أصول ومصادر الشاطبية لرواية ورش عن نافع

بل الصواب هو :

رابعاً : وجه التفخيم من التذكرة خروج عن الطريق لأنّ صاحب التذكرة لم يقرأ به على أبيه أبي الطيّب إلاّ بالترقيق كما هو ظاهرٌ في النشر حيث قال "ورققها الآخرون من أجل الكسرة" من بينهم أبو الطيّب ولم يذكر الأزميري وجه التفخيم لأبي الطيّب دلّ ذلك أنّ مذهبه الترقيق.

وأعتذر عن هذه التعديلات
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد

تحرير : { حيران}

قال أبو الحسن طاهر ابن غلبون عليه رحمة الله تعالى بعدما ذكر الراءات الواقعة بعد الياء سواء كانت الياء مدية أم ليّنة نحو { بصيراً} و {خيرات} : " فورش وحده يقرأ هذه الراء بين اللفظين مع هذه الياء حيث وقعت ..." (التذكرة 1/220).

قال أبو عمرو الداني رحمه الله تعالى عند ذكره للراءات المرققة : " وأمّا ما وليت الراء فيه الياء ، وسواء انفتح ما قبلها أو انكسر ، فذلك نحو قوله {الخيرات} و {حيران} و {الخير} و {الطير} و {لا ضير} و{غيركم} و{المغيرات} و {الفقير} و{خبيراً} و {بصيراً} و {نذيراً} و {قديراً} و {خيراً} و {طيراً} و { وسيراً} وشبهه "(التيسير ص192،193).

وقال : " فأقرأني ابن خاقان {حيرانِ} بإخلاص الفتح لامتناعه من الصرف بكون مؤنثة حيرى ، وكذلك نصّ عليه إسماعيل النحاس في كتابه الأداء ، وكذلك رواه أيضاً عامّة أصحاب أبي جعفر أحمد بن هلال عنه وأقرأنيه غيره بإمالة الراء قياساً على نظائره."(جامع البيان ص354).

أمّا ما ورد في طبعة كتاب النشر ففيه سقط وذلك في المجلّد الثاني في الصفحة السابعة والتسعين عند ذكره للكلمات التي وقع الخلاف فيها لورش فقال : " خامسها (وعشيرتكم). في التوبة فخمها أبو العباس المهدوي وأبو عبد الله بن سفيان وصاحب التجريد وأبو القاسم خلف بن خاقان ونص عليه كذلك إسماعيل النخاس. قال الداني وبذلك قرأت على ابن خاقان وكذلك رواه عامة أصحاب أبي جعفر بن هلال عنه. قال وأقرأنيه غيره بالإمالة قياساً على نظائره انتهى، ورققها صاحب العنوان وصاحب التذكرة وأبو معشر وقطع به في التيسير فخرج عن طريقه فيه. والوجهان جميعاً في جامع البيان والكافي والهداية والتبصرة وتلخيص العبارات والشاطبية. سابعها (وزرك، وذكرك)."(2/97).
أقول : يُلاحظ وجود سقط بين "خامسها (وعشيرتكم)" وبين "سابعها (وزرك، وذكرك)" فالساقط هو " سادسها (حيران)" وقوله : " فخمها أبو العباس المهدوي وأبو عبد الله بن سفيان وصاحب التجريد وأبو القاسم خلف بن خاقان ونص عليه كذلك إسماعيل النخاس. قال الداني وبذلك قرأت على ابن خاقان وكذلك رواه عامة أصحاب أبي جعفر بن هلال عنه. قال وأقرأنيه غيره بالإمالة قياساً على نظائره انتهى، ورققها صاحب العنوان وصاحب التذكرة وأبو معشر وقطع به في التيسير فخرج عن طريقه فيه. والوجهان جميعاً في جامع البيان والكافي والهداية والتبصرة وتلخيص العبارات والشاطبية." هو يخصّ لفظ {حيران} وليس لفظ {عشيرتكم} على ما يظهر في جامع البيان حيث ذكر الداني في جامعه أنّ التفخيم في {حيران} نصّ عليه النحاس ثمّ نقل كلام الداني من جامع البيان.

