إذا فقد أحدنا شيئا فهل إذا يئس أن يجده صار يائسا من روح الله وصار من الكافرين؟

أخوكم

New member
إنضم
19/06/2003
المشاركات
141
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
هذا الأمر يحصل كثيرا في الواقع
فعندما تنزل مصيبة على شخص ما كأن تسرق أمواله مثلا
فيبحث عنها في كل مكان ويبذل قصارى جهده
فإذا وصل لمرحلة اليأس منها انبعث له البعض قائلين له :
لا تيأس من روح الله فـــــــ ( إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ )


فهل استدلالهم صحيح ؟
 
أخونا بارك الله فيك:

يظهر لي- والله أعلم - أنه لا تلازم بين النوعين من اليأس:
-اليأس من العثور على الشيء المفقود-وما شابهه- هو من قبيل الأمور العادية...والجبلية.
-اليأس من روح الله من الأعمال القلبية المتعلقة بالدين والإيمان.


-اليأس من النوع الأول يكون بسبب عوامل خارجية طبيعية مثل تزايد احتمال سرقة الشيء أو انكساره أو تلفه ....
-اليأس من النوع الثاني مرده إلى القلب وحده ولشيخ الاسلام تحليل عميق لهذا الشعور .قال ابن القيم في المدارج: سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقول : حد الخوف ما حجزك عن معاصي الله فما زاد على ذلك : فهو غير محتاج إليه وهذا الخوف الموقع في الإياس.
اليأس إذن هو الافراط في الخوف.....وهذا مثال جيد لتطبيق قاعدة انقلاب الشيء إلى ضده عندما يزيد عن حده....فالخوف الذي هو أحد جناحي الايمان يمسي مطية للكفر إن زاد عن الحد المشروع...

وقد يستدل على أن اليأس العادي لا شيء فيه بما رواه مسلم من حديث انس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه فأيس منها فأتى شجرة فاضطجع في ظلها قد أيس من راحلته فبينا هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح اللهم أنت عبدي وأنا ربك أخطأ من شدة الفرح.

وجه الاستدلال أنه لا يتصور أن يضرب الرسول صلى الله عليه وسلم مثل السوء ....
 
الأخ الفاضل عدنان البحيصي
جزاكَ رب العرش خير الجزاء
جوابك هو جوابي بل أخاله جواب الكثير من المسلمين إن لم يكن الجمعُ كلهم

ولكن
إن كان فعلا استدلال البعض بالآية خاطئا... فربما أوردوا علينا الإيراد التالي:
لماذا خاطئا .... وإسرائيل _يعقوب_ عليه السلام وأبناؤه فقدوا شيئا ... _يوسف وأخاه_
فإن كان اليأس من الحصول على الشيء المفقود يأسا جائزا
فلماذا جعله النبي يعقوب عليه السلام من اليأس المحرم ؟
بل من الكفر !!!؟ _يَابَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ _

------

الأخ (أبو عبد المعز) أعزه الله ونفعنا بدرر فوائده
كما اتفقتُ مع أخي عدنان فإني أتفق معك على وجود اليأس الجائز
بل أثناء بحثي وجدت أن اليأس ينقسم إلى ثلاثة أقسام :
جائز ومحرم وواجب .. وسأوردها إن شاء الله بعد الفراغ من أفضل جواب عن آية سورة يوسف عليه السلام


وقلتَ _نور الله لك دنياك وأخراك_ :
( .. لا تلازم بين النوعين .. )
وهنا إشكال بارك الله فيك
فحتى وإن قلنا: أحدهما ظاهري والآخر قلبي
فالتلازم بينهما ظاهرٌ !

لأن الرجل الذي سـُــرقت أمواله .. هو بين احتمالين "يلزمه" أحدهما
إما أن ييأس منها
أو
لا ييأس منها

إذن فهناك تلازم بين النوعين

وكذلك في الآية .. فيعقوب عليه السلام لازمَ بين فقده ليوسف ( وهو أمر عادي وجبلي وله عوامله الخارجية وتزايد احتمالاته ..الخ )
وبين اليأس من العثور على يوسف
حتى جعل ذلك من ضمن اليأس من روح الله وأنه كفر !

