إثبات أن ظُلمات البطن الثلاث هي المبيض، وقناة فالوب، والرحم (ظُلمات تسع كُل خلقٍ من بعد خلق)

إنضم
08/02/2024
المشاركات
150
مستوى التفاعل
12
النقاط
18
العمر
52
الإقامة
مصر، المنصورة
إثبات أن ظُلمات البطن الثلاث هي المبيض، وقناة فالوب، والرحم (ظُلمات تسع كُل خلقٍ من بعد خلق)
FB_IMG_1762527770416.jpg


كُلُ من فسر الظُلمات الثلاث بطبقات المشيمة فقط (قول عُلماء الإعجاز حديثاً)، أو المشيمة، والرحم، وجدار البطن (قول أكثر المُفسرين قديماً)، فلازم قولهم أن جميع مراحل الجنين إبتداءاً من النُطفة تحدث داخل الرحم، وأن المشيمة تغطي الجنين من بداية الحمل لنهايته. وهذا فهم غير علمي، فالجنين يُخلق في بطن أمه عبر ثلاث مراحل مُتعاقبة؛ وهي خلق البويضة (النطفة الأنثوية) في المبيض، وخلق النطفة الأمشاج التي تنقسم وتتحول لكتلة خلوية داخل قناة فالوب، وأخيراً خلق باقي الأطوار في الرحم. والمشيمة والأغشية الجنينية لا تبدأ في الظهور بوضوح إلا بعد الأسبوع الثالث من الحمل. ولذا لابد من إعادة تدبر لآية (يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقاً من بعد خلق في ظلمات ثلاث)، فالمُضارع (يخلقكم) يستدعي ماضي الجنين من أول خلق النطفة في المبيض، والظلمات الثلاث مُتعلقة بالفعل (يخلقكم)، وهذا يقتضي إنتقال خلق الجنين من ظلمة لأُخرى بمرور زمن الحمل، من ظُلمة المبيض لظلمة قناة فالوب، وأخيراً لظُلمة الرحم، وإليكم التفصيل.

المراحل العلمية لخلق الجنين في بطون الأمهات

1. يبدأ خلق الجنين في بطن أمه بإستكمال خلق البويضة (النطفة الأنثوية) في المبيض، وذلك أثناء الدورة الشهرية بعد البلوغ. فخلق البويضة يتم على مرحلتين (صورة ١)، وهي كالتالي (مرجع ١):

المرحلة الأولى: تبدأ في مبيض الأنثى وهي جنين في بطن أمها، حيث تدخل الخلية البيضية الأولية وبها ٤٦ كروموسوم في الانقسام الميوزي (المنصف)، ولكنه يتوقف عند الطور الأول (prophase)، ولذا لا يتغير تركيب الخلية البيضية الأولية، فتولد الأنثى ومبيضها يحتوي على بويضات أولية غير مكتملة الخلق، بها ٤٦ كروموسوم، فلا تصلح للتلقيح وخلق الجنين حتى تتم مراحل الخلق بعد البلوغ.

المرحلة الثانية: تبدأبعد البلوغ، مع كل دورة شهرية، وبتأثير بعض الهرمونات يُستكمل الإنقسام الميوزي (المنصف) في الخلية البيضية الأولية، فتنقسم إلى خلية مختلفة تسمى الخلية البيضية الثانوية بها نصف عدد الصبغيات (٢٣ كروموسوم)، وبذلك تصبح صالحة للتلقيح وخلق الجنين.

2. بعد إتمام خلق البويضة داخل حوصلة جراف، تنفجر الحوصلة، وتخرج البويضة لتجويف البطن، ثم تنتقل لقناة فالوب، حيث تنتظر الحوين (نطفة الذكر)، فيتم التلقيح، فينتج الزيجوت (النطفة الأمشاج). مع العلم بأن المبيض وقناة فالوب تشريحياً يقعان داخل تجويف البطن، وكلاهما من مُلحقات الرحم (صورة ٢).

3. يستمر التخليق داخل النطفة الأمشاج وهي تتحرك بداخل قناة فالوب حيث تنقسم إلي خليتين، ثم أربعة، ثم ثمانية، ثم ستة عشر، ثم إثنان وثلاثون خلية، وتعرف هذه المرحلة بالتوتية (morula)، ثم عندما تكون عدد الخلايا حوالي مائة تتكون الكيسة الأريمية (Blastocyst). مع العلم بأن التوتية تتكون في قناة فالوب، والكيسة الأريمية تتكون داخل الرحم قبل طور العلقة (صورة ٢).

4. في اليوم السادس أو السابع من الحمل، تفقس الكيسة الأريمية، وتخرج منها الكتلة الخلوية، التي تستقر أخيرا وتنغرس في بطانة الرحم فتتكون العلقة (صورة ٢).

5. في الأسبوع الثاني من الحمل يتكون الغشاء الجنيني الأول، وهو الغشاء الأمنيوسيي (amnion). واعتباراً من اليوم الرابع عشر يبدأ الغشاء الثاني في التكون، وهو الغشاء الكوريوني (chorion)، وتظهر المشيمة بعمر ٣ اسابيع وتستكمل نموها في الاسابيع التالية. ثم ينشأ غلاف ثالث من بطانة الرحم يحيط بالغشاء الكوريوني، وإسمه الغشاء الساقط الكيسي (decidua capsularis). وبعد ٤ شهور من الحمل يتحد الغشاء الأمنيوسي، والكوريوني في غشاء جنيني واحد (صورة ٣)، (مرجع ٢، ٣).

الدلالة اللغوية والعلمية لآية الزُمر (خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ ۚ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِّن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ).

أولاً: معنى الخلق (تمهيد لفهم الخلق من بعد خلق)

الخلق قد يكون من عدم، أو من مادة سابقة كخلق آدم من طين. وفي هذه الآية خلق أطوار الجنين كلها من بدايتها لنهايتها، فيها إيجاد من موجود سابق، فالنطفة الأنثوية (البويضة) خُلقت في المبيض من الخلية البيضية الأولية، والنطفة الأمشاج خُلقت من النطفة الأنثوية والذكرية، والعلقة خُلقت من النطفة الأمشاج، والمُضغة خُلقت من العلقة، والعظام واللحم من المُضغة، فلا يوجد طور إلا وهو مخلوق من خلق سابق.

