أَوْجُهٌ وَجِيهَةٌ وَجَدِيدَةٌ فِي إِعْجَازِ الْقُرْآنِ الكَرِيمِ وَلَطَائِفِهِ

إنضم
21/12/2015
المشاركات
1,712
مستوى التفاعل
13
النقاط
38
الإقامة
مصر
أَوْجُهٌ وَجِيهَةٌ وَجَدِيدَةٌ فِي إِعْجَازِ الْقُرْآنِ الكَرِيمِ وَلَطَائِفِهِ
الِاخْتِصَارِ وَالْإِيجَازِ فِي تَحْقِيقِ وُجُوهِ الْإِعْجَازِ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أَرْسَلَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاَللَّهِ شَهِيدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا.

نَفتَحُ هَذَا المَوَضُوعَ مَرَّةً ثَانِيَةً بِعَونِ اللهِ تَعَالَى فَقَط- وَلكِن بِطَرِيقَةٍ أُخرَى – وَلَن نَتَعَجَّلَ فِي عَرضِهِ- فَقَدْرُهُ كَبِيرٌ – والأُمُورُ العِظَامُ لا يُمكِنُ التَّعجِيِلُ بِهَا ..

وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ، وَعَلَيْهِ التُّكْلَانُ َأنْ يُعَجِّلَ بِالْمُلْحِدِينَ النَّكَالَ؛ لِصَلَاحِ الْحَالِ وَحَسْمِ مَادَّةِ الضَّلَالِ. وَهُوَ حَسْبُنَا وَنِعْمَ الْوَكِيلُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ- وَهُوَ الْمَسْئُولُ أَنْ يَهْدِيَ قُلُوبَنَا وَيُسَدِّدَ أَلْسِنَتَنَا وَأَيْدِيَنَا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، وَلَا رَبَّ سِوَاهُ.

أَوَّلاً ..........الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ...

قَالَ تَعَالَى :{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا (3)}

قَالَ فِي تَفسِيِرِ المَنَارِ............
(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) وَلَا مَعْنًى لِلْإِكْمَالِ إِلَّا وَفَاءُ النُّصُوصِ بِمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ أَهْلُ الشَّرْعِ إِمَّا بِالنَّصِّ عَلَى كُلِّ فَرْدٍ أَوْ بِانْدِرَاجِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ تَحْتَ الْعُمُومَاتِ الشَّامِلَةِ ، وَمِمَّا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى : (مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ) وَقَوْلُهُ : (وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) . وَقَوْلُهُ : (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ) .

تَأَمَّلْ هَذِهِ جَيّدَا ..{ وَفَاءُ النُّصُوصِ بِمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ أَهْلُ الشَّرْعِ }.

قَالَ ابنُ كَثيرٍ رحِمَهُ اللهُ:

قَوْلُهُ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِينًا} هَذِهِ أَكْبَرُ نِعَمِ اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ، عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ حَيْثُ أَكْمَلَ تَعَالَى لَهُمْ دِينَهُمْ، فَلَا يَحْتَاجُونَ إِلَى دِينِ غَيْرِهِ، وَلَا إِلَى نَبِيٍّ غَيْرِ نَبِيِّهِمْ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ؛ وَلِهَذَا جَعَلَهُ اللَّهُ خَاتَمَ الْأَنْبِيَاءِ، وَبَعَثَهُ إِلَى الْإِنْسِ وَالْجِنِّ، فَلَا حَلَالَ إِلَّا مَا أَحَلَّهُ، وَلَا حَرَامَ إِلَّا مَا حَرَّمَهُ، وَلَا دِينَ إِلَّا مَا شَرَعَهُ، وَكُلُّ شَيْءٍ أَخْبَرَ بِهِ فَهُوَ حَقٌّ وَصِدْقٌ لَا كَذِبَ فِيهِ وَلَا خُلْف، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلا} [الْأَنْعَامِ: 115] أَيْ: صِدْقًا فِي الْأَخْبَارِ، وَعَدْلًا فِي الْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي، فَلَمَّا أَكْمَلَ الدِّينَ لَهُمْ تَمَّتِ النِّعْمَةُ عَلَيْهِمْ ؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِينًا} أَيْ: فَارْضَوْهُ أَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ، فَإِنَّهُ الدِّينُ الَّذِي رَضِيَهُ اللَّهُ وَأَحَبَّهُ وَبَعَثَ بِهِ أَفْضَلَ رُسُلِهِ الْكِرَامِ، وَأَنْزَلَ بِهِ أَشْرَفَ كُتُبِهِ.
قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلَهُ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} وَهُوَ الْإِسْلَامُ، أَخْبَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنِينَ أَنَّهُ أَكْمَلَ لَهُمُ الْإِيمَانَ، فَلَا يَحْتَاجُونَ إِلَى زِيَادَةٍ أَبَدًا، وَقَدْ أَتَمَّهُ اللَّهُ فَلَا يَنْقُصُهُ أَبَدًا، وَقَدْ رَضِيَهُ اللَّهُ فَلَا يَسْخَطُه أَبَدًا.

جاء في كِتابِ : مِفتاحِ دَارِ السَّعَادِةِ ومَنشُورِ وِلايَةِ العِلمِ والإرَادَة لابنِ القَيَّمِ رحِمَهُ اللهُ:

وَتَأمل كَيفَ وَصفَ الدّينَ الَّذِي اخْتَارَهُ لَهُم بالَكَمَالِ وَالنَّعْمَة الَّتِي أسبَغَهَا عَلَيْهِم بالتَّمَامِ إِيذَانًا فِي الدّينِ بِأَنَّهُ لَا نَقصَ فِيهِ وَلَا عَيبَ وَلَا خَللَ وَلَا شَيْء خَارِجَا عَن الْحِكْمَة بِوَجْه بَل هُوَ الْكَامِلُ فِي حُسنِهِ وجَلالِتِه .
وَوصَفَ النِّعْمَة بالتَّمامِ إِيذَانًا بِدَوامِها واتِّصَالِهَا وَأَنه لَا يَسلُبهُم إِيَّاهَا بَعدَ إِذْ أعطَاهُموهَا بَل يُتمهَا لَهُم بالدَّوامِ فِي هَذِه الدَّار وَفِي دَار الْقَرَارِ .

قال السَّعديُّ رحِمَهُ اللهُ:

{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ } بِتَمام النَّصرِ، وتكميلِ الشَّرائع الظاهرةِ والباطنةِ، الأصولِ والفُروعِ، ولهذا كانَ الكِتابُ والسُّنَةُ كَافِيينِ كُلَّ الكِفايَةِ، في أحكَامِ الدَّينِ أُصُولِه وفُروعِه.
فكلُّ مُتكلفٍ يزعمُ أنه لا بدَّ للناس في مَعرفة عَقائدِهم وأحكامِهم إلى عُلومِ غير عِلمِ الكِتابِ والسُّنَةِ ، من علم الكَلامِ وغيرِه، فهو جاهلٌ، مُبطلٌ في دَعواه، قد زعمَ أن الدَّينَ لا يكملُ إلا بما قَاله ودعَا إليه، وهَذا من أعظمِ الظُّلمِ والتَّجهِيلِ للهِ ولرسُولِه.{ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي } الظاهرة والباطنة { وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِينًا } أي: اخترته واصطفيتُه لكم دينا، كَما ارتَضيتُكم له، فقُوموا به شُكرا لرَبكم، واحمُدوا الذَّي مَنَّ عليكُم بأفضلِ الأديَانِ وأشرَفهَا وَأكمَلِهَا.

جاء في كِتابِ : مِفتاحِ دَارِ السَّعَادِةِ ومَنشُورِ وِلايَةِ العِلمِ والإرَادَة لابنِ القَيَّمِ رحِمَهُ اللهُ:

وَكَانَ بعضُ السّلفِ الصَّالحِ يَقُولُ يَالَه مِن دِينٍ لَو أنَّ لَهُ رجَالًا.
قالَ الذَهبيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي سِيَرِ أعلامِ النُّبَلاءِ ..........
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَدْهَمَ رَحِمَهُ اللهُ : وَأَيُّ دِيْنٍ لَوْ كَانَ لَهُ رِجَالٌ!
 
ثَانِيًا: الدُّخُولِ فِي السِّلْمِ كَافَّةً ..........

قَالَ تَعَالَى :{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (208)}

قال الطَّبَريُّ رحمَهُ اللهُ :

وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنْ يُقَالَ إِنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَمَرَ الَّذِينَ آمَنُوا بِالدُّخُولِ فِي الْعَمَلِ بِشَرَائِعِ الإِسْلاَمِ كُلِّهَا.

قال السَّعدي رحِمَهُ اللهُ:

هذا أمرٌ مِن اللهِ تَعَالَى لِلمُؤمِنينَ أن يَدخُلُوا { فِي السِّلْمِ كَافَّةً } أي: في جَميعِ شَرَائعِ الدِّينِ، ولا يَتركُوا مِنهَا شَيئا، وأن لا يَكونوا مِمن اتَّخَذَ إلَهَه هَوَاهُ، إن وَافقَ الأمرُ المَشروعُ هَوَاه فَعلَهُ، وإن خَالَفَه، تَرَكَه، بَلْ الوَاجِبُ أن يَكونَ الهَوَى، تَبَعَا لِلدِّينِ، وأن يَفعَلَ كلَّ ما يَقدرُ عَلَيه، من أفعَالِ الخَيرِ، ومَا يَعجَزُ عَنه، يَلتزِمَه وَيَنويَه، فَيُدرِكَه بِنِيَّتِهِ.

قَالَ فِي تَفسيِرِ المَنَارِ............

هَذِهِ كَلِمَةٌ عَظِيمَةٌ ، وَقَاعِدَةٌ لَوْ بَنَى جَمِيعُ عُلَمَاءِ الدِّينِ مَذَاهِبَهُمْ عَلَيْهَا لَمَا تَفَاقَمَ أَمْرُ
الْخِلَافِ فِي الْأُمَّةِ ، ذَلِكَ أَنَّهَا تُفِيدُ وُجُوبَ أَخْذِ الْإِسْلَامِ بِجُمْلَتِهِ ، بِأَنْ نَنْظُرَ فِي جَمِيعِ مَا جَاءَ بِهِ الشَّارِعُ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ مِنْ نَصٍّ قَوْلِيٍّ وَسُنَّةٍ مُتَّبَعَةٍ ، وَنَفْهَمَ الْمُرَادَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ وَنَعْمَلَ بِهِ ، لَا أَنْ يَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ بِكَلِمَةٍ أَوْ سُنَّةٍ وَيَجْعَلَهَا حُجَّةً عَلَى الْآخَرِ ، وَإِنْ أَدَّتْ إِلَى تَرْكِ مَا يُخَالِفُهَا مِنَ النُّصُوصِ وَالسُّنَنِ ، وَحَمْلِهَا عَلَى النَّسْخِ أَوِ الْمَسْخِ بِالتَّأْوِيلِ ، أَوْ تَحْكِيمِ الِاحْتِمَالِ بِلَا حُجَّةٍ وَلَا دَلِيلٍ ، وَلَوْ أَنَّكَ دَعَوْتَ الْعُلَمَاءَ إِلَى الْعَمَلِ بِالْآيَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ - الَّذِي عَرَفُوهُ وَلَمْ يُنْكِرْهُ عَلى قَائِلِيهِ أَحَدٌ مِنْهُمْ ، وَإِنْ رَجَّحَ بَعْضُهُمْ فِي التَّفْسِيرِ غَيْرَهُ عَلَيْهِ - لَوَلَّوْا مِنْكَ فِرَارًا ، وَأَعْرَضُوا عَنْكَ اسْتِكْبَارًا ، وَقَالُوا : مَكَرَ مَكْرًا كُبَّارًا ، إِذْ دَعَا إِلَى تَرْكِ الْمَذَاهِبِ ، وَحَاوَلَ إِقَامَةَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى مَنْهَجٍ وَاحِدٍ .
وَمِنْ آيَاتِ الْعِبْرَةِ فِي هَذَا الْمَقَامِ أَنَّنَا نَجِدُ فِي كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ عُلَمَائِنَا هُدًى وَنُورًا لَوِ اتَّبَعَتْهُ الْأُمَّةُ فِي أَزْمِنَتِهِمْ لَاسْتَقَامَتْ عَلَى الطَّرِيقَةِ ، وَوَصَلَتْ إِلَى الْحَقِيقَةِ بَعْدَ الْخُرُوجِ مِنْ مَضِيقِ الْخِلَافِ وَالشِّقَاقِ إِلَى بُحْبُوحَةِ الْوَحْدَةِ وَالِاتِّفَاقِ.
 
ثَالِثًا .....اتِّفَاقٌ لاَ خِلاَفَ عَلَيْهِ ....

النَّاظرُ لهَذِهِ الآيَاتِ بِعِلمٍ وَإِنْصَافٍ يَرَى فِيهَا كُلَّ شَيْءٍ.

قَالَ تَعَالَى:{قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (88)}
قَالَ تَعَالَى في سُورَةِ الْكَهْفِ:{ قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا (109)}

قَالَ تَعَالَى في سُورَةِ لُقْمَانَ :{ لِلَّهِ مَا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (26) وَلَوْ أَنَّما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (27)}

قال في الْمُحَرَّرِ الْوَجِيزِ:

والغرضُ مِنها الإعلامُ بكَثرةِ كلماتِ اللهِ تَعالَى وهي في نَفسِها غيرُ مُتناهيةٍ وإنَّما قرَّبَ الأمرَ على أفهامِ البشرِ بما يَتَنَاهَى، لأنَّه غايةُ ما يَعهدُه البشرُ من الكثرةِ، وأيضا فإنَّ الآيةَ إنَّما تضمنت أنَّ كَلِماتُ اللَّهِ لم تكن لِتنفدَ، وليسَ مُقتضي الآيةِ أنَّها تنفدُ بأكثرَ من هذهِ –الأقلامِ- والبُحورِ .

جَاءَ فِي كِتَابِ الْبُرْهَانُ فِي عُلُومِ الْقُرْآنِ للإمَامِ بَدْر الدِّينِ الزَّرْكَشِيّ رَحِمَهُ اللَّهُ:

كَانَ سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: لَوْ أُعْطِيَ الْعَبْدُ بِكُلِّ حَرْفٍ مِنَ الْقُرْآنِ أَلْفَ فَهْمٍ لَمْ يَبْلُغْ نِهَايَةَ مَا أَوْدَعَهُ وإنما يفهم كل بمقدار مَا يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَيْهِ وَكَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ وَلَا تَبْلُغُ إِلَى نِهَايَةِ فَهْمِهِ فُهُومٌ مُحْدَثَةٌ مَخْلُوقَةٌ.اللَّهُ فِي آيَةٍ مِنْ كِتَابِهِ لِأَنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ وَكَلَامُهُ صِفَتُهُ وَكَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلَّهِ نِهَايَةٌ فَكَذَلِكَ لَا نِهَايَةَ لِفَهْمِ كَلَامِهِ

قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في مَجْمُوع الْفَتَاوَى:

قَدْ أَخْبَرَ تعالى - ذَمًّا لِلْمُشْرِكِينَ - أَنَّهُ إذَا قُرِئَ عَلَيْهِمْ الْقُرْآنُ حُجِبَ بَيْنَ أَبْصَارِهِمْ وَبَيْنَ الرَّسُولِ بِحِجَابِ مَسْتُورٍ وَجَعَلَ عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا.
فَلَوْ كَانَ أَهْلُ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةٌ أَنْ يَفْقَهُوا بَعْضَهُ لَشَارَكُوهُمْ فِي ذَلِكَ. وَقَوْلُهُ: {أَنْ يَفْقَهُوهُ} يَعُودُ إلَى الْقُرْآنِ كُلِّهِ. فَعَلِمَ أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ يُفْقَهَ؛ وَلِهَذَا قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: مَا أَنْزَلَ اللَّهُ آيَةً إلَّا وَهُوَ يُحِبُّ أَنْ يُعْلَمَ فِي مَاذَا أُنْزِلَتْ وَمَاذَا عَنَى بِهَا وَمَا اسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ لَا مُتَشَابِهًا وَلَا غَيْرَهُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: عَرَضْت الْمُصْحَفَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ مَرَّاتٍ أَقِفُ عِنْدَ كُلِّ آيَةٍ وَأَسْأَلُهُ عَنْهَا. فَهَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ حَبْرُ الْأُمَّةِ وَهُوَ أَحَدُ مَنْ كَانَ يَقُولُ: لَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إلَّا اللَّهُ يُجِيبُ مُجَاهِدًا عَنْ كُلِّ آيَةٍ فِي الْقُرْآنِ.
وَمُجَاهِدٌ إمَامُ التَّفْسِيرِ. قَالَ الثَّوْرِيُّ: إذَا جَاءَك التَّفْسِيرُ عَنْ مُجَاهِدٍ فَحَسْبُك بِهِ.
وَأَيْضًا فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَمَرَ بِتَدَبُّرِ الْقُرْآنِ مُطْلَقًا وَلَمْ يَسْتَثْنِ مِنْهُ شَيْئًا لَا يُتَدَبَّرُ وَلَا قَالَ: لَا تَدَبَّرُوا الْمُتَشَابِهَ وَالتَّدَبُّرُ بِدُونِ الْفَهْمِ مُمْتَنِعٌ وَلَوْ كَانَ مِنْ الْقُرْآنِ مَا لَا يُتَدَبَّرُ لَمْ يُعْرَفْ فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يُمَيِّزْ الْمُتَشَابِهَ بِحَدٍّ ظَاهِرٍ حَتَّى يُجْتَنَبَ تَدَبُّرُهُ.
وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ} وَتَدَبُّرُ الْكَلَامِ إنَّمَا يُنْتَفَعُ بِهِ إذَا فُهِمَ.

قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في مَجْمُوع الْفَتَاوَى:

بَلْ قَالَ: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ} وَهَذَا يَعُمُّ الْآيَاتِ الْمُحْكَمَاتِ وَالْآيَاتِ الْمُتَشَابِهَاتِ وَمَا لَا يُعْقَلُ لَهُ مَعْنًى لَا يُتَدَبَّرُ: وَقَالَ: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ} وَلَمْ يَسْتَثْنِ شَيْئًا مِنْهُ نَهَى عَنْ تَدَبُّرِهِ. وَاَللَّهُ وَرَسُولُهُ إنَّمَا ذَمَّ مَنْ اتَّبَعَ الْمُتَشَابِهَ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ فَأَمَّا مَنْ تَدَبَّرَ الْمُحْكَمَ وَالْمُتَشَابِهَ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ وَطَلَبَ فَهْمَهُ وَمَعْرِفَةَ مَعْنَاهُ فَلَمْ يَذُمَّهُ اللَّهُ بَلْ أَمَرَ بِذَلِكَ وَمَدَحَ عَلَيْهِ.

والشاهدُ هنا -
قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى :{ وَلَمْ يَسْتَثْنِ شَيْئًا مِنْهُ نَهَى عَنْ تَدَبُّرِهِ.}
قالَ فِي تَفسِير المَنَارِ ........

قَالَ الْحَسَنُ : " مَا أَنْزَلَ اللهُ آيَةً إِلَّا وَهُوَ يُحِبُّ أَنْ يُعْلَمَ فِي مَاذَا أُنْزِلَتْ وَمَاذَا عُنِيَ بِهَا "
وَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنَ الْكَلَامِ إِلَّا مَعَانِيَهُ ، وَلَوْلَا الْمَعْنَى لَمْ يَجُزِ التَّكَلُّمُ بِلَفْظٍ لَا مَعْنَى لَهُ .
وَإِذَا قَامَ الدَّلِيلُ مِنَ الْقُرْآنِ عَلَى ثُبُوتِ حُكْمٍ ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَوَقَّفَ قَبُولُهُ عَلَى قَوْلِ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ أَوِ الْمُتَكَلِّمِينَ بِهِ ، وَجَعَلِ عَدَمِ نَقْلِ ذَلِكَ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ سَبَبًا لِتَرْكِهِ ! !
قالَ فِي تَفسِير المَنَارِ ........

