إشراقات قرآنية

أبو باسم

New member
إنضم
16/04/2008
المشاركات
21
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
ما جلس امرؤا إلى القرآن الكريم يتلوه ويتأمله, ويتملى بلاغته وإعجازه، إلا وأحس أنه في جو مزيج من مهابة تبعث الإيمان, وسعادة تمنح السكينة, ونور يضيء جوانب النفس بالعلم الصحيح, والإقناع البليغ, والإمتاع المعجز, كيف لا وهو كنز لاتفنى عجائبه, وبحر لا تحتجب جواهره.
قد تأثر به البشر وغير البشر على اختلاف مللهم ونحلهم وإليك بعض إشراقاته وهداياته :

1- إن الله تكفل بحفظه بخلاف بقية الكتب:
قال يحيى بن أكثم : كان للمأمون - وهو أمير إذ ذاك - مجلس نظر، فدخل في جملة الناس رجل يهودى حسن الثوب حسن الوجه طيب الرائحة، قال: فتكلم فأحسن الكلام والعبارة، قال: فلما أن تقوض المجلس دعاه المأمون فقال له: إسرائيلى ؟ قال نعم.
قال له: أسلم حتى أفعل بك وأصنع، ووعده. فقال: دينى ودين آبائى ! وانصرف.
قال: فلما كان بعد سنة جاءنا مسلما، قال: فتكلم على الفقه فأحسن الكلام، فلما تقوض المجلس دعاه المأمون وقال: ألست صاحبنا بالأمس ؟ قال له: بلى.
قال: فما كان سبب إسلامك ؟ قال: انصرفت من حضرتك فأحببت أن أمتحن هذه الأديان، وأنت مع ما تراني حسن الخط، فعمدت إلى التوراة فكتبت ثلاث نسخ فزدت فيها ونقصت، وأدخلتها الكنيسة فاشتريت منى، وعمدت إلى الإنجيل فكتبت ثلاث نسخ فزدت فيها ونقصت، وأدخلتها البيعة فاشتريت منى، وعمدت إلى القرآن فعملت ثلاث نسخ وزدت فيها ونقصت، وأدخلتها الوراقين فتصفحوها، فلما أن وجدوا فيها الزيادة والنقصان رموا بها فلم يشتروها، فعلمت أن هذا كتاب محفوظ، فكان هذا سبب إسلامى.
قال يحيى بن أكثم: فحججت تلك السنة فلقيت سفيان بن عيينة فذكرت له الخبر فقال لى: مصداق هذا في كتاب الله عز وجل.
قال قلت: في أي موضع ؟ قال: في قول الله تبارك وتعالى في التوراة والإنجيل: " بما استحفظوا من كتاب الله "، فجعل حفظه إليهم فضاع، وقال عز وجل: " إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون " فحفظه الله عز وجل علينا فلم يضع.

