إشكالات تجويدية (1): المقدار الزمني للمد.

ضيف الله الشمراني

ملتقى القراءات والتجويد
إنضم
30/11/2007
المشاركات
1,508
مستوى التفاعل
3
النقاط
38
الإقامة
المدينة المنورة
بسم1​
الاثنين 18 صفر 1434
معرفة الإشكال علمٌ كما بيّن الأئمة الجهابذة كالقرافي -رحمه الله-، والإجابة عن الإشكال علمٌ آخر، ومن هذا المنطلق أحببتُ أن أحرِّك الأذهان بإثارة بعض الإشكالات التخصصية التي يطويها كثير من المشتغلين بعلم القراءة، إما ركوناً للتقليد، أو خوفاً من سياط النقد، أو لاعتقادهم بأن الأداء المتلقّى عن الشيوخ لا يمكن مناقشته بأي حال من الأحوال، في أسباب أخرى.
وأبدأ مباشرة بإشكال لاحظتُه منذ سنوات طويلة، وهو متعلق بمسألة المقدار الزمني للمد.
من المعلوم أن أزمنة المد ثلاثة: قصر، وتوسّط، وإشباع، وتفصيلها في كتب التجويد والقراءات.
بالنسبة لزمن القصر لا إشكال فيه بحسب استقرائي، فجُلُّ المشايخ مجمعون على مقدار معين، لا يكاد يختلف من شيخ لآخر.
أما التوسّط والمد فيختلف فيهما المشايخ اختلافاً كبيراً، وكل المشايخ الفضلاء يذكر أنه تلقّى عن شيخه بهذه الكيفية، ولو قارنتَ سماعاً بين مقدار القصر ومقدار التوسط عند كثير من القراء = لرأيت تفاوتاً كبيراً في الزمن يصل إلى الإشباع في كثير من الأحيان، والذي ينبغي أن يكون مقدار التوسط كمقدار القصر مرتين، دون زيادة أو نقصان.
وينطبق كلامي على مقدار الإشباع، ففيه زيادة كبيرة عند كثير من القراء، فتجد القارئ يمدّ حتى ينقطع صوته، وينتهي نَفَسه، وتكلّ حَنجَرته، لا سيما إن كان يجمع القراءات، أو يقرأ لمن يُشبِع المدود، ولو أنه أتى بالإشباع على وجهه لاستراح كثيراً من هذا العناء.
خُلاصة ما أريد التوصّل إليه: أن تتمَّ مراجعة المقدار الصوتي لمدّ التوسط، والإشباع بالمقارنة مع زمن القصر، وأن يُنظَر إلى سبب اختلاف القراء في تحقيق ذلك، هل هو صعوبة ضبط المقدار، أم أمر آخر؟، والله أعلم.​
 
شكر وتثمين

شكر وتثمين

سلام عليكم أخي ضيف الله، وجزاك الله على هذا الطرح الواضح، والقول الناصح، وأضم قولي لقولكم، وصوتي إلى ندائكم، فباب المد مما كثر فيه التوسع والتساهل، فتجد القارئ يمد اللازم ما يقرب من ضعف حده، ويسرع الآخر في الفاتحة ليبلغ كلمة
{الضآلين} فيتغنى فيها ويترنم بها، فلا تتحدث بعد ذلك عن مقدار مدها.
فلإن كان أئمتنا قد قدروا المد الطويل بثلاث ألفات، أي قدر ما تنطق بثلاثة مدود قصرا نحو كلمة {نوحيها}، أو {يا موسى}، فأين هذا مما نسمعه في محاريبنا من قرائنا اليوم.
ثم إن راعينا مبدأ التناسب في التلاوة، وتفاوت السرعة فيها، وتبعا لذلك مقادير التصويت بالمدود، فهل من الممكن أن نقيس أزمنة المدود في المراتب الثلاثة بالمقاييس الزمنية المعروفة اليوم، كالثانية وأجزائها؟
ثم إن لم يكن ذلك أمرا لازما، فهل من الممكن أن يكون ولو مقياسا للاستئناس؟
تحية لك أخي الكريم.
 
هل هي إشكالية أم أخطاء بعض القراء ؟!!

هل هي إشكالية أم أخطاء بعض القراء ؟!!

