم يعرف به كيفية النطق بالكلمات القرآنية ، وطريق أدائها اتفاقاً واختلافاً ، مع عزو كل وجه لناقله. فموضوع علم القراءات إذن ، كلمات القرآن الكريم من حيث أحوال النطق بها ، وكيفية أدائها.( )
نشـــأة القراءات:
الزمن الذى نشأت فيه القراءات القرآنية ، هو نفسه زمن نزول القرآن الكريم ، ضرورة أن هذه القراءات ، قرآن نزل من عند الله فلم تكن من اجتهاد أحد ، بل هى وحى أوحاه الله تعالى إلى نبيه صلى الله عليه وسلم ، وقد نقلها عنه أصحابه الكرام - رضى الله عنهم - حتى وصلت إلى الأئمة القراء ، فوضعوا أصولها ، وقعدوا قواعدها ، فى ضوء ما وصل إليهم ، منقولاً عن النبى -صلى الله عليه وسلم - وعلى ذلك ، فالمعول عليه فى القراءات ، إنما هو التلقى بطريق التواتر ، جمع عن جمع يؤمن عدم تواطؤهم على الكذب ، وصولاً إلى النبى صلى الله عليه وسلم. أو التلقى عن طريق نقل الثقة عن الثقة وصولاً كذلك إلى النبى صلى الله عليه وسلم ، ويضاف إلى هذا القيد قيدان آخران سيذكران فى محلهما عند الحديث عن شروط القراءة الصحيحة ، أو ضوابط قبول القراءة.
وانطلاقاً من ذلك وبناءً عليه ، فإن إضافة هذه القراءات إلى أفراد معينين ، هم القراء الذين قرأوا بها ، ليس لأنهم هم الذين أنشأوها أو اجتهدوا فى تأليفها ، بل هم حلقة فى سلسلة من الرجال الثقات الذين رووا هذه الروايات ونقلوها عن أسلافهم ، انتهاءً بالنبى صلى الله عليه وسلم ، الذى تلقى هذه القراءات وحياً عن ربه - جل وعلا. وإنما نسبت القراءات إلى القراء لأنهم هم الذين اعتنوا بها وضبطوها ووضعوا لها القواعد والأصول.