ثانياً: دلالة الفعل المُضارع (يخلقكم)

جاء المضارع (يخلقكم) مسبوق بالماضي (خلقكم)، وأهل اللغة والبلاغة يقولون بأن المضارع يشير للحاضر والمستقبل، ولكن إذا سبقه ماضي فإن المُضارع يُشير لماضي الشيء وبدايته. وقد قال كثير من المُفسرين وعلى رأسهم الطبري أن (خلقا من بعد خلق) هي أطوار الجنين، وبدايتها النطفة، قال الطبري (يبتدئ خلقكم أيها الناس في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق، وذلك أنه يحدث فيها نطفة، ثم يجعلها علقة، ثم مضغة، ثم عظاما، ثم يكسو العظام لحما، ثم يُنْشئه خلقا آخر). وعلمياً إحداث الله لنطفة المرأة يكون في المبيض، وليس في الرحم أو المشيمة، وعدم علم المفسرين بالمبيض ودوره هو ما جعلهم يتوهمون أن كل مراحل الجنين تكون داخل الرحم والمشيمة.

وقد ذكر القُرآن خلق الإنسان من نطفة في أكثر من موضع، قال الله (من نطفة خلقه)، وقال (ألم يك نطفة من مني يمنى)، وقال (خلق الإنسان من نطفة)، وقال (أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة)، وقال (فلينظر الإنسان مم خلق، خلق من ماء دافق)، وكل من الزوجين له ماء دافق، والماء الدافق للمرأة والذي منه خلق الجنين يخرج من المبيض، ويكون أصفر رقيق كما قال النبي (ماء المرأة أصفر رقيق)، وهذا وصف لماء البويضة، ثم بين النبي أثر هذه النطفة الأنثوية في خلق الجنين فقال، فاذا علا ماء المراة ماء الرجل نزعت الولد أو أشبه أخواله، وفي رواية أنث باذن الله. وكل هذه الأدلة تبين دور نطفة المرأة في خلق الجنين، فبدونها لا ينعقد خلق النطفة الأمشاج لاحقاً.

وعليه فلا يمكن إهمال أن بداية خلق الجنين هو النطفة التي تُخلق في المبيض. ولكن للأسف شاع بين الناس أن الأنثى تولد وبويضاتها كاملة الخلق في مبيضها، ولذا يفترض البعض أن بداية تخليق الجنين يحدث في قناة فالوب بخلق النطفة الأمشاج، وليس بخلق النطفة في المبيض. وهذا التصور علمياً خطأ، فكما رأينا في الجزء العلمي أعلاه، فإن خلق البويضة يبدأ في مبيض الأنثى وهو جنين، ولكنه يتوقف أثناء الإنقسام الميوزي (المنصف) فتظل الخلية البيضية الأولية كما هي وبها ٤٦ كروموسوم، وبعد البلوغ يكتمل الانقسام الميوزي، وتخلق الخلية البيضية الثانوية وبها ٢٣ كروموسوم. وبدون مرحلة استكمال خلق البويضة داخل المبيض فلن تحدث مرحلة التلقيح في قناة فالوب، فكان المبيض هو أول ظلمة، والله أعلم.

ثالثاً: دلالة ذكر البطون وليس الأرحام (في بطون)

ذكر الله البطون في الآية ولم يذكر الأرحام، لأن البطون أشمل من الأرحام، فبداخلها أماكن كثيرة غير الرحم، وكلمة الأرحام مذكورة في القرآن مثل (هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء)، وطالما عدل الله عنها للبطون، فالبطون أدق في هذه الآية، فأطوار الخلق من بعد خلق ليست كُلها في الرحم، ولكنها تبدأ قبله، فهناك خلق للبويضة في المبيض، وخلق للنطفة الأمشاج في قناة فالوب، وكلاهما خارج الرحم، ولذا لفظة بطون في الآية أدق وأكثر إعجازاً (صورة ٢). وهذا الفهم متوافق مع حكي القُرآن لخلق الجنين عبر ثلاث مراحل أساسية وهي كالآتي:

1 خلق الإنسان من نطفة، وقد ذكرت أدلته أعلاه، وهذه هي مرحلة خلق البويضة (نطفة المرأة) في المبيض.

2. خلق الإنسان من النطفة الأمشاج (التلقيح بين النطفة الذكرية والأنثوية)، فقال الله (إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج)، وهذه المرحلة تحدث في قناة فالوب.

3. خلق باقي الأطوار من العلقة إلى نهاية الحمل، وهذه المرحلة مكانها الرحم، قال الله (ثم جعلناه نطفة في قرار مكين، ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ ۚ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ).

رابعاً: لماذا لا يدخل تجويف البطن في الظلمات الثلاث؟

1. لدلالة حرف الجر في (في بطون)، و(في ظلمات)، وهو يستعمل كظرف مكان، فالجنين مظروف أولاً في البطون، ثم مظروف داخل البطون في ظلمات ثلاث، فدل ذلك على أن ظلمة البطن ليست من الظلمات الثلاث، وأن الظلمات الثلاث تقع جميعاً داخل بطن الأم، ولذا لا يصح أن يدخل فيها ظلمة صلب الرجل أو ظلمة الليل، وهو قول لبعض المُفسرين.

2. لأنه لا يوجد تخليق للجنين في تجويف البطن، فالآية تصف مراحل تخلق الجنين خلقاً من بعد خلق، فلابد من عملية إيجاد من موجود سابق في كل ظلمة. في المبيض هناك خلق للبويضة من الخلية البيضية الأولية، وفي قناة فالبوب هناك خلق للنطفة الأمشاج من نطفتين، وفي الرحم هناك خلق للعلقة وباقي الأطوار، ولكن البويضة حين تمر في تجويف البطن إلى قناة فالوب تبقى كما هي فلا يحدث فيها أي تخليق، وعليه فأماكن التخليق ثلاثة وليس أربعة، ومن أحسن من الله قيلا.

