أيهما أصح (رسم القرآن) أو (رسم المصحف)؟

أما وقد أبديت إصراراً على إيراد هذه الآية الكريمة العامة الدلالة (يعلمهم الكتاب)، وتريد لها أن تكون صريحة في الدلالة على أن الرسول الكريم علّم الصحابة فنون الكتابة ، وأنه كان يملي عليهم حرفاً حرفاً ، وحركة حركة وسكوناً سكوناً ومحذوفاً محذوفاً وزائداً زائداً ... وأن (يعلمهم الكتاب) تعني : يعلمهم الرسم !!... فلا مناص من تناول دلالتها هذه بالذات :
أولاً: لا يجوز الادعاء - إذا لم نقل الافتراء - على المفسرين وتعميم الادعاءات كقواعد مسلّمة ، والحال أن كتبهم منشورة ، فالمفسرون رضي الله عنهم فسروا لنا كلمات كثيرة من نحو ذلك الذي ذُكر ، فسروها بلا تسرع ، وفرّقوا بينها بلا تعميم ، واستعملوها في مواردها بلا مصادرات .
ثانياً: تلك التفاسير للألفاظ المدعى أنهم لم يفسروها تظهر لكل متصفح فقد ذكروا لنا نظائرها ، وفروقها ، وجوامعها ، واشتراكها ، وانفرادها ، وفحواها ، ونصها ، ومنطوقها ، ومفهومها ، وخصوصها وعمومها وطلاقتها وتقييدها .... وكل ما يتعلق بها ! ، مثال ذلك : كتاب وكُتُب وكَتَبَ وكتبناها ويكتب وكُتِب وكاتب ورَقّ وقرطاس وقراطيس صحف ... وذكروا معانيها ولغاتها وشواهدها ... تجدها طوع اليدين ، في كل معجم .
ثالثاً: قد فسر لنا المفسرون هذه الكلمة محل الادعاء : (الكتاب) والتي يدعى عليهم أنهم لم يفسروها !!!
هذا واحد منهم يكذب كلام من يقول إن المفسر لا يُعقل أن يفسر كلمة كتب وجاء وجبل ... إلخ
قال المفسر الفقيه الحسين بن محمد الدامغاني :
" ك ت ب : على عشرة أوجه : الكتابة . الحساب . اللوح . عدة المرأة . أعمال بني آدم . الرزق والأجل . القرآن . التوراة . الإنجيل . الفرض ". قاموس القرآن
ألا يبين لنا هذا الكلام من الدامغاني أن كلمة (كتاب) التي يريد أن يفاجئ !!! بها الجميع في دلالتها على تعليم الرسم دلالة قاطعة !!!! حاسمة !!!! = هي لفظ عام ، يحتمل عشرة احتمالات ؟؟؟.
فكيف يقال بجرة قلم : (لا يعقل أن يفسر المفسر ألفاظ مثل: قال، جاء، كتاب، جبل، ...ألخ)؟؟؟
لو كان الدين بالعقل لكان باطن الخف أولى بالمسح من ظاهره !! علي بن أبي طالب رضي الله عنه
فكيف إذا ظلم هذا العقل فلم تستوف له المقدمات التي يقتدر بها أن يصدر نتائجه المنطقية المرضية ؟!.
رابعا: المفسرون لم يتركوا لمتقول متعاقل بعدهم مقالة ، فقد قال إمامهم محمد بن جرير الطبري ، عند تفسيره لهذا الموضع من سورة البقرة : " ويعني بالكتاب : القرآن ".. ولم يذكر فيها خلافاً ! ، دلالة على الاتفاق . فكيف لم يتنبه المدعي إلى ذلك ؟ أنه يعلمهم المقروء !
خامساً: لم أجد من عرج أو لمح أو أومأ أو ألمع أو نبه إلى أنّ هذه الآية - على ذكر فيها من عموم - تشير أو تعرض أو تتضمن أو تستلزم أو توحي إلى أنه عليه السلام علمهم الرسم القرآني الذي سطر بعد وفاة النبي الكريم بخمسة عشر عاماً ، أو أنه كان يتابع جريان القلم على الرقاع حرفاً حرفاً ، كما يزعم .. فإذا وجدت شيئاً فدلنا على مكانه .
سادساً: العرب قد يستعملون ( كتب ) لما هو أعم مما تريدون تحديده (الرسم) تحكماً بلا دليل ، مما هو قابل للكتابة بالقوة لا ما كتب بالفعل ، والآيات الكثيرة تدل على هذا ، وكلام العرب كذلك .
سابعاً: لو ذهبنا إلى كلمة (يعلّمُهم) لوجدنا العموم أوسع منها في كلمة (الكتاب) : هل يعلّم هي يملي فقط ، كما يزعم ؟؟؟ وإن كان لفظ : (يتلو عليهم آياته) تسد مسد " يملي "، فعليه هو يبين النطق ويري المفهوم ويشرح المعنى ويربطه بواقع الأمر ومجريات الأحداث ومآلات الأنباء ، مما هو من صميم مهمة الرسول .
ولا زال أهل العلم يسوقون حديث : "خيركم من تعلم القرآن وعلمه" ، في سياقات كثيرة ، لا تحتمل علم الرسم بأي وجه ، وكم من مستظهر للقرآن وعالم به ومعلم له ، وهو لا يدري شيئاً من علم الرسم ! ، كأن يكون تعلمه وعلّمه تلقيناً أو من مصحف ، ولا أحد يجترئ على إخراجهم من دلالة الحديث !
ثامنا: أما المفاجأة من هذا اللفظ العام الذي أورده ، وأريد له أن يكون دليلاً مفحماً !!!.. فلا !
ولكنّ الاستغراب من الإصرار على إيراده رغم قصوره عن الدلالة على حل النزاع .. فنعم !
 
