أصول ومصادر الشاطبية لرواية ورش عن نافع

إنضم
10/04/2005
المشاركات
1,122
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
الإقامة
الجزائر
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد

أنّ طرق الأزرق عن ورش من الشاطبية تنحصر فيما رواه الداني في كتبه الأربعة وهي التيسير وجامع البيان والمفردات وكتاب التعريف وكلّ ذلك عن مشايخه الثلاثة وهم : ابن خاقان وفارس بن أحمد وطاهر ابن غلبون من طريق النحاس وابن سيف عن الأزرق عن ورش.

فمن طريق النحاس قرأ الداني على ابن خاقان ، وقرأ ابن خاقان على :

- أبي جعفر أحمد بن أسامة بن أحمد التيجيبي عن النحاس عن الأزرق.

- أبي عبد الله محمد بن عبد الله الأنماطي على أبي جعفر أحمد بن إسحاق بن إبراهيم الخياط على النحاس على الأزرق

- أبي بكر ابن أبي الرجاء عن النحاس عن الأزرق.

وقرأ الداني على أبي الفتح فارس ابن أحمد وهو على أبي حفص عمر ابن أحمد ابن عراك المقرئ المصريّ وهو على أبي جعفر حمدان بن عون بن حكيم المقرئ الخولاني عن النحاس عن الأزرق.

وقرأ الشاطبيّ على النفزيّ وهو على ابن غلاس وهو على أبي داود وهو على الداني وهو على ابن خاقان وهو على أبي عبد الله محمد بن عبد الله الأنماطي على أبي جعفر أحمد بن إسحاق بن إبراهيم الخياط على النحاس على الأزرق


وأمّا طريق بن سيف عن الأزرق فقرأ الداني على طاهر بن غلبون وهو على أبيه عبد المنعم بن غلبون وهو على عبد العزيز بن علي بن أحمد بن محمد بن إسحاق بن الفرج أبي عدي المصري المقرئ وهو على بن سيف عن الأزرق.

أقول : من تأمّل جيّداً يجد أنّ طرق الشاطبية لورش من طريق النحاس تختصّ بقراءة الداني على أبي الفتح وابن خاقان وأمّا طريق ابن سيف فتختصّ بقراءة الداني على طاهر ابن غلبون. وكذا قراءة الشاطبيّ على النفزي على بن غلاس على أبي داود على الداني. إذن فطرق الأزرق من الشاطبية لا تخرج عن قراءة الداني على مشايخه الثلاثة من طريقي النحاس وابن سيف.

وعلى هذا الأساس يمكن أن نحكم على كلّ وجه أو طريق خارج عن الطرق المذكورة بأنّه خارج عن طرق الشاطبية .

وسأقوم بحول الله تعالى بعرض جميع ما ذكره المحررون عن ورش من الأوجه على ما ثبتّ في مصادر الشاطبية بطريقة علمية دقيقة

وأبدأ بأوجه البدل الثلاثة مع وجهي الذات :

ومعلوم أنّه إذا اجتمع بدل وذات فالمقروء به من الشاطبية أربعة أوجه وهي :

- القصر مع الفتح من كتاب التذكرة وبه قرأ الداني على طاهر ابن غلبون صاحب التذكرة
- التوسّط مع التقليل من التيسير وبه قرأ الداني عل ابن خاقان.
- الطول مع الفتح والتقليل.


فأمّا طول البدل فمن جامع البيان على ما يظهر من عبارة الداني حيث قال : " فروى أصحاب أبي يعقوب الأزرق عنه أداء تمكينهنّ تمكيناً وسطاً بزيادة يسيرة وهي كالزيادة التي تزيدها من هذا الطريق في تمطيطهنّ مع تأخّر الهمزة في المتصل والمنفصل مطابقة لمذهبه في التحقيق ..." ثمّ قال : " وبهذا الذي ذكرت قرأت على ابن خاقان وأبي الفتح في رواية أبي يعقوب عن ورش ، وحكيا لي ذلك عن قراءتهما ، وعلى ذلك جماعة المصريين ومن دونهم من أهل المغرب"جامع البيان ص193.
أقول : عبارة الداني : ( زيادة يسيرة على التمكين الوسط ) دلالة على الطول في البدل إضافة إلى تسويتة بالمتصل والمنفصل في المقدار حين قال : "وهي كالزيادة التي تزيدها من هذا الطريق في تمطيطهنّ مع تأخّر الهمزة في المتصل والمنفصل مطابقة لمذهبه في التحقيق " ولأجل ذلك قال العلامة المتولّي في روضه : " وبه – أي بالمد – قرأ الداني على أبي الفتح وابن خاقان على ما في اللطائف – أي لطائف الإشارات للقسطلاني – ويظهر من جامع البيان على ما في البدائع – أي بدائع البرهان للأزميري-. انظر ( الروض النضير ص234) وكتاب المطلوب للعلامة الضباع ص3.
وقد أثبت العلامة الأزميري في بدائعه وجه التوسط في جامع البيان فقال عند تحريره لقوله تعالى { ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر } : " ومن التوسط في الآخر من التيسير والشاطبية وتلخيص ابن بليمة وجامع البيان ويه الداني على أبي القاسم خلف ابن خاقان وأبي الفتح فارس"

أقول : كلام الأزميري رحمه الله تعالى تحتاج إلى نظر لأنّ عبارة الداني في جامع البيان لا تدلّ على التوسط كما ذكرنا وإنّما اعتمد الأزميري على ظاهر النشر حيث لم يذكر ابن الجزري إلاّ التوسط والقصر للداني فالقصر من قراءته على أبي الحسن طاهر ابن غلبون والتوسط من قراءته على أبي الفتح وابن خاقان ولم يذكر وجه المدّ للداني على الإطلاق بل اقتصر في تقريب النشر على كتاب التيسير في عزو وجه التوسط فقال : "وبالتوسط قرأنا من طريق التيسير والتلخيص لابن بليمة والوجيز " انظر تقريب النشر ص95). ولم يذكر وجه الطول للداني ، اللهمّ إلاّ إذا أثبت الأزميري وجه التوسط من جامع البيان على أساس قراءة الداني على ابن خاقان فهذا صحيح لاتفاق التيسير وجامع البيان في ذلك. وأمّا إثباته وجه التوسط على أساس قراءة الداني على أبي الفتح ففيه نظر.

وعلى ما سبق فإنّ وجه القصر في البدل فمن طريق التذكرة وبه قرأ الداني على أبي الحسن طاهر بن غلبون.
وأمّا وجه التوسط فمن طريق التيسير وجامع البيان ولكن من قراءة الداني على ابن خاقان وسببه قراءة الداني على ابن خاقان بالتوسط كما في التيسير وهو نفس الإسناد المذكور في جامع البيان.

وأمّا طول البدل فمن جامع البيان ولكن من قراءة الداني على أبي الفتح فحسب ، لأنّه لم يقرأ عليه بقصر البدل ولا بتوسطه فلم يبق إلاّ وجه الطول.

