الذي سبب لي ذلك الإشكال "بعض" الآيات التي ظاهرها يدل أنه طريق واحد ومنها قوله سبحانه :
( فاضرب لهم طريقا في البحر )
حيث قال طريقا ولم يقل طرقا
ثم تبادر أن كلمة طريق ربما تكون اسم جنس فتشمل كل الطرق ...
فرأيت أن الأحسن أن أتأكد أولا :
أهناك ما يشبه الإجماع من المفسرين بأنها اثنا عشر طريقا أم أن هناك من خالفهم
أخي في الله
بارك الله فيك
نعم ، حوت كتب التفسير كلا الرأيين ......!
[color=FF0000]لكن.......[/color]
الأصل لا أن نسأل عن هل قيل كذا أو كذا [color=FF0000]بل أن نسأل عن حجة من قال [/color]!
فالحق أحق أن يتبع ...والحق ما أظهرته البينة !
من المفيد في مثل هذا التساؤل اللطيف أن يجمع الباحث الآيات التي وردت في القرآن الكريم عن حادثة العبور هذه ، وقد جمعتها لك هنا بحسب تذكري لها وهي :
1- قوله تعالى في سورة طه :(وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى (77))
2- وقال تعالى في سورة الشعراء :(فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (63))
3- وقال تعالى في سورة الدخان :(فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلاً إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (23) وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ (24)
وقد ذكر ابن كثير عند تفسيره لآية سورة الشعراء قول ابن عباس : صار البحر اثني عشر طريقًا، لكل سبط طريق.
وزاد السدي : وصار فيه طاقات ينظر بعضهم إلى بعض، وقام الماء على حيله كالحيطان، وبعث الله الريح إلى قعر البحر فلفحته، فصار يَبَسا (7) كوجه الأرض، قال الله تعالى: { فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لا تَخَافُ دَرَكًا وَلا تَخْشَى } [طه:77] .
والقول بانفلاقه إلى اثني عشر طريقاً اجتهاد من بعض المفسرين من الصحابة ، ولذلك رواه الطبري بصيغة التمريض فقال :(وذُُكر أنه انفلق اثنتي عشرة فلقة على عدد الأسباط، لكل سبط منهم فرق) .
والذي تدل عليه الآيات القرآنية أنه قد أصبح البحر طريقاً ممهداً يبساً مذللاً لمرور موسى عليه الصلاة والسلام ومن معه من بني إسرائيل أجمعين ، وأما التفصيل في كونه أصبح اثني عشر طريقاً لكل سبط منهم طريق متميز عن الآخر فزيادة لم ترد في القرآن . ولعل البحث يبين لنا ما هو مستند من ذهب إلى القول بذلك كابن عباس رضي الله عنهما .
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
ظهر لي أن أصل القول في جعل البحر اثني عشر طريقا هو فهم بعض الأكابر لما جاء في القرآن الكريم كما قال الإمام ابن جرير في تفسيره لقول الله تعالى وإذ فرقنا بكم . . . . . سورة البقرة : آية ( 50 )
قال ما نصه:
معنى قوله فرقنا بكم فصلنا بكم البحر لأنهم كانوا اثني عشر سبطا ففرق البحر اثني عشر طريقا فسلك كل سبط منهم طريقا منها
فذلك فرق الله بهم جل ثناؤه البحر وفصله بهم بتفريقهم في طرقه الاثني عشر
كما حدثني موسى بن هارون قال حدثنا عمرو بن حماد قال حدثنا أسباط بن نصر عن السدي لما أتى موسى البحر كناه أبا خالد وضربه فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم فدخلت بنو إسرائيل وكان في البحر اثنا عشر طريقا في كل طريق سبط
وقد قال بعض نحويي البصرة معنى قوله وإذ فرقنا بكم البحر فرقنا بينكم وبين الماء يريد بذلك فصلنا بينكم وبينه وحجزناه حيث مررتم به
وذلك خلاف ما في ظاهر التلاوة لأن الله جل ثناؤه إنما أخبر أنه فرق البحر بالقوم ولم يخبر أنه فرق بين القوم وبين البحر فيكون التأويل ما قاله قائلو هذه المقالة وفرقه البحر بالقوم إنما هو تفريقه البحر بهم على ما وصفنا من افتراق سبيله بهم على ما جاءت به الآثار تفسير الطبري ج 1 ص 275
ولهذا الفهم ما يؤيده من أقوال الصحابة والتابعين
فمن الصحابة سيدنا ابن مسعود رضي الله عنه
قال ابن أبي شيبة حدثنا شبابة عن يونس بن أبي إسحاق عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون عن عبد الله بن مسعود أن موسى عليه السلام حين أسرى ببني إسرائيل بلغ فرعون فأمر بشاة فذبحت ثم قال لا والله لا يفرغ من سلخها حتى يجتمع إلي ستمائة ألف من القبط قال فانطلق موسى عليه السلام حتى انتهى إلى البحر فقال له انفرق فقال البحر لقد استكثرت يا موسى وهل انفرقت لأحد من ولد آدم فانفرق لك قال ومع موسى عليه السلام رجل على حصان قال له ذاك الرجل أين أمرت يا نبي الله قال ما أمرت إلا بهذا الوجه قال فأقحم فرسه فسبح به فخرج فقال أين أمرت يا نبي الله قال ما أمرت إلا بهذا الوجه قال والله ما كذبت ولا كذبت قال ثم اقتحم الثانية فسبح به ثم خرج فقال أين ما أمرت به يا نبي الله قال ما أمرت إلا بهذا الوجه قال والله ما كذبت ولا كذبت قال والله ما كذبت ولا كذبت قال فأوحى الله إلى موسى عليه السلام أن أضرب بعصاك فضرب موسى بعصاه فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم كالجبل العظيم فكان فيه اثنا عشر طريقا لأثني عشر سبطا لكل سبط طريق يتراؤن فلما خرج أصحاب موسى عليه السلام وتتام أصحاب فرعون التقى البحر عليهم فأغرقهم
مصنف ابن أبي شيبة ج 6 ص 334
وسيدنا ابن عباس الحبر رضي الله عنه
قال ابن أبي حاتم حدثنا عمار بن خالد الواسطي ، ثنا محمد بن الحسن الواسطي ويزيد بن هارون اللفظ لمحمد ، عن اصبغ بن زيد الوراق ، عن القاسم بن أبي ايوب ، ثنا سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال واوحى الله عز وجل إلى البحر اذا ضربك عندي فانفلق له اثنا عشر فرقا حتى يجوز موسى ومن معه ثم التقى على من بقي بعد من فرعون واشياعه فنسي موسى ان يضرب البحر فدفع إلى البحر وله قصيف مخافه ان يضربه موسى بعضاه وهو غافل فيصير عاصيا له فلما تراء الجمعان وتقاربا قال قوم موسى : انا لمدركون افعل ما امرك ربك فانك لم تكذب ولم تكذب قال وعدني اذا انتهيت إلى البحر ان ينفرق لي حتى اجاوزه ثم ذكر بعد ذلك العصا فضرب البحر بالعصا حين دنى .. جند فرعون من اواخر جند موسى فانفرق البحر كما امر الله وكما وعد موسى صلى الله عليه وسلم .
تفسير ابن أبي حاتم ج 8 صفحة 2773
وممن بعدهم جماعة كما يلي لا على الترتيب
قال ابن جرير :
وقوله فكان كل فرق كالطود العظيم يقول تعالى ذكره فكان كل طائفة من البحر لما ضربه موسى كالجبل العظيم
وذكر أنه انفلق اثنتي عشرة فلقة على عدد الأسباط لكل سبط منهم فرق
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل
ذكر من قال ذلك حدثنا موسى قال ثنا عمرو قال ثنا أسباط عن السدي فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم يقول كالجبل العظيم فدخلت بنو إسرائيل وكان في البحر اثنا عشر طريقا في كل طريق سبط وكان الطريق كما إذا انفلقت الجدران فقال كل سبط قد قتل أصحابنا فلما رأى ذلك موسى دعا الله فجعلها قناطر كهيئة الطيقان فنظر آخرهم إلى أولهم حتى خرجوا جميعا
حدثنا القاسم قال ثنا الحسين قال ثني حجاج عن بن جريج وحجاج عن أبي بكر بن عبد الله وغيره قالوا انفلق البحر فكان كل فرق كالطود العظيم اثنا عشر طريقا في كل طريق سبط وكان بنو إسرائيل اثني عشر سبطا وكانت الطرق بجدران فقال كل سبط قد قتل أصحابنا فلما رأى ذلك موسى دعا الله فجعلها لهم بقناطر كهيئة الطيقان ينظر بعضهم إلى بعض وعلى أرض يابسة كأن الماء لم يصبها قط حتى عبر
تفسير الطبري ج 19 ص 80
وقال حدثنا بشر قال ثنا يزيد قال ثنا سعيد عن قتادة قوله سيئات ما مكروا قال وكان قبطيا من قوم فرعون فنجا مع موسى قال وذكر لنا أنه بين يدي موسى يومئذ يسير ويقول أين أمرت يا نبي الله فيقول أمامك فيقول له المؤمن وهل أمامي إلا البحر فيقول موسى لا والله ما كذبت ولا كذبت ثم يسير ساعة ويقول أين أمرت يا نبي الله فيقول أمامك فيقول وهل أمامي إلا البحر فيقول لا والله ما كذبت ولا كذبت حتى أتى على البحر فضربه بعصاه فانفلق اثني عشر طريقا لكل سبط طريق
تفسير الطبري ج 24 ص71
قال قتادة ذكر لنا أن مؤمن آل فرعون كان بين يدي موسى وكان يقول أين أمرت يا نبي الله أن تنزل فيقول أمامك فيقول وهل أمامي إلا البحر فيقول
ما كذبت ولا كذبت فأوحى الله إلى موسى اضرب بعصاك البحر فأوحى إلى البحر إذا ضربك موسى فانفلق له فبات البحر يضرب بعضه بعضا فزعا من الله عز وجل وانتظارا لأمره فضربه فانفلق اثنا عشر طريقا على عدد الأسباط فسار موسى وأصحابه على طريق يابس والماء قائم بين كل فريقين فلما دخل بنو إسرائيل ولم يبق منهم أحد أقبل فرعون على حصان له حتى وقف على شفير البحر فهاب الحصان أن ينفذ فعرض له جبرئيل على فرس أنثى وديق فشمها الفرس فدخل فرعون فدخل قومه وجبرئيل أمامه وميكائيل على فرس خلف القوم يحثهم يقول الحقوا بصاحبكم فلما أراد أولهم أن يصعدوا تكامل نزول آخرهم انطبق البحر عليهم فنادى فرعون ) آمنت (
من المنتظم في تاريخ الملوك والأمم المنتظم لابن الجوزي صفحة 349
وفي تفسير ابن أبي حاتم
قال قوله تعالى : وقطعناهم اثنتي عشرة اسباطا آية 160 سورة الأعراف
حدثنا أبو زرعة ، ثنا عمرو بن حماد ، ثنا اسباط ، عن السدى قال : قد خلت بنوا اسرائيل البحر ، وكان في البحر ، اثنا عشر طريقا في كل طريق سبط ، وكانت الطرق ، اذا انفلقت بجدران ، فقال : كل سبط قد قتل اصحابنا فلما راى ذلك موسى عليه الصلاة والسلام دعا الله تبارك وتعالى فجعلها لهم قناطر كهيئة الطبقات ينظر اخرهم إلى اولهم ، حتى خرجوا جميعا
تفسير ابن أبي حاتم ج 5 ص 1589
وقال:
قال أبو مسعود الجريري كانوا اثنا عشرسبطا فاحسب انه كان لكل سبط طريق .