بارك الله في الجميع، والرفق الرفق؛ فما الظن بإخواننا إلا أنهم حريصون على التعلم والفائدة.
أما الاستدلال الذي أُعجب به الأخ سنان الأيوبي، فيُلزِمه أن يقول: إن النبي صل1 علم الصحابة الكرام رضي الله عنهم كيفية كتابة السنة، لأن الآية تقول: (((ويعلمهم الكتاب والحكمة))) ومعروف أن النبي صل1 نهاهم أول الأمر عن كتابة السنة.
ويقال للأخ سنان: إذا كان المقصود تعليم الكتابة فلماذا لم يعلِّم صل1 جميع الصحابة، إذ هذه مهمته على تفسيرك، أتراه قصر في مهمته! حاشاه ذلك صل1.
الكتابة ما هي إلا وسيلة من وسائل الحفظ، ومثلها المكتوب فيه، كالأكتاف واللخاف والعسب، فهل ترون الكتابة على تلك الأدوات المتاحة وقتئذ توقيفية أيضا؟!
إذا كان رسول الله صل1 علم الصحابة رضي الله عنهم كيفية الكتابة فلماذا لم ينقل ذلك أصحاب السير من الصحابة وغيرهم مع أهميته وتكرره؟
من ادعى أن الكتابة العربية - وقت كتابة القرآن الكريم - كانت على غير ما هي في المصحف فعليه بالدليل، بل الدليل قام على أنها كانت هي هي، وأقصد ما أثبته علماء الرسم المعاصرون في كتبهم من نقوش تعود إلى تلك الحقبة.
ومع هذا يبقى اتباع الرسم واجبا لإجماع الأمة عليه، ولما صار له من علاقة وطيدة بالقراءات القرآنية.
والله أعلم.
 
أحسنت أخي الشيخ ايت عمران وبارك فيك وسددك .
ونسأل الله تعالى أن يغفر لنا وللإخوة أجمعين ، ونعوذ به من همزات الشياطين .
 
الأخوة الكرام عصام، ايت عمران .....
من البدهي أن يفسر الطبري الكتاب بالقرآن، لأن الله تعالى أنزل كتباً منها التوراة والإنجيل...وخلافنا هنا في معنى كتاب. وفرق بين قولنا قرآن وقولنا كتاب:"تلك آيات الكتاب وقرآن مبين"، فالكتاب هنا من حيث الكتابة والقرآن من حيث القراءة. ثم أصبح الاسم القرآن علماً على الكتاب المنزل على الرسول عليه السلام، كما أصبح الإسلام علماً على هذا الدين.
أما معاني كتب فلا داعي للخوض فيها والمطروح قوله تعالى:" ويعلمهم الكتاب"، فهل من معانيها أخي عصام عدة المرأة!! مع إقرارنا بأن عدة المرأة من مفردات القرآن والكتاب.
تقول أخي عصام:((العرب قد يستعملون ( كتب ) لما هو أعم مما تريدون تحديده (الرسم) تحكماً بلا دليل ))، بل نحن الذين نتمسك بالعموم ونطالب بدليل التخصيص. ولاحظتُ أخي أنك أكثر من مرة تنسب إلينا ما لم نقل فأرجو التدقيق فيما يُكتب.
وتقول:((هل يعلّم هي يملي فقط ، كما يزعم)) من الذي زعم؟!!! بل نحن نتمسك بعموم "يعلمهم الكتاب" أما التلاوة ففيها آيات صريحة وهي لا تعني الكتابة.
وجزم الأخ عمران أن الحكمة معناها السنة ثم ذهب إلى أن الرسول عليه السلام نهاهم عن كتابة الحديث. ونسي أننا لا نسلم بهذا الفهم، لأن الحكمة معلومة المعنى، وهي في القرآن والسنة. ولنسلم له بما قال أفلا يعتبر نهي الرسول عليه السلام عن كتابة الحديث دليلاً على التخصيص. في حين نجد الرسول عليه السلام حريصاً أن يُكتب القرآن بين يديه، ثم يحرص الصحابة على النظر في هذه النسخ والأخذ عنها مع قدرتهم على الكتابة من الحفظ المؤكد.
يقول الأخ عمران((من ادعى أن الكتابة العربية - وقت كتابة القرآن الكريم - كانت على غير ما هي في المصحف فعليه بالدليل..)) ونحن هنا نوافق جدلاً أن الكتابة العربية كانت كما تقول، فلماذا يتعدد رسم الكلمة الواحدة، ولماذا الغرابة في الرسم في كلمات بعينها؟!
الله تعالى أنزل القرآن وأنزل الكتاب: هل هذا ترادف أم ماذا؟ والرسول علم الكتاب: المطلوب تقديم دليل على أن المقصود التلاوة والمعنى فقط، ومتى كانت التلاوة تسمى كتابة؟!!
الصحابة لم يخوضوا في تفصيل مسألة أجمعوا عليها. والأجيال التي جاءت فيما بعد هي التي أحدثت المسائل.
 
أخي سنان حفظك الله
كيف تقول الآن
من البدهي أن يفسر الطبري الكتاب بالقرآن
وتقول قبل في مشاركتك السابقة :​
فلا يعقل أن يفسر المفسر ألفاظ مثل: قال، جاء، كتاب، جبل، ...ألخ
كيف يكون الشيء مستحيلاً (لا يعقل) ، ثم ينقلب فجأة وبلا مقدمات إلى أمكن الممكنات : (من البدهي) ؟؟
هذا عندي تناقض ، في أحسن الأحوال !
كيف نحافظ على سيرورة حوار بهذه الطريقة العجيبة في الانتقال بين المستحيل والممكن في النقطة الواحدة ؟​
 