وينطبق كلامي على مقدار الإشباع، ففيه زيادة كبيرة عند كثير من القراء، فتجد القارئ يمدّ حتى ينقطع صوته، وينتهي نَفَسه، وتكلّ حَنجَرته، لا سيما إن كان يجمع القراءات، أو يقرأ لمن يُشبِع المدود، ولو أنه أتى بالإشباع على وجهه لاستراح كثيراً من هذا العناء.

بارك الله فيكم ، هل هذه أخطاء بعض القراء أم إشكالية ؟!!
وهل القراء الموجود عندهم هذه الزيادة من المعتبرين ؟!!


خُلاصة ما أريد التوصّل إليه: أن تتمَّ مراجعة المقدار الصوتي لمدّ التوسط، والإشباع بالمقارنة مع زمن القصر،
وأن يُنظَر إلى سبب اختلاف القراء في تحقيق ذلك، هل هو صعوبة ضبط المقدار، أم أمر آخر؟، والله أعلم.​
إن كان هناك خلاف في مقدار المد عند القراء فسببه التفاوت في سرعة القراءة ، وليست الصعوبة في الضبط ، وقد تجد عند القارئ الواحد اختلافا يسيرا في زمن المد ؛ سببه اسراعه في بعض المواضع وإلإبطاء في الأخرى ، ولا يعد ذلك من الخطأ ؛ لأن مقدار الحركة تقدر في حال القراءة سرعة وبطئا .
 
ثم إن راعينا مبدأ التناسب في التلاوة، وتفاوت السرعة فيها، وتبعا لذلك مقادير التصويت بالمدود، فهل من الممكن أن نقيس أزمنة المدود في المراتب الثلاثة بالمقاييس الزمنية المعروفة اليوم، كالثانية وأجزائها؟
QUOTE]
ذلك غير ممكن سيدي الكريم ، فوضع مقياس للحركتين بالثانية لا يمكن ضبطه ؛ لتفاوت السرعة في القراءة ، فالحركتان في قراءة التحقيق تأخذا زمنا من الثواني أكبر منه في قراءة الحدر مثلا ، وكلاهما صواب ، فكيف يُلزم القارئ بزمن معين للحركتين مع وجود هذا التفاوت ، الذي قد يحدث في الجلسة الواحدة ؟!
 
سلام عليك، وحياك الله أخي الكريم، وبعد:
كلامكم حفظكم الله في غاية الوضوح، والقصد أن يوضع ميزان للمد في كل مرتبة على حدة، لا ميزانا واحدا للجميع.
فعلى سبيل التمثيل، إن كان المد الطبيعي في التحقيق = 1.5 ثانية، فأكيد أنه في مرتبة التدوير سيكزن لزاما أقل من ذلك ولنقل إنه = 1 ثانية، وبالضرورة يقل في مرتية الحدر وليكن = 0.5 ثانية.
ووفق هذا الميزان الزمني نقيس أزمنة المدود جميعها (قصرا، وتوسطا، وطولا) في كل المراتب، والله أعلم.
 
أشكر أخي المفضال، على طرحه لهذا الإشكال، الذي طالما خطر بالبال،
وحبذا لو ركزنا في المباحثة على ما سطره أخي في هذه الخلاصة:
خُلاصة ما أريد التوصّل إليه: أن تتمَّ مراجعة المقدار الصوتي لمدّ التوسط، والإشباع بالمقارنة مع زمن القصر، وأن يُنظَر إلى سبب اختلاف القراء في تحقيق ذلك، هل هو صعوبة ضبط المقدار، أم أمر آخر؟، والله أعلم.[/RIGHT]​

هل أنتم - معشر الأساتذة - متفقون معي ومع أخي ضيف الله على أن المد الفرعي في زماننا مبالغ فيه إذا ما قيس بالمد الأصلي؟
يعني إذا مددنا: {قال رب} مدا طبيعيا، وأردنا أن نوسط: {جاء} كان المفترض أن نأتي فيها بمثلي ما أتينا في {قال رب}، لكن هل هذا هو الواقع القرائي؟
أريد جوابا صريحا (ابتسامة).​
 
أشكر الإخوة الفضلاء المشايخ: رضوان الجزائري، وأحمد نجاح، ومحمد ايت عمران على ما تفضلوا به من المشاركة والتعليق.
ما طرحه الأخ الأستاذ أحمد نجاح مسألة أخرى، سأناقشها لاحقا -إن شاء الله-، وهي ما يتعلق بتناسب المد مع مرتبة القراءة، ولم أكن غافلاً عنها في طرحي لهذا الإشكال.
 
