إثبات تواتر القرآن دون الحاجة إلى اللهجات والقياس في القراءات

إنضم
27 ديسمبر 2007
المشاركات
373
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
موريتانيا
إثبات تواتر القرآن
دون الحاجة إلى اللهجات والقياس في القراءات
مقدمة
بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله ومن والاه وبعد :
فإن مسألة تواتر القرآن لجديرة بالبحث الجادّ المعمّق إذ لم تفرغ الأمة منذ نشأة علم القراءات إلى تحرير هذه الجزئية رغم أهميتها وأهليتها للبحث والدراسة .
وإنما انشغل المتخصصون والباحثون وغيرهم بمناقشة ثلاثة آراء هي :
1. القول بترادف لفظي القرآن والقراءات
2. القول بتواتر القراءات السبع والعشر .
3. القول بثبوت القرآن بصحة السند واستفاضته دون اشتراط التواتر .
ولم يستطع أي منهم ـ عبر التاريخ ـ إثبات تواتر القرآن على أرض الواقع ، أو تجاوز هذه الدعوى إلى الاستدلال لأنهم بكل بساطة وبكل صراحة لم يفرقوا بين القرآن كما قرأه الصحابة الذين رافقوا المصاحف العثمانية ليقرئوا بها الناس وبين القراءات وما تضمنته من إدراج لهجات انقرض أهلها ومن قياس عريض لا يفتقر القرآن إليه ، وإنما تعددت الروايات وتكاثرت بسبب التمسك به .

أهداف البحث

وأحاول من خلال هذا البحث :
إثبات تواتر القرآن دون الحاجة على اللهجات والقياس في القراءات .
بعد أن تبينت منذ عشرين سنة أن المصنفين من طرق الرواة ابتداء من القرن الرابع الهجري قد أدرجوا في القراءات كثيرا من اللهجات لتجذيير تعدد الروايات والقراءات وأدرجوا فيها كثيرا من القياس ، وكان القرآن ولا يزال غنيا عن ذلك كله ، تماما كما هو غني.أي لا يفتقر إلى تعدد الروايات والقراءات ليقع عليه الوصف بالتواتر .
وتبينت أكثر من هذا وهو أن عودة الأمة إلى الأداء بالمصاحف العثمانية أي إلى ست روايات أو خمس هي عدد المصاحف العثمانية لأيسر من حفظ الشاطبية أو الطيبة ومن تعلم القراءات العشر الصغرى أو الكبرى أو أقل من ذلك أو أكثر .
وأدعو الأمة إلى العودة إلى الأداء بالمصاحف العثمانية ليصلح آخرها بما صلح به أولها .
أدعو الأمة إلى استعادة الأداء الذي قرأ به الصحابة والتابعون الذين رافقوا المصاحف العثمانية وكلّفهم الخليفة عثمان بن عفان والصحابة معه رضي الله عنهم بإقراء الناس .
ولتصبح لدينا الروايات الخمس التالية :
1. رواية بالمصحف المدني .
2. رواية بالمصحف المكي .
3. رواية بالمصحف الشامي .
4. رواية بالمصحف الكوفي .
5. رواية بالمصحف البصري .
وتعني صحة القول بفقدان مصحفي البحرين واليمن أن قد ضاعت روايتان .

المبحث الأول :
الخطأ المنهجي بتهميش الصحابة الذين رافقوا المصاحف العثمانية وأقرأوا بها

ومن العجب العجاب أن تضمنت كتب المصنفين من طرق الرواة خطأ منهجيا لم يصححه متأخر منهم إذ أعرضوا عن تتبع أسماء الصحابة الذين بعث بهم عثمان بن عفان بالمصاحف إلى الأمصار ليقرئوا الناس بذلك الأداء ، ولم تتضمن كتب المصنفين قبل ابن مجاهد وانتهاء بابن الجزري تتبع الخلاف بين روايات الصحابة الذين رافقوا المصاحف العثمانية وأقرأوا بما فيها من الأداء المأذون به ، أما كتب المصنفين أو المحررين بعد ابن الجزري فإنما هم عالة عليه لم يأتوا بجديد إلا جديدا يبعد الأمة عن تحرير القراءات وتحرير طرقها .
ولنأخذ النماذج التالية من أمهات النشر أي من المصنفين من طرق الرواة :
ـ بدأ ابن مجاهد ( ت 324 هـ ) سبعته بذكر القراء السبعة وأنسابهم وأساتذتهم وتلامذتهم بدءا بنافع ، غير أنه قال في مقدمته " ... والقراءة التي عليها الناس بالمدينة ومكة والكوفة والبصرة والشام هي القراءة التي تلقوها عن أوليهم تلقيا وقام بها في كل مصر من هذه الأمصار رجل ممن أخذ عن التابعين أجمعت الخاصة والعامة على قراءته وسلكوا فيها طريقه وتمسكوا بمذهبه " اهـ بلفظه
ـ وبدأ ابن مهران (ت 381 هـ ) غايته بذكر أسانيده إلى القراء العشر ، وكذلك فعل شيخ الداني أبو الحسن طاهر بن غلبون ( ت 399 هـ ) تذكرته في القراءات الثمان ، وابن الفحام ( ت 516 هـ ) تجريده في القراءات السبع ، وابن الباذش ( ت 540 هـ ) إقناعه في القراءات العشر ، وأبو العز القلانسي (ت 541 هـ )كفايته الكبرى في القراءات العشر ، وأبو العلاء الهمذاني (ت 569 هـ ) كتابه غاية الاختصار في القراءات العشر ، وأبو معشر الطبري (ت 478 هـ ) تلخيصه في القراءات الثمان
ولئن عذرنا أصحاب المختصرات المذكورة وغيرها فما خطب الداني في جامع البيان ؟ بدأه بتفسير الأحرف السبعة ثم بالتعريف بالقراء السبعة وأعرض عن ذكر الصحابة والتابعين الذين رافقوا المصاحف العثمانية فأسقط تلك الحلقة الثمينة .

وتابع ابن الجزري ( ت 833 هـ ) في كتابه النشر نفس المنهج غير أنه جاء بفقرة فاقرة قاصمة ظهر التحقيق العلمي لا تحتمل غير محاولة تبرير منهجه هو ومن سبقه من مصنفي طرق الرواة باعتماد القراء العشرة بدل القراء الذين انتدبهم عثمان مع المصاحف العثمانية .
قال ابن الجزري في نشره ( 1/7 ) : وجردت هذه المصاحف جميعا من النقط والشكل ليحتملها ما صح نقله وثبت تلاوته عن النبي  " اهـ محل المراد منه .
ويعني لتحتملها القراءات السبع والثلاثة معها كما رواها الرواة العشرون عن القراء العشرة .
ولا يحتمل كلام ابن الجزري رحمه الله إلا الإقرار بوجود النقط والشكل يومئذ ، ولعله يحتاج إلى إثبات تاريخي علمي .
ولخّص ابن الجزري تلك المرحلة الذهبية والحلقة المفقودة التي عزمت متوكلا على الله على إظهارها لافتقار الأمة إليها أعني القراء الأولين الذين أقرأوا الناس بتفويض من عثمان ومساعديه من كتبة المصاحف العثمانية ، تلك الحلقة الذهبية لخصها ابن الجزري في النشر ( 1/8 ) بما نصه : " وقرأ أهل كل مصر بما في مصحفهم وتلقوا ما فيه عن الصحابة الذين تلقوه من في رسول الله  " اهـ بلفظه طاويا تلك الصفحة ومعجما أسماء أبطالها .
ووا عجبي بل وا حيرتي أن يعجم ويبهم قراء الطبقة الأولى وأداءهم ومذاهبهم في أحرف الخلاف بعد نشأة المصاحف العثمانية ويعرب قليلا قراء الطبقة الثانية ، ويعرب إعرابا قراء الطبقة الثالثة ومنهم القراء السبعة والعشرة والأربعة سواهم وغيرهم .
ويعرب أكثر من ذلك مذاهب الرواة عنهم وطرقهم في كل جزئية أي أصحاب الطبقة الرابعة فما بينها وبين المصنفين من طرق الرواة إلى آخرهم ابن الجزري .
قال ابن الجزري في وصف قراء الطبقة الثانية " ثم قاموا بذلك مقام الصحابة الذين تلقوه عن النبي  ( فممن كان في المدينة ) ابن المسيب وعروة وسالم وعمر بن عبد العزيز وسليمان وعطاء ابنا يسار ومعاذ بن الحارث المعروف بمعاذ القارئ وعبد الرحمان بن هرمز الأعرج وابن شهاب الزهري ومسلم بن جندب وزيد بن أسلم ، ( وبمكة ) عبيد بن عمير وعطاء وطاووس ومجاهد وعكرمة وابن أبي مليكة ، ( وبالكوفة ) علقمة والأسود ومسروق وعبيدة وعمرو بن شرحبيل والحارث بن قيس والربيع بن خثيم وعمرو بن ميمون وأبو عبد الرحمان السلمي وزر بن حبيش وعبيد بن نضلة وأبو زرعة بن عمرو بن جرير وسعيد بن جبير وإبراهيم النخعي والشعبي ، ( وبالبصرة ) عامر بن عبد قيس وأبو العالية وأبو رجاء ونصر بن عاصم ويحيى بن يعمر ومعاذ وجابر بن زيد والحسن وابن سيرين وقتادة ، ( وبالشام ) المغيرة بن أبي شهاب المخزومي صاحب عثمان بن عفان في القراءة وخليد بن سعد صاحب أبي الدرداء " اهـ بلفظه من النشر (1/8 ) .
ولقد شاع وذاع أن عثمان بن عفان قد بعث المغيرة بن شهاب المتوفى سنة 91 هـ مع المصحف الشامي ، وبعث عبد الله بن السائب المتوفى سنة 70 هـ مع المصحف المكي ، وبعث أبا عبد الرحمن السلمي المتوفى سنة 72 هـ مع المصحف الكوفي ، وبعث عامر بن قيس مع المصحف البصري ، وكلّف زيد بن ثابت أن يقرئ بالمصحف المدني كما في المدخل لدراسة القرآن (ص 280-281 ) وفي مناهل العرفان (ج 1/ 403-404 ) ولعله يحتاج إلى مراجعة في غير زيد بن ثابت ليثبت علميا وتاريخيا لأن المحقق ابن الجزري قد عدّ أبا عبد الرحمن السلمي والمغيرة بن أبي شهاب وعامر بن قيس من أصحاب الطبقة الثانية الذين تلقوا عن الذين أقرأوا بالمصاحف العثمانية ولأن المذكورين قد تأخرت وفاتهم كثيرا عن حادثة جمع المصاحف العثمانية .
قلت : وإن معرفة أصحاب كل طبقة من الطبقات الثلاث لخطوة في رحلة الألف ميل تقرب الباحثين من إيقاف ظاهرة تعدد الروايات والطرق ليقل عددها كلما ضبطنا الأداء الذي تلقاه أصحاب الطبقة الثالثة عن الطبقة الثانتة ، ولنقترب أكثر كلما ضبطنا الأداء الذي تلقاه أصحاب الطبقة الثانية عن الطبقة الأولى ولنقرأ القرآن طريا كما أنزل على النبي الأمي  حين نضبط الأداء الذي قرأ به الصحابة الذين رافقوا المصاحف العثمانية إلى الأمصار ، ذلك الأداء المنزل الخالي من القياس ومن اللهجات التي تعددت بسببها الروايات وأدرج فيها من القياس ما لا كاد يحصى رغم تواتر القرآن بلسان عربي مبين غير ذي عوج وغير ذي حاجة إلى اللهجات والقياس في القراءات .


المبحث الثاني : مناقشة القول بترادف لفظي القرآن والقراءات :

إن القرآن في كلامنا لفظ مرادف للكتاب المنزل على النبي الأمي  ، لدلالة كل منهما على ما بين دفتي المصاحف العثمانية أي على ما تضمنته العرضتان الأخيرتان ، وهو الكتاب أي المكتوب ، وهو القرآن أي المقروء ، ولا أتجاوز هذا الإطلاق في بحث يدور حول القراءات ، إذ لكل من لفظي القرآن والكتاب مدلول خاص به لا يقع على الآخر كما بينته في مقدمة تفسيري " من تفصيل الكتاب وبيان القرآن " .
أما القراءات ـ كما تصورتها ـ فهي أداء تقرأ به أحرف الخلاف ( أقل من واحد على الألف ) حالتي الوصل والوقف ، إذ لا علاقة بين القراءات وبين المتفق عليه من ألفاظ القرآن ومن أمثلته :
ـ  والتين والزيتون وطور سينين 
ـ  قالوا اتخذ الله ولدا سبحانه هو الغني  يونس 68 لم يختلف في رسمها وأدائها بغير واو في أولها على غير نسق قوله  وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه  البقرة 116 المختلف فيه بين المصاحف العثمانية إذ هو بغير واو في المصحف الشامي وبالواو في غيره .
ـ  كن فيكون الحق من ربك  آل عمران 59-60 لم يختلف في قراءته برفع النون في المضارع الواقع في جواب الأمر .
ـ  ولا أصغر من ذلك ولا أكبر  سبأ 3 لم يختلف في قراءته بالرفع فيهما .
ـ  على صلاتهم يحافظون  الأنعام 92 ،  على صلاتهم يحافظون  المعارج 34 بالإفراد فيهما .
وإنما نشأت القراءات أول ما نشأت في القرن الثاني الهجري أي نشأت باجتهاد من القراء والرواة والطرق عنهم لتفسير مسألتين اثنتين :
1. الأحرف السبعة التي أنزل عليها القرآن .
2. الاختلاف في رسم المصاحف العثمانية .
إن القراءات لتعنى فقط بأحرف أي ألفاظ قليلة جدا ـ إذا ما قورنت بالمتفق عليه ـ وقع في رسمها وفي النطق بها أي في أدائها خلاف قليل بين المصاحف العثمانية ثم خلاف آخر يدور حول تسهيل الهمز وتحقيقها وحول الإمالة بنوعيها والفتح وحول الإدغام والإظهار وحول الترقيق والتغليظ زاده الرواة وطرقهم إلى القرن الرابع الهجري .