وخروجاً من هذا الإشكال أنقل كلام العلامة البناء من كتابه إتحاف فضلاء البشر حيث قال بعد ذكره للفظ {وعشيرتكم } : " وأمّا {حيران} بالأنعام ففخمها ابن خاقان وبه قرأ الداني عليه وصاحب التجريد ورققها صاحب العنوان والتذكرة وأبو معشر وقطع به في التيسير وتعقّبه في النشر بأنّه خرج بذلك عن طريقيه فيه وهما جامع البيان والشاطبية " (إتحاف فضلاء البشر ص94).

قال العلامة المتولّي : "بقي من المختلف فيه {حيران} ففخمها صاحب التجريد وابن خاقان وبه قرأ الداني عليه ، ونصّ عليه إسماعيل النحاس ، ورققها صاحب العنوان والتذكرة وأبو مشعر ، وقطع به في التيسير فخرج عن طريقه فيه ، والوجهان في جامع البيان والكافي والهداية والتبصرة وتلخيص العبارات والشاطبية ...." (روض النضير ص274).

أقول : من خلال ما سبق من كلام الأئمة والمحققين يظهر ما يلي :

أوّلاً : ورود وجه الترقيق من التذكرة وبه قرأ الداني على أبي الحسن ، وهو ظاهر التذكرة إذ لم يستثن {حيران} من القاعدة ، وهو ظاهر جامع البيان والنشر والروض أيضاً.

ثانياً : قرأ الداني على ابن خاقان بوجه التفخيم لا غير ، وهو خلاف ما في التيسير الذي قطع فيه بالترقيق حيث ذكرها ضمن أمثلة ما يُرقّق ، فيكون بذلك قد خرج عن طريقه ، وبالتالي فينبغي الأخذ بوجه التفخيم من التيسير حيث روايته لورش من كتابه التيسير هي عن ابن خاقان وهو لم يقرأ عليه إلاّ بالتفخيم كما ذكر في جامع البيان.

ثالثاُ : قرأ الداني على أبي الفتح بالترقيق والدليل عليه قوله في جامع البيان : " وأقرأنيه غيره – أي غير ابن خاقان - بإمالة الراء قياساً على نظائره."


وحينئذ تكون قراءة الداني على ابن خاقان بالتفخيم وعلى أبي الحسن وأبي الفتح بالترقيق ، وبالتالي تحرير لفظ { حيران } مع أوجه البدل كالتالي :

- قصر البدل وعليه الترقيق في { حيران} من التذكرة وبه قرأ الداني على أبي الحسن.

- توسط البدل وعليه التفخيم فيها من التيسير وبه قرأ الداني على ابن خاقان.

- طول البدل وعليه الترقيق فيها من جامع البيان وبه قرأ الداني على أبي الفتح.


أكتفي بما ذكرت وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

محمد يحيى شريف الجزائري.
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد

تحرير (وزرك، وذكرك).

قال ابن غلبون عليه رحمة الله تعالى : " واعلم أنّ في قوله تعالى في (ألم نشرح لك ) : {وزرك} و {ذكرك} وجهين لورش : أحدهما : أن تقرأهما له بين اللفظين من أجل الكسرة التي قبل الراء فيهما ، طرداً لأصله فيها كما تقدّم. والآخر : أن تقرأهما له بالفتح اتّباعاً لما قبلهما وما بعدهما من رؤوس الآي التي قد فتح فيها الراء ، لانفتاح ما قبلها ، لكي تتشاكل رؤوس الآي في الفتح ، فتتفق ولا تختلف " (التذكرة 1/226).

قال أبو عمرو الداني رحمه الله تعالى : "فأمّا قوله في (ألم نشرح) : {وزرك} و {ذكرك} فإنّ أبا الحسن قال لنا : إنّ الراء يحتمل فيها وجهين : الإمالة اليسيرة طرداً للقياس مع الكسرة ، والفتحة للموافقة به بين رؤوس آي السورة التي الراء فيها مفتوحة بإجماع للفتحة التي قبلها ، نحو {صدرك} و {ظهرك} وهذا الذي قاله حسن ، غير أنّه يلزم فيما ضاها ذلك ، نحو {فجرت} و{بعثرت} في الانفطار و {كوّرت} و {سيّرت} ونظائرهما في التكوير ، لأنّ ما قبل ذلك وما بعده من الكلم في الفواصل من السورتين مفتوح ، نحو {انفطرت} و {انكدرت} و {أحضرت}. ولا أعلم خلافاً في مجرى القياس من الإمالة في ذلك لأجل الكسرة " (جامع البيان 354،355).

