المجلسي الشنقيطي
New member
- إنضم
- 29/07/2007
- المشاركات
- 200
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 16
[align=center]الحمد لله
وبعد
إخوتي الفضلاء ...
نظرا لأهمية النظر في سير الصالحين أحببت أن أفتح زاوية هاهنا لذكر بعض الصالحين الذين عرفتهم أحسبهم كذلك
و لا أزكي على الله احدا...وأذكر الخصلة العظيمة التي رأيتها أو تأكدت من فعلهم لها او حرصهم عليها.
وعندي من ذلك عدد غير كثير...لكن قد يتأثر القلب بها ...لأن المرء قد يقول كما كنت أقول ...هل بقي في هذا
الزمان من يحرص على مثل هذا....
فأبدأ بأقرب الناس الي وهو صهري بارك الله فيه....
وسبحان الله ...هذا الرجل مع أنه شبه أمي إلا أن الله رزقه الحلم و الأناة و الصبر العظيم ... وقد جعل الله
له الهيبة عند الناس مع أنه لا سلطة له على احد.
له قصص كثيرة أبدأ بآخرها و قد طويت صفحتها قبل يويمن او يزيد ...
كان تاجرا ...وكان قبل عقدين من الزمان تقريبا يضع بضاعته على الارض في السوق...لم تكن حينئذ دكاكين مبينة
وكانت امرأة عجوز تضع بجواره بضاعتها.....ولم يكن لها عائل فقد مات اولادها في مصيبة ألمت بهم مرة واحدة...ثم
مات زوجها بعد ذلك...فبقيت وحيدة لا تملك الا بقعة في السوق ورثتها عن زوجها..وكان صهري بارك الله فيه رجلا
كريما حييا ..يكره البخل و يراه ذلا وعارا....فكان كلما أعد شيئا من الطعام يدعوها - فهي عجوز في الستين من
عمرها تقريبا..ويجتمعون مع تجار آخرين مثلهم..
ثم توطدت العلاقة فكانت العجوز تأتي لزيارة عائلة صهري و اولاده...وربما أمضت معهم يوما او بعض يوم..
ومرت سنوات قلائل فأرادت العجوز ان تبيع مكانها في السوق...ولم يكن صهري حاضرا...وعلم التجار بذلك
فراودوها ان تبيع لهم..وتأبى عليهم و تقول أريدها لفلان - تقصد صهري .
ولما استيأسوا منها بشروه أن العجوز تريد ان تبيع له بقعتها.
وبالفعل تم البيع......ومرت السنون...وكانت العجوز تزور عائلته ويستقبلونها كأنها منهم
وأختصر فأقول
قبل سنتين انقطعت العجوز ولم تعد تاتي لزيارتهم
فقد اعتادوا ان تزورهم كل يوم أحد
ثم انقطعت
رجع صهري من السفر وسأل عنها فقالوا انها من مدة لم تات كما اعتادت ان تفعل
فقام يبحث عن مسكنها ...فقد اشترت غرفة في منزل مسكون تاوي اليها.
لم يجدها لكنه ترك لها رسالة انه يطلبها لزيارته في بيته
وبالفعل جاءت....ورأوا أنها أصبحت مريضة لا تستطيع حراكا و تمشي بصعوبة...فقرر الرجل الكريم ان تبقى معه
في بيته مع اهله واولاده تحت سمعهم و بصرهم...
وكان موعد حضورها بعد زواج الابن الثاني لصهري...فترك لها هذا الولد الطيب غرفته وما فيها من فراش وثير
ثم بدأوا يذهبون بها الى الاطباء ..طبيب العيون...طبيب كذا....وهكذا
وحماتي لم تقصر معها فكانت تعد لها طعامها وكل ما تحتاج اليه و تغسل لها ثيابها وانتم تعلمون -أعزكم الله -
حال من بلغ أرذل العمر...
وحضرت معهم ذات مرة ليلا...وقد انتهى دواؤها فقام ابن صهري و استقل معي سيارته و ذهب حتى اشتراه
من مكان بعيد بثمن لا بأس به...
المهم ....صارت العجوز لمدة عامين فردا من العائلة....ولكم أن تتخيلوا حال العجوز اذا غضبت او حزنت...كانت رحمها
الله صعبة ....لكن صهري حفظه الله لم يكن ينظر الى سفاسف الامور....
ولكم ان تتخيلوا المصاريف و الادوية و النظافة...خصوصا في بيت يطرقه الاضياف في كل وقت...ولم يكن بيته
بالواسع جدا ......ولكن قلبه كان كبيرا
ولكم ان تتخيلوا وضعيته القانونية اذا ماتت العجوز وهي لا تمت له بصلة...و ليس من عائلتها احد معها...و التحقيق و سين وجيم..