المبحث الثالث : أقسام القراءات

وتنقسم القراءات أي أداء الكلمات المختلف فيها أو ما يعرف بأحرف الخلاف ـ حسب تتبعي ـ إلى خمسة أقسام هي :
القسم الأول : أداء بأحرف الخلاف منصوص أي أثبته المصنفون الأولون في كتبهم من أمثال يحيى اليزيدي ( ت 202 هـ ) والدوري أول من جمع القراءات ( ت 246 هـ ) .
ويعتبر هذا القسم أعلى درجة من حيث الصحة باجتماع النص والأداء به .
القسم الثاني : أداء بأحرف الخلاف غير منصوص في كتب الرواة وطرقهم القريبة منهم كالموصوفين في القسم الأول ، ولكنه أداء قرأ به طرق الرواة على شيوخهم وسماع سمعوه منهم وهو الأكثر من أحرف الخلاف قبل ثورة الداني ( ت 444 هـ ) الذي جمع في كتابه جامع البيان أكثر من خمسمائة طريق عن السبعة ، والهذلي ( ت 465 هـ ) الذي جمع في كتابه الكامل خمسين قراءة وألفا وأربعمائة وتسعة وخمسين رواية وطريقا ، وأبي معشر الطبري ( ت 478 هـ ) الذي جمع في كتابه سوق العروس وألفا وخمسمائة وخمسين رواية وطريقا ، وابن الجزري ( ت 833 هـ ) الذي جمع في كتابه النشر في القراءات العشر أكثر من ألف طريق ، فهؤلاء وأمثالهم قد دوّنوا السماع غير المنصوص عن الرواة وطرقهم وحفظوه في كتبهم فأضحى السماع الذي تلقوه عن شيوخهم لمن جاء بعدهم من المقلدين كالمنصوص من الأداء بأحرف الخلاف ولكنه لمن خبر علم تحرير القراءات وطرقها يحتاج إلى تصفية وتنقية تميّز الأداء المنصوص وتميّز الأداء الصحيح غير المنصوص فلا يختلط هذا الأخير بلهجات وردت في أحرف يسيرة قاس عليها بعض المصنفين من طرق الرواة نظائرها لتأصيل كل رواية على حدة .

القسم الثالث : التحديث .
لقد تلقى الآخذون الأولون القرآن من شيوخهم في القرون الأولى عرضا وسماعا أما العرض فهو أن يقرأ الطالب على شيخه القرآن من أوله إلى آخره ، وأما السماع فهو سماع الطالب قراءة الشيخ ، ثم طرأ ـ بعد نشأة القراءات ـ التحديث بأحرف الخلاف لكل رواية على حدة وكان الشيخ يحدّث تلميذه بالكلمات التي وقع فيها اختلاف القراء والرواة أي بأحرف الخلاف دون المتفق على أدائه من القرآن .
إن العرض هو مثلا قراءة الداني القرآن كله برواية هشام من طريق التيسير على أبي الفتح على السامري على ابن عبدان على الحلواني على هشام ، أما ما سوى هذا الأداء عن هشام فإذا تضمنه التيسير فإنما هو من التحديث الذي منه على سبيل المثال ما تلقاه الداني من أحرف الخلاف لهشام في التيسير عن شيخه محمد بن أحمد عن ابن مجاهد عن ابن أبي مهران الجمال عن الحلواني عن هشام .
وقد تبنى ابن الجزري منهج طرح قسم التحديث فوأد روايات وقراءات ثابتة وصحيحة بدرجة ما تضمنه التيسير وحرز الأماني أو أصح منهما وزعم ابن الجزري أن التحديث لا يفيد في القراءة شيئا أي لا تجوز قراءة القرآن به ، وهو الذي بدأ اليوم يطغى من المعاصرين إذ أصبحوا يقرأون القرآن ـ إلا قليلا منهم ـ بأحرف الخلاف من طرق الحرز والدرة والطيبة .
ومما يدعو إلى العجب والحيرة أن المصنفين من طرق الرواة قد حذفوا كثيرا من صحيح ومتواتر القراءات ممن هم أجل وأعظم قدرا وعلما من القراء السبعة والعشرة ورواتهم ، وأدرجوا في ما احتفظوا به من القراءات السبع والعشر كثيرا من لهجات العرب كالإدغام والإمالة وتسهيل الهمز والروم والإشمام في أداء القرآن ، وتتبعوا كل قاعدة نحوية أو لهجة عربية وردت في بعض كلمات القرآن فقاسوا عليها نظائرها في سائر القرآن .
قال ابن الجزري في النشر (1/37) " وقال الإمام أبو محمد مكي : وقد ذكر الناس من الأئمة في كتبهم أكثر من سبعين ممن هو أعلى رتبة وأجل قدرا من هؤلاء السبعة : اهـ بلفظه
ولقد أورد ابن الجزري في نشره (1/41-43) نصا نفيسا عن ابن حيان الأندلسي هذا بعضه " "... وهل هذه المختصرات التي بأيدي الناس اليوم كالتيسير والتبصرة والعنوان والشاطبية بالنسبة لما اشتهر من قراءات الأئمة السبعة إلا نزر من كثر وقطرة من قطر ، وينشأ الفروعي فلا يرى إلا مثل الشاطبية والعنوان فيعتقد أن السبعة [ يعني الأحرف السبعة ]محصورة في هذا فقط ، ومن كان له اطلاع على هذا الفن رأى أن هذين الكتابين ونحوهما من السبعة كثغبة من دأماء وتربة في بهماء ، وهذا أبو عمرو ابن العلاء الإمام الذي يقرأ أهل الشام ومصر بقراءته اشتهر عنه في هذه الكتب المختصرة اليزيدي وعنه رجلان الدوري والسوسي ، وعند أهل النقل اشتهر عنه سبعة عشر راويا : اليزيدي وشجاع وعبد الوارث والعباس بن الفضل وسعيد بن أوس وهارون الأعور والخفاف وعبيد بن عقيل وحسين الجعفي ويونس بن حبيب واللؤلؤي ومحبوب وخارجة والجهضمي وعصمة والأصمعي وأبو جعفر الرؤاسي فكيف تقصر قراءة أبي عمرو على اليزيدي ويلغى من سواه من الرواة على كثرتهم وضبطهم وثقتهم وربما يكون فيهم من هو أوثق وأعلم من اليزيدي ؟
وننتقل إلى اليزيدي فنقول : اشتهر ممن روى عن اليزيدي الدوري والسوسي وأبو حمدان ومحمد بن أحمد بن جبير وأوقية أبو الفتح وأبو خلاد وجعفر بن حمدان سجادة وابن سعدان وأحمد بن محمد بن اليزيدي ، وأبو الحارث الليث بن خالد ، فهؤلاء عشرة فكيف يقتصر على أبي شعيب والدوري ويلغى بقية هؤلاء الرواة الذين شاركوهما في اليزيدي وربما فيهم من هو أضبط منهما وأوثق ؟
وننتقل إلى الدوري فنقول : اشتهر ممن روى عنه ابن فرح وابن بشار وأبو الزعراء وابن مسعود السراج والكاغدي وابن برزة وأحمد بن حرب المعدل .
وننتقل إلى ابن فرح فنقول : روى عنه ممن اشتهر : زيد بن أبي بلال وعمر بن عبد الصمد وأبو العباس بن محيريز وأبو محمد القطان والمطوعي وهكذا نزل هؤلاء القراء طبقة طبقة إلى زماننا هذا فكيف وهذا نافع الإمام الذي يقرأ أهل المغرب بقراءته اشتهر عنه في هذه الكتب المختصرة ورش وقالون وعند أهل النقل اشستهر عنه تسعة رجال : ورش وقالون وإسماعيل بن جعفر وأبو خليد وابن جماز وخارجة والأصمعي وكردم والمسيبي ؟
وهكذا كل إمام من باقي السبعة قد اشتهر عنه رواة غير ما في هذه المختصرات فكيف يلغى نقلهم ويقتصر على اثنين ؟ وأي مزية وشرف لذينك الإثنين على رفقائهما وكلهم أخذوا عن شيخ واحد وكلهم ضابطون ثقات ؟ وأيضا فقد كان في زمان هؤلاء السبعة من أئمة الإسلام الناقلين القراءات عالم لا يحصون وإنما جاء مقرئ اختار هؤلاء وسماهم ولكسل بعض الناس وقصر الهمم وإرادة الله أن ينقص العلم اقتصروا على السبعة ثم اقتصروا من السبعة على نزر يسير منها انتهى " اهـ من النشر .
قلت : تلك قراءات انقرضت أو تكاد ولم يبق منها إلا التحديث بها ولا يتأتى وصفها ـ إجمالا ـ بالشذوذ ولا الضعف ولا الوهم بل كانت القراءة بها قرآنا يتلى في القرون الثلاثة الأولى بل فيما دونها أي ليست مما شذّ عن المصاحف العثمانية .