فهل تجدَ أو يجدَ أحد الإخوة الفضلاء هنا جوابا مناسبا لهذه الآية :

يَابَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ
(سورة يوسف:87)

؟
 
أخونا..غفر الله لك وأمنك من كل خوف.
قصدت بعدم التلازم: إمكان وقوع اليأس العادي مع عدم حصول الكفر أو ما يؤدي إليه.....ولا أعني شيئا آخر.
وهذا القدر (جواب الكثير من المسلمين إن لم يكن الجمعُ كلهم-حسب تعبيرك-)
ثم إن كون بعض اليأس من العادات يدخله تحت الأحكام الخمسة كما هو معروف....وقد أشرت إلى ثلاثة أقسام :
جائز ومحرم وواجب .....ونظريا يمكن أن نجد قسمين آخرين:المندوب والمكروه.......أقول نظريا وإلا فالاستقراء هو الفيصل.....

بقي من الاشكال ما جاء في الآية الكريمة على لسان يعقوب عليه السلام:

يَابَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ.
هنا لا بد من تفصيل:
-ثمة يأس من العثور على يوسف وأخيه.
-ثمة يأس من روح الله.
وجاء المعنيان على نسق "الوصل البلاغي" أي العطف بحرف الواو ولهذا الوصل أهمية دلالية كبرى:فهو ينبه إلى أن الجملة المعطوفة:
1-ليست متماهية مع المعطوف عليها
2- وفي الوقت ذاته ليست أجنبية عنها....
.توضيح الأول أن عطف الشيء على نفسه غير معقول...فلا بد أن يكون هناك فرق بين محتوى الأمر- فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ- وبين محتوى النهي- وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ.
توضيح الثاني: أن تجاور المعنيين ووصلهما يقتضي وجود علاقة ما وبدونها يكون العطف ممنوعا...فلا يقال :(صلاة الجمعة واجبة والمتنبي شاعر فحل.)فلا علاقة وبالتالي لا يجوز العطف.
هذا الملحظ البلاغي التداولي قد يفيد لإزالة الإشكال:
فيقال:
ذكر الإمام الشاطبي أن العادة لا تخلو من شائبة التعبد...
وهي قاعدة جليلة جدا جدا.......
فالاكل المباح عادي لكنه قد يرتقي إلى درجة العبادة والقربة بالنية المصاحبة.
ولبس الصوف عادي لكنه قد ينزل إلى دركة البدعة بالنية المصاحبة كما لو قصد صاحب الصوف إظهار الانتماء إلى مذهب الدروشة ....
ويبنى عليه:
أن اليأس من العثور على يوسف باعتبار الواقع والعادة له حكم.
وان اليأس من العثور عليه- شكا في قدرة الله أو يأسا من روح الله أو سوء ظن بالله- له حكم .....وهو يأس قبيح قادح في الإيمان....والعياذ بالله .والله أعلم.
 
الأخ كثير وجليل الفوائد أبو عبد المعز أعزه الله

1- أعتذر لك عن التأخير الكثير

2- قلتَ بأن في الآية ثمة يأسيين :
ثمة يأس من العثور على يوسف وأخيه.
ثمة يأس من روح الله.

ثم بنيتَ بقية كلامك على وجود هذين اليأسيين ... ولكننا عند التأمل لا نجد إلا يأسا واحدا وهو اليأس من روح الله
وما كان هذا اليأس إلا بعد الأمر بالتحسس من يوسف وأخيه


3- أعرض عليك مستشيرا ما أرى أنه أفضل جواب للخروج من الإشكال في الآية
ومن خلال بعض كتب التفسير وخلاصته:

أن الآية على ظاهرها فاليأس هنا هو يأس محرم موقع للكفر كما ظاهر الآية
ولكن هذا اليأس له قرائن جعلته محرما بل كفرا ، وإلا فالأصل في هذا اليأس هو الجواز
أما القرائن فمن ذلك قول يعقوب عليه السلام في الآية التي قبلها مباشرة:
وأعلم من الله ما لا تعلمون
فالنبي الكريم بن الكريم يعقوب بن إبراهيم عليهما السلام لديه علمُ من الله بأنه سيجد يوسف
فحالئذ وجب التصديق بهذا العلم فصار اليأس الجائز هنا محرما بل موقع في الكفربسبب هذا العلم .
وبالتالي لو عدنا لسؤال الموضوع لوجدنا جوابه بأنه :
إذا فقد أحدنا شيئا ويئس أن يجده صار يأسه جائزا
إلا إذا كان لديه علم من الله فسينقلب اليأس الجائز إلى محرم وكفر كما في آية سورة يوسف.