وَلَوْ لَمْ يَعْرِضْ لِلْحَضَارَةِ الْعَرَبِيَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ مِنَ الْمَصَائِبِ وَالْفِتَنِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ وَالْحَرْبِيَّةِ وَالشِّقَاقِ الدِّينِيِّ وَالسِّيَاسِيِّ مَا وَقَفَ بِتَرَقِّي الْعِلْمِ وَالْبَحْثِ ، لَسَبَقُوا إِلَى مَا وَصَلَ إِلَيْهِ غَيْرُهُمْ مِنَ الْإِفْرِنْجِ بَعْدَهُمْ بِاتِّبَاعِهِمْ وَالْجَرْيِ عَلَى آثَارِهِمْ ، فَإِنَّ الْمَعَارِفَ الْكَوْنِيَّةَ يَمُدُّ بَعْضُهَا بَعْضًا مَا لَمْ يَعْرِضْ لَهَا مَا يُوقِفُ سَيْرَهَا .

والشاهدُ هنا --
قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ رضي الله عنه: مَا أَنْزَلَ اللَّهُ آيَةً إلَّا وَهُوَ يُحِبُّ أَنْ يُعْلَمَ فِي مَاذَا أُنْزِلَتْ وَمَاذَا عَنَى بِهَا .

وسنتابعُ إن شاء الله ..عَلى مُكْثٍ ....
 
قَالَ تَعَالَى :{ وَإِذا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قالُوا لَوْلا اجْتَبَيْتَها قُلْ إِنَّما أَتَّبِعُ مَا يُوحى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هَذَا بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (203)}

قالَ فِي التَّحريرِ والتّنويرِ.......

وَالْبَصَائِرُ جَمْعُ بَصِيرَةٍ وَهِيَ مَا بِهِ اتِّضَاحُ الْحَقِّ وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: قَدْ جاءَكُمْ بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ [104] ، وَهَذَا تَنْوِيهٌ بِشَأْنِ الْقُرْآنِ وَأَنَّهُ خَيْرٌ مِنَ الْآيَاتِ الَّتِي يَسْأَلُونَهَا، لِأَنَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَ الدَّلَالَةِ عَلَى صِدْقِ الرَّسُولِ بِوَاسِطَةِ دَلَالَةِ الْإِعْجَازِ وَصُدُورِهِ عَنِ الْأُمِّيِّ، وَبَيْنَ الْهِدَايَةِ وَالتَّعْلِيمِ وَالْإِرْشَادِ، وَالْبَقَاءِ عَلَى الْعُصُورِ.

وَإِنَّمَا جَمَعَ «الْبَصَائِرَ» لِأَنَّ الْقُرْآنِ أَنْوَاعًا مِنَ الْهُدَى عَلَى حَسَبِ النَّوَاحِي الَّتِي يَهْدِي إِلَيْهَا، مِنْ تَنْوِيرِ الْعَقْلِ فِي إِصْلَاحِ الِاعْتِقَادِ، وَتَسْدِيدِ الْفَهْمِ فِي الدِّينِ، وَوَضْعِ الْقَوَانِينِ لِلْمُعَامَلَاتِ وَالْمُعَاشَرَةِ بَيْنَ النَّاسِ، وَالدَّلَالَةِ عَلَى طُرُقِ النَّجَاحِ وَالنَّجَاةِ فِي الدُّنْيَا، وَالتَّحْذِيرِ مِنْ مَهَاوِي الْخُسْرَانِ.

وَأَفْرَدَ الْهُدَى وَالرَّحْمَةَ لِأَنَّهُمَا جِنْسَانِ عَامَّانِ يَشْمَلَانِ أَنْوَاعَ الْبَصَائِرِ فَالْهُدَى يُقَارِنُ الْبَصَائِرَ وَالرَّحْمَةُ غَايَةٌ لِلْبَصَائِرِ، وَالْمُرَادُ بِالرَّحْمَةِ مَا يَشْمَلُ رَحْمَةَ الدُّنْيَا وَهِيَ اسْتِقَامَةُ أَحْوَالِ الْجَمَاعَةِ وَانْتِظَامُ الْمَدَنِيَّةِ وَرَحْمَةَ الْآخِرَةِ وَهِيَ الْفَوْزُ بِالنَّعِيمِ الدَّائِمِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ [النَّحْل: 97] .

وَقَوْلُهُ: مِنْ رَبِّكُمْ تَرْغِيبٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَتَخْوِيفٌ لِلْكَافِرِينَ.
ولِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ يتنازعه (بصائر) و (هدى) و (رَحْمَة) لِأَنَّهُ إِمَّا يَنْتَفِعُ بِهِ الْمُؤْمِنُونَ، فَالْمَعْنَى هَذَا بَصَائِرُ لَكُمْ وَلِلْمُؤْمِنِينَ، وهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ خَاصَّةً إِذْ لَمْ يَهْتَدُوا، وَهُوَ تَعْرِيضٌ بِأَنَّ غَيْرَ الْمُؤْمِنِينَ لَيْسُوا أَهْلًا لِلِانْتِفَاعِ بِهِ وَأَنَّهُمْ لَهَوْا عَنْ هَدْيِهِ بِطَلَبِ خَوارِقِ الْعَادَات.
 
قالَ فِي تَفسِير المَنَارِ ........
إِنَّ الْقُرْآنَ يُعَبِّرُ عَنِ الْمَعَانِي الْكَثِيرَةِ بِالْعِبَارَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ الَّتِي تُعَدُّ كُلٌّ مِنْهَا فِي أَعْلَى الدَّرَجَاتِ وَيَعْجِزُ عَنْهَا جَمِيعُ الْبُلَغَاءِ .
إِنَّ الْقَامُوسَ الْأَعْظَمَ لِإِعْجَازِ الْقُرْآنِ اللَّفْظِيِّ هُوَ تَكْرَارُ الْمَعْنَى الْوَاحِدِ بِالْعَشَرَاتِ وَالْمِئَاتِ مِنَ الْعِبَارَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ فِي النَّظْمِ وَالْأُسْلُوبِ وَبَلَاغَةِ الْعِبَارَةِ وَقُوَّةِ تَأْثِيرِهَا فِي قُلُوبِ الْقَارِئِينَ وَالسَّامِعِينَ لَهَا ، وَعَدَمِ وُقُوعِ الِاخْتِلَافِ بِالتَّنَاقُضِ أَوِ التَّعَارُضِ فِي شَيْءٍ مِنْهَا كَمَا قَالَ : (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا) وَإِنَّمَا يَظْهَرُ هَذَا الْإِعْجَازُ بِنَوْعَيْهِ فِي السُّوَرِ الْعَدِيدَةِ .
 
الشَّوَاهِدُ مِمَّا سَبَقَ .............

قَالَ فِي تَفسِيِرِ المَنَارِ............

قَوْلُهُ تَعَالَى (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) وَلَا مَعْنًى لِلْإِكْمَالِ إِلَّا وَفَاءُ النُّصُوصِ بِمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ أَهْلُ الشَّرْعِ.
قَالَ فِي تَفسِيِرِ المَنَارِ............

وَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنَ الْكَلَامِ إِلَّا مَعَانِيَهُ ، وَلَوْلَا الْمَعْنَى لَمْ يَجُزِ التَّكَلُّمُ بِلَفْظٍ لَا مَعْنَى لَهُ .

قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: مَا أَنْزَلَ اللَّهُ آيَةً إلَّا وَهُوَ يُحِبُّ أَنْ يُعْلَمَ فِي مَاذَا أُنْزِلَتْ وَمَاذَا عَنَى بِهَا..
الْجَدِيدُ فِي الْمَوْضُوعِ..........................

قَالَ ابنُ كَثيرٍ رَحِمَهُ اللهُ ..............

هَذَا وَقَدْ كَانَتِ الْفَصَاحَةُ مِنْ سَجَايَاهُمْ، وَأَشْعَارِهِمْ وَمُعَلَّقَاتِهِمْ إِلَيْهَا الْمُنْتَهَى فِي هَذَا الْبَابِ، وَلَكِنْ جَاءَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَا قِبَلَ لِأَحَدٍ بِهِ، وَلِهَذَا آمَنَ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِمَا عَرَفَ مِنْ بَلَاغَةِ هَذَا الْكَلَامِ وَحَلَاوَتِهِ، وَجَزَالَتِهِ وَطَلَاوَتِهِ، وَإِفَادَتِهِ وَبَرَاعَتِهِ، فَكَانُوا أَعْلَمَ النَّاسِ بِهِ، وَأَفْهَمَهُمْ لَهُ، وَأَتْبَعَهُمْ لَهُ وَأَشَدَّهُمْ لَهُ انْقِيَادًا، كَمَا عَرَفَ السَّحَرَةُ، لِعِلْمِهِمْ بِفُنُونِ السِّحْرِ، أَنَّ هَذَا الَّذِي فَعَلَهُ مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، لَا يَصْدُرُ إِلَّا عَنْ مُؤيَّدٍ مُسَدَّدٍ مُرْسَلٍ مِنَ اللَّهِ، وَأَنَّ هَذَا لَا يُسْتَطَاعُ لِبَشَرٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ. وَكَذَلِكَ عِيسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، بُعِث فِي زَمَانِ عُلَمَاءِ الطِّبِّ وَمُعَالَجَةِ الْمَرْضَى، فَكَانَ يُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ، وَيُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ، وَمِثْلُ هَذَا لَا مَدْخَلَ لِلْعِلَاجِ وَالدَّوَاءِ فِيهِ، فَعَرَفَ مَنْ عَرَفَ مِنْهُمْ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ؛ وَلِهَذَا جَاءَ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "مَا مِنْ نَبِيٍّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ إِلَّا وَقَدْ أُوتِيَ مِنَ الْآيَاتِ مَا آمَنَ عَلَى مِثْلِهِ الْبَشَرُ، وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُهُ وَحْيًا أَوْحَاهُ اللَّهُ إِلَيَّ، فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا.

الثَّابِتُ فِي الْمَوْضُوعِ........ وَسَيتكررُ مَعَنَا بِاسْتِمْرَارٍ..................

جَاءَ فِي كِتَابِ التَّبشِيرِ وَالاستِعمَارِ فِي البِلَادِ العَرَبيَّةِ ..........
تَأليِف الدُّكتُور مُصطَفَى خَالِدي والدُّكتُور عُمَر فرُّوخ........

يَقُولُ (جون تاكلي) عَن المُسلمينَ: «يَجِبُ أَنْ يُسْتَخْدَمَ كِتَابُهُمْ (أَيْ القُرْآنُ الكَرِيمُ)، وَهُوَ أَمْضَى سِلاَحٍ فِي الإِسْلاَمِ، ضِدَّ الإِسْلاَمِ نَفْسِهِ لِنَقْضِي عَلَيْهِ تَمَامًا. يَجِبُ أَنْ نُرِي هَؤُلاَءِ النَّاسِ أَنَّ الصَّحِيحَ فِي القُرْآنِ لَيْسَ جَدِيدًا، وَأَنَّ الجَدِيدَ فِيهِ لَيْسَ صَحِيحًا».

انْظُرْ هَذِه الجُملَة جَيَّدَا :{ يَجِبُ أَنْ نُرِي هَؤُلاَءِ النَّاسِ أَنَّ الصَّحِيحَ فِي القُرْآنِ لَيْسَ جَدِيدًا، وَأَنَّ الجَدِيدَ فِيهِ لَيْسَ صَحِيحًا».}
 
الشّاهِدُ مِمَّا سَبَقَ .............

قَالَ ابنُ كَثيرٍ رَحِمَهُ اللهُ ..............

وَلَكِنْ جَاءَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَا قِبَلَ لِأَحَدٍ بِهِ، وَلِهَذَا آمَنَ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِمَا عَرَفَ مِنْ بَلَاغَةِ هَذَا الْكَلَامِ وَحَلَاوَتِهِ، وَجَزَالَتِهِ وَطَلَاوَتِهِ، وَإِفَادَتِهِ وَبَرَاعَتِهِ......

الْجَدِيدُ فِي الْمَوْضُوعِ......... وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا....
قَولُهُ تَعَالَى :{ وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40)}

قَالَ فِي التَّحريرِ والتّنويرِ.........

(وَالْكَلِمَةُ) أَصْلُهَا اللَّفْظَةُ مِنَ الْكَلَامِ، ثُمَّ أُطْلِقَتْ عَلَى الْأَمْرِ وَالشَّأْنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ مَا يَتَحَدَّثُ بِهِ النَّاسُ وَيُخْبِرُ الْمَرْءُ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ مِنْ شَأْنِهِ - وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ: وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى أَنَّ أَمْرَ الْمُشْرِكِينَ كَانَ بِمَظِنَّةِ الْقُوَّةِ وَالشِّدَّةِ لِأَنَّهُمْ أَصْحَابُ عَدَدٍ كَثِيرٍ وَفِيهِمْ أَهْلُ الرَّأْيِ وَالذَّكَاءِ، وَلَكِنَّهُمْ لَمَّا شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ خَذَلَهُمُ اللَّهُ وَقَلَبَ حَالَهُمْ مِنْ عُلُوٍّ إِلَى سُفْلٍ.

قالَ فِي تَفسِير المَنَارِ ........

وَمِنْ عَجَائِبِ مَا رُوِيَ لَنَا مِنْ إِدْرَاكِ بَعْضِ الْإِفْرِنْجِ لِعُلْوِيَّةِ كِتَابِ اللهِ تَعَالَى بِسَعَةِ عِلْمِهِ وَعَقَلِهِ أَنَّ عَاهِلَ الْأَلَمَانِ الْأَخِيرَ قَالَ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي الْحُكُومَةِ الْعُثْمَانِيَّةِ لَمَّا زَارَ الْآسِتَانَةَ فِي أَثْنَاءِ الْحَرْبِ الْكُبْرَى : يَجِبُ عَلَيْكُمْ - وَأَنْتُمْ دَوْلَةُ الْخِلَافَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ - أَنَّ تُفَسِّرُوا هَذَا الْقُرْآنَ تَفْسِيرًا تَظْهَرُ بِهِ عُلْوِيَّتُهُ كَمَا أَدْرَكَ هَذِهِ الْعُلْوِيَّةَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ مِنْ كُبَرَاءِ مُشْرِكِي قُرَيْشٍ بِذَكَائِهِ وَدِقَّةِ فَهْمِهِ وَبَلَاغَتِهِ ، إِذْ كَانَ مِمَّا قَالَهُ فِيهِ : وَإِنَّهُ لَيَعْلُو وَلَا يُعْلَى ، وَإِنَّهُ لَيُحَطِّمُ مَا تَحْتَهُ .

تأمل ثم تأمل ثم تأمل .............
كَمَا أَدْرَكَ هَذِهِ الْعُلْوِيَّةَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ مِنْ كُبَرَاءِ مُشْرِكِي قُرَيْشٍ بِذَكَائِهِ وَدِقَّةِ فَهْمِهِ وَبَلَاغَتِهِ ، إِذْ كَانَ مِمَّا قَالَهُ فِيهِ : وَإِنَّهُ لَيَعْلُو وَلَا يُعْلَى ، وَإِنَّهُ لَيُحَطِّمُ مَا تَحْتَهُ .

قَالَ فِي المُحَررِ الوَجِيزِ ...................
وَقَولُه : { وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى} يُريدُ بإدحَارِها ودَحضِها وإذلالِهَا ، { وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا} قيلَ: يُريدُ لا إلَه الَّا اللهُ ، وقيلَ الشَّرعُ بِأسرِه..

قال الشَّعروايُّ رحمَهُ اللهُ.................
{ وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا } ؛ لأن كلمةَ اللهِ دَائمَاً وأبَداً هِيَ الْعُلْيَا ، وَلَيسَت كَلَمةُ اللهِ عُلْيَا جَعْلاً ، فَهِي لم تَكُن في أيَّ وَقتٍ مِن الأوقَاتِ إلا وَهي الْعُلْيَا . ولهذا لم يَعطفها بالنَّصبِ؛ لأن كَلمةَ الحق سُبحَانَه وَتَعَالَى هِيَ الْعُلْيَا دَائمَاً وأبداً وأزلاً .
قَولُهُ تَعَالَى :{ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (33) }
قالَ فِي تَفسِير المَنَارِ ........
وَقَدْ نَقَلْنَا عَنْ عُلَمَاءِ الْإِفْرِنْجِ الْأَحْرَارِ الْمُسْتَقِلِّينَ أَنَّ مَدَنِيَّتَهُمُ الْحَاضِرَةَ وَمَا بُنِيَتْ عَلَيْهِ مِنَ الْعُلُومِ وَالْفُنُونِ ، لَمْ يَكُنْ إِلَّا مِنْ تَأْثِيرِ الْحَضَارَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ وَالِاقْتِبَاسِ مِنْ كُتُبِهَا ، وَمِنَ الْمَعْلُومِ لِكُلِّ مُلِمٍّ بِالتَّارِيخِ الْحَدِيثِ أَنَّ الْيَابَانَ اقْتَبَسَتْ حَضَارَتَهَا وَقُوَّتَهَا مِنْ أُورُبَّةَ فِي الْقَرْنِ الْمَاضِي ، وَحَضَارَةُ الْعَرَبِ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ لَهَا سَبَبٌ إِلَّا هِدَايَةَ دِينِهِمْ .
 
إنكار تفوق المدنية الغربية (والزعم أنها مسروقة من العرب) هو غمط للحق، وجهل بأن الاقتباس والتحسين ليس "سرقة".. بل تقدم وتطور طبيعي، وتراكم للمعارف.
وقد أوضحت هذا في منشوري القديم: حضارتهم وحضارتنا
https://vb.tafsir.net/tafsir57197/

قال ابن تيمية:
"تجد الذين اتصلت إليهم علوم الأوائل فصاغوها بالصيغة العربية بعقول المسلمين جاء فيها من الكمال والتحقيق والإحاطة والاختصار ما لا يوجد في كلام الأوائل، وإن كان في هؤلاء المتأخرين من فيه نفاق وضلال لكن عادت عليهم في الجملة بركة ما بعث به رسول الله صلى الله عليه وسلم من جوامع الكلم وما أوتيته أمته من العلم والبيان الذي لم يشركها فيه أحد"
(مجموع الفتاوى) (9/ 26)

"كتب الفلاسفة التي صارت إلى الإسلام، من الطب والحساب والمنطق وغير ذلك، هذبها المنتسبون إلى الإسلام فجاء كلامهم فيها خيرا من كلام أولئك اليونان"
(الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية) (5/ 36)

لاحظ: اتصلت إليهم فصاغوها. تعلموا الطب والحساب من الفلاسفة الوثنيين ثم أضافوا إليها وحسنوها.

فمن يريد انتقاص شأن التقدم العلمي الغربي ويريد نسبة فضله للعرب سيضطر مرغما في نفس الوقت لانتقاص مدنية العرب وسينسبها للإغريق!.. وسيكون الرد عليه: إذن هي بضاعة الغرب رُدت إليهم بعد حين!

- "قيل: إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة؛ ولا يقيم الظالمة وإن كانت مسلمة.
ويقال: الدنيا تدوم مع العدل والكفر، ولا تدوم مع الظلم والإسلام"
(مجموع الفتاوى) (28/ 146)

- دواء جهل العرب: معارف الغرب. دواء ضلال الغرب: دين العرب

- الكبر بطر الحق وغمط الناس.
المدنية العربية المندثرة كانت مجرد حلقة في تاريخ المدنية العالمية، مسبوقة بغيرها ومتبوعة بغيرها. اقتبست علوم الأوائل ثم أضافت ثم جاءت حضارات أخرى أكملت المسيرة.
لا ينكر هذا إلا مكابر.
وستعود الكرة للعرب مرة أخرى في المستقبل، لكن عندما يتوقفوا عن ترديد نغمة "حضارتهم مسروقة منا" ويبدؤوا في نغمة عصامية لا عظامية.
"إن الفتى من يقول هأنذا ... ليس الفتى من يقول كان أبي"
 
الشّاهِدُ مِمَّا سَبَقَ .............