رويدك أخي عصام فالعجب قادم من جهتكم حفظكم الله، أوضّح:
هل من معاني رجل في اللغة العربية: علي وأحمد وصالح وعصام؟!! بالطبع لا. أما قولنا جاء الرجل الكريم، فيأتي أحدهم ممن في هو الحضور فيقول: المقصود عصام. فهو تعيين للرجل المقصود وليس تفسيراً لكلمة الرجل. وكذلك ليس من معاني كتاب في اللغة الإنجيل. ولكن الإنجيل كتاب أنزله الله على عيسى عليه السلام. وعندما يقول الطبري الكتاب أي القرآن، فإنما هو يعيّن الكتاب المقصود ولا يفسر معنى كلمة كتاب. والخلاف بيننا في دلالة كتاب، وليس في كونه يشمل كتاب الصحيحة للألباني مثلاً.
واستدراكاً لخطأ وقعتُ فيه وذهلتُ عنه كما ذهل أخي عمران أقول له: تعليم الحكمة لا يلزم منه تعليم كتابة الحكمة، أما تعليم الكتاب فيلزم منه تعليم الكتابة، وإلا فما معنى كتاب.
 
أخي سنان بارك الله فيك
نحن لا نستحلب الماء من الحجر ! من أين جاءت دلالة لفظ ( الكتاب ) العامة على الرسم القرآني ؟، وكيف تتحكمون في دلالتها على خصوص المكتوب رغم دلالتها العامة التي اعترفتم بها في مشاركة سبقت ؟ وأين الدليل على أن لفظ الكتاب لا يطلق إلا على المكتوب بالفعل لا المكتوب بالقوة ، وهو المتبادر الأكثر من لغة العرب الأميين ؟ أين النص المعصوم الذي يساند دعواكم ؟ أين البرهان الصريح ؟ . دعنا من الألفاظ العامة ؟
لماذا كانت قضية توقيفية الرسم التي تصرون عليها بكل هذا الخفاء والفقر من جهة توفر الأدلة وصراحتها ووضوحها ؟؟؟ ألا يدلكم هذا على بطلان هذه الدعوى ؟
 
الأخ الكريم عصام
أما الأدلة على توقيف الرسم فهناك الحوارات المطولة التي بسطت فيها أدلة الطرفين. ومن شاء رجع إليها في هذا المنتدى الكريم.
ولكنني أحببت هنا أن أناقش دليلاً واحداً نصياً نظراً لمطالبة الأخوة بدليل نصي. وكذلك أحببت أن يرى القراء كيف يتم الانقلاب على البدهيات من أجل التمترس من وراء المذهب. فأنت أخي تقول:((من أين جاءت دلالة لفظ ( الكتاب ) العامة على الرسم القرآني))، فما معنى كتاب إذن إذا كان المكتوب لا يدخل في المعنى؟! وكان يمكنك أن تسأل سؤالك لو كان الكلام عن لفظة قرآن.
وتقول أخي:((كيف تتحكمون في دلالتها على خصوص المكتوب رغم دلالتها العامة التي اعترفتم بها في مشاركة سبقت)) نعم أنا أومن بعمومها وأنت تريد أن تُخرج من عمومها أهم دلالاتها، أي الكتابة.
وتقول أخي عصام:((وأين الدليل على أن لفظ الكتاب لا يطلق إلا على المكتوب بالفعل لا المكتوب بالقوة ، وهو المتبادر الأكثر من لغة العرب الأميين)) وأقول: بل أنت أخي تريد أن تُخرج المكتوب فعلاً من دلالة لفظة كتاب من غير مسوغ. وأريد - للمعرفة - أن تعطيني مثالاً يدل على أن القابل لأن يكون مكتوباً يسمى كتاباً، ثم كيف هو المتبادر الأكثر في لغة العرب، وأنت من المتخصصين في لغة العرب؟!
" وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذن لارتاب المبطلون": إذن الرسول عليه السلام لم يكن قبل الرسالة يستطيع قراءة المكتوب أو الكتابة. إذن حتى القراءة تكون للمكتوب. أما اللفظ لغير المكتوب فهو الكلام وليس القراءة.
"فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله..": فما رأيك بمن يكتب ويتصرف في الكتابة وكل مرة يكتب الكلمة برسم مختلف، بل برسم غير معهود.
 
ماذا تقصد يا أخ سنان بقولك :
وكذلك أحببت أن يرى القراء كيف يتم الانقلاب على البدهيات من أجل التمترس من وراء المذهب
أي تمترس وأي مذهب ، وأنا فتحت معك أبوابي للحوار حتى هزلت إلى هذا الحد !!
المتمترس وراء المذهب مغلق الأبواب لا يتحاور أبداً !
يا أخي افعل ما بدا لك ولا داعي للمساس بما مسست به من نعرات لا تليق بأمثالك ؟ ولماذا تنصب نفسك مرشداً سياحياً ، لتفرج علينا الناس ؟ .
أي مذهب ؟ وما أدراك ما مذهبي ؟ هل طريقة تفكيري في مناقشك في رسم المصحف (وهو موضوع ليس في كتب العقيدة ولا في كتب الفقه ولا في كتب السلوك .. ولا .. ولا ..) جعلتك تشق عن قلبي وتكتشف ما عجز عنه أمن الطغاة ؟ لا شك أن عندك مهارات أمنية تكشف بها ما بين السطور وما في الصدور ؟؟!!
هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ! هذا مذهبي
 