وأما القسم الرابع فهو ما أقحمه المصنفون في كتب القراءات كالذي اعترف به مكي وابن مجاهد وغيرهما أنهم لم يتلقوه أداء ولا وجدوه منصوصا ولا حدّثهم به شيوخهم تحديثا وإنما قاسوه على نظائره ليحافظوا على تعدد الروايات والقراءات رغم تواتر القرآن دونه كما أثبت في بحثي "القراءات القرآنية النشأة والتطور" ومنه هذه الخلاصة :
إن إيماني بضرورة تحرير البحث العلمي المجرد وحاجة الأمة إليه هو ما دفعني إلى إعلان المآخذ على كتب طرق المصنفين ابتداء بابن مجاهد وانتهاء بابن الجزري ، مدرسة واحدة تمسكت بمنهج فرض القراءات السبع والعشر وغيرها بدل الأداء الذي قرأ به الصحابة الذين رافقوا المصاحف العثمانية .
منهج أدرج في القراءات والروايات من اللهجات والقياس ما لا يحتاج إليه القرآن ولا تحتاجه الأمة ولا البشرية أجمع بما حوت من باحثين مسلمين وغير مسلمين ، وعليهم جميعا يقع الخطاب بتدبر القرآن والاهتداء به إلى الرشد وإلى التي هي أقوم .
منهج فرض على أصحابه القبول بجمع القراءات بدل إفرادها للمتأهلين للإجازات الشرعية ، ذلك الجمع الذي فتح على الأمة بابا عريضا من الافتراض وضرب الحساب فلسفة أو قياسا على القياس مثل قولهم بتحرير الأوجه كحالات  ءالآن  المستفهم بها الخمس للأزرق وأن له في الحالة الأولى سبعة أوجه وفي الثانية تسعة أوجه وفي الثالثة والخامسة ثلاثة عشر وجها وفي الرابعة سبعة وعشرون وجها وهذا القياس يتوفر في مئات الكلمات من القرآن في كل رواية والعجيب أن هذه الأوجه وتحصيلها من الضرب يكثر في باب المد والإمالة وكل ما فيه الوجهان لأحد الرواة في كلمات القرآن حتى بلغ به بعضهم أربعة آلاف وجه .
منهج فرض على الأمة القبول باللهجات والقياس لتجذير المغايرة بين الروايات والقراءات حتى أصبحت بتعددها كأنها كلها منزلة من عند الله وهو قول في منتهى السقوط والافتراء كما تقدم ويترا الاستدلال عليه .
وأشكر للمصنفين من طرق الرواة ابتداء بابن مجاهد إلى ابن الجزري أمانتهم العلمية إذ لم يرفعوا إلى النبي  ولا إلى أحد من الصحابة والتابعين ـ على سبيل المثال ـ مذهب حمزة وهشام في الوقف على الهمز المتطرف أو المتوسط إذ هو قياس على لهجات عربية انقرض أهلها منذ جيل التابعين إذ لم يعد في جزيرة العرب قبيلة متقوقعة لا تعرف غير لهجتها بل نفر الرجال إلى الجهاد واختلط العرب بالعجم مما يعني اختلاط العرب بعضهم ببعض .
قال في النشر ( 1/17ـ18 ) "أما إذا كان القياس على إجماع انعقد أو عن أصل يعتمد فيصير إليه عند عدم النص وغموض وجه الأداء فإنه مما يسوغ قبوله ولا ينبغي رده لا سيما فيما تدعو إليه الضرورة وتمس الحاجة مما يقوّي وجه الترجيح ويعين على قوة التصحيح بل قد لا يسمى ما كان كذلك قياسا على الوجه الاصطلاحي إذ هو في الحقيقة نسبة جزئي إلى كلي كمثل ما اختير في تخفيف بعض الهمزات لأهل الأداء وفي إثبات البسملة وعدمها لبعض القراء ونقل  كتابيه إني  وإدغام  ماليه هلك  قياسا عليه وكذلك قياس  قال رجلان  و  وقال رجل  على  قال رب  في الإدغام كما ذكره الداني وغيره ونحو ذلك مما لا يخالف نصا ولا يرد إجماعا ولا أصلا مع أنه قليل جدا كما ستراه مبينا بعد إن شاء الله تعالى وإلى ذلك أشار مكي ابن أبي طالب رحمه الله في آخر كتابه التبصرة حيث قال "فجميع ما ذكرناه في هذا الكتاب ينقسم إلى ثلاثة أقسام قسم قرأت به ونقلته وهو منصوص في الكتب موجود ، وقسم قرأت به وأخذته لفظا أو سماعا وهو غير موجود في الكتب وقسم لم أقرأ به ولا وجدته في الكتب ولكن قسته على ما قرأت به إذ لا يمكن فيه إلا ذلك عند عدم الرواية في النقل والنص وهو الأقل اهـ بلفظه وهو كذلك في التبصرة .
وما أشبهه بمنهج الداني رحمه الله تعالى في مقدمة كتابه جامع البيان (1/101) إذ قال ما نصه "ولا أعدو في شيء مما أرسمه في كتابي هذا مما قرأته لفظا ، أو أخذته أداء ، أو سمعته قراءة ، أو رويته عرضا أو سألت عنه إماما ، أو ذاكرت به متصدرا ، أو أجيز لي أو كتب به إليّ أو أذن لي في روايته أو بلغني عن شيخ متقدم ومقرئ متصدر بإسناد عرفته ، وطريق ميزته أو بحثت عنه عند عدم النص والرواية فيه ، فأبحث بنظيره وأجريت له حكم شبيهه" اهـ بلفظه محل الغرض منه .
قلت : يا ليت شعري ما الذي دفع مكيا والداني إلى ترك الرواية والنص عن الجماعة في حرف من أحرف الخلاف لأجل قراءته لراو من الرواة بأداء غير منزل قياسا على نظائره لأجل المحافظة على أداء متميز لذلك الراوي عن الأداء المتواتر عن الجماعة إذ لم يقع القياس إلا في تفردات الرواة عن الجماعة .
وأعجب العجب أن هذا القياس قد تم اعتماده منذ القرن الثالث للهجرة بسبب التمسك باللهجات العربية والمحافظة على أداء متميز لهذه الرواية أو تلك كالذي قاله ابن الجزري حينما أعلن أن مبرر القياس المقيد هو غموض وجه الأداء ويعني به يقينا أداء تفرد به راو أو قارئ عن سائر القراء وإلا فإن رواية الجماعة وأداءها أقرب إلى الاعتبار والتمسك به من راو تفرد عنهم بقاعدة من القواعد حافظت على لهجة عربية عتيقة ، ألا ترى أن ابن الجزري رحمه الله مثّل بتخفيف الهمزات وبإدغام  قال رجلان  و  قال رجل  قياسا على إدغام  قال رب  المنصوص أي في كتب القراءات المروي أي عن أبي عمرو فلماذا لم يعتمد المصنفون لأبي عمرو الإظهار فيهما ؟ موافقة لسائر القراء العشرة وغيرهم وهو الرواية والنص عن الجميع ومنهم أبو عمرو نفسه ، ومتى كانت المحافظة على هذه اللهجة أو القاعدة مما تدعو إليه الضرورة وتمسّ إليه الحاجة وأي ضرورة تؤدي إلى قراءة أحرف من القرآن بصيغة هي من إنشاء البشر رغم توفر الأداء المضبوط الذي نزل به جبريل على قلب رسول الله خاتم النبيين  ، هل من ضرورة في نقل  كتابيه إني  لورش محافظة على قاعدة عليها مدار روايته وهي نقل حركة الهمز المحقق إلى الساكن قبلها ؟
إن الأمانة العلمية لتلزم بقراءة هذا الحرف لورش بالسكت والقطع موافقة لجميع القراء والرواة الذين رووها أداء كذلك .
ومن القياس الذي تضمنته كتب أئمة القراءات قول ابن الجزري في النشر (2/122) وشذ مكي فأجاز الروم والإشمام في ميم الجمع لمن وصلها قياسا على هاء الضمير وانتصر لذلك وقواه وهو قياس غير صحيح اهـ وهو في التبصرة لمكي ص 171 .
ومنه : أكثر ما حواه باب المد من الإشباع لجميع القراء ومن الإشباع والتوسط للأزرق خاصة في مدّ البدل ، ومنه كثير من الإدغام الكبير لأبي عمرو .
ومنه اختيار ابن مجاهد في بداية القرن الرابع إمالة  البارئ  الحشر24 لدوري الكسائي قياسا على إمالته حرفي البقرة  بارئكم  فهذا الاختيار مبك حقا لأنه قراءة حرف من كتاب الله بأداء غير منزل ، إذ قرأ جميع القراء والرواة حرف الحشر بالفتح الخالص وإنما ألحقه ابن مجاهد رحمه الله بأحرف اختص الدوري عن الكسائي وتفرد بإمالتها قال في النشر (2/39) :"وقال الداني في جامعه لم يذكر أحد عن  البارئ  نصا وإنما ألحقه بالحرفين اللذين في البقرة ابن مجاهد قياسا عليهما سمعت أبا الفتح يقول ذلك" اهـ
وعبارة الداني في جامع البيان (1/469) كالتالي "ولم يذكر أحد عنه  البارئ  نصا وإنما ألحقه بالحرفين اللذين في البقرة ابن مجاهد قياسا عليهما ، سمعت أبا الفتح يقول ذلك" اهـ بلفظه .
ومنه البحث في أصل ألف  تترا  الفلاح 44 وألف  كلتا  الكهف 33 لمعرفة صحة إمالتهما لغة لإقحامها في القراءات رغم تواتر الأداء بفتح الألف فيهما لجميع القراء .
ومنه الوقف على هاء التأنيث ، ومنه الوقف بالروم والإشمام بدل السكون ، ومنه ترقيق الراء في  وزر أخرى   وزرك   ذكرك   حذركم   الإشراق  للأزرق ، ومنه أكثر ما جاء في هذا الباب كما قال مكي في التبصرة "أكثر هذا الباب إنما هو قياس على الأصول وبعضه أخذ سماعا" اهـ ، ومنه الوقف بهاء السكت على  العالمين   والموفون   والذين  وشبهه ليعقوب وهو في مئات الكلمات ، ومنه الإخفاء أو الاختلاس في  فنعما هي  في البقرة وكذا حرف النساء لقالون وأبي عمرو وشعبة .
إنني مع تتبع مواضع هذا القياس لم أجده إلا فيما توفر الأداء بغيره لدى جماعة القراء والرواة .
إن القياس الذي وصفه مكي وابن الجزري بالقلة ليتوفر في مئات الكلمات من القرآن بسبب تعميم القواعد على النظائر .
إن القياس هو نتيجة حتمية لما أحدثه ابن مجاهد فمن جاء بعده من المصنفين طرق الرواة من استبدال أداء التابعين والصحابة بالقراءات السبع والعشر وغيرها ومن تتبع كل قاعدة في لسان العرب أو لهجة عربية وردت في بعض كلمات القرءان رواية فيقرأون بها سائر نظائرها لضمان فصل كل رواية وقراءة عن الأخرى وتتبع ما لها في أداء كل كلمة وكل حرف من القرآن حتى أصبحت المحافظة على رواية البزي أو هشام مثلا غاية لا يصح تواتر القرآن ولا حفظه دونها .
وكانت نشوة ازدهار قواعد النحو والصرف هي التي أملت تعدد الروايات ، ذلك التعدد الذي وجد في القياس تربة خصبة نشأ عليها .
وما كان للقراءات ورواياتها أن تتعدد وللطرق عن الروايات أن تبلغ المئات لولا ما أدرج في القراءات من اللهجات والقياس لضمان تعدد الروايات والفصل بينها بقاعدة لغوية وردت أداء في بعض حروف القرآن فقاسها المصنفون من الطرق ابتداء بابن مجاهد فمن بعده على سائر نظائرها .
ولا يعتبر العدول إلى صحيح الروايات بدل رواية عسر أو شق أو خفي أداؤها من القياس بل هو الرواية والنص والأداء الواجب اتباعه .
ووقع المصنفون من طرق الرواة في ثلاث متناقضات :
أولاها أنهم منعوا أو عابوا خلط الروايات الصحيحة الثابتة في القراءة وهو تركيب الطرق وعدم التحرير ويجيزون في نفس الوقت القراءة بالقياس الذي هو قراءة القرآن بأداء غير منزل .
وأما ثاني المتناقضات فقد وقعت في القرن الرابع الهجري وهي قضية ابن مقسم المقرئ النحوي الذي أجمع القراء والفقهاء على منعه من القراءة بما يوافق اللغة والرسم دون التقيد بالأداء والنقل وحوكم فتاب ورجع عن رأيه وقال ابن الجزري تعليقا على قضيته في النشر(1/18) "ومن ثم امتنعت القراءة بالقياس المطلق وهو الذي ليس له أصل في القراءة يرجع إليه ولا ركن وثيق في الأداء يعتمد عليه اهـ .
قلت : لكن الذي حاوله ابن مقسم هو نفسه ما يسمونه بالقياس المقيد سواء بسواء إذ هو موافق اللغة والرسم فاقد شرط الأداء والنقل لا ينقصه من وجه التشبيه اعتماد القراء على قاعدة أو لهجة عربية اعتمدها أحد الرواة في بعض الأحرف دون سائر نظائره فقاس القراء والمصنفون سائر النظائر على بعض الأحرف المروية .
وأعجب العجب أن ابن الجزري نفسه قد قال في كتابه منجد المقرئين (ص 17) "وأما ما وافق المعنى والرسم أو أحدهما من غير نقل فلا تسمى شاذة بل مكذوبة يكفر متعمدها" اهـ .
وقال في النشر (1/293) "إن القراءة ليست بالقياس دون الأثر" ، وقال أيضا (2/263) "وهل يحل لمسلم القراءة بما يجد في الكتابة من غير نقل" اهـ ، وقال الشاطبي "وما لقياس في القراءة مدخل" اهـ .
ولقد قرر مكي وابن الجزري وغيرهما من المصنفين أن ما صحّ نقله عن الآحاد وصحّ وجهه في العربية وخالف لفظه خط المصحف أنه يقبل ولا يقرأ به ، ولا يخفى أن هذا القسم أقوى من القياس الذي يجب رده وعدم قبوله وحرمة القراءة به لأنه أضعف مما صحّ نقله عن الآحاد .
وأما ثالث المتناقضات فهي قضية ابن شنبوذ المتوفى سنة 328 هـ الذي كان يرى جواز القراءة بما صحّ سنده وإن خالف الرسم فعدّ معاصروه ـ ومنهم ابن مجاهد المتوفى 324 هـ الذي اشترك مع الوزير في محاكمته ـ ذلك من الشذوذ وأعجب من ذلك أن ابن مجاهد في سبعته قد اعتمد القياس .

القسم الخامس : الشذوذ
إن ثبوت الشذوذ والضعف والوهم في القراءات وتضمنها القياس الذي هو قراءة القرآن بأداء غير منزل حقائق مرة باعتراف المصنفين من طرق الرواة ابتداء بابن مجاهد وانتهاء بابن الجزري :
قال ابن الجزري في النشر (1/9) "ثم إن القراء بعد هؤلاء المذكورين كثروا وتفرقوا في البلاد وانتشروا وخلفهم أمم بعد أمم وعرفت طبقاتهم واختلفت صفاتهم فكان منهم المتقن للتلاوة المشهور بالرواية والدراية ومنهم المقصّر على وصف من هذه الأوصاف وكثر بينهم لذلك الاختلاف وقلّ الضبط واتسع الخرق وكاد الباطل يلتبس بالحق"اهـ بلفظه محل الغرض منه
وقال (1/35) "وكان بدمشق الأستاذ أبو علي الحسن بن علي بن إبراهيم الأهوازي مؤلف الوجيز والإيجاز والإيضاح والاتضاح وجامع المشهور والشاذ"اهـ بلفظه محل الغرض منه .
قال أبو شامة في كتابه المرشد الوجيز " فإن القراءات المنسوبة إلى كل قارئ من السبعة وغيرهم منقسمة إلى المجمع عليه والشاذ "انتهى من النشر (1/10)
وقال عمرو ابن الحاجب "والسبعة متواترة فيما ليس من قبيل الأداء كالمد والإمالة وتخفيف الهمز ونحوه" اهـ من النشر (1/13) .
وقال أبو الحسن علي بن عبد الكافي السبكي "... وهكذا التفصيل في شواذ السبعة فإن عنهم شيئا كثيرا شاذا " اهـ من النشر (1/44 ).
وفي غاية النهاية لابن الجزري "أن مصطلح القراءة الشاذة وقع في القرن الثاني وأن أبا حاتم السجستاني روى أن هارون الأعور العتكي البصري ت170 هـ هو أول من تتبع الشاذ من القراءات وبحث عن أسانيدها .
قلت : إن مدلول الشذوذ في القراءات يشمل :
1. الشذوذ عن المصاحف العثمانية
2. والشذوذ عن القياس في لسان العرب .
3. والشذوذ عن الأداء والطريق الواحدة .
وإنما قصدت في هذا البحث الشذوذ عن أداء المصاحف العثمانية .
ولم تنجب الأمة بعد صاحب النشر غير المقلدين المتوقفين المقيدين بقيدين اثنين من الأوهام :
1. أن قرنوا بين المراجعة وبين الطعن في الأعلام المتقدمين .
2. خوفهم من الخروج على المألوف الذي عرفه العوام منذ عشرات القرون .
ويكفي لإسقاط مذهب القائلين بترادف لفظي القرآن والقراءات أن من القراءات اجتهادات في الأداء مقطوعة الصلة بالرواية مثل مذهب وقف حمزة وهشام على الهمز وبعض الترقيق والتغليظ والإمالة والتسهيل المدرج قياسا في القراءات .
وهكذا يهدي البحث الابتدائي ـ غير المعمّق ـ إلى أن مدلول لفظ القرآن مغاير لمدلول لفظ القراءات مغايرة كاملة .