الآن أعود إلى ذوات الياء إذ المعلوم أنّ وجه الفتح من التذكرة وبه قرأ الداني على أبي الحسن طاهر ابن غلبون ، وأمّا التقليل فقرأ به الداني على ابن خاقان وأبي الفتح كما صرّح بذلك في جامع البيان.
فيكون الفتح مع قصر البدل من التذكرة وبه قرأ الداني على أبي الحسن ابن غلبون
والتقليل مع التوسط والطول به قرأ الداني على ابن خاقان
والتقليل مع الطول وبه قرأ الداني على أبي الفتح

السؤال الآن وهو بيت القصيد :

فمن أين وجه الطول مع الفتح إذن ؟ وقد علمنا أنّ الطول في البدل ثابت في جامع البيان وما قرأ الداني بالفتح على ابن خاقان وابي الفتح ؟ وإنما قرأ بالفتح على أبي الحسن ابن غلبون وهو يختصّ بقصر البدل.

أرجوا من مشايخنا أن ينظروا في المسألة نظرة تأمّل لعلّي أجد ما يشفي علّتي.

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين

محمد يحيى شريف الجزائري
 
السلام عليكم
أخي الشيخ محمد يحيي هذا الموضوع فيه إشكال كبير وأحيلك إلي هذه الفقرة من كلام د/ حميتو ـ حفظه الله ـ وأعتقد أنه تناول الموضوع بطريقة تشفي الغليل .




قال حفظه الله :
2ـ أصله فيما مد للهمزة الواقعة قبل حرف المد واللين مثل قوله تعالى: "ويزداد الذين ءامنوا إيمانا ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمومنون..".
وهذا النوع من أنواع المد مما اختص به ورش من هذه الطريق، قال أبو عمرو في "التعريف":
"وتفرد ورش في رواية أبي يعقوب بزيادة التمكين قليلا لحروف المد واللين إذا تقدمتهن الهمزات، وسواء ظهرن محققات أو مخففات أو ألقى حركتهن على الساكن قبلهن أو أبدلهن، نحو "ءامنوا" و"ءامن" و"بايمان" و"إيمانا" و"لإيلاف قريش" و"إيلافهم" "ومستهزئون" و"هؤلاء ءالهة"، و"من السماء ءاية" وشبهه"( ).

قال أبو جعفر بن الباذش: "وهذا مذهب لورش انفرد به في المد، روى المصريون عن ورش في المد أصلين تفرد بهما، ولم يتابعه أحد من القراء عليهما، أولهما: مد حرف المد واللين إذا تقدمته الهمزة في أول كلمة أو وسطها محققة كانت أو ملقى حركتها على ساكن قبلها أو مبدلة، في اسم كانت أو فعل أو حرف"( ).

وأنكر أبو الحسن بن غلبون مد هذا الأصل لورش إنكارا شديدا كما نبه على ذلك الشاطبي رحمه الله في قوله:
وَمَا بَعْدَ هَمْزٍ ثَابِتٍ أَوْ مُغَيَّرٍ فَقَصْرٌ وَقَدْ يُرْوَى لِوَرْش مُطَوَّلاَ
172 - وَوَسَّطَهُ قَوْمٌ كَآمَنَ هؤُلاَءِ آلِهَةً آتى لِلْإِيمَانِ مُثِّلاَ
173 - سِوى يَاءِ إِسْرَاءيِلَ أَوْ بَعْدَ سَاكِنٍ صَحِيحٍ كَقُرْآنِ وَمَسْئُولاً اسْأَلاَ
174 - وَمَا بَعْدَ هَمْزِ لْوَصْلِ إيتِ وَبَعْضُهُمْ يُؤَاخِذُكُمُ آلانَ مُسْتَفْهِماً تَلاَ
175 - وَعَادً الْأُولى وَابْنُ غَلْبُونَ طَاهِرٌ بِقَصْرِ جَمِيعِ الْبَاب قَالَ وَقَوَّلاَ

وقد وقفت على قوله في "كتاب التذكرة" فوجدته يقول بعد أن ساق قول نافع الآنف الذكر: "قراءتنا قراءة أكابر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، سهل جزل لا نمضغ ولا نلوك، ننبر ولا ننتهر، ونسهل ولا نشدد، نقرأ على أفصح اللغات وأمضاها" ـ قال أبو الحسن:
"فهذا يؤيد لك ما عرفتــك من ترك الإفراط في المـد والإسراف فيه، وأن نافـعا ـ رحمه الله ـ لم يكن يرى إشباع المد في حروف المد واللين بعد الهمزة كقوله: "ءادم" و"ءاخر"... وما أشبه هذا كما يذهب إليه بعض منتحلي قراءة ورش، لأن إشباع المد في هذا كله مضغ ولوك وانتهار وتشديد، وليس بأفصح اللغات وأمضاها، وقد نفى نافع أن تكون قراءته كذلك، فدل هذا منه على أن قراءته في هذه الحروف الواقعة بعد الهمزة إنما كانت بمدهن قليلا بمقدار ما يتبين ما فيهن من المد واللين لا غير كسائر القراء، لأن ذلك هو أفصح اللغات فيهن وأمضاها، وبه يحصل التسهيل وينتفي الانتهار والتشديد، هذا مع ما يؤدي إشباع المد ههنا في كثير منه إلى إحالة المعنى بخروج اللفظ بذلك من الخبر إلى الاستخبار.." ( ).
ذلك مذهب أبي الحسن بن غلبون شيخ أبي عمرو الداني الذي ذهب إليه في قصر هذا الضرب وإنكار زيادة التمكين فيه، وهو مذهب إذا تأملناه وجدناه ينسجم مع طريقة المدرسة الشامية في رواية ورش، فإنها كما تقدم قد اتجهت في أصول الأزرق اتجاها وسطا بين مذاهب المصريين والعراقيين، وهم في هذا الضرب من المد يوافقون مدرسة العراق وقد فصل أبو جعفر بن الباذش مذاهبهم في ذلك. وذكر أن "منهم من ترك زيادة المد في ذلك البتة ـ يعني في هذا القسم ـ إما منكرا لظاهر الرواية أو متأولا لها، وإما مختارا لما الرواية عنده خلافه" قال:
"فحكى أبو الحسن بن كرز عن أبي القاسم بن عبد الوهاب عن الأهوازي عن أبي بكر الشذائي أنه يكره المد في "ءامن" و"ءادم" ونحوه من المفتوح، لئلا يلتبس الاستفهام بالخبر، ولا يكره ذلك في "ايمان" و"أوتوا".

قال: "وكان أبو الحسن الأنطاكي( ) ينكر زيادة المد في الباب كله، وعلى ذلك كان شيخه إبراهيم بن عبد الرزاق وجماعة من نظرائه.
"وإلى إنكار ذلك ذهبت جماعة من المتأخرين منهم طاهر بن غلبون، واعتمدوا في علة إنكار ذلك على التباس الخبر بالاستفهام".
"وقد وضع أبو محمد مكي كتابا يؤيد فيه قول المصريين، وكذلك أبو عبد الله بن سفيان وضع كتابا على الأنطاكي خاصة، إلا انه تعدى فيه الرد عليه إلى التحامل والجفاء"( ).