أشكر أخي/ ضيف الله على طرحه لهذه المسألة.
قد يقول قائل: ما يتعلق بالأداء إنما يؤخذ بالتلقي, فالقراءة سنة عمن سلف, فلا حجة لنا أمام ربنا في قراءتنا بهذه الكيفية إلا أننا تلقينها هكذا من مشايخنا.
ولعل هذا القائل يقول: إذا أردنا أن نناقش هذه المسألة فلابد من طرح سؤال مهم, هل يوجد طريق مقدم على طريق التلقي من المشايخ في معرفة مثل ذلك؟
هل لو نظر الإنسان في كتب الدراية فوجد القراءة التي يقرأ بها الآن مخالفة لما فيها بظنه, هل يحكم أن هذا خطأ وأن الواجب تغييره؟.
وهل ادعى أحد من العلماء السابقين في أحكام المد خاصة أنها تضبط بالدراية وأن لها حدا معينا كي نحاكم من يخالف ذلك؟
وهل يجب على من يريد ذلك أن يتتبع علماء القراءة في الأمصار الإسلامية ليرى ما الذي عليه العمل فيها؟
هذه تساؤلات فقط, نرجو الإجابة عليها.
 
أشكر أخي/ ضيف الله على طرحه لهذه المسألة.
قد يقول قائل: ما يتعلق بالأداء إنما يؤخذ بالتلقي, فالقراءة سنة عمن سلف, فلا حجة لنا أمام ربنا في قراءتنا بهذه الكيفية إلا أننا تلقينها هكذا من مشايخنا.
ولعل هذا القائل يقول: إذا أردنا أن نناقش هذه المسألة فلابد من طرح سؤال مهم, هل يوجد طريق مقدم على طريق التلقي من المشايخ في معرفة مثل ذلك؟
هل لو نظر الإنسان في كتب الدراية فوجد القراءة التي يقرأ بها الآن مخالفة لما فيها بظنه, هل يحكم أن هذا خطأ وأن الواجب تغييره؟.
وهل ادعى أحد من العلماء السابقين في أحكام المد خاصة أنها تضبط بالدراية وأن لها حدا معينا كي نحاكم من يخالف ذلك؟
وهل يجب على من يريد ذلك أن يتتبع علماء القراءة في الأمصار الإسلامية ليرى ما الذي عليه العمل فيها؟
هذه تساؤلات فقط, نرجو الإجابة عليها.
السلام عليكم
شيخنا الكريم دعني ألخص لك الأمر في نقاط وهي محاولة :
*المشافهة أصل أصيل في مسائل الأداء ، والنصوص متوفرة في ذلك سواء في باب المخارج والصفات أو في باب المدود أو غيرهما .
*الدراية يكون الرجوع إليها في حالة اختلاف القراء والشرط أن يكون الخلاف معتبرا وليس انفرادا .
هاتان النقطتان في مكانة المشافهة ، ومكانة الدراية .
أما ضبط المدود أراه من ضرب الخيال ، وهناك تسامح بين العلماء في هذه المسألة خاصة .
فالشاطبي مثلا أخذ بالتوسط وترك فويق التوسط لأنه لا ينضبط على حد قوله .
وابن الجزري أنزل رتبة الإشباع إلى التوسط ، وكذا فويق التوسط إلى التوسط ، وفويق القصر إلي القصر ، مع إقراره بقضية تفاوت المدود .
وهذه الأمور تبين لنا أن باب المدود مما تُحكمه المشافهة مهما قال القائل . والله أعلم
والسلام عليكم
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا موضوع مهم يُشكر عليه الشيخ ضيف الله الشمراني.
مما لفت نظري : أن ابن الناظم في شرح الطيبة قال عن الإشباع: ((والطول عبارة عن إشباع المد من غير إفراط، وهو أعلى المراتب وهو مما تُحكمه المشافهة، وقدَّره بعضُهم بخمس ألفات)).
وقال عن التوسط: ((هو مرتبة دون مرتبة الإشباع المتقدم وفوق القصر كما يُعرف بالمشافهة، وقُدِّر بثلاث ألفاتٍ)).
وابن الناظم حين حدَّد الإشباع بخمس ألفات (10حركات)، و التوسط بثلاث ألفات (6حركات) يختار أحد الأقوال التي حكاها أبوه الإمام ابن الجزري في النشر.
واقتصاره عليه في الشرح يفيد ترجيحه على ما عداه.
وهذا المقدار النظري الذي حدده ابن الناظم هو أقرب ما يكون للمقدار الزمني للمدود عند أكثر قراء عصرنا.
وبناءً على ذلك فمراجعة المقدار العلمي النظري للمدود لا يقل أهمية عن مراجعة المقدار الزمني العملي للمدود، إن لم يكن أولى منه.
على الأقل : لا يُقطع في التدريس النظري للتجويد بأن مقدار التوسط: 4 حركات ، ومقدار الإشباع: 6 حركات، بل لا بد من إضافة كلمة تقريبًا. أو : كما حكاه بعضهم أو قدَّره بعضهم ، ومع ذلك قالوا: تُحكمه المشافهة.
والله أعلم
 