المبحث الرابع : مناقشة القول بتواتر القراءات السبع والعشر:

وإني لمن المذعنين إلى القول بتواتر القراءات إلى القراء والرواة فيما سلم منها من القياس ، وللقائلون بإطلاق تواتر القراءات السبع أو العشر عاجزون عن إثبات تواترها متصلة الإسناد إلى النبي  في كل وجه من أوجه الأداء في القراءات .
وأجدني مضطرا إلى تساؤل جاد أبتغي الجواب عنه من الباحثين المتخصصين المعاصرين واللاحقين : هل يتأتى القول بتواتر القسم الذي قاسه مكي بن أبي طالب وأترابه رحمهم الله ليقرأوا كلمات من القرآن بأداء غير منزل بشهادتهم هم أنفسهم إذ لم يقرأوا بذلك الأداء من قبل ولم يجدوه منصوصا في الكتب التي سبقتهم وإنما قاسوه من عند أنفسهم ، وأقول : بدافع المحافظة على أداء متميز لكل راو من الرواة .
ولعل المنصفين من الباحثين يعترفون بنفي التواتر عن أداء كلمات ألحقه الداني رحمه الله بنظيره وأجرى له حكم شبيهه أي قاسه قياسا محافظة على أداء راو من الرواة وأعرض عن الأداء المنزل الذي قرأ به القراء قبل عملية الإلحاق بنظائره .
وكذلك قال ابن الجزري في النشر 1/13) " وإذا اشترطنا التواتر في كل حرف من حروف الخلاف انتفى كثير من أحرف الخلاف الثابت عن هؤلاء السبعة وغيرهم" اهـ
وقال الداني في جامع البيان (1/139) بإسناده إلى اليزيدي أنه قال "كان أبو عمرو ، وقد عرف القراءة فقرأ من كل قراءة بأحسنها ومما يختار العرب وبما بلغه من لغة النبي  وجاء تصديقه في كتاب الله عز وجل " اهـ بلفظه .
وقال في جامع البيان (1/167) ما نصه " وأخذ أبو عمرو من كل قراءة أحسنها " اهـ بلفظه
قلت : ولن ينكر أئمة القراءات المعاصرون أن أبا عمرو البصري قد ألف قراءته من بين سيل من الروايات التي تلقاها وأسأل بالله العظيم أئمة القراءات المعاصرين أن لا يكتموا شهادة عندهم من الله عن مدلول قول الداني " ومما يختار العرب وبما بلغه من لغة النبي  وجاء تصديقه في كتاب الله عز وجل " اهـ بلفظه أليس يعني أنه أدخل في الرواية من الأداء مما يختار العرب ومما بلغه من لغة النبي  ، وأنه أدخل في قراءة القرآن أداء غير منزل من عند الله بل هو مما يختار العرب من اللهجات وقواعد النحو والصرف والتي نطق النبي  في أحاديثه بمثلها خارج القرآن والتي قرئ بمثلها القرآن في أحرف معلومة أي قاس أبو عمرو البصري على ذلك ما شاء الله ولا حول ولا قوة إلا بالله والله يغفر له اجتهاده .
وقال الداني في جامع البيان (1/156) ما نصه "حدثنا محمد بن أحمد قال حدثنا ابن مجاهد قال وكان علي بن حمزة (أي الكسائي) قرأ على حمزة ونظر في وجوه القراءات وكانت العربية علمه وصناعته فاختار من قراءة حمزة وقراءة غيره قراءة متوسطة غير خارجة عن أثر من تقدم من الأئمة" اهـ بلفظه .
وقال في جامع البيان (1/156) بسنده عن أبي عبيد القاسم بن سلام ما نصه :"قال فأما الكسائي فإنه كان يتخير من القراءات فأخذ من قراءة حمزة ببعض وترك بعضا" اهـ بلفظه
ولابن قتيبة المتوفى سنة 276 هـ في كتابه تأويل مشكل القرآن ص(58 ) فما بعدها نكير شديد على قراءة حمزة واعتبر قراءته أكثر تخليطا وأشد اضطرابا قال :" لأنه يستعمل في الحرف ما يدّعه في نظيره ثم يؤصل أصلا ويخالف إلى غيره لغير ما علة ويختار في كثير من الحروف ما لا مخرج له إلا على طلب الحيلة الضعيفة هذا إلى نبذه في قراءته مذاهب العرب وأهل الحجاز بإفراطه في المدّ والهمز والإشباع وإفحاشه في الإضجاع والإدغام وحمله المتعلمين على المركب الصعب وتعسيره على الأمة ما يسره الله وتضييقه ما فسّحه " اهـ بلفظه
قلت : ولعله صريح يدعونا إلى إعلان الحقيقة المرة ألا وهي أن القراءات متواترة إلى القراء والرواة ولتتوقف الأسانيد إليهم ليقع عليها الوصف بالصدق والأمانة العلمية وأنها ليست بلهجاتها وقياسها متصلة الإسناد إلى النبي  ، فإن أردنا اتصال الأسانيد إلى النبي الأمي  فلنسقط منها الكثير من حروف الخلاف يعني مذاهبهم في الإدغام الكبير والصغير وفي تسهيل الهمز بأنواعه وفي الإمالة بأنواعها وفي ترقيق الراءات واللامات للأزرق ونحو ذلك مما يسمى بالأصول ، ولن يتأثر القرآن بل سيظل متواترا بألفاظه العربية الفصحى الخالية من اللهجات .

المبحث الخامس
مناقشة القول بثبوت القرآن بصحة السند واستفاضته دون اشتراط التواتر :

إن القول بثبوت القرآن بصحة السند واستفاضته دون اشتراط التواتر ليعني تشريع إنشاء القراءات وقبول انشطارها وتعددها كالذي عرفته الأمة في القرن الثالث بعد النبي  ولا يزال المتخصصون في القراءات والباحثون المتأخرون متمسكين به تقليدا منهم .
ولقد كان المصنفون الأولون يتقيدون بأركان استنبطوها وأصول أصّلوها جعلوها ميزانا يغربلون به سيل الروايات عن شيوخهم ، وفائض الأداء الذي قرأوا به عليهم وبعض القياس الذي أدرجوه في القراءات .
قال ابن الجزري في النشر (1/9 ) " ثم إن القراء بعد هؤلاء المذكورين كثروا وتفرقوا في البلاد وانتشروا وخلفهم أمم بعد أمم وعرفت طبقاتهم واختلفت صفاتهم فكان منهم المتقن للتلاوة المشهور بالرواية والدراية ومنهم المقصّر على وصف من هذه الأوصاف وكثر بينهم لذلك الاختلاف وقلّ الضبط واتسع الخرق وكاد الباطل يلتبس بالحق فقام جهابذة علماء الأمة وصناديد الأئمة فبالغوا في الاجتهاد وبينوا الحق المراد وجمعوا الحروف والقراءات وعزوا الوجوه والروايات وميزوا بين المشهور والشاذ والصحيح والفاذ بأصول أصّلوها وأركان فصّلوها وها نحن نشير إليها ونعوّل كما عوّلوا عليها فنقول : كل قراءة وافقت العربية ولو بوجه ووافقت أحد المصاحف العثمانية ولو احتمالا وصح سندها فهي القراءة الصحيحة التي لا يجوز ردها ولا يحل إنكارها "اهـ بلفظه .
قلت : وخلص بعد ذلك ابن الجزري إلى اعتبار خلو القراءة من أحد هذه الأركان الثلاثة عند أئمة التدوين منذ القرن الثالث دليلا قويا لوصفها بالشذوذ يعني عن أداء المصاحف العثمانية .
وكانت هذه الأركان ميزانا وضعه المصنفون الأوائل الذين كانوا يجمعون ما وصل إليهم من الأداء لحفظ القراءات والروايات وضابطا لقبول انشطارها وتعدّدها إذ كانوا يكتفون بصحة السند إلى أحد المصنفين أو أئمة القراءات ولا يستطيع أحد رفع كل خلاف من قبيل اللهجات في القراءات إلى النبي  .
ويعني الركن الأول أن ابن الجزري قد أصبح مرجعا لجميع الدارسين والباحثين والمتخصصين في علم القراءات لانقطاع أداء ما لم تتضمنه طيبة النشر والله أعلم .
ولعل مما يستبينه الباحثون أن ابن الجزري نفسه لم يوظف الأركان الثلاثة بل لم يوظفها الشاطبي ولا الداني قبله وإنما كانت هذه الأركان الثلاثة بمثابة الفلسفة الجدلية التي يبررون بها إدراج اللهجات والقياس في القراءات .
ولا يعني تضمن القراءات الشذوذ أنها متواترة فيما لا شذوذ فيه فهيهات أن يكون الأمر كذلك إذ اعترف أئمة القراءات بعدم تواترها ودافعوا عن هذه الحقيقة بدافع الدفاع عن تعدد الروايات والقراءات لا غير .
قال ابن الجزري في النشر(1/13) "وقد شرط بعض المتأخرين التواتر في هذا الركن ولم يكتف فيه بصحة السند وزعم أن القرآن لا يثبت إلا بالتواتر وأن ما جاء مجيء الآحاد لا يثبت به قرآن وهذا مما لا يخفى ما فيه ... وإذا اشترطنا التواتر في كل حرف من حروف الخلاف انتفى كثير من أحرف الخلاف الثابت عن هؤلاء السبعة وغيرهم" اهـ
قلت : وهكذا تخلى ابن الجزري ومن سبقه عن ركن التواتر حفاظا على كثير من الأداء في القراءات السبع والعشر أي بدافع الحرص على تعدد الروايات والقراءات وليس لأجل حفظ القرآن المحفوظ المتواتر قبل نشأة القراءات وبعد انقراضها لو انقرضت .

