أنواع الدلالة اللفظية الوضعية

إنضم
05/05/2003
المشاركات
70
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
الموقع الالكتروني
www.toislam.net
[align=justify]يرد في كتب العقائد مصطلح الدلالات اللفظية الوضعية، وهي ثلاثة أنواع:
1- دلالة المطابقة، وتسمى الدلالة المطابقية: وتعرف بأنها:
-دلالة اللفظ على جميع معناه.
-أو هي: تفسير اللفظ بجميع مدلوله.
-أو هي: دلالته على تمام ما وضع له من حيث إنه وضع له.
وسميت بذلك؛ لتطابق اللفظ والمعنى، وتَوافُقِهما في الدلالة.
2- الدلالة التضمنية، أو دلالة التضمن: وهي تفسير اللفظ ببعض مدلوله، أو بجزء معناه.
-أو هي دلالة اللفظ على جزء ما وضع له في ضمن كل المعنى.
وسميت بذلك لأنها عبارة عن فهم جزء من الكل؛ فالجزء داخل ضمن الكل أي في داخله.
3- دلالة التزام، أو الدلالة الالتزامية: وهي الاستدلال باللفظ على غيره.
-أو هي دلالة اللفظ على خارج معناه الذي وضع له.
يقول المناطقة: إن بين الدلالة المطابقية والدلالة التضمنية العموم والخصوص المطلق؛ فإذا وجدت التضمنية وجدت المطابقية دون العكس، أي لا يلزم من وجود المطابقية وجود التضمنية.
أمثلة على ذلك: اسم (الخالق) يدل على ذات الله، وعلى صفة (الخلق) بالمطابقة، ويدل على الذات وحدها بالتضمن، وعلى صفة (الخلق) وحدها بالتضمن، ويدل على صفتي (العلم والقدرة) بالالتزام، أي أن اللفظ دل على معنى خارج عن معناه الأصلي الذي وضع له، وذلك أن الخالق لا يمكن أن يخلق إلا وهو قادر، وكذلك لا يمكن أن يخلق إلا وهو عالم.
مثال ثانٍ: اسم (العليم) يدل على ذات الله وعلمه: أي دلالة الاسم على المسمى، وعلى الصفة المشتقة من الاسم نفسه؛ فهذه دلالة مطابقة.
ويدل على ذات الله وحدها، وعلى صفة العلم وحدها دلالة تضمنية.
ويدل على صفة الحياة وغيرها بالالتزام، وهكذا...[1]




[1] انظر المرشد السليم إلى المنطق الحديث والقديم د. عوض جاد حجازي، والصفات الإلهية د.محمد أمان ص178-179.[/align]
 
بارك الله فيكم فضيلة الدكتور محمد على هذا الإيضاح ، وأحب أن أضيف هذه السطور حتى يكون القارئ على تصور مفيد في تقسيم العلماء للدلالة بشكل عام :

تنوعتْ نظرةُ العلماء في تقسيم الدلالة، فسلك كل فريق مسلكاًً خاصاً، ولكل من الحنفية والمتكلمين مسلك في تقسيم الدلالة، وإيجاز الأقسام كما يلي(1 ):

تنقسم الدلالة بحسب الدَّال إلى ستة أقسام(2 )(3 ):
فالدَّال إما أن يكون:

لفظاً: كدلالة لفظ ( السماء ) على الجرم المعهود.
أو غير لفظ: كدلالة الدخان على النار.
وكلٌّ منهما باعتبار جهة الدلالة ومدركها إما أن يكون دالاً بالوضع(4 )، أو بالطبع(5 )، أو بالعقل(6 ).

فيحصل من ذلك ستة أقسام من ضرب حالتي الدَّال في جهة الدلالة الثلاث:

الأول: دلالة اللفظ وضعاً:


كدلالة لفظ ( الرجل ) على الإنسان الكبير، و ( المرأة ) على الأنثى، ودلالة لفظ (الأَسَد) على الحيوان المفترس، ودلالة لفظ (الإنسان) على الحيوان الناطق.

الثاني: دلالة اللفظ عقلاً:

كدلالة كلام المتكلم من وراء جدار على حياته.

الثالث: دلالة اللفظ طبعاً:

كدلالة الأنين على المرض، ودلالة الصراخ على مصيبة نزلت بالصارخ.

الرابع: دلالة غير اللفظ وضعاً:

كدلالة المفهمات الأربعة: وهي الخط، والإشارة، والعقد، والنصب.
فالنقوش التي هي الخط تدل على الألفاظ وضعاً، وليست لفظاً.
وكذلك العقد بالأصابع يدل على قدر العدد وضعاً، وليس باللفظ.
والإشارة تدل على المعنى المشار إليه وضعاً، وليست لفظاً.
والمراد بالنصب: نصب الحدود بين الأملاك، ونصب أعلام الطريق.