إذا صممنا على أن مقدار التوسط ألفان (4 حركات) ، ومقدار الإشباع ثلاث ألفات (ست ألفات)
فهل نقر بأن لفظنا بالمد في (جاء) مثل: (قالا). و(الحاقة) مثل: (نوحيها)؟!
لا مناص إذن من التسليم بأن الأقرب لتحديد المقدار الزمني لما نقرأ به اليوم: هو
تحديد ابن الناظم : التوسط (3ألفات) ، والإشباع (5ألفات).
والله أعلم
 
أشكر أخي/ ضيف الله على طرحه لهذه المسألة.
قد يقول قائل: ما يتعلق بالأداء إنما يؤخذ بالتلقي, فالقراءة سنة عمن سلف, فلا حجة لنا أمام ربنا في قراءتنا بهذه الكيفية إلا أننا تلقينها هكذا من مشايخنا.
ولعل هذا القائل يقول: إذا أردنا أن نناقش هذه المسألة فلابد من طرح سؤال مهم, هل يوجد طريق مقدم على طريق التلقي من المشايخ في معرفة مثل ذلك؟
هل لو نظر الإنسان في كتب الدراية فوجد القراءة التي يقرأ بها الآن مخالفة لما فيها بظنه, هل يحكم أن هذا خطأ وأن الواجب تغييره؟.
وهل ادعى أحد من العلماء السابقين في أحكام المد خاصة أنها تضبط بالدراية وأن لها حدا معينا كي نحاكم من يخالف ذلك؟
وهل يجب على من يريد ذلك أن يتتبع علماء القراءة في الأمصار الإسلامية ليرى ما الذي عليه العمل فيها؟
هذه تساؤلات فقط, نرجو الإجابة عليها.
أخي الكريم: تساؤلات جميلة، ولكن أرى أنها بحاجة لأن تُطرَح في موضوعات مستقلة؛ حتى لا يتشعّب الحديث، ونخرج عن الإشكال الذي كُتب هذا الموضوع من أجله.
الذي أريده يا شيخ عمرو بيان سبب التفاوت الكبير -عند قراء العصر-في مقدار التوسط والإشباع مقارنةً بالقصر.
أنت أمام خيارين:
الأول: أن تقرَّ بكونه إشكالاً، ثم تجيب عنه إجابة شافية، أو تتوقّف في الإجابة.
الثاني: أن تثبت عدم إشكاليته بالدليل الصريح، والبرهان الساطع.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا موضوع مهم يُشكر عليه الشيخ ضيف الله الشمراني.
مما لفت نظري : أن ابن الناظم في شرح الطيبة قال عن الإشباع: ((والطول عبارة عن إشباع المد من غير إفراط، وهو أعلى المراتب وهو مما تُحكمه المشافهة، وقدَّره بعضُهم بخمس ألفات)).
وقال عن التوسط: ((هو مرتبة دون مرتبة الإشباع المتقدم وفوق القصر كما يُعرف بالمشافهة، وقُدِّر بثلاث ألفاتٍ)).
وابن الناظم حين حدَّد الإشباع بخمس ألفات (10حركات)، و التوسط بثلاث ألفات (6حركات) يختار أحد الأقوال التي حكاها أبوه الإمام ابن الجزري في النشر.
واقتصاره عليه في الشرح يفيد ترجيحه على ما عداه.
وهذا المقدار النظري الذي حدده ابن الناظم هو أقرب ما يكون للمقدار الزمني للمدود عند أكثر قراء عصرنا.
وبناءً على ذلك فمراجعة المقدار العلمي النظري للمدود لا يقل أهمية عن مراجعة المقدار الزمني العملي للمدود، إن لم يكن أولى منه.
على الأقل : لا يُقطع في التدريس النظري للتجويد بأن مقدار التوسط: 4 حركات ، ومقدار الإشباع: 6 حركات، بل لا بد من إضافة كلمة تقريبًا. أو : كما حكاه بعضهم أو قدَّره بعضهم ، ومع ذلك قالوا: تُحكمه المشافهة.
والله أعلم
جزاكم الله خيرًا شيخنا الكريم على المشاركة والإثراء لهذا النقاش.
ما ذكرتموه عن ابن الناظم -رحمه الله- = حسنٌ جدًا، لكن يُشكِلُ عليه أن قراء العصر لا يُقرّون به، ودليل ذلك أن أحدهم لو سُئل عن مقادير المدود لذكر أنها حركتان، وأربع، وست، فهذه المقادير هي التي جرى عليها اختيارهم النظري، أما من الناحية العملية فإنهم يخالفون ذلك على ضوء ما بيّنتُه سابقًا
إذا صممنا على أن مقدار التوسط ألفان (4 حركات) ، ومقدار الإشباع ثلاث ألفات (ست ألفات)
فهل نقر بأن لفظنا بالمد في (جاء) مثل: (قالا). و(الحاقة) مثل: (نوحيها)؟!
لا مناص إذن من التسليم بأن الأقرب لتحديد المقدار الزمني لما نقرأ به اليوم: هو
تحديد ابن الناظم : التوسط (3ألفات) ، والإشباع (5ألفات).
والله أعلم
شيخنا الفاضل: ليست المسألة (تصميمًا) بقدر ما هي إشكال يَرِد على القراء المعاصرين في ضوء ما أصّلوه من مقادير المدود، فإما أن يقرّوا بهذا الإشكال، ويسعوا في حلّه، أو يحدّدوا مقادير للمدود تناسب ما يُقرِئون به، والله أعلم.
 