المبحث السادس
إثبات تواتر القرآن دون الحاجة على اللهجات والقياس في القراءات

إن الباحثين منذ نشأة علم القراءات ليرددون كلمة خفيفة على اللسان ثقيلة في الميدان ، ألا وهي قولهم " إن القرآن لمتواتر جملة وتفصيلا منذ نزوله إلى يومنا هذا ولا يزال كذلك إلى أن يرفع " ، غير أن المصنفين من طرق الرواة والباحثين المتخصصين منذ عصر ابن الجزري إلى يومنا هذا لم يتجاوزوا هذا القول إلى إثباته على أرض الواقع في كل أداء تضمنته القراءات .
وجاء بحثي هذا محاولة متواضعة من باحث قاصر لإثبات تواتر القرآن جملة وتفصيلا كلمة كلمة وحرفا حرفا دون الحاجة إلى خلاف اللهجات كالإدغام بنوعيه والتسهيل بأنواعه ونوعي الإمالة والإشمام والروم ...
ودون الحاجة إلى الخلاف الأدائي الذي لا علاقة له بالمعنى مثل وجهي يحسب وهو وهي المسبوقة بواو أو فاء أو لام ونحوها ومثل الفتح والإسكان في ياءات الإضافة المختلف فيهن والحذف والإثبات في الزوائد المختلف فيهن ، ومثل وجهي  القدس  و  أكل  و  خطوات  و  الملائكة اسجدوا  ومثل تعدد الأداء في قوله  وجبريل وميكال  و  أرجه  في الأعراف 112 والشعراء 36 .
محاولة تتمسك بكل خلاف معنوي مثل  فتنوا  النحل 110 و  وأرجلكم  المائدة 6 و  يطهرن  البقرة 222 و  ترجعون  بمعنى البعث ، وكقراءات  وأن يظهر في الأرض الفساد  غافر 26 وشبهه .
وتتمسك بكل زيادات في المبنى وتركها كل على حدة مثل وجهي  ووصى  البقرة 132 ومثل زيادة  هو  قبل  الغني  في الحديد 24
وتتمسك بخلاف التأنيث والتذكير والخطاب والغيب وغالب الجمع والإفراد .
قلت : لو تركنا جميع اللهجات في القسم الأول واكتفينا بالأصل كما سيأتي قريبا إثبات تواتره وكذلك لو اكتفينا بأحد وجهي الخلاف الأدائي الذي لا علاقة له بالمعنى في القسم الثاني لتم انقراض كثير من الروايات والقراءات ولما تأثر تواتر القرآن الذي يجب أن يتمسك بخلافه المعنوي كما هو القسم الثالث وأن تتعدد بحسبه المصاحف والتلاوة .
إن القضاء على اللهجات في القسم الأول إنما يصير الأصل المتواتر من نوع حروف القرآن المتفق عليها من طرق الطيبة مثل قوله  الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم  .
وإن القضاء على أحد وجهي القسم الثاني لاسيما وجه التخفيف وعلى غير قياس إنما يصير القسم الثاني كذلك متفقا عليه وحينئذ لا يبقى من أحرف الخلاف إلا أكثر كلمات الفرش وهو كل خلاف يدل على معنى وكل زيادة في المبنى وتركها سواء كانت تلك الزيادة بالتضعيف أو بزيادة حرف فأكثر كما هو مقرر ومفصل في فرش الحروف إلا ما سيأتي استثناؤه منه .
ولقد سبقني القاضي أبو العلاء في غايته إلى نفس الفكرة والمنهج فقال :"ومن لم يمل عنه يعني عن أبي عمرو ( فعلى ) على اختلاف حركة فائها وأواخر الآي في السور اليائيات وما يجاورها من الواويات فإنه يقرأ جميع ذلك بين الفتح والكسر وإلى الفتح أقرب قال ومن صعب عليه اللفظ بذلك عدل إلى التفخيم لأنه الأصل" اهـ من النشر( 2 / 54 ).
قلت : يعني بالتفخيم الفتح الخالص وهو صريح في ما يأتي تقريره من ضرورة قراءة القرآن باللسان العربي الفصيح الخالي من اللهجات .
ولأثبت على أرض الواقع تواتر القرآن دون الحاجة إلى اللهجات والقياس في القراءات فلنتتبع أحرف الخلاف التي تضمنت من اللهجات والقياس حرفا حرفا وكلمة كلمة في المصحف .
ولنبدأ بتتبع الأحرف التي وقع فيها التسهيل بأنواعه كالنقل وبين بين والإمالة بأنواعها ومنها ترقيق الراءات في مذهب الأزرق والإدغام بنوعيه لأن القياس إنما ورد في هذه الفصول وأن القرآن متواتر دون الحاجة إلى فصول الأصول ولهجاتها :
ـ البسملة بين السورتين عند الابتداء بأول كل سورة سوى براءة لجميع القراء وهي بين السورتين إلا أن تكون الثانية براءة لقالون والمكي وعاصم والكسائي وأبي جعفر
هكذا وقع التواتر دون الحاجة إلى السكت والصلة بين السورتين ولا يخفى انتفاء الرواية في تخصيص الأربع الزهر .
ـ  الصراط  كيف وقع بالصاد للمدنيين والبزي وأبي عمرو والشامي وعاصم والكسائي وخلف وروح وبالسين لقنبل ورويس هكذا وقع التواتر دون الحاجة إلى إشمام حمزة بل دون الحاجة إلى السين أيضا .
ـ صلة ميم الجمع قبل متحرك تركها للبصريين والشامي والكوفيين وترك صلتها قبل همزة القطع خاصة للعشرة إلا ورشا .
ـ وتواتر كسر الهاء قبل ميم الجمع أكثر من ضمه عند حمزة ويعقوب في  عليهم  و  إليهم  و  لديهم  وأكثر من ضمه في مذهب يعقوب في ضمير الجمع والمثنى الغائب وفي مذهب رويس وغيره ، وتواتر ضم الميم في ضمير الجمع الغائب قبل السكون عند أهل الحرمين والشامي وعاصم كما في قوله  في قلوبهم العجل  وقوله  وتقطعت بهم الأسباب  أي بعد كسر الهاء كما تقدم عنهم .
ـ  أصدق   تصديق   يصدفون   فاصدع   قصد   يصدر  بالصاد الخالصة لأهل الحرمين وأبي عمرو والشامي وعاصم وروح .
ـ  المصيطرون   مصيطر  بترك الإشمام للعشرة إلا حمزة ولا فرق بين قراءتي السين والصاد المتواترتين .
ـ الإدغام الكبير في أكثر من ألف وثلاثمائة كلمة إظهاره للعشرة إلا وجها عن أبي عمرو .
ـ  تأمنا  تواترت بالإدغام الكبير " المحض " عند أبي جعفر .
ـ تواتر توسط المد للساكن اللازم وللمتصل أو إشباعهما من غير إفراط وتواتر قصر الساكن العارض ولا حاجة إلى غيره وتواتر قصر المنفصل عند المكي وأبي جعفر وفي وجه لكل من قالون وحفص وهشام والبصريين ولا حاجة إلى إشباعه أو توسيطه وتواتر قصر مد البدل عند العشرة ولم يحتج التواتر إلى وجه عن الأزرق بالتوسط والإشباع كما جزم طاهر بن غلبون على أن غير القصر متقوّل عليه به أي على القياس على مذهبه وذلك قول الشاطبي "وابن غلبون طاهر بقصر جميع الباب قال وقولا" اهـ وكذلك قرر أبو شامة وغيره .
ـ وتواتر قصر حرف اللين قبل الهمزة عند العشرة إلا الأزرق لم يحتج التواتر إلى مذهب الأزرق وتواتر قصر شيء عند الجماعة ولا حاجة إلى مدها لحمزة والأزرق
ـ هاء الضمير بعد ساكن وقبل متحرك قصره للعشرة إلا المكي .
ـ الهمزتان من كلمة تحقيق الثانية لابن عامر والكوفيين وروح وترك ألف الإدخال قبل الفتح والكسر لورش والمكي وابن ذكوان والكوفيين ويعقوب ولهشام في وجه وترك ألف الإدخال قبل الضم لورش والمكي وابن ذكوان والكوفيين ويعقوب وافقهم قالون وهشام وأبو عمرو في وجه عنهم .
ـ  أن يؤتى أحد  تواتر فيها الخبر عند العشرة إلا المكي ولم يحتج التواتر إلى استفهام المكي وتسهيله .
ـ  أن كان  في القلم تواتر فيها الخبر لنافع والمكي وأبي عمرو وحفص والكسائي وخلف وتواتر فيها الاستفهام والتحقيق عند شعبة وحمزة وروح ولم يحتج التواتر إلى الاستفهام والتسهيل عند الشامي وأبي جعفر ورويس ولا إلى فصل ابن ذكوان .
ـ  أأعجمي  بالاستفهام والتحقيق لشعبة وحمزة والكسائي وخلف وروح وبالخبر لقنبل وهشام ورويس في وجه عنهم ولم يحتج التواتر إلى الاستفهام والتسهيل والفصل .
ـ  أذهبتم  بالخبر لنافع وأبي عمرو والكوفيين وبالاستفهام والتحقيق للشامي وروح ولم يحتج التواتر إلى الاستفهام والتسهيل عند المكي وأبي جعفر ورويس .
ـ  إنك لأنت  بالخبر للمكي وأبي جعفر وبالاستفهام والتحقيق للشامي والكوفيين وروح ولم يحتج التواتر إلى الاستفهام والتسهيل لنافع وأبي عمرو ورويس .
ـ  أئذا ما مت  بالخبر لابن ذكوان في وجه وبالاستفهام والتحقيق وترك الفصل للكوفيين وروح وابن ذكوان في وجه ولم يحتج التواتر إلى الاستفهام والتسهيل أو التحقيق مع الفصل .
ـ  إنا لمغرمون  بالخبر للعشرة إلا شعبة ولا مانع من استفهامه وتحقيقه .
ـ  أئنكم لتأتون الرجال  في الأعراف بالخبر لحفص والمدنيين وبالاستفهام والتحقيق للشامي وشعبة وحمزة والكسائي وخلف وروح ولم يحتج التواتر إلى تسهيل المكي وأبي عمرو ورويس .
ـ  أئن لنا لأجرا  في الأعراف بالخبر لأهل الحرمين وحفص وبالاستفهام والتحقيق للشامي وشعبة وحمزة والكسائي وخلف وروح ولم يحتج التواتر إلى الاستفهام عند أبي عمرو ورويس .
ـ  أشهدوا خلقهم  تواترت عند غير المدنيين بالإخبار ولم يحتج التواتر إلى الاستفهام والتسهيل عند المدنيين ولا إلى الفصل .
ـ  أئمة  حيث وقعت بالتحقيق فقط تواتر عند ابن ذكوان والكوفيين وروح ولم يحتج التواتر إلى تسهيلها ولا إلى ألف الفصل ولا إلى البدل .
ـ  آمنتم  في الأعراف وطه والشعراء بالإخبار عن حفص ورويس والأصبهاني عن ورش وبالاستفهام والتحقيق لشعبة وحمزة والكسائي وخلف وروح ولم يحتج التواتر إلى الاستفهام والتسهيل عند غيرهم ولا إلى مذهب قنبل في موضع الأعراف والملك .
ـ  ءأالهتنا خير  بالاستفهام والتحقيق للكوفيين وروح ولم يحتج التواتر إلى الاستفهام والتسهيل عند غيرهم .
ـ وأما الاستفهام المكرر وهو في اثنين وعشرين حرفا فقد تواتر الاستفهام والتحقيق في الأول والثاني في مواقعهما الأحد عشر في سوره التسع عند شعبة وحمزة وخلف ووافقهم حفص إلا في الأول من العنكبوت إذ قرأه بالخبر ووافقهم غيره في أكثر من موضع ولم يحتج التواتر إلى تسهيل المستفهمين وفصلهم .
ـ الهمزتان من كلمتين : المتفقتان والمختلفتان حققهما الشامي والكوفيون وروح ولم يحتج التواتر إلى إسقاط الأولى أو الثانية أو تسهيل الأولى أو إبدال أو تسهيل الثانية ولا إلى مذاهب الأزرق في هذا الباب .
ـ الهمز المفرد الساكن حققه المكي وهشام وحفص وحمزة ويعقوب وافقهم غيرهم في بعض الكلمات .
ـ المفتوحة بعد ضم حققها مطلقا غير أهل الحرمين ووافقهم من أهل الحرمين قالون وقنبل .
ـ  أرأيت  حيث وكيف وقعت تواترت عند المكي والبصريين والشامي وعاصم وحمزة وخلف بتحقيق الهمزة الثانية المفتوحة وعند الكسائي بحذفها ولم يحتج التواتر إلى تسهيل المدنيين ولا إلى إبدال الأزرق منهم بل ولا إلى مذهب الكسائي .
ـ  هاأنتم  بإثبات الألف وتحقيق الهمزة بعده للبزي والشامي والكوفيين ويعقوب ولم يحتج التواتر إلى مذاهب غيرهم .
ـ  اللائي  بهمزة مكسورة محققة ممدودة بياء للشامي والكوفيين ولم يحتج التواتر إلى مذاهب غيرهم ولا مانع من القراءة بمذهب قالون وقنبل ويعقوب بتحقيق الهمزة المكسورة وحذف الياء بعدها .
ـ باب  ييأس  في يوسف والرعد تواتر عند العشرة بياء لينة قبل الهمزة المفتوحة ولم يحتج التواتر إلى وجه البزي بالقلب والإبدال .
ـ  بريء   بريئون   هنيئا   مريئا   كهيئة  تواتر المد قبل الهمزة المحققة أي الإظهار للعشرة إلا أبا جعفر .
ـ  النسيء  بالتحقيق للعشرة إلا أبا جعفر والأزرق .
ـ  جزءا  في البقرة والحجر والزخرف بالتحقيق وترك الإدغام للعشرة إلا أبا جعفر ولم يحتج التواتر إلى حذفه الهمزة وتشديده الزاي .
ـ  رؤيا  بالتحقيق للعشرة إلا أبا جعفر .
ـ  رئيا  بالتحقيق للعشرة إلا أبا جعفر وقالون وابن ذكوان ولا حاجة إلى الإدغام في الجميع
ـ نقل حركة الهمز للساكن قبلها تركه للشامي وعاصم وحمزة وافقهم غيرهم إلا في أحرف يسيرة .
ـ السكت على الساكن قبل الهمزة وغيره تركه لأهل الحرمين والبصريين وهشام وشعبة والكسائي .
ـ وقف حمزة وهشام على الهمز تركه لغيرهما أي تحقيق الهمز فيه .
ـ الإدغام الصغير :
ـ ذال "إذ" إظهاره لأهل الحرمين وعاصم ويعقوب .
ـ دال "قد" إظهاره لقالون والمكي وعاصم ويعقوب وأبي جعفر .
ـ تاء التأنيث إظهاره لقالون والأصبهاني عن ورش والمكي وعاصم وخلف وأبي جعفر ويعقوب .
ـ لام "بل" و"هل" إظهاره للأهل الحرمين وابن ذكوان وعاصم وخلف ويعقوب .
ـ الباء الساكنة قبل الفاء نحو  أو يغلب فسوف  إظهارها لأهل الحرمين وابن ذكوان وعاصم وخلف في روايته واختياره ويعقوب .
ـ  فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء  في آخر البقرة برفع الراء والباء في الفعلين للشامي وعاصم وأبي جعفر ويعقوب وبإظهار الراء قبل اللام للجازمين إلا أبا عمرو وبإظهار الباء قبل الميم لورش ووافقه قالون والمكي وحمزة في وجه عنهم .
ـ الراء الساكنة قبل اللام نحو  أن اشكر لي  إظهاره للعشرة إلا أبا عمرو .
ـ  يفعل ذلك  إظهارها للعشرة إلا أبا الحارث عن الكسائي .
ـ  نخسف بهم  في سبأ إظهارها للعشرة إلا الكسائي .
ـ  اركب معنا  إظهارها لورش والشامي وخلف في روايته واختياره وأبي جعفر ووافقهم قالون والمكي وعاصم وخلاد في وجه عنهم .
ـ  عذت بربي  في غافر والدخان إظهار الذال قبل التاء لنافع والمكي وعاصم ويعقوب والشامي إلا وجها عن هشام .
ـ  كهيعص ذكر   يرد ثواب  إظهار الدال الساكنة قبل الذال وقبل الثاء لأهل الحرمين وعاصم ويعقوب .
ـ  فنبذتها  في طه بإظهار الذال قبل التاء لأهل الحرمين وعاصم ويعقوب والشامي إلا وجها لهشام .
ـ  أورثتموها  في الأعراف والزخرف بإظهار الثاء قبل التاء لأهل الحرمين وعاصم وخلف والشامي إلا وجها لهشام .
ـ  لبثتم   لبثت  كيف جاء بإظهار الثاء قبل التاء لنافع والمكي وعاصم وخلف ويعقوب .
ـ  يس والقرآن  بإظهار النون الساكنة قبل الواو وصلا قريبا من سكت أبي جعفر لقنبل وأبي عمرو وحمزة وافقهم نافع والبزي وعاصم وابن ذكوان في وجه عنهم .
ـ  ن والقلم  بإظهار النون الساكنة قبل الواو وصلا قريبا من سكت أبي جعفر لقالون وقنبل وأبي عمرو وحمزة وافقهم ورش والبزي وعاصم وابن ذكوان في وجه عنهم .
ـ  يلهث ذلك  بإظهار الثاء قبل الذال لأهل الحرمين وهشام وعاصم في وجه عنهم.
ـ  أخذت  و اتخذت  كيف جاء بإظهار الذال قبل التاء لحفص والمكي وافقهما رويس في وجه عنه .
ـ  طسم  أول الشعراء والقصص بإظهار النون الساكنة قبل الميم لحمزة وأبي جعفر .
ولم يحتج التواتر إلى إدغام المسكوت عنهم في هذا الباب .
ـ باب الإمالة:
ـ تواتر كل حرف في القرآن تجوز إمالته لغة بالفتح فقط عند المكي وأبي جعفر وافقهما الأصبهاني عن ورش إلا في التوراة ووافقهما حفص إلا في مجراها في هود ووافقهما رويس إلا في الكافرين مطلقا ووافقهما روح إلا في كافرين النمل وياء يس ووافقهما قالون إلا في أربعة أحرف .
ـ وتواتر القرآن بالفتح في هاء التأنيث وما قبلها عند العشرة إلا الكسائي وحمزة .
ـ وتواتر القرآن عند العشرة إلا الأزرق عن ورش بفتح جميع الراءات التي اختص الأزرق بترقيقها وكذلك بترقيق اللامات التي اختص الأزرق بتغليظها .
ـ الوقف بالسكون وترك الروم والإشمام للعشرة ولا رواية في غير السكون عند أهل الحرمين والشامي ويعقوب .
ـ الوقف حسب مرسوم الخط لنافع وعاصم وافقهما حمزة والكسائي وخلف وأبو جعفر إلا في أحرف معلومة .
ـ ياءات الزوائد تركها في الحالين لشعبة وخلف وافقهما ابن ذكوان إلا في حرف الكهف  تسألن  .
ـ الفرش :
ـ  قيل   غيض   جيء  بالكسر الخاص وترك الإشمام للأهل الحرمين وأبي عمرو وابن ذكوان وعاصم وحمزة وخلف وروح .
ـ  حيل   سيق  بالكسر الخالص للأهل الحرمين وأبي عمرو وعاصم وحمزة وخلف وروح .
ـ  سيء   سيئت  بالكسر الخالص للمكي وأبي عمرو وعاصم وحمزة وخلف وروح .
ـ لا إشمام في الكلمات السبع للمكي وأبي عمرو وعاصم وحمزة وخلف وروح .
ـ  وهو   وهي  المسبوقة بواو أو فاء أو لام وكذلك  ثم هو   يمل هو  بالضم لورش والمكي والشامي وعاصم وحمزة وخلف ويعقوب .
ـ  الملائكة اسجدوا  بالكسر الخالص للعشرة إلا أبا جعفر .
ـ  بارئكم   يأمركم   ينصركم   يأمرهم   تأمرهم   يشعركم  بترك الإسكان وترك الاختلاس للعشرة إلا أبا عمرو .
ـ  أرنا   أرني  بالكسر الخالص للمدنيين وحفص وحمزة والكسائي وخلف .
ـ  بيوت  كيف وقعت  عيون  كيف وقعت  الغيوب   شيوخا   جيوبهن بالضم لورش وأبي عمرو وحفص وأبي جعفر ويعقوب .
ـ تاءات البزي إظهارها لغيره و نارا تلظى  إظهارها لغير البزي ورويس و لا تناصرون  إظهارها لغير البزي وأبي جعفر .
ـ  بما حفظ الله  في النساء تواترت عند العشرة إلا أبا جعفر برفع الهاء في لفظ الجلالة ولا يحتاج تواترها إلى قراءة أبي جعفر بنصب الهاء ولا إلى تأويل معناها .
ـ  فنعما هي   نعما  بكسر النون والعين لورش والمكي وحفص ويعقوب وبفتح النون وكسر العين للشامي وحمزة والكسائي وخلف ولا حاجة إلى إسكان العين أو اختلاسها لغيرهم .
ـ  لأمه   في أم الكتاب   في أمها  بالضم للعشرة إلا حمزة والكسائي ولا حاجة إلى كسر الهمزة لهما ولا إلى إتباع حمزة في الزمر والنحل والنور والنجم .
ـ  واللذان   هـاذان   اللذين أضلانا   هـاتين  بالتخفيف لغير المكي .
ـ  فذانك  بالتخفيف لغير المكي وأبي عمرو ورويس .
ـ  لا تعدوا  بالتخفيف أي إسكان العين وتخفيف ضمة الدال لغير المدنيين .
ـ  لا يهدي إلا  يونس تواترت عند حمزة والكسائي وخلف بالتخفيف أي فتح الياء وإسكان الهاء وتخفيف كسر الدال وتواترت عند حفص ويعقوب بفتح الياء وكسر الهاء وتشديد كسر الدال ولا حاجة إلى الاختلاس والجمع بين الساكنين فيهما.
ـ  من لدنه  الكهف تواترت عند العشرة إلا شعبة بضم الدال وإسكان النون وضم الهاء ولا حاجة إلى إشمام شعبة فيها ولا إلى صلته هو والمكي .
ـ  من لدني  الكهف تواترت عند غير المدنيين وشعبة بضم الدال وثقل كسر النون وتواترت عند المدنيين بضم الدال وتخفيف كسر النون ولا حاجة إلى إشمام أو روم شعبة للدال .
ـ  يخصمون  تواترت عند حمزة بإسكان الخاء وتخفيف كسر الصاد وتواترت عند عاصم والكسائي وخلف ويعقوب والشامي إلا وجها لهشام بكسر الخاء وتشديد كسر الصاد وتواترت عند ورش والمكي وهشام في وجه عنه بفتح الخاء وتشديد كسر الصاد ولا حاجة إلى كسر ياء شعبة ولا إلى اختلاس فتح الخاء أو إسكانه مع ثقل الصاد لغيرهم .
ـ  عن ساقيها   بالسوق   على سوقه  بحرف المد خالصا من غير همز بدله أو قبله في غير النمل للعشرة إلا قنبلا ولا حاجة إلى مذهب قنبل .
ـ  ءاسن  بالألف بعد الهمزة للعشرة إلا المكي .
ـ  ءانفا  بالألف بعد الهمزة للعشرة إلا البزي .
ـ  أن رءاه  بالألف بعد الهمزة للعشرة إلا وجها عن قنبل ولا حاجة إلى القصر فيهن .
قلت : هكذا فرغت من تقرير تواتر القرآن جملة وتفصيلا حرفا حرفا كلمة كلمة من القسم الأول دون الحاجة إلى اللهجات ولا يخفى أن ما لم يأت ذكره من حروف الخلاف هو من نوع القسم الثالث المتقدم بيانه الذي يجب التمسك بخلافه المعنوي وأن تتعدد المصاحف بحسبه أو من نوع القسم الثاني الذي تقدم الكلام عليه .