الخامس: دلالة غير اللفظ عقلاًً:

كدلالة المصنوعات على صانعها، ودلالة العالمَ على مُوْجِدِه، وهو الباري جلَّ وعلا، ودلالة الدُّخان على النَّار.

السادس: دلالة غير اللفظ طبعاً: أي عادة:

كدلالة الحمرة على الخجل، والصفرة على الوجل(7 ).

والمراد من هذه الدلالات دلالة اللفظ الوضعية وهي التي اقتصر جمهور العلماء عليها ولم يعتبروا غيرها مأخذاً للأحكام الشرعية(8 )(9 ).
وهي المخصوصة بالنظر في العلوم لأمرين أساسيين هما:

الأول: أنها تنضبط لاعتمادها على وضع الواضع، وما وضعه لا يختلف بحسب الأشخاص، فهي تتميز عن كلٍّ من الدلالة الطبيعية والعقلية بهذا الانضباط (10 ).
الثاني: أنها تشمل ما يقصد إليه من المعاني؛ وذلك أن النفع بها يعم الموجودات والمعدومات في التعليم والتعلم بخاصة، وغيرها من مجالات الحياة، فبها يتأتى لكل إنسان أن يعبر عما يجول بخاطره مما يحتاج إليه في معاشه ومعاده(11 ).
وتلخيص أقسام هذه الدلالة كما يلي:

أولاً: تقسيم الحنفية للدلالة اللفظية الوضعية:

يقسم الحنفية هذه الدلالة إلى أربعة أقسام:
دلالة العبارة، ودلالة الإشارة، ودلالة النص، ودلالة الاقتضاء.

ووجه الحصر عندهم:
أن الدلالة باللفظ إما أن تكون ثابتةً باللفظ، أو لا:
والأولى: إما أن تكون مقصودة منه وهي العبارة، أو لا: وهي الإشارة.
والثانية: إما أن تكون على مسكوت عنه يُفهم بمجرد فهم اللغة وهي دلالة النص، أو يتوقف صحة اللفظ أو صدقه عليه: وهي الاقتضاء. أو لا: وهي التمسكات الفاسدة (12 ).

ثانياً: تقسيم الجمهور للدلالة اللفظية الوضعية:

يقسم الجمهور من الشافعية ومن وافقهم دلالة الألفاظ الوضعية إلى قسمين أساسيين هما:
المنطوق والمفهوم.

ووجه الحصر: أن اللفظ إما أن يَدُلَّ في محل النطق أو لا.
والأول يسمى منطوقاً والثاني مفهوماً، لأن السامع إما أن يتلقى كلاماً موضوعاً لغةً لمعنى وقَصَدَه المتكلمُ، فيَفْهَم ذلك المعنى ضرورة بدون زيادة ولا نقصان، ويسمى حينئذٍ منطوقاً لأنه مدلول عليه في محل النطق.
وإما أن يَفْهَمَ معنى زائداً دلَّ عليه اللفظُ لا في محل النطق فيسمى هذا المعنى مفهوماً (13 ).
وتفصيلهما كما يلي:

أولاً: دلالة المنطوق(14 ):

وهي: ( ما دل عليه اللفظ في محل النطق ) أي: يكون حكماً للمذكور وحالاً من أحواله سواء ذكر ذلك الحكم ونطق به أو لا(15 ).
ومثالها: دلالة قوله تعالى: ( وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن ) [ النساء: 23 ] على تحريم نكاح الربيبة في حجر الرجل من زوجته التي دخل بها.

ثانياً: دلالة المفهوم:

وهي: ( ما دل عليه اللفظ لا في محل النطق ) وذلك بأن يكون حكماً لغير المذكور وحالاً من أحواله (16 ).

ثم إن المفهوم ينقسم إلى مفهوم موافقة ومفهوم مخالفة:

لأن حكم غير المذكور إما موافق لحكم المذكور نفياً وإثباتاً وهذا هو مفهوم الموافقة، ويسمى فحوى الخطاب ولحن الخطاب.
وإما ألا يكون كذلك وهو مفهوم المخالفة ويسمى دليل الخطاب.
ومثال مفهوم الموافقة: فَهْمُ تحريمِ الضَّرْبِ من قوله: ( فلا تقل لهما أف ) [ الإسراء: 23 ]، حيث عُلِمَ من حال التأفيف ـ وهو في محل النطق ـ حالُ الضرب ـ وهو غير محل النطق ـ مع الاتفاق في إثبات الحرمة فيهما.
ومثال مفهوم المخالفة: أن يفهم من مفهوم الشرط في قوله تعالى: ( وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن ) [ الطلاق: 6 ] أنهن إن لم يكنّ أولات حمل فأجلهن بخلافه(17 )(18 ).

والله أعلم ..