وقد أفضنا في عرض اختلافهم في هذه المسألة في تراجم كل من ابن سفيان وأبي الحسن علي بن محمد بن بشر الأنطاكي فيما تقدم، وذكرنا لمكي بن أبي طالب في ذلك عدة مؤلفات ينتصر فيها لمذهب المصريين ونقل القيروانيين، ومن ذلك رسالته في "تمكين المد في آمن وآدم ونحوهما" وقد عرضنا في ترجمته أهم محتوياتها ورده بصفة خاصة على من منعوا المد محتجين بالخوف من التباس الخبر بالاستفهام كما ذكر ابن غلبون والأنطاكي ومشيخة الشاميين.
ولم يكن أبو عمرو الداني أيضا ـ وهو من تلاميذ طاهر ابن غلبون ـ مطمئنا إلى زيادة التمكين في هذا الضرب، وإن كان لم يصرح بإنكار ذلك، وهو ما استفاده أبو جعفر بن الباذش من نصوصه في كتبه فقال في الإقناع:
"وكان أبو عمرو عثمان بن سعيد يذهب إلى أن ما جاء عن أهل مصر ليس فيه دليل على زيادة المد في هذا، الأصل وتأول ما ورد عنهم على ما قد ذكروه في كتبهم"( ).

على أن أقوال أبي عمرو المذكور تدل على انه كان يجنح إلى التوسط، وهو ما يستفاد من قوله في "التيسير" "فإن أهل الأداء من مشيخة المصريين الآخذين برواية أبي يعقوب عن ورش يزيدون في تمكين حروف المد واللين زيادة متوسطة على مقدار التحقيق"( ).
وأما كلام أبي عمرو في "جامع البيان" ففيه نوع من الإشكال لأنه ناظر بين ما يمده ورش مما تقدم فيه الهمز على حرف المد وبين ما تأخر فيه، وذلك معناه أنه يأخذ في الضربين بمقدار واحد وهو الإشباع.

قال في "جامع البيان" فصل، وإذا تقدمت الهمزات حروف المد واللين الثلاثة نحو "قولوا ءامنا" "وءاتوا" و"آدم" و"ءازر" و"أن تبوءا" و"جاءانا" و"ايمانكم"و"لإيلاف قريش إيلافهم... فلا خلاف في تمكينهن على مقدار ما فيهن من المد الذي هو صيغتهن، ومقداره مقدار حرف واحد: ألف وياء وواو من غير زيادة، إلا ما اختلف فيه عن ورش.
"فروى أصحاب أبي يعقوب الأزرق عنه أداء تمكينهن تمكينا وسطا بزيادة يسيرة، وهي كالزيادة التي يزيدها من هذا الطريق في تمطيطهن مع تأخر الهمزات في المتصل والمنفصل مطابقة لمذهبه في التحقيق وتحكمها المشافهة، سواء كانت الهمزة قبلهن محققة أو ألقى حركتها على ساكن قبلها أو أبدلت حرفا خالصا، لأنها في حال الإلقاء والبدل ومن أوتي فقد أوتي وقوما ءاخرين.. وما أشبهه على مذهبه، وكذلك هؤلاء ءالهة ومن السماء ءاية وما كان مثله"( ).
فانظر إلى قوله في "التيسير": "زيادة متوسطة على مقدار التحقيق"، وقوله هنا "تمكينا وسطا بزيادة يسيرة" ثم قارن بقوله بعده: "وهي كالزيادة التي يزيدها من هذا الطريق في تمطيطهن مع تأخر الهمزات.." فإنك تجد الاشكال في التنظير بين هذين الضربين مع تفاوتهما في قوة السبب الجالب للمد، ولكن يمكن توجيه قوله على أنه يعني زيادة التمطيط أي المقدار الذي يزيد على التوسط يمثل ما زاد به التوسط على القصر من زيادة في التمكين لورش.
على أن الإمام المنتوري قد تنبه إلى ما في كلام الحافظ من إبهام جعل المؤلفين على مذهبه يحملون أقواله هنا على انه يعني التوسط في مد هذا الضرب مما تقدم فيه السبب على حرف المد، وهو ما فهمه الإمام الشاطبي وأشار إليه بقوله:
"ووسـطه قوم كآمـن هـــؤلاء ءالهة ءاتــى للإيمــان مثــلا

فقال المنتوري معترضا: "ولا أعلم من هؤلاء القوم"؟ ولعلهم الذين صنفوا في القراءات بعد الداني على طريقته وفهموا من كلامه "التوسط" كما فهمه الناظم، وقد وقفت على ذلك في كتب بعضهم، وها أنا أذكر نصوص الحافظ أبي عمرو الداني في كتبه:
ـ قال في التعريف: "وتفرد ورش بزيادة التمكين قليلا لحروف المد واللين إذا تقدمتهن الهمزات... مما لم يقع فيه قبل الهمزات ساكن غير حرف مد ولين"( ).

ـ وقال في "كتاب رواية ورش من طريق المصريين": "فأصحاب أبي يعقوب يزيدون في تمكينهن يسيرا على مذهبه في التحقيق".
ـ وقال في "التيسير": "فإن أهل الأداء من مشيخة المصريين الآخذين برواية أبي يعقوب عن ورش يزيدون في تمكين حروف المد في ذلك زيادة متوسطة على مقدار التحقيق" ( ).

ـ وقال في "التلخيص" و"إيجاز البيان": "يمكنون حروف المد في ذلك تمكينا وسطا من غير إسراف، على مقدار مذهب ورش في تحقيق القراءة وتفكيك الحروف وإشباع الحركات وتبيين السواكن" ـ: ولا يوقف على حقيقة ذلك إلا بالمشافهة".
ـ وقال في "جامع البيان": "تمكينا وسطا بزيادة يسيرة.." وذكر ما تقدم نقله.

ـ وقال في "الاقتصاد": "فروى عنه مدهن زيادة يسيرة كالزيادة التي يزيدها على القراء في مدهن إذا أتت الهمزات بعدهن".
ـ وقال في "إرشاد المتمسكين" و"التمهيد": "إنما هي زيادة يسيرة على مذهب غيره من القراء كمذهبه في الزيادة لحرف المد إذا أتت الهمزة بعده، ألا ترى أن ورشا يشبع المد في ذلك فوق إشباع غيره من القراء إلا حمزة وحده، فكذلك تلك الزيادة سواء، مع الإجماع على أن الزيادة لحرف المد مع تقدم الهمزة كشطر الزيادة في التقدير له مع تأخرها"( ).