حدثنا أبي ، ثنا ابن أبي عمر ، ثنا سفيان ، عن أبي سعد الاعور ، عن عكرمة ، عن ابن عباد قال اوحى الله إلى موسى ان اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم ، قال : فضرب فصار اثنا عشر طريقا ، وكانوا اثنا عشر سبط لكل سبط طريق .
حدثنا أبو زرعة ، ثنا عمرو حماد ، ثنا اسباط ، عن السدى فكان كل فرق كالطود العظيم يقول كالجبل العظيم قدخل بنوا اسرائيل وكان في البحر اثنا عشر طريقا في كل طريق سبط ، وكانت الطرق اذا انفلقت بجدران فقال كل سبط : قد قتل اصحابنا فلما راي ذلك موسى دعا الله عز وجل فجعلها لهم قناطر كهيئته الطيقان ينظر اخرهم إلى اولهم حتى خرجوا جميعا .
تفسير ابن أبي حاتم ج 8 صفحة 2773
وقال ابن عساكر
عن إسحاق أنا محمد بن إسحاق قال سمعت من حديثي عن محمد بن كعب القرظي عن عبد الله بن شداد قال لما جاز بنو إسرائيل البحر ولم يبق منهم أحد بقي البحر على حاله وأقبل فرعون عدو الله على حصان من دهم الخيل ووقف على شفير البحر والبحر رهوا ساكنا على حاله فأراد موسى أن يضرب بعصاه البحر فتركه كما كان فأوحى الله إليه أن ) واترك البحر رهوا إنهم جند مغرقون ( فتركه على حاله خامدا فلما أبصر فرعون البحر خامدا اثني عشر طريقا يقول لجنوده ألا ترون إلى البحر كيف أطاعني وإنما فعل هذا لتعظيمي وما ينشق إلا فرقا مني لأنه علم أني سأتبع بني إسرائيل فأقتلهم ولم يعلم عدو الله أن الله مكر به من حيث لا يشعر وقال فانطلق ليقتحم في البحر وجالت الخيل فعاينت العذاب فنفر الحصان الذي هو عليه وجالت الخيل فأقحموها فعاينت العذاب ولم تقتحم وهابت أن تدخل البحر فعرض له جبريل على فرس له أنثى وديق فقربها من حصان فرعون فشمها الفحل فتقدم جبريل أمام الحصان فاتبعها الحصان وعليه فرعون فلما أبصر جند فرعون أن فرعون قد دخل نادت أصحاب الخيل يا صاحب الرمكة على رسلك لتتبعك الخيل قال فوقف جبريل حتى توافت الخيل ودخلوا البحر وما يظن فرعون إلا أن جبريل فارس من أصحابه فجعلوا يقولون له أسرع الآن فقد دخلت الخيل أسرع يسرع الخيل في إثرك فجعل جبريل يخب إخبابا وهم في أثره لا يدركونه حتى توسط بهم في أعمق مكان في البحر وبعث الله ميكائيل على فرس آخر من خلفهم يسوقهم ويقول لهم الحقوا بصاحبكم حتى إذا فصل جبريل من البحر ليس أمامه أحد من آل فرعون وقف ميكائيل من الجانب الآخر ليس خلفه أحد
تاريخ مدينة دمشق ج 61 ص 79
وعن إسحاق أنا سعيد عن قتادة عن الحسن قال إن موسى لما رأى ذلك من قومه وما يتضرعون ويستغفرون من ذنوبهم ويقولون يا موسى سل لنا ربك يضرب لنا ) طريقا في البحر يبسا ( فقد وعدنا لذلك بمصر فاتبعناك وصدقناك وهذا فرعون وجنوده قد دنا منك قال فانطلق موسى نحو البحر فقال إن الله أمرني أن أسلك فيك طريقا وضرب بعصاه البحر قبل أن يوحى إليه فأنطق الله البحر فقال له يا موسى أنا أعظم منك سلطانا وأشد منك قوة وأنا أول منك خلقا وعلي كان عرش ربنا وأنا لا يدرك قعري ولا أترك أحدا يمر بي إلا بإذن ربي وأنا عبد مأمور لم يوح الله إلي فيك شيئا ودنا فرعون وجنوده فجاء موسى إلى قومه راجعا فأيس القوم فأتاه حزبيل بن يوحابيل المؤمن فقال له يا موسى يا نبي الله أليس وعدك الله البحر قال نعم قال فلن يخلفك فناج ربك قال فبينما هو كذلك إذ جاءه خازن البحر فسلم عليه فقال له يا موسى أتعرفني قال لا قال أنا خازن البحار قال فما أوحى الله إليك في أمر فرعون شيئا قال يا موسى والله إني لخامس خمسة من خزان الله والله ما أدري ما الله صانع بعد فرعون ولقد خفي علي أمره وإن الله وعدك وهو منجز ذلك فتضرع إلى ربك قال فلما سمع ذلك موسى تضرع إلى الله فقال يا رب قد ترى ما يقول بنو إسرائيل وما قد كربهم وما قد نزل بهم من سوء الظن فأسألك يا إله إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب ويوسف فرج عنا هذا الكرب ونجنا من فرعون وأبدل لنا مكان الخوف أمنا كي نسبحك كثيرا ونعبدك حق عبادتك واختلط خيل فرعون بخيل موسى وخرج فرعون معلما على فرس له حصان وكانت لحيته تغطي قربوس سرجه ولمته من خلفه تغطي مؤخر سرجه وعليه درع من ذهب قد علاه بالأرجوان قال فلما رأى ذلك الله عز وجل مما دخل في قلب موسى وقلوب بني إسرائيل أوحى الله إلى موسى إني قد أذنت للبحر أن يطيعك فاضرب ) بعصاك البحر ( قال فضرب موسى البحر ) فانفلق ( اثنا عشر طريقا ودعا موسى أصحابه وقال لهم هلموا فثم ثم قال اللهم اجعل هذا البحر غضبا ورجزا ونقمه على فرعون وقومه ونجنا جميعا فإنا جندك ونحن أهل الذنوب والخطايا قال فصار البحر كما قال الله اثني عشر طريقا يابسا وهو كما قال ) واترك البحر رهوا ( يعني سهلا دمثا لا تخاف دركا من فرعون وجنوده ولا تخشى البحر يغرقك ومن معك
تاريخ مدينة دمشق ج 61 ص 78
وعن عمرو بن ميمون قال كانوا ستمائة ألف فلما أرادوا السير ضرب عليهم التيه فلم يدروا أين يذهبون فدعا موسى مشيخة بني إسرائيل وسألهم عن ذلك فقالوا إن يوسف عليه السلام لما حضره الموت أخذ على إخوته عهدا أن لا يخرجوا من مصر حتى يخرجوه معهم فلذلك انسد علينا الطريق فسألهم عن موضع قبره فلم يعلموا فقام موسى ينادي أنشد الله كل من يعلم أن موضع قبر يوسف عليه السلام ألا أخبرني به ومن لم يعلم به فصمت أذناه عن سماع قولي وكان يمر بين الرجلين ينادي ولا يسمعان صوته حتى سمعته عجوز لهم فقالت أرأيتك إن دللتك على قبره أتعطيني كل ما سألتك فأبى عليها وقال حتى أسأل ربي فأمره الله تعالى بإيتائها سؤالها فقالت إني عجوز كبيرة لا أستطيع المشي فاحملني وأخرجني من مصر هذا في الدنيا وأما في الآخرة فأسألك أن لا تنزل غرفة من الجنة إلا نزلتها معك قال نعم قالت إنه في جوف الماء في النيل فادع الله تعالى حتى يحسر عنه الماء فدعا الله تعالى فحسر عنه الماء ودعا أن يؤخر طلوع الفجر إلى أن يفرغ من أمر يوسف عليه السلام فحفر موسى عليه السلام ذلك الموضع واستخرجه في صندوق من مرمر وحمله حتى دفنه بالشام ففتح لهم الطريق فساروا وموسى عليه السلام على ساقتهم وهرون على مقدمتهم وندر بهم فرعون فجمع قومه وأمرهم أن لا يخرجوا في طلب بني إسرائيل حتى يصيح الديك فوالله ما صاح ديك تلك الليلة فخرج فرعون في طلب بني إسرائيل وعلى مقدمة عسكره هامان في ألف ألف وسبعمائة ألف وكان فيهم سبعون ألفا من دهم الخيل سوى سائر الشيات وقال محمد بن كعب رضي الله عنه كان في عسكر فرعون مائة ألف حصان أدهم سوى سائر الشيات وكان فرعون في الدهم وقيل كان فرعون في سبعة آلاف ألف وكان بين يديه مائة ألف ناشب ومائة ألف أصحاب حراب ومائة ألف أصحاب الأعمدة فسارت بنو إسرائيل حتى وصلوا إلى البحر أو لماء في غاية الزيادة ونظروا فإذا هم بفرعون حين أشرقت الشمس فبقوا متحيرين فقالوا يا موسى كيف نصنع وأين ما وعدتنا هذا فرعون خلفنا إن أدركنا قتلنا والبحر أمامنا إن دخلناه غرقنا قال الله تعالى ( فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون قال موسى كلا إن معي ربي سيهدين ) فأوحى الله إليه ( أن اضرب بعصاك البحر ) فضربه فلم يطعه فأوحى إليه أن كنه فضربه وقال انفلق يا أبا خالد بإذن الله تعالى ( فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم ) وظهر فيه اثنا عشر طريقا لكل سبط طريق وارتفع الماء بين كل طريقين كالجبل وأرسل الله الريح والشمس على قعر البحر حتى صار يبسا فخاضت بنو إسرائيل البحر كل سبط في طريق وعن جانبيهم الماء كالجبل الضخم ولا يرى بعضهم بعضا فخافوا وقال كل سبط قد قتل إخواننا فأوحى الله تعالى إلى جبال الماء أن تشبكي فصار الماء شبطات كالطبقات يرى بعضهم بعضا ويسمع بعضهم كلام بعض حتى عبروا البحر سالمين فذلك قوله تعالى ( وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم ) من آل فرعون والغرق ( وأغرقنا آل فرعون )
تفسير البغوي ج 1 ص 71
وقال محمد بن كعب : كان في عسكر فرعون مائة ألف حصان أدهم سوى سائر الشهبان ، وكان ( . . . . . . . . ) وكان هارون على مقدمة بني إسرائيل وموسى في الساقة ، فلمّا انتهوا إلى البحر وقربت منهم مقدمة فرعون مائة ألف رجل ، كلٌ قد غطّى أعلى رأسه ببيضة وبيده حربة ، وفرعون خلفهم في الدميم ، فقالت بنو إسرائيل لموسى : أين ما وعدتنا ؟ هذا البحر أمامنا ( إن عبرناه ) غَرِقنا وفرعون خلفنا إن أدركنا قتلنا ، ولقد أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا . فقال موسى : عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعلمون ، وقال : كلا إنّ معي ربي سيهدين ، فأوحى الله إليه أن اضرب بعصاك البحر فضربه فلم ينفلق وقال : أنا أقدم منك وأشد خلقاً ، فأوحى الله تعالى إلى موسى أن كنه وقل : انفلق أبا خالد بإذن الله عزّ وجل ، ففعل ذلك فانفلق البحر وصار اثنا عشر طريقاً لكل سبط طريق . وكشف الله عن وجه الأرض فصارت يابسة وارتفع بين كل طريقين جبل . وكانوا بني عمّ لا يرى بعضهم بعضاً ولا يسمع بعضهم كلام بعض ، فقال كل فريق : قد غرق أصحابنا فأوحى الله تعالى إلى الجبال من الماء تشبّكي فتشبكت وصارت فيه شبه الخروق فجعل ينظر بعضهم إلى بعض .
تفسير الثعلبي ج 5 ص 146
هذا ما وقفت عليه على عجلة من أمري والأمر يحتاج مزيد بحث وتنقيب لكن الوقت لا يسمح بأكثر من هذا الآن فالعفو منكم.