يَجِبُ عَلَيْكُمْ - وَأَنْتُمْ دَوْلَةُ الْخِلَافَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ - أَنَّ تُفَسِّرُوا هَذَا الْقُرْآنَ تَفْسِيرًا تَظْهَرُ بِهِ عُلْوِيَّتُهُ كَمَا أَدْرَكَ هَذِهِ الْعُلْوِيَّةَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ مِنْ كُبَرَاءِ مُشْرِكِي قُرَيْشٍ بِذَكَائِهِ وَدِقَّةِ فَهْمِهِ وَبَلَاغَتِهِ ، إِذْ كَانَ مِمَّا قَالَهُ فِيهِ : وَإِنَّهُ لَيَعْلُو وَلَا يُعْلَى ، وَإِنَّهُ لَيُحَطِّمُ مَا تَحْتَهُ .

الْجَدِيدُ فِي الْمَوْضُوعِ.........
قَولُهُ تَعَالَى :{ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كَافِرُونَ (45)}

قالَ فِي تَفسِير المَنَارِ ........
وَمِنَ الْأَفْرَادِ مَنْ يُحَاوِلُ إِفْسَادَ دِينِ قَوْمِهِ عَلَيْهِمْ لِيَكُونُوا مِثْلَهُ ، فَلَا يَكُونُ مُحْتَقَرًا بَيْنَهُمْ ، وَمِنْ زَنَادِقَةِ عَصْرِنَا مَنْ يُحَاوِلُونَ هَذَا لِظَنِّهِمْ أَنَّ قَوْمَهُمْ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونُوا كَالْإِفْرِنْجِ فِي حَضَارَتِهِمُ الْمَادِّيَّةِ الشَّهْوَانِيَّةِ إِلَّا إِذَا تَرَكُوا دِينَهُمْ ، وَهُمْ يَرَوْنَ الْإِفْرِنْجَ يَتَعَصَّبُونَ لِدِينِهِمْ وَيُنْفِقُونَ الْمَلَايِينَ فِي سَبِيلِ نَشْرِهِ .

الثَّابِتُ فِي الْمَوْضُوعِ --- وَسَيَتَكَرَّرُ مَعَنَا بِاسْتِمْرَارٍ..................

جَاءَ فِي كِتَابِ التَّبشِيرِ وَالاستِعمَارِ فِي البِلَادِ العَرَبيَّةِ ..........
تَأليِف الدُّكتُور مُصطَفَى خَالِدي والدُّكتُور عُمَر فرُّوخ........
يَقُولُ (جون تاكلي) عَن المُسلمينَ: «يَجِبُ أَنْ يُسْتَخْدَمَ كِتَابُهُمْ (أَيْ القُرْآنُ الكَرِيمُ)، وَهُوَ أَمْضَى سِلاَحٍ فِي الإِسْلاَمِ، ضِدَّ الإِسْلاَمِ نَفْسِهِ لِنَقْضِي عَلَيْهِ تَمَامًا. يَجِبُ أَنْ نُرِي هَؤُلاَءِ النَّاسِ أَنَّ الصَّحِيحَ فِي القُرْآنِ لَيْسَ جَدِيدًا، وَأَنَّ الجَدِيدَ فِيهِ لَيْسَ صَحِيحًا».

انْظُرْ هَذِه الجُملَة جَيَّدَا :{ يَجِبُ أَنْ نُرِي هَؤُلاَءِ النَّاسِ أَنَّ الصَّحِيحَ فِي القُرْآنِ لَيْسَ جَدِيدًا، وَأَنَّ الجَدِيدَ فِيهِ لَيْسَ صَحِيحًا».}
 
ما شاء الله.. سددكم الله ووفقكم وفتح لنا ولكم من خزائن علمه فتحاً مباركاً يا شيخي الفاضل رفيع القدر عندي... امض ولا تلتفت.
 
- الشّاهِدُ مِمَّا سَبَقَ .............

قالَ فِي تَفسِير المَنَارِ ........

وَحَضَارَةُ الْعَرَبِ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ لَهَا سَبَبٌ إِلَّا هِدَايَةَ دِينِهِمْ.

- الْجَدِيدُ فِي الْمَوْضُوعِ.........

قالَ فِي تَفسِير المَنَارِ ........

(تَنْبِيهٌ) إِنَّ إِدْخَالَ مَبَاحِثِ عُلُومِ الْكَوْنِ فِي التَّفْسِيرِ هُوَ مِنْ أَهَمَّ أَرْكَانِهِ ، وَالْعَمَلُ بِهُدَى الْقُرْآنِ فِيهِ ، فَهُوَ مَمْلُوءٌ بِذِكْرِ آيَاتِ اللهِ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا فِيهِمَا ، وَكَانَ سَلَفُنَا مِنْ مُفَسِّرِي السَّلَفِ وَالْخَلَفِ يَذْكُرُونَ مَا يَعْلَمُونَ مِنْ أَسْرَارِ الْخَلْقِ.

الثَّابِتُ فِي الْمَوْضُوعِ --- وَسَيَتَكَرَّرُ مَعَنَا بِاسْتِمْرَار إن شَاءَ اللهٍُ..................

جَاءَ فِي كِتَابِ التَّبشِيرِ وَالاستِعمَارِ فِي البِلَادِ العَرَبيَّةِ ..........
تَأليِف الدُّكتُور مُصطَفَى خَالِدي والدُّكتُور عُمَر فرُّوخ........

يَقُولُ (جون تاكلي) عَن المُسلمينَ: «يَجِبُ أَنْ يُسْتَخْدَمَ كِتَابُهُمْ (أَيْ القُرْآنُ الكَرِيمُ)، وَهُوَ أَمْضَى سِلاَحٍ فِي الإِسْلاَمِ، ضِدَّ الإِسْلاَمِ نَفْسِهِ لِنَقْضِي عَلَيْهِ تَمَامًا. يَجِبُ أَنْ نُرِي هَؤُلاَءِ النَّاسِ أَنَّ الصَّحِيحَ فِي القُرْآنِ لَيْسَ جَدِيدًا، وَأَنَّ الجَدِيدَ فِيهِ لَيْسَ صَحِيحًا».

انْظُرْ هَذِه الجُملَة جَيَّدَا :{ يَجِبُ أَنْ نُرِي هَؤُلاَءِ النَّاسِ أَنَّ الصَّحِيحَ فِي القُرْآنِ لَيْسَ جَدِيدًا، وَأَنَّ الجَدِيدَ فِيهِ لَيْسَ صَحِيحًا».}
 
من لم يحر جوابا، فما له بالنقاشات العلمية؟
جاء في الحديث ذما للجهل:
"هاه هاه لا أدري"
وجاء في ذم التستر ومدح المواجهة:
"لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلَّا فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ"
وجاء في قدح العي والعجز عن الرد:
"فبُهت"
وجاء عن الإفحام إلى أن يعجز الخصم عن الرد:
"والله ما قام النضر بن الحارث لابن عبد المطلب آنفا وما قعد"
 
الشّاهِدُ مِمَّا سَبَقَ .............

قالَ فِي تَفسِير المَنَارِ ........
(تَنْبِيهٌ) إِنَّ إِدْخَالَ مَبَاحِثِ عُلُومِ الْكَوْنِ فِي التَّفْسِيرِ هُوَ مِنْ أَهَمَّ أَرْكَانِهِ ، وَالْعَمَلُ بِهُدَى الْقُرْآنِ فِيهِ .

- الْجَدِيدُ فِي الْمَوْضُوعِ.........

قَولُه تَعَالَى:{ يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (65)}

قَالَ فِي تَفسِيِرِ المَنَارِ............

فَالْفِقْهُ الَّذِي هُوَ الْعِلْمُ بِالْحَقَائِقِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْحَرْبِ مِنْ مَادِّيَّةٍ وَرُوحِيَّةٍ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ النَّجَاحِ ، وَسَبَبٌ لِلنَّصْرِ جَامِعٌ لِسَائِرِ الْأَسْبَابِ .

وَالْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مِنْ شَأْنِ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَكُونُوا أَعْلَمَ مِنَ الْكَافِرِينَ ، وَأَفْقَهَ بِكُلِّ عِلْمٍ وَفَنٍّ يَتَعَلَّقُ بِحَيَاةِ الْبَشَرِ وَارْتِقَاءِ الْأُمَمِ ، وَأَنَّ حِرْمَانَ الْكُفَّارِ مِنْ هَذَا الْعِلْمِ هُوَ السَّبَبُ فِي كَوْنِ الْمِائَةِ مِنْهُمْ دُونَ الْعَشْرَةِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الصَّابِرِينَ .

وَهَكَذَا كَانَ الْمُسْلِمُونَ فِي قُرُونِهِمُ الْأُولَى وَالْوُسْطَى بِهِدَايَةِ دِينِهِمْ عَلَى تَفَاوُتِ عُلَمَائِهِمْ وَحُكَّامِهِمْ فِي ذَلِكَ ، حَتَّى إِذَا مَا فَسَدُوا بِتَرْكِ هَذِهِ الْهِدَايَةِ الَّتِي سَعِدُوا بِهَا فِي دُنْيَاهُمْ فَكَانُوا أَصْحَابَ مُلْكٍ وَاسِعٍ وَسِيَادَةٍ عَظِيمَةٍ دَانَتْ لَهُمْ بِهَا الشُّعُوبُ الْكَثِيرَةُ - زَالَ ذَلِكَ الْمَجْدُ وَالسُّؤْدُدُ ، وَنُزِعَ مِنْهُمْ أَكْثَرُ ذَلِكَ الْمُلْكِ ، وَمَا بَقِيَ مِنْهُ فَهُوَ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ ، وَإِنَّمَا بَقَاؤُهُ بِمَا يُسَمَّى فِي عُرْفِ عُلَمَاءِ الْعَصْرِ بِحَرَكَةِ الِاسْتِمْرَارِ ، إِذْ صَارُوا أَبْعَدَ عَنِ الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ الَّذِي فَضَلُوا بِهِ غَيْرَهُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ جَمِيعًا ، ثُمَّ انْتَهَى الْمَسْخُ وَالْخَسْفُ بِأَكْثَرِ الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَ أُمُورَهُمْ إِلَى اعْتِقَادِ مُنَافَاةِ تَعَالِيمِ الْإِسْلَامِ لِلْمُلْكِ وَالسِّيَادَةِ ، وَالْقُوَّةِ وَالْعُلُومِ وَالْفُنُونِ الَّتِي هِيَ قِوَامُهَا ، فَصَارُوا يَتَسَلَّلُونَ مِنَ الْإِسْلَامِ أَفْرَادًا ، ثُمَّ صَرَّحَ جَمَاعَاتٌ مِنْ زُعَمَائِهِمْ وَرُؤَسَائِهِمْ بِالْكُفْرِ بِهِ وَالصَّدِّ عَنْهُ جِهَارًا ، وَلَكِنْ بَعْدَ أَنْ صَارَ عُلَمَاؤُهُمْ يُعَادُونَ أَكْثَرَ تِلْكَ الْعُلُومِ وَالْفُنُونِ الَّتِي أَرْشَدَهُمْ إِلَيْهَا الْقُرْآنُ ، وَأَوْجَبَ مِنْهَا مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالْعُمْرَانُ .

الثَّابِتُ فِي الْمَوْضُوعِ --- وَسَيَتَكَرَّرُ مَعَنَا بِاسْتِمْرَار إن شاء الله.................

جَاءَ فِي كِتَابِ التَّبشِيرِ وَالاستِعمَارِ فِي البِلَادِ العَرَبيَّةِ ..........
تَأليِف الدُّكتُور مُصطَفَى خَالِدي والدُّكتُور عُمَر فرُّوخ........
يَقُولُ (جون تاكلي) عَن المُسلمينَ: «يَجِبُ أَنْ يُسْتَخْدَمَ كِتَابُهُمْ (أَيْ القُرْآنُ الكَرِيمُ)، وَهُوَ أَمْضَى سِلاَحٍ فِي الإِسْلاَمِ، ضِدَّ الإِسْلاَمِ نَفْسِهِ لِنَقْضِي عَلَيْهِ تَمَامًا. يَجِبُ أَنْ نُرِي هَؤُلاَءِ النَّاسِ أَنَّ الصَّحِيحَ فِي القُرْآنِ لَيْسَ جَدِيدًا، وَأَنَّ الجَدِيدَ فِيهِ لَيْسَ صَحِيحًا».

انْظُرْ هَذِه الجُملَة جَيَّدَا :{ يَجِبُ أَنْ نُرِي هَؤُلاَءِ النَّاسِ أَنَّ الصَّحِيحَ فِي القُرْآنِ لَيْسَ جَدِيدًا، وَأَنَّ الجَدِيدَ فِيهِ لَيْسَ صَحِيحًا».}
 
6- الشّاهِدُ مِمَّا سَبَقَ .............

قالَ فِي تَفسِير المَنَارِ ........

وَالْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مِنْ شَأْنِ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَكُونُوا أَعْلَمَ مِنَ الْكَافِرِينَ ، وَأَفْقَهَ بِكُلِّ عِلْمٍ وَفَنٍّ يَتَعَلَّقُ بِحَيَاةِ الْبَشَرِ وَارْتِقَاءِ الْأُمَمِ..............

6- الْجَدِيدُ فِي الْمَوْضُوعِ.........

قَولُهُ تَعَالَى :{ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (15) }

قالَ فِي تَفسِير المَنَارِ ........

قَدْ قَدَّمْنَا فِي مَبَاحِثِ إِثْبَاتِ (الْوَحْيِ الْمُحَمَّدِيِّ) أَنَّ هَذَا الْقُرْآنَ مُشْتَمِلٌ عَلَى تَمْحِيصِ الْحَقَائِقِ فِي جَمِيعِ الْعُلُومِ وَالْمَعَارِفِ الدِّينِيَّةِ وَالتَّشْرِيعِيَّةِ الَّتِي يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا صَلَاحُ جَمِيعِ الْبَشَرِ ، وَأَنَّ الرَّسُولَ الَّذِي أَنْزَلَهُ اللهُ عَلَيْهِ قَامَ بِتَنْفِيذِ هَذَا الْإِصْلَاحِ بِمَا غَيَّرَ وَجْهَ الْأَرْضِ ، وَقَلَبَ أَحْوَالَ أَكْثَرِ أُمَمِهَا فَحَوَّلَهَا إِلَى خَيْرٍ مِنْهَا ، وَأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ كَانَ بَعْدَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَضَاهَا فِي الْأُمِّيَّةِ .
فَهَذَا الْعِلْمُ الْجَدِيدُ الَّذِي أَيَّدَ حُجَّةَ الْقُرْآنِ الْعَقْلِيَّةَ فِي هَذَا الْعَصْرِ ، لَهُ فِي عُلُومِ الْقُرْآنِ نَظَائِرُ أَشَرْنَا إِلَى بَعْضِهَا ، وَبَيَّنَّا كَثِيرًا مِنْهَا فِي تَفْسِيرِنَا هَذَا ، وَهُوَ مِمَّا يَمْتَازُ بِهِ عَلَى جَمِيعِ التَّفَاسِيرِ بِفَضْلِ اللهِ تَعَالَى ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُ الْمُسْلِمِينَ غَافِلِينَ عَنْهُ تَبَعًا لِغَفْلَتِهِمْ عَنِ الْقُرْآنِ نَفْسِهِ ، وَعَدَمِ شُعُورِهِمْ بِالْحَاجَةِ إِلَى هِدَايَتِهِ ، بِصَدِّ دُعَاةِ التَّقْلِيدِ الْمُعَمَّمِينَ إِيَّاهُمْ عَنْهُ ، وَمِنَ الْغَرِيبِ أَنْ تَرَى أَسَاطِينَ الْمُفَسِّرِينَ لَمْ يَفْهَمُوا مِنَ الْآيَةِ أَنَّ فِيهَا جَوَابًا عَنِ الشِّقِّ الْأَوَّلِ مِنِ اقْتِرَاحِ الْمُشْرِكِينَ ، وَهُوَ الْإِتْيَانُ بِقُرْآنٍ آخَرَ ، وَقَدْ هَدَانَا اللهُ تَعَالَى إِلَيْهِ مَعَ بُرْهَانِهِ بِفَضْلِهِ ، وَكَمْ تَرَكَ الْأَوَّلُ لِلْآخَرِ !

قالَ فِي تَفسِير المَنَارِ ........

إِنَّ الْقُرْآنَ هُوَ أَسَاسُ الدِّينِ الْإِسْلَامِيِّ ، بَلْ هُوَ الدِّينُ كُلُّهُ ..........

إِنَّ الْقُرْآنَ يَنْبُوعٌ لِلْهِدَايَةِ وَالْمَعَارِفِ الْإِلَهِيَّةِ ، لَا تَخْلُقُ جِدَّتُهُ ، وَلَا تَفْتَأُ تَتَجَدَّدُ هِدَايَتُهُ وَتَفِيضُ لِلْقَارِئِ عَلَى حَسَبِ اسْتِعْدَادِهِ حِكْمَتُهُ ، فَرُبَّمَا ظَهَرَ لِلْمُتَأَخِّرِ مَنْ حِكَمِهِ وَأَسْرَارِهِ مَا لَمْ يَظْهَرْ لِمَنْ قَبْلَهُ ، تَصْدِيقًا لِعُمُومِ حَدِيثِ : " فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوَعَى مِنْ سَامِعٍ ".
 
- الشّاهِدُ مِمَّا سَبَقَ .............

قالَ فِي تَفسِير المَنَارِ ........

إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ مُشْتَمِلٌ عَلَى تَمْحِيصِ الْحَقَائِقِ فِي جَمِيعِ الْعُلُومِ وَالْمَعَارِفِ الدِّينِيَّةِ وَالتَّشْرِيعِيَّةِ الَّتِي يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا صَلَاحُ جَمِيعِ الْبَشَرِ ، وَأَنَّ الرَّسُولَ الَّذِي أَنْزَلَهُ اللهُ عَلَيْهِ قَامَ بِتَنْفِيذِ هَذَا الْإِصْلَاحِ بِمَا غَيَّرَ وَجْهَ الْأَرْضِ...........

- الْجَدِيدُ فِي الْمَوْضُوعِ.........

قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَد بْنُ تَيْمِيَّة في مَجمُوعِ الفَتَاوَى -عَن الْمُسْلِمِينَ:
فَكُلُّ مَنْ اسْتَقْرَأَ أَحْوَالَ الْعَالَمِ وَجَدَ الْمُسْلِمِينَ أَحَدَّ وَأَسَدَّ عَقْلًا وَأَنَّهُمْ يَنَالُونَ فِي الْمُدَّةِ الْيَسِيرَةِ مِنْ حَقَائِقِ الْعُلُومِ وَالْأَعْمَالِ أَضْعَافَ مَا يَنَالُهُ غَيْرُهُمْ فِي قُرُونٍ وَأَجْيَالٍ وَكَذَلِكَ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ تَجِدُهُمْ كَذَلِكَ مُتَمَتِّعِينَ. وَذَلِكَ لِأَنَّ اعْتِقَادَ الْحَقِّ الثَّابِتِ يُقَوِّي الْإِدْرَاكَ وَيُصَحِّحُهُ قَالَ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى} وَقَالَ: {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا} {وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا} {وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا} .

جَاءَ فِي كِتَابِ التَّبشِيرِ وَالاستِعمَارِ فِي البِلَادِ العَرَبيَّةِ ..........
تَأليِف الدُّكتُور مُصطَفَى خَالِدي والدُّكتُور عُمَر فرُّوخ........

يَقُولُ (جون تاكلي) عَن المُسلمينَ: «يَجِبُ أَنْ يُسْتَخْدَمَ كِتَابُهُمْ (أَيْ القُرْآنُ الكَرِيمُ)، وَهُوَ أَمْضَى سِلاَحٍ فِي الإِسْلاَمِ، ضِدَّ الإِسْلاَمِ نَفْسِهِ لِنَقْضِي عَلَيْهِ تَمَامًا. يَجِبُ أَنْ نُرِي هَؤُلاَءِ النَّاسِ أَنَّ الصَّحِيحَ فِي القُرْآنِ لَيْسَ جَدِيدًا، وَأَنَّ الجَدِيدَ فِيهِ لَيْسَ صَحِيحًا».

انْظُرْ هَذِه الجُملَة جَيَّدَا :{ يَجِبُ أَنْ نُرِي هَؤُلاَءِ النَّاسِ أَنَّ الصَّحِيحَ فِي القُرْآنِ لَيْسَ جَدِيدًا، وَأَنَّ الجَدِيدَ فِيهِ لَيْسَ صَحِيحًا».}
 
الشّاهِدُ مِمَّا سَبَقَ .............
قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَد بْنُ تَيْمِيَّة في مَجمُوعِ الفَتَاوَى -عَن الْمُسْلِمِينَ:

فَكُلُّ مَنْ اسْتَقْرَأَ أَحْوَالَ الْعَالَمِ وَجَدَ الْمُسْلِمِينَ أَحَدَّ وَأَسَدَّ عَقْلًا وَأَنَّهُمْ يَنَالُونَ فِي الْمُدَّةِ الْيَسِيرَةِ مِنْ حَقَائِقِ الْعُلُومِ وَالْأَعْمَالِ أَضْعَافَ مَا يَنَالُهُ غَيْرُهُمْ فِي قُرُونٍ وَأَجْيَالٍ............

- الْجَدِيدُ فِي الْمَوْضُوعِ.........

قالَ الشَّيْخُ مُحَمَّد رَشِيد رِضَا رَحِمَهُ اللَّهُ في تَفسيرِ المَنَارِ لَه :

أَمَا - وَسِرِّ الْقُرْآنِ - لَوْ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ اسْتَقَامُوا عَلَى تَدَبُّرِ الْقُرْآنِ وَالِاهْتِدَاءِ بِهِ فِي كُلِّ زَمَانٍ ، لَمَا فَسَدَتْ أَخْلَاقُهُمْ وَآدَابُهُمْ ، وَلَمَا ظَلَمَ وَاسْتَبَدَّ حُكَّامُهُمْ ، وَلَمَا زَالَ مُلْكُهُمْ وَسُلْطَانُهُمْ ، وَلَمَا صَارُوا عَالَةً فِي مَعَايِشِهِمْ وَأَسْبَابِهَا عَلَى سِوَاهُمْ .

جَاءَ فِي كِتَابِ الْبُرْهَانُ فِي عُلُومِ الْقُرْآنِ للإمَامِ بَدْر الدِّينِ الزَّرْكَشِيّ رَحِمَهُ اللَّهُ:
وَكُلُّ عِلْمٍ مِنَ الْعُلُومِ مُنْتَزَعٌ مِنَ الْقُرْآنِ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ بُرْهَانٌ.
 
"يرد على هؤلاء حديث التأبير، وقوله صلى الله عليه وسلم: أنتم أعلم بأمور دنياكم"
(تفسير الألوسي = روح المعاني) (7/ 453)


ابن خلدون:
"الفصل الثالث والأربعون: في أن حملة العلم في الإسلام أكثرهم العجم
من الغريب الواقع أن حملة العلم في الملة الإسلامية أكثرهم العجم، من العلوم الشرعية والعلوم العقلية، إلا في القليل النادر. وإن كان منهم العربي في نسبته فهو أعجمي في لغته ومرباه ومشيخته"
(تاريخ ابن خلدون) (1/ 747)
 
الشّاهِدُ مِمَّا سَبَقَ .............
جَاءَ فِي كِتَابِ الْبُرْهَانُ فِي عُلُومِ الْقُرْآنِ للإمَامِ بَدْر الدِّينِ الزَّرْكَشِيّ رَحِمَهُ اللَّهُ:
وَكُلُّ عِلْمٍ مِنَ الْعُلُومِ مُنْتَزَعٌ مِنَ الْقُرْآنِ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ بُرْهَانٌ.

الْجَدِيدُ فِي الْمَوْضُوعِ.........
قَوْلُهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ النِّسَاءِ :{وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا (141)}
قالَ الشَّيْخُ مُحَمَّد رَشِيد رِضَا رَحِمَهُ اللَّهُ في تَفسيرِ المَنَارِ لَه :

وَقَدْ بَيَّنَّا غَيْرَ مَرَّةٍ كَوْنَ الْإِيمَانِ نَفْسِهِ مِنْ أَسْبَابِ النَّصْرِ ، وَأَنَّهُ يَقْتَضِي الِاسْتِعْدَادَ وَأَخْذَ الْحَذَرِ ، وَإِنَّمَا غُلِبَ الْمُسْلِمُونَ فِي هَذِهِ الْقُرُونِ الْأَخِيرَةِ وَفَتَحَ الْكُفَّارُ بِلَادَهُمُ الَّتِي فَتَحُوهَا هُمْ مِنْ قَبْلُ بِقُوَّةِ الْإِيمَانِ ، وَمَا يَقْتَضِيهِ مِنَ الْأَعْمَالِ ; لِأَنَّهُمْ مَا عَادُوا يُقَاتِلُونَ لِإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللهِ وَتَأْيِيدِ الْحَقِّ وَنَشْرِ الْإِسْلَامِ ، وَلَا عَادُوا يَعُدُّونَ مَا اسْتَطَاعُوا مِنْ قُوَّةٍ كَمَا أَمَرَهُمُ الْقُرْآنُ ، فَهُمْ يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يُنْشِئُوا الْبَوَارِجَ الْمُدَرَّعَةَ ، وَالْمَدَافِعَ الْمُدَمِّرَةَ وَيَتَعَلَّمُوا مَا يَلْزَمُ لَهَا وَلِلْحَرْبِ مِنَ الْعُلُومِ الرِّيَاضِيَّةِ وَالطَّبِيعِيَّةِ وَالْمِيكَانِيكِيَّةِ ، وَهِيَ فَرْضٌ عَلَيْهِمْ بِمُقْتَضَى قَوَاعِدِ دِينِهِمْ ; لِأَنَّ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ ، وَقَدْ تَرَكُوا كُلَّ ذَلِكَ بَلْ صَارَ أَدْعِيَاءُ الْعِلْمِ فِيهِمْ يُحَرِّمُونَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ .

وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا ، أَيْ : إِنَّ الْكَافِرِينَ لَا يَكُونُ لَهُمْ مِنْ حَيْثُ هُمْ كَافِرُونَ سَبِيلٌ مَا عَلَى الْمُؤْمِنِينَ مِنْ حَيْثُ هُمْ مُؤْمِنُونَ يَقُومُونَ بِحُقُوقِ الْإِيمَانِ وَيَتَّبِعُونَ هَدْيَهُ ، وَكَلِمَةُ سَبِيلٍ هُنَا نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ تُفِيدُ الْعُمُومَ ....

وَقَدْ أَخْطَأَ مَنْ خَصَّهَا بِالْحُجَّةِ ، وَسَبَبُ هَذَا التَّخْصِيصِ عَدَمُ فَهْمِ مَا قَرَّرْنَاهُ آنِفًا مِنْ كَوْنِ النَّصْرِ مَضْمُونًا بِوَعْدِ اللهِ وَسُنَّتِهِ لِلْمُؤْمِنِينَ بِشَرْطِهِ الَّذِي أَشَرْنَا إِلَيْهِ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : إِنَّ هَذَا خَاصٌّ بِالْآخِرَةِ ، وَالصَّوَابُ : أَنَّهُ عَامٌّ فَلَا سَبِيلَ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ مُطْلَقًا ، وَمَا غَلَبَ الْكَافِرُونَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْحُرُوبِ وَالسِّيَاسَةِ وَأَسْبَابِهَا الْعِلْمِيَّةِ وَالْعَمَلِيَّةِ مِنْ حَيْثُ هُمْ كَافِرُونَ ، بَلْ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُمْ صَارُوا أَعْلَمَ بِسُنَنِ اللهِ فِي خَلْقِهِ وَأَحْكَمَ عَمَلًا بِهَا ، وَالْمُسْلِمُونَ تَرَكُوا ذَلِكَ كَمَا عَلِمْتَ ، فَلْيَعْتَبِرْ بِذَلِكَ الْمُعْتَبِرُونَ .

فَيَا أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ تَدَبَّرُوا قَوْلَ رَبِّكُمُ الْعَزِيزِ الْقَدِيرِ ، الْوَلِيِّ النَّصِيرِ ، الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ : {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ }{ إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}وَ { إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} وَ {وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} وَ{ وَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ وَعْدَهُ } وَلَكِنَّكُمْ نَقَضْتُمْ عَهْدَهُ {وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} وَ { وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ }.

قَالَ فِي الظَّلالِ..................

وهَذِه حَقِيقَةٌ لا يَحفَظُ التَّاريخُ الإسلاميُّ كلُّه وَاقعةً واحِدةً تُخالِفُها! وأنا أُقررُ في ثِقَةٍ بِوَعدِ اللهِ لا يُخالِجُهَا شَكٌ ، أن الهَزَيمَةَ لا تَلحَقُ بالمُؤمِنينَ ، وَلم تَلحقْ بهم في تاريخِهم كلِّه ، إلا وَهُناكَ ثغرةٌ في حَقِيقَةِ الْإِيمَانِ. إمَّا فِي الشُّعُورِ وَإمَّا فِي العَمَلِ - وَمِنْ الإيمَانِ أَخْذُ العُدَّة وَإعدَادِ القُوَّةِ فِي كُلِّ حِينٍ بِنيَّةِ الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللهِ وَتَحتَ هَذِه الرَّايَةِ وَحْدَهَا مُجرَّدَة من كُلِّ إضافةٍ وَمِن كُلِّ شَائِبَةٍ - وَبِقَدْرِ هَذه الثَّغرَةِ تَكُونُ الهَزيمَةُ الوَقتيَّةُ ثُمَّ يَعودُ النَّصرُ لِلمُؤمِنينَ - حِينَ يُوجَدُونَ! فَفِي «أُحُد» مَثَلا كَانَت الثَّغرةُ فِي تَرْكِ طَاعَةِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِي الطَّمَعِ فِي الغَنيمَةِ. وَفي «حُنَينٍ» كَانَت الثَّغرَةُ فِي الاعتِزَازِ بِالكَثرَةِ والإعْجَابِ بهَا ونِسيان السَّنَدِ الأصيلِ! ولو ذَهَبنَا نَتتبَعُ كَل مَرَّةٍ تَخَلَّفَ فِيهَا النَّصرُ عَن المُسلِمينَ فِي تَارِيخِهم لَوَجَدنَا شَيئَا مِنْ هَذَا .. نَعرِفُه أو لا نَعرِفُه .. أمَّا وَعْدُ اللهِ فَهُوَ حَقٌ فِي كُلِّ حِينٍ.

قَالَ فِي التَّحريرِ والتّنويرِ.......

فَإِنْ قُلْتَ: إِذَا كَانَ وَعْدًا لَمْ يَجُزْ تَخَلُّفُهُ. وَنَحْنُ نَرَى الْكَافِرِينَ يَنْتَصِرُونَ على الْمُؤمنِينَ انتصرا بَيِّنًا، وَرُبَّمَا تَمَلَّكُوا بِلَادَهُمْ وَطَالَ ذَلِكَ، فَكَيْفَ تَأْوِيلُ هَذَا الْوَعْدِ. قُلْتُ: إِنْ أُرِيدَ بِالْكَافِرِينَ وَالْمُؤْمِنِينَ الطَّائِفَتَانِ الْمَعْهُودَتَانِ بِقَرِينَةِ الْقِصَّةِ فَالْإِشْكَالُ زَائِلٌ، لِأَنَّ اللَّهَ جَعَلَ عَاقِبَةَ النَّصْرِ أَيَّامَئِذٍ لِلْمُؤْمِنِينَ وَقَطَعَ دَابِرَ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا فَلَمْ يَلْبَثُوا أَنْ ثُقِفُوا وَأُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا وَدَخَلَتْ بَقِيَّتُهُمْ فِي الْإِسْلَامِ فَأَصْبَحُوا أَنْصَارًا لِلدِّينِ وَإِنْ أُرِيدَ الْعُمُومُ فَالْمَقْصُودُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الْمُؤْمِنُونَ الْخُلَّصُ الَّذِينَ تَلَبَّسُوا بِالْإِيمَانِ بِسَائِرِ أَحْوَالِهِ وَأُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ، وَلَوِ اسْتَقَامَ الْمُؤْمِنُونَ عَلَى ذَلِكَ لَمَا نَالَ الْكَافِرُونَ مِنْهُمْ مَنَالًا، وَلَدَفَعُوا عَنْ أَنْفُسِهِمْ خَيبَةً وَخَبَالَا.
ولنا مع هذه الآية إن شاء الله وقفة أخرى ..........
 
صحيح أن الواجب هو إعداد القوة الدنيوية واستخدام العلوم وتطويرها.. لا الجري وراء وهم استخراجها من القرآن!
علوم الدنيا تأتي من دراسة الدنيا.. علوم الشرع تأتي من دراسة الشرع.
فالثابت أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن يعلم فائدة تلقيح النخل، فلما أخذ الصحابة برأيه فسد المحصول، فأعلمهم أنهم أعلم منه بأمور دنياهم.
وهي قاعدة لا مجال لإنكارها بعد أن أثبتها الرسول.

أما من يزعم أنه يعلم من نص القرآن علوما دنيوية لم يكن يعلمها الرسول نفسه من النص فقد شابه ابن عربي الدجال الباطني الذي قارن نفسه بالرسول!
 
بسم1
العمل على أساس عقدى هوالذى يصنع الفارق هذا هو المقصد ولم يقل أحد أن القرآن كتاب علوم طبيعية ولكن جاء ذلك تلميحا ولا شك فى شمولية القرآن لشتى المناهج.
أما قولك فهو حق أريد به باطل.
 
ليس كتاب علوم طبيعية طبعا! لم نستفد منه علما تجريبيا إطلاقا، ومن يزعم أنه يستخرج منه قوانين فيزياء وكيمياء فقد أبعد النجعة.

الناس أعلم من الرسول بأمور دنياهم.
والرسول أعلم البشر بالقرآن.
النتيجة:
1- القرآن ليس طريق اكتساب العلوم التجريبية الدنيوية.
2 - من يزعم الآن أنه يستخرج منه علوما لم يعلمها الرسول فقد جعل نفسه فوق الرسول! وشابه الباطني ابن عربي الذي زعم أن الرسول علمه ظاهري لكن ابن عربي علمه أعمق وباطني ويعلم من النص ما لم يخطر على بال الرسول ولا الصحابة!
 
فاصلٌ مهمٌ ............ثم نُكمل إن شاء الله .........

جَاَءَ فِي الشَّرْحَ الْمُخْتَصَرِ عَلِى بُلُوغِ الْمَرَامِ لِلعُثيمين رَحِمَهُ اللهُ....

أما مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهُ رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ إِلَى جَمِيعِ الْبَشَرِ. بَلْ إِلَى الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَلِذَلِكَ كَانَتْ آيَتُه القُرْآنُ العَظِيمُ هِيَ الآيَةَ الْخَالِدَةَ الْبَاقِيَةَ - الَّذِي لَا يُمْكِنُ أَنْ تَنْفَدَ مَعَانِيهُ وَلَا أَحْكَامُهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ - كَمَا قَالَ تَعَالَى:{ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ }.....

هَذَا الْقُرْآنِ، الَّذِي بَيْنَ أَيْدِينَا نَقْرَأُهُ الآنَ كَمَا قَرَأَهُ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَمَا قَرَأَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَبَاقِي الصَّحَابَةِ - رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ لَمْ يَتَغَيَّرْ وَلَمْ يَتَبَدَّلْ مَحْفُوظًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى أَنْ يَرِثَ اللهُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا.

هَذَا الْقُرْآنِ بَاقٍ وَالشَّرِيعَةُ بَاقِيَةٌ وَهِيَ صَالِحَةٌ لِكُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ - وَلَا يُمْكِنُ أَنْ تَأتِى الشَّرِيعَةُ الْإِسْلَامِيَّةُ بِمَا يُنَاقِضُ الصَّالِحَ أَوْ بِمَا يَكُونُ فِيِهِ مَفَاسِدٌ بَلْ هِيَ شَرِيعَةٌ صَالِحَةٌ لِكُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ فِي مَشَارِقِ الأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا -

وَلِهَذَا
يَجِبُ عَلَى كُلِّ البَشَرِ أَنْ يُؤمِنُوا بِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّه مُرسَلٌ إِلَيهِم وَيَجِبُ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ الَّذِينَ بَلَغَتهُم الدَّعوَةُ أَنْ يَنشُرُوهَا فِي العَالَمِ حَتَّى تَقُومَ الحُجَّةُ عَلَى الجَمِيعِ وَيَجِبُ عَلَى أَهْلِ الكِتَابِ أَنْ يُؤمِنُوا بِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

إلَّا أَنَّهُم حَسَدُوا العَربَ أَنْ كَانَ فِيِهِم هَذَا الرَّسُولُ الَّذَي نُوَّه عَنْهُ فِي الكُتُبِ السَّابِقَةِ وَبَشَّرَتْ بِهِ الأَنْبِيَاءُ وَأُخَذَ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ الْعَهْدُ وَالْمِيثَاقُ إِنْ جَاءَهُم أَنْ يُؤمِنُوا بِهِ .

وَكُلُّ الْأَنْبِيَاءِ قَدْ أَعْطُوا اللهَ عَهْدًا وَمِيثَاقًا غَلِيظَا أَنَّه إِذَا بُعِثَ مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اتَّبَعُوهُ -
قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى { وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (81)}.

وَكَذَلِكَ أُمُمُهُم يَجِبُ عَلَيهِم أَنِ يَتَّبِعُوا الرَّسُولَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِهَذَا أَقْسَمَ الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ لَا يَسْمَعُ بِهِ يَهُودِيٌّ وَلَا نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ لاَ يُؤْمِنُ بِهِ وَيَتْبَعُهُ إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ حَتَّى وَإِنْ زَعَمَ بِأَنَّهُ يَتَّبِعُ كِتَابَا نَقُولُ :
إَذَا ُكنْتَ تَتَّبِعُ كِتَابَا- التَّوْرَاةَ أَوِ الْإِنْجِيلَ- وَكُنْتَ صَادِقًا فِي ذَلِكَ ، فَلاَبُدَّ أَنْ تُؤْمِنَ بِالرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِذَا كَذَّبَ الرَّسُولَ أَوْ قَالَ أَنَّه رَسُولُ العَرَبِ خَاصَّةً فَهُوَ كَافِرٌ بِعِيسَى إِنْ كَانَ نَصْرَانِيًّا وَبِمُوسَى إِنْ كَانَ يَهُودِيًّا وَبِمُحَمَّدٍ كَمَا هُمْ يُعلِنُونَ الكُفْرَ بِهِ الآنَ.

وفي هذا الكلام رسالةٌ عميقةٌ لفهم كل أبعاد القضايا المُختلفة ....

 
بسم1
[FONT=&quot]الدرس المستفاد فى مسألة تأبير النخل بأن من الظن ما يقطع بالتجريب فقد تثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم من صحة تأبير النخل وأقره بعد التجربة ومعلوم أن الرياح تحمل اللواقح المختلفة إلى الأشجار والنخيل ويستفاد من ذلك فى مجال الزراعة التلقيح اليدوى للصنف المراد زيادة إنتاجه وتحسين محصوله قال تعالى {[/FONT][FONT=&quot] وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ[/FONT][FONT=&quot]} وبالرغم من أن مسألة التأبير معلومة من قبل إلا أن المستفاد هو التأصيل للمنهج العلمى التجريبى وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرجوع عن المظنون به إلى المقطوع بصحته تجريبا .[/FONT]
 
التجربة. ممتاز!
لا البحث عن العلم التجريبي داخل النص الشرعي.
فالزراع كانوا أعلم من الرسول بأمر دنيوي.. ولم يستخرج الرسول المعلومة من سورة يوسف ولا البقرة.
 
بسم1
لم يفسر لنا رسول اللهصلى الله عليه وسلم القرآن كله وبالأخص الآيات الكونية وكان من المظنون به لوقت قريب مسألة كروية الأرض وقد لمح القرآن فى غير موضع إلى هذه المسألة ولم يقطع بها إلا بالتجريب بعد سنوات من التنظير وهذا يدلك على أن من الآيات الكونية مالم يعرف تأويله على الوجه الصحيح إلا بعد التجربة فمتى نأصل لذلك ؟ مع العلم بأن القرآن حافل بما يدل على المنهج العلمى التجريبى أيضا.
 
ما دخل كروية الأرض؟!
كروية الأرض مثبتة علميا قبل ميلاد الرسول، بل وقبل ميلاد المسيح!
(بأكثر من طريقة. منها طرق بالعين المجردة! برؤية شكل ظل الأرض على القمر وقت الخسوف، وأنه دائري مهما كانت زاوية القمر-أرض-شمس، وهذا لا يكون إلا في الشكل الكروي. ومنها طريقة أخرى بالعين المجردة، وهي السفر من بلد جنوبي لبلد شمالي، كمن الإسكندرية لروما، ومتابعة ارتفاع النجوم عن الأفق.
بل ومحيط الكرة الأرضية كان محسوبا بدقة! اقرأ تجربة قياس الإغريق لاختلاف زاوية الظل بين بلدين وحسابهم للمسافة ثم استخدامهم لحساب المثلثات لتحديد محيط الكرة الأرضية)
بل أشهر كتاب فلكي في التاريخ القديم (كتاب بطليموس، المجسطي، في القرن الثاني الميلادي) يعتبرها حقيقة بديهية.
القرآن نزل في القرن السابع الميلادي.
 
بسم الله الرحمن الرحيم ................

لا أريدُ أن أقطعَ الموضوع َ ولكن .... نشارك مُشَارَكةً سريعةً ........



قَوْلُهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ «الْبَقَرَةِ» :{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (189)}

قَالَ فِي تَفسِيِرِ المَنَارِ............

الْعُلُومُ الَّتِي نَحْتَاجُ إِلَيْهَا فِي حَيَاتِنَا عَلَى أَقْسَامٍ : -

الْقِسْمُ الْأَوَّلُ : مَا لَا نَحْتَاجُ فِيهِ إِلَى أُسْتَاذٍ كَالْمَحْسُوسَاتِ وَالْوِجْدَانَاتِ .

الْقِسْمُ الثَّانِي : مَا لَا نَجِدُ لَهُ أُسْتَاذًا ; لِأَنَّهُ مِمَّا لَا مَطْمَعَ لِلْبَشَرِ فِي الْوُصُولِ إِلَيْهِ أَلْبَتَّةَ ، وَهُوَ كَيْفِيَّةُ التَّكْوِينِ وَالْإِيجَادِ الْأَوَّلِ الْمُعَبَّرِ عَنْهُ بِسِرِّ الْقَدَرِ . يُمْكِنُ لِلنَّبَاتِيِّ أَنْ يَعْرِفَ مَا يَتَكَوَّنُ مِنْهُ النَّبَاتُ وَكَيْفَ يَنْبُتُ وَيَنْمُو وَيَتَغَذَّى ، وَلِلطَّبِيبِ أَنْ يَعْرِفَ كَيْفِيَّةَ تَوَلُّدِ الْحَيَوَانِ وَالْأَطْوَارِ الَّتِي يَتَدَرَّجُ فِيهَا مُنْذُ يَكُونُ نُطْفَةً إِلَى أَنْ يَكُونَ إِنْسَانًا مُسْتَقِلًّا عَاقِلًا ، وَلَكِنْ لَا يَعْرِفُ نَبَاتِيٌّ وَلَا طَبِيبٌ كَيْفَ وُجِدَتْ أَنْوَاعُ النَّبَاتِ وَأَنْوَاعُ الْحَيَوَانِ أَوْ مَادَّتُهُمَا لِأَوَّلِ مَرَّةٍ ، وَلَا كَيْفَ وُجِدَ غَيْرُهُمَا مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ . وَمِنْ هُنَا تَعْلَمُونَ أَنَّ الْعِلَاقَةَ بَيْنَ الْخَالِقِ وَالْمَخْلُوقِ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ - جِهَةِ الْإِيجَادِ وَالْخَلْقِ - لَا يُمْكِنُ اكْتِنَاهُهَا ، وَكَذَلِكَ لَا يُمْكِنُ اكْتِنَاهُ ذَاتِ اللهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ .

الْقِسْمُ الثَّالِثُ : مَا يَتَيَسَّرُ لِلنَّاسِ أَنْ يَعْرِفُوهُ بِالنَّظَرِ وَالِاسْتِدْلَالِ وَالتَّجْرِبَةِ وَالْبَحْثِ كَالْعُلُومِ الرِّيَاضِيَّةِ وَالطَّبِيعِيَّةِ وَالزِّرَاعِيَّةِ وَالصِّنَاعَاتِ وَالْهَيْئَةِ الْفَلَكِيَّةِ ، وَمِنْهَا أَسْبَابُ أَطْوَارِ الْهِلَالِ ، وَتَنَقُّلِهِ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ ، أَيِ الْمُعَبَّرِ عَنْهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : {(وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ) }.

الْقِسْمُ الرَّابِعُ : مَا يَجِبُ عَلَيْنَا لِلْخَالِقِ الْعَظِيمِ الَّذِي أَوْدَعَ فِي فِطَرِنَا الشُّعُورَ بِسُلْطَانِهِ ، وَهَدَى عُقُولَنَا إِلَى الْإِيمَانِ بِهِ بِمَا نَرَاهُ مِنْ آيَاتِهِ فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِنَا ; فَإِنَّ هَذَا الشُّعُورَ وَهَذِهِ الْهِدَايَةَ مُبْهَمَانِ لَا سَبِيلَ لَنَا إِلَى تَحْدِيدِهِمَا مِنْ حَيْثُ مَا يَجِبُ اعْتِقَادُهُ فِي اللهِ تَعَالَى وَفِي حِكْمَةِ خَلْقِنَا ، وَمُرَادُهُ مِنَّا ، وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ مِنْ أَمْرِ مَصِيرِنَا ، وَمِنْ حَيْثُ مَا يَجِبُ لَهُ مِنَ الشُّكْرِ وَالْعِبَادَةِ .
وَهَذَا مِمَّا لَا سَبِيلَ إِلَى مَعْرِفَتِهِ بِطَرِيقٍ صِنَاعِيٍّ أَوْ كَسْبٍ بَشَرِيٍّ ، فَقَدْ وَقَعَتِ الْأُمَمُ فِي الْحَيْرَةِ وَالْخَطَأِ فِي مَسَائِلِهِ لِجَهْلِهِمْ بِالصِّلَةِ وَالنِّسْبَةِ بَيْنَ الْمَخْلُوقِ وَالْخَالِقِ ، فَمِنْهُمْ مَنْ وَصَفَهُ تَعَالَى بِمَا لَا يَصِحُّ أَنْ يُوصَفَ بِهِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَوَهَّمَ أَنَّ أَعْمَالَنَا تُفِيدُهُ أَوْ تُؤْلِمُهُ ، وَأَنَّهُ يُنْعِمُ عَلَيْنَا أَوْ يَنْتَقِمُ مِنَّا بِالْمَصَائِبِ لِأَجْلِ ذَلِكَ ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَوَهَّمَ أَنَّ الْحَيَاةَ الْأُخْرَى تَكُونُ بِهَذِهِ الْأَجْسَادِ وَالْجَزَاءَ فِيهَا يَكُونُ بِهَذَا الْمَتَاعِ ، فَاخْتَرَعُوا الْأَدْوِيَةَ لِحِفْظِ أَجْسَادِهِمْ وَمَتَاعِهِمْ . وَإِذَا كَانَ الْإِنْسَانُ عَاجِزًا عَنْ تَحْدِيدِ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَيَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنَ الْإِيمَانِ بِاللهِ وَبِالْحَيَاةِ الْأُخْرَى ، وَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِي الْحَيَاةِ الْأُولَى شُكْرًا لِلَّهِ وَاسْتِعْدَادًا لِتِلْكَ الْحَيَاةِ ; لِأَنَّ الْحَوَاسَّ وَالْعَقْلَ لَا يُدْرِكَانِ ذَلِكَ ، فَلَا شَكَّ أَنَّهُ مُحْتَاجٌ إِلَى عَقْلٍ آخَرَ يُدْرِكُ بِهِ مَا يَعُوزُ أَفْرَادُهُ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ ، وَهَذَا الْعَقْلُ هُوَ النَّبِيُّ الْمُرْسَلُ .

وَبَقِيَ (قِسْمٌ خَاصٌّ) وَهُوَ مَا يَسْتَطِيعُ الْعَقْلُ الْبَشَرِيُّ إِدْرَاكَ الْفَائِدَةِ مِنْهُ ، وَلَكِنَّهُ عُرْضَةٌ لِلْخَطَأِ فِيهِ دَائِمًا لِمَا يَعْرِضُ لَهُ مِنَ الْأَهْوَاءِ وَالشَّهَوَاتِ الَّتِي تُلْقِي الْغِشَاوَةَ عَلَى الْأَبْصَارِ وَالْبَصَائِرِ ، فَتَحُولَ دُونَ الْوُصُولِ إِلَى الْحَقِيقَةِ ، أَوْ تُشَبِّهُ النَّافِعَ بِالضَّارِّ وَتَلْبِسُ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ . مِثَالٌ ذَلِكَ السِّعَايَةُ وَالْمَحَلُّ ، يُدْرِكُ الْعَقْلُ مَا فِيهِ مِنِ الضَّرَرِ وَالْقُبْحِ ، وَلَكِنَّهُ إِذَا رَأَى لِنَفْسِهِ فَائِدَةً مِنَ السِّعَايَةِ بِشَخْصٍ زَيَّنَهَا لَهُ هَوَاهُ فَيَرَاهَا حَسَنَةً مِنْ حَيْثُ يَخْفَى عَلَيْهِ ضَرَرُهَا لِذَاتِهَا ، وَكَذَلِكَ شُرْبُ الْخَمْرِ وَالْحَشِيشِ ، وَقَدْ يَعْرِفُ الْإِنْسَانُ مَضَرَّتَهُمَا فِي غَيْرِهِ وَلَكِنَّ الشَّهْوَةَ تَحْجُبُهُ عَنْ إِدْرَاكِ ذَلِكَ فِي نَفْسِهِ ، فَيُؤْثِرُ حُكْمَ لَذَّتِهِ عَلَى حُكْمِ عَقْلِهِ الَّذِي يَنْهَاهُ عَنْ كُلِّ ضَارٍّ ، فَصَارَ مُحْتَاجًا إِلَى مُعَلِّمٍ آخَرَ يَنْصُرُ الْعَقْلَ عَلَى الْهَوَى ، وَوَازِعٍ يَكْبَحُ مِنْ جِمَاحِ الشَّهْوَةِ لِيَكُونَ عَلَى هُدًى .

قَالَ فِي تَفسِيِرِ المَنَارِ............

فَمَا يُمْكِنُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَصِلَ إِلَيْهِ بِنَفْسِهِ لَا يُطَالَبُ الْأَنْبِيَاءُ بِبَيَانِهِ ، وَمُطَالَبَتُهُمْ بِهِ جَهْلٌ بِوَظِيفَتِهِمْ ، وَإِهْمَالٌ لِلْمَوَاهِبِ وَالْقُوَى الَّتِي وَهَبَهُ اللهُ إِيَّاهَا لِيَصِلَ إِلَى ذَلِكَ ، وَكَذَلِكَ لَا يُطَالَبُونَ بِمَا يَسْتَحِيلُ عَلَى الْبَشَرِ الْوُصُولُ إِلَيْهِ كَقَوْلِ بَعْضِ بَنِي إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى :{ (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً) } وَأَمَّا مَا كَانَ إِدْرَاكُهُ لَيْسَ مُمْكِنًا ، وَكَسْبُهُ بِالْحِسِّ وَالْعَقْلِ مُتَعَذِّرًا أَوْ تَحْدِيدُهُ مُتَعَسِّرًا ، فَهُوَ الَّذِي نَحْتَاجُ فِيهِ إِلَى هَادٍ يُخْبِرُ عَنِ اللهِ تَعَالَى لِنَأْخُذَهُ عَنْهُ بِالْإِيمَانِ وَالتَّسْلِيمِ ; وَلِذَلِكَ قُلْنَا : إِنَّ الرَّسُولَ عَقْلٌ لِلْأُمَّةِ ، وَهِدَايَةٌ وَرَاءَ هِدَايَةِ الْحَوَّاسِ وَالْوِجْدَانِ وَالْعَقْلِ .

...... تأمَّل......
وَلِذَلِكَ قُلْنَا : إِنَّ الرَّسُولَ عَقْلٌ لِلْأُمَّةِ ، وَهِدَايَةٌ وَرَاءَ هِدَايَةِ الْحَوَّاسِ وَالْوِجْدَانِ وَالْعَقْلِ .

قَالَ فِي تَفسِيِرِ المَنَارِ............

لَوْ كَانَ مِنْ وَظِيفَةِ النَّبِيِّ أَنْ يُبَيِّنَ الْعُلُومَ الطَّبِيعِيَّةَ وَالْفَلَكِيَّةَ لَكَانَ يَجِبُ أَنْ تُعَطَّلَ مَوَاهِبُ الْحِسِّ وَالْعَقْلِ ، وَيُنْزَعَ الِاسْتِقْلَالُ مِنَ الْإِنْسَانِ ، وَيُلْزِمَ بِأَنْ يَتَلَقَّى كُلُّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِهِ كُلَّ شَيْءٍ بِالتَّسْلِيمِ ، وَلَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ عَدَدُ الرُّسُلِ فِي كُلِّ أُمَّةٍ كَافِيًا لِتَعْلِيمِ أَفْرَادِهَا فِي كُلِّ زَمَنٍ كُلَّ مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ مِنْ أُمُورِ مَعَاشِهِمْ وَمَعَادِهِمْ ، وَإِنْ شِئْتَ فَقُلْ : لَوَجَبَ أَلَّا يَكُونَ الْإِنْسَانُ هَذَا النَّوْعَ الَّذِي نَعْرِفُهُ ....

نَعَمْ : إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ يُنَبِّهُونَ النَّاسَ بِالْإِجْمَالِ إِلَى اسْتِعْمَالِ حَوَاسِّهِمْ وَعُقُولِهِمْ فِي كُلِّ مَا يَزِيدُ مَنَافِعَهُمْ وَمَعَارِفَهُمُ الَّتِي تَرْتَقِي بِهَا نُفُوسُهُمْ ، وَلَكِنْ مَعَ وَصْلِهَا بِالتَّنْبِيهِ عَلَى مَا يُقَوِّي الْإِيمَانَ وَيَزِيدُ فِي الْعِبْرَةِ .

وَقَدْ أَرْشَدَنَا نَبِيُّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى وُجُوبِ اسْتِقْلَالِنَا دُونَهُ فِي مَسَائِلِ دُنْيَانَا فِي وَاقِعَةِ تَأْبِيرِ النَّخْلِ إِذْ قَالَ : ((أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِأُمُورِ دُنْيَاكُمْ)) وَمِنْ هَاهُنَا كَانَ السُّؤَالُ عَنْ حَقِيقَةِ الرُّوحِ خَطَأً ، وَقَدْ أَمَرَ اللهُ نَبِيَّهُ أَنْ يُجِيبَ السَّائِلِينَ بِقَوْلِهِ : {(قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) } أَيْ : إِنَّهَا مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ الَّتِي لَا يُسْأَلُ النَّبِيُّ عَنْهَا ، كَمَا كَانَ السُّؤَالُ عَنْ عِلَّةِ اخْتِلَافِ أَطْوَارِ الْأَهِلَّةِ خَطَأً لَا تَصِحُّ مُجَارَاةُ السَّائِلِ عَلَيْهِ بَلْ عَدَّهُ الْقُرْآنُ مِنْ قَبِيلِ إِتْيَانِ الْبُيُوتِ مِنْ ظُهُورِهَا كَمَا فِي تَتِمَّةِ الْآيَةِ .

وَفِي مَسأَلة التَّأبيرِ وغيرِهَا .... لولم يكن الأمرُ للتعليم ولإثراء العمل التجريبي - لما تأخَّر الوحيُ عن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلمَ .... حتى لا تتغير نظرةُ الأصحاب رضوان اللهِ عليهم في أسوتِهم وموضعِ قُدسيتِهم .........
فلقد تأخَّرَ الوحي خمسة عشر يوما في الأسئلة المُوجهة للنبي صلى الله عليه وسلم - { أصحاب الكهف -الروح - ذو القرنين }لما لم يستثن عند الرد على اليهود ..

وَكذلكَ فِي مَسألةِ بئر بدر الشَّهيرَة ..... فلا يُقال أبدا أن الحبابَ بنَ المنذر رضي اللهُ عنه

كاَن أكثرَ توفيقا ... ولكن هي خبرة الموقع .... وإرادة الله أن تكونَ....لكي يقتفي أثرَهَا القادمُ ..
وفي مسألة حفر الخندق في غزوة الأحزاب -- لسلمان رضي الله عنه ..

وكذلك في أول مسألة مواريث ....... وفي مسألة المسجد الأقصى ...

وهذا الموضوعُ سيتمُ عرضُه قريبا باستفاضة وبأدلةٍ قويةٍ في وقته إن شاء اللهُ ....
فلينتظر أخونا الباحث عن الحق ما سيفتح الله به علينا جميعا .....
 
بسم1
إن التنظيرفى مسألة كرية الأرض لم يتجاوز عقبة الظن قبل نزول القرآن وبعده إلى أن تم التثبت من كرية الأرض من خارج الغلاف الجوى بالقمر الصناعى اسبونتك سنة 1957 وقطع الشك باليقين.
ولا نجادل فى من سبق من ولكن فى طريقة تناول الحقيقة القرآنية لحقيقة كونية بالتلميح تارة وبالتصريح تارة أخرى من خلال نص بليغ محكم بلغ من التمام الكمال .
قال تعالى{
[FONT=&quot]وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا ۚ لَّا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ ۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ }[/FONT]
 
قَالَ تَعَالَى في سُورَةِ فُصِّلَتْ:{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ (26)}

هَذِهِ هِي الرَّكِيزَةُ والمُستَنَدُ القَديمُ وَالحَدِيثُ لِأعدَائِنَا { لَا تَسْمَعُوا} وَهُو صَرفٌ وَاضِحٌ لِمَنعِ اتِّصَالِ الْأَسْمَاعِ بهذا الكِتابِ المُباركِ – والخُطوةُ الثانيةُ { وَالْغَوْا فِيهِ } بأيِّ طَرِيقَةٍ كَانَت وَبأيِّ وَسِيلةٍ تَظهَرُ , وأمَلُهُم في ذَلِكَ :{ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ }.

فَلَقَدْ اتَّضَحَتْ لنا المُعَادَلةُ – فعِندَ عَدَمِ سَمَاعِ القُرآنِ وَعِندَما يُلغَى فيه – يَبدأُ البَاطِلُ في التَّحَرُّكِ وتَبرزُ مَعَالمُ الكُفرِ والضًلالِ- وعِندَها نَفقِدُ الصِّلةَ بِمَاضِينَا ويَضطرِبُ حَاضرُنا ويَصعُبُ عَلينا أن نُحددَ مَلامِحَ مُستَقبَلِنا – وكلُّه بما كَسَبَتْ أيْدِينَا .

هُم يَقولونَ :{ لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ } واللهُ قالَ :{ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا } وَوَعدُ اللهِ لَنَا :{ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ }- ومُرادُهُم :{ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ }.


أضِف إلى ما سَبَقَ ........


جَاءَ فِي كِتَابِ التَّبشِيرِ وَالاستِعمَارِ فِي البِلَادِ العَرَبيَّةِ ..........
تَأليِف الدُّكتُور مُصطَفَى خَالِدي والدُّكتُور عُمَر فرُّوخ........

يَقُولُ (جون تاكلي) عَن المُسلمينَ: «يَجِبُ أَنْ يُسْتَخْدَمَ كِتَابُهُمْ (أَيْ القُرْآنُ الكَرِيمُ)، وَهُوَ أَمْضَى سِلاَحٍ فِي الإِسْلاَمِ، ضِدَّ الإِسْلاَمِ نَفْسِهِ لِنَقْضِي عَلَيْهِ تَمَامًا. يَجِبُ أَنْ نُرِي هَؤُلاَءِ النَّاسِ أَنَّ الصَّحِيحَ فِي القُرْآنِ لَيْسَ جَدِيدًا، وَأَنَّ الجَدِيدَ فِيهِ لَيْسَ صَحِيحًا».

انْظُرْ هَذِه الجُملَة جَيَّدَا :{ يَجِبُ أَنْ نُرِي هَؤُلاَءِ النَّاسِ أَنَّ الصَّحِيحَ فِي القُرْآنِ لَيْسَ جَدِيدًا، وَأَنَّ الجَدِيدَ فِيهِ لَيْسَ صَحِيحًا».}

وَهَكذا تُفهم الأُمورُ.......بعونِ اللهِ تعالى
 
قال الطبريُّ رَحِمَه اللهُ فِي مُقَدمةِ تَفسيرِهِ.....

ثم أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنَّ مِنْ جَسِيمِ مَا خَصَّ اللَّهُ بِهِ أُمَّةَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْفَضِيلَةِ ، وَشَرَّفَهُمْ بِهِ عَلَى سَائِرِ الأُمَمِ مِنَ الْمَنَازِلِ الرَّفِيعَةِ ، وَحَبَاهُمْ بِهِ مِنَ الْكَرَامَةِ السَّنِيَّةِ ، حِفْظَهُ مَا حَفِظَ جَلَّ ذِكْرُهُ وَتَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ عَلَيْهِمْ مِنْ وَحْيِهِ وَتَنْزِيلِهِ ، الَّذِي جَعَلَهُ عَلَى حَقِيقَةِ نُبُوَّةِ نَبِيِّهِمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَلاَلَةً ،وَعَلَى مَا خَصَّهُ بِهِ مِنَ الْكَرَامَةِ عَلاَمَةً وَاضِحَةً ، وَحُجَّةً بَالِغَةً ، أَبَانَهُ بِهِ مِنْ كُلِّ كَاذِبٍ وَمُفْتَرٍ ، وَفَصَلَ بِهِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ كُلِّ جَاحِدٍ وَمُلْحِدٍ ، وَفَرَّقَ بِهِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ كُلِّ كَافِرٍ وَمُشْرِكٍ ، الَّذِي لَوِ اجْتَمَعَ جَمِيعُ مَنْ بَيْنَ أَقْطَارِهَا ، مِنْ جِنِّهَا وَإِنْسِهَا ، وَصَغِيرِهَا وَكَبِيرِهَا ، عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ ، لَمْ يَأْتُوا بِمِثْلِهِ ، وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا . فَجَعَلَهُ لَهُمْ فِي دُجَى الظُّلَمِ نُورًا سَاطِعًا ، وَفِي سَدَفِ الشُّبَهِ شِهَابًا لاَمِعًا ، وَفِي مَضَلَّةِ الْمَسَالِكِ دَلِيلاً هَادِيًا ، وَإِلَى سُبُلِ النَّجَاةِ وَالْحَقِّ حَادِيًا ، {يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} .

حَرَسَهُ بِعَيْنٍ مِنْهُ لاَ تَنَامُ ، وَحَاطَهُ بِرُكْنٍ مِنْهُ لاَ يُضَامُ ، لاَ تَهِي عَلَى الأَيَّامِ دَعَائِمُهُ ، وَلاَ تَبِيدُ عَلَى طُولِ الأَزْمَانِ مَعَالِمُهُ ، وَلاَ يَجُورُ عَنْ قَصْدِ الْمَحَجَّةِ تَابِعُهُ ، وَلاَ يَضِلُّ عَنْ سُبُلِ الْهُدَى مُصَاحِبُهُ . مَنِ اتَّبَعَهُ فَازَ وَهَدَى ، وَمَنْ حَادَ عَنْهُ ضَلَّ وَغَوَى . فَهُوَ مَوْئِلُهُمُ الَّذِي إِلَيْهِ عِنْدَ الاِخْتِلاَفِ يَئِلُونَ ، وَمَعْقِلُهُمُ الَّذِي إِلَيْهِ فِي النَّوَازِلِ يَعْتَقِلُونَ ، وَحِصْنُهُمُ الَّذِي بِهِ مِنْ وَسَاوِسِ الشَّيْطَانِ يَتَحَصَّنُونَ ، وَحِكْمَةُ رَبِّهِمْ الَّتِي إِلَيْهَا يَحْتَكِمُونَ ، وَفَصْلُ قَضَائِهِ بَيْنَهُمُ الَّذِي إِلَيْهِ يَنْتَهُونَ ، وَعَنِ الرِّضَا بِهِ يَصْدُرُونَ ، وَحَبْلُهُ الَّذِي بِالتَّمَسُّكِ بِهِ مِنَ الْهَلَكَةِ يَعْتَصِمُونَ.

اللَّهُمَّ فَوَفِّقْنَا لِإِصَابَةِ صَوَابِ الْقَوْلِ فِي مُحْكَمِهِ وَمُتَشَابِهِهِ ، وَحَلاَلِهِ وَحَرَامِهِ وَعَامِّهِ وَخَاصِّهِ ، وَمُجْمَلِهِ وَمُفَسَّرِهِ ، وَنَاسِخِهِ وَمَنْسُوخِهِ ، وَظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ ، وَتَأْوِيلِ آيِهِ ، وَتَفْسِيرِ مُشْكِلِهِ ، وَأَلْهِمْنَا التَّمَسُّكَ بِهِ ، وَالاِعْتِصَامَ بِمُحْكَمِهِ ، وَالثَّبَاتَ عَلَى التَّسْلِيمِ لِمُتَشَابِهِهِ ، وَأَوْزِعْنَا الشُّكْرَ عَلَى مَا أَنْعَمْتَ بِهِ عَلَيْنَا مِنْ حِفْظِهِ ، وَالْعِلْمِ بِحُدُودِهِ ، إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ ، قَرِيبُ الإِجَابَةِ . وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.

اعْلَمُوا عِبَادَ اللَّهِ ، رَحِمَكُمُ اللَّهُ ، أَنَّ أَحَقَّ مَا صُرِفَتْ إِلَى عِلْمِهِ الْعِنَايَةُ ، وَبَلَغَتْ فِي مَعْرِفَتِهِ الْغَايَةُ ، مَا كَانَ لِلَّهِ فِي الْعِلْمِ بِهِ رِضًا ، وَلِلْعَالِمِ بِهِ إِلَى سَبِيلِ الرَّشَادِ هُدًى ، وَأَنَّ أَجْمَعَ ذَلِكَ لِبَاغِيهِ ، كِتَابُ اللَّهِ الَّذِي لاَ رَيْبَ فِيهِ ، وَتَنْزِيلُهُ الَّذِي لاَ مِرْيَةَ فِيهِ ، الْفَائِزُ بِجَزِيلِ الذُّخْرِ وَسَنَى الأَجْرِ تَالِيهِ ، الَّذِي لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ ، تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ.
 
بسم1
إن القرآن هوالشاهد والمشهود له أثناء عملية الوثوب من الظن إلى اليقين فى مسألة كرية الأرض ومن العجيب حمل القرآن لقضية تسطيح الأرض ودعوته للبحث فيها وهى يقينية عند الجميع وكان الموقف من الكرية الإيمان وذلك لقرون طويلة ولكن فى هذا تأكيد على الانطلاق من المعلوم إلى المجهول وهومنهج علمى تجريبى أيضا فالآن بعد التثبت من كرية الارض بالرؤية البصرية أصبحت كرية الأرض قضية يقينية أيضا فالنص لم يتغير فى القضيتين من عهد نزول القرآن إلى وقتنا هذا ولكن الذى تغير هوالموقف الإيمانى الذى تأرجح فى السابق بين اليقين والإيمان وفى عصرنا الحالى بين اليقين واليقين والزيادة فى الإيمان.


 
- الشّاهِدُ مِمَّا سَبَقَ .............

قَالَ فِي تَفسِيرِ المَنَارِ .......

وَمَا غَلَبَ الْكَافِرُونَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْحُرُوبِ وَالسِّيَاسَةِ وَأَسْبَابِهَا الْعِلْمِيَّةِ وَالْعَمَلِيَّةِ مِنْ حَيْثُ هُمْ كَافِرُونَ..............

قَالَ فِي التَّحريرِ والتّنويرِ.......

وَلَوِ اسْتَقَامَ الْمُؤْمِنُونَ لَمَا نَالَ الْكَافِرُونَ مِنْهُمْ مَنَالًا، وَلَدَفَعُوا عَنْ أَنْفُسِهِمْ خَيبَةً وَخَبَالَا.

- الْجَدِيدُ فِي الْمَوْضُوعِ.........

جَاءَ فِي كِتَابِ الْبُرْهَانُ فِي عُلُومِ الْقُرْآنِ للإمَامِ بَدْر الدِّينِ الزَّرْكَشِيّ رَحِمَهُ اللَّهُ:

فَصلٌ....... فِي الْقُرْآنِ، عِلْمُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ .....................
وَفِي الْقُرْآنِ عِلْمُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ وَمَا مِنْ شَيْءٍ إِلَّا وَيُمْكِنُ اسْتِخْرَاجُهُ مِنْهُ لِمَنْ فَهَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.

فِي قوله تعالى :{ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ...}
يمكنُكَ أن تَرى فيها كُلَّ شَيْءٍ .........

قال في الظِلالِ .......

سُبحانه! يتَجلَّى إتقانُ صَنعتِه في كلِ شيء في هَذا الوُجُود. فلا فَلتَة ولا مُصادفة ، ولا ثَغرة ولا نَقص ، ولا تَفاوت ولا نِسيان. ويَتدبرُ المُتَدبرُ كلَّ آثار الصَّنعة المُعجِزة ، فلا يَعثر عَلى خَلةٍ واحدةٍ مَتروكةٍ بلا تقديرٍ ولا حِسابٍ.في الصَّغيرِ والكَبيرِ ، والجَليلِ والحَقيرِ.

 
..
جَاءَ فِي كِتَابِ الْبُرْهَانُ فِي عُلُومِ الْقُرْآنِ للإمَامِ بَدْر الدِّينِ الزَّرْكَشِيّ رَحِمَهُ اللَّهُ:

فَصلٌ....... فِي الْقُرْآنِ، عِلْمُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ .....................
وَفِي الْقُرْآنِ عِلْمُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ وَمَا مِنْ شَيْءٍ إِلَّا وَيُمْكِنُ اسْتِخْرَاجُهُ مِنْهُ لِمَنْ فَهَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
 
المقصود هو أصول العلم، لا التفاصيل!
أين في القرآن قائمة أسماء الرؤساء الأمريكان، وسنوات حكمهم، واسم الرئيس القادم؟!
من العبث البحث عن تفاصيل كهذه في القرآن. فليس كتاب شفرات ولا ألغاز، بل كلامه عربي واضح.
أين في القرآن أن محيط الكرة الأرضية 40 ألف كيلو متر؟ وعناصر الجدول الدوري؟ وطريقة علاج شلل الأطفال؟! أين في القرآن المسافة بين الشمس والأرض؟ أين حساب المثلثات؟

"لقد هممت أن أنهى عن الغيلة، حتى ذكرت أن الروم وفارس يصنعون ذلك فلا يضر أولادهم»
(صحيح مسلم) (2/ 1066)

هو حديث آخر عمدة في باب مصدر العلوم الدنيوية التجريبية (يضاف لحديث تأبير النخل)
هل كانت هذه المعلومة الطبية في القرآن ولا يعرفها الرسول؟
هل تصفون الرسول بالجهل بالقرآن؟! هل أنتم أعلم منه بما في القرآن؟
لم تكن المعلومة في القرآن أصلا. بل أخذها بالتجربة، بالنظر لعادات الأمم الأخرى والتعلم منهم.
كان سيصدر حكما ينهى الرجل عن جماع امرأته المرضع، لكن نظر للواقع فأحجم عن هذا الحكم.

كانت المعلومة الخاطئة (أن الغيلة تضر الطفل) منتشرة في الثقافة العربية (ومعروفة في الشعر)
فكان سبيل القضاء عليها وتصحيحها هو النظر للأمم الأخرى.
وهو ما علينا فعله، اقتداء بالرسول. لا البحث عنها في القرآن.
فلم يبحث عنها الرسول صلى الله عليه وسلم في القرآن.
 
بسم1
جميل نحن نتفق معك فى احتواء القرآن لأصول العلم ونرفض التدليس والافتراء والتكلف.
هل العلم التجريبى داخل فى هذه الأصول؟
وما هو رأيك فى معاصرة القرآن لقضايانا؟


 
قالَ في التَّحْرِيرِ وَالتَّنْوِيرِ:

وَالْقُرْآنُ يَنْبَغِي أَنْ يُودَعَ مِنَ الْمَعَانِي كُلَّ مَا يَحْتَاجُ السَّامِعُونَ إِلَى عِلْمِهِ.

وَإِنَّكَ لَتَمُرُّ بِالْآيَةِ الْوَاحِدَةِ فَتَتَأَمَّلُهَا وَتَتَدَبَّرُهَا فَتَنْهَالُ عَلَيْكَ مَعَانٍ كَثِيرَةٌ يَسْمَحُ بِهَا التَّرْكِيبُ عَلَى اخْتِلَافِ الِاعْتِبَارَاتِ فِي أَسَالِيبِ الِاسْتِعْمَالِ الْعَرَبِيِّ، وَقَدْ تَتَكَاثَرُ عَلَيْك فَلَا تكَ مِنْ كَثْرَتِهَا فِي حَصْرٍ وَلَا تَجْعَلِ الْحَمْلَ عَلَى بَعْضِهَا مُنَافِيًا لِلْحَمْلِ عَلَى الْبَعْضِ الْآخَرِ إِنْ كَانَ التَّرْكِيبُ سَمْحًا بِذَلِكَ.

قالَ في التَّحْرِيرِ وَالتَّنْوِيرِ:

وَقَدْ أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَكُونَ الْقُرْآنُ كِتَابًا مُخَاطَبًا بِهِ كُلُّ الْأُمَمِ فِي جَمِيعِ الْعُصُورِ، لِذَلِكَ جَعَلَهُ بِلُغَةٍ هِيَ أَفْصَحُ كَلَامٍ بَيْنَ لُغَاتِ الْبَشَرِ وَهِيَ اللُّغَةُ الْعَرَبِيَّةُ، لِأَسْبَابٍ يَلُوحُ لِي مِنْهَا، أَنَّ تِلْكَ اللُّغَةَ أَوْفَرُ اللُّغَاتِ مَادَّةً، وَأَقَلُّهَا حُرُوفًا، وَأَفْصَحُهَا لَهْجَةً، وَأَكْثَرُهَا تَصَرُّفًا فِي الدَّلَالَةِ عَلَى أَغْرَاضِ الْمُتَكَلِّمِ، وَأَوْفَرُهَا أَلْفَاظًا، وَجَعَلَهُ جَامِعًا لِأَكْثَرِ مَا يُمْكِنُ أَنْ تَتَحَمَّلَهُ اللُّغَةُ الْعَرَبِيَّةُ فِي نَظْمِ تَرَاكِيبِهَا مِنَ الْمَعَانِي، فِي أَقَلِّ مَا يَسْمَحُ بِهِ نَظْمُ تِلْكَ اللُّغَةِ، فَكَانَ قِوَامُ أَسَالِيبِهِ جَارِيًا عَلَى أُسْلُوبِ الْإِيجَازِ فَلِذَلِكَ كَثُرَ فِيهِ مَا لَمْ يَكْثُرْ مِثْلُهُ فِي كَلَامِ بُلَغَاءِ الْعَرَبِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: { ِإِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)}

قَالَ فِي مَحَاسِنِ التَّأَوِيلِ ......................

{ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } أَيْ : مِنْ كُلِّ مَنْ بَغَى لَهُ كَيْدَاً . فَلَا يَزَالُ نُورُ ذِكْرِهِ يَسْرِي ، وَبَحْرُ هُدَاهُ يَجْرِي ، وَظِلَالُ حَقِّيَّتِهِ فِي عُلُومِهِ تَمْتَدُ عَلَى الآفَاقِ ، وَدَعَائِمُ أُصُولِهِ الثَّابِتَة تُطَاوِلُ السَّبِعَ الطِّبَاقَ ، رُغْمَاً عَنْ كَيْدِ الكَائِديِنَ ، وَإِفْسَادِ المُفْسِدِينَ : { يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ } [ الصف : 8 ] ، وَفِي إِيرَادِ الجُمْلَةِ الثَّانِيَةِ اسْمِيَّةٌ ؛ دَلَالةٌ عَلَى دَوَامِ الحِفْظِ .

قَالَ السَّعديُّ رَحِمَهُ اللهُ .........

وَمِنْ حِفْظِهِ أَنْ اللهَ يَحْفَظُ أَهْلَهُ مِنْ أَعْدَائِهِم، وَلَا يُسَلِّطُ عَلَيْهِم عَدُوَّا يَجْتَاحُهُم.

جَاءَ فِي العَذْبِ النَّمِيرِ مِنْ مَجَالِسِ الشَّنْقِيطِيِّ فِي التَّفْسِيرِ............

نَعْلَمُ أَنَّ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ هُوَ مَصدَرُ العُلُومِ، ، وَلَهُ فِي كُلِّ عِلْمٍ بَيَانٌ.
وَمَعْلُومٌ أَنْ القُرآنَ العَظِيمَ يُبَيِّنُ لِلنَّاسِ كُلَّ ما يَحتَاجُونَ إِلَيْهِ ، وَالنَّبيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيَّنَ كُلَّ ما يُحْتَاجُ إِلَيْهِ.
 
"العلم التجريبي" كمجرد أصل عام بلا تفاصيل ولا سبق علمي ولا إعجاز علمي؟ بلا رموز ولا شفرات ولا معان باطنية تلوي عنق النص، إنما كلام صريح كان معروفا للناس في زمن القرآن؟
يدخل طبعا!
قال مادحا ذي القرنين: "فأتبع سببا"
وقال: "وأعدوا"
وهذا هو التوكل. أما البحث عن العلم التجريبي في القرآن فتواكل وعجز.
أخذ الرسول حكم الغيلة الفقهي من الفرس والروم والتجربة والاطلاع على المجتمعات الأجنبية ومعرفة الخبرات الأجنبية، لا من القرآن.
وأخذ استراتيجية الخندق من الفارسي سلمان، لا من القرآن. (القرآن لا يفيد الناس علما تجريبيا، وليس موضوعه أصلا، ولم ينزل له. إنما نزل لإصلاح آخرتنا بالدين وإصلاح مجتمعنا بمكارم الأخلاق، وإصلاح دنيانا ببركة اتباع شريعته: من يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه)

قال الله: "يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ"
فلم يعطهم إجابة علمية عن سبب اختلاف أطوار القمر (فهذا متروك للفلكيين) بل أجابهم إجابة دينية شرعية!
 
بسم1
هل لديك آيات تؤيد هذا الأصل العام فى العلم التجريبى؟

 
أقرب شيء يرد على بالي هو:
"فأتبع سببا".
أخذ ذي القرنين بالأسباب الدنيوية.
يمكن أن يضاف لها الأمر بإعداد ما استطعنا من قوة، لا أن نتوقع النصر دون أسباب مادية.
أما الأمثلة في السيرة فكثيرة: اختيار مكان غزوة بدر بناء على الخبرة، لا بالاستعانة بنص ديني.. استيراد استراتيجية الخندق الفارسية.. بناء حكم الغيلة الفقهي على خبرات رومية وفارسية مضادة للفكر العربي السائد وقتها (وهو عمدة باب أخذ العلم بالتجربة والنظر).. حديث التأبير الشهير، أنتم أعلم بأمور دنياكم
استعانة عمر بمجوسي لسد نقص تكنولوجي عربي (الطاحونة الهوائية)، لا الانجرار وراء خرافة أن التكنولوجيا "مكتوبة بالشفرة في القرآن".

أخشى أن يصيبنا ما انتشر في باكستان من جهل. فتنة الإعجاز استشرت عندهم حتى حاول كبير علماء البرنامج النووي الباكستاني توليد الطاقة من الجن!.. وهو خرف ناتج من انتشار الخلط بين العلم التجريبي والنص الشرعي.
 
- الشّاهِدُ مِمَّا سَبَقَ .............

قالَ في التَّحْرِيرِ وَالتَّنْوِيرِ:

وَالْقُرْآنُ يَنْبَغِي أَنْ يُودَعَ مِنَ الْمَعَانِي كُلَّ مَا يَحْتَاجُ السَّامِعُونَ إِلَى عِلْمِهِ.

- الْجَدِيدُ فِي الْمَوْضُوعِ.........

قوله تعالى :{ اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (35)}

قالَ في التَّحريرِ والتَّنويرِ ...........

فَالْمِشْكَاةُ يُشْبِهُهَا مَا فِي الْإِرْشَادِ الْإِلَهِيِّ مِنِ انْضِبَاطِ الْيَقِينِ وَإِحَاطَةِ الدَّلَالَةِ بِالْمَدْلُولَاتِ دُونَ تَرَدُّدٍ وَلَا انْثِلَامٍ. وَحِفْظُ الْمِصْبَاحِ مِنَ الِانْطِفَاءِ مَعَ مَا يُحِيطُ بِالْقُرْآنِ مِنْ حِفْظِهِ مِنَ اللَّهِ بِقَوْلِهِ:{ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ} [الْحجر: 9] .

وَمَعَانِي هِدَايَةِ إِرْشَادِ الْإِسْلَامِ تُشْبِهُ الْمِصْبَاحَ فِي التَّبْصِيرِ وَالْإِيضَاحِ، وَتَبْيِينُ الْحَقَائِقِ مِنْ ذَلِكَ الْإِرْشَادِ.وَسَلَامَتُهُ مِنْ أَنْ يَطْرُقَهُ الشَّكُّ وَاللَّبْسُ يُشْبِهُ الزُّجَاجَةَ فِي تَجْلِيَةِ حَالِ مَا تَحْتَوِي عَلَيْهِ كَمَا قَالَ: { وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ آياتٍ مُبَيِّناتٍ } [النُّور: 34] .
وَالْوَحْيُ الَّذِي أَبْلَغَ اللَّهُ بِهِ حَقَائِقَ الدِّيَانَةِ مِنَ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ يُشْبِهُ الشَّجَرَةَ الْمُبَارَكَةَ الَّتِي تُعْطِي ثَمَرَةً يُسْتَخْرَجُ مِنْهَا دَلَائِلُ الْإِرْشَادِ.

وَسَمَاحَةُ الْإِسْلَامِ وَانْتِفَاءُ الْحَرَجِ عَنْهُ يُشْبِهُ تَوَسُّطَ الشَّجَرَةِ بَيْنَ طَرَفَيِ الْأُفُقِ فَهُوَ وَسَطٌ بَيْنَ الشِّدَّةِ الْمُحْرِجَةِ وَبَيْنَ اللِّينِ الْمُفْرِطِ. وَدَوَامُ ذَلِكَ الْإِرْشَادِ وَتَجَدُّدُهُ يُشْبِهُ الْإِيقَادَ.

وَتَعْلِيم النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتَهُ بِبَيَانِ الْقُرْآنِ وَتَشْرِيعِ الْأَحْكَامِ يُشْبِهُ الزَّيْتَ الصَّافِي الَّذِي حَصَلَتْ بِهِ الْبَصِيرَةُ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ بَيِّنٌ قَرِيبُ التَّنَاوُلِ يَكَادُ لَا يَحْتَاجُ إِلَى إِلْحَاحِ الْمُعَلِّمِ.
وَانْتِصَابُ النَّبِيءِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِلتَّعْلِيمِ يُشْبِهُ مَسَّ النَّارِ للسراج وَهَذَا يومىء إِلَى اسْتِمْرَارِ هَذَا الْإِرْشَادِ.

كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ: { مِنْ شَجَرَةٍ } يُوميء إِلَى الْحَاجَةِ إِلَى اجْتِهَادِ عُلَمَاءِ الدِّينِ فِي اسْتِخْرَاجِ إِرْشَادِهِ عَلَى مُرُورِ الْأَزْمِنَةِ لِأَنَّ اسْتِخْرَاجَ الزَّيْتِ مِنْ ثَمَرِ الشَّجَرَةِ يَتَوَقَّفُ عَلَى اعْتِصَارِ الثَّمَرَةِ وَهُوَ الِاسْتِنْبَاطُ.

انْظُرْ هَذِه الجُملَة جَيَّدَا :كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ:{ مِنْ شَجَرَةٍ } يُوميء إِلَى الْحَاجَةِ إِلَى اجْتِهَادِ عُلَمَاءِ الدِّينِ فِي اسْتِخْرَاجِ إِرْشَادِهِ عَلَى مُرُورِ الْأَزْمِنَةِ لِأَنَّ اسْتِخْرَاجَ الزَّيْتِ مِنْ ثَمَرِ الشَّجَرَةِ يَتَوَقَّفُ عَلَى اعْتِصَارِ الثَّمَرَةِ وَهُوَ الِاسْتِنْبَاطُ.
 
قَالَ فِي تَفسِيِرِ المَنَارِ............

فَمَا يُمْكِنُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَصِلَ إِلَيْهِ بِنَفْسِهِ لَا يُطَالَبُ الْأَنْبِيَاءُ بِبَيَانِهِ ، وَمُطَالَبَتُهُمْ بِهِ جَهْلٌ بِوَظِيفَتِهِمْ ، وَإِهْمَالٌ لِلْمَوَاهِبِ وَالْقُوَى الَّتِي وَهَبَهُ اللهُ إِيَّاهَا لِيَصِلَ إِلَى ذَلِكَ ، وَكَذَلِكَ لَا يُطَالَبُونَ بِمَا يَسْتَحِيلُ عَلَى الْبَشَرِ الْوُصُولُ إِلَيْهِ كَقَوْلِ بَعْضِ بَنِي إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى :{ (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً) } وَأَمَّا مَا كَانَ إِدْرَاكُهُ لَيْسَ مُمْكِنًا ، وَكَسْبُهُ بِالْحِسِّ وَالْعَقْلِ مُتَعَذِّرًا أَوْ تَحْدِيدُهُ مُتَعَسِّرًا ، فَهُوَ الَّذِي نَحْتَاجُ فِيهِ إِلَى هَادٍ يُخْبِرُ عَنِ اللهِ تَعَالَى لِنَأْخُذَهُ عَنْهُ بِالْإِيمَانِ وَالتَّسْلِيمِ ; وَلِذَلِكَ قُلْنَا : إِنَّ الرَّسُولَ عَقْلٌ لِلْأُمَّةِ ، وَهِدَايَةٌ وَرَاءَ هِدَايَةِ الْحَوَّاسِ وَالْوِجْدَانِ وَالْعَقْلِ .

قَالَ فِي تَفسِيِرِ المَنَارِ............

لَوْ كَانَ مِنْ وَظِيفَةِ النَّبِيِّ أَنْ يُبَيِّنَ الْعُلُومَ الطَّبِيعِيَّةَ وَالْفَلَكِيَّةَ لَكَانَ يَجِبُ أَنْ تُعَطَّلَ مَوَاهِبُ الْحِسِّ وَالْعَقْلِ ، وَيُنْزَعَ الِاسْتِقْلَالُ مِنَ الْإِنْسَانِ ، وَيُلْزِمَ بِأَنْ يَتَلَقَّى كُلُّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِهِ كُلَّ شَيْءٍ بِالتَّسْلِيمِ ، وَلَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ عَدَدُ الرُّسُلِ فِي كُلِّ أُمَّةٍ كَافِيًا لِتَعْلِيمِ أَفْرَادِهَا فِي كُلِّ زَمَنٍ كُلَّ مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ مِنْ أُمُورِ مَعَاشِهِمْ وَمَعَادِهِمْ ، وَإِنْ شِئْتَ فَقُلْ : لَوَجَبَ أَلَّا يَكُونَ الْإِنْسَانُ هَذَا النَّوْعَ الَّذِي نَعْرِفُهُ ، نَعَمْ : إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ يُنَبِّهُونَ النَّاسَ بِالْإِجْمَالِ إِلَى اسْتِعْمَالِ حَوَاسِّهِمْ وَعُقُولِهِمْ فِي كُلِّ مَا يَزِيدُ مَنَافِعَهُمْ وَمَعَارِفَهُمُ الَّتِي تَرْتَقِي بِهَا نُفُوسُهُمْ ، وَلَكِنْ مَعَ وَصْلِهَا بِالتَّنْبِيهِ عَلَى مَا يُقَوِّي الْإِيمَانَ وَيَزِيدُ فِي الْعِبْرَةِ . وَقَدْ أَرْشَدَنَا نَبِيُّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى وُجُوبِ اسْتِقْلَالِنَا دُونَهُ فِي مَسَائِلِ دُنْيَانَا فِي وَاقِعَةِ تَأْبِيرِ النَّخْلِ إِذْ قَالَ : ((أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِأُمُورِ دُنْيَاكُمْ))
 
لَوْ كَانَ مِنْ وَظِيفَةِ النَّبِيِّ أَنْ يُبَيِّنَ الْعُلُومَ الطَّبِيعِيَّةَ وَالْفَلَكِيَّةَ لَكَانَ يَجِبُ أَنْ تُعَطَّلَ مَوَاهِبُ الْحِسِّ وَالْعَقْلِ.
الْأَنْبِيَاءَ يُنَبِّهُونَ النَّاسَ بِالْإِجْمَالِ إِلَى اسْتِعْمَالِ حَوَاسِّهِمْ وَعُقُولِهِمْ فِي كُلِّ مَا يَزِيدُ مَنَافِعَهُمْ وَمَعَارِفَهُمُ الَّتِي تَرْتَقِي بِهَا نُفُوسُهُمْ، وَلَكِنْ مَعَ وَصْلِهَا بِالتَّنْبِيهِ عَلَى مَا يُقَوِّي الْإِيمَانَ وَيَزِيدُ فِي الْعِبْرَةِ.
وَقَدْ أَرْشَدَنَا نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى وُجُوبِ اسْتِقْلَالِنَا دُونَهُ فِي مَسَائِلِ دُنْيَانَا فِي وَاقِعَةِ تَأْبِيرِ النَّخْلِ إِذْ قَالَ (أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِأُمُورِ دُنْيَاكُمْ)

جميل!!
شهد شاهد من أهلها.

محمد رشيد رضا:
"كان السؤال عن علة اختلاف أطوار الأهلة خطأ لا تصح مجاراة السائل عليه، بل عده القرآن من قبيل إتيان البيوت من ظهورها"
(تفسير المنار) (2/ 165)
 
بسم1
قال تعالى{هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ }
واللام فى قوله تعالى{لِتَعْلَمُوا} للتعليل وانظر إلى قوله تعالى{يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ }
فهل علمنا عدد السنين والحساب؟
بلى علمنا ربنا ولك الحمد.
ماهى المسافة التى يقطعها القمر فى 1000سنة قمرية؟
المسافة التي يقطعها القمر في مدة 1000 سنة : الشهر القمري هو(المسافة)التي يقطعها القمر في دورانه حول الأرض خلال شهر واحد. ومن المعلوم فلكيا أن هذه المسافة هي: 2152612,34كيلومترا , وبضرب هذه المسافة المذكورة في 12(عدد شهور السنة) يكون الناتج هو المسافة المقطوعة في سنة قمرية (12 شهرا قمريا) , أي : 2152612,34 كم ×12 = 25831348,08 كم .
وعليه تكون المسافة التي يقطعها القمر في دورانه حول الأرض في ألف سنة قمرية هي: 25831348,08× 1000أي يكون الناتج هو: 25831348080 كيلومترا .
ماهى القيمة الزمنية لليوم الأرضى بالثوانى؟
القيمة الزمنية لليوم الأرضي بالثواني: يقول الفلكيون إن زمن اليوم الأرضي على وجه الدقة هو : 23 ساعة +56 دقيقة +4,0906 ثانية, فيكون بالثواني =23 ×( 60 × 60 )+56×(60) + 4,0906 = 86164,0906 ثانية
ماهى العلاقة التى تربط بين المسافة والسرعة والزمن؟
السرعة = المسافة المقطوعة ÷ زمن الحركة
أي: 25831348080 ÷ 86164,0906 = 299792,458 كم / ثانية
وهى سرعة الضوء المعروفة حديثا وهو ما نعبر به اليوم عن المسافات الفلكية وندرك به مواقع النجوم وكذلك كانت تفعل العرب وتعبر عن المسافة بالزمن.
والسؤال الآن هل من آية فى القرآن لمَّحت لطريقة عدَّنا؟
قال تعالى
{يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ}
يرجع الفضل في كشف هذه الحقيقة وإجراء هذه الحسابات إلى كل من الأستاذ الدكتور محمد دودح الباحث في رابطة الإعجاز العلمي للقرآن, والأستاذ الدكتور منصور حسب النبي استاذ الفيزياء بجامعة عين شمس بالقاهرة.
 
بسم الله الرحمن الرحيم ........

هذه هي الآية :{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ } الجوابُ ...{ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ }

وبقيةُ الآيةِ بِمعنى مُنفصلٍ ----فما الدَّاعي لتضييعِ الوقت ...؟
 
فَاصِلٌ مُعْتَبَرٌ

وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُم
ُ الْقَوْلَ

قَوْلُهُ تَعَالَى :{ وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (51) }

قَالَ الطَّبَريُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي تَفْسِيرِهِ ................

حَدَّثَنِي يُونُسُ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : قَالَ ابْنُ زَيْدٍ ، فِي قَوْلِهِ وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمْ} قَالَ : وَصَّلْنَا لَهُمْ الْخَبَرَ ؛خَبَرَ الدُّنْيَا بِخَبَرِ الآخِرَةِ ، حَتَّى كَأَنَّهُمْ عَايَنُوا الآخِرَةَ ، وَشَهِدُوهَا فِي الدُّنْيَا ، بِمَا نُرِيهِمْ مِنَ الآيَاتِ فِي الدُّنْيَا وَأَشْبَاهِهَا .

تَأَمَّلْ ............ تَأَمَّلْ ........

حَتَّى كَأَنَّهُمْ عَايَنُوا الآخِرَةَ , وَشَهِدُوهَا فِي الدُّنْيَا ..........

قَالَ الرَّازِيِّ رَحِمَهُ اللهُ فِي تَفْسِيرِهِ ..........

وَتَوْصِيلُ الْقَوْلِ هُوَ إِتْيَانُ بَيَانٍ بَعْدَ بَيَانٍ، وَهُوَ مِنْ وَصَلَ الْبَعْضَ بِالْبَعْضِ، وَهَذَا القَوْلُ المُوَصَّلُ يُحتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْهُ إِنَّا أَنْزَلْنَا الْقُرْآنَ مُنَجَّمًا مُفَرَّقًا يَتَّصِلُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ لِيَكُونَ ذَلِكَ أَقْرَبَ إِلَى التَّذْكِيرِ وَالتَّنْبِيهِ، فَإِنَّهُمْ كُلَّ يَوْمٍ يَطَّلِعُونَ عَلَى حِكْمَةٍ أُخْرَى وَفَائِدَةٍ زَائِدَةٍ فَيَكُونَ عِنْدَ ذَلِكَ أَقْرَبُ إِلَى التَّذَكُّرِ.

تَأَمَّلْ ............ تَأَمَّلْ ........

لِيَكُونَ ذَلِكَ أَقْرَبَ إِلَى التَّذْكِيرِ وَالتَّنْبِيهِ، فَإِنَّهُمْ كُلَّ يَوْمٍ يَطَّلِعُونَ عَلَى حِكْمَةٍ أُخْرَى وَفَائِدَةٍ زَائِدَةٍ فَيَكُونَ عِنْدَ ذَلِكَ أَقْرَبُ إِلَى التَّذَكُّرِ.

قَالَ فِي التَّحْريرِ وَالتّنْوِيرِ.................

وَالتَّوْصِيلُ: مُبَالَغَةٌ فِي الْوَصْلِ، وَهُوَ ضَمُّ بَعْضِ الشَّيْءِ إِلَى بَعْضٍ يُقَالُ: وَصَلَ الْحَبْلَ إِذَا ضَمَّ قِطَعَهُ بَعْضَهَا إِلَى بَعْضٍ فَصَارَ حَبْلًا.
وَالْقَوْلُ مُرَادٌ بِهِ الْقُرْآنُ قَالَ تَعَالَى :{ إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ }[الطارق: 13] وَقَالَ :{ إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} [الحاقة: 40] ، فَالتَّعْرِيفُ لِلْعَهْدِ، أَيِ الْقَوْلُ الْمَعْهُودُ. وَلِلتَّوْصِيلِ أَحْوَالٌ كَثِيرَةٌ فَهُوَ بِاعْتِبَارِ أَلْفَاظِهِ وُصِّلَ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ وَلَمْ يَنْزِلْ جُمْلَةً وَاحِدَةً، وَبِاعْتِبَارِ مَعَانِيهِ وُصِّلَ أَصْنَافًا مِنَ الْكَلَامِ: وَعْدًا، وَوَعِيدًا، وَتَرْغِيبًا، وَتَرْهِيبًا، وَقَصَصًا وَمَوَاعِظَ وَعِبَرًا، وَنَصَائِحَ يَعْقُبُ بَعْضُهَا بَعْضًا وَيَنْتَقِلُ مِنْ فَنٍّ إِلَى فَنٍّ وَفِي كُلِّ ذَلِكَ عَوْنٌ عَلَى نَشَاطِ الذِّهْنِ لِلتَّذَكُّرِ وَالتَّدَبُّرِ.

تَأَمَّلْ .......... تَأَمَّلْ..........

وَيَنْتَقِلُ مِنْ فَنٍّ إِلَى فَنٍّ وَفِي كُلِّ ذَلِكَ عَوْنٌ عَلَى نَشَاطِ الذِّهْنِ لِلتَّذَكُّرِ وَالتَّدَبُّر.

وَهَذِه بَعْضُ المَشَاهِدُ مِنَ الْقُرْآنِ مِنَ الآخِرَةِ بَلْ مِنْ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ .......

قَوْلُهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الأَعْرَافِ :{ وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ }{ وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ }
قَوْلُهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الصَّافَّاتِ:{ فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ }

قَوْلُهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ ص:{ وَقَالُوا مَا لَنَا لَا نَرَى رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرَارِ (62) أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ (63) إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ (64)}

وَالشَّاهِدُ مِمَّا سَبَقَ ....................

إِذَا كَانَ اللهُ قَدْ أَطْلَعْنَا فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ عَلَى مَشَاهِدَ هِيَ الأَبْعَد, فَمَا يَمْنَعُ أَنْ يُشِيرَ الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ - وَهُوَ كَلاَمُ اللَّهِ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ إِلَى حَقِيقَةٍ عِلْمِيَّةٍ تَكُونُ عَوْنًا عَلَى فَهْم أُمُورِ الدُّنْيَا وَزِيَادَةِ الْيَقِينِ فِي الآخِرَةِ..
قَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ فُصِّلَتْ :{ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ }.
قَالَ فِي تَفْسيِرِ المَنَارِ............

فَأَخْبَرَ أَنَّهُ يُرِي عِبَادَهُ مِنَ الْآيَاتِ الْمَشْهُودَةِ الَّتِي هِيَ أَدِلَّةٌ عَقْلِيَّةٌ مَا يُبَيِّنُ أَنَّ الْقُرْآنَ حَقٌّ.

قَالَ فِي التَّحْريرِ وَالتّنْوِيرِ.................

وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ طَرَفٌ مِنَ الْإِعْجَازِ بِالْإِخْبَارِ عَنِ الْغَيْبِ إِذْ أَخْبَرَتْ بِالْوَعْدِ بِحُصُولِ النَّصْرِ لَهُ وَلِدِينِهِ وَذَلِكَ بِمَا يَسَّرَ الله لرَسُوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِخُلَفَائِهِ مِنْ بَعْدِهِ فِي آفَاقِ الدُّنْيَا وَالْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ عَامَّةً وَفِي بَاحَةِ الْعَرَبِ خَاصَّةً مِنَ الْفُتُوحِ وَثَبَاتِهَا وَانْطِبَاعِ الْأُمَمِ بِهَا مَا لَمْ تَتَيَسَّرْ أَمْثَالُهَا لِأَحَدٍ مِنْ مُلُوكِ الْأَرْضِ وَالْقَيَاصِرَةِ وَالْأَكَاسِرَةِ عَلَى قِلَّةِ الْمُسْلِمِينَ إِنْ نُسِبَ عَدَدُهُمْ إِلَى عَدَدِ الْأُمَمِ الَّتِي فَتَحُوا آفَاقَهَا بِنَشْرِ دَعْوَةِ الْإِسْلَامِ فِي أَقْطَارِ الْأَرْضِ، وَالتَّارِيخُ شَاهِدٌ بِأَنَّ مَا تَهَيَّأَ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ عَجَائِبِ الِانْتِشَارِ وَالسُّلْطَانِ عَلَى الْأُمَمِ أَمْرٌ خَارِقٌ لِلْعَادَةِ، فَيَتَبَيَّنُ أَنَّ دِينَ الْإِسْلَامِ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ الْمُسْلِمِينَ كُلَّمَا تَمَسَّكُوا بِعُرَى الْإِسْلَامِ لَقُوا مِنْ نَصْرِ اللَّهِ أَمْرًا عَجِيبًا يَشْهَدُ بِذَلِكَ السَّابِقُ وَاللَّاحِقُ، وَقَدْ تَحَدَّاهُمُ اللَّهُ بِذَلِكَ فِي قَوْلِهِ:{ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ }[الرَّعْد:41] ثُمَّ قَالَ { وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ} [الرَّعْد:43] .

وَلَمْ يَقِفْ ظُهُورُ الْإِسْلَامِ عِنْدَ فَتْحِ الْمَمَالِكِ وَالْغَلَبِ عَلَى الْمُلُوكِ وَالْجَبَابِرَةِ، بَلْ تَجَاوَزَ ذَلِكَ إِلَى التَّغَلْغُلِ فِي نُفُوسِ الْأُمَمِ الْمُخْتَلِفَةِ فَتَقَلَّدُوهُ دِينًا وَانْبَثَّتْ آدَابُهُ وَأَخْلَاقُهُ فِيهِمْ فَأَصْلَحَتْ عَوَائِدَهُمْ وَنُظُمَهُمُ الْمَدَنِيَّةَ الْمُخْتَلِفَةَ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا فَأَصْبَحُوا عَلَى حَضَارَةٍ مُتَمَاثِلَةٍ مُتَنَاسِقَةٍ وَأَوْجَدُوا حَضَارَةً جَدِيدَةً سَالِمَةً مِنَ الرُّعُونَةِ وَتَفَشَّتْ لُغَةُ الْقُرْآنِ فَتَخَاطَبَتْ بِهَا الْأُمَمُ الْمُخْتَلِفَةُ الْأَلْسُنِ وَتَعَارَفَتْ بِوَاسِطَتِهَا وَنَبَغَتْ فِيهِمْ فَطَاحِلُ مِنْ عُلَمَاءِ الدِّينِ وَعُلَمَاءِ الْعَرَبِيَّةِ وَأَيِمَّةِ الْأَدَبِ الْعَرَبِيِّ وَفُحُولِ الشُّعَرَاءِ وَمَشَاهِيرِ الْمُلُوكِ الَّذِينَ نَشَرُوا الْإِسْلَامَ فِي الْمَمَالِكِ بِفُتُوحِهِمْ.
فَالْمُرَادُ بِالْآيَاتِ فِي قَوْلِهِ: {سَنُرِيهِمْ آياتِنا } مَا يَشْمَلُ الدَّلَائِلَ الْخَارِجَةَ عَنِ الْقُرْآنِ وَمَا يَشْمَلُ آيَاتِ الْقُرْآنِ فَإِنَّ مِنْ جُمْلَةِ مَعْنَى رُؤْيَتِهَا رُؤْيَةَ مَا يُصَدِّقُ أَخْبَارَهَا وَيُبَيِّنُ نُصْحَهَا إِيَّاهُمْ بِدَعْوَتِهَا إِلَى خَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.

وَالْآفَاقُ: جَمْعُ أُفُقٍ بِضَمَّتَيْنِ وَتُسَكَّنُ فَاؤُهُ أَيْضًا هُوَ: النَّاحِيَةُ مِنَ الْأَرْضِ الْمُتَمَيِّزَةُ عَنْ غَيْرِهَا، وَالنَّاحِيَةُ مِنْ قُبَّةِ السَّمَاءِ.

قَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ الأَنْعَامِ :{ لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (67)}

قَالَ فِي تَفْسيِرِ المَنَارِ............

لِكُلِّ نَبَأٍ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرْآنِ اسْتِقْرَارٌ أَيْ وُقُوعٌ ثَابِتٌ لَا بُدَّ مِنْهُ . وَمِنْ أَنْبَاءِ الْقُرْآنِ مَا هُوَ خَاصٌّ بِأُولَئِكَ الْقَوْمِ ، وَمِنْهُ مَا هُوَ فِي غَيْرِهِمْ ، وَمِنْهُ مَا هُوَ نَبَأٌ عَنْ أَهْلِ ذَلِكَ الْعَصْرِ ، وَمِنْهُ مَا هُوَ نَبَأٌ عَمَّنْ بَعْدَهُمْ ، وَمِنْهُ مَا هُوَ عَامٌّ يَشْمَلُ أُمُورًا تَأْتِي فِي أَزْمِنَةٍ مُخْتَلِفَةٍ ، فَيَحْصُلُ فِي كُلِّ زَمَنٍ مِنْهَا مَا يَثْبُتُ لِمَنْ فَقِهَ حَقِّيَّةِ الْقُرْآنِ { (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)}.

قَالَ فِي تَفْسيِرِ المَنَارِ............

لَعَمْرِي إِنَّ مَنْ كَانَ صَحِيحَ الْعَقْلِ مُسْتَقِلَّ الْفِكْرِ لَا يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ يُثْبِتُ بِهِ كَوْنَ هِدَايَةِ الْقُرْآنِ حَقًّا وَصِدْقًا وَعَدْلًا وَصِرَاطًا مُسْتَقِيمًا وَقَدْ أَثْبَتَتِ الْوَقَائِعُ أَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا بِهِ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَةِ لِإِدْرَاكِ حَقِّيَّةِ مَوْضُوعِهَا وَخَيْرِيَّتِهِ كَانُوا أَكْمَلَ النَّاسِ عَقْلًا وَنَظَرًا وَفَهْمًا وَفَضْلًا كَالسَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ . عَلَى أَنَّهُ أَرْشَدَ إِلَى الِاعْتِمَادِ فِيهِ عَلَى الْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ ، وَالْحُجَجِ الْوَاضِحَاتِ ، وَمَتَى ثَبَتَ بِهَذِهِ الْآيَاتِ حَقِّيَّةُ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ وَحُسْنُهُ وَنَفْعُهُ فَمِنَ الْحَمَاقَةِ أَنْ يُتْرَكَ الِاهْتِدَاءُ بِهِ لِأَجْلِ مُشَارَكَتِهِ لَنَا فِي الْبَشَرِيَّةِ ، أَوِ اسْتِبْعَادِ مَا فَضَّلَهُ اللهُ بِهِ مِنَ الْخُصُوصِيَّةِ .
 

والسؤال الآن هل من آية فى القرآن لمَّحت لطريقة عدَّنا؟
قال تعالى
[/B]{يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ}
يرجع الفضل في كشف هذه الحقيقة وإجراء هذه الحسابات إلى كل من الأستاذ الدكتور محمد دودح الباحث في رابطة الإعجاز العلمي للقرآن, والأستاذ الدكتور منصور حسب النبي استاذ الفيزياء بجامعة عين شمس بالقاهرة.

أكيد تمزح؟!
لا علاقة للآية بالحسابات المذكورة!
الآية إما عن يوم القيامة (الذي يطول على الكافر ويقصر على المؤمن)
أو عن المسافة بين السماء والأرض.
وكلاهما لا علاقة له بالقمر ولا محيط مداره، كما هو واضح.

ثانيا:
ما دخل القرآن بالمتر والكيلو متر؟!
المتر هو معيار اصطلاحي، اخترعه الفرنسيون واتفق بعض البشر على تبنيه (في الدول التي تأخذ بالمعيار المتري ولا تأخذ بالمعايير الأخرى)

ثالثا:
لماذا تخلط بين المسافة التي يقطعها القمر في دورانه حول الأرض وبين الشهر القمري؟!
https://en.wikipedia.org/wiki/Lunar_month
ألا تعلم أنه في علم الفلك يقطع القمر المسافة في 27 يوما، لا في شهر؟! وأنه "يبدو لنا" أنه يقطعها في شهر بسبب إضافة الاختلاف الناتج عن حركة الأرض؟!
هذه بديهيات واضح أن واضع الحسابات الإعجازية لا يعلمها :)
 
إضافة من أرشيف الملتقى:
https://vb.tafsir.net/tafsir4132/

يقول الدكتور محمد بن صبيان الجهني (رئيس قسم الهندسة النووية - كلية الهندسة - جامعة الملك عبد العزيز‏‎)

"ذكر الباحث بعد الآية القرآنية الكريمة‎ ( ‎يدبر‎ ‎الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون‏‎ ) (‎السجدة‎)
أن المسافة التي يقطعها القمر في ألف سنة = المسافة التي يقطعها‎ ‎الأمر الكوني في يوم واحد‎ .
وأقول له من أين أتيت بالقمر والملائكه ولاذكر لهما‎ ‎في الآية‎ ‎ولماذا لاتكون المسافة التي تقطعها الأرض حول ‏الشمس أو المسافة التي‎ ‎يقطعها الإنسان أو غير ذلك"

وقال:
"إشكالية أخرى حيث توهم الباحث أن السنة النجمية‎ SIDEREAL YEAR)) ‎اثنى عشر شهراً نجمياً فقط ‏وهي في حقيقتها 365 يوماً و 6 ساعات و9.0 دقائق‏‎ ‎و9.5 ثانية‏‎.
والشهر النجمي يساوي 27.321661 يوماً ولو كان في السنة النجمية‏‎ 12‎شهرا نجمياًً لأصبح عدد أيامها ‏‏327.8599 يوماً فقط‎.
وأعزو هذا التوهم إلى‎ ‎ما جرت به العادة عند الناس من أن السنة 12شهراً فقط‎.
والسنة النجمية هي الزمن‎ ‎الذي تستغرقه الأرض حتى تدور دورة واحدة حول الشمس بالنسبة لنجم ثابت‎.
ولذلك‎ ‎فإن القمر النجمي لايدور 12مرة حول الأرض في السنة النجمية وإنما يدور 13.368مرة‎ ‎تقريباً حول الأرض ‏أي أن القمر في الف سنة يدور حول الأرض حوالي 13368 دورة وليس‏‎ 12000 ‎ دورة كما ظن البحث"

وقال:
"وأسأل العلماء‎ ‎الأفاضل هل النظام النجمي الذي استخدمه الباحث مدرك لعموم المخاطبين؟ أم أنه نظام‎ ‎جديد لاتعرفه ‏العرب؟.إن العرب تعرف الشهر 29 أو 30 يوماً و لاتعرف الرصد من نجم‏‎ ‎ثابت بعيد‎.
كلمة أخيرة أقولها للعلماء الأفاضل, إن وضع كتاب الله على منضدة‎ ‎التشريح العلمي من أخطر القضايا فكتاب الله ‏أقدس وأعظم من أن ينزل إلى مستوى العلوم‎ ‎البشرية وأن تثبت صحته من خلالها"
 
قالَ فِي تَفسِير المَنَارِ ........

إِنَّ الْقُرْآنَ هُوَ أَسَاسُ الدِّينِ الْإِسْلَامِيِّ ، بَلْ هُوَ الدِّينُ كُلُّهُ ..........

إِنَّ الْقُرْآنَ يَنْبُوعٌ لِلْهِدَايَةِ وَالْمَعَارِفِ الْإِلَهِيَّةِ ، لَا تَخْلُقُ جِدَّتُهُ ، وَلَا تَفْتَأُ تَتَجَدَّدُ هِدَايَتُهُ وَتَفِيضُ لِلْقَارِئِ عَلَى حَسَبِ اسْتِعْدَادِهِ حِكْمَتُهُ ، فَرُبَّمَا ظَهَرَ لِلْمُتَأَخِّرِ مَنْ حِكَمِهِ وَأَسْرَارِهِ مَا لَمْ يَظْهَرْ لِمَنْ قَبْلَهُ ، تَصْدِيقًا لِعُمُومِ حَدِيثِ : " فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوَعَى مِنْ سَامِعٍ ".

قَولُهُ تَعَالَى :{ إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً (5)}

قَالَ فِي التَّحريرِ والتّنويرِ.........

وَيُسْتَعَارُ ثِقَلُ الْقَوْلِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى مَعَانٍ وَافِرَةٍ يَحْتَاجُ الْعِلْمُ بِهَا لِدِقَّةِ النَّظَرِ وَذَلِكَ بِكَمَالِ هَدْيِهِ وَوَفْرَةِ مَعَانِيهِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: «ثَقِيلًا لَيْسَ بِالْكَلَامِ السَّفْسَافِ» . وَحَسْبُكَ أَنَّهُ حَوَى مِنَ الْمَعَارِفِ وَالْعُلُومِ مَا لَا يَفِي الْعَقْلُ بِالْإِحَاطَةِ بِهِ فَكَمْ غَاصَتْ فِيهِ أَفْهَامُ الْعُلَمَاءِ مِنْ فُقَهَاءَ وَمُتَكَلِّمِينَ وَبُلَغَاءَ وَلُغَوِيِّينَ وَحُكَمَاءَ فَشَابَهَ الشَّيْءَ الثَّقِيلَ فِي أَنَّهُ لَا يَقْوَى الْوَاحِدُ عَلَى الِاسْتِقْلَالِ بِمَعَانِيهِ.

جَاءِ فِي كِتَابِ أَعْلَامِ الدَّعْوَةِ وَالفِكْرِ لِلأُسْتَاذِ العَلَّامَةِ أَنْوَرِ الجِنْدِيِّ - رَحِمَهُ اللهُ......

"إنَّ مَدَارَ أَبحَاثِ الدُّكْتُورِ عَبْدِاللهِ دِرَاز كُلَّهَا تَرجِعُ إِلَى أَصلٍ وَاحِدٍ؛ هُوَ "القُرآنُ"، وَهِيَ فِي مُحَاوَلَتِهَا الاتِّصَال بِالفِكْرِ الحَدَيثِ ,إنَّمَا تُريدُ أَنَّ تَكشِفَ عَنْ نَظْرَةِ القُرآنِ وَمَنْهَجِهِ فِي ُكَلِّ مَا تَصِلُ إِلَيهِ: سَوَاء في مجَالِ الأَخْلاقِ أَوْ مُقَارَنَاتِ الأَدْيَاِن، أَوْ الاقْتِصَادِ، أَوْ القَانُونِ.

فَالقُرآنُ هُوَ المِحْوَرُ الَّذِي يَعْتَمِدُ عَلَيهِ الدُّكْتُورِ دِرَاز, وَيَدُورُ حَوْلَهُ وَيَسْتَقْصِي لَهُ وَيَسْتَصفِي كَلَّ مَا يَجِدُّ مِنْ
الْعُلُومِ الْإِسْلَامِيَّةِ.وَهُوَ حِينَ يُقدمُ الإسْلامَ لِلغَربِ يُقَدمُهُ فِي أُسْلُوبٍ رَائِعٍ وَتَعْبِيرٍ مُحْكَمٍ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَلْقَى قَبُولًا فِي العَقْلِ الغَرْبيِّ الَّذِي أَلِفَ الأُسْلُوبَ العِلْمِيَّ؛ بِوَسَائِطِهِ وَمُصْطَلَحَاتِهِ..

وَقِوامُهُ فِي هَذَا كُلِّهِ فَهْمٌ عَمِيقٌ لِلقُرآنِ، وَتَدَبرٌ عَجِيبٌ لَهُ، وَقُدْرَةٌ عَلَى تَبْلِيغِ العِبَارَةِ بِأَصْفَى لُغَةٍ، وَتَقْدِيمُ الأَمْثِلَةِ إِلَى العَقْلِ الغَرْبيِّ فَي تَمَكُّنٍ عَجِيبٍ".
 
قَوْلُهُ تَعَالَى:{ وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ (31)}

قَالَ ابنُ كَثيرٍ رَحِمَهُ اللهُ:

يَقُولُ تَعَالَى مَادِحًا لِلْقُرْآنِ الَّذِي أَنْزَلَهُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمُفَضِّلًا لَهُ عَلَى سَائِرِ الْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ قَبْلَهُ: {وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ} أَيْ: لَوْ كَانَ فِي الْكُتُبِ الْمَاضِيَةِ كِتَابٌ تَسِيرُ بِهِ الْجِبَالُ عَنْ أَمَاكِنِهَا، أَوْ تُقَطَّعُ بِهِ الْأَرْضُ وَتَنْشَقُّ أَوْ تُكَلَّمُ بِهِ الْمَوْتَى فِي قُبُورِهَا، لَكَانَ هَذَا الْقُرْآنُ هُوَ الْمُتَّصِفُ بِذَلِكَ دُونَ غَيْرِهِ، أَوْ بِطْرِيقِ الْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ؛ لِمَا فِيهِ مِنَ الْإِعْجَازِ الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَنْ آخِرِهِمْ إِذَا اجْتَمَعُوا أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِهِ، وَلَا بِسُورَةٍ مِنْ مَثَلِهِ، وَمَعَ هَذَا فَهَؤُلاَءِ الْمُشْرِكُونَ كَافِرُونَ بِهِ ،جَاحِدُونَ لَهُ، {بَلْ لِلَّهِ الأمْرُ جَمِيعًا} أَيْ: مَرْجِعُ الْأُمُورِ كُلِّهَا إِلَى اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ، مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ، وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ، وَمَنْ يُضْلِلِ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ.
وَقَدْ يُطْلَقُ اسْمُ الْقُرْآنِ عَلَى كُلٍّ مِنَ الْكُتُبِ الْمُتَقَدِّمَةِ؛ لِأَنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنَ الْجَمِيعِ، قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَر، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خُفِّفَت عَلَى دَاوُدَ الْقِرَاءَةُ، فَكَانَ يَأْمُرُ بِدَابَّتِهِ أَنْ تُسْرَجَ، فَكَانَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُسْرَجَ دَابَّتُهُ، وَكَانَ لَا يَأْكُلُ إِلَّا مَنْ عَمَلِ يَدَيْهِ". انْفَرَدَ بِإِخْرَاجِهِ الْبُخَارِيُّ. وَالْمُرَادُ بِالْقُرْآنِ هُنَا الزَّبُورُ.
 
قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَد بْنُ تَيْمِيَّة في مَجمُوعِ الفَتَاوَى -عَن الْمُسْلِمِينَ:

وَالْفَلَاسِفَةُ كُلُّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُ مَا قَرَعَ الْعَالِمُ نَامُوسٌ أَعْظَمَ مِنْ النَّامُوسِ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأُمَّتُهُ أَكْمَلُ عَقْلًا وَدِينًا وَعِلْمًا بِاتِّفَاقِ الْفَلَاسِفَةِ، حَتَّى فَلَاسِفَةِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، فَإِنَّهُمْ لَا يَرْتَابُونَ فِي أَنَّ الْمُسْلِمِينَ أَفْضَلُ عَقْلًا وَدِينًا، وَإِنَّمَا يَمْكُثُ أَحَدُهُمْ عَلَى دِينِهِ، إمَّا اتِّبَاعًا لِهَوَاهُ وَرِعَايَةً لِمَصْلَحَةِ دُنْيَاهُ فِي زَعْمِهِ، وَإِمَّا ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُ يَجُوزُ التَّمَسُّكُ بِأَيِّ مِلَّةٍ كَانَتْ، وَإِنَّ الْمِلَلَ شَبِيهَةٌ بِالْمَذَاهِبِ الْإِسْلَامِيَّةِ، فَإِنَّ جُمْهُورَ الْفَلَاسِفَةِ مِنْ الْمُنَجِّمِينَ وَأَمْثَالِهِمْ يَقُولُونَ بِهَذَا، وَيَجْعَلُونَ الْمِلَلَ بِمَنْزِلَةِ الدُّوَلِ الصَّالِحَةِ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا أَفْضَلَ مِنْ بَعْضٍ.
 
عودة
أعلى