ومن مجموع هذه النقول التي أفادنا بها الإمام المنتوري يمكننا أن نتمثل جيدا الرتبة التي يعنيها أبو عمرو ويزول الإبهام واللبس فيما ذكر في جامع البيان وغيره من التنظير بين هذا الضرب وبين ما تقدمت فيه أحرف المد على الهمزات دون تعرض للنظر إلى مذهبه في هذا بالقياس إلى مذهب غيره، وقد تبين من قوله في "التمهيد" و"إرشاد المتمسكين" إنما هي زيادة يسيرة على مذهب غيره، أنه يعنى مقدارا معينا لا يصل إلى الإشباع، وذلك أن مذهب غيره في هذا الضرب هو القصر وحده كما تقدم، أي ما يعبر عنه بمد الصيغة لا غير، ولما كان مد الصيغة عنده فيه زيادة تمكين بالقياس إلى مذهب غيره لأخذه في روايته بطريق التحقيق، فإن الزيادة التي زادها في هذا الضرب مضافة إلى تلك الزيادة التي زاد بها على غيره في مد الصيغة تصل بنا إلى مرتبة الوسط المعبر عنه عند الإمام الشاطبي بقوله: "ووسطه قوم" فلا يبقى مكان لاعتراض من اعترض عليه، وهو نفس ما فهمه أبو الحسن بن بري من أقواله حين قال في منظومته:
"وبعدهـا ثــبت أو تغــيرت فاقصر، وعن ورش توسط ثبت

ولقد عبر أبو عمرو عن هذا بأجلى بيان في قوله السابق: "مع الإجماع على أن الزيادة لحرف المد مع تقدم الهمزة كشطر الزيادة في التقدير له مع تأخرها"، فهذا يدل دلالة واضحة على أن مذهب أبي عمرو في هذا الضرب التوسط.
انتقاد المنتوري على الداني ما ذكره من الإجماع على المد:
ولقد انتقد عليه الإمام المنتوري دعوى الإجماع هذه ولم يسلمها فقال متعقبا له فيما قال:
"لا يوجد الإجماع على ما ذكر، بل أكثر المصنفين للحروف حملوا الرواية على ظاهرها ونصوا في كتبهم على المد في "ءامن" وبابه لورش، وإلى هذا ذهب الإمام أبو الحسن محمد بن أحمد بن أيوب بن شنبوذ والشيخ أبو الفضل محمد بن جعفر بن عبد الكريم الخزاعي، والإمام أبو بكر محمد بن علي الأذفوي، والإمام أبو الطيب عبد المنعم بن عبيد الله بن غلبون الحلبي، والشيخ أبو محمد مكي بن أبي طالب القيسي القيرواني، والمقرئ أبو عبد الله محمد بن سفيان الفقيه، والشيخ أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي، والحافظ أبو علي الحسن بن علي الأهوازي والمقرئ أبو القاسم عبد الوهاب بن محمد بن عبد الوهاب القرطبي، والإمام أبو عبد الله محمد بن شريح الرعيني، والمقرئ أبو الحسين يحيى بن إبراهيم بن البياز اللواتي، والمقرئ أبو علي منصور بن الخير بن يعلى المغراوي المالقي، والشيخ أبو القاسم عبد الرحمن بن أبي بكر بن أبي سعيد بن الفحام القرشي، والشيخ أبو الطاهر إسماعيل بن يخلف بن سعيد العمراني، والمقرئ أبو محمد شعيب بن عيسى بن علي بن جابر الأشجعي اليابري، والأستاذ أبو بكر محمد بن عبد الله بن معاذ اللخمي الاشبيلي، والمقرئ أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن مهلب الثقفي، والأستاذ أبو جعفر أحمد بن علي بن خلف بن الباذش الأنصاري، والشيخ أبو زكريا يحيى بن أحمد بن عتيق القرطبي، والمقرئ أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن عبد الملك الخولاني، والشيخ أثير الدين أبو حيان محمد بن يوسف بن حيان المقرئ الأندلسي نزيل الديار المصرية، وقال الحصري في قصيدته:
"وان تتقدم همزة نحو "ءامنوا و"أوحي" فامدد ليس مدك بالنكر"( )

ولا شك أن هؤلاء الذين سماهم الشيخ المنتوري هم أكابر رجال المدرسة المغربية من المؤلفين إلا يسيرا منهم من المشارقة بدأ بذكرهم، ومعنى هذا أن الإجماع الذي حكاه أبو عمرو الداني على مد هذا الضرب مدا وسطا كشطر الزيادة له في التقدير فيما تأخرت فيه الهمزة، لا مكان له بل هو منتقض بمذهب من ذكرهم الشيخ المنتوري، لكن قد يعتذر لأبي عمرو بكون أكثر من ذكرهم المنتــوري معاصـرون له أو متأخرون عن زمنه.
ومع إمكان الاعتذار لأبي عمرو بما ذكرنا فلا ينبغي أن يغيب عنا أن هؤلاء الأئمة الذين ذهبوا في هذا الضرب إلى الإشباع إنما ينقلون عن أصل مشترك، ولم يتتابعوا هكذا على أمر لا أصل له ولا قائل به، بل إن وجود هذا الأصل ورواية من رواءه من أئمة مدارس الأقطاب وغيرهم هو مفترق الطريق بين المدارس الأدائية في طريق الأزرق عن ورش، وهو حجر الزاوية كما قدمنا في بناء الطراز المغربي القيرواني الذي تميز في رواية ورش بمذهب فني خاص هو ما سماه الحافظ أبو عمرو الداني بـ"الأخذ الشديد على مذهب المشيخة الأولى من المصريين" يعني به الأخذ بمذهب التحقيق والتمكين الشديد، وهو ميسم من المياسم المشتركة بين سائر المدارس المغربية القيروانية منذ عهد التأسيس ابتداء من مذاهب الرواد كأبي عبد الله بن خيرون ورجال مدرسته وانتهاء إلى زمن الأقطاب في المائة الخامسة.
بل إننا نجد الإمام أبا جعفر بن الباذش يجعله مذهب المغاربة مطلقا دون استثناء، فيقول عند ذكره للاختلاف بين الرواة ومشيخة الأداء: "وقد تنازع القراء في هذا الأصل، فمنهم من اخذ فيه لورش بالمد الطويل المفرط، وعلى ذلك المغاربة، وقد قرأت على غير واحد منهم فرأيتهم يفضلونه في المد على ما تأخرت فيه الهمزة نحو جاء ومنهم من زاد في التمكين على نحو ما يزيد مع تأخر الهمزة، ومنهم من ترك زيادة المد في ذلك البتة اما منكرا لظاهر الرواية أو متأولا لها، واما مختارا لما الرواية عنده بخلافه"( ).

وهكذا انتقل بنا ما حكاه ابن الباذش إلى أفق آخر غير ما كنا فيه، أعني إلى الوقوف على مذهبين في هذا الضرب كلاهما يذهب إلى الإشباع فيه، إلا أن المذهب الأول ـ وهو مذهب المغاربة ـ يذهب إلى "المد الطويل المفرط"، وهم يفضلونه على ما تأخر فيه السبب.
ومذهب ثان هو أيضا مذهب الإشباع إلا أنه ينحو نحو التسوية بين المدين الناشئين عن الهمز تقدم او تأخر.
ومال ابن الباذش بعد استعراض هذه المذاهب إلى المذهب الثاني حيث قال:
"والظاهر أن زيادة المد ثابتة عن أهل مصر على خلاف ما سواهم عليه من ترك الزيادة، والذي أختاره الزيادة في مد ذلك وإشباعه من غير إفراط ولا خروج عن حد كلام العرب، فأتبع القوم على ما رووا عن صاحبهم، ويكون ذلك أعون على التمطيط والتجويد الذي نلتزمه، ولا أخرج مع ذلك عن الاستناد إلى علة مجوزة لذلك.." ( ).