2-القرآن يخرس بلغاء العرب ويفحم فصاحتهم :
أورد الإمام محمد بن إسحاق بن يسار في كتاب السيرة:
عن محمد بن كعب القُرَظي قال: حُدِّثْتُ أن عتبة بن ربيعة -وكان سيدا-قال يوما وهو جالس في نادي قريش، ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في المسجد وحده: يا معشر قريش ألا أقوم إلى محمد فأكلمه وأعرض عليه أمورا لعله يقبل بعضها، فنعطيه أيَّها شاء ويكف عنا؟ وذلك حين أسلم حمزة، ورأوا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيدون ويكثرون، فقالوا: بلى يا أبا الوليد، فقم إليه فكلمه .فقام إليه عتبة حتى جلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا ابن أخي، إنك منا حيث قد علمت من السِّطَة في العشيرة، والمكان في النسب، وإنك قد أتيت قومك بأمر عظيم، فرقت به جماعتهم، وسفهت به أحلامهم، وعبت به آلهتهم ودينهم، وكفرت به من مضى من آبائهم، فاسمع مني أعرض عليك أمورا تنظر فيها لعلك تقبل منا بعضها. قال: فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قل يا أبا الوليد، أسمع". قال: يا ابن أخي، إن كنت إنما تريدُ بما جئتَ به من هذا الأمر مالا جمعنا لك من أموالنا حتى تكون من أكثرنا أموالا . وإن كنت تريد به شرفا سودناك علينا، حتى لا نقطع أمرًا دونك. وإن كنت تريد به ملكا ملكناك علينا. وإن كان هذا الذي يأتيك رَئِيّا تراه لا تستطيع رده عن نفسك، طلبنا لك الطب، وبذلنا فيه أموالنا حتى نبرئك منه، فإنه ربما غلب التابع على الرجل حتى يُدَاوَى منه -أو كما قال له-حتى إذا فرغ عتبة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يستمع منه قال: "أفرغت يا أبا الوليد؟" قال: نعم . قال: "فاستمع مني" قال: أفعل. قال: { بسم الله الرحمن الرحيم . حم. تَنزيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ . كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ . بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ } ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها يقرؤها عليه. فلما سمع عتبة أنصت لها وألقى يديه خلف ظهره معتمدا عليهما يسمع منه، ثم انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السجدة منها، فسجد ثم قال: "قد سمعت يا أبا الوليد ما سمعت، فأنت وذاك فقام عتبة إلى أصحابه، فقال بعضهم لبعض: أقسم -يحلف بالله-لقد جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب به. فلما جلس إليهم قالوا: ما وراءك يا أبا الوليد؟ قال: ورائي أني قد سمعت قولا والله ما سمعت مثله قط، والله ما هو بالسحر ولا بالشعر ولا بالكهانة. يا معشر قريش، أطيعوني واجعلوها لي، خلوا بين الرجل وبين ما هو فيه فاعتزلوه، فوالله ليكونَنَّ لقوله الذي سمعت نبأ، فإن تصبه العرب فقد كفيتموه بغيركم، وإن يظهر على العرب فمُلْكُهُ ملككم، وعزه عزكم، وكنتم أسعد الناس به. قالوا: سحرك والله يا أبا الوليد بلسانه! قال: هذا رأيي فيه، فاصنعوا ما بدا لكم .

* عن ابن عباس قال: دخل الوليد بن المغيرة على أبي بكر بن أبي قحافة فسأله عن القرآن، فلما أخبره خرج على قريش فقال: يا عجبا لما يقول ابن أبي كبشة. فوالله ما هو بشعر ولا بسحر ولا بهذْي من الجنون، وإن قوله لمن كلام الله.
وإن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر, وإن أسفله لمغدق, وإنه ليعلو وما يعلى.
* حكى الأصمعي قال سمعت جارية أعرابية تنشد وتقول:
أستغفر الله لذنبي كله * * قبلت إنسانا بغير حله
مثل الغزال ناعما في دله * * فانتصف الليل ولم أصله
فقلت: قاتلك الله ما أفصحك ! فقالت: ويحك أو يعد هذا فصاحة مع قوله تعالى: " وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه ....." الآية، فجمع في آية واحدة بين أمرين ونهيين وخبرين وبشارتين.
فانظر رعاك الله كيف أدركت هذه الجارية سراً من أسرار وإعجازهذا القرآن العظيم .