لم يكن أبدا يفكر في ذلك
وما ذكرت لكم في هذه الاسطر القليلة ...هو عصارة عامين و نيف....
ورغم ذلك فلم يكن بالرجل الذي يتزعزع عن مواقف الشهامة و الرجولة طرفة عين ...
وتراه دوما مبتسما...هادئا....حليما ...كأن شيئا لم يكن
وقبل ايام ...لم تعد العجوز تتكلم ...و لا تتحرك ...أحسوا باقتراب اجلها
فأعد الرجل الكريم عدته...وخرج فاشترى كفنا..ولوازم الجنازة
ثم بدأ ينام مع زوجته في غرفتها و يقرأ عليها القرآن...و يحاول ان يلقنها كلمة الاخلاص
وكان النزع طويلا ..يومين تقريبا...
وتوفيت رحمها الله .
وغسلتها زوجته و نساء اخر
واتصل بمن سيأتيه بالطبيب...
وجمع الجيران واخبرهم ان يعدوا عدتهم ليرافقوه في صلاة الصبح مع جنازتها
وذهب بها الى أبعد مسجد حيث يكثر المصلون..و بالفعل كانت جنازتها حافلة
وجاءه الناس و التجار الذين كانوا على معرفة بالعجوز -الى البيت - يقدمون العزاء و يشكرونه على الصبر وهو يرجو الله
الاخلاص كما سمعته ذات مرة....فأكرم زواره على كثرتهم...مع انه يمر بضائقة مالية...ولكنه كما قلت كان يرى البخل
ذلا وعارا...وطويت صفحة قصة العجوز رحمها الله.
وسبحان الله ان علامة الحج المبرور تظهر في الانسان....فقد حج قبل بضع سنين....ثم عاد فأعفى لحيته...وازداد
فضله ... وحبه للقرآن وتأثره به امر مشهود....مع أنه شبه أمي يقرأ و يتتعتع في القرآن.
هذا رجل من الرجال الذين تأثرت بهم في هذا العصر....وليس ممن يؤبه له في المحافل...ولا شهادة عنده و إجازة
وحسبه شهادة التوحيد ....وليس بالمعصوم...أحسبه كذلك و لا أزكي على الله أحدا . [/align]
وبعد
إخوتي الفضلاء ...
نظرا لأهمية النظر في سير الصالحين أحببت أن أفتح زاوية هاهنا لذكر بعض الصالحين الذين عرفتهم أحسبهم كذلك
و لا أزكي على الله احدا...وأذكر الخصلة العظيمة التي رأيتها أو تأكدت من فعلهم لها او حرصهم عليها.
وعندي من ذلك عدد غير كثير...لكن قد يتأثر القلب بها ...لأن المرء قد يقول كما كنت أقول ...هل بقي في هذا
الزمان من يحرص على مثل هذا....
فأبدأ بأقرب الناس الي وهو صهري بارك الله فيه....
وسبحان الله ...هذا الرجل مع أنه شبه أمي إلا أن الله رزقه الحلم و الأناة و الصبر العظيم ... وقد جعل الله
له الهيبة عند الناس مع أنه لا سلطة له على احد.
له قصص كثيرة أبدأ بآخرها و قد طويت صفحتها قبل يويمن او يزيد ...
كان تاجرا ...وكان قبل عقدين من الزمان تقريبا يضع بضاعته على الارض في السوق...لم تكن حينئذ دكاكين مبينة
وكانت امرأة عجوز تضع بجواره بضاعتها.....ولم يكن لها عائل فقد مات اولادها في مصيبة ألمت بهم مرة واحدة...ثم
مات زوجها بعد ذلك...فبقيت وحيدة لا تملك الا بقعة في السوق ورثتها عن زوجها..وكان صهري بارك الله فيه رجلا
كريما حييا ..يكره البخل و يراه ذلا وعارا....فكان كلما أعد شيئا من الطعام يدعوها - فهي عجوز في الستين من
عمرها تقريبا..ويجتمعون مع تجار آخرين مثلهم..
ثم توطدت العلاقة فكانت العجوز تأتي لزيارة عائلة صهري و اولاده...وربما أمضت معهم يوما او بعض يوم..
ومرت سنوات قلائل فأرادت العجوز ان تبيع مكانها في السوق...ولم يكن صهري حاضرا...وعلم التجار بذلك
فراودوها ان تبيع لهم..وتأبى عليهم و تقول أريدها لفلان - تقصد صهري .