خُلاصة ما أريد التوصّل إليه: أن تتمَّ مراجعة المقدار الصوتي لمدّ التوسط، والإشباع بالمقارنة مع زمن القصر،

الذي أعرفه أن الألف عبارة عن فتحتين ، الأولى استهلكها الحرف السابق له ، والثانية هي زمن حرف المد ، ويفهم من ذلك أن حرف المد( المد الطبيعي ) زمنه حركة واحدة تحقيقا ، وإنما قالوا: إن زمن حرف المد حركتان ؛ لأنه لا يمكنه القيام بنفسه؛ لاحتياجه إلى حركة قبله ، فلما كان وجود حركة قبله أمرا لازما نسبوها إليه .


جاء في الثغر الباسم : " فإن قيل : ما مقدار الألف ؟ فقل : هو أن تمد صوتك بقدر النطق بحركتين ، إحداهما حركة الحرف الذي قبل حرف المد ، والأخرى هي حرف المد ، مثاله : بَ بَ فحركة الباء الأولى هي حركة الحرف الذي قبل حرف المد ، والثانية مقدار حرف المد ".
وعليه فإن زمن المد الطبيعي الذي هو بقدر ألف حركة واحدة تحقيقا ، أما التوسط فيتكون من ألفين :
الألف الأولى هي المد الطبيعي ، وقدره حركة واحدة كما مر + حركة الحرف السابق له .
الألف الثانية : حركتان كاملتان ؛ إذ ليس هناك حرف سابق لهذه الألف حتى يستهلك حركته الأولى ، وعليه فإن الألف الثانية ضعف الأولى ( المد الطبيعي ) ، ونفس الكلام يقال مع الطول : الألفان الثاني والثالث أربع أضعاف الأولى ( المد الطبيعي ) ، فلابد من اعتبار هذا حال المقارنة ، وهذا فهمي ، خطؤه أكثر من صوابه ، والله أعلم .
وقد ذكر المسعدي رحمه الله في شرحه قريبا من هذا الكلام ، فقال إن مقدار التوسط ألف ونصف بناء على استهلاك الحرف السابق للألف الأولى لحركة الألف ، وقال كذلك : إن الطول ألفان ونصف بناء على ما تقرر ، وأعتذر عن عدم نقل كلام المسعدي ؛ إذ الكتاب ليس بين يدي .
والسلام عليكم .
 