فهذه الآية ( إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون )
آية مستثناة في الأمور المفقودة
فلا ينبغي استدلال كثير من الناس بها إذا فقدوا شيئا


4- ملاحظة : بما أن أي مسألة يكفي فيها دليل واحد
فسواء كان هذا العلم الذي عند يعقوب هو الرؤيا التي رآها يوسف _ ورؤيا الأنبياء حق_
أو كان علما منفصلا كدليل أولي ، والرؤيا دليل ثانٍ
ففي كلا الحالين سنكسب إما دليلين أو دليلا واحدا
والمسألة يكفيها دليل واحد ، فالحمد لله رب العالمين

والله أعلم وأجل وأحكم
 
لا ينبغي لأحد ان ييأس من رحمة الله عليه وبأن يفرج عنه كربه .
فان سرق منه ما او ضاع طلب من الله العوض فكان طلبه من الله هو رجاء رحمة الله وان يروح الله عنه مصيبته مهما كانت .
واذا أهمه شأن امتثل لأمر نبيه بالدعاء بالتفريج وزوال الهم والحزن .
فاليأس من رحمة الله على الانسان بالدينا بالتفريج عن كروبه انما يدخل في قلوب قاسية اما أهل الايمان فانهم ييأسوا من الناس ويطلبوا من الله عز وجل . لذا أمر يعقوب عليه السلام ابنائه من البحث عن يوسف وأخيه وان لا ييأسوا من ان يجدوا يواسف ويفك اسر اخيه فيما كانوا يظنونه , فلو يأس اخوة يوسف من البحث عنه وعن اخيه ودخل اليأس الى قلوبهم دخل معه شك في قدرة الله على الترويح عنهم .
قال ابن جرير رحمه الله :

القول في تأويل قوله تعالى : { يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (87) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: حين طمع يعقوب في يوسف ، قال لبنيه:(يا بني اذهبوا) إلى الموضع الذي جئتم منه وخلفتم أخويكم به=( فتحسَّسوا من يوسف ) ، يقول: التمسوا يوسف وتعرَّفوا من خبره .
* * *
وأصل"التحسُّس"،"التفعل" من"الحِسِّ".
* * *
=( وأخيه ) يعني بنيامين=( ولا تيأسوا من روح الله ) ، يقول: ولا تقنطوا من أن يروِّح الله عنا ما نحن فيه من الحزن على يوسف وأخيه بفرَجٍ من عنده، فيرينيهما=( إنه لا ييأس من روح الله ) يقول: لا يقنط من فرجه ورحمته ويقطع رجاءه منه ( إلا القوم الكافرون ) ، يعني: القوم الذين يجحدون قُدرته على ما شاءَ تكوينه .


وبمثل تلك المواقف الصعبة يأتي الشيطان على الانسان ليغريه بالكفر . ويدخل في قلبه اليأس الذي هو يأس من ان يغير الله ما به من كرب الى فرج . فقد كان حال النبي صلى الله عليه وسلم في مكة مثال على ذلك حيث جزم المشركين ان الله لن ينصر محمدا صلى الله عليه وسلم في الدنيا وكانوا من المكذبين بالآخرة فيأسوا من نصرة الله له في الآخرة ." مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ"
وأمثال هؤلاء يسقطوا عند اول امتحان :
"وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (11) يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُ وَمَا لَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ (12) يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ (13)"
 
أخوكم قال:
الأخ كثير وجليل الفوائد أبو عبد المعز أعزه الله

1- أعتذر لك عن التأخير الكثير

2- قلتَ بأن في الآية ثمة يأسيين :
ثمة يأس من العثور على يوسف وأخيه.
ثمة يأس من روح الله.

ثم بنيتَ بقية كلامك على وجود هذين اليأسيين ... ولكننا عند التأمل لا نجد إلا يأسا واحدا وهو اليأس من روح الله
وما كان هذا اليأس إلا بعد الأمر بالتحسس من يوسف وأخيه


3- أعرض عليك مستشيرا ما أرى أنه أفضل جواب للخروج من الإشكال في الآية
ومن خلال بعض كتب التفسير وخلاصته:

أن الآية على ظاهرها فاليأس هنا هو يأس محرم موقع للكفر كما ظاهر الآية
ولكن هذا اليأس له قرائن جعلته محرما بل كفرا ، وإلا فالأصل في هذا اليأس هو الجواز
أما القرائن فمن ذلك قول يعقوب عليه السلام في الآية التي قبلها مباشرة:
وأعلم من الله ما لا تعلمون
.
وبالتالي لو عدنا لسؤال الموضوع لوجدنا جوابه بأنه :
إذا فقد أحدنا شيئا ويئس أن يجده صار يأسه جائزا
إلا إذا كان لديه علم من الله فسينقلب اليأس الجائز إلى محرم وكفر كما في آية سورة يوسف.

