بشير عبدالعال
Member
أَوْجُهٌ وَجِيهَةٌ وَجَدِيدَةٌ فِي إِعْجَازِ الْقُرْآنِ الكَرِيمِ وَلَطَائِفِهِ
الِاخْتِصَارِ وَالْإِيجَازِ فِي تَحْقِيقِ وُجُوهِ الْإِعْجَازِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أَرْسَلَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاَللَّهِ شَهِيدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا.الِاخْتِصَارِ وَالْإِيجَازِ فِي تَحْقِيقِ وُجُوهِ الْإِعْجَازِ
نَفتَحُ هَذَا المَوَضُوعَ مَرَّةً ثَانِيَةً بِعَونِ اللهِ تَعَالَى فَقَط- وَلكِن بِطَرِيقَةٍ أُخرَى – وَلَن نَتَعَجَّلَ فِي عَرضِهِ- فَقَدْرُهُ كَبِيرٌ – والأُمُورُ العِظَامُ لا يُمكِنُ التَّعجِيِلُ بِهَا ..
وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ، وَعَلَيْهِ التُّكْلَانُ َأنْ يُعَجِّلَ بِالْمُلْحِدِينَ النَّكَالَ؛ لِصَلَاحِ الْحَالِ وَحَسْمِ مَادَّةِ الضَّلَالِ. وَهُوَ حَسْبُنَا وَنِعْمَ الْوَكِيلُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ- وَهُوَ الْمَسْئُولُ أَنْ يَهْدِيَ قُلُوبَنَا وَيُسَدِّدَ أَلْسِنَتَنَا وَأَيْدِيَنَا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، وَلَا رَبَّ سِوَاهُ.
أَوَّلاً ..........الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ...
قَالَ تَعَالَى :{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا (3)}
قَالَ فِي تَفسِيِرِ المَنَارِ............
(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) وَلَا مَعْنًى لِلْإِكْمَالِ إِلَّا وَفَاءُ النُّصُوصِ بِمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ أَهْلُ الشَّرْعِ إِمَّا بِالنَّصِّ عَلَى كُلِّ فَرْدٍ أَوْ بِانْدِرَاجِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ تَحْتَ الْعُمُومَاتِ الشَّامِلَةِ ، وَمِمَّا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى : (مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ) وَقَوْلُهُ : (وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) . وَقَوْلُهُ : (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ) .
تَأَمَّلْ هَذِهِ جَيّدَا ..{ وَفَاءُ النُّصُوصِ بِمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ أَهْلُ الشَّرْعِ }.
قَالَ ابنُ كَثيرٍ رحِمَهُ اللهُ:
قَوْلُهُ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِينًا} هَذِهِ أَكْبَرُ نِعَمِ اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ، عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ حَيْثُ أَكْمَلَ تَعَالَى لَهُمْ دِينَهُمْ، فَلَا يَحْتَاجُونَ إِلَى دِينِ غَيْرِهِ، وَلَا إِلَى نَبِيٍّ غَيْرِ نَبِيِّهِمْ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ؛ وَلِهَذَا جَعَلَهُ اللَّهُ خَاتَمَ الْأَنْبِيَاءِ، وَبَعَثَهُ إِلَى الْإِنْسِ وَالْجِنِّ، فَلَا حَلَالَ إِلَّا مَا أَحَلَّهُ، وَلَا حَرَامَ إِلَّا مَا حَرَّمَهُ، وَلَا دِينَ إِلَّا مَا شَرَعَهُ، وَكُلُّ شَيْءٍ أَخْبَرَ بِهِ فَهُوَ حَقٌّ وَصِدْقٌ لَا كَذِبَ فِيهِ وَلَا خُلْف، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلا} [الْأَنْعَامِ: 115] أَيْ: صِدْقًا فِي الْأَخْبَارِ، وَعَدْلًا فِي الْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي، فَلَمَّا أَكْمَلَ الدِّينَ لَهُمْ تَمَّتِ النِّعْمَةُ عَلَيْهِمْ ؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِينًا} أَيْ: فَارْضَوْهُ أَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ، فَإِنَّهُ الدِّينُ الَّذِي رَضِيَهُ اللَّهُ وَأَحَبَّهُ وَبَعَثَ بِهِ أَفْضَلَ رُسُلِهِ الْكِرَامِ، وَأَنْزَلَ بِهِ أَشْرَفَ كُتُبِهِ.
قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلَهُ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} وَهُوَ الْإِسْلَامُ، أَخْبَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنِينَ أَنَّهُ أَكْمَلَ لَهُمُ الْإِيمَانَ، فَلَا يَحْتَاجُونَ إِلَى زِيَادَةٍ أَبَدًا، وَقَدْ أَتَمَّهُ اللَّهُ فَلَا يَنْقُصُهُ أَبَدًا، وَقَدْ رَضِيَهُ اللَّهُ فَلَا يَسْخَطُه أَبَدًا.
جاء في كِتابِ : مِفتاحِ دَارِ السَّعَادِةِ ومَنشُورِ وِلايَةِ العِلمِ والإرَادَة لابنِ القَيَّمِ رحِمَهُ اللهُ:
وَتَأمل كَيفَ وَصفَ الدّينَ الَّذِي اخْتَارَهُ لَهُم بالَكَمَالِ وَالنَّعْمَة الَّتِي أسبَغَهَا عَلَيْهِم بالتَّمَامِ إِيذَانًا فِي الدّينِ بِأَنَّهُ لَا نَقصَ فِيهِ وَلَا عَيبَ وَلَا خَللَ وَلَا شَيْء خَارِجَا عَن الْحِكْمَة بِوَجْه بَل هُوَ الْكَامِلُ فِي حُسنِهِ وجَلالِتِه .
وَوصَفَ النِّعْمَة بالتَّمامِ إِيذَانًا بِدَوامِها واتِّصَالِهَا وَأَنه لَا يَسلُبهُم إِيَّاهَا بَعدَ إِذْ أعطَاهُموهَا بَل يُتمهَا لَهُم بالدَّوامِ فِي هَذِه الدَّار وَفِي دَار الْقَرَارِ .
قال السَّعديُّ رحِمَهُ اللهُ:
{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ } بِتَمام النَّصرِ، وتكميلِ الشَّرائع الظاهرةِ والباطنةِ، الأصولِ والفُروعِ، ولهذا كانَ الكِتابُ والسُّنَةُ كَافِيينِ كُلَّ الكِفايَةِ، في أحكَامِ الدَّينِ أُصُولِه وفُروعِه.
فكلُّ مُتكلفٍ يزعمُ أنه لا بدَّ للناس في مَعرفة عَقائدِهم وأحكامِهم إلى عُلومِ غير عِلمِ الكِتابِ والسُّنَةِ ، من علم الكَلامِ وغيرِه، فهو جاهلٌ، مُبطلٌ في دَعواه، قد زعمَ أن الدَّينَ لا يكملُ إلا بما قَاله ودعَا إليه، وهَذا من أعظمِ الظُّلمِ والتَّجهِيلِ للهِ ولرسُولِه.{ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي } الظاهرة والباطنة { وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِينًا } أي: اخترته واصطفيتُه لكم دينا، كَما ارتَضيتُكم له، فقُوموا به شُكرا لرَبكم، واحمُدوا الذَّي مَنَّ عليكُم بأفضلِ الأديَانِ وأشرَفهَا وَأكمَلِهَا.
جاء في كِتابِ : مِفتاحِ دَارِ السَّعَادِةِ ومَنشُورِ وِلايَةِ العِلمِ والإرَادَة لابنِ القَيَّمِ رحِمَهُ اللهُ:
وَكَانَ بعضُ السّلفِ الصَّالحِ يَقُولُ يَالَه مِن دِينٍ لَو أنَّ لَهُ رجَالًا.
قالَ الذَهبيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي سِيَرِ أعلامِ النُّبَلاءِ ..........
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَدْهَمَ رَحِمَهُ اللهُ : وَأَيُّ دِيْنٍ لَوْ كَانَ لَهُ رِجَالٌ!