ما سبب اختلاف القراءات ؟
لقد عرفنا فيما مضى أن هذه القراءات منقولة عن النبى صلى الله عليه وسلم ، ومعنى ذلك أن الوحى قد نزل بها من عند الله.
والإجابة عن السؤال المطروح ، لمسها الصحابة وقت نزول القرآن واقعاً لا نظرية ، وذلك أن الصحابة - رضى الله عنهم - كانوا من قبائل عديدة ، وأماكن مختلفة ، وكما هو معروف أنه كما تختلف العادات والطباع باختلاف البيئات ، فهكذا اللغة أيضاً ، إذ تنفرد كل بيئة ببعض الألفاظ التى قد لا تتوارد على لهجات بيئات أخرى ، مع أن هذه البيئات جميعها تنضوى داخل إطار لغة واحدة ، وهكذا كان الأمر ، الصحابة عرب خلص بيد أن اختلاف قبائلهم ومواطنهم أدى إلى انفراد كل قبيلة ببعض الألفاظ التى قد لا تعرفها القبائل الأخرى مع أن الجميع عرب ، والقرآن الكريم جاء يخاطب الجميع ، لذلك راعى القرآن الكريم هذا الأمر ، فجاءت قراءاته المتعددة موائمة لمجموع من يتلقون القرآن ، فالتيسير على الأمة ، والتهوين عليها هو السبب فى تعدد القراءات.
والأحاديث المتواترة الواردة حول نزول القرآن على سبعة أحرف تدل على ذلك:
جاء فى الصحيحين - عن ابن عباس رضى الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " أقرأنى جبريل على حرف فراجعته ، فلم أزل أستزيده ويزيدنى حتى انتهى إلى سبعة أحرف"( ) ، وزاد مسلم: " قال ابن شهاب: بلغنى أن تلك السبعة فى الأمر الذى يكون واحداً لا يختلف فى حلال ولا حرام"( )
وأخرج مسلم بسنده عن أبى بن كعب ، أن النبى - صلى الله عليه وسلم - كان عند أَضَاة بنى غفار( ) قال: " فأتاه جبريل - عليه السلام - فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على حرف ، فقال: أسأل الله معافاته ومغفرته ، وإن أمتى لا تطيق ذلك ، ثم أتاه الثانية فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على حرفين ، فقال: أسأل الله معافاته ومغفرته ، وإن أمتى لا تطيق ذلك ، ثم جاء الثالثة فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على ثلاثة أحرف ، فقال: أسأل الله معافاته ومغفرته ، وإن أمتى لا تطيق ذلك ، ثم جاءه الرابعة فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على سبعة أحرف. فأيما حرف قرأوا عليه فقد أصابوا" ( )
والأحاديث الواردة فى هذا المقام كثيرة ، لكنى أكتفى بما ذكرت ، والمزيد فى مظانه ، ويؤخذ من ذلك ما يلى:
1. إن الأحرف السبعة جميعها قرآن نزل من عند الله ، لا مجال للاجتهاد فيها.
2. أن السبب فى هذه التوسعة هو التهوين على الأمة ، والتيسير عليها فى قراءة القرآن الكريم.
المراد بالأحرف السبعة:
أقوال عديدة ساقها العلماء حول مفهوم الأحرف السبعة ، التى تواترت الأحاديث فى إثبات أن القرآن نزل عليها ، الأمر الذى جعل بعض العلماء يفر من ميدان النزال ، ويقول: إن الحديث مشكل.
أقول: الأقوال الواردة فى هذا المقام أكثرها لا تستحق لضعفها أن نعول عليها فى مقامنا هذا ، ويكفينا هنا أن نشير إلى ما يستحق الذكر ، ويستأهل أن ينظر إليه بعين الاعتبار ، وذلك متوافر فى رأيين:
أحدهما : هو ما ذكره أبو الفضل الرازى وقاربه فيه كل من ابن قتيبة وابن الجزرى.
وحاصله أن الأحرف السبعة هى سبعة أوجه لا يخرج عنها الاختلاف فى القراءات وهى:
1- اختلاف الأسماء من إفراد ، وتثنية ، وجمع ، وتذكير ، وتأنيث.
2- اختلاف تصريف الأفعال من ماضى ومضارع وأمر.
3- اختلاف وجوه الإعراب.
4- الاختلاف بالنقص والزيادة.
5- الاختلاف بالتقديم والتأخير.
6- الاختلاف بالإبدال.
7- اختلاف اللغات - أى اللهجات - كالفتح والإمالة ، والتفخيم ، والترقيق ، والإظهار والإدغام.
وقد تعصب لهذا الرأى صاحب المناهل وساق الأمثلة لكل وجه من الوجوه المذكورة ، ورجحه على غيره مقرراً أنه الرأى الذى تؤيده الأحاديث الواردة فى المقام ، وأنه الرأى المعتمد على الاستقراء التام دون غيره ………( ) ، وقد دافع عنه أيما دفاع بالرد على كل اعتراض وجه إليه ، وإن بدا عليه التكلف فى بعض هذه الردود ، ومن ذلك رده على الاعتراض الثالث الذى وجه إليه.
وحاصل الاعتراض أن الرخصة فى التيسير على الأمة بناءً على هذا الرأى غير واضحة ، فأين اليسر فى قراءة الفعل المبنى للمجهول أو للمعلوم ؟ هنا ظهر التكلف على الشيخ فى الرد( ) - من وجهة نظرى-.
وثانيهما: وهو ما ذهب إليه سفيان بن عيينة ، وابن جرير ، وابن وهب ، والقرطبى ، ونسبه ابن عبدالبر لأكثر العلماء ( )
وحاصله: أن المراد بالأحرف السبعة هى سبع لغات فى كلمة واحدة تختلف فيها الألفاظ مع اتفاق المعانى وتقاربها ، مثل: هلم ، واقبل ، وتعال ، إلى ، وقصدى ، ونحوى ، وقربى. فإن هذه سبعة ألفاظ مختلفة ، يعبر بها عن معنى واحد ، هو طلب الإقبال ، وليس معنى ذلك أن كل معنى فى القرآن عبر عنه بسبعة ألفاظ من سبع لغات ، بل المراد أن منتهى ما يصل إليه عدد الألفاظ المعبرة عن معنى واحد هو سبعة.
وأصحاب هذا الرأى أيدوا كلامهم بأن التيسير المنصوص عليه فى الأحاديث متوفر فى هذا الرأى. ورد أصحاب هذا الرأى كذلك على الاعتراضات الموجهة إلى رأيهم ردوداً مقبولة.
ولا أستطيع أن أطيل أكثر من هذا فى هذه المسالة حتى لا نخرج عن موضوعنا المقصود بالبحث.( ) لكن ما أريد أن أقوله بعد هذا العرض : إنه بناءً على هذا الرأى الأول تكون القراءات التى رواها القراء بوجوه متعددة راجعة إلى الأحرف السبعة. وبناءً على الرأى الثانى تكون راجعة إلى حرف واحد وهو حرف قريش ، الذى نسخت عليه المصاحف العثمانية.
النسبة بين الأحرف السبعة والقراءات السبع ( )
نسبة القراءات السبع إلى الأحرف السبعة هى نسبة الخاص إلى العام ، فالأحرف السبعة تشمل جميع القراءات بما فيها السبع.
ومن يعتقد أن القراءات السبع هى الأحرف السبعة ، فقد أبان عن جهله ، وكشف النقاب عن قلة إدراكه ؛ لأن هؤلاء القراء السبعة وهم: ابن عامر ، وابن كثير ، وعاصم ، وأبو عمرو ، وحمزة ، ونافع ، وأبو الحسن الكسائى.
أقول: هؤلاء القراء السبعة لم يكونوا قد ولدوا حين ذكر النبى - صلى الله عليه وسلم - الأحرف السبعة ، فهل معنى ذلك أن حديث النبى - صلى الله عليه وسلم - "أنزل القرآن على سبعة أحرف" كان عارياً من الفائدة ، وبعيداً عن الواقع ، إلى أن ظهر هؤلاء القراء ، وماذا فهم الصحابة إذن من الحديث؟
ما ابعد هذا القول عن الواقع ، بل ما أجهل قائليه!!