ولما استيأسوا منها بشروه أن العجوز تريد ان تبيع له بقعتها.
وبالفعل تم البيع......ومرت السنون...وكانت العجوز تزور عائلته ويستقبلونها كأنها منهم
وأختصر فأقول
قبل سنتين انقطعت العجوز ولم تعد تاتي لزيارتهم
فقد اعتادوا ان تزورهم كل يوم أحد
ثم انقطعت
رجع صهري من السفر وسأل عنها فقالوا انها من مدة لم تات كما اعتادت ان تفعل
فقام يبحث عن مسكنها ...فقد اشترت غرفة في منزل مسكون تاوي اليها.
لم يجدها لكنه ترك لها رسالة انه يطلبها لزيارته في بيته
وبالفعل جاءت....ورأوا أنها أصبحت مريضة لا تستطيع حراكا و تمشي بصعوبة...فقرر الرجل الكريم ان تبقى معه
في بيته مع اهله واولاده تحت سمعهم و بصرهم...
وكان موعد حضورها بعد زواج الابن الثاني لصهري...فترك لها هذا الولد الطيب غرفته وما فيها من فراش وثير
ثم بدأوا يذهبون بها الى الاطباء ..طبيب العيون...طبيب كذا....وهكذا
وحماتي لم تقصر معها فكانت تعد لها طعامها وكل ما تحتاج اليه و تغسل لها ثيابها وانتم تعلمون -أعزكم الله -
حال من بلغ أرذل العمر...
وحضرت معهم ذات مرة ليلا...وقد انتهى دواؤها فقام ابن صهري و استقل معي سيارته و ذهب حتى اشتراه
من مكان بعيد بثمن لا بأس به...
المهم ....صارت العجوز لمدة عامين فردا من العائلة....ولكم أن تتخيلوا حال العجوز اذا غضبت او حزنت...كانت رحمها
الله صعبة ....لكن صهري حفظه الله لم يكن ينظر الى سفاسف الامور....
ولكم ان تتخيلوا المصاريف و الادوية و النظافة...خصوصا في بيت يطرقه الاضياف في كل وقت...ولم يكن بيته
بالواسع جدا ......ولكن قلبه كان كبيرا
ولكم ان تتخيلوا وضعيته القانونية اذا ماتت العجوز وهي لا تمت له بصلة...و ليس من عائلتها احد معها...و التحقيق و سين وجيم..
لم يكن أبدا يفكر في ذلك
وما ذكرت لكم في هذه الاسطر القليلة ...هو عصارة عامين و نيف....
ورغم ذلك فلم يكن بالرجل الذي يتزعزع عن مواقف الشهامة و الرجولة طرفة عين ...
وتراه دوما مبتسما...هادئا....حليما ...كأن شيئا لم يكن
وقبل ايام ...لم تعد العجوز تتكلم ...و لا تتحرك ...أحسوا باقتراب اجلها
فأعد الرجل الكريم عدته...وخرج فاشترى كفنا..ولوازم الجنازة
ثم بدأ ينام مع زوجته في غرفتها و يقرأ عليها القرآن...و يحاول ان يلقنها كلمة الاخلاص
وكان النزع طويلا ..يومين تقريبا...
وتوفيت رحمها الله .
وغسلتها زوجته و نساء اخر
واتصل بمن سيأتيه بالطبيب...
وجمع الجيران واخبرهم ان يعدوا عدتهم ليرافقوه في صلاة الصبح مع جنازتها
وذهب بها الى أبعد مسجد حيث يكثر المصلون..و بالفعل كانت جنازتها حافلة
وجاءه الناس و التجار الذين كانوا على معرفة بالعجوز -الى البيت - يقدمون العزاء و يشكرونه على الصبر وهو يرجو الله
الاخلاص كما سمعته ذات مرة....فأكرم زواره على كثرتهم...مع انه يمر بضائقة مالية...ولكنه كما قلت كان يرى البخل
ذلا وعارا...وطويت صفحة قصة العجوز رحمها الله.
وسبحان الله ان علامة الحج المبرور تظهر في الانسان....فقد حج قبل بضع سنين....ثم عاد فأعفى لحيته...وازداد
فضله ... وحبه للقرآن وتأثره به امر مشهود....مع أنه شبه أمي يقرأ و يتتعتع في القرآن.
هذا رجل من الرجال الذين تأثرت بهم في هذا العصر....وليس ممن يؤبه له في المحافل...ولا شهادة عنده و إجازة
وحسبه شهادة التوحيد ....وليس بالمعصوم...أحسبه كذلك و لا أزكي على الله أحدا . [/align]