خامساً: دلالة (خلقاً من بعد خلق)، ولماذا ليست (أطواراً)؟

أجمع المفسرون على أن (خلقا من بعد خلق) تعني الأطوار، وبدايتها النطفة، ولكن لابد أن معنى (خلقاً من بعد خلق) في الآية أدق وأوسع دلالةً من ذكر الأطوار، حيث جاءت خلق الأولي نكرة، والثانية نكرة، وهذا معناه أن الخلق الأول مختلف عن الخلق الثاني، وعن كل كل خلق لاحق، لأن النكرة تفيد التنوع والإختلاف، كما في آية (فإن مع العسر يسرا. إن مع العسر يسرا) فلا يغلب عُسر واحد يسرين، لأن يسر نكرة، فاليسر الأول غير الثاني. وعلمياً الجنين يمر بمراحل تخليق مُتعددة ليس فيها مرحلة تشبه التالية، فمع كل إنقسام خلوي تحدث زيادة في حجم الجنين، وإنتاج بروتينات جديدة، وتخصص خلوي، ولذا فناتج كل إنقسام لا يُشبه ما قبله من إنقسامات، وهذا الوصف يناسبه الخلق من بعد خلق، وليس الأطوار التي تصف مراحل جنينية معلومة بصفة معينة (صورة ٢)، وهذا الوصف مُعجز بشكل يفوق التصور، فالعلم حتى يشرح الإختلاف بين كل إنقسام لخلايا الجنين والذي يليه إلى نهاية الحمل، يحتاج للعديد من الكتب التي يصف فيه التغيرات الجينية والبروتينية، وما نتج عنها من خلايا مُتخصصة، وأنسجة وأعضاء، فسبحان الله الخلاق العليم.

سادساً: دلالة الظرف (من بعد) في الآية.

(من بعد) تصلح ظرف زمان، وأيضاً ظرف مكان، ولأنها فصلت خلق الأولي عن خلق الثانية (خلقاً من بعد خلق)، فهذا يعني أن الجنين يتحرك في بطن أمه من مكان لآخر عبر الزمان، فطور النطفة الأمشاج داخل قناة فالوب، يحدث بعد طور النطفة في المبيض، والأطوار داخل الرحم تحدث بعد طور النطفة الأمشاج في قناة فالوب. وعكس (من بعد) هو (من قبل)، فلو عُدنا للخلف في وصف أماكن تخلق الأطوار، فسنقول قناة فالوب قبل الرحم، والمبيض قبل قناة فالوب، وهذا يؤكد على أن الظلمات تقع بعضها بعد بعض، وليست داخل بعض، وأن الجنين قبل تعلقه بجدار الرحم كان يتحرك من مكان مظلم إلى آخر بعده في الترتيب. وهذا الفهم يؤكده حديث مُسلم (يَدْخُلُ الْمَلَكُ عَلَى النِّطْفَةِ بَعْدَمَا تَسْتَقِرُّ فِي الرَّحِم........الحديث). والشاهد من الحديث قول (بعدما تستقر في الرحم)، ومعلوم أن الإستقرار ضد الحركة، وفي ذلك إشارة لأن النطفة كانت مُتحركة، وتنتقل من مكان لآخر حتي وصلت للرحم لتستقر فيه (قرار مكين).

سابعاً: دلالة (في ظُلمات ثلاث)

تنكير الجمع (ظلمات ثلاث)، له دلالة الإطلاق والعموم، والتنوع، فينبغي أن تكون ظلمات مُختلفة، وذلك مثل قول الله (أو كصيب من السماء فيه ظلمات)، فتنكير الجمع (ظلمات) أفاد تنوعها واختلافها. وعليه فتنكير (ظلمات ثلاث) أفاد أنها ظلمات متنوعة مختلفة عن بعض، فلا تقع كلها داخل الرحم. يقول ابن عاشور في تفسيره (ويتعلق قوله في ظلمات ثلاث بالفعل يخلقكم)، وعليه فينبغي أن تستوعب الظلمات الثلاث جميع أطوار الجنين إبتداءاً من النطفة، فالفعل (يخلقكم) كما رأينا أعلاه يبدأ من النطفة.

بعد هذا الفهم السابق، لو أخذنا بقول المفسرين بأن الظلمات الثلاث هي ظلمة البطن والرحم والمشيمة، فقد وقعنا في عدة أخطاء؛
1. الظلمات الثلاث مظروفة مكانياً داخل البطون، فمُحال أن يكون تجويف البطن من الظلمات الثلاث.

2. سنخرج كل مراحل خلق الجنين قبل الرحم من الظلمات الثلاث، مع أنها داخل البطن، وداخل ظُلمة.

3. المشيمة علمياً لا تكتمل إلا بعد ثلاثة أسابيع بعد التلقيح، فيستحيل أن يقع الجنين داخل ظلمة المشيمة من بداية الحمل لنهايته.

وحديثاً بعد أن تبين أنه لا إعجاز في القول بأن الظلمات الثلاث هي المشيمة والرحم والبطن، فقد عدل بعض المُفسرين وكُتاب الإعجاز العلمي عن هذا القول، وفسروا الظلمات الثلاث بالأغشية الجنينية وعددها إثنان ( الأمنيوسي، والكوريوني)، وأما الظلمة الثالثة فعدها البعض الرحم، وعدها البعض الآخر الطبقة الداخلية من الرحم (الغشاء الساقط الكيسي). ولا فرق عندي بين القولين فكلاهما من الرحم، وهذا الرأي خطأ علمياً، ويخالف مفهوم الآية لغوياً كالآتي:

1. جعل الظلمات تبدأ من بعد مرحلة العلقة، بينما الآية تصف كل مراحل الخلق قبل وبعد العلقة، كما بينت أعلاه.

2. أغشية الجنين عددها إثنان في أول أربعة أشهر من الحمل (الأمنيوسي، والكوريوني)، ولكن يتحدان في غشاء واحد في باقي الحمل، وعليه فالظلمات ستكون صفر قبل العلقة، وثلاثة بعد العلقة في أول الحمل، ثم إثنان في باقي الحمل. ولا عبرة لمن يقول بأنه رغم إتحاد الغشاءان، فإن تركيبهما الخلوي مُختلف، فلو سلمنا لهم بذلك لإعتبرنا جدار الرحم ثلاث ظلمات وليست واحدة، لأن جدار الرحم يتكون من ثلاث طبقات مُتحدة مع بعض، وتركيبها مُختلف، وعندها سيكون الجنين مُحاط بخمس ظُلمات وليس ثلاث.