أقسام القراءات
وبيان ما يقبل منها ومالا يقبل

نقل السيوطى عن ابن الجرزى أن أنواع القراءات ستة:
الأول : المتواتر: وهو ما نقله جمع لا يمكن تواطؤهم على الكذب ، عن مثلهم إلى منتهاه ، حتى يبلغوا به النبى - صلى الله عليه وسلم - ، ومثاله ما اتفقت الطرق على نقله عن السبعة - أو غيرهم - وهذا هو الغالب فى القراءات.
الثانى: المشهور: وهو ما صح سنده بأن رواه العدل الضابط عن مثله ، وهكذا ووافق العربية ولو بوجه ، ووافق رسم المصحف العثمانى ، واشتهر عند القراء فلم يعدوه من الغلط ولا من الشذوذ ، إلا أنه لم يبلغ درجة المتواتر. ومثاله ما اختلفت الطرق فى نقله عن السبعة ، فرواه بعض الرواة عنهم دون بعض ، وقد ذكر كثيراً من هذا النوع الدانى فى التيسير والشاطبى فى الشاطبية ، وغيرهما. وهذان النوعان ، هما اللذان يقرأ بهما ، مع وجوب اعتقادهما ولا يجوز إنكار شئ منهما.
الثالث: ما صح سنده ، وخالف الرسم أو العربية ، أو لم يشتهر الاشتهار المذكور ، وهذا النوع لا يقرأ به ولا يجب اعتقاده ، ومثاله قراءة (( متكئين على رفارف خضر وعباقرى حسان )) وقراءة ((لقد جاءكم رسول من أنفَسِكم)) بفتح الفاء.
الرابع : الشاذ ، وهو ما لم يصح سنده ، قراءة ابن السَّميفع ((فاليوم ننحيك ببدنك)) بالحاء المهملة ((لتكون لمن خَلَفك آية)) بفتح اللام من كلمة ((خَلَفك)).
الخامس: الموضوع ، وهو ما نسب إلى قائله من غير أصل ، مثل القراءات التى جمعها محمد بن جعفر الخزاعى ، ونسبها إلى أبى حنيفة.
السادس: ما يشبه المدرج من أنواع الحديث ، وهو ما زيد فى القراءات على وجه التفسير ، كقراءة سعد بن أبى وقاص ((وله أخ أو أخت من أم)) بزيادة لفظ (( من أم)).
قال ابن الجزرى: وربما كانوا يدخلون التفسير فى القراءات إيضاحاً وبياناً ؛ لأنهم محققون لما تلقوه عن النبى - صلى الله عليه وسلم - قرآناً ، فهم آمنون من الالتباس ، وربما كان بعضهم يكتبه معه أ.هـ( )
ومن خلال هذا النقل خلصنا إلى أن النوعين الأولين هما اللذان يقرأ بهما وأما غيرهما ، فلا. والنوع الأول ، وهو المتواتر مقطوع بقرآنيته بلا نزاع. وأما النوع الثانى وهو المشهور الذى اتفقت فيه الضوابط الثلاثة المذكورة ، وهى صحة السند ، وموافقة اللغة العربية ولو بوجه ، وموافقة الرسم العثمانى ولو احتمالاً ، أقول:
هذا النوع لم يوافق عليه بعض العلماء ، بل اشترطوا التواتر دون صحة السند - أى لم يكتفوا بصحة السند- جاء فى الإتقان تعليقاً على ذلك.
وهذا مما لا يخفى ما فيه ، فإن التواتر إذا ثبت ، لا يحتاج فيه إلى الركنين الأخيرين من العربية والرسم ، إذ ما ثبت من أحرف الخلاف متواتراً عن النبى - صلى الله عليه وسلم - وجب قبوله والقطع بكونه قرآناً سواء وافق الرسم أو لا. ا.هـ ( )
ومن ثم قال بعض العلماء تعليقاً على هذا الرأى فى محاولة لتقريب وجهة النظر حول قبول هذه القراءة ، أو عدم قبولها ، قال: إن هذا القسم - يعنى الذى استجمع الأركان الثلاثة المذكورة - يتنوع إلى نوعين:
الأول: ضرب أو نوع ، استفاض نقله وتلقته الأمة بالقبول ، وهو يلحق بالمتواتر من حيث قبوله والعمل بمقتضاه ؛ لأنه وإن كان من قبيل الآحاد إلا أنه احتفت به قرائن جعلته يفيد العلم لا الظن.
قال صاحب المناهل : إن ركن الصحة فى ضابط القرآن المشهور ، لا يراد بالصحة فيه مطلق صحة ، بل المراد صحة ممتازة ، تصل بالقراءة إلى حد الاستفاضة والشهرة ، وتلقى الأمة لها بالقبول حتى يكون هذا الركن بقرينة الركنين الآخرين فى قوة التواتر الذى لابد منه فى تحقق القرآنية.( )
والنوع الثانى: وهو ما لم تتلقه الأمة بالقبول ولم يستفض ، وهذا فيه خلاف بين العلماء ، من حيث قبوله ، والقراءة به ، أو عدم ذلك والأكثرون على قبوله. ( )
أوجه الاختلاف بين القراءات الثابتة
سبق أن قررنا أن القراءات مرجعها النقل الثابت عن النبى -صلى الله عليه وسلم - ولذلك ، لم يكن الاختلاف بينها على سبيل التضاد فى المعانى ، بل القراءة إما مؤكدة لغيرها ، أو موضحة ، أو مضيفة إليها معنى جديداً ، فتكون كل قراءة بالنسبة للأخرى ، بمنزلة الآية مع الآية ، وكما أن الاختلاف بين هذه القراءات لم يكن على سبيل التضاد فى المعانى ، فإنه كذلك لم يكن على سبيل التباين فى الألفاظ ، وقد حصر بعضهم أوجه الاختلاف بين القراءات فى الوجوه الآتية:
الأول: الاختلاف فى شكل آخر الكلمات ، أو بنيتها ، مما يجعلها جميعاً فى دائرة العربية الفصحى ، بل أفصح هذه اللغة ، المتسقة فى ألفاظها ، وتآخى عباراتها ، ورنة موسيقاها ، والتواؤم بين ألفاظها ومعانيها.
الثاني: الاختلاف فى المد فى الحروف ، من حيث الطول والقصر ، وكون المد لازماً أو غير لازم ، وكل ذلك مع التآخى فى النطق فى القراءة الواحدة ، فكل قراءة متناسقة فى ألفاظها من حيث البنية للكلمة ، ومن حيث طول المد أو قصره.
الثالث: الاختلاف من حيث الإمالة ، أو عدمها فى الحروف ، كالوقوف بالإمالة فى التاء المربوطة ، أو عدم الإمالة فيها.
الرابع: الاختلاف من حيث النقط ومن حيث شكل البنية فى مثل قوله تعالى: ((يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا)) ( )حيث قرئ متواتراً كذلك ((فتثبتوا)) ومع ذلك فالقراءتان متلاقتيان فى المعنى ، فالأولى طالبت بالتبين المطلق ، والأخرى بينت طريق التبين ، وهو التثبت بتحرى الإثبات.
