أيهما أسبق: الدرة أم التحبير؟

إنضم
08/09/2007
المشاركات
208
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
المدينة المنورة
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه
أما بعد:
فإن المتبادر إلى الذهن أن تأليف ابن الجزري رحمه الله لتحبير التيسير متقدم على نظمه للدرة المضية.
ومما يؤيد ذلك قوله في مقدمة الدرة:
وبعد فخذ نظمي حروف ثلاثةٍ تتم به العشر القراءات وانقلا
كما هو في تحبير تيسير سبعها ............................
ولكن عند التمعن في مقدمة تحبير التيسير يمكن أن يكون الأمر خلاف ذلك
فالدرة نظمها ابن الجزري قبل أن يؤلف تحبير التيسير الذي هو عبارة عن إضافة قراءات القراء الثلاثة لما في كتاب تيسير الداني.
قال ابن الجزري رحمه الله في مقدمة التحبير:
((وإني لما نظمت طيبة النشر نظماً رجوت به أن تكون ذخري عند الله في الحشر، واختص بها قوم عن حفاظ حرز الأماني وتقدموا عليهم بما حوت من جمع الطرق واختصار اللفظ وكثرة المعاني؛ رأيت أن أتحف حفاظ الشاطبية بتعريف قراءات العشرة وأجعلها في متن الحرز منظومة مختصرة فجاءت في أسلوب من اللطف عجيب ونوع من الإعجاز والإيجاز غريب، )) فهنا يقرر رحمه الله أنه نظم أولاً طيبة النشر كما هو معلوم ، ثم نظم منظومة في الثلاث
قال: ((ولما تُلقيتْ بالقبول، وحصل بها لأهلها من النفع غاية المأمول؛ رأيتُ أن أفعل ذلك في كتاب التيسير، وأضيف إلى سبعتِه الثلاثةَ في أحسن منوال يكون له كالتحبير)).
والسؤال الوجيه هنا:
إذا سلمنا بأن نظم الدرة كان قبل التحبير، فما هو الجواب عن قول الناظم في الدرة ((كما هو في تحبير تيسير سبعها))؟
الجواب - والله أعلم-: قد يكون هذا البيت مما ألحقه الناظم رحمه الله بعد تأليفه للتحبير، ولا عجب في ذلك فكثيرٌ من المؤلفين
يشرعون في تأليف الكتب ثم يكتبون مقدماتها، أو يضيفون إليها أشياء.
والله أعلم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه.​
 
جزاك الله خيراً فضيلة الشيخ أحمد على هذه الفائدة، ومنذ زمن وقفتُ عند هذه المسألة وتكلمت مع بعض الشيوخ الأفاضل أن نظم الدرة قبل التحبير كما هو واضح في مقدمة التحبير، فقال كيف يكون قبلها وهو ذكره فيها، فذكرت له نفس التخريج الذي ذكرتَه فلم أجد منه القناعة بذلك، والحمد لله أني وجدت غيري يقول بهذا القول.
 
ذكر محقق تحبير التيسير الدكتور أحمد القضاة قسم دراسته للكتاب ما نصه:
((متى ألَّف ابن الجزري تحبير التيسير؟
ذكر السخاوي أن ابن الجزري ألَّف كتاب التحبير في وقت مبكر من عمره فقال وهو يعدد كتبه: ((وتحبير التيسير في القراءات العشر، والتمهيد في التجويد، وهما مما ألفه قديماً وله سبع عشرة سنة، كذلك نظم الهداية في تتمة العشرة، وسماه الدرة، وله ثمان عشرة سنة، وربما حفظها أو بعضها بعضُ شيوخه)) وقد دفعني هذا القول إلى البحث لمعرفة تاريخ تأليف هذا الكتاب، لأن عبارة السخاوي إن كانت صحيحة بالنسبة لكتاب التمهيد، فإنها غير متفقة مع الواقع بالنسبة لكتاب التحبير. فهذا ابن الجزري نفسه يقرر أنه قصد إلى تأليف كتاب تحبير التيسير بعد أن نظم طيبة النشر واختص بها جماعةٌ من حفاظ الشاطبية، وبعد أن نظم الدرة المضية كما يشير إليه قوله المنقول قبل قليل)) انتهى كلام محقق التحبير.
ويقصد بكلام ابن الجزري المنقول قبل قليل ما ذكره في مقدمة تحبير التيسير من أنه ألف التحبير بعد أن نظم الثلاث.
وقد كنتُ أميل إلى أن هذه المنظومة هي الدرة كما قال المحقق.
وأما الآن فأنا أتراجع عن ذلك
لأن عبارة ابن الجزري المذكورة في مقدمة التحبير ليست نصاً قاطعاً على أنه أراد بالمنظومة في الثلاث : الدرة.
فالظاهر أنه أراد بها نظم الهداية في تتمة العشرة وهي التي أشار إليها السخاوي وإن كان وهم في تسميته لها بالدرة كما نبه عليه محقق التحبير أيضاً.
وهي منظومة لامية من بحر الطويل كالشاطبية، يقوم بتحقيقها وشرحها الشيخ يوسف بن عوض العوفي -وفقه الله- في بحث تكميلي للماجستير.
وقد جاء في ترجمة ابن الجزري في غاية النهاية: ((أن ابن الجزري رجع إلى عنيزة فنظم بها الدرة في قراءات الثلاثة حسبما تضمنته تحبير التيسير)). فهذا مما يدل على تقدم تأليف التحبير على الدرة، والله أعلم
 
الشيخ الكريم محمد الأهدل
تسرني مشاركتكم في هذا الموضوع وموافقتكم لما ذكرتُه في الموضوع، ولكن بعد كتابتي له بنحو ساعة
رجعتُ فتأملتُ في كلام ابن الجزري في مقدمة التحبير وما ذكره محققه د. القضاة
فتبين لي أن ابن الجزري لم ينص على أنه قصد الدرة، فقد يكون أراد منظومة الهداية التي نظمها قديماً وحفظها بعضُ شيوخه
كما قال السخاوي.
وقد رجح محقق تحبير التيسير أن تأليف ابن الجزري رحمه الله للتحبير كان سنة 823هـ
حيث قال: ((بالرجوع إلى هذا القول [يعني ما ذكره ابن الجزري في تحبير التيسير] يتضح أن ابن الجزري صنف التحبير بعد أن نظم الدرة.
ويمكن القول إن ذلك كان في عام 823هـ فالنسخة الخطية التي اعتمدتُها أصلاً أقابل عليه لإخراج نص هذا الكتاب مكتوبة عام 823هـ)).
وما أقوى هذا الاستنتاج لو نص ابن الجزري على أن منظومة الثلاث التي نظمها قبل التحبير هي الدرة، ولكنه لم يصرح بذلك.
فينصرف الكلام إلى منظومة الهداية التي ألفها قديماً. والله أعلم.
 
شكر الله لك يا دكتور أحمد.
تتحفنا بالفوائد بين الفينة والأخرى فلا تنقطع عنا كثيراًَ.
وفقك الله وأعانك
 
الشيخ الكريم محمد الأهدل
تسرني مشاركتكم في هذا الموضوع وموافقتكم لما ذكرتُه في الموضوع، ولكن بعد كتابتي له بنحو ساعة
رجعتُ فتأملتُ في كلام ابن الجزري في مقدمة التحبير وما ذكره محققه د. القضاة
فتبين لي أن ابن الجزري لم ينص على أنه قصد الدرة، فقد يكون أراد منظومة الهداية التي نظمها قديماً وحفظها بعضُ شيوخه
كما قال السخاوي.
وقد رجح محقق تحبير التيسير أن تأليف ابن الجزري رحمه الله للتحبير كان سنة 823هـ
حيث قال: ((بالرجوع إلى هذا القول [يعني ما ذكره ابن الجزري في تحبير التيسير] يتضح أن ابن الجزري صنف التحبير بعد أن نظم الدرة.
ويمكن القول إن ذلك كان في عام 823هـ فالنسخة الخطية التي اعتمدتُها أصلاً أقابل عليه لإخراج نص هذا الكتاب مكتوبة عام 823هـ)).
وما أقوى هذا الاستنتاج لو نص ابن الجزري على أن منظومة الثلاث التي نظمها قبل التحبير هي الدرة، ولكنه لم يصرح بذلك.
فينصرف الكلام إلى منظومة الهداية التي ألفها قديماً. والله أعلم.

فضيلة الشيخ أحمد الرويثي حفظك الله:
رجوعك عن رأيك دليل واضح على بحثك عن الحق، وهي وجهة نظر قوية ـ أعني القول بأن المراد بنظم القراءات الثلاث الهداية ـ ، ولكن هل منظومة الهداية هي على نسق الشاطبية؟ وأيضاً من الأمور المشكلة قوله: "ولما تُلقيتْ بالقبول، وحصل بها لأهلها من النفع غاية المأمول..." هذا مفاده أن هذه المنظومة تلقاها عنه الناس وانتشرت، مع أنه لم يشتهر من منظومات ابن الجرزي في القراءات الثلاث مما قرأ الناس بمضمنها إلا الدرة، فأرى أن هذا الموضوع بحاجة إلى مزيد من البحث، وإن كان لا ينبني عليه شيء من العمل إلا أن معرفة حقائق الأمور شيء جيد، والله أعلم.
 
وقد رجح محقق تحبير التيسير أن تأليف ابن الجزري رحمه الله للتحبير كان سنة 823هـ
حيث قال: ((بالرجوع إلى هذا القول [يعني ما ذكره ابن الجزري في تحبير التيسير] يتضح أن ابن الجزري صنف التحبير بعد أن نظم الدرة.
ويمكن القول إن ذلك كان في عام 823هـ فالنسخة الخطية التي اعتمدتُها أصلاً أقابل عليه لإخراج نص هذا الكتاب مكتوبة عام 823هـ)).
وما أقوى هذا الاستنتاج لو نص ابن الجزري على أن منظومة الثلاث التي نظمها قبل التحبير هي الدرة، ولكنه لم يصرح بذلك.
فينصرف الكلام إلى منظومة الهداية التي ألفها قديماً. والله أعلم.
الشيخ أحمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إذا كان تأليف تحبير التيسير سنة (823هـ) كما رجح ذلك محقق كتاب التحبير معنى هذا أن الكتابين ألفا في سنة واحدة (823هـ) لقول أبن الجزري في متن الدرة : وتم نظام الدرة احسب بعدها وعام أضا حجي فأحسن تفؤلا
وبحساب الجمَّل حروف ( الدرة)= 240 ، و (أضا حجي) = 823هـ
 
الشيخ الحبيب مدثر
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أوافقكم فيما ذهبتم إليه من تاريخ نظم الدرة، ولا خلاف في ذلك، حيث نص على ذلك ناظمها.
ولكن لا يمكن القطع بتاريخ تأليف التحبير حيث لم ينص عليه المؤلف.
ولكن محقق التحبير بنى ذلك على أمرين:
1- أن التحبير متأخر عن الدرة.
2- أن أقدم نُسَخ التحبير التي اطلع عليها كانت سنة 823هـ.
وقد تبين مما سبق أن التحبير متأخر عن القصيدة التي نظمها في الثلاث، والظاهر أنها الهداية وليست الدرة.
فلم يبق إلا تاريخ أقدم نسخة للكتاب ، ومعلوم أن ذلك لا يعني بالضرورة تأليفه في ذلك التاريخ، فقد تظهر نسخة أقدم منها!
 
هناك نصان في غاية النهاية يدلان على أن منظومة الإمام ابن الجزري في الثلاث، والتي هي "الهداية في تتمة العشرة" كانت مشتهرة، وأقرأ بها بعض تلامذته قديما:
1ـ قال رحمه الله:
علي بن حسين بن علي بن عبد الله الخرماباذي اليزدي صاحبي، رحل إلى دمشق وقرأ علي ختمة جمعاً بالعشر بمضمن الشاطبية والتيسير وقصيدي في الثلاثة، ثم أخرى جمعا بعدة كتب، وبرع في هذا العلم فتقدم أقرانه وكتب وسمع وأفاد، ورحل إلى مصر فقرأ على أبي الفتح ابن العسقلاني، وعاد إلى دمشق ومات بها سنة تسعين وسبعمائة، ووليته على مدرستي ولم يخلف بعده في هذا العلم مثله مع الدين والورع والزهد وحسن الخلق والاستقامة رحمه الله تعالى" اهـ غاية النهاية: 1/534
2ـ قال رحمه الله:
مؤمن بن علي بن محمد بن أجمعين بن محمد الرومي الفلكاباذي الخطيب شيخ الروم وخطيبها، فاضل محقق صيت من أهل الدين والخير، قدم دمشق فقرأ عليّ القراءات بمضمن الشاطبية والتيسير ومنظومتي في الثلاثة وقصيدي التذكار في رواية أبان العطار سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة، وحقق وحصّل، ورجع إلى الروم... ولما قدر الله أني دخلت الروم سنة ثمان وتسعين وسبعمائة نزلت عنده ولم يأل جهداً في إكرامي، فلما توجهت إلى غزاة القسطنطينية ثم إلى غزاة الأنكروس ورجعت توجه هو إلى القسطنطينية فلاقاني بثغر نيكابولي فأدركته الوفاة دون البلد بيوم فتوفي ببلد أنجاز من رومية وحمل إلى برصة فحضرت جنازته وصليت عليه وحضرت دفنه في ثالث صفر سنة تسع وتسعين وسبعمائة" اهـ غاية النهاية: 2/324.

وهناك نص في نفس المصدر يفهم منه ـ في نظري ـ أن تحبير التيسير ألف قبل قبل نظم الدرة، يقول رحمه الله في ترجمته لنفسه من الغاية:
"وتوجه معه [يعني: مع المؤلف الذي هو ابن الجزري] المولى معين الدين بن عبد الله ابن قاضي كازرون، فوصلا إلى قرية عنيزة من نجد، وتوجها منها، فأخذهم الأعراب من بني لام بعد مرحلتين، فرجعا إلى عنيزة، فنظم بها الدرة في قراءات الثلاثة حسبما تضمنه تحبير التيسير" اهـ غاية النهاية: 2/250.
والله أعلم
 
جزاك الله خيراً يا شيخ ايت عمران على هذا النقل الطيب الذي فيه رفع لهذا الإشكال إن شاء الله تعالى.
 
ومما يؤيّد ما تفضلتم به ما قاله تلميذ ابن الجزريّ عثمان بن عمر الناشريّ الزَّبيدي (848ه) في شرحه للدرة: "والدرة منظومة تحبير التيسير، للشيخ أيضاً، وهو تأليف حسن أدخله في متن التيسير، ولم يترك من التيسير لفظة، سمعناه كله على الشيخ في بلدنا زبيد سنة 828ه" الإيضاح شرح الزبيدي على الدرة: ص100
فهذا النصّ يبيّن أنّ ابن الجزري في مقدمته للتحبير لم يقصد بالمنظومة في الثلاث الدرة بل قصد إلى الهداية في تتمة العشرة، كما أفاد ذلك إخوتي وأساتذتي الفضلاء
والسلام عليكم
 
ومما يؤيّد ما تفضلتم به ما قاله تلميذ ابن الجزريّ عثمان بن عمر الناشريّ الزَّبيدي (848ه) في شرحه للدرة: "والدرة منظومة تحبير التيسير، للشيخ أيضاً، وهو تأليف حسن أدخله في متن التيسير، ولم يترك من التيسير لفظة، سمعناه كله على الشيخ في بلدنا زبيد سنة 828ه" الإيضاح شرح الزبيدي على الدرة: ص100
فهذا النصّ يبيّن أنّ ابن الجزري في مقدمته للتحبير لم يقصد بالمنظومة في الثلاث الدرة بل قصد إلى الهداية في تتمة العشرة، كما أفاد ذلك إخوتي وأساتذتي الفضلاء
والسلام عليكم

[FONT=مسعد للنشر]لكن[FONT=مسعد للنشر] كلام الشارح هنا على التحبير وليس على الدرة بدليل أنه ذكر الكلام مع أن الدرة بصيغة المؤنث ووصفها ب(منظومة) وليس (نظم) فإذا كان كلامه على التحبير فليس فيه حجة على أن الدرة بعد التحبير[/FONT][/FONT]
 
عودة
أعلى