3. لو كان تخلق الجنين داخل الرحم فقط، والثلاث ظلمات داخل الرحم، فلا معنى عندها لذكر البطون في الآية، ولقال الله (يخلقكم في أرحام أمهاتكم)، وهو ما لم يحدث، فالبطون أدق من الأرحام، لإشتمالها على كل الأعضاء التي تتم فيها مراحل تخلق الجنين (المبيض، فالوب، الرحم). وأرجو ألا يُقال أطلق الله الكُل (بطون) وأراد البعض (الأرحام)، فخلق الجنين لا يتم داخل الرحم فقط.

خُلاصة ما سبق

1. قال القُرآن بخلق الجنين من خلال ثلاث مراحل مُختلفة (نطفة، نطفة أمشاج، باقي الأطوار)، وذلك في ثلاث ظلمات مختلفة ومتنوعة داخل بطون الأمهات، وهذا العدد مُتفق مع ما توصل له العلم عن خلق الجنين داخل ثلاثة أماكن مختلفة داخل بطن الأم، إبتداءاً من البويضة في المبيض، ثم النطفة الأمشاج في قناة فالوب، ثم باقي الأطوار في الرحم، وبذلك يظهر الإعجاز العلمي الحقيقي للظلمات الثلاث.

2. تفسير الظلمات الثلاث بالمبيض، وقناة فالوب، والرحم، هو أصوب من تفسيرها بطبقات المشيمة، أو بالمشيمة والرحم والبطن، وعلى المُخالف أن يثبت أن جميع مراحل الخلق من بعد خلق تقع كلها داخل الرحم، وأن جميع المراحل مُحاطة بالمشيمة من بداية النطفة إلى نهاية الحمل، وهو المستحيل بإذن الله تعالى، لأنه قول غير علمي، ولم يقل به القرآن.

3. كان القُرآن دقيقاً حين قال (يخلقكم) ليستدعي بداية الخلق بإحداث النطفة الأنثوية في بطن الأم، وهذا الفهم يُثبت أنه لا علاقة لنطفة المرأة بالإحتلام وماء الشهوة (الإفرازات الجنسية للمهبل)، ولكنها تتكون في ظلمات بطون الأمهات، ولهذه النقطة بحث خاص بإذن الله.

اللهم ما كان من توفيق فمنك وحدك وما كان من خطأ أو سهو أو نسيان فمني ومن الشيطان والله ورسوله منه براء.

د. محمود عبدالله نجا
كلية طب، جامعة المنصورة، مصر

■ المراجع: في التعليقات.
 
■ المراجع:

1. Gametogenesis (Spermatogenesis and Oogenesis)

2. Embryonic Development

3. The role of chorionic cytotrophoblasts in the smooth chorion fusion with parietal decidua
 
السلام عليكم ورحمة الله
وصلني الإعتراض التالي على هذا البحث
لماذا أدخلت النطفة المنفردة للمبيض (البويضة) في الخلق من بعد خلق، ومعلوم أن الله بدأ خلق الإنسان بالنطفة الأمشاج، وليس بنطفة المبيض (البويضة)؟
وهل بالضرورة قول الطبري (إحداث النطفة في البطن)، يشير لنطفة المبيض المنفردة؟، فهو غالبا قصد النطفة الأمشاج.

فأقول وبالله التوفيق
بداية اتفقنا على أن أحد مراحل خلق الإنسان هو حدوث تلقيح بين نطفتين، واحدة من الأب والأخرى من الأم، ويتم المشج اي الخلط بينهما لتتكون النطفة الامشاج، وهذا يحدث في قناة فالوب، واذا كانت النطفة الامشاج من الخلق بعد خلق، والظلمات الثلاث متعلقة بقول الله (يخلقكم في بطون امهاتكم خلقا من بعد خلق)، فبذلك تكون قناة فالوب داخلة في الظلمات الثلاث.

السؤال الآن
هل النطفة المنفردة سواء بويضة او حيوان منوي تسمى خلق أم لا؟
والجواب هو نعم تسمى خلق بنص القرآن
قال الله (أفرأيتم ما تمنون أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون)

والسؤال التالي
هل النطفة المنفردة ينسب لها خلق الإنسان كالنطفة الأمشاج أم لا؟
والجواب، هو نعم فما لا يتم الواجب الا به فهو واجب، ولا يمكن خلق النطفة الأمشاج بدون خلق النطاف المنفردة أولا
وكما قال الله (إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج)
أيضاً قال (وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَىٰ)، وقال (ألم يك نطفة من مني يمنى)
قال الطبري (خلق ذلك من نطفة إذا أمناه الرجل والمرأة).

وقال الله (فلينظر الإنسان مم خلق، خلق من ماء دافق)
والمراة لها ماء دافق من المبيض اصفر رقيق، كما أن الرجل له ماء دافق.

وعليه فمن مراحل خلق الإنسان خلقه من النطفة المنفردة قبل خلقه من النطفة الأمشاج، وما اصرح قول الله (خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيم)، وقول الله (أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة).

وطالما النطفة المنفردة خلق خاص، ومرحلة من مراحل خلق الإنسان، فبالله لماذا لا تدخل في الخلق من بعد خلق؟
هل في الآية قيد ما يمنع ذلك؟
والجواب هو لا فصيغة الآية عامة تستوعب كل ما يقال له خلق في بطون الأمهات، فالآية (يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق) لم تذكر النطفة ولم تحدد نقطة البداية، ومن حدد نقطة البداية هو لغة الاية واجتهاد المفسرين لفهم هذه اللغة، فهم فهموا أن يخلقكم يستدعي إحداث النطفة في البطن، وخلقا من بعد خلق هي الاطوار شاملة طور النطفة، فهل ننكر ذلك؟

قد يكون الطبري وغيره قصدوا النطفة الامشاج وليس النطفة المنفردة، وذلك لعدم علمهم بنطفة المبيض، فهل فهمهم هو عين ما اراد الله؟!.