الخامس: زيادة بعض الحروف فى قراءة ، ونقصها فى أخرى ، مثل قراءة ابن عامر - وهو أحد القراء السبعة- ((قالوا اتخذ الله ولدا )) بدون واو قبل (( قالوا )) بينما قرأ غيره بالواو هكذا((وقالوا اتخذ الله ولدا ))( ) ومثل ذلك قراءة ابن كثير - وهو أحد القراء السبعة كذلك - ((تجرى من تحتها الأنهار)) بزيادة (( من )) بينما قرأ غيره ((تجرى تحتها الأنهار))( )
فإن قيل: ما الثابت من القراءتين فى المصحف العثمانى ؟
قلت: إن المصاحف العثمانية - وعددها ستة أو سبعة - أثبت فيها كل ما يحتمله الرسم بطريقة واحدة ( ) ، وأما ما لا يحتمله الرسم كالزيادة والنقصان فى حالتنا هذه ، فإنه كان يثبت فى بعض المصاحف بقراءة ، وفى بعضها بقراءة أخرى.
وقد قال القرطبى فى ذلك: وما وجد بين هؤلاء القراء السبعة من الاختلاف فى حروف يزيدها بعضهم ، وينقصها بعضهم ، فذلك لأن كلاً منهم اعتمد على ما بلغه فى مصحفه ورواه ، إذ كان عثمان كتب تلك المواضع فى بعض النسخ ، ولم يكتبها فى بعض ، إشعاراً بأن كل ذلك صحيح ، وأن القراءة بكل منها جائزة. ا.هـ ( )
فوائد اختلاف القراءات
مسألة اختلاف القراءات وتعددها ، كانت ولا زالت محل اهتمام العلماء ، ومن اهتمامهم بها بحثهم عن الحكم والفوائد المترتبة عليها ، وهى عديدة نذكر الآن بعضاً منها ، فأقول - وبالله التوفيق-: إن من الحكم المترتبة على اختلاف القراءات ما يلى:-
1) التيسير على الأمة الإسلامية ، ونخص منها الأمة العربية التى شوفهت بالقرآن ، فقد نزل القرآن الكريم باللسان العربى ، والعرب يومئذٍ قبائل كثيرة ، مختلفة اللهجات ، فراعى القرآن الكريم ذلك ، فيما تختلف فيه لهجات هذه القبائل ، فأنزل فيه - أى بين قراءاته - ما يواكب هذه القبائل -على تعددها - دفعاً للمشقة عنهم ، وبذلاً لليسر والتهوين عليهم.
2) الجمع بين حكمين مختلفين مثل قوله تعالى: ((فاعتزلوا النساء فى المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن)) ( )، حيث قرئ ((يطهرن)) بتخفيف الطاء وتشديدها ، ومجوع القراءتين يفيد أن الحائض ، لا يجوز أن يقربها زوجها إلا إذا طهرت بأمرين: أ- انقطاع الدم ، ب- الاغتسال.
3) الدلالة على حكمين شرعيين فى حالين مختلفين ، ومثال ذلك قوله تعالى: ((فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين))( ) حيث قرئ (( وأرجلكم)) بالنصب عطفاً على ((وجوهكم)) وهى تقتضى غسل الأرجل ، لعطفها على مغسول وهى الوجوه. وقرئ ((وأرجِلكم)) بالجر عطفاً على ((رءوسكم)) وهذه القراءة تقتضى مسح الأرجل ، لعطفها على ممسوح وهو الرءوس. وفى ذلك إقرار لحكم المسح على الخفين.
4) دفع توهم ما ليس مراداً: ومثال ذلك قوله تعالى: ((يا أيها الذين آمنوا إذا نودى للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله))( ) حيث قرئ ((فامضوا إلى ذكر الله)) ، وفى ذلك دفع لتوهم وجوب السرعة فى المشى إلى صلاة الجمعة المفهوم من القراءة الأولى ، حيث بينت القراءة الثانية أن المراد مجرد الذهاب.( )
5) إظهار كمال الإعجاز بغاية الإيجاز ، حيث إن كل قراءة مع الأخرى بمنزلة الآية مع الآية ، وذلك من دلائل الإعجاز فى القرآن الكريم ، حيث دلت كل قراءة على ما تدل عليه آية مستقلة.
6) اتصال سند هذه القراءات علامة على اتصال الأمة بالسند الإلهى ، فإن قراءة اللفظ الواحد بقراءات مختلفة ، مع اتحاد خطه وخلوه من النقط والشكل ، إنما يتوقف على السماع والتلقى والرواية ، بل بعد نقط المصحف وشكله ؛ لأن الألفاظ إنما نقطت وشكلت فى المصحف على وجه واحد فقط ، وباقى الأوجه متوقف على السند والرواية إلى يومنا هذا. وفى ذلك منقبة عظيمة لهذه الأمة المحمدية بسبب إسنادها كتاب ربها ، واتصال هذا السند بالسند الإلهى ، فكان ذلك تخصيصاً بالفضل لهذه الأمة.( )
7) فى تعدد القراءات تعظيم لأجر الأمة فى حفظها والعناية بجمعها ونقلها بأمانة إلى غيرهم ، ونقلها بضبطها مع كمال العناية بهذا الضبط إلى الحد الذى حاز الإعجاب ( )
درء الشبهات المثارة حول اختلاف القراءات
لا يزال المغرضون يتحينون الفرص للغض من قدر القرآن الكريم ، بمحاولة إثبات التناقض فى القرآن من خلال بعض ما يثبته أو ينفيه ، يحاولون ذلك مع آيات القرآن الكريم بعضها مع بعض ، أو يدّعون وجود التناقض بين القرآن والسنة ، وكل ذلك مردود عليهم بفضل الله كما أشرت إلى ذلك فى مقدمة هذا الكتاب ، ولسوف ترى فيه إن شاء الله شيئاً من ذلك فى المبحث الأخير منه.
وفى مقام اختلاف القراءات الذى نحن بصدده أو ادعى الحاقدون وتبعهم الجاهلون من اتباع هذا الدين ، وهم أخطر على هذا الدين كما قيل:
لا يبلغ الأعداء من جاهل ما يباغ الجاهل من نفسه
أقول: ادعى هؤلاء وأولئك أن اختلاف القراءات يثبت كذب القرآن ويقرر وجود التناقض فيه.
قلنا: وكيف وصلتم إلى هذا القرار واجترأتم على أن تقولوا هذا الكلام الذى ((تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدّاً ))( ) من هول ما يحمل؟
قالوا: أليس قد جاء فى القرآن - قوله تعالى: (( أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً))( ) قلنا : بلى.