__________
حواشي :
(1 ) انظر: مصادر التشريع الإسلامي ومناهج الاستنباط لمحمد أديب الصالح: ( 456 ـ 457 ).
(2 ) انظر أقسام الدلالة في: شرح الكوكب المنير لابن النجار: (1 / 125)، ونهاية السول للآلوسي: (84)، والبحر المحيط للزركشي: (2/ 36)، وتيسير التحرير لأمير بادشاه: (1 / 119)، والتقرير والتحبير لابن أمير الحاج: (1 / 99)، والإبهاج للسبكي: (1 / 204)، وإيضاح المبهم في معاني السلم للدمنهوري: (40 ـ 41)، وموازنة بين دلالة النص والقياس للصاعدي: ( 137 )، وتلقيح الفهوم بالمنطوق والمفهوم للدخميسي: ( 14 ).
(3 ) اختلفت وجهات نظر الأصوليين في التقسيم انظر على سبيل المثال: نهاية السول للآلوسي: (84)، وروضة الناظر لابن قدامة: (1 / 94).
(4 ) الوضع نوعان: لغوي: وهو جعل اللفظ دليلاً على المعنى. ووضع عرفي وشرعي: وهو استعمال الكلمة في غير ما وضعت له في اللغة استعمالاً شائعاً، حتى تدل على المعنى العرفي عند الاطلاق بدون قرينة.
انظر: شرح تنقيح الفصول للقرافي: (20، 22)، وإرشاد الفحول للشوكاني: (85).
(5 ) الطبع والطبيعة: الخليقة والسجية . انظر: التعريفات للجرجاني: ( 182 )، ولسان العرب: ( 8 / 232 ).
(6 ) هذا الحصر دليله الاستقراء والتتبع لا الحصر العقلي. انظر: موازنة بين دلالة النص والقياس للصاعدي: (139).
(7 ) انظر: الكليات لأبي البقاء: (441)، وآداب البحث والمناظرة للشنقيطي: (11، 12)، وموازنة بين دلالة النص والقياس للصاعدي: (137 ـ 139).
(8 ) انظر: موازنة بين دلالة النص والقياس للصاعدي: (140).
(9 ) خالف في ذلك الحنفية فاعتبروا الدلالة غير اللفظية الوضعية مأخذاً للأحكام الشرعية وأطلقوا عليها بيان الضرورة. وسموها بهذا الاسم لحصولها بسبب الضرورة. انظر التقرير والتحبير لابن أمير الحاج: (1/102)، وموازنة بين دلالة النص والقياس للصاعدي: (140ـ 141).
(10 ) التقرير والتحبير لابن أمير الحاج: (1 / 130 )، وموازنة بين دلالة النص والقياس للصاعدي: (149).
(11 ) موازنة بين دلالة النص والقياس للصاعدي: (149 ـ 150).
(12 ) أصول البزدوي: (1 / 117 )، والتقرير والتحبير: (1 / 139 )، وتيسير التحرير لأمير بادشاه: (1 / 86 )، وفواتح الرحموت: (1 / 441)، وأصول الشاشي: (99)، وموازنة بين دلالة النص والقياس للصاعدي: (203)، وأصول الفقه الإسلامي لشلبي: (476)، وأثر اللغة في اختلاف المجتهدين لعبد الوهاب طويلة: (303).
(13 ) أمالي الدلالات لابن بيّه: (84).
(14 ) قال الآمدي: "والمنطوق وإن كان مفهوماً من اللفظ، غير أنه لما كان مفهوماً من دلالة اللفظ نطقاً، خُصَّ باسم المنطوق، وبقي ما عداه معرفاً بالمعنى العام المشترك تمييزاً بين الأمرين". الإحكام في أصول الأحكام: (3 / 66).
(15 ) انظر: مختصر ابن الحاجب بشرح العضد: (253)، وتشنيف المسامع للسبكي: (1 / 329). وانظر اعتراض الآمدي على هذا التعريف في: الإحكام: (3/66).
(16 ) مختصر ابن الحاجب بشرح العضد: (253)، وتشنيف المسامع للسبكي: (1 / 341)، وجمع الجوامع للسبكي: (22).
(17 ) شرح العضد على مختصر ابن الحاجب: (256).
(18 ) قال الدكتور محمد أديب الصالح: " وأنت ترى أنه ـ فيما عدا مفهوم المخالفة ـ يبدو مآل الاصطلاحين اتفاقاً على الدلالات الأربع عند الحنفية والمتكلمين وإن اختلفت في بعض التسميات أو تعددت. على أن اصطلاح الحنفية يبدو أسهل تناولاً وضبطاً للطريق التي تكون دليل الاستنباط. وإن كان اصطلاح المتكلمين يبدو أكثر التصاقاً باللغة في معنى الدلالات. وما دام الأمر يقوم على الاصطلاح في التسمية وليس مجافاة للغة التنزيل، فلا مشاحة في الاصطلاح ". تفسير النصوص: (1 / 619 ـ 620).
 
فتح الله عليكم ونفع بكم الإسلام والمسلمين .
 
عودة
أعلى