دعونا نسال السؤال التالي
هل النطفة المنفردة للمرأة (البويضة) يمكن ان يقال لها خلقا من بعد خلق؟
والجواب هو نعم، فهي مخلوقة بنص قول الله
أفرايتم ما تمنون، أأنتم تخلقونه ام نحن الخالقون
وعلميا البويضة خلية مختلفة تركيبيا عن الخلايا البيضية الاولية في المبيض، فلابد من انقسام منصف لخلق البويضة بنصف العدد المشيجي وإنتاج الأجسام القطبية.
وخلق البويضة أيضا يحدث بعد خلق سابق وهو خلق الخلية البيضية الاولية
فهل ننكر ذلك؟

وليس ذلك فقط، فالمبيض في البطن مثل قناة فالوب والرحم، فلماذا نقبل ما في قناة فالوب والرحم ونرفض ما في المبيض؟

وعليه فالاية سمت كل طور في البطون خلق، ولان قبله خلق اخر مختلف، فقيل خلقا من بعد خلق، وهي بلا شك تحتمل النطفة المنفردة للمبيض كما تحتمل النطفة الامشاج، فالنكرة تتسع لكل ما يقال عنه خلق في بطن الام، فاذا استثنيتم منه خلق المبيض فيلزمكم الدليل.

ملحوظة
قد يقول قائل
طالما ادخلتم النطفة المتفردة للمبيض في الخلق من بعد خلق، فلماذا لا ندخل نطفة الخصية عند الرجل في الخلق من بعد خلق؟
فاقول وبالله التوفيق، في الآية قيد يمنع ذلك وهو ذكر بطون الأمهات، فالتخصيص اوضح من ان يتسع ليشمل ظلمة صاب الرجل أو ظلمة الليل (قول لبعض المفسرين)

د. محمود عبدالله نجا
 
السلام عليكم ورحمة الله
وصلني الإعتراض التالي على هذا البحث
لماذا أدخلت النطفة المنفردة للمبيض (البويضة) في الخلق من بعد خلق، ومعلوم أن الله بدأ خلق الإنسان بالنطفة الأمشاج، وليس بنطفة المبيض (البويضة)؟
وهل بالضرورة قول الطبري (إحداث النطفة في البطن)، يشير لنطفة المبيض المنفردة؟، فهو غالبا قصد النطفة الأمشاج.

فأقول وبالله التوفيق
بداية اتفقنا على أن أحد مراحل خلق الإنسان هو حدوث تلقيح بين نطفتين، واحدة من الأب والأخرى من الأم، ويتم المشج اي الخلط بينهما لتتكون النطفة الامشاج، وهذا يحدث في قناة فالوب، واذا كانت النطفة الامشاج من الخلق بعد خلق، والظلمات الثلاث متعلقة بقول الله (يخلقكم في بطون امهاتكم خلقا من بعد خلق)، فبذلك تكون قناة فالوب داخلة في الظلمات الثلاث.

السؤال الآن
هل النطفة المنفردة سواء بويضة او حيوان منوي تسمى خلق أم لا؟
والجواب هو نعم تسمى خلق بنص القرآن
قال الله (أفرأيتم ما تمنون أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون)

والسؤال التالي
هل النطفة المنفردة ينسب لها خلق الإنسان كالنطفة الأمشاج أم لا؟
والجواب، هو نعم فما لا يتم الواجب الا به فهو واجب، ولا يمكن خلق النطفة الأمشاج بدون خلق النطاف المنفردة أولا
وكما قال الله (إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج)
أيضاً قال (وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَىٰ)، وقال (ألم يك نطفة من مني يمنى)
قال الطبري (خلق ذلك من نطفة إذا أمناه الرجل والمرأة).

وقال الله (فلينظر الإنسان مم خلق، خلق من ماء دافق)
والمراة لها ماء دافق من المبيض اصفر رقيق، كما أن الرجل له ماء دافق.

وعليه فمن مراحل خلق الإنسان خلقه من النطفة المنفردة قبل خلقه من النطفة الأمشاج، وما اصرح قول الله (خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيم)، وقول الله (أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة).

وطالما النطفة المنفردة خلق خاص، ومرحلة من مراحل خلق الإنسان، فبالله لماذا لا تدخل في الخلق من بعد خلق؟
هل في الآية قيد ما يمنع ذلك؟
والجواب هو لا فصيغة الآية عامة تستوعب كل ما يقال له خلق في بطون الأمهات، فالآية (يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق) لم تذكر النطفة ولم تحدد نقطة البداية، ومن حدد نقطة البداية هو لغة الاية واجتهاد المفسرين لفهم هذه اللغة، فهم فهموا أن يخلقكم يستدعي إحداث النطفة في البطن، وخلقا من بعد خلق هي الاطوار شاملة طور النطفة، فهل ننكر ذلك؟

قد يكون الطبري وغيره قصدوا النطفة الامشاج وليس النطفة المنفردة، وذلك لعدم علمهم بنطفة المبيض، فهل فهمهم هو عين ما اراد الله؟!.

دعونا نسال السؤال التالي
هل النطفة المنفردة للمرأة (البويضة) يمكن ان يقال لها خلقا من بعد خلق؟
والجواب هو نعم، فهي مخلوقة بنص قول الله
أفرايتم ما تمنون، أأنتم تخلقونه ام نحن الخالقون
وعلميا البويضة خلية مختلفة تركيبيا عن الخلايا البيضية الاولية في المبيض، فلابد من انقسام منصف لخلق البويضة بنصف العدد المشيجي وإنتاج الأجسام القطبية.
وخلق البويضة أيضا يحدث بعد خلق سابق وهو خلق الخلية البيضية الاولية
فهل ننكر ذلك؟

وليس ذلك فقط، فالمبيض في البطن مثل قناة فالوب والرحم، فلماذا نقبل ما في قناة فالوب والرحم ونرفض ما في المبيض؟

وعليه فالاية سمت كل طور في البطون خلق، ولان قبله خلق اخر مختلف، فقيل خلقا من بعد خلق، وهي بلا شك تحتمل النطفة المنفردة للمبيض كما تحتمل النطفة الامشاج، فالنكرة تتسع لكل ما يقال عنه خلق في بطن الام، فاذا استثنيتم منه خلق المبيض فيلزمكم الدليل.

ملحوظة
قد يقول قائل
طالما ادخلتم النطفة المتفردة للمبيض في الخلق من بعد خلق، فلماذا لا ندخل نطفة الخصية عند الرجل في الخلق من بعد خلق؟
فاقول وبالله التوفيق، في الآية قيد يمنع ذلك وهو ذكر بطون الأمهات، فالتخصيص اوضح من ان يتسع ليشمل ظلمة صاب الرجل أو ظلمة الليل (قول لبعض المفسرين)

د. محمود عبدالله نجا
 
السلام عليكم ورحمة الله
وصلني الإعتراض التالي على البحث أعلاه
لماذا لا يكون مراد الله من الخلق بعد خلق هو الأطوار داخل الرحم والأغشية المشيمية فقط، او هو تصوير الجنين، ومعلوم أن تصوير الجنين يبدأ في الرحم بعد ان يصل عمر النطفة ٤٢ ليلة، وبذلك يصح تفسير المفسرين ان الظلمات الثلاث هي البطن والرحم واغشية المشيمة، ولكن عند توقيت معين من الحمل.

فأقول وبالله التوفيق
بداية الآية لم تحدد توقيت معين من الحمل، بل الظاهر انها تصف كل مراحل خلق الجنين كما قال المفسرون.
ثانيا، صاحب السؤال أدرك معضلة قول المفسرين أن الظلمات الثلاث هي البطن والرحم واغشية المشيمة، فخلق الجنين لا يقع كله داخل الرحم، فهناك خلق في المبيض وفي قناة فالوب، وايضا خلق الجنين لا يقع كله داخل اغشية المشيمة لانها تنشأ بعد ٣ الى ٤ اسابيع من تلقيح النطفة، ومعنى ذلك أن هناك مراحل كثيرة غير محاطة باغشية المشيمة، منها النطفة الامشاج، والموريولا، والبلاستوسيست، والعلقة وبداية المضغة، وهذا يعني ان هناك ٣ الى ٤ اسابيع يكون فيها الجنين في ظلمتين؛ البطن والرحم، وهذه الملاحظة بالفعل تستحق التوقف عندها، فالله ذكر ٣ ظلمات وليس ٢، وهذا ما جعل صاحب السؤال يعطي تفسير جديد للخلق من بعد خلق ليحل هذه المعضلة، فافترض ان مراد الاية هو التخليق بعد تكون أغشية المشيمية وبمعنى أدق هو التصوير الذي اشار له حديث الرسول في صحيح مسلم (اذا بلغت النطفة ثنتان واربعين ليلة اتاها ملك من قبل الله فصورها وخلق لها......الحديث).

ولكن هذا الحل يخالف فهم المفسرين، ويخالف المعنى اللغوي للخلق والفرق بينه وبين التصوير؛
١. مخالفته لفهم المفسرين، فهم فهموا ان الفعل يخلقكم يشير لبداية الجنين، فقال الطبري بأنه يبدأ بإحداث النطفة في بطن الأم. وفهموا ان الخلق من بعد خلق يشمل كل اطوار الجنين، وفيها النطفة والعلقة والمضغة، وهذا يعني ان كل طور فيها محاط بثلاث ظلمات، وهو ما لم يتحقق علميا، فالنطفة و العلقة وبداية المضغة لا تحاط باغشية المشيمة، فتكون في ظلمتين وليس ثلاث.

٢. مخالفته لمعنى الخلق، والفرق بينه وبين التصوير
فالخلق إيجاد من عدم او ايجاد لشيء من شيء مع النماء والزيادة، فأي انقسام يحدث في النطفة او النطفة الامشاج وما يليها من مراحل يكون فيه ايجاد لشيء من شيء سابق، ونماء وزيادة في الحجم وعدد الخلايا وتنشيط جينات وتثبيط اخرى، وخلق للعديد من البروتينات وحدوث تمايز خلوي، وكل ذلك حتما يصفه الخلق من بعد خلق، ولو كان مراد الله هو تصوير الجنين داخل اغشية المشيمة فمؤكد دقة القرآن كانت تقتضي ان تكون الاية كالتالي (يصوركم في ارحام امهاتكم في ظلمات)، فالتصوير غير الخلق ويقتضي احداث صورة شكلية لم تكن موجودة، والارحام غير البطون، فالبطون اوسع وتشمل مراحل لا توجد داخل الرحم، ولذا ربط الله التصوير بالارحام وليس بالبطون فقال (هو الذي يصوركم في الأرحام) ٦ ال عمران.

وعليه فدقة ألفاظ القرآن تقتضي ان يكون هناك خلق من بعد خلق خارج وداخل الرحم، خارج الرحم في المبيض وقناة فالوب، وبذلك تكون الظلمات غير متراكبة، ولكن ظلمة بعد ظلمة، وتتسع هذه الظلمات الثلاث لكل مراحل خلق الجنين داخل بطن أمه قبل وبعد حدوث التصوير، والله تعالى أعلى وأعلم.

د. محمود عبدالله نجا
 
السلام عليكم ورحمة الله
إعتراض ثالث على البحث أعلاه
لو فرضنا جدلا وافقناك على أن قناة فالوب فيها بعض مراحل الخلق من بعد خلق وأنها مجوفة وبها ظلمة مثل الرحم، فكيف نعتبر المبيض ظلمة أولى في بطون الأمهات، والمبيض عضو مصمت ولا توجد به ظلمة كظلمة تجويف قناة فالوب وظلمة تجويف الرحم؟
ثم إن البويضة إذا خرجت من المبيض ستمر اولا بظلمة تجويف البطن قبل الدخول لظلمة قناة فالوب، وهذا يعني مرور خلق الجنين بأربع ظلمات وليس ثلاث ظلمات كما بينت الآية!!!

فأقول وبالله التوفيق
نعم المبيض تشريحياً عضو مصمت، ولكن البويضة لا تخلق داخل التركيب المصمت للمبيض كما يظن بعض من لم يدرسوا الطب، فكل بويضة تنشأ وتستكمل التخليق داخل حاضنة مجوفة تعرف باسم حوصلة جراف Grafian follicle، وهذه الحوصلة تزداد حجما بمرور زمن الدورة الشهرية، وذلك نتيجة لتجمع سائل اصفر داخلها، فتبرز على سطح المبيض بحجم بيضة الحمامة تقريبا (قد تصل الى ٣.٥ سم احياناً)، ولو قمنا بتسليط ضوء على الحوصلة من الخارج لرأينا ما بداخلها، كما يمكن استخراج البويضة من حوصلة جراف من خلال إجراء طبي يسمى "سحب البويضات" كجزء من عملية التلقيح الصناعي. يقوم الطبيب باستخدام إبرة دقيقة موجهة بالأشعة فوق الصوتية لسحب السائل والبويضات من الحويصلات الناضجة في المبيض، وكل ذلك لأن حوصلة جراف مجوفة.

بل إن هناك مرض معروف قد يؤدي للعقم عند النساء تكون فيه الحوصة رتقاء أي مصمتة ويعرف باسم الرتق الجريبي Follicular atresia، وهذا يمنع تكون البويضة عند غياب التجويف المظلم.
مما سبق يتبين ان البويضة تخلق داخل تجويف مظلم وليس نسيج مصمت كما يظن البعض.

وبالنسبة لمرور البويضة في تجويف البطن، هل يعد تجويف البطن ظلمة رابعة؟

المعترض لم ينتبه إلى أن الآية تصف مراحل تخلق الجنين وحين تمر البويضة في تجويف البطن إلى قناة فالوب فلا يوجد تخليق، وبالتالي فأماكن التخليق ثلاث وليس أربع.
الخلق لغة الإيجاد، والإيجاد إما من عدم أو إيجاد من موجود سابق كإيجاد آدم من طين، أو كإيجاد الذرية من نطفة، فعندما قال الله (يخلقكم في بطون امهاتكم خلقا من بعد خلق في ظلمات ثلاث)، فمعنى الخلق هنا إيجاد مخلوق من مخلوق سابق، في المبيض يخلق الله البويضة (النطفة الأنثوية) من الخلية المشيجية التي تسبق مرحلة البويضة، وفي قناة فالوب يخلق الله النطفة الأمشاج من النطفة الأنثوية والذكرية، ثم تنقسم النطفة الأمشاج انقسامات متتالية لينتج في كل مرة خلق جديد من الخلق السابق وذلك أثناء تحركها عبر قناة فالوب ثم في الرحم قبل وبعد الإستقرار، ولكن حين تمر البويضة من المبيض إلى قناة فالوب عبر تجويف البطن فإنها تعبر كما هي بدون أي تخليق جديد يحدث فيها، ولذا فالخلق من بعد خلق يقع في ثلاث ظلمات (المبيض، وفالوب، والرحم) وليس أربع ظلمات، ولا ينبئك مثل خبير، والله تعالى أعلى وأعلم.

د. محمود عبدالله إبراهيم نجا
 
الإعتراض الرابع

هناك آية في القرآن ربما تدعم أن الخلق من بعد خلق من أول النطفة إلى منتهى الحمل يقع كله داخل الرحم، فتكون الظلمات الثلاث كلها داخل الرحم حيث قال الله (ولقد خلقنا الانسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين)، والآية صريحة في أن النطفة في قرار مكين أي في الرحم، وطبعا باقي المراحل في الرحم، وهذا يدعم قول المفسرين أن الظلمات الثلاث هي المشيمة والرحم والبطن.

فأقول وبالله التوفيق
ملاحظة أكثر من رائعة، ولكنها اهملت عدة أشياء.

في البداية ينبغي أن ننتبه لأن صيغة الآية جعلت الظلمات الثلاث حاوية لكل مراحل الخلق من بعد خلق، وهذا فهم المفسرين وليس فهمي، فعندهم الفعل يخلقكم يبدأ من النطفة، والخلق من بعد خلق هو الاطوار بداية من النطفة، وفي ظلمات ثلاث متعلقة بالفعل يخلقكم، وبالتالي متعلقة بالخلق من بعد خلق.
علمياً، النطفة الامشاج وما يتبعها من انقسامات حتى تصبح توتية ثم بلاستوسيست ثم علقة ثم مضغة، كل هذه المراحل لا توجد داخل الاغشية المشيمية، وسبق قلت الجنين لمدة ٣ الى ٤ اسابيع يكون خارج الاغشية المشيمية، وبالتالي عدد الظلمات سيتغير من ٢ في بداية الحمل الى ٣ بعد تكون الاغشية المشيمية.

فهل صيغة الآية تحتمل هذا التغير في عدد الظلمات؟
بالطبع لا

واسمحوا لي أن أصدمكم علميا
فالجنين حين يكون علقة لا يتواجد داخل تجويف الرحم كما يظن البعض، ولكن ينغرس في بطانة الرحم ويختفي داخلها حتى تتكون المشيمة فيبدأ بالخروج من بطانة الرحم الى تجويف الرحم لاحقا.
وهذا يؤكد تغير مسمى الظلمات من وقت لآخر، ولا احد يذكر ظلمة جدار الرحم، فقط يذكرون تجويف الرحم.

ijms-21-01973-g001.png

ولا انسى ان أذكر أن الخلق في ظلمات ثلاث مظروف في البطون، ولذا بالنسبة لي لا اعتبر البطن من الظلمات الثلاث.

ثانياً:
ينبغي أن نفهم ما هي النطفة في قرار مكين، وهل تقع داخل الأغشية المشيمية ام لا.
القرآن ذكر النطفة في أكثر من موضع وفي كل موضع المعنى المراد يختلف بحسب السياق وعليه فكلمة نطفة تشير لثلاثة مراحل من مراحل خلق الجنين وكلها قبل مرحلة العلقة، فالقرآن يسمي الجنين نطفة حتى يصل لمرحلة العلقة (فخلقنا النطفة علقة)، وهذه المراحل الثلاث كالآتي؛

1. النطفة بمعنى البويضة والحيوان المنوي
قال الله (ألم يك نطفة من مني يمني) فالنطفة هنا إما الحيوان المنوي أو البويضة، وطبعا هذا قبل التلقيح، ومعلوم قول النبي (ما من كل الماء يكون الولد)، وقول النبي (نطفة المرأة صفراء)

2. النطفة الأمشاج
قال الله (إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج)، كلمة أمشاج أعطت بعدا جديدا لفهم النطفة فالمشج خلط بين شيئين او لونين ولذا فهمنا أنه حدث تلقيح ومشج بين الحيوان المنوي (نطفة الرجل) والبويضة (نطفة الانثى)، وهذا هو ترجيح الطبري لتفسير هذه الآية.

3. النطفة في قرار مكين
النطفة هنا يفسرها السياق فالقرار المكين هو الرحم والنطفة لا تدخل الرحم الا بعد أن تمر بمرحلة نطفة من مني يمنى ثم نطفة أمشاج بعد التلقيح وخلط ماء المرأة بماء الرجل وقد اشار الله لذلك بقوله (ألم نخلقكم من ماء مهين. ثم جعلناه في قرار مكين)، والخلق من ماء مهين لا يدخل الرحم الا بعد المشج وتكون النطفة الأمشاج في قناة فالوب، والتي تتقسم كما اشرت سابقا انقسامات عديدة، فتدخل الرحم بعد ان تكون علميا في مرحلة اسمها بلاستوسيست (عدد كبير من خلايا جنينية، وخلايا مولدة للمشيمة، وداخلها تجويف)، وبرغم هذا التحول الكبير في تركيب الجنين، إلا أن الشكل الخارجي يبدو كالنكفة، ولذا سمى الله الجنين نطفة حتى يتحول الى طور العلقة عند اليوم السادس او السابع من الحمل. قال الله (إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ ۚ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ)، فمصطلح النطفة يعبر عن جميع المراحل التي قبل العلقة.

البعض سيعترض ويقول كيف نطلق مصطلح النطفة على الجنين الذي الذي تحول إلى خلايا متعددة قبل مرحلة العلقة؟!
ألا يطعن ذلك في أن القرآن به إعجاز علمي؟

فأقول وبالله التوفيق
للعلم مصطلحاته التي تستند لدراسات طويلة ومضنية للتفريق بين الأشياء ومن ذلك مصطلحات علم الأجنة مثل البويضة والزيجوت والتوتية والكيسة الأرومية (البلاستوسيست)وغيرها، وهي مصطلحات يتم شرحها ووصفها في صفحات وهذا ليس منهج القرآن الذي يعتمد على الإشارت الواضحة لأولي الألباب، وكل لبيب بالإشارة يفهم.
ولذا عندما تنظر الى مصطلحات القرآن فسنجد أنها تصف مراحل التكوين الجنيني بطريقتين، الأولى هي الأطوار والثانية هي الخلق من بعد خلق، فلو لم يذكر الله الخلق من بعد خلق المصاحب لخلق الجنين من المبيض إلى الرحم لكان هذا الإعتراض مقبول.

الأطوار تمثل وصف ظاهري لبعض المراحل الأكثر وضوحا في أثناء تخلق الجنين ومنها النطفة والنطفة الأمشاج والعلقة والمضغة المخلقة وغير المخلقة، ثم العظام
فاللحم، ثم انشاناه خلقا آخر.
علميا بويضة المرأة كبيرة نسبيا (٠.١ الى ٠.٢ ملم) وتشبه قطرة الماء، وبعد تلقيحها برأس الحيوان المنوي لتكوين النطفة الأمشاج (الزيجوت) وبعد عدة انقسامات، نجد أنه برغم زيادة عدد الخلايا بداخلها إلا أن هذا لا يغير شكلها عن مجرد قطرة ربما تزيد قليلا في الحجم في مرحلة الكيسة الأريمية Blastocyst وذلك في اليوم الخامس من الحمل كما في الصورة المرفقة أدناه، ولذا سمى الله كل ما هو قبل العلقة باسم النطفة لأن الشكل الظاهري يكاد لا يتغير عن القطرة، وتعتبر بداية التغير في اليوم السادس بعد أن تفقس الكيسة الأرومية وتخرج الكتلة الخلوية منها لتنغرس في بطانة الرحم لتتحول النطفة الى مرحلة العلقة.
ويمكن تشبيه الزيادة في عدد الخلايا مع عدم التغير في الشكل ببيضة الطيور حيث نرى شكلها ثابت بالرغم من الزيادة المستمرة في عدد خلايا الجنين المتكون ولا نعرف ذلك إلا عند الفقس.
نفس الشيء يحدث في الانسان، فالبويضة يحيط بها طبقة سميكة تقاوم التغير في الشكل والحجم بعد التلقيح وزيادة عدد الخلايا بالإنقسام، فإذا وصلت حوالي ١٠٠ خلية يحدث الفقس ليخرج الجنين ليتعلق بجدار الرحم في اليوم السادس.
يمكن مشاهدة التغيرات التي تطرأ على النطفة وحتى العلقة في الفيديو الآتي
hatching blastocyst = فقس الكيسة الأرومية

iStock-1266868547.webp
ولأن النطفة مصطلح يصف الشكل الخارجي بالقطرة ولا يصف التغير الداخلي فكل تغير بداخلها بحاجة لوصف زائد يدل عليه مثل ما حدث عند التلقيح والمشج مع الحيوان المنوي فوصفها الله بالنطفة الأمشاج، فدل وصف النطفة على شكلها الظاهري وأنه لم يتغير عن شكل النطفة من مني يمنى، ودل وصف الأمشاج على عملية التلقيح او مشج النطفتين بداخلها.

ولكن ما هو الوصف الذي استخدمه القرآن ليدل على الزيادة في عدد الخلايا بداخل النطفة؟
هذا التغير الداخلي في تركيب النطفة ذكره الله بمصطلح الخلق من بعد خلق، فمع كل انقسام بداخل النطفة تنتج خلايا جديدة تجعل الخلق الثاني غير الأول، وقد بينت سابقا أن خلق الاولى والثانية نكرة لتدل على أن الثانية غير الأولى.
إذا القرآن دقيق جدا في الوصف، مرة يستعمل النطفة لوصف الظاهر للعيون ومرة اخرى يذكر المراحل الخفية بداخل النطفة بالخلق من بعد خلق، فسبحان من هذا كلامه وصلى الله على رسولنا الكريم الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي من قبل العليم الخبير.

■ مما سبق يتبين لنا الآتي:
النطفة في قرار مكين تصف جنين متعدد الخلايا به فعلا خلق من بعد خلق اكتسبه في قناة فالوب قبل الدخول للرحم، فالشكل في الرحم نطفة والتركيب جنين متعدد الخلايا، وهذه النطفة والعلقة وبداية المضغة، كلها لا تقع داخل الاغشية المشيمية لمدة ٣ اسابيع وربما أربعة، مما يجعلنا نفكر في ظلمات ثلاث غير البطن والرحم والمشيمة، ظلمات ثلاث تسع كل خلق من بعد خلق في الجنين، سواء في المبيض، او قناة فالوب او الرحم، ظلمات بعضها بعد بعض، وليس داخل بعض، أو فوق بعض والله تعالى أعلى واعلم.

د. محمود عبدالله نجا
 
عودة
أعلى