قالوا: ألستم تقولون إن القراءات توقيفية نازلة من عند الله عن طريق الوحى ؟ قلنا: بلى.
قالوا: أليست هذه القراءات متعددة ؟ قلنا: بلى.
قالوا: أليس فى تعددها واختلافها ما يتعارض والآية القرآنية التى نفت الاختلاف عن القرآن ؟
قلنا: كلا. قالوا: كيف تدفعون هذا التعارض وتثبتون نقيض الدعوى ؟ قلنا: هو سهل ميسور وتقرير الجواب كالتالى:
إن الاختلاف الذى ينفيه القرآن هو الاختلاف فى ذات القرآن بما تحمله آياته من معان ، إذ لا اضطراب فيها ولا تعارض ولا تناقض ، وكل ما أوهم ذلك قد أجاب عنه العلماء بما لا يدع مجالاً لعرضه مرة أخرى ، وقد قلت فى مقدمة هذا الكتاب: لا يرد على ذلك الناسخ والمنسوخ ، فالتعارض بينها مدفوع بإثبات الحكم الناسخ ونفى وإلغاء الحكم المنسوخ. فتحصل من خلال ذلك أن التناقض والتدافع بين معانى القرآن الكريم غير موجود ، وهذا هو الذى تقرره الآية الكريمة.
وأما اختلاف القراءات ، وكون القرآن الكريم قد نزل على سبعة أحرف فهو تنوع من ألفاظ القرآن وتوسعة فى النطق به وتعدد فى وجوه الأداء ، دون أن يثبت ذلك اختلافاً فى القرآن ، ليس هذا فقط بل إن لتعدد القراءات فوائد جمة ، قد ذكرت فى محلها ، هذه الفوائد لا تنفى عن القراءات فقط كونها سلبية ، بل تثبت لها جوانب إيجابية عديدة.
يقول الشيخ الزقانى:
إن نزول القرآن على سبعة أحرف - وتعدد وجوه قراءاته - لا يلزم منه تناقض ولا تخاذل ولا تعارض ولا تضاد ولا تدافع بين مدلولات القرآن ومعانيه ، وتعليمه ومراميه ، بعضها مع بعض ، بل القرآن كله سلسلة واحدة ، متصلة الحلقات ، محكمة السور والآيات ، متآخذة المبادئ والغايات ، مهما تعددت طرق قراءاته ، ومهما تنوعت فنون أدائه.( )
ويتمم الجواب عن هذه الشبهة والرد عليها جواب الإمام الغزالى وقد سئل عن معنى قوله تعالى: ((ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً)) فأجاب بما صورته:
الاختلاف لفظ مشترك بين معان ، وليس المراد نفى اختلاف والناس فيه ، بل نفى الاختلاف عن ذات القرآن. يقال هذا كلام مختلف فيه ، أى: لا يشبه أوله آخره فى الفصاحة ، إذ هو مختلف ، أى: بعضه يدعو إلى الدين ، وبعضه يدعو إلى الدنيا ، أو هو مختلف النظم فبعضه على وزن الشعر ، وبعضه منزحف ، وبعضه على أسلوب مخصوص فى الجزالة ، وبعضه على أسلوب يخالفه.
وكلام الله منزه عن هذه الاختلافات ، فإنه على منهاج واحد فى النظم مناسب أوله آخره ، وعلى مرتبة واحدة فى غاية الفصاحة ، فليس يشتمل على الغث والسمين ، ومسوق لمعنى واحد ، وهو دعوة الخلق إلى الله تعالى ، وصرفهم عن الدنيا إلى الدين. أ.هـ ( )
وقريب من هذا ما نقل عن ابن مسعود رضى الله عنه :
" لا تنازعوا فى القرآن فإنه لا يختلف ولا يتلاشى ، ولا ينفد لكثرة الرد ، وإنه شريعة الإسلام وحدوده وفرائضه ، ولو كان شئ من الحرفين -أى القراءتين - ينهى عن شئ يأمر به الآخر ، كان ذلك الاختلاف ، ولكنه جامع ذلك كله لا تختلف فيه الحدود ولا الفرائض ، ولا شئ من شرائع الإسلام.
ولقد رأيتنا نتنازع عند رسول - صلى الله عليه وسلم - ، فيأمرنا فنقرأ فيخبرنا أن كلنا محسن….." ( )
وملخص هذا الجواب أن الاختلاف المنفى فى الآية هو الاختلاف بمعنى تباين النظم ، وتناقض الحقائق ، وتعارض الأخبار ، وتضارب المعانى. وأما اختلاف القراءات فهو التنوع فى الأداء والتوسع فى النطق فى إطار ما نزل من عند الله.
الشبهة الثانيـــــــــة:
قالوا كذلك:
إن الاختلاف فى القراءات يوقع فى شك وريب من القرآن ، إذا لاحظنا فى بعض الروايات معنى تخيير الشخص أن يأتى من عنده باللفظ وما يرادفه أو باللفظ ومالا يضاده فى المعنى ، وذلك كحديث أبى بكرة حيث فيه: "كلها شاف كاف ما لم تختم آية عذاب برحمة أو آية رحمة بعذاب ، نحو قولك: تعال ، وأقبل ، وهلم ، واذهب ، وأسرع ، وعجل" جاء بهذا اللفظ من رواية أحمد بإسناد جيد 00 وجاء عن ابن مسعود - رضى الله عنه - أنه أقرأ رجلاً: ((إن شجرة الزقوم طعام الأثيم)) ( ) فقال الرجل: طعام اليثيم ، فردها عليه فلم يستقم بها لسانه. فقال: أتستطيع أن تقول: طعام الفاجر؟ قال: نعم. قال: فافعل.
الجواب عن هذه الشبهة
إننا لا نسلم لهم أولاً : دعوى أن الشخص كان مخيراً بأن يأتى من عند نفسه بألفاظ يختارها تعبيراً عن الآية ، فجميع القراءات نازلة من عند الله بالوحى ، والحديث المذكور لا يدل على ما ذهبوا إليه وسيأتى تأويله فى مبحث الوقف والابتداء ، وإذا لم نسلم لهم هذا فلن نسلم كذلك أن هذه القراءات كانت سبباً فى وقوع الشك والريب من القرآن ؛ لأن القراءات ما دامت نازلة من عند الله فلا يمكن أن تكون سبباً فى الريب من القرآن الذى هو من عند الله كذلك.
وأما بالنسبة للروايات المذكورة فغاية ما تدل عليه كما يقول الشيخ الزرقانى: أن الله تعالى وسع على عباده خصوصاً فى مبدأ عهدهم بالوحى أن يقرأوا القرآن بما تلين به ألسنتهم ، وكان من جملة هذه التوسعة القراءة بمترادفات من اللفظ الواحد للمعنى الواحد مع ملاحظة أن الجميع نازل من عند الله تعالى ، ثم نسخ الله ما شاء أن ينسخ بعد ذلك 000 وقد أجمعت الأمة على أنه لا مدخل لبشر فى نظم القرآن لا من ناحية ألفاظه ، ولا من ناحية أسلوبه ولا قانون أدائه" .
 