3-القرآن يصل إلى قلوب الأعاجم ويحرك أشجانهم :
قال أحد الدعاة المشهورين رحمه الله :
إن الأداء القرآني يمتاز ويتميز من الأداء البشري . . إن له سلطاناً عجيباً على القلوب ليس للأداء البشري؛ حتى ليبلغ أحياناً أن يؤثر بتلاوته المجردة على الذين لا يعرفون من العربية حرفاً . .
أذكر حادثاً وقع لي وكان عليه معي شهود ستة ، وذلك منذ حوالي خمسة عشر عاماً . . كنا ستة نفر من المنتسبين إلى الإسلام على ظهر سفينة مصرية تمخر بنا عباب المحيط الأطلسي إلى نيويورك؛ من بين عشرين ومائة راكب وراكبة أجانب ليس فيهم مسلم . . وخطر لنا أن نقيم صلاة الجمعة في المحيط على ظهر السفينة! والله يعلم - أنه لم يكن بنا أن نقيم الصلاة ذاتها أكثر مما كان بنا حماسة دينية إزاء مبشر كان يزاول عمله على ظهر السفينة؛ وحاول أن يزاول تبشيره معنا! . . وقد يسر لنا قائد السفينة - وكان إنجليزياً - أن نقيم صلاتنا؛ وسمح لبحارة السفينة وطهاتها وخدمها - وكلهم نوبيون مسلمون - أن يصلي منهم معنا من لا يكون في « الخدمة » وقت الصلاة! وقد فرحوا بهذا فرحاً شديداً ، إذ كانت المرة الأولى التي تقام فيها صلاة الجمعة على ظهر السفينة . . وقمت بخطبة الجمعة وإمامة الصلاة؛ والركاب الأجانب - معظمهم - متحلقون يرقبون صلاتنا! . . وبعد الصلاة جاءنا كثيرون منهم يهنئوننا على نجاح « القدَّاس!!! فقد كان هذا أقصى ما يفهمونه من صلاتنا! ولكن سيدة من هذا الحشد - عرفنا فيما بعد أنها يوغسلافية مسيحية هاربة من جحيم » تيتو « وشيوعيته! - كانت شديدة التأثر والانفعال ، تفيض عيناها بالدمع ولا تتمالك مشاعرها . جاءت تشد على أيدينا بحرارة؛ وتقول : - في إنجليزية ضعيفة - إنها لا تملك نفسها من التأثر العميق بصلاتنا هذه وما فيها من خشوع ونظام وروح! . . وليس هذا موضع الشاهد في القصة . . ولكن ذلك كان في قولها : أي لغة هذه التي كان يتحدث بها » قسيسكم «! فالمسكينة لا تتصور أن يقيم » الصلاة « إلا قسيس - أو رجل دين - كما هو الحال عندها في مسيحية الكنيسة! وقد صححنا لها هذا الفهم! . . وأجبناها : فقالت : إن اللغة التي يتحدث بها ذات إيقاع موسيقي عجيب ، وإن كنت لم أفهم منها حرفاً . . ثم كانت المفاجأة الحقيقية لنا وهي تقول : ولكن هذا ليس الموضوع الذي أريد أن أسأل عنه . . إن الموضوع الذي لفت حسي ، هو أن » الإمام « كانت ترد في أثناء كلامه - بهذه اللغة الموسيقية - فقرات من نوع آخر غير بقية كلامه! نوع أكثر موسيقية وأعمق إيقاعاً . . هذه الفقرات الخاصة كانت تحدث في رعشة وقشعريرة! إنها شيء آخر! كما لو كان - الإمام - مملوءاً من الروح القدس! - حسب تعبيرها المستمد من مسيحيتها! - وتفكرنا قليلاً . ثم أدركنا أنها تعني الآيات القرآنية التي وردت في أثناء خطبة الجمعة وفي أثناء الصلاة! وكانت - مع ذلك - مفاجأة لنا تدعو إلى الدهشة ، من سيدة لا تفهم مما تقول شيئاً!
هذه الحادثة - وأمثالها مما ذكره غير واحد - ذو دلالة على أن في هذا القرآن سرّاً آخر تلتقطه بعض القلوب لمجرد تلاوته .

4-الجن يستمعون القرآن فيؤمنوا :
بعد أن منع الله الجن وحيل بينهم وبين خبر السماء, وأرسلت إليهم الشهب, ضربوا مشارق الأرض ومغاربها, يبتغون هذا الذي حال بينهم وبين خبر السماء, فانصرف نفر منهم نحو وادي نخلة بتهامة, وإذا بهم يسمعون رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ القرآن بصوت شجي, فقالوا هذا الذي منعكم خبر السماء. فاستمعوا له وأعجبوا به أشد العجب, وأدهشوا بعظمته وحلو بيانه, فكان سبباً في إيمانهم بل رجعوا إلى قومهم داعين ومنذرين لهم قالوا : (( إنا سمعنا قرآنا عجبا )) ولم يقولوا عجيباً بل هو العجب ذاته. وقالوا: (( يا قومنا أجيبوا داعي الله ))
 
نعم انها اشراقات مضيئة ونحن في انتظار المزيد فجزاك الله خيرا
وقد سبق الي ذكر الأولي بألفاظ مختلفة وبيان مصدرها الدكتور الجكني حفظه الله تحت عنوان "فائدة من كتاب"
 
عودة
أعلى