ترجيح القيجاطي لمذهب القائلين بالإشباع:
وقد رجح الإمام أبو عبد الله القيجاطي مذهب القائلين بالإشباع واحتج له فقال:
"فإن شيوخ المصريين الآخذين برواية أبي يعقوب جاءت الرواية عنهم نصا وأداء بمد هذا النوع، فاختلف المتأخرون في قبول الرواية وحملها على ظاهرها، وفي تأويلها لمخالفتها لسائر أئمة القراء، إذ لم يات ذلك عن أحد منهم.
"فالذي عليه جمهور المتأخرين حمل الرواية على ظاهرها، وحجتهم في ذلك أن رواية ورش تقتضي التحقيق والتمطيط وأنه متى وجد السبيل إلى تمطيط حروف المد لم يعدل عن ذلك إلى غيره، ألا ترى أنه يمدها مع السواكن ومع الهمزات في الاتصال والانفصال، ويمد حروف اللين مع الهمزات في نحو "شيء" و"سوءّ" و"سوءة" وكهيئة"، ويخالف في ذلك سائر القراء، فظاهر أمره أن يجري حروف المد وحروف اللين مع الهمزات مجرى واحدا، فلا يبعد أن يجري حروف المد إذا تقدمتها الهمزات مجراها إذا تأخرت عنها، ويخالف القراء في ذلك كما خالفهم في حروف اللين".
قال القيجاطي:"وأنكر طائفة من المتأخرين هذا الرأي ونفوا ظاهر الرواية عن نافع، وقالوا بعد هذا: "المد في هذا النوع من اختيار ورش خالف فيه نافعا، لأنه قد كان يخالفه في أمور غير هذا".

وقال الآخرون: إنما كانت المشيخة من المصريين يفرطون في هذا النوع تدريبا للمبتدئين على جهة الرياضة، وإذا كان الأمر على هذا فليس المد من اختيار نافع إذن ولا من رواية ورش عنه".

قال المنتوري: "وكان شيخنا الأستاذ أبو عبد الله القيجاطي ـ رضي الله عنه ـ يأخذ لورش من طريق الداني بالمد المشبع كالمد مع الهمزات إذا تأخرن، وبذلك قرأت عليه وبه آخذ، فقلت له: "تأخذ لورش من طريق الداني بالمد المشبع وهو قد أنكره ورد على من أخذ به؟ فقال لي:
"روى لنا الداني المد عن ورش، وظاهره الإشباع، وتأوله بزيادة ـ قال في بعض كتبه ـ يسيرة، وقال في آخر: متوسطة على مذهبه في التحقيق، فنحن نأخذ بروايته لا بتأويله، ولأن تأويله إخراج للرواية عن ظاهرها ومخالف لما حملها عليه غيره من المصنفين".
قال المنتوري: "واعلم أن المقرئ أبا إسحاق بن عبد الملك سبق شيخنا ـ رحمه الله ـ فأمر في رجزه الذي نظمه في رواية ورش من طريق الداني بإشباع المد لورش في "ءامن" و"بابه"( ).

وهكذا نجد أن مذهب الإشباع في هذا النوع أوسع جمهورا عند المتأخرين من أئمة الأداء في المدرسة المغربية. ويليه عندهم مذهب التوسط وهو ما يستفاد ـ كما قدمنا من أقوال أبي عمرو في كتبه ـ.
توهين مذهب الإفراط:
وأما مذهب الإفراط الذي ذكر ابن الباذش أنه قرأ به على غير واحد من شيوخ المغاربة ورآهم يفضلونه فقال الإمام المنتوري متعقبا له في ذلك: فلا يؤخذ بهذا، لأن الداني قد منع في "كتاب تقدير المد بالحروف" أن تكون الزيادة فرق ألفين ويائين وواوين حسبما تقدم ذكره"( ).
قلت: وهو مقتضى ما نقلناه آنفا من مذهب ابن الطفيل في شرح الحصرية حيث قدر زيادة ورش في تمكين المد عند الإشباع بأنها "تضعيف مد صيغة الحرف مثلين"، وذلك معناه ست حركات أو ثلاث ألفات.

ويؤخذ من هذا أن تضعيفه مرة واحدة هو التوسط ومعناه انه ألف ونصف أي ثلاث حركات، وذلك مؤدى قول أبي عمرو فيما حكى الإجماع عليه فيما تقدم من انه "يمد مدا وسطا كشطر الزيادة له في التقدير فيما تأخرت فيه الهمزة" قال أبو عمرو في "الاقتصاد": "وإليه ذهب غير واحد من شيوخ المصريين، منهم ابن هلال وابن سيف وابن أسامة وأبو جعفر الخياط وغيرهم، وبذلك قرأت على ابن خاقان وأبي الفتح جميعا، ورويا لي ذلك عن قراءتهما متصلا"( ). وبهذا المذهب اخذ رجال المدارس الأصولية في الحواضر المغربية في مذهب أبي عمرو مع جواز الوجوه الثلاثة التي أشار إليها الشاطبي بقوله:
وَمَا بَعْدَ هَمْزٍ ثَابِتٍ أَوْ مُغَيَّرٍ فَقَصْرٌ وَقَدْ يُرْوَى لِوَرْش مُطَوَّلاَ
172 - وَوَسَّطَهُ قَوْمٌ كَآمَنَ هؤُلاَءِ آلِهَةً آتى لِلْإِيمَانِ مُثِّلاَ

واقتصر ابن بري على ذكر وجهين منها: القصر لقالون وورش في أحد الوجهين له، والتوسط لورش وذلك في قوله"
وبعدها ثبتـت أو تغــــيرت فاقصر، وعن ورش توســط ثبت

قال شارحه الأول أبو عبد الله الخراز في "القصد النافع": "وقد تقدم ان العمل على رواية أبي يعقوب، فالعمل إذن على التوسط، وهو الذي ذكر أبو عمرو عن قراءته على أبي القاسم خلف بن خاقان وأبي الفتح الضرير، ولم يذكر القصر إلا من روايته عن أبي الحسن بن غلبون، فقد ثبت التوسط في روايتين بخلاف القصر، وأيضا فإنه لم يذكر في بعض كتبه غيره، فدل ذلك على انه المختار"( ). قال:
"وحجة التوسط انه جعل حكمها متقدمة بخلاف حكمها متأخرة، لأن الهمزة المتأخرة أقوى من المتقدمة في إيجاب المد، وكان قصده بيان حروف المد فاخرج الهمزة من مخرجها، وهذا يتحصل بمد دون إشباع"( ).