برأيي المتواضع في هذا الشأن ذي أهمية كبرى حول الفهم الصحيح للنص القرآني
ربما أخالف الدكتور مساعد الطيار , فليكن...
لأنني أدعوكم الى ترك مجادلة هؤلاء الناس وهم فرق النصارى بشتى وجوههم واتجاهاتهم التي ينبغي للعاقل أن يشك فيها لأول وهلة .
فلا أعتقد انهم يستطيعون قراءة سطر واحد من الجرائد العربية اليومية بغض النظر عن قراءة المصحف . اذن , فليس لهم من هذا الأمر شيء يذكر .
فمن هنا لا يجوز مجادلتهم , في نظري , لأنهم في الغالب جهلاء , وتابعو فرق معينة ( الانجيلية وما اليها من الفرق الأخرى) بمدارسهم الخاصة خارج المستوى الأكديمي .

تقديرا

موراني
 
بخصوص ما أورده ذلك المعترض على كتاب الله المجيد ، فليعلم أولا أنه لا شيء .
كما أنه هو نفسه لا شيء عندنا ، إذ أن الله تعالى أنعم علينا بأن هدانا إليه ، و اختارنا من بين خلقه ، كما قال جل في علاه [ و ربك يخلق ما يشاء و يختار ] .
أرسل إلينا خير رسله ، و أنزل علينا خير كتبه - فضلا منه ورحمة - ، فاللهم لك الحمد ...
و إني - تزييفا لتلك الشبهة و مسابقة للشيطان من أن يزين لتلك الشبهة في قلوب بعض إخواننا - أقول :

معلوم بالأحاديث التي بلغت حد الاستفاضة أن القرآن نزل على سبعة أحرف .
كما أنه معلوم لدى المشتغلين بعلوم القرآن أن القول بأن المصحف الإمام ضم حرفا من تلك الأحرف هو قول أكثر الأئمة و السلف .

كذلك ، فإن القراءات التي قرأ بها النبي صلى الله عليه و سلم ، و أقرأ بها كثيرة ...
و لأجل هذا ؛ فإن عثمان رضي الله عنه لما أمر بنسخ المصاحف و إرسالها إلى الأمصار و هي ست مصاحف و قيل سبع و قيل ثمان ، و قيل غير ذلك ، جعل رسمها واحدا ، بحيث يحصل بذلك الرسم استيعاب جميع أوجه القراءة الثابة عن النبي صلى الله عليه و سلم ، و هذا وحده إعجازٌ ، أيما إعجاز ، و هو يدل على عظمة الرسم العثماني ، و أن أي محاولة لتغييره بالرسم الإملائي الحديث فهي ضرب من العبث و الطيش .

.....
لكن بقيت كلمات قرأ بها النبي و أصحابه لم يمكن إيجاد رسم متفق لها جميعا ، مثاله ( و وصى ) و في قراءة ( و أوصى ) .
و كذا ( فلا يخاف ) و في قراءة ( و لا يخاف ) ...
فما الحل ؟
هل هو :
1- بأن يجعلوا إحداها في مصحف ، و الأخرى في مصحف آخر ؟
و معناه : توزيع تلك الكلمات على المصاحف المرسلة إلى الأمصار .
أم :
2- بأن يكتبوا الكلمتين جميعا في جميع المصاحف ، برسمين مختلفين ؟

الأول : هو ما فعله الصحابة ، وزعوا تلك الكلمات المعدودة ، فكتبوا مثلا ( ووصى ) بواوين من غير ألف كما في مصحف أهل مكة و مصحف أهل العراق .
و كتبوا ( و أوصى ) بواوين بينهما ألف كما هو حال مصحف أهل المدينة و مصحف أهل الشام .
و هكذا القياس في الباقي .
و لم يأخذوا بالرأي الثاني ؛ خشية أن يتوهم متوهم أن اللفظ المكرر في المصحف كذلك هو في القرآن - أعني مكررا - .
ولو جعلوا واحدا من الرسمين في الأصل و الآخر في الحاشية لتوهم أن الثاني الذي بالحاشية تصحيح للأول الذي بالأصل ، أو العكس .
وإذا كان الريب و الشك و الاختلاف لا مجال له في القرآن ، فإن الصحابة لجودة قرائحهم و ثاقب فهومهم اختاروا الذي ذكرنا لك .
فما أعقلهم ، و ما أفهمهم ، و ما أشد عنايتهم بهذا القرآن !

فاللهم ارض عنهم و ارحمهم .
و إني أنبه ها هنا إلى مسألة مهمة ، ألا و هي :
أن ما يجري ذكره في شروط صحة القراءة ، من كونها موافقة للرسم العثماني أو المصحف الإمام = أن المراد بالرسم العثماني لإحدى تلك المصاحف .
و أن المصحف الإمام في كلامهم هو جنسه الشامل لما اتخذه عثمان لنفسه في المدينة و لما أرسلة لمكة و الشام و العراق و غيرها كما ذكره غير واحد من أئمة القراءة .
و الله أعلم .
 