قال ابن الجزريّ عليه رحمة الله تعالى : "سابعها (وزرك، وذكرك). في ألم نشرح فخمها مكي وصاحب التجريد والمهدوي وابن سفيان وأبو الفتح فارس وغيرهم من أجل تناسب رؤوس الآي. ورققها الآخرون على القياس. والوجهان في التذكرة والتلخيصين والكافي. وقال إن التفخيم فيهما أكثر. وحكى الوجهين في جامع البيان وقال إنه قرأ بالتفخيم على أبي الفتح واختار الترقيق." (النشر 2/97).

قال العلامة المتولي : "فخّم { وزرك} و {ذكرك} عن الأزرق صاحب التبصرة والتجريد والهادي وأبو الفتح ، وكذا صاحب التذكرة والتلخيص والكافي وجامع البيان في أحد الوجهين وبه قرأ الداني على أبي الفتح "(روض النضيرص264).

قال العلامة الضباع "فخمها مكي وصاحب التجريد والهداية والداني في جامعه من قراءته على أبي الفتح، ورققها صاحب العنوان والمجتبي والكامل والإرشاد والشاطبي وأبو معشر والداني في تيسيره وجامعه من قراءته على ابن غلبون وابن خاقان والوجهان في التذكرة والكافي وتلخيص العبارات." (المطلوب ص11).

أقول : من خلال ما سبق من كلام الأئمّة والمحققين يتبيّن ما يلي :

أوّلا : ثبوت الوجهين من التذكرة لابن غلبون ولم يذكر الداني في جامعه بأيّهما قرأ عليه ، والذي يظهر أنّه قرأ عليه بالترقيق لأنّه مذهب أبي الطيّب شيخ أبي الحسن كما يظهر في روض النضير والمطلوب وكذا قول ابن الجزريّ " ورققها الآخرون على القياس"

ثانياً : قراءة الداني على ابن خاقان بالترقيق إذ لم يُشر الداني إلى التفخيم في كتابه التيسير

ثالثاً : ذكر ابن الجزري أنّ الداني قرأ بالتفخيم على أبي الفتح ، ولكنني لم أجد ذلك في جامع البيان. فيبدو أن يكون المحققون من المتأخرين اعتمدوا على ظاهر في إثبات التفخيم لأبي الفتح ، ولم أجد أيضاً كلاماً للعلامة الأزميري في بدائعه يفصل في المسألة. وقد كررت البحث في جامع البيان عن تصريح الداني بقراءته على أبي الفتح بالتفخيم فلم أجد.

رابعاً : قد أهمل الإمام الشاطبيّ عليه رحمة الله وجه التفخيم في (وزرك، وذكرك) مع وروده من طرقه وهو قراءة الداني على أبي الفتح كما هو ظاهر النشر إضافة إلى كونه من المستفاض عند أهل الأداء كما يظهر في النشر وكلام المحققين.

فنخلص مما سبق أنّ تحرير (وزرك، وذكرك) مع أوجه البدل يكون كالتالي :

- قصر البدل وعليه الترقيق في الكلمتين من التذكرة وبه قرا الداني على أبي الفتح.
- توسط البدل وعليه الترقيق في الكلمتين من التيسير وبه قرأ الداني على ابن خاقان.
- طول البدل وعليه التفخيم في الكلمتين اعتماداً على كلام ابن الجزريّ في النشر في كون الداني قد قرأ به على أبي الفتح.


أكتفي بما ذكرت وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد

تحرير لفظ {وزر} :

قال أبو الحسن طاهر ابن غلبون عليه رحمة الله تعالى : وأمّا ما حال بينهما فيه الساكن فكقوله تعالى : {الذكر لتُبيّن } {وما علّمناه الشّعر } و { وزرأخرى } و {غير إخراج} و {إخراجهم} و {إكراههنّ} و{المحراب} ، {وإسرافنا} و { والإشراق} و {عبرة} و {سدرة} و { سرّكم} و {ذو مرّة} و {إسرافا } و{ صهرا} و {ذكرا} وما أشبهه هذا : فورش وحده يقرأ هذه الراء مع هذه الكسرة في هذين الضربين بيسن اللفظين ، حيث وقعا ....." (التذكرة 1/222).

قال أبو عمرو الداني عليه رحمة الله تعالى : "وأقرأني أبو الفتح { وزر} حيث وقع بإخلاص الفتح ، وأقرأني ذلك غيره بالإمالة لأجل الكسرة " (جامع البيان ص354).

قال ابن الجزريّ عليه رحمة الله تعالى : "ثامنها (وزر أخرى) فخمه مكي وفارس بن أحمد وصاحب الهداية والهادي والتجريد. وبه قرأ الداني على أبي الفتح وذكر الوجهين في الجامع. ورققه الآخرون على القياس."(النشر 2/97).


أقول : من خلال ما نقلته من الأقوال يتضح جلياً أنّ وجه التفخيم في {وزر} هي من قراءة الداني على أبي الفتح ، وأمّا وجه الترقيق فهي من قراءته على ابن خاقان وأبي الحسن. وبالتالي فيكون تحرير كلمة {وزر} مع أوجه البدل كالتالي :

- قصر البدل وعليه الترقيق في {وزر} من التذكرة وبه قرأ الداني على أبي الحسن.
- توسط البدل وعليه الترقيق أيضاً من التيسير وبه قرأ الداني على ابن خاقان.
- طول البدل وعليه التفخيم أيضاً من جامع البيان وبه قرأ الداني على أبي الفتح.

أمّا من اعتبر أنّ طول البدل ليس من طرق الداني من جامع البيان كما يظهر من كلام صاحب النشر فيكون على توسط البدل التفخيم والترقيق جميعاً مع إلغاء وجه طول البدل للداني.

وينبغي التنبيه على أنّ الشاطبيّ عليه رحمة الله تعالى قد أهمل وجه التفخيم في {وزر} مع ثبوته من طرقه وهو قراءة الداني على أبي الفتح من جامع البيان ، لذا فينبغي إثبات وجه التفخيم من الشاطبية خاصّة أنّ أبا الفتح لم ينفرد به من طريق الأزرق بل هو مذهب صاحب التبصرة والهداية والهادي والتجريد ، فلا وجه لإهماله ، والعلم عند الله تعالى.
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد

تحرير لفظ {الإشراق} :

قال أبو الحسن طاهر ابن غلبون عليه رحمة الله تعالى : وأمّا ما حال بينهما فيه الساكن فكقوله تعالى : {الذكر لتُبيّن } {وما علّمناه الشّعر } و { وزرأخرى } و {غير إخراج} و {إخراجهم} و {إكراههنّ} و{المحراب} ، {وإسرافنا} و { والإشراق} و {عبرة} و {سدرة} و { سرّكم} و {ذو مرّة} و {إسرافا } و{ صهرا} و {ذكرا} وما أشبهه هذا : فورش وحده يقرأ هذه الراء مع هذه الكسرة في هذين الضربين بين اللفظين ، حيث وقعا في المنوّن والمضاف وكانت الراء في غير طرف في الوصل والوقف جميعاً ، لوجود حركة الراء فيهما ، وفيما كانت الراء فيه طرفاً في الوصل فقط لسكون الراء منه في الوقف." (التذكرة 1/222).

قال أبو عمرو الداني رحمه الله تعالى : "وقد كان شيخنا أبو الحسن يرى إمالة الراء في قوله {والإشراق} لكون حرف الاستعلاء فيه مكسوراً ، وخالف في ذلك عامّة أهل الأداء المصريين وغيرهم ، فأخلصوا الفتح للقاف في ذلك حملاً على ما انعقاد الإجماع على إخلاص الفتح فيه مع كون حرف الاستعلاء فيه مكسوراً نحو { إلى طراط} و {عن الصراط } و {إلى سواء الصراط } وشبهه ، وبذلك قرأت على ابن خاقان وأبي الفتح عن قراءتهما. "(جامع البيان ص353).

قال ابن الجزريّ عليه رحمة الله تعالى : "الثاني عشر منها" (والإشراق). في سورة ص~. رققه صاحب العنوان وشيخه عبد الجبار من أجل كسر حرف الاستعلاء بعد وهو أحد الوجهين في التذكرة وتلخيص أبي معشر وجامع البيان وبه قرأ على ابن غلبون وهو قياس ترقيق (فرق) وفخمه الآخرون وبه قرأ الداني على أبي الفتح وابن خاقان. وهو اختياره أيضاً وهو القياس"(النشر2/98).

أقول : من خلال ما نقلته من كلام الأئمّة عليهم رحمة الله تعالى يتبيّن ما يلي :

أوّلاً : ثبوت وجه الترقيق في {الاشراق} من التذكرة على ما يظهر من كلام أبي الحسن في التذكرة وكلام الداني في جامع البيان ، مع أنّ ابن الجزري نقل عنه الوجهين في النشر ، وقد يكون السبب في ذلك هو ورود وجه التفخيم عن أبي الطيّب شيخ أبي الحسن حيث مذهبه التفخيم كما يظهر من قوله في النشر : "وفخمه الآخرون " ، فتكون قراءة أبي الحسن على أبيه بالتفخيم ، ومن تأمّل عبارة الداني في جامع البيان وهي : "وقد كان شيخنا أبو الحسن يرى إمالة الراء في قوله {والإشراق}" يدرك أنّ أبا الحسن اجتهد في المسألة ، إذ لو قرأ به على أبيه أبي الطيّب لما استعمل الداني تلك عبارة ولما نسب إليه الانفراد في ذلك، والعلم عند الله تعالى.

ثانياً : قراءة الداني على أبي الحسن بالترقيق ، وقراءته على ابن خاقان وأبي الفتح بالتفخيم على ما يظهر من جامع البيان والنشر.

ثالثاً : ذكر الداني أنّ وجه الترقيق انفرد به أبو الحسن عن عامّة أهل الأداء المصريين ، وهذا فيه نظر لأنّ ابن الجزري قد نقل في نشره وجه الترقيق عن صاحب العنوان وشيخه عبد الجبار وأبي مشعر، ولا أظنّ أنّ صاحب النشر يسكت عن انفراد أبي الحسن بوجه إن كان كذلك. أمّا استدلال الداني بالإجماع في تفخيم الراء في ( صراط ، والصراط ) على تضعيف وجه الترقيق في {الاشراق} ، ففيه نظر لتفاوت الطاء عن القاف في القوة بالإطباق ، وهذا التفاوت هو الذي حمل القراء قاطبة على إبقاء صفة الإطباق في { احطتّ } ونحوها خلافاً ل { ألم نخلقكم } حيث اختلفوا في إبقائها لضعف القاف عن الطاء بالانفتاح والله أعلم.


وعلى ما سبق من البيان يكون تحرير كلمة {الاشراق} مع أوجه البدل كالتالي :

- قصر البدل وعليه الوجهان : الترقيق من التذكرة وبه قرأ الداني على أبي الحسن ، والتفخيم وبه قرأ أبو الحسن على أبيه أبي الطيّب على ما يظهر من النشر.

- توسط البدل وعليه التفخيم من التيسير وبه قرأ الداني على ابن خاقان.

- طول البدل وعليه التفخيم من جامع البيان وبه قرأ الداني على أبي الفتح.


أكتفي بما ذكرت وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد

تحرير الراءات المضمومة :

اعلم أخي االحبيب أنّ أبا الحسن طاهر ابن غلبون عليه رحمة الله تعالى لم يرقق الراء لورش إلا إذا كانت مفتوحة بشروط مبسوطة في كتابه التذكرة ولم يتعرّض إلى المضمومة لا من قريب ولا من بعيد ، وهذا يدلّ على أنّه يُفخّم الراء المضمومة لورش من عير خلاف.

قال ابن الجزريّ عليه رحمة الله تعالى : "فإن الأزرق عن ورش رققها في ذلك على اختلاف بين الرواة عنه ، فروى بعضهم تفخيمها في ذلك ولم يجروها مجرى المفتوحة. وهذا مذهب أبي الحسن طاهر بن غلبون صاحب التذكرة وأبي طاهر إسماعيل بن خلف صاحب العنوان وشيخه عبد الجبار صاحب المجتبى وغيرهم وبه قرأ الداني على شيخه أبي الحسن "وروى" جمهورهم ترقيقها وهو الذي في التيسير والهادي والكافي والتلخيصين والهداية والتبصرة والتجريد والشاطبية وغيرها وبه قرأ الداني على شيخه الخاقاني وأبي الفتح ونقله عن عامة أهل الأداء من أصحاب ورش من المصريين والمغاربة. قال وروى ذلك منصوصاً أصحاب النخاس وابن هلال وابن داود وابن سيف وبكر بن سهل ومواس بن سهل عنهم عن أصحابهم عن ورش (قلت) والترقيق هو الأصح نصاً وروايةً وقياساً والله أعلم."(النشر 2/99،100)

قال الأزميري عليه رحمة الله تعالى : " قوله تعالى : أو لم يكفروا بما أوتي موسى من قبل إلى قوله كافرون فيه للأزرق عشرة أوجه : الأوّل إلى الرابع قصر البدل مع الفتح {موسى} وترقيق الرائين من الشاطبية ومع تفخيم {كافرون} فقط من التذكرة في أحد الوجهين على ما وجدنا فيها من ترقيق {ساحران} ومع تفخيم {ساحران} وترقيق {كافرون} من تلخيص ابن بليمة ومع تفخيم {كافرون} من التذكرة وبه قرأ الداني على ابن غلبون ، والخامس والسادس التوسط مع الفتح وتفخيم {ساحران} وترقيق {كافرون} من تلخيص ابن بليمة ومع التقليل وترقيق الرائين من التيسير والشاطبية وبه قرأ الداني على أبي الفتح وابن خاقان ، والسابع إلى العاشر الطول مع الفتح وترقيق الرائين من الشاطبية والكامل والكافي والهداية والتجريد والتبصرة ومع تفخيم {ساحران} وترقيق {كافرون} من طريق أبي مشعر ومع التقليل وترقيق الرائين من الشاطبية والكامل وبه قرأ الداني على أبي الفتح على قول ومع تفخيم {كافرون} فقط من العنوان والمجتبى " (بدائع البرهان ص144).

قال العلامة المتوليّ عليه رحمة الله تعالى : " اختُلف عن الأزرق في الراء المضمومة على ثلاث مذاهب : الأوّل : ترقيقها مطلقاً وهو مذهب الجمهور. الثاني : تفخيمها مطلقاً وهذا مذهب صاحب العنوان ، والمجتبى ، والتذكرة ، وبه قرأ الداني على ابن غلبون. والثالث : ............" (روض النضير ص258).

أقول : من خلاف ما نقلته من كلام الأئمّة والمحققين يظهر ما يلي :

أوّلاً : ورود وجه التفخيم في الراءات المضمومة من التذكرة من غير خلاف ، وبه قرأ الداني على أبي الحسن كما هو في النشر والبدائع.

ثانياً : قراءة الداني بوجه الترقيق على ابن خاقان وأبي الفتح كما يظهر في النشر والبدائع.

ثالثاً : قول ابن الجزريّ عليه رحمة الله تعالى "والترقيق هو الأصح نصاً وروايةً وقياساً والله أعلم." لا يدلّ على ضعف وجه التفخيم ، فكون وجه الترقيق أصحّ في الأداء لا ينفي صحة وجه التفخيم ، والدليل على ذلك إثبات ابن الجزري له من التذكرة وعدم تضعيفه ، وثبوته عن أبي طاهر صاحب العنوان وشيخه عبد الجبار صاحب المجتبى وغيرهم مما يجعل الخلاف معتبراً.

رابعاً : ثبوت وجه التفخيم في الراء المضمومة من طريق التذكرة الذي تشترك فيه طرق الشاطبية وطرق الطيّبة ، يلزم من ذلك إثبات وجه التفخيم من الشاطبية أيضاً ، لأنّه إن ثبت من الطيّبة فإنّه يثبت لا محال من الشاطبية لاتفاقهما في الطريق.

فعلى ما سبق يكون تحرير الراءات المضمومة مع أوجه البدل كالتالي :

- قصر البدل وعليه التفخيم في الراءات المضمومة من التذكرة وبه قرأ الداني على أبي الحسن.
- توسط البدل وعليه الترقيق فيها من التيسير وبه قرأ الداني على ابن خاقان.

- طول البدل وعليه الترقيق فيها من جامع البيان وبه قرأ الداني على أبي الفتح.


أمّا قوله تعالى : (أو لم يكفروا بما أوتي موسى من قبل إلى قوله كافرون) :

- قصر البدل (أوتي) عليه الفتح في (موسى) مع الوجهين في (ساحران) و التفخيم في (كافرون). (وقد تعرضنا لتحرير {ساحران} من قبل فراجعه.)

- توسط البدل (أوتي) عليه التقليل في (موسى) مع الترقيق في (ساحران) و (كافرون).

- طول البدل (أوتي) عليه التقليل في (موسى) مع الترقيق في (ساحران) و (كافرون).

أكتفي بما ذكرت وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.
 
عودة
أعلى