محمد محمود إبراهيم عطية
Member
قال تعالى : { وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ . إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ } [ ق : 36 ، 37 ] .
قال ابن القيم - رحمه الله - في ( مدارج السالكين ) : الناسُ ثلاثةٌ : رجلٌ قلبُه ميتٌ ، فذلك الذي لا قلبَ له ، فهذا ليست الآية ذكرى في حقه .
الثاني : رجلٌ له قلب حيٌّ مستعدٌّ ، لكنه غير مستمعٍ للآيات المتلُوةِ ، التي يخبر بها الله عن الآيات المشهودة ، إما لعدم وُرُودها ، أو لوصولها إليه وقلبه مشغول عنها بغيرها ، فهو غائب القلب ليس حاضرًا ، فهذا - أيضًا - لا تحصُلُ له الذكرى ، مع استعداده ووجود قلبه .
والثالث : رجلٌ حيُّ القلب مستعدٌّ ، تُليت عليه الآيات ، فأصغى بسمعه ، وألقى السمع ، وأحضر قلبه ، ولم يشغلْه بغير فهم ما يسمعُهُ ، فهو شاهدُ القلب ، مُلقي السَّمع ؛ فهذا القِسمُ هو الذي ينتفع بالآيات المتلوَّة والمشهودة .
فالأول : بمنزلة الأعمى الذي لا يُبصر .
والثاني : بمنزلة البصير الطَّامح ببصره إلى غير جهة المنظور إليه ، فكلاهما لا يراه .
والثالث : بمنزلة البصير الذي قد حدَّق إلى جهة المنظور ، وأتبعه بصره ، وقابله على توسُّطٍ من البُعد والقربِ ، فهذا هو الذي يراه ؛ فسبحان من جعل كلامه شفاءً لما في الصدور .
فاعلم أن الرجل قد يكونُ له قلبٌ وقَّادٌ ، مليءٌ باستخراج العبر واستنباط الحكم ، فهذا قلبه يُوقعه على التذكُّر والاعتبار ، فإذا سمع الآيات كانت له نُورًا على نور ، وهؤلاء أكملُ خلق الله ، وأعظمهم إيمانًا وبصيرةً ، حتى كأنَّ الذي أخبرهم به الرسول مشاهدٌ لهم ، لكن لم يشعُرُوا بتفاصيله وأنواعه ، حتى قيل : إن مثل حالِ الصِّدِّيق مع النبي صلى الله عليه وسلم ، كمثل رجلين دخلا دارًا ، فرأى أحدهما تفاصيل ما فيها وجزئيَّاته ، والآخر وقعت يدُهُ على ما في الدار ، ولم ير تفاصيلَهُ ولا جُزئياته ، لكن علم أن فيها أمورًا عظيمة ، لم يدرك بصره تفاصيلها ، ثم خرجا فسأله عمَّا رأى في الدار ، فجعل كُلما أخبره بشيء صدَّقهن لما عنده من شواهد ، وهذه أعلى الدرجات الصديقية ، ولا تستبعد أن يَمُنَّ الله المنان على عبدٍ بمثل هذا الإيمان ، فإن فضل الله لا يدخل تحت حصرٍ ولا حُسبان .
فصاحبُ هذا القلب إذا سمع الآيات وفي قلبه نورٌ من البصيرة ، ازداد بها نورًا إلى نوره ؛ فإن لم يكن للعبد مثل هذا القلب فألقى السمع ، وشهد قلبُهُ ، ولم يغب ؛ حصل له التذكُّرُ - أيضًا : { فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ } [ البقرة : 265 ] ، والوابلُ والطَّلُّ في جميع الأعمال وآثارها وموجباتها ؛ وأهل الجنة سابقون مقرَّبون ، وأصحابُ يمين ، وبينهما في درجات التفضيل ما بينهما .ا.هـ .
قال ابن القيم - رحمه الله - في ( مدارج السالكين ) : الناسُ ثلاثةٌ : رجلٌ قلبُه ميتٌ ، فذلك الذي لا قلبَ له ، فهذا ليست الآية ذكرى في حقه .
الثاني : رجلٌ له قلب حيٌّ مستعدٌّ ، لكنه غير مستمعٍ للآيات المتلُوةِ ، التي يخبر بها الله عن الآيات المشهودة ، إما لعدم وُرُودها ، أو لوصولها إليه وقلبه مشغول عنها بغيرها ، فهو غائب القلب ليس حاضرًا ، فهذا - أيضًا - لا تحصُلُ له الذكرى ، مع استعداده ووجود قلبه .
والثالث : رجلٌ حيُّ القلب مستعدٌّ ، تُليت عليه الآيات ، فأصغى بسمعه ، وألقى السمع ، وأحضر قلبه ، ولم يشغلْه بغير فهم ما يسمعُهُ ، فهو شاهدُ القلب ، مُلقي السَّمع ؛ فهذا القِسمُ هو الذي ينتفع بالآيات المتلوَّة والمشهودة .
فالأول : بمنزلة الأعمى الذي لا يُبصر .
والثاني : بمنزلة البصير الطَّامح ببصره إلى غير جهة المنظور إليه ، فكلاهما لا يراه .
والثالث : بمنزلة البصير الذي قد حدَّق إلى جهة المنظور ، وأتبعه بصره ، وقابله على توسُّطٍ من البُعد والقربِ ، فهذا هو الذي يراه ؛ فسبحان من جعل كلامه شفاءً لما في الصدور .
فاعلم أن الرجل قد يكونُ له قلبٌ وقَّادٌ ، مليءٌ باستخراج العبر واستنباط الحكم ، فهذا قلبه يُوقعه على التذكُّر والاعتبار ، فإذا سمع الآيات كانت له نُورًا على نور ، وهؤلاء أكملُ خلق الله ، وأعظمهم إيمانًا وبصيرةً ، حتى كأنَّ الذي أخبرهم به الرسول مشاهدٌ لهم ، لكن لم يشعُرُوا بتفاصيله وأنواعه ، حتى قيل : إن مثل حالِ الصِّدِّيق مع النبي صلى الله عليه وسلم ، كمثل رجلين دخلا دارًا ، فرأى أحدهما تفاصيل ما فيها وجزئيَّاته ، والآخر وقعت يدُهُ على ما في الدار ، ولم ير تفاصيلَهُ ولا جُزئياته ، لكن علم أن فيها أمورًا عظيمة ، لم يدرك بصره تفاصيلها ، ثم خرجا فسأله عمَّا رأى في الدار ، فجعل كُلما أخبره بشيء صدَّقهن لما عنده من شواهد ، وهذه أعلى الدرجات الصديقية ، ولا تستبعد أن يَمُنَّ الله المنان على عبدٍ بمثل هذا الإيمان ، فإن فضل الله لا يدخل تحت حصرٍ ولا حُسبان .
فصاحبُ هذا القلب إذا سمع الآيات وفي قلبه نورٌ من البصيرة ، ازداد بها نورًا إلى نوره ؛ فإن لم يكن للعبد مثل هذا القلب فألقى السمع ، وشهد قلبُهُ ، ولم يغب ؛ حصل له التذكُّرُ - أيضًا : { فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ } [ البقرة : 265 ] ، والوابلُ والطَّلُّ في جميع الأعمال وآثارها وموجباتها ؛ وأهل الجنة سابقون مقرَّبون ، وأصحابُ يمين ، وبينهما في درجات التفضيل ما بينهما .ا.هـ .