بسم الله الرحمن الرحيم

الأخوة الأفاضل ،،
ألخص الفكرة السابقة لعل أحد الأخوة يفيدنا برد أو يحيلنا على بحث أو دراسة تزيل ذلك الأشكال .
الفكرة هي أن في خاتمة النسخ القرآنية نجد تأكيدا على أن النسخة مطبوعة على رواية ورش / أو حفص ومطابقة حرفيا للنسخة العثمانية.
السؤال الذي أطرحه هلى النسخ العثمانية الستة أو السبعة كانت متشابهة وعلى قراءة واحدة.
إذا كانت كذلك فكيف نفسر الاختلاف الطفيف الذي نلاحظه بين رواية ورش ورواية حفص؟
لم تكن المصاحف العثمانية الى الأمصار متطابقة بل اثبت في بعضها حروف لم تثبت في المصاحف الأخرى ليدلل على أن الكل صحيح و قد ذكر هذا العديد من اهل العلم لا اذكر منهم حاليا إلا القرطبي في مقدمة تفسيره فهو يقول : [color=FF0000](( و ما وجد بين هؤلاء القراء السبعة من الاختلاف في حروف يزيدها بعضهم و ينقصها بعضهم فذلك لأن كلا منهم اعتمد على ما بلغه في مصحفه و رواه ، إذ قد كان عثمان كتب تلك المواضع في بعض النسخ و لم يكتبها في بعض إشعارا بأن كل ذلك صحيح ، و أن القراءة بكل منها جائزة ))[/color] ( أبو عبد الله محمد القرطبي ، الجامع لأحكام القرآن 1/64-65 )

و لكـــن . . .

القضية الأهم في نظري ان يستوعب الأخوة الاحباء الذين يناظرون النصارى و يحاورونهم أن النصرانية كديانة قد تهاوت تماما و استسلمت لضربات الملحدين و ان الذين يسمون أنفسهم مسيحيين هم علمانيين باطنا و ما اللقب إلا عنوان بلا موضوع .

و انظروا للكنائس لتروا كم الاقبال عليها و قد قرات في تقرير لأحد المستشرقين - ربما هو دانيال بايبس - أن عدد المسلمين المترددين على المساجد في بريطانيا يفوق عدد النصارى المترددين على الكنائس .

هذا في بريطانيا معقل البروتستانتية !!

و الغالبية الكاسحة من النصارى المثقفين يعلمون أن كتابهم المقدس ليس إلا أساطير لا يعول عليها و انه قد ناله من التحريف و الاضافة و الزيادة ما لا يمكن دفعه و لكنهم عندما يرون تمسك المسلمين بكتابهم و تشبثهم به يتفجرون حقدا و غيظا و يحاولون تشكيكهم فيه بشتى الوسائل .

و الله لقد اخبرني الكثير من المهتدين للإسلام أن اكثر النصارى يعرفون الحق و لكنهم يعاندون و أنه قد أقيمت عليهم الحجة - على الأقل في دار الإسلام .

و لتعلموا يا احبة ان النصرانية الان في موقف الدفاع و لم يعد همها إلا المحافظة على البقية الباقية من مرتادي الكنائس او كما قال أحد اخواننا : صاروا يقاتلون لكيلا يخلو مقعد في الكنيسة .. و هم في دفاعهم المحموم يحاولون النيل من القرآن العزيز و ما هم ببالغي ذلك و لو استحال ماء النيل دما قان !

الخطر الآن هو في الشبهات التي تشكك المسلمين في دينهم و هدف الشبهات دوما هم العوام الذين لا يعلمون عن دينهم شيئًا و للأسف هم كثيرون .. و لا خوف - و الحمد لله - من تنصر أي مسلم و لكن الخوف كله في تشكيك الناس في الإسلام و استهانتهم به في إثر ذلك و الله المستعان .. لهذا السبب يجب أن يكون الغرض من الرد على أي شبهة هو التوضيح للمسلمين أولا لأن المبدأ الذي نسير عليه دوما أن إزالة شبهة من عقل مسلم أهم من إقناع مائة نصراني .

و الحمد لله على نعمة الإسلام .. و كفى بها نعمة !
 
الدكتور هشام عزمي المحترم

كان في بداية هذا الرابط سؤال حول الخلافات في النص لدى كل من ورش وحفص
وحول القراءات السبعة وحول الحروف السبعة . كل ذلك في نظري من باب العلم .
أما المقارنة بما لدى الآخر , مهما كان عقيدته , وبما لدى الكنائس من المشاكل بسبب قلة زيارة الكنائس , فلا أرى في هذه الملاحظات من جانبكم السعيد خيرا .

للتوضيح : انني لا أتبع كنيسة ما مهما كانت ولا أدافع عنها ولا أنتمي اليها , غير أنني لا ألبّي باختلاط المعاني العلمية والفكرية على الجانب بالمعايير العقائدية على الجانب الآخر .


ولكم الخير والعافية


موراني
 
معذرة يا دكتور موراني ،، أنا كنت اقصد بكلامي ما أشار إليه الدكتور مساعد الطيار في قوله . . .
ولقد دخلت في حوار يُديره نصراني ، فرأيت كيف يدير الحوار ، وكيف يلقي الشبه في كتابنا ، وإذا استشهدت له بشي مشابه لما جاء به في كتبهم انبرى بالقول : إننا ناقش القضية من خلال القرآن ، ومالناش دعوى بالكتاب المقدس .
عجيب أمر هؤلاء ، مع أنهم لا يملكون من الأدلة دليلاً واحدًا على صدق ما بأيدهم ، ولا على اتصال سنده ، ويرون ما فيه من الاختلاف والتخليط = ترى عندهم من القدرة على جرِّ بعض المسلمين إلى الحوار عن القرآن وما يلقونه عليهم من الشبهات حوله فحسب .
و غرضي أن أوضح ان امتناع النصراني عن مقارنة كتابه بالقرآن إنما هو لعلمه بعجزه عن الدفاع عنه و ليقينه بعدم جدوى ذلك امام مسلم يؤمن بأن كتاب الله لا يجوز فيه تغيير حرف فما بالك بفقرات كاملة بل و اصحاحات بأكملها !!
و أنا اسعى دوما لتحري الدقة في أقوالي و إن كنت في النهاية بشر يخطئ و يصيب . فإن كان لديك ما يخالف كلامي الذي ذكرته فانا ادعوك لمناقشتي فيه في المكان الذي تريده و لسيادتك مني فائق الاحترام .
 
كاتب الرسالة الأصلية : أبو تيمية



.....
لكن بقيت كلمات قرأ بها النبي و أصحابه لم يمكن إيجاد رسم متفق لها جميعا ، مثاله ( و وصى ) و في قراءة ( و أوصى ) .
و كذا ( فلا يخاف ) و في قراءة ( و لا يخاف ) ...
فما الحل ؟
هل هو :
1- بأن يجعلوا إحداها في مصحف ، و الأخرى في مصحف آخر ؟
و معناه : توزيع تلك الكلمات على المصاحف المرسلة إلى الأمصار .
أم :
2- بأن يكتبوا الكلمتين جميعا في جميع المصاحف ، برسمين مختلفين ؟

الأول : هو ما فعله الصحابة ، وزعوا تلك الكلمات المعدودة ، فكتبوا مثلا ( ووصى ) بواوين من غير ألف كما في مصحف أهل مكة و مصحف أهل العراق .
و كتبوا ( و أوصى ) بواوين بينهما ألف كما هو حال مصحف أهل المدينة و مصحف أهل الشام .
و هكذا القياس في الباقي .
و لم يأخذوا بالرأي الثاني ؛ خشية أن يتوهم متوهم أن اللفظ المكرر في المصحف كذلك هو في القرآن - أعني مكررا - .
ولو جعلوا واحدا من الرسمين في الأصل و الآخر في الحاشية لتوهم أن الثاني الذي بالحاشية تصحيح للأول الذي بالأصل ، أو العكس .
وإذا كان الريب و الشك و الاختلاف لا مجال له في القرآن ، فإن الصحابة لجودة قرائحهم و ثاقب فهومهم اختاروا الذي ذكرنا لك .
فما أعقلهم ، و ما أفهمهم ، و ما أشد عنايتهم بهذا القرآن !

فاللهم ارض عنهم و ارحمهم .
و إني أنبه ها هنا إلى مسألة مهمة ، ألا و هي :
أن ما يجري ذكره في شروط صحة القراءة ، من كونها موافقة للرسم العثماني أو المصحف الإمام = أن المراد بالرسم العثماني لإحدى تلك المصاحف .
و أن المصحف الإمام في كلامهم هو جنسه الشامل لما اتخذه عثمان لنفسه في المدينة و لما أرسلة لمكة و الشام و العراق و غيرها كما ذكره غير واحد من أئمة القراءة .
و الله أعلم .

كلام متين

ويشبه ما سمعت الشيخ أيمن سويد يردده ويزيد عليه بتغليب ظنه أن سيدنا زيد بن ثابت كان ما كتبه في الأصل أيام الصديق بجمع القراءتين في المصحف الأول ثم لما سنحت الفرصة بتفريق ذلك على المصاحف فعل ما تقدم أعلاه.

وبقيت نقطة وهي أن الشيخ سامر النص حفظه الله القارئ على العشر الكبرى تتبع تلك المواضع فوجدها لا تزيد على حرفين ومعظمها حرف

كما في المثال أعلاه وهي مواطن محدودة عندي صورة من القائمة التي كتبها بخطه.
ولا يوجد موضع واحد فيه ثلاثة أحرف البته.

وكله متواتر، وهو يؤيد معنى الأحرف السبعة بحذف كلمة وإثباتها

وهو ما ذكره أبو الفضل الرازى وقاربه فيه كل من ابن قتيبة وابن الجزرى.
وحاصله أن الأحرف السبعة هى سبعة أوجه لا يخرج عنها الاختلاف فى القراءات وهى:
1- اختلاف الأسماء من إفراد ، وتثنية ، وجمع ، وتذكير ، وتأنيث.
2- اختلاف تصريف الأفعال من ماضى ومضارع وأمر.
3- اختلاف وجوه الإعراب.
4- الاختلاف بالنقص والزيادة.
5- الاختلاف بالتقديم والتأخير.
6- الاختلاف بالإبدال.
7- اختلاف اللغات - أى اللهجات - كالفتح والإمالة ، والتفخيم ، والترقيق ، والإظهار والإدغام

(كما سبق)

وهو الوجه الرابع وبه تكتمل السبعة

ومنه جزء خرج من التواتر ولم يوافق العرضة الأخيرة ترى بعضه في القراءات الشاذة وفي كتب التفسير

وأدخله بعض العلماء في المنسوخ

والله أعلم
 
د. موراني وفقه الله لكل خير

خطر لي وأنا أقرأ إيضاحك:
(غير أنني لا ألبّي باختلاط المعاني العلمية والفكرية على الجانب بالمعايير العقائدية على الجانب الآخر) فَهماً آخر, وهو:
أن المعايير العقائدية من المعاني العلمية والفكرية, وليست على الجانب الآخر,
إلا إن كان قصدك أنه لا ينبغي الحكم على القضايا العلمية والفكرية من منطلق عقدي فقط, فهذا قد يصح في جانب العلوم التطبيقية والطبيعية, ولا يصح -إطلاقاً- في العلوم الإنسانية ونحوها؛ لأن الحديث فيها يُؤسس على خلال قاعدة واحدة مُشتركة وهي:
تصور الباحث للنفس والكون والحياة.
ومن هنا تبدأ الدراسات في هذه العلوم بالتوجه وجهات مختلفة متباينة تبعاً لهذه التصورات.

على أن القول بعدم تأثر العلوم التطبيقية والطبيعية -القائمة على المحسوس- بالتوجهات العقدية أصبح محل نظر كبير في الدراسات الحديثة لتلك العلوم, وضعفت الثقة بمسألة الموضوعية في البحوث والدراسات في هذه العلوم وفي غيرها من باب أولى, وصار الإطار الفكري للباحث فيها مُحاصِراً لنتائجه الموضوعية المُبتغاة.

ولعلك تُطالعُ -مشكوراً- بعض الموضوعات القيّمة في موقع الدكتور: جعفر شيخ إدريس:http://www.jaafaridris.com/

وعلى الخصوص كتاب: الفيزياء ووجود الخالق:
http://www.jaafaridris.com/Arabic/abooks/physics.htm

مع أخلص الأمنيات.
 
عودة
أعلى