خلاصة أخيرة

إن بحثي "إثبات تواتر القرآن دون الحاجة إلى اللهجات والقياس في القراءات" ليعني أن رواية حفص هي أكثر الروايات سلامة من اللهجات والقياس إذ لم تتضمن والله أعلم شيئا من القياس البتة ولم تتضمن سوى حرفين من اللهجات هما روايته حرف فصلت  أأعجمي  بتسهيل الهمزة الثانية بين بين وحرف هود  مجريها  بالإضجاع ولا يخفى أن قد تواتر حرف فصلت بتحقيق الهمزة الثانية كما هي قراءة حمزة والكسائي وخلف ورواية شعبة وروح وكذلك تواترت بالخبر أي بهمزة واحدة محققة لقنبل وهشام ورويس في وجه عنهم ولم يحتج تواترها إلى قراءة أهل الاستفهام مع التسهيل والإدخال .
ولا يخفى أن قد تواتر حرف هود  مجريها  بضم الميم وترك الإمالة بقسميها كما هي قراءة ابن كثير وأبو جعفر ويعقوب ورواية قالون وهشام وشعبة وطريق الأصبهاني عن ورش .
ولا يعني هذا البحث طعنا في هذه القراءة أو تلك وإنما هو إثبات تواتر القرآن دون الحاجة إلى اللهجات والقياس في القراءات .

انواكشوط في 13/3/ 1431 هـ الموافق 27/02/2010م
الحسن محمد ماديك
 
إنما أعتبر ردودا وهوامش تستحق المناقشة ، تلك التي تضمنت جديدا مفيدا ، أما استنساخ كلام الغير مما اطلعت عليه قبل عشرات السنين فلا يعني عندي شيئا .وأحرى الاستنصار بإيراد شبه التشابه مع الاستشراق وغيره .
وإنما أقبل من الردود تلك التي نقضت جزئية من بحوثي نقضا علميا بأدلة أقوى كقولي بإثبات القياس في كتب المصنفين من طرق الرواة قياس أعلنوه هم لأمانتهم العلمية ـ اجتهادا منهم ـ ولم يخلطوه ولم يدلسوه بالرواية أداء ونصا أو بأحدهما .
 
لم يتضح المقصود الأساسي من هذا البحث،
هل يرمي إلى تأليف قراءة جديدة؟
أم إلى نصرة رواية حفص ؟
ثم على أي أساس تم اعتماد وجه ورفض آخر ؟ أهو عدد الروايات وأغلبيتها ؟
ومقولة : تواتر بكذا وكذا ولم يحتج التواتر إلى كذا وكذا
أما الحديث عن القياس واللهجات فجميل بورك فيك
 
* بعد أن تبينت منذ عشرين سنة أن المصنفين من طرق الرواة ابتداء من القرن الرابع الهجري قد أدرجوا في القراءات كثيرا من اللهجات لتجذيير تعدد الروايات والقراءات وأدرجوا فيها كثيرا من القياس ،وكان القرآن ولا يزال غنيا عن ذلك كله ، تماما كما هو غني.أي لا يفتقر إلى تعدد الروايات والقراءات ليقع عليه الوصف بالتواتر .
وتبينت أكثر من هذا وهو أن عودة الأمة إلى الأداء بالمصاحف العثمانية أي إلى ست روايات أو خمس هي عدد المصاحف العثمانية لأيسر من حفظ الشاطبية أو الطيبة ومن تعلم القراءات العشر الصغرى أو الكبرى أو أقل من ذلك أو أكثر .
وأدعو الأمة إلى العودة إلى الأداء بالمصاحف العثمانية ليصلح آخرها بما صلح به أولها .
* وتعني صحة القول بفقدان مصحفي البحرين واليمن أن قد ضاعت روايتان .
ومن العجب العجاب أن تضمنت كتب المصنفين من طرق الرواة خطأ منهجيا لم يصححه متأخر منهم إذ أعرضوا عن تتبع أسماء الصحابة الذين بعث بهم عثمان بن عفان بالمصاحف إلى الأمصار ليقرئوا الناس بذلك الأداء ، ولم تتضمن كتب المصنفين قبل ابن مجاهد وانتهاء بابن الجزري تتبع الخلاف بين روايات الصحابة الذين رافقوا المصاحف العثمانية وأقرأوا بما فيها من الأداء المأذون به *وتابع ابن الجزري ( ت 833 هـ ) في كتابه النشر نفس المنهج غير أنه جاء بفقرة فاقرة قاصمة ظهر التحقيق العلمي لا تحتمل غير محاولة تبرير منهجه هو ومن سبقه من مصنفي طرق الرواة باعتماد القراء العشرة بدل القراء الذين انتدبهم عثمان مع المصاحف العثمانية .
* ولنقرأ القرآن طريا كما أنزل على النبي الأمي  حين نضبط الأداء الذي قرأ به الصحابة الذين رافقوا المصاحف العثمانية إلى الأمصار ، ذلك الأداء المنزل الخالي من القياس ومن اللهجات التي تعددت بسببها الروايات وأدرج فيها من القياس ما لا كاد يحصى رغم تواتر القرآن بلسان عربي مبين غير ذي عوج وغير ذي حاجة إلى اللهجات والقياس في القراءات .

* إن القرآن في كلامنا لفظ مرادف للكتاب المنزل على النبي الأمي  ، لدلالة كل منهما على ما بين دفتي المصاحف العثمانية أي على ما تضمنته العرضتان الأخيرتان ، وهو الكتاب أي المكتوب ، وهو القرآن أي المقروء ، ولا أتجاوز هذا الإطلاق في بحث يدور حول القراءات ، إذ لكل من لفظي القرآن والكتاب مدلول خاص به لا يقع على الآخر كما بينته في مقدمة تفسيري " من تفصيل الكتاب وبيان القرآن " .
أما القراءات ـ كما تصورتها ـ فهي أداء تقرأ به أحرف الخلاف ( أقل من واحد على الألف ) حالتي الوصل والوقف ، إذ لا علاقة بين القراءات وبين المتفق عليه من ألفاظ القرآن ومن أمثلته :

ومما يدعو إلى العجب والحيرة أن المصنفين من طرق الرواة قد حذفوا كثيرا من صحيح ومتواتر القراءات ممن هم أجل وأعظم قدرا وعلما من القراء السبعة والعشرة ورواتهم ، وأدرجوا في ما احتفظوا به من القراءات السبع والعشر كثيرا من لهجات العرب كالإدغام والإمالة وتسهيل الهمز والروم والإشمام في أداء القرآن ، وتتبعوا كل قاعدة نحوية أو لهجة عربية وردت في بعض كلمات القرآن فقاسوا عليها نظائرها في سائر القرآن .

يكفي هذا، لأنني لو حاولت اقتباس جميع الجُمَل الدّالة على رفضك لتواتر القراءات العشر لرفع المؤذن ءاذان الفجر وأنا مشغول بالإقتباس، وإني أسألك فهل كنتَ تريد أن تقرأ القرءان بدون شيخ أو معلم أو بدون إسناد؟ وإن رفضتَ القراء العشر المشهود لهم بالضبط والإتقان وصحة السند فممن تأخذ منهم القراءة؟ ممن فتح لام "المضلِين من قوله تعالى (وما كنت متخذ المضلِين عضدا) أم ممن فتح هاء لفظ الجلالة من قوله تعالى (وكلم اللهُ موسى تكليما)؟؟ أترك الجواب لك،
وإني أستغرب والله كيف كتب هذا بحثه وخرج بسلام بدون معارضة أو أي رد من أحد!!!!
 
نحتاج في مثل هذه المواضيع أن نتعرف على مناهج علماء القراءات في التعامل مع القياس، وهل تقيدوا فعلاً بالقياس التابع للأثر، أم أن القياس المطلق قد تسلل في اختياراتهم؟!!
لذا فالحكم بحاجة لدراسة منهجية لمؤلفات هؤلاء العلماء.
 
أشكر الأستاذ ماديك على هذا البحث الجريء والماتع، ولما كان قد وضعه في الملتقى فلا بد أنه وضعه ليعرف آراء الناس فيه أين يوافقونه وأين يختلفون معه ولماذا، وسوف أبين رأيي في أهم ما جاء في بحثه لأن بحثه عالج موضوعا كبيرا جدا والموضوعات الكبيرة في البحث تثير من المشكلات أكثر مما تحل لكن نظريته التي طرحها لها الحق في الوجود ولنا الحق في الاتفاق مع ما نعده صوابا والاختلاف مع ما نعده ضعيفا أو مردوداً.
أول ما أظن الباحث جانف الصواب فيه هو ظنه أن القرآن مكتوبا ومقروءا سواء. وأن بإمكاننا معرفة كيف كان زيد بن ثابت يقرأ كما أن بإمكاننا معرفة كيف كَتب المصحف. في حين أن الفرق بين الأمرين كبير وإني لأظن أن الباحث قد قصّر في تصوّر الفارق بين الأمرين وأن كل ما في بحثه من مطعن يعود إلى هذا القصور.
فخلافي مع الباحث يقوم بالأساس على تصور تطور القراءات في القرنين الأول و الثاني الهجريين.