ومن فروع البحث في هذا الأصل مبحث في الأوجه الثلاثة التي ذكرها الشاطبي وغيره في مد هذا النوع: أتعتبر هذه الأوجه طرقا عن ورش أم مجرد أوجه؟ والفرق بينهما: أنها إذا كانت طرقا فهي من الخلاف الواجب الذي لا تتم الرواية إلا باستيفائه ـ أعني في الأخذ بطريقة الجمع"، وإذا كانت من قبيل الأوجه فبأي وجه أتى القارئ أجزأه ولا يكون ذلك نقصا في الرواية.
سؤال في الموضوع وجواب أبي العباس المنجور عليه:
ـ ورد سؤال في هذا الموضوع من مدينة فسنطينة بالجزائر من الأستاذ المجود أبي العباس أحمد بن محمد الميسري إلى مدينة فاس، وأجاب عنه الشيخ أبو العباس أحمد بن علي المنجور كما تقدم في ترجمته بأنها أوجه لورش وروايات عنه قال: "فالقصر رواية العراقيين عن ورش، وطريق أبي الأزهر عبد الصمد بن عبد الرحمن بن القاسم العتقي، وقد استقر بالعراق وأقرأ بها رواية ورش عن نافع وأشاعها هنالك، ومن طريق الاصبهاني، وقد روي أيضا من طريق أبي يعقوب، قال الحافظ أبو عمرو في "الاقتصاد": "وإلى هذه ـ يعني رواية القصر ـ ذهب الأكابر من العلماء والحذاق من المقرئين..". ثم قال المنجور: "والتوسط هو الرواية المشهورة عند عامة المصريين من رواية أبي يعقوب، ورواية أبي يعقوب هي التي عليها العمل، وإلى شهرة رواية التوسط أشار صاحب "الدرر اللوامع" بقوله: "وعن ورش توسط ثبت. قال الحافظ إنه قرأ به على ابن خاقان وأبي الفتح من رواية أبي يعقوب ـ قال ـ وحكيا ذلك لي عن قراءتهما، وعلى ذلك عامة المصريين ومن دونهم من أهل المغرب "ثم قال ـ يعني أبا عمرو ـ بعد كلام: وهو الذي يوجبه القياس ويحققه النظر وتدل عليه الآثار وتشهد بصحته، وهو الذي أتولاه وآخذ به".

قال المنجور: "والإشباع أيضا مذكور عن ورش، ولم يذكره صاحب "الدرر اللوامع" لأنه عند الحافظ أبي عمرو ليسس بالقوي، بل أنكره كل الإنكار، ورد على من قال به لأدائه إلى التباس الخبر بالاستفهام.

. ثم قال المنجور بعد كلام وإيراد عدد من النقول: "وتحصل من هذا كله ان القصر والتوسط والإشباع أوجه ثابتة عن ورش من طريق الأزرق، وليس من طريق غيره إلا القصر، ثم نقل عن ابن الجزري قوله في "تقريب النشر":
"فإن لورش من طريق الأزرق في ذلك المد والتوسط والقصر، فبالمد قرانا من طريق العنوان والتبصرة والكافي والهداية والتجريد والهادي وغيرها( )، وبالتوسط قرأنا من طريق التيسير، وتلخيص ابن بليمة والوجيز، وبالقصر قرأنا من طريق التذكرة والشاطبي والإعلان". ثم قال:
"ولا يصح أن يقال انها طرق في قراءة ورش، بمعنى أن بعضهم يقول: ليس لورش إلا القصر ولا يصح غيره، عنه، وآخر يقول: ليس له إلا التوسط ولا يصح عنه غيره، وكذا يقول آخر في الإشباع.

نعم بالنسبة إلى أبي الحسن بن غلبون المشار إليه في قوله ـ يعني الشاطبي ـ: "وابن غلبون طاهر.. إلى قوله "وقولا" يصح أن يقال: في مد حرف المد المتأخر عن الهمز لورش طريقان: طريق ابن غلبون، وليس لورش فيه إلا القصر لأنه كان يمنع المد وينكره ويجعل القول به وهما وغلطا، ويقول ورشا بالقصر أي يجعله قولا له ويمنع أن يكون المد قراءة، ويقول: إنما ذلك على إرادة التحقيق وإعطاء اللفظ حقه فتوهم ذلك إشباعا( ).
قال المنجور: "وطريق الأكثر أنها كلها أوجه ثابتة عن ورش من طريق أبي يعقوب، وإنكار الحافظ الإشباع هو من جهة التوجيه لا من جهة الرواية والله تعالى أعلم"( ).
والسلام عليكم
 
السلام عليكم

أخي الشيخ عبد الرازق جزاك الله خيراً على نقلك لهذا البحث القيّم المفيد إلاّ أنّه لا يَحلّ مشكلتي.

لو افترضنا أنّ ما رواه الداني من مقدار مدّ البدل في جامع البيان هو التوسط فما هو أصل طول البدل من طرق الشاطبية ؟ . و إن كان الداني يريد الطول في البدل كما هو ظاهر عبارته في جامع البيان فيكون هذا الوجه يتماشى مع التقليل في الذوات إذ به قرأ على ابن خاقان وأبي الفتح.

إذن فمن أين نشأ وجه الطول في البدل مع الفتح في الذوات ؟ مع العلم أنّ الفتح في الذوات هو من قراءة الداني على أبي الحسن طاهر ابن غلبون ولم يثبت من هذا الطريق إلاّ القصر في البدل.

- فالقصر مع الفتح من التذكرة وبه قرأ الداني على أبي الحسن طاهر ابن غبلون
- والتوسط مع التقليل من التيسير وبه قرأ الداني على ابن خاقان
- وطول مع التقليل من جامع البيان وبه قرأ الداني على أبي الفتح وابن خاقان
- وأمّا وجه الطول مع الفتح فلم يقرأ به الداني. أقول : فإن لم يقرأ به الداني فلماذا أدرجه المحررون ضمن أوجه الشاطبية ؟
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد


المسألة الثانية : اجتماع البدل مع اللين في نحو {شيء} و {سَوْء}.

فالأوجه المحررة من الشاطبية هي :

- قصر البدل مع التوسط في اللين
- توسط البدل مع التوسط في اللين
- مدّ البدل مع التوسط والمدّ في اللين.

فأمّا قصر البدل مع التوسّط في اللين ففيه نظر لأنّ طاهر ابن غلبون الذي روى عنه الداني قصر البدل لم يرو التوسّط إلاّ في لفظ { شيء } كيف أتت خلافاً لباقي الكلمات نحو { سَوْء } و { سوءة} و{كهيئةً} وغيرها.
قال ابن غلبون في كتابه التذكرة (2/250) : " بتمكين الياء التي قبل الهمزة من قوله (شيء) فيكون مداً متوسطاً تقوية على النطق بالهمزة في هذا الاسم وحده حيث وقع لكثرته ".