فهذه الآية ( إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون )
آية مستثناة في الأمور المفقودة
فلا ينبغي استدلال كثير من الناس بها إذا فقدوا شيئا


4- ملاحظة : بما أن أي مسألة يكفي فيها دليل واحد
فسواء كان هذا العلم الذي عند يعقوب هو الرؤيا التي رآها يوسف _ ورؤيا الأنبياء حق_
أو كان علما منفصلا كدليل أولي ، والرؤيا دليل ثانٍ
ففي كلا الحالين سنكسب إما دليلين أو دليلا واحدا
والمسألة يكفيها دليل واحد ، فالحمد لله رب العالمين

والله أعلم وأجل وأحكم


الحقيقة ايها الاخ الكريم, لقد أثار سؤالك الكثير من القضايا, وارجو ان يتسع صدرك لما سأقول .. صحيح اني لا املك اجابة شافية, لكن اطرح بعض الاسئلة التي قد تعين على التدبّر, ولعل هناك أمورا خفيت عليّ فأجد جوابها عندك او عند بعض الاخوة ..

1- هل الربط بين الموضوع والاية مشروع؟ أقصد انك سألت: اذا فقد أحدنا شيئا فهل اذا يئس أن يجده صار يائسا من روح الله وصار من الكافرين .. فهل يصح الربط بين فقدان الشيء وبين هذه الاية؟
الاية تقول: {يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ } (87) سورة يوسف
السؤال هنا: هل أخو يوسف يعدّ مفقودا هنا؟ فالاخوة والاب يعلمون انه عند الملك .. اذا فأخو يوسف بهذا المعنى لا يعد مفقودا ..ّ
لننتقل الان الى يوسف عليه السلام:
هل يوسف يعدّ مفقودا هنا؟ أقصد ان يوسف بالنسبة للاخوة قد يعدّ مفقودا حيث هم اعلم اين وضعوه وقد يكونون استفقدوه بعد ذلك فلم يجدوه .. على أية حال, الاخوة جاءوا الاب حينها يقولون ان الذئب قد أكله .. لا يوجد في السياق القرآني ان الاخوة قد اعترفوا للاب بفعلتهم, فمن ثم ان توجيه الطلب من الاب للاخوة بأن يبحثوا عن يوسف قد يحمل على توجيه اتهام من الاب للاخوة بأن قصتهم القديمة عن يوسف غير صحيحة أكثر من حمله على البحث عن شيء مفقود, والاّ فان قبول الاخوة البحث عن يوسف هو اقرار منهم بفعلتهم القديمة, وهذا ما لا يشير اليه النص, بل ان السياق القرآني يشير الى ان الاخوة ما زالوا يكنّون ليوسف الحسد القديم: {قَالُواْ إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنتُمْ شَرٌّ مَّكَانًا وَاللّهُ أَعْلَمْ بِمَا تَصِفُونَ} (77) سورة يوسف ممّا يعني استبعاد ان يكونوا قد اعترفوا لأبيهم بفعلتهم, حيث ان الاعتراف قد يثير عليهم اباهم أكثر,وكيف يفعلون ذلك وهم قد أبعدوا يوسف كي ينالوا حظوة اكبر عند ابيهم: {إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ} (8) سورة يوسف .. يضاف الى هذا ما جاء في نهاية القصة بعد ان جمع الله الجميع بيوسف: {قَالُواْ يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ} (97) سورة يوسف

كل هذا يجعلنا نستبعد ان يكون طلب يعقوب من اولاده طلبا عن شيء مفقود ..

2- لقد قلت ايها الاخ الكريم:
فالنبي الكريم بن الكريم يعقوب بن إبراهيم عليهما السلام لديه علمُ من الله بأنه سيجد يوسف
فحالئذ وجب التصديق بهذا العلم فصار اليأس الجائز هنا محرما بل موقع في الكفربسبب هذا العلم ..

نقول: هذا العلم وان كان صادقا في حق يعقوب عليه السلام وحتى ولو حملنا علم يعقوب في هذه الاية على علم ما سيكون في المستقبل, الاّ ان هذا لا يصدق على أبنائه, فأبناء يعقوب قد لا يكون حصل عندهم العلم بما سيكون, بل العلم هنا قد يكون محصورا فقط بيعقوب عليه السلام, واذا كان الامر كذلك فلا ينطبق عليهم قول اليأس المحرّم ..
 
عودة
أعلى