اشتدي أزمة تنفرجي؟

اشتدي أزمة تنفرجي؟

سلام عليكم حياكم الله، وجزى الله خيرا أخي الشيخ أحمد على هذا التفصيل، والبيان، وهو مع فائدته، قد زاد الأمر إشكالا، والأزمة شدة، إذ فيه دلائل واضحة على مبالغة بعض القراء في أمر المد، وتساهلهم فيه.
فإن قيل أمر القراءة مرده إلى المشافهة والتلقي من الأفواه؟
يقال: إنه لأمر صحيح واضح، فهو الأصل في تلقي علم القراءات والتجويد، إلا أن بعض المباحث يمكن ضبطها بالكلمات والسطور في المؤلفات، كهذا المبحث الذي نحن بصدده، فكان الأصل أن يتفق المسطور في كتب التجويد والقراءات، مع التلقي والمشافهة، وإلا لكان ثمة تغير في أحد الأمرين.
في حين أن بعض المباحث قد لا يمكن ضبطها بدقة كتابةً، ولا سبيل إليها إلا مشافهة، كالتسهيل بين بين مثلا.
هذا على فرض بقاء التلقي سليما من الدخيل، وإلا فالظاهر أنه دخله شيء من المسامحات الغير مقبولة، وإلا فكيف نفسر الأمور المتعارضة، ودليلها جميعا التلقي والمشافهة.
فالذي يظهر لي والله أعلم أنه قد وقع في المد المزيدي (أي الزائد على الطبيعي = الزائد على الحركتين) بعض الزيادة والمسامحة، ساعد على ذلك عدم تغير المعنى، وكونه أقرب إلى سهولة التغني والتزيين للتلاوة، والله أعلم
 
العِلاقةُ المنطِقِيَّة .. بين الحروف الهجائية والأحكام التَّجويديَّة ..​

إنَّ أحكام التَّجويد لباسُ زينةٍ يَكْسُو حروف الهجاء، فهي تتشكل بشكلها، وتتصوَّر بهيئتها، كما تتأثَّر الأحكامُ بما يدخل على الحروف من العوارض الصَّوتيَّة، ولأنَّ الكلام مخصوصٌ بحكم المدِّ، فسأقصر الكلام عليه.
وتحاشياً للتَّطويل، وبعداً عن حشد الذِّهن بالأقاويل، سأذكر النتائجَ المبنيَّةَ على المقدِّمات دون تفصيل. والضَّابط العامُّ فيه هو: ميزانُ القراءة، فتكون القاعدةُ التَّالية:

(ميزانُ المدِّ يتناسبُ طرداً مع ميزانِ القراءة)​

فيَنْطَوي متى ما طُويت، ويَنْبَسِطُ متى ما بُسطت، ومقاديرُ المدِّ عند المجوِّدين وتحديدُها بقياساتٍ حسِّيَّةٍ، هي لتقريب الأحكام إلى ذهن المتعلم المبتدئ حتى يضبط، ثم يجاوزُ هذه المرحلةَ إلى السَّجِيَّة بعد الدُّربة، وحصولِ الملَكَة والذَّوق.
وتظلُّ المقاديرُ والمعاييرُ الحسِّيَّةُ على ما هي عليه، فعدد الحركات (أو الألفات) في نوع المدِّ المبسوطِ مع القراءة، هو عدد الحركات في نفس النَّوع المطويِّ مع القراءة، إلا أنَّها تُطوى مع طيِّ القراءة، وتُبسطُ مع بسطها، وهكذا ندرك العلاقة المنطقية بين الحروف الهجائية والأحكامِ التَّجويديَّة التي تَكْسُوها.
وهذا ما علمه لنا بعض أشياخنا فيما أذكر عام 1413هـ ، أي قبل عشرين عاماً من تاريخ تحرير هذه الأسطر، لمَّا قرأ أحد الطُّلاب أوَّلَ سورة الشورى (حم عسق) فمدَّها مدَّاً طويلاً متأنِّيَاً، ثم قرأ (كذلك يوحي...) أقربَ إلى الحدر، فعلق الشيخ على قراءته، وأن هذا غيرُ مُتناسب، فسألته: هل تصيرُ الحركاتُ السِّتُّ في القراءة المبسوطة، أربعَ حركاتٍ مثلاً في قراءة الحدر؟! فأجابَ أنها كما هيَ، إلا أنها تُطوى وتُبسط!
ولو حرَّرْنا هذه العلاقةَ المنطِقِيَّة بالآلة الحديثة، لوجدنا عند تسجيل ملف صوتيّ، أنه يمكننا بالخصائص الرقميَّة، تسريعُ القراءة أو بسطُها دونَ وفوقَ الهيئة الأولى التي أُدخلت بها، وسيظهر لنا من خلالِ هذا التَّأثير تَكَيُّفُ الأحكام مع الحروف، وهو واضح للمتأمِّل .. !
وأما من حيث التَّفاوت بين أنواع المدود: القصر، والتَّوسُّط، والإشباع (الطُّول)، ومقارنة أزمنة مقدارها، فهي مراحلُ مُتتابعةٌ ومُتتالية، والتَّقدير فيها اصطلاح، ولا يلزمُ أن يكون (التَّوسُّط) مثلاً ضعفَ (القصر)، و(الإشباع) ضعفيه، أو (التَّوسُّط) يعادلُ ثلثي (الإشباع).
فقد قيل في (الإشباع): "وحمزةُ وورشٌ يمُدَّان مدَّاً تامَّاً، وحمزةُ أطولهما مدَّاً" فتأمَّل.. !
وقيل في (التَّوسُّط): "ودونهم (أي : دون أصحاب الإشباع) عاصمٌ، ودونَه ابنُ عامر والكسائي" فتأمل..!
والقصر: ما تُخرجه الطَّبيعةُ من المدِّ في حُروفه بالمقدارِ الَّذي لا يُوصَل إلى النُّطق بهنَّ إلَّا به. وهو معلومُ الحال، ولا يختلف القُرَّاء في أدائه.
إذاً فما النِّسبةُ بين توسُّط عاصمٍ، وطولِ ورش؟ وما النِّسبةُ بين توسُّطِ ابن عامرٍ والقصر؟
ولرُبَّما وجدنا المدَّ بالمقادير الحسِّيَّة خرَج نصفَ ألِفٍ، أو نصفَ حرَكَةٍ، عن حدِّه المقدَّر، فما هو محلُّ هذا النِّصف الَّذي جاء بين حواجز التَّقْنِين ؟!
إنَّ الاصطلاح وُضع في غالب أحواله وأوَّلِ مقصودِه لِلتَّقريب، لا لِلتَّحْجِير والتَّحْدِيد.
إذا عُلم هذا، فالضَّابطُ في هذه المسألة الفرعيَّة:
(اطِّرادُ ميزانِ المدِّ في نَظِيرِه)​
وتُلغى الحواجزُ الوهميَّة، بعد الدُّربةِ والسَّجيَّة.
وهناك مسائلُ أخرُ، تتفرَّع عن هذه القاعدة، ليست هذه اللِّفافة محلَّ بسطها، فلم أعزُ إلى كتاب، ولا أوردت مذاهب، ولعل الله أن يُيَسِّر لهذه العِلاقة التَّمام.
وما ذكرتُه موافقٌ للرِّواية، معضودٌ بالدِّراية، متَّفِقٌ مع النَّظر والتَّأمُّل. ونصوصُ المتقدِّمين من أهل العلم بهذا الشَّأن مبثوثةٌ في تصانيفهم، وتشير إلى هذه الضَّوابط.
لكني أحببتُ في هذه العجالةِ طرحَ الخُلاصة .. بإشارةٍ موجزةٍ ولو كان بها خَصاصة ..​
 
فضيلة الشيخ الكريم: عبد الهادي أبو زيد: أرحِّب بك في أولى مشاركاتك في "ملتقى أهل التفسير"، وأرجو أن تتحفنا بما لديك من "جوهر مكنون"، و"لب مصون"، آملاً منك أن يكون بسط هذه المشاركة في موضوع مستقل؛ ليكون فيه "إرواء الغليل" و"شفاء العليل".
 
عودة
أعلى