قال الداني في جامع البيان ص203 : " وأقرأني أبو الحسن – أي طاهر ابن غلبون – عن قراءته في رواية أبي يعقوب بتمكين الياء من {شيء} و {شيئا} في جميع القرءان لكثرة دورهما لا غير ، وما عدا ذلك بغير تمكين حيث وقع نحو { ولا تيأسوا } ،و { إنّه لا ييأس} و{ مطر السوء } ،و { سوءة أخي } وشبهه "

قال ابن الجزريّ في النشر (1/347) : "وذهب آخرون إلى زيادة المد في (شيء) فقط كيف أتى مرفوعاً أو منصوباً أو مخفوضاً وقصر سائر الباب. وهذا مذهب أبي الحسن طاهر بن غلبون وأبي الطاهر صاحب العنوان وأبي القاسم الطرسوسي وأبي علي الحسن بن بليمة صاحب التلخيص وأبي الفضل الخزاعي وغيرهم. واختلف هؤلاء في قدر هذا المد فابن بليمة والخزاعي وابن غلبون يرون أنه التوسط وبه قرأ الداني عليه "

وقال في تقريب النشر ص 97.: " وذهب آخرون عن الأزرق إلى زيادة المد في (شيء) فقط كيف أتى وقصر باقي الباب وهو الذي في التذكرة والعنوان وتلخيص العبارات وغيرها "

أقول : هذه نصوص في غاية الصراحة على أنّ صاحب التذكرة لم يرو التوسّط إلاّ في {شيء} و {شيئا} لا غير وبذلك قرأ الداني عليه كما صرّح في جامع البيان ، ونذكّر أنّ طريق القصر في البدل من الشاطبية هو من طريق التذكرة لابن غلبون وبه قرأ الداني عليه.

فالسؤال : لماذا أطلق المحررون التوسط على اللين المهموز بجميع أنواعه نحو { ولا تيأسوا } ،و { إنّه لا ييأس} و{ مطر السوء } ،و { سوءة أخي } وشبهه على قصر البدل ، مع أنّ صاحب التذكرة لم يرو التمكين إلاّ في {شيء} و {شيئا}.


وأمّا توسط البدل مع اللين فمن التيسير وبه قرأ الداني على ابن خاقان.

وأمّا طول البدل مع التوسّط في اللين فمن جامع البيان وبه قرأ الداني على أبي الفتح وابن خاقان (انظر جامع البيان ص203).

وأمّا طول البدل مع طول اللين ففيه نظر لأنّ الداني ما قرأ بوجه الطول في اللين ولم يذكره في التيسير وجامع البيان والمفردات ولم يعزه ابن الجزريّ إليه في نشره وتقريبه.

فنخلص مما سبق ذكره أنّ ما حرره العلماء من الأوجه بين البدل واللين يحتاج إلى نظر في قضيتين:

الأولي : عدم تخصيص زيادة المدّ في اللين ب {شيء} و {شيئا} على قصر البدل

الثانية : عدم ثبوت طول البدل مع طول اللين في طرق الشاطبية لأنّ الداني ما قرأ بالطول اللين على مشايخه الثلاثة.

وقد استأنست كثيراً بكلام العلامة المتولّي في روضه حين قال : " وأمّا تحرير المسألة – أي أوجه اللين - من طريق الشاطبية فكما ذكرنا ، فهذا مشهورٌ وتفريعنا عليه ولكنّي لا أدري من أين ذلك ؟ لأنّ طرق الشاطبية التي زادها على التيسير مجهولة وهذا أمرٌ متوقّف على معرفتها ، ولم يُبرّر أحد ممن قال بذلك شيئاً منها " ( روض النضير ص253 طبعة دار الصحابة).



المسألة الثالثة : اجتماع اللين في نحو {شيء} و {سَوْء} مع الذات.

فالأوجه المحررة من الشاطبية هي :

- توسط اللين مع وجهي الذات
- طول اللين مع وجهي الذات
ولا يُمنع منها شيء. وهذا فيه نظر كذلك لأنّ فتح الذات هو من التذكرة وبه قرأ الداني على طاهر ابن غلبون ولم يرد من هذا الطريق إلاّ التوسّط في { شيء} و { شيئاً } كما سبق بيانه. فمن أين ورد وجه توسط اللين المطلق ومدّه على الفتح في الذات ؟
ومن أين ورد وجه المدّ في اللين مع أنّ الداني لم يقرأ به ولم يذكره في كتبه وليس هناك من أهل التحقيق من نسبه إلى الداني.


أكتفي بهذا القدر ، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين


محمد يحيى شريف الجزائري
 
السلام عليكم
أخي الكريم الشيخ محمد يحيي
حتي لا تكثر المواضيع قبل الفراغ من النقطة الأولي (الطول في البدل)
وقبل الحديث في الموضع نحدد محاور الموضوع أولا :
1. هل الداني قرأ بالإشباع أصلا ؟
2. هل قرأ الداني بالفتح علي غير ابن غلبون (أي صاحب القصر )؟
3. هل يجوز التركيب في مثل هذه الحالة ؟

فإن استطعنا أن نضع حلولا لهذه المسائل نستطيع الوصول للحل .

وقبل الشروع في المسألة نذكر الفرق بين بعض المصطلحات عند القراء الخاصة بالنقل :
قال القسطلاني (923) اللآلي السنية شرح المقدمة الجزرية : ( والتلاوة هى : قراءة القرآن ، كالأوراد والأسباع والدراسة .
والأداء هو : عبارة عن الأخذ عن الشيوخ
والقراءة : أعمّهما فإن تطلق علي التلاوة والأداء . )ا.هـ صـ50


النقطة الأولي : هل الداني قرأ بالإشباع أصلا ؟

وسؤالي لكم : من أين أخذتم أن الداني قرأ بالإشباع ؟؟

والسلام عليكم
 
السلام عليكم

أخي الشيخ عبد الرازق أرجوا أن لا أعيد ما ذكرته آنفاً فإنّ ما ذكره الداني في جامع البيان واضح صريح لا يحتاج إلى إعادته
 
السلام عليكم

أخي الحبيب محمد يحيي
المسألة ليست بهذه السهولة ، ولقد أعدت السؤال لكي أعرف هل تغير رأيك أم لا ؟؟
ويبدوا أنك لم تقرأ ما كتبه د/ حميتو جيدا ، فقد فصل يا أخي المسألة تفصيلا جيد وقبل نقل الفقرة الخاصة بالبدل خذ وقتا كافيا في القراءة .

اقرأ معي هذه العبارة للمالقي في الدر النثير وهو يتحدث عن البدل : فمنهم من يشبع المد كما لو تقدم حرف المد علي الهمزة فيسوي بين المد قبل الهمزة وبعدها نحو : (جاءو) ...ثم قال : وهو ظاهر قول الإمام ـ يقصد ابن شريح ـ وأنكره الحافظ ( يقصد الداني ) وأطال في الرد علي أصحاب هذا المذهب في إيجاز البيان والتمهيد وغيرهما ....ثم قال المالقي : ومنهم من أخذ فيه بتمكين وسط وهو دون المد الذي قبل الهمزة وهو مذهبه في التيسير وغيره ..)ص332/333

لاحظ معي يا شيخ محمد أن المالقي ذكر أن الداني ينكر الإشباع ، بل وأحال إلي الكتب التي قام الداني بالرد علي مخالفيه .
وذكر هذا الإنكار أيضا الإمام أبو جعفر بن الباذش من نصوصه في كتبه فقال في الإقناع:
"وكان أبو عمرو عثمان بن سعيد يذهب إلى أن ما جاء عن أهل مصر ليس فيه دليل على زيادة المد في هذا، الأصل وتأول ما ورد عنهم على ما قد ذكروه في كتبهم).