الأخ الكريم عصام،
قصدت بالمذهب ما يذهب إليه البعض تقليداً لبعض كبار العلماء. وما دروا أن العالم الكبير قد لا يعطي اهتمامه لكل المسائل بالقدر نفسه. من هنا قد يذهب هذا العالم إلى قول في مسألة لا يكون قد أعطاها الاهتمام الكافي لأن اهتمامه أصلاً بالفقه أو أصول الفقه أو التفسير أو أو ... فيأتي المقلد فيتمترس لظنه أنه الحق، والأصل أن ندور مع الدليل.
قد تقول لي بل نحن ندور مع الدليل. وأنا أقول: لنفحص هذه المقولة بعرض مسألة تم بحثها، وكنت أخي عصام واحداً من الأخوة الذين تصدروا الحوار:
قلنا إن مسألة توقيف الرسم خلافية. فلندع هذه المسألة مؤقتاً حتى يفهم بعضنا بعضاً. ولنضع الفرضية الآتية:" هب أننا وجدنا نظاماً عددياً بديعاً في كلمات القرآن وحروفه وترتيب سوره، وهب أنه تجلى أمام ناظريك أيها المحاور، ألا يدل ذلك عندها على توقيف الرسم وترتيب السور..وإذا كان لا يدل فما تفسير ذلك؟ وطرحنا هذه الفرضية بأكثر من لسان لعلنا نحظى بجواب، فكانت النتيجة أن الافتراض هنا لا يجوز وأن وأن وأن وتهنا في البحث عن إجابة أو تحصيل اعتراف ببدهية من البدهيات العقلية...ومن شاء فاليرجع إلى المداخلات ليجد أننا أمام سد منيع يمنع من التفكير ثم تقول لي حوار.
إعلم أخي عصام أنني لا أقصدك هنا في الكلام بل أرغب أن يطلع الجميع على مثل هذه الحوارات ثم الله يعطي. وأكون بذلك قد أبرأتُ ذمتي. وكيف لي أن أسكت وأنا أرى أنه كلما أغلق النقاش واستوفى يفتح مرة أخرى بطرق كثيرة ليتوهم الأخوة القراء أن القول بتوقيف الرسم القرآني هرطقة، ثم ليزعم أن القول بالعدد القرآني بدعة العصر مستندين في تسويق ذلك إلى الأبحاث الركيكة. وإذا كان لابد لمسألة العدد من معارك فكرية فليكن ذلك من أجل القرآن ومن أجل الأجيال المؤمنة ومن أجل كل الأمم المخاطبة برسالة الإسلام.
فلا عليك أخي ولا عليَّ، فالله يتولى المخلصين.
 
مرة أخرى على مهلكم.
وجزم الأخ عمران أن الحكمة معناها السنة ثم ذهب إلى أن الرسول عليه السلام نهاهم عن كتابة الحديث. ونسي أننا لا نسلم بهذا الفهم، لأن الحكمة معلومة المعنى، وهي في القرآن والسنة. ولنسلم له بما قال أفلا يعتبر نهي الرسول عليه السلام عن كتابة الحديث دليلاً على التخصيص.
نعم، الحكمة معناها: السنة على قول كثير من المفسرين، ولم آت ببدع من القول، ولم أنكر المعنى الثاني.
يعتبر نهي الرسول صل1 عن كتابة الحديث دليلا على التخصيص! أي تخصيص؟
وإذا دل على التخصيص فعلام يدل إذنه في الكتابة بعد ذلك؟
يقول الأخ عمران ((من ادعى أن الكتابة العربية - وقت كتابة القرآن الكريم - كانت على غير ما هي في المصحف فعليه بالدليل..)) ونحن هنا نوافق جدلاً أن الكتابة العربية كانت كما تقول، فلماذا يتعدد رسم الكلمة الواحدة، ولماذا الغرابة في الرسم في كلمات بعينها؟!
لا توافقني جدلا، بل خالفني وائت بدليل، أما التهرب فلا يليق من فضيلتك.
وتعدد رسم الكلمة الواحدة لأن ذلك كان معهودا في الكتابة العربية حينذاك، والصحابة الكتاب رضي الله عنهم جاروا الموجود من الكتابة لمقاصد قصدوها؛ عرف بعضها، ولم يعرف البعض الآخر.
الله تعالى أنزل القرآن وأنزل الكتاب: هل هذا ترادف أم ماذا؟ والرسول علم الكتاب: المطلوب تقديم دليل على أن المقصود التلاوة والمعنى فقط.!!
هذا الذي ذكره المفسرون، ويسعنا ما وسعهم. أما أن نأتي نحن في القرن الخامس عشر، عصرالعجمة وقلة العلم، ونأتي بما لم يسبق إليه الأوائل الذين ملكوا ناصية اللغة، وأشربوا روح البيان، فهذا لا أراه مستقيما.
أقول هذا وأنا أعرف أنك تقول بجواز إحداث قول ثالث على قولي السلف، حسبما فهمت من أحد موضوعاتك (هذا بين قوسين؛ لأني لا أريد الخروج عن الموضوع).
ولماذا لم تجب على سوالي:
ويقال للأخ سنان: إذا كان المقصود تعليم الكتابة فلماذا لم يعلِّم صل1 جميع الصحابة، إذ هذه مهمته على تفسيرك، أتراه قصر في مهمته! حاشاه ذلك صل1.
ولا ينبغي أن يحملك اقتناعك بالإعجاز العددي على التمحل في الاستدلال لإثبات تعليم الرسم للشارع الحكيم صل1، فالقصد من حوارنا هذا هو الوصول إلى الحق.
 
الأخ الكريم عمران،
جاء في حق عيسى عليه السلام:" ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل"، فهل الحكمة هنا السنة، أم أنها الحكمة المعلومة لغة. وكنت أقصد أنك لا تستطيع أن تستشهد بذلك لعدم التسليم بالمعنى، ثم تنبهتُ إلى أن ذلك لا علاقة له بالخلاف حتى نستفيض فيه، لأن الرسول عليه السلام يعلم الحكمة، والحكمة لا تعني الكتابة حتى تستشهد بها، ونحن نقول إنه يعلم الكتاب، الذي لا محيص عن القول إنه الكتابة ومعانيها.
أي تهرب ؟! وأنت تقول إن هذه هي الكتابة العربية في عصر الرسالة ولم تأت بدليل، بل كل المحاولات لإثبات ذلك باءت بالإخفاق. ونحن نقول بما يقوله العلماء إن رسم المصحف لا يقاس عليه. ولعلك تقول إن كتابتهم لكلمة (لأاذبحنه) هي عادة العرب وهناك آلاف الكلمات المماثلة لم تكتب مثلها ومنها أقرب كلمة لها في النص الكريم أي (لأعذبنه).
تقول أخي عمران:((هذا الذي ذكره المفسرون، ويسعنا ما وسعهم)) أين ذكر المفسرون ذلك، وأي قول ثالث هذا الذي أحدث؟! اللغة العربية واضحة، الكتاب من حيث الكتابة. وهي قضية بدهية وأنت تقول هذا قول ثالث!!!!!
مكرر: تعليم الكتاب تعني الكتابة ومعانيها. وإنزال الكتاب يعني إنزال المكتوب وهو مكتوب في اللوح المحفوظ، ثم يكتبه الرسول عليه السلام بإملائه على الكتبة وتصحيح ما إعوج سهواً. كلام واضح ليس فيه أقوال تُزعم.
كلمة رسول تعني: مرسِل، مرسَل إليه، رسالة، حامل الرسالة. وإذا كانت الرسالة هي القرآن (المقروء فقط) والسنة، فكان يكفي أن نقول: أركان الإيمان: الإيمان بالله وملائكته ورسله واليوم الآخر والقدر. ولكن الكتب المدونة هي ركن (كُتُبه).
 
الأخ الكريم الأهدل
أهل التفسير يفسرون ما يحتاج إلى تفسير. فلا يعقل أن يفسر المفسر ألفاظ مثل: قال، جاء، كتاب، جبل، ...ألخ.
الأمر بسيط: الرسول عليه السلام يعلِّم الكتاب. ويبدو أن الاستدلال فاجأ البعض، فهو غير معهود، ويبدو أنه غير مردود.
أخي الكريم بارك الله فيك:
المفسرون بينوا أن المراد بـ (يعلمهم الكتاب) :[FONT=&quot][/FONT][FONT=&quot] يفهمهم ألفاظه، ويبين لهم كيفية أدائه، ويوقفهم على حقائقه وأسراره[/FONT][FONT=&quot].[/FONT]
ولم يذكر أحد منهم أن من ضمن تعليم الكتاب تعليم كيفية كتابته، فإن كان عندك شيء من أقوال المفسرين يؤيد ما تذهب إليه فنحن بانتظار مجيئك به، أما أن تفسر الآية بفهمك ثم تجعلها نصًّا صريحاً فهذا غير مقبول.
 
أخي سنان، أجبني عن هذا السؤال حتى نستمر في المناقشة:
ويقال للأخ سنان: إذا كان المقصود تعليم الكتابة فلماذا لم يعلِّم صل1 جميع الصحابة، إذ هذه مهمته على تفسيرك، أتراه قصر في مهمته! حاشاه ذلك صل1.
 
الأخ الكريم الأهدل
أنا أتمسك بالعموم حتى يأتي التخصيص، وأنتم تقلبون الأمور فتجعلون اللفظ االعام خاصاً ثم تطلبون الدليل على العموم. أين هذا من علم أصول الفقه؟!
وتقول أخي إن أهل التفسير يفسرون تعليم الكتاب بالآتي:"[FONT=&quot]يفهمهم ألفاظه، ويبين لهم كيفية أدائه، ويوقفهم على حقائقه وأسراره" نعم، يوقفهم على حقائق الكتاب وأسراره، فلماذا تخرجون الكتابة التي تتضمن الأسرار.
الأخ الكريم عمران،
تقول حفظك الله:(([/FONT]
إذا كان المقصود تعليم الكتابة فلماذا لم يعلِّم صل1 جميع الصحابة، إذ هذه مهمته على تفسيرك، أتراه قصر في مهمته! حاشاه ذلك))
الجواب: هل علم الرسول عليه السلام القراءات لجميع الصحابة؟ وإذا كان قد فعل عليه السلام فما معنى جهل عمر بن الخطاب رضي الله عنه لقراءة هشام بن حكيم؟!
هل علم الرسول عليه السلام كل حكم لكل الصحابة؟ وإذا كان الأمر كذلك فما معنى جهل عمر بن الخطاب لأكثر من حديث منها حديث الطاعون؟!
الإجماع على رسم المصاحف وتناقلها في الأمة جعل الرسول معلماً للأمة كما هي القراءات وكما هي الأحكام.
 
بارك الله فيك أخي سنان وفي جميع الإخوة، وأقول:
إني لا أتصور أن يكون من مهمات النبي صل1 تعليم أمته الكتابة، ثم لا ينقل ذلك عنه ولو في نص واحد صحيح صريح. نحن الآن نريد أن نصف خط المصحف فنحتاج إلى عشرات الدروس، ومئات الطروس، فما بالك والنبي صل1 - على قولكم - يفترض أن يكون كل مرة ينزل فيها الوحي يقول: اكتبوا هذا هكذا، واكتبوا هذا هكذا، وهذا يعني أن ذلك تكرر مرارا، ثم لم ينقل عنه نقلا صحيحا أبدا!! بينما نقل عنه جزئيات جزئية وتفاصيل دقيقة من سيرته وأحواله بأبي هو وأمي صل1.
ثم لا أتصور أن يكون معنى (((ويعلمهم الكتاب))) ما ذكرتم ثم لا يفهمه السلف، ولو فهموه لنقل إلينا والله أعلم.
وبما أنك ذكرت العموم وأصول الفقه، فإني أقول: أين العموم؟ وما هي صيغته في الآية؟
"ال" في (((الكتاب))) ليست للجنس ولا للاستغراق، بل هي للعهد. وغاية ما في الأمر أن قوله تعالى: (((ويعلمهم الكتاب))) مجمل؛ لأنه لم يبين ما يعلمهم منه: أكتابته، أم قراءته، أم أحكامه...؟
وبما أن السنة بيان للقرآن فقد ورد في السنة أن النبي صل1 كان يعلمهم القراءة والأحكام... ولم يرد أنه كان يعلمهم كيفية الكتابة، فنرد المجمل إلى المبين، والعلم عند الله تعالى.
وأقترح أن تطرح الفهم الذي فهمته من الآية في الملتقى العلمي للتفسير وعلوم القرآن ليبدي فيه الإخوة المفسرون آراءهم، أو ائذن لي أن أنقله إلى هناك.
والقصد هو الوصول إلى الحق في هذه المسألة، لأني أرى أنها أخذت وقتا كبيرا.
 
ومسألة رسم القرآن من المسائل الإيمانية. وإني، على كثرة عجائب هذا الرسم ودقته وكفايته، لأميل إلى أن لعمل الصحابة في رسم المصحف مصدرا نبويا أو إلهيا ولكني لم أملك دليلا على ذلك. ومن لا يملك دليلا يكفيه الكف عن النزاع.

اختار الله-سبحانه وتعالى- لنبيهصل1من الأشياء أحسنها، فاختار له أطيب الأرض-مكة والمدينة-،وخير الأصحابرضي الله عنهم، فهل لنا أن نقول أنه-سبحانه-قد اختار (بمشيئته القدرية لا الشرعية) لكتابه الكريم أحسن رسم مما كتبت به العرب ومما ستكتب؟
 
هل يجوز تخصيص العام والعكس بغير الدليل ؟ ( في هذه المسألة النقلية )
 
ولو كان الرسم توقيفياً معجزاً ، فكيف ينسب إلى عثمان بن عفان ؟ فيقال الرسم العثماني ؟ والمصحف العثماني ، في حين لا يجوز أن نقول : القرآن العثماني ؟ أو الكتاب العثماني ؟ !!! ما الفرق ؟ لو كانوا يعقلون !
 
الأخ الكريم الأهدل
أنا أتمسك بالعموم حتى يأتي التخصيص، وأنتم تقلبون الأمور فتجعلون اللفظ االعام خاصاً ثم تطلبون الدليل على العموم. أين هذا من علم أصول الفقه؟!
وتقول أخي إن أهل التفسير يفسرون تعليم الكتاب بالآتي:"[FONT=&quot]يفهمهم ألفاظه، ويبين لهم كيفية أدائه، ويوقفهم على حقائقه وأسراره" نعم، يوقفهم على حقائق الكتاب وأسراره، فلماذا تخرجون الكتابة التي تتضمن الأسرار.[/FONT]
هذا العموم يخصصه ما ثبت من أميِّته صل1، فالأدلة الثابتة الصريحة تدلُّ على أن النبي صل1 أميٌّ لا يَقرأ ولا يكتب، ولم يثبت دليل صريح في تعليمه صل1 الكتابة لغيره، فما ورد من أدلة فيها احتمال لذلك ـ دون نص صريح ـ فلا يُعتَمد عليها لمصادمتها لأصلٍ ثابت بأدلة صريحة، لا سيما والأدلة المستدل بها لم يفهم منها أحد من السلف أنها تدل على تعليم الكتابة، وإنما هو فَهْمُ المستدِل بها، ثم يجعل فهمه نصًّا صريحاً، والله تعالى أعلم.
 
الأخ الكريم عمران،
مع وجود نص بنزول الكتاب وتعليم الكتاب، ومع وجود الإجماع لا داعي لنص في المسألة، لأنها كانت مُسلَّمة عندهم، والاختلاف القائم افتعل بعد عصرهم. وهناك الكثير من الأحكام الشرعية لم ينقل فيها إلا نص واحد مع الحاجة الملحة لمعرفة الحكم.
جمعُ أبي بكر وجمعُ عثمان فيه نصوص قليلة وهذا فتح الباب لأقوال كثيرة. وفي ظني يرجع ذلك إلى عدم حاجتهم لمعرفة التفاصيل والقرآن بين أيديهم.
سبق أن قلنا إن الأصل الرسم الذي اصطلحت عليه العرب، وهو السائد في النص الكريم. ولما وجدنا أن هناك رسوماً ترتبط بالقراءات وأخرى لا يمكن أن تكون بتصرُّف الصحابة، علمنا أن الكل بتوقيف؛ بإقرار الرسول عليه السلام أو بعدم إقراره. ومن هنا لا يتصور أن يكون التدخل في كل لفظة. ووجود الألفاظ المخالفة للاصطلاح وانتشارها في الرسم العثماني يفسر عدم ورود الحديث، لأن ذلك تحصيل حاصل.
الكتاب للعهد، والمعهود هنا القرآن، فلماذا يقول كتاب ولم يقل قرآن؟! لأن المقصود هنا المكتوب، بل إن القراءة تكون في الغالب للمكتوب. وعندما تحتمل عبارة تعليم الكتاب تعليم الكتابة والقراءة والمعنى، لزم ذلك ما لم يأت الدليل المخرج للكتابة.
ما أتمناه أخي عمران أن يدلي أهل العلم والاختصاص بدلوهم في المسألة، أقصد خصوص هذه المسألة.
أخي الكريم عصام
الأصل أن يبقى العام على عمومه ما لم يأت دليل التخصيص. وأن يبقى المطلق على اطلاقه حتى يأتي دليل التقييد. والأصل لغة أن تعليم الكتاب يقصد به تعليم الكتابة, والأصل في تعليم القرآن تعليم القراءة.
تقول أخي:(( فكيف ينسب إلى عثمان بن عفان ؟ فيقال الرسم العثماني ؟ والمصحف العثماني )) الجواب بسيط:
أما تسميته بالرسم العثماني فلأن عثمان رضي الله عنه هو الذي جمع ونسخ، أما صحف أبي بكر فأحرقت. وعندما نعلم أن القراءات متواترة إلى الرسول عليه السلام يثور عندها سؤالك: لماذا نقول قراءة عاصم وقراءة نافع ....ألخ. جوابك على هذه هو جواب تلك.
الأخ الكريم الأهدل: تقول:((هذا العموم يخصصه ما ثبت من أميِّته صل1)) هذه المسألة سبق أن عولجت؛فأميّة الرسول عليه السلام حجة على الناس غير المؤمنين، لأن الأمي لا يصدر عنه مثل هذا العلم. وعندما يكون هذا الأمي مؤيداً بالوحي الرباني فلن يخفى عليه شيء في عالم التبليغ. بل كان عليه السلام يخبر بعوالم قادمة غيبيّة، فكيف بغيب هو بين يديه عليه السلام؟!
 
أما أنا فأنسحب معتذراً من هذا الحوار الماتع ، لأن البال مشغول بتونس وما جاء من تونس .
بارك الله فيكم .
والسلام عليكم .
 
الأخ الكريم الأهدل: تقول:((هذا العموم يخصصه ما ثبت من أميِّته صل1)) هذه المسألة سبق أن عولجت؛فأميّة الرسول عليه السلام حجة على الناس غير المؤمنين، لأن الأمي لا يصدر عنه مثل هذا العلم. وعندما يكون هذا الأمي مؤيداً بالوحي الرباني فلن يخفى عليه شيء في عالم التبليغ. بل كان عليه السلام يخبر بعوالم قادمة غيبيّة، فكيف بغيب هو بين يديه عليه السلام؟!
أخي الفاضل سنان الأيوبي بارك الله فيك:
العوالم الغيبية التي أخبر بها صل1 ثبتت الأدلة بها ولا منافاة بينها وبين كونه صل1 أميًّا، أما تعليم الكتابة لغيره فهذا متعارض مع كونه صل1 أميًّا، ولم يثبت دليل صريح على ذلك ـ أعني تعليمه صل1 للصحابة رضي الله عنهم كيفية كتابة القرآن ـ، وأرجو أن تعود إلى تفسير قوله تعالى: (النبي الأمي)، والله تعالى أعلم.
 
الأخ الكريم الأهدل
النبي الأمي يَعلم بحديث النفس لدى فُضالة، ثم يضع يده الكريمة على صدره فلا ينزعها إلا وقد آمن فُضالة. ثم تقول لي أمّي!!
النبي الأمّي يصعد المنبر ويخبر الصحابة أنه مخبرهم بكل ما يكون منهم من سؤال فيقف رجل فيقول:"من أبي"، فيقول عليه السلام:"أبوك فلان ابن فلان"، ثم تقول لي أمّي!!
النبي الأمي الذي يقول لأصحابه:" يدخل عليكم الآن رجل...الحديث"، ثم تقول أمّي!!
أخي الأهدل: أعد النظر في هذه المسألة لأنّ لها خطر.
 
جُزيت خيراً أخي الجراح وبارك فيك لما بيّنت.
ما يعنينا هنا وصول الفكرة وخلاصتها أن أميّة الرسول عليه السلام لا تعني أنه عاجز عن تبليغ الوحي المتعلق بالكتاب.
 
ما يعنينا هنا وصول الفكرة وخلاصتها أن أميّة الرسول عليه السلام لا تعني أنه عاجز عن تبليغ الوحي المتعلق بالكتاب.
لا أظن أن أحداً أخي الكريم سنان يخالفك في كلامك هذا، فجميع المحاورين لا شك عندهم أنه صل1 قد بلغ الوحي أتم بلاغ، ومسألة الكتابة ليست من هذا، والله أعلم.
 
الأخ الكريم عمران،
الكتاب للعهد، والمعهود هنا القرآن، فلماذا يقول كتاب ولم يقل قرآن؟! لأن المقصود هنا المكتوب، بل إن القراءة تكون في الغالب للمكتوب. وعندما تحتمل عبارة تعليم الكتاب تعليم الكتابة والقراءة والمعنى، لزم ذلك ما لم يأت الدليل المخرج للكتابة.
ما أتمناه أخي عمران أن يدلي أهل العلم والاختصاص بدلوهم في المسألة، أقصد خصوص هذه المسألة.
أخي الكريم عصام
الأصل أن يبقى العام على عمومه ما لم يأت دليل التخصيص. وأن يبقى المطلق على اطلاقه حتى يأتي دليل التقييد. والأصل لغة أن تعليم الكتاب يقصد به تعليم الكتابة, والأصل في تعليم القرآن تعليم القراءة.
السلا م عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الفاضل سنان الأيوبي
لكننا إذا تعاملنا مع النص بطريقتك التي ذكرتها فسنقول:
<وعندما تحتمل عبارة (تنزيل الكتاب) تنزيل الكتابة والقراءة والمعنى، لزم ذلك ما لم يأت الدليل المخرج للكتابة.>
بمعنى أن جبريل-عليه والسلام-نزل من السماء على النبي صل1 بألواح أو قرطاس، وأنه علمه رسم المصحف ثم علمه رسول الله صل1 للصحابة، ولم يقل بهذا أحد من خلق الله.
ثم من قولك أخي : (وتقول لي أميّ) شعرت أنك ترى أنه لا يليق بمنزلته العظيمة صل1 وصفه بعدم معرفة القراءة والكتابة، والحقيقة أن أمية النبي صل1 هي لنفي الظنة عنه كما قاله كثير من أهل العلم كما ذكر القرطبي أن المأمون قال لرجل أمي: (يا جاهل! إن ذلك كان للنبي صلى الله عليه وسلم فضيلة ، وهو فيك وفي أمثالك نقيصة ، وإنما منع النبي صلى الله عليه وسلم ذلك لنفي الظنة عنه ، لا لعيب في الشعر والكتابة.)
أما بالنسبة لموضوع العام والخاص في لفظ (الكتاب) فيقال أن هذا يطلق ويراد به تلاوة الكتاب ومعناه دون رسمه المكتوب، فلنا أن نعتبره من العام الذي يطلق ويراد به الخاص.
قال الشيخ عبدالله بن صالح الفوزان في شرحه لرسالة لطيفة في أصول الفقه للعلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي شارحا لهذه القاعدة "يُطلق العام ويراد به الخاص". : (هذه المسألة من أمثلتها: قول الله تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ﴾فلفظ الناس كما نعلم عام، ولكن يراد به خصوص المكلفين؛ لأن الشرع والعقل دل على إخراج الصبيان والمجانين من هذا الحكم، إذن هذا عام ولكن أريد به الخاص.)
وسأنقل في الملتقى المفتوح بحثا قيما لبعض أهل العلم في موضوع أمية الرسول صل1 ،فأنظره أخي غير مأمور.
 
الأخ الكريم الجراح
أنا من الذين يقولون إن الرسول عليه السلام بقي أميّاً حتى توفي. وكلامي السابق هو استغراب لنهج من يستبعد أن يشرف الرسول الأمي المؤيد بالوحي على كتابة الصحابة بحجة أنه أمي.
قولك إن جبريل لم ينزل بقرطاس لا يعني أنه لم يُعلِّم الكتابة. فحرص الرسول عليه السلام على إحضار الكتبة بين يديه ثم وجود رسوم مخالفة لكتابة العرب بل مخالفة لأغلب رسم المصحف جعلنا نقول بظاهر النص الكريم، وهو أن الرسول عليه السلام علم الكتاب. وتعليم الكتاب لا يعني أن المعلم لديه قراطيس، فكم من معلم يقوم بتوجيه التلاميذ وتصحيح كتابتهم من غير أن يكون معه القرطاس.
إذن ليس بالضرورة أن يكون مع المعلم قرطاس حتى يُعلّم، ولكن ألم يلفت انتباهك بأن جبريل عليه السلام عندما قال للرسول عليه السلام في غار حراء (إقرأ) أجابه الرسول صلى الله عليه وسلم:"ما أنا بقارئ"؟! وهذا يعني أن جبريل عليه السلام قد عرض عليه قرطاساً.
العام الذي يراد به الخصوص هو العام الذي ثبت تخصيصه. أما كيف ثبت التخصيص فليس هذا مقامه.
 
أما بالنسبة لموضوع العام والخاص في لفظ (الكتاب) فيقال أن هذا يطلق ويراد به تلاوة الكتاب ومعناه دون رسمه المكتوب، فلنا أن نعتبره من العام الذي يطلق ويراد به الخاص.
أسأل الله أن يغفر لي
هذا غلط مني وسببه فرط العجلة ف(ال) في (الكتاب) للعهد كما قال الأخ الفاضل ايت عمران وليست للإستغراق
وقد تنبهت لغلطي بعد أن قمت من مجلسي
فلا حول ولا قوة إلا بالله
 
ولكن ألم يلفت انتباهك بأن جبريل عليه السلام عندما قال للرسول عليه السلام في غار حراء (إقرأ) أجابه الرسول صلى الله عليه وسلم:"ما أنا بقارئ"؟! وهذا يعني أن جبريل عليه السلام قد عرض عليه قرطاساً.
أخي الكريم سنان الأيوبي
هل تقول أنت بهذا المعني من عرض جبريل للقرطاس؟
أذكرك أخي بأن تلاوة المقروء تسمى قراءة، قال الله تعالى :{ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ *فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ }
قال ابن جرير الطبري في تفسيره تحت عنوان (القول في تأويل أسماء القرآن وسُوَره وآيهِ)
: (ومعنى قول ابن عباس هذا: فإذا بيَّناه بالقراءة، فاعمل بما بيناه لك بالقراءة. ومما يوضح صحة ما قلنا في تأويل حديث ابن عباس هذا، ما:-
حدثني به محمد بن سعد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمي، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن عبد الله بن عباس: { إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ } [سورة القيامة: 17] قال: أن نُقرئك فلا تنسى { فَإِذَا قَرَأْنَاهُ } عليك { فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ } يقول: إذا تُلي عليك فاتَّبعْ ما فيه ) .
وقال تعالى:{ فَلا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (38) وَمَا لا تُبْصِرُونَ (39) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (40)}​
قال الطبري :(وقوله:( إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ) يقول تعالى ذكره: إن هذا القرآن لتنزيل رسول كريم؛ يعني: جبريل، نزله على محمد بن عبد الله.)
فهذا يدل على أن جبريل قد كان يعارض النبيصل1 بالقرآن مسموعا، فمن ادعى القرطاس فعليه بالدليل، ولا دليل على ذلك.
 
تعليق على أيهما أصح (رسم القرآن) أو (رسم المصحف)؟

تعليق على أيهما أصح (رسم القرآن) أو (رسم المصحف)؟

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:فأضيف على ما قاله المشاركون تعليقا عسى أن يكون مفيدا ، فأقول والله الموفق :
الصحيح عند التدقيق أن نقول الرسم العثماني لوجوه:
- نسبة لعثمان رضي الله عنه فهو أحق أن ينسب إليه.
- للخروج من خلاف التوقيف والإجتهاد في الرسم فنسبته لعثمان إشارة إلى عدم جواز مخالفته أي الرسم العثماني وهو الراجح وعليه العمل.
- إذا قال قائل رسم المصحف ، فما تفعل إذا كان المصحف مكتوبا بالرسم القياسي
علي مذهب من يجيز كتابة القرآن به فلا فرق حينئذ بين الرسمين.
- الآيات المكتوبة في كتب الفقه مثلا هل نقول أنها بالرسم العثماني أم رسم المصحف لاشك أن الأول أنسب كما يرد عليه إن كان يجيز كتابتها بالرسم القياسي.
هذه الإضافة للرسم أما القرآن فالأصح أن نقول كتابة القرآن.
والله أعلم.
 
عودة
أعلى