فالصواب أن المصحف المتواتر - وربما المحفوظ إلى اليوم- مكتوباً لا يساوي المصحف مقروءاً.
والسبب أن الخط العربي كان ضعيفا جدا لا يقوم بحمل النص وأن تقويته بنقط الإعجام ثم بالضبط بالشكل قد تأخر زهاء قرن أو يزيد من الزمان، وفي مدة هذا القرن أو يزيد كان لا بد لنا من واسطة تروي لنا المصحف المقروء بوجوه قرائية يحتملها النص المكتوب ، ترويه بأسانيدها عن قراء الصحابة أنفسهم.
ويستحيل من الناحية التاريخية بناء قراءة محترمة للنص المكتوب دون الاعتماد على جهود أساطين القراءة في القرن الثاني الهجري.
وسوف أقوم باقتباس بعض نقاط بحثه وأعلق عليها بوجهة نظري التي تخالفه فيها - واختلافي معه لا يفسد للود قضية ولا يغض من قيمة البحث في نفسه- قال السيد الحسن محمد ماديك:
أدعو الأمة إلى استعادة الأداء الذي قرأ به الصحابة والتابعون الذين رافقوا المصاحف العثمانية وكلّفهم الخليفة عثمان بن عفان والصحابة معه
anhm.png
بإقراء الناس .
كيف يمكن استعادة ذلك الأداء وبيننا وبينه انقطاع كتابي لأن المصحف في أيامهم مكتوب بخط ضعيف دون إعجام ولا ضبط دون أن نعتمد على القراء؟ وليس لدينا تسجيل صوتي بقراءتهم؟ وكيف ننبذ تعدد الوجوه عن القراء وقد أقرأوا تلاميذهم بخيارات متعددة؟ وكيف نرجح قراءة على قراءة بغير المرجحات التي استعملها العلماء من المفسرين والنحاة والقراء؟
ما أرانا إلا ندور في حلقة مفرغة لأنه يستحيل عمليا أن نصل الى الوجه الذي كان يقرأ به الصحابة من الوجوه المتعددة التي رويت عنهم بطرق صحاح تواترت عن تلامذتهم.

وقال:
ولئن عذرنا أصحاب المختصرات المذكورة وغيرها فما خطب الداني في جامع البيان ؟ بدأه بتفسير الأحرف السبعة ثم بالتعريف بالقراء السبعة وأعرض عن ذكر الصحابة والتابعين الذين رافقوا المصاحف العثمانية فأسقط تلك الحلقة الثمينة.
إن كنت تعني أنه أسقط قراءةقراء الصحابة فقد أوردها بصورها المروية عن تلامذتهم. لا يمكن للداني ولا لغيره أن يذكر قراءة قراء الصحابة ولا تلامذتهم الأدنين بل الذين يلونهم ثم الذين يلونهم.
ونعتقد أن شيوخ القراءة الكبار من تلاميذ الصحابة كانوا يعلمون يقينا أن القرآن يُقرأ بوجوه في الفرش والأصول بل نظن أنهم أقرأوا تلاميذهم باختيارات مختلفة لا بوجه قرائي واحد وهذا هو سبب تعدد القراءات والروايات والوجوه والطرق لأنه يستحيل واقعا أن يقرئ شيخ شيخا بكل ما يعرف من وجوه القراءة في الجلسة الواحدة.
فكل شيخ من القراء الكبار قد اختار قراءته من وجوه كثيرة يعرفها أقرأه بها شيوخه فاتفقوا واختلفوا واختار هو من بين ما أقرأوه قراءة أقرأ بها تلاميذه، أو قراءتين أقرأ بهما مجموعتين مختلفتين من تلاميذه، أو ثلاث قراءات (خيارات) أقرأ بها ثلاث مجاميع مختلفة من تلاميذه أو أكثر من ثلاث قراءات أقرأ بها أكثر من ثلاث مجاميع من القراء.
وقال:
قال ابن الجزري في نشره ( 1/7 ) : وجردت هذه المصاحف جميعا من النقط والشكل ليحتملها ما صح نقله وثبت تلاوته عن النبي  " اهـ محل المراد منه .
ويعني لتحتملها القراءات السبع والثلاثة معها كما رواها الرواة العشرون عن القراء العشرة .
ولا يحتمل كلام ابن الجزري إلا الإقرار بوجود النقط والشكل يومئذ ، ولعله يحتاج إلى إثبات تاريخي علمي .
قال سعيد الأفغاني في تعليقه على ابن زنجلة بعد أن أورد هذا النص لابن الجزري: اللام هنا للعاقبة لا للتعليل.
فيوجد إذن احتمال آخر.
وقال:
قلت : وإن معرفة أصحاب كل طبقة من الطبقات الثلاث لخطوة في رحلة الألف ميل تقرب الباحثين من إيقاف ظاهرة تعدد الروايات والطرق ليقل عددها كلما ضبطنا الأداء الذي تلقاه أصحاب الطبقة الثالثة عن الطبقة الثانتة ، ولنقترب أكثر كلما ضبطنا الأداء الذي تلقاه أصحاب الطبقة الثانية عن الطبقة الأولى ولنقرأ القرآن طريا كما أنزل على النبي الأمي  حين نضبط الأداء الذي قرأ به الصحابة الذين رافقوا المصاحف العثمانية إلى الأمصار ، ذلك الأداء المنزل الخالي من القياس ومن اللهجات التي تعددت بسببها الروايات وأدرج فيها من القياس ما لا كاد يحصى رغم تواتر القرآن بلسان عربي مبين غير ذي عوج وغير ذي حاجة إلى اللهجات والقياس في القراءات .
شكك الباحث بحق في الأسماء الموردة على أنها مرافقة للمصاحف لتأخر وفياتها باستثناء زيد بن ثابت رضي الله عنه. لكنه لم يحاول أن يقطع خطوة واحدة فيورد لنا من يظنه اسما جديرا بالاعتبار بدلا من تلك المذكورة.
حتى نقول ان الباحث قد انتقد المروي وصححه في اسم واحد على الأقل من الأسماء!
ويبدو لي - وأرجو أن يأخذني الباحث على قدّ عقلي- أنه يقع في عيب الفهم بمفهوم متأخر وهو الظن أن بالإمكان المعرفة الدقيقة لقراء الصحابة بالقفز على القراءات التي شاعت عن الطبقة الثالثة، وهو أمر مستحيل من وجهة نظري.
كل ما يمكن أن يفعله الباحث- هو أو أي باحث سواه - هو أن يأخذ بما أجمع عليه القراء في ما لم يختلفوا فيه ثم في ما قرأه معظمهم ونبْذ ما انفرد به أحدهم ثم بالتحول إلى قراءة الجمهور في الحرف الذي لم يرد نص عن القارئ في الحرف عنه، رغم أنه قرأ حرفا مماثلا بطريقة أخرى نبذاً من الباحث للقياس، لكن ماذا يفعل حين ينقسم القراء إلى مجموعتين مختلفتين متساويتين في العدد؟ وأين يدع مرجحات العلماء بين القراءات كابن جرير وغيره؟
وماذا ستفعل نظريته ما ماذكره النحاة من قواعد صوتية عامة مثل قولهم :
كانت قريش لا تهمز!
وبناء عليها قرر بعض الفقهاء أن قراءة نافع سنة [نحسبهم يعنون برواية ورش] لأنه كان قليل الهمز.
وأمور كثيرة تصلح كالقواعد العامة لا تحضرني في هذه الساعة!


وقال:
ولقد أورد ابن الجزري في نشره (1/41-43) نصا نفيسا عن ابن حيان الأندلسي هذا بعضه " "... وهل هذه المختصرات التي بأيدي الناس اليوم كالتيسير والتبصرة والعنوان والشاطبية بالنسبة لما اشتهر من قراءات الأئمة السبعة إلا نزر من كثر وقطرة من قطر ، وينشأ الفروعي فلا يرى إلا مثل الشاطبية والعنوان فيعتقد أن السبعة [ يعني الأحرف السبعة ]محصورة في هذا فقط ، ومن كان له اطلاع على هذا الفن رأى أن هذين الكتابين ونحوهما من السبعة كثغبة من دأماء وتربة في بهماء ، وهذا أبو عمرو ابن العلاء الإمام الذي يقرأ أهل الشام ومصر بقراءته اشتهر عنه في هذه الكتب المختصرة اليزيدي وعنه رجلان الدوري والسوسي ، وعند أهل النقل اشتهر عنه سبعة عشر راويا : اليزيدي وشجاع وعبد الوارث والعباس بن الفضل وسعيد بن أوس وهارون الأعور والخفاف وعبيد بن عقيل وحسين الجعفي ويونس بن حبيب واللؤلؤي ومحبوب وخارجة والجهضمي وعصمة والأصمعي وأبو جعفر الرؤاسي فكيف تقصر قراءة أبي عمرو على اليزيدي ويلغى من سواه من الرواة على كثرتهم وضبطهم وثقتهم وربما يكون فيهم من هو أوثق وأعلم من اليزيدي ؟
وننتقل إلى اليزيدي فنقول : اشتهر ممن روى عن اليزيدي الدوري والسوسي وأبو حمدان ومحمد بن أحمد بن جبير وأوقية أبو الفتح وأبو خلاد وجعفر بن حمدان سجادة وابن سعدان وأحمد بن محمد بن اليزيدي ، وأبو الحارث الليث بن خالد ، فهؤلاء عشرة فكيف يقتصر على أبي شعيب والدوري ويلغى بقية هؤلاء الرواة الذين شاركوهما في اليزيدي وربما فيهم من هو أضبط منهما وأوثق ؟
وننتقل إلى الدوري فنقول : اشتهر ممن روى عنه ابن فرح وابن بشار وأبو الزعراء وابن مسعود السراج والكاغدي وابن برزة وأحمد بن حرب المعدل .
وننتقل إلى ابن فرح فنقول : روى عنه ممن اشتهر : زيد بن أبي بلال وعمر بن عبد الصمد وأبو العباس بن محيريز وأبو محمد القطان والمطوعي وهكذا نزل هؤلاء القراء طبقة طبقة إلى زماننا هذا فكيف وهذا نافع الإمام الذي يقرأ أهل المغرب بقراءته اشتهر عنه في هذه الكتب المختصرة ورش وقالون وعند أهل النقل اشستهر عنه تسعة رجال : ورش وقالون وإسماعيل بن جعفر وأبو خليد وابن جماز وخارجة والأصمعي وكردم والمسيبي ؟
وهكذا كل إمام من باقي السبعة قد اشتهر عنه رواة غير ما في هذه المختصرات فكيف يلغى نقلهم ويقتصر على اثنين ؟ وأي مزية وشرف لذينك الإثنين على رفقائهما وكلهم أخذوا عن شيخ واحد وكلهم ضابطون ثقات ؟ وأيضا فقد كان في زمان هؤلاء السبعة من أئمة الإسلام الناقلين القراءات عالم لا يحصون وإنما جاء مقرئ اختار هؤلاء وسماهم ولكسل بعض الناس وقصر الهمم وإرادة الله أن ينقص العلم اقتصروا على السبعة ثم اقتصروا من السبعة على نزر يسير منها انتهى " اهـ من النشر .
قلت : تلك قراءات انقرضت أو تكاد ولم يبق منها إلا التحديث بها ولا يتأتى وصفها ـ إجمالا ـ بالشذوذ ولا الضعف ولا الوهم بل كانت القراءة بها قرآنا يتلى في القرون الثلاثة الأولى بل فيما دونها أي ليست مما شذّ عن المصاحف العثمانية .
هنا يحتج الباحث بهذا النص النفيس لأبي حيان أن تكون القراءات صنفت وسُبِّعت وعُشِّرت لأسباب تاريخية أكثر منها علمية.
ونحن نشاركه الاحتجاج ولكنا نخالفه في أن هذا "الخطأ" او الأمر التاريخي - من وجهة نظرنا- لا يمكن تصحيحه ألبتة، فلماذا نحتجّ إذن على أمر لا يمكن العودة فيه إلى الوراء مطلقا لانقراض الكتب والقراءات الأخرى غير التي صنف فيها العلماء!!
وقال:
ومنه اختيار ابن مجاهد في بداية القرن الرابع إمالة  البارئ  الحشر24 لدوري الكسائي قياسا على إمالته حرفي البقرة  بارئكم  فهذا الاختيار مبك حقا لأنه قراءة حرف من كتاب الله بأداء غير منزل ، إذ قرأ جميع القراء والرواة حرف الحشر بالفتح الخالص وإنما ألحقه ابن مجاهد رحمه الله بأحرف اختص الدوري عن الكسائي وتفرد بإمالتها قال في النشر (2/39) :"وقال الداني في جامعه لم يذكر أحد عن  البارئ  نصا وإنما ألحقه بالحرفين اللذين في البقرة ابن مجاهد قياسا عليهما سمعت أبا الفتح يقول ذلك" اهـ
وعبارة الداني في جامع البيان (1/469) كالتالي "ولم يذكر أحد عنه  البارئ  نصا وإنما ألحقه بالحرفين اللذين في البقرة ابن مجاهد قياسا عليهما ، سمعت أبا الفتح يقول ذلك" اهـ بلفظه
لا يسوغ للباحث أن يجزم أن إمالة الباري في الحشر للكسائي هو حرف "غير منزل" إذ إن قياس ابن مجاهد على حروف (بارئ) أخرى في القرآن قرأها الدوري عن الكسائي بالإمالة هو العمل بغلبة الظن له. ويرى الباحث ان على ابن مجاهد في مثل هذا الحرف أن يقرأه كما قرأه القراء الآخرون وهذا رأي ولكن قياس الكلمة على نظائرها له ما يسوغه ولا سيما أن الإمالة قضية صوتية يدرسها علم النحو والصرف ويقننها لأنها قضية لغوية لا معنوية .
ومن الصعب أن ينصّ الأئمة على جميع الحروف بل من الصعب تخيل إمكان ذلك أصلاً لأن النص القرآني نص طويل.
فكان لا بد من القياس ومن القياس ما يكون كهذا الذي أنكره ومنه ما يكون تحديدا لقاعدة مطردة لأن اطرادها في بعض الحروف يؤدي إلى التشويش على السامع مثل اختيار الأئمة وجوب المحافظة على الهمز في المجزوم مثل قوله تعالى (ما ننسخ من آية أو ننسأها) لأبي عمرو في رواية أبي شعيب فإن القاعدة عن أبي عمرو أنه يقلب الهمز ألفا إذا أدرج حتى في هذا الحرف ، لكن لأن الأئمة رأوا أن مثل هذا الحرف قد يجعل السامع يتوهم أنها (أو ننساها) من النسيان فيفحش معناه أوجبوا الاستثناء سدا للذريعة.
فلا يبدو لي الباحث في هذه النقطة إلا مبالغا في موقفه من القياس مع اعتذاري إن أسأت فهمه.

أما المبحث الرابع من مباحثه فسوف أورده كاملا لأنه من وجهة نظري المتواضعة يكشف أن تصور الباحث لتطور علم القراءات على إتقانه له أداء لا يرشحه لخوض غمار موضوع بهذا الحجم. ولا أزعم أن غيره أجدرُ منه بخوض غماره، بل أؤكد أنه قد برز لموضوع لا يمكن طرقه ألبتة لافتقاد العلم في مرحلته التاريخية المعاصرة إلى بيانات كثيرة عن تلك الفترة المبكرة جدا من تطور علم القراءات.
قال في هذا المبحث:
المبحث الرابع : مناقشة القول بتواتر القراءات السبع والعشر:

وإني لمن المذعنين إلى القول بتواتر القراءات إلى القراء والرواة فيما سلم منها من القياس ، وللقائلون بإطلاق تواتر القراءات السبع أو العشر عاجزون عن إثبات تواترها متصلة الإسناد إلى النبي  في كل وجه من أوجه الأداء في القراءات .
وأجدني مضطرا إلى تساؤل جاد أبتغي الجواب عنه من الباحثين المتخصصين المعاصرين واللاحقين : هل يتأتى القول بتواتر القسم الذي قاسه مكي بن أبي طالب وأترابه رحمهم الله ليقرأوا كلمات من القرآن بأداء غير منزل بشهادتهم هم أنفسهم إذ لم يقرأوا بذلك الأداء من قبل ولم يجدوه منصوصا في الكتب التي سبقتهم وإنما قاسوه من عند أنفسهم ، وأقول : بدافع المحافظة على أداء متميز لكل راو من الرواة .
ولعل المنصفين من الباحثين يعترفون بنفي التواتر عن أداء كلمات ألحقه الداني رحمه الله بنظيره وأجرى له حكم شبيهه أي قاسه قياسا محافظة على أداء راو من الرواة وأعرض عن الأداء المنزل الذي قرأ به القراء قبل عملية الإلحاق بنظائره .
وكذلك قال ابن الجزري في النشر 1/13) " وإذا اشترطنا التواتر في كل حرف من حروف الخلاف انتفى كثير من أحرف الخلاف الثابت عن هؤلاء السبعة وغيرهم" اهـ
وقال الداني في جامع البيان (1/139) بإسناده إلى اليزيدي أنه قال "كان أبو عمرو ، وقد عرف القراءة فقرأ من كل قراءة بأحسنها ومما يختار العرب وبما بلغه من لغة النبي  وجاء تصديقه في كتاب الله عز وجل " اهـ بلفظه .
وقال في جامع البيان (1/167) ما نصه " وأخذ أبو عمرو من كل قراءة أحسنها " اهـ بلفظه
قلت : ولن ينكر أئمة القراءات المعاصرون أن أبا عمرو البصري قد ألف قراءته من بين سيل من الروايات التي تلقاها وأسأل بالله العظيم أئمة القراءات المعاصرين أن لا يكتموا شهادة عندهم من الله عن مدلول قول الداني " ومما يختار العرب وبما بلغه من لغة النبي  وجاء تصديقه في كتاب الله عز وجل " اهـ بلفظه أليس يعني أنه أدخل في الرواية من الأداء مما يختار العرب ومما بلغه من لغة النبي  ، وأنه أدخل في قراءة القرآن أداء غير منزل من عند الله بل هو مما يختار العرب من اللهجات وقواعد النحو والصرف والتي نطق النبي  في أحاديثه بمثلها خارج القرآن والتي قرئ بمثلها القرآن في أحرف معلومة أي قاس أبو عمرو البصري على ذلك ما شاء الله ولا حول ولا قوة إلا بالله والله يغفر له اجتهاده .
وقال الداني في جامع البيان (1/156) ما نصه "حدثنا محمد بن أحمد قال حدثنا ابن مجاهد قال وكان علي بن حمزة (أي الكسائي) قرأ على حمزة ونظر في وجوه القراءات وكانت العربية علمه وصناعته فاختار من قراءة حمزة وقراءة غيره قراءة متوسطة غير خارجة عن أثر من تقدم من الأئمة" اهـ بلفظه .
وقال في جامع البيان (1/156) بسنده عن أبي عبيد القاسم بن سلام ما نصه :"قال فأما الكسائي فإنه كان يتخير من القراءات فأخذ من قراءة حمزة ببعض وترك بعضا" اهـ بلفظه
ولابن قتيبة المتوفى سنة 276 هـ في كتابه تأويل مشكل القرآن ص(58 ) فما بعدها نكير شديد على قراءة حمزة واعتبر قراءته أكثر تخليطا وأشد اضطرابا قال :" لأنه يستعمل في الحرف ما يدّعه في نظيره ثم يؤصل أصلا ويخالف إلى غيره لغير ما علة ويختار في كثير من الحروف ما لا مخرج له إلا على طلب الحيلة الضعيفة هذا إلى نبذه في قراءته مذاهب العرب وأهل الحجاز بإفراطه في المدّ والهمز والإشباع وإفحاشه في الإضجاع والإدغام وحمله المتعلمين على المركب الصعب وتعسيره على الأمة ما يسره الله وتضييقه ما فسّحه " اهـ بلفظه
قلت : ولعله صريح يدعونا إلى إعلان الحقيقة المرة ألا وهي أن القراءات متواترة إلى القراء والرواة ولتتوقف الأسانيد إليهم ليقع عليها الوصف بالصدق والأمانة العلمية وأنها ليست بلهجاتها وقياسها متصلة الإسناد إلى النبي  ، فإن أردنا اتصال الأسانيد إلى النبي الأمي  فلنسقط منها الكثير من حروف الخلاف يعني مذاهبهم في الإدغام الكبير والصغير وفي تسهيل الهمز بأنواعه وفي الإمالة بأنواعها وفي ترقيق الراءات واللامات للأزرق ونحو ذلك مما يسمى بالأصول ، ولن يتأثر القرآن بل سيظل متواترا بألفاظه العربية الفصحى الخالية من اللهجات .
مرة اخرى ليس من حق الباحث ان يصف الحرف المقيس بأنه غير منزل لأنهم لم يجتهدوا في زيادة حرف غير موجود في المصحف بل في كيفية أدائه على طريقة فلان من القراء وهذا اجتهاد داخل العلم لا خارجه. وكيف تستجير أن تقرأ حرفا بالفتح لقارئ من أصوله الإمالة ظنا منك أن الفتح هو الأصل؟! فلو فعلت وحدت إلى الفتح بدل القياس لحق لهم أن ينتقدوك بمخالفة ما تقتضيه قواعد قارئهم إلى قاعدة أخرى غريبة على نظامة شاذة عن أصوله.
ولم يكتف الباحث بانتقاد علماء القراءات في المئة الخامسة كمكي والداني ومن بعدهم بل تجاوز ذلك إلى إيراد نصوص تصف طريقة أبي عمرو فشرع ينتقد أبا عمرو بن العلاء نفسه.
وبرغم أنه لا أحد فوق قواعد العلم فكل العلماء حتى أبي عمرو بن العلاء نفسه خاضع لقوانين العلم وقواعد الأداء لكن يبدو لي أن الجرأة على انتقاد اختيار أبي عمرو بمثل ما فعله الباحث ليس من العلم في شيء أو هو جرأة غير منضبطة وسوف أبين أسباب ذلك.
لم يفهم الباحث - أجزم بذلك - ما رواه الداني عن اليزيدي من وصف لطريقة أبي عمرو بن العلاء في ضبط قراءته والسبب في إساءة الباحث لفهم كلمة اليزيدي هو تصوره الشخصي لتور علم القراءات والأداء في النصف الأول من القرن الثاني الهجري. وإن كان أبو عمرو قد بدأ بجمع أصول قراءته وضبط اختياره منذ القرن الأول الهجري فقد قال عن نفسه (كنتُ رأساً والحسنُ حيّ) والحسنُ قد مات ١١٠ هـ.
فقول اليزيدي كان أبو عمرو ، وقد عرف القراءة فقرأ من كل قراءة بأحسنها ومما يختار العرب وبما بلغه من لغة النبي وجاء تصديقه في كتاب الله عز وجل وقوله وأخذ أبو عمرو من كل قراءة أحسنها اهـ بلفظه
يعني بالضبط فقط ما يأتي:
قرأ من كل قراءة بأحسنها: = يعني اختار مما أقرأه شيوخه ما رآه أصوب.
ومما يختار العرب: = يعني طريقتها في الأداء الصوتي في النطق الأسلم للكلمات.
ومما بلغه من لغة النبي: = يعني كان يتحرى لهجة قريش من بين اللهجات.
وجاء تصديقه في كتاب الله عز وجل: = يعني حين يختلف شيوخه في الفرش فإنه يعتمد في الترجيح بينهم على عادة القرآن في تشكيل معانيه واختيار ألفاظه.
فهذه الأمور كلها تحسب لأبي عمرو ولتكون قراءته في غاية الضبط والتقانة لشمول علمه وسعة روايته ومعرفته بلغة العرب وبما تمتاز به لغة قريش ولعلمه بطريقة القرآن في التعبير وبالمفردات والصيغ التي يكثر ورودها في كتاب الله عز وجل.

فقد أبعد الباحث النجعة بقوله: "قلت : ولن ينكر أئمة القراءات المعاصرون أن أبا عمرو البصري قد ألف قراءته من بين سيل من الروايات التي تلقاها وأسأل بالله العظيم أئمة القراءات المعاصرين أن لا يكتموا شهادة عندهم من الله عن مدلول قول الداني " ومما يختار العرب وبما بلغه من لغة النبي  وجاء تصديقه في كتاب الله عز وجل " اهـ بلفظه أليس يعني أنه أدخل في الرواية من الأداء مما يختار العرب ومما بلغه من لغة النبي  ، وأنه أدخل في قراءة القرآن أداء غير منزل من عند الله بل هو مما يختار العرب من اللهجات وقواعد النحو والصرف والتي نطق النبي  في أحاديثه بمثلها خارج القرآن والتي قرئ بمثلها القرآن في أحرف معلومة أي قاس أبو عمرو البصري على ذلك ما شاء الله ولا حول ولا قوة إلا بالله والله يغفر له اجتهاده .

هذا قطعا إساءة فهم من الباحث لتوصيف اليزيدي لقراءة أبي عمرو فإن الضوابط التي استعملها أبو عمرو للاقتراب من القراءة التي كان عليها النبي صلى الله عليه وسبم لا يقدر عليها إلا رأس بمستوى أبي عمرو بن العلاء وقليل ما هم. وهي لا تعني اتباع الهوى في الاختيار ولا تعني إطلاق العنان في الاجتهاد بل تحري الحق في الترجيح.
فالباحث يتجاهل أو يجهل - لا فرق ما دام قد أصدر حكمه- كم من الشيوخ أخذ عنهم أبو عمرو، وكم من العرب ألم أبو عمرو بلهجاتهم وطرائقهم في النطق، ولا ما يعلمه أبو عمرو من لغة قريش مما هو بالتأكيد أكثر مما استطاع التاريخ حفظه من لهجة قريش، فذهب ظنه إلى اتهام أبي عمرو في ضوابط اختياره وبناء قراءته.
إن الباحث ليظن - ولا أشك في خطئه- أن بالإمكان الوصول إلى قراءة مثلى للقرآن بالقفز على الجهود العلمية التي قام بها أبو عمرو وغيره من القراء وهذا -عندي- من المستحيل قطعاً، والسبب قد ذكرتُه في بداية ردي وأكرره هاهنا وهو أن المصحف المكتوب قد حُفظ ووصل إلينا كما هو لكن هذا المصحف المكتوب يحتمل عددا لا ينتهي من القراءات لألفاظه بسبب تجرده من النقط والشكل وأن القراء الكبار قد قاموا بعملهم التاريخي بضوابط كثيرة فاختاروا من بين قراءات كثيرة تلقوها عن شيوخهم وفق ضوابط ذكر بعضها اليزيدي في حالة أبي عمرو وللآخرين ضوابطهم أيضا لكن تميز أبي عمرو معروف لعلمه بلغات العرب وبالنحو وبشيوخ الإقراء ولقربه من الصحابة وتلاميذهم الكبار.

لو قام الباحث ببناء اختيار جديد يقوم على ترجيح بين القراءات في ضوء تطور معرفتنا المعاصرة بعلم الصوت العربي واللهجات العربية وما طبع من مصادر القراءات لكان عمله قرب إلى العلم مما ظن أن بإمكانه أن يفعل وهو أن يقرأ المصحف قراءة يعتقد أنها أقرب إلى قراءة النبي قافزا على جهود قراء المئة الثانية في الترجيح والاختيار.

ومما احتج به في المبحث الخامس قوله:
"ولقد سبقني القاضي أبو العلاء في غايته إلى نفس الفكرة والمنهج فقال :"ومن لم يمل عنه يعني عن أبي عمرو ( فعلى ) على اختلاف حركة فائها وأواخر الآي في السور اليائيات وما يجاورها من الواويات فإنه يقرأ جميع ذلك بين الفتح والكسر وإلى الفتح أقرب قال ومن صعب عليه اللفظ بذلك عدل إلى التفخيم لأنه الأصل" اهـ من النشر( 2 / 54 ). "
هذا الكلام من القاضي أبي العلاء في أن التفخيم هو الأصل فيه نظر لأن الباحثين في فقه اللغة المعاصرين كالمستشرق برجستراسر قد أثبتوا أن الأصل في العربية هو الإمالة لا الفتح وأن الفتح إنما هو تطور حديث عن الإمالة التي يعد صوتها قديما جدا في العربية. ولا يخفى أن الرد على ابي العلاء هو رد على الباحث أيضا لأنه سند رأيه بقول أبي العلاء الذي لم نعد نسلم له به.

وسأترك مناقشته في ما بقي إلى مناسبة أخرى.
 
أرجو من الأستاذ الحسن ماديك حفظه الله أن لا يجد عليّ في نفسه إن كان في بعض عباراتي حدة فليس القصد من مناقشته مصادرة جهده ولا تفنيد رأيه ، لا ومعاذ الله، ولكن مناقشته فيما ذهب إليه فقط وعسى أن يساهم الحوار في تصحيح تصوري عن تطور علم القراءات الذي كونته في سنين طويلة والذي سيظل قابلا للتصحيح والله من وراء القصد
 
عودة
أعلى