قال في "جامع البيان" فصل، وإذا تقدمت الهمزات حروف المد واللين الثلاثة نحو "قولوا ءامنا" "وءاتوا" و"آدم" و"ءازر" و"أن تبوءا" و"جاءانا" و"ايمانكم"و"لإيلاف قريش إيلافهم... فلا خلاف في تمكينهن على مقدار ما فيهن من المد الذي هو صيغتهن، ومقداره مقدار حرف واحد: ألف وياء وواو من غير زيادة، إلا ما اختلف فيه عن ورش.

"فروى أصحاب أبي يعقوب الأزرق عنه أداء تمكينهن تمكينا وسطا بزيادة يسيرة، وهي كالزيادة التي يزيدها من هذا الطريق في تمطيطهن مع تأخر الهمزات في المتصل والمنفصل مطابقة لمذهبه في التحقيق وتحكمها المشافهة، سواء كانت الهمزة قبلهن محققة أو ألقى حركتها على ساكن قبلها أو أبدلت حرفا خالصا، لأنها في حال الإلقاء والبدل ومن أوتي فقد أوتي وقوما ءاخرين.. وما أشبهه على مذهبه، وكذلك هؤلاء ءالهة ومن السماء ءاية وما كان مثله"( ).
فانظر إلى قوله في "التيسير": "زيادة متوسطة على مقدار التحقيق"، وقوله هنا "تمكينا وسطا بزيادة يسيرة" ثم قارن بقوله بعده: "وهي كالزيادة التي يزيدها من هذا الطريق في تمطيطهن مع تأخر الهمزات.." فإنك تجد الاشكال في التنظير بين هذين الضربين مع تفاوتهما في قوة السبب الجالب للمد، ولكن يمكن توجيه قوله على أنه يعني زيادة التمطيط أي المقدار الذي يزيد على التوسط يمثل ما زاد به التوسط على القصر من زيادة في التمكين لورش.
على أن الإمام المنتوري قد تنبه إلى ما في كلام الحافظ من إبهام جعل المؤلفين على مذهبه يحملون أقواله هنا على انه يعني التوسط في مد هذا الضرب مما تقدم فيه السبب على حرف المد، وهو ما فهمه الإمام الشاطبي وأشار إليه بقوله:
"ووسـطه قوم كآمـن هـــؤلاء ءالهة ءاتــى للإيمــان مثــلا

فقال المنتوري معترضا: "ولا أعلم من هؤلاء القوم"؟ ولعلهم الذين صنفوا في القراءات بعد الداني على طريقته وفهموا من كلامه "التوسط" كما فهمه الناظم، وقد وقفت على ذلك في كتب بعضهم، وها أنا أذكر نصوص الحافظ أبي عمرو الداني في كتبه:
ـ قال في التعريف: "وتفرد ورش بزيادة التمكين قليلا لحروف المد واللين إذا تقدمتهن الهمزات... مما لم يقع فيه قبل الهمزات ساكن غير حرف مد ولين"( ).

ـ وقال في "كتاب رواية ورش من طريق المصريين": "فأصحاب أبي يعقوب يزيدون في تمكينهن يسيرا على مذهبه في التحقيق".
ـ وقال في "التيسير": "فإن أهل الأداء من مشيخة المصريين الآخذين برواية أبي يعقوب عن ورش يزيدون في تمكين حروف المد في ذلك زيادة متوسطة على مقدار التحقيق" ( ).

ـ وقال في "التلخيص" و"إيجاز البيان": "يمكنون حروف المد في ذلك تمكينا وسطا من
غير إسراف، على مقدار مذهب ورش في تحقيق القراءة وتفكيك الحروف وإشباع الحركات وتبيين السواكن" ـ: ولا يوقف على حقيقة ذلك إلا بالمشافهة".
ـ وقال في "جامع البيان": "تمكينا وسطا بزيادة يسيرة.." وذكر ما تقدم نقله.

ـ وقال في "الاقتصاد": "فروى عنه مدهن زيادة يسيرة كالزيادة التي يزيدها على القراء في مدهن إذا أتت الهمزات بعدهن".ـ وقال في "إرشاد المتمسكين" و"التمهيد": "إنما هي زيادة يسيرة على مذهب غيره من القراء كمذهبه في الزيادة لحرف المد إذا أتت الهمزة بعده، ألا ترى أن ورشا يشبع المد في ذلك فوق إشباع غيره من القراء إلا حمزة وحده، فكذلك تلك الزيادة سواء، مع الإجماع على أن الزيادة لحرف المد مع تقدم الهمزة كشطر الزيادة في التقدير له مع تأخرها"( ).

ومن مجموع هذه النقول التي أفادنا بها الإمام المنتوري يمكننا أن نتمثل جيدا الرتبة التي يعنيها أبو عمرو ويزول الإبهام واللبس فيما ذكر في جامع البيان وغيره من التنظير بين هذا الضرب وبين ما تقدمت فيه أحرف المد على الهمزات دون تعرض للنظر إلى مذهبه في هذا بالقياس إلى مذهب غيره، وقد تبين من قوله في "التمهيد" و"إرشاد المتمسكين" إنما هي زيادة يسيرة على مذهب غيره، أنه يعنى مقدارا معينا لا يصل إلى الإشباع، وذلك أن مذهب غيره في هذا الضرب هو القصر وحده كما تقدم، أي ما يعبر عنه بمد الصيغة لا غير، ولما كان مد الصيغة عنده فيه زيادة تمكين بالقياس إلى مذهب غيره لأخذه في روايته بطريق التحقيق، فإن الزيادة التي زادها في هذا الضرب مضافة إلى تلك الزيادة التي زاد بها على غيره في مد الصيغة تصل بنا إلى مرتبة الوسط المعبر عنه عند الإمام الشاطبي بقوله: "ووسطه قوم" فلا يبقى مكان لاعتراض من اعترض عليه، وهو نفس ما فهمه أبو الحسن بن بري من أقواله حين قال في منظومته:
"وبعدهـا ثــبت أو تغــيرت فاقصر، وعن ورش توسط ثبت

ولقد عبر أبو عمرو عن هذا بأجلى بيان في قوله السابق: "مع الإجماع على أن الزيادة لحرف المد مع تقدم الهمزة كشطر الزيادة في التقدير له مع تأخرها"، فهذا يدل دلالة واضحة على أن مذهب أبي عمرو في هذا الضرب التوسط. ))ا.هـ
والسلام عليكم
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم

إنّ المشكلة ليس في إثبات وجه طول البدل للداني بل هذا يحتاج إلى نظر وبحث دقيق وأوافقك في ذلك أخي الحبيب

وإنّما المشكلة في إثبات أنّ ما زاده الأمام الشاطبيّ على التيسير من مصادر وأصول الشاطبية وهو قراءة الداني على مشايخه الثلاثة.

وما ذهبت إليه من أنّ عبارة الداني في جامع البيان مرادها التوسط في البدل ، يزيد الطين بلّة ويُعقّد الأمور أكثر ويجعلني أحتار أكثر في مصدر طول البدل من الشاطبية أي من أين نشأ وجه طول البدل من الشاطبية مع أن الداني لم يقرأ به إن سلمنا ذلك مع العلم أنّ إسناد الشاطبيّ يمرّ على الداني لا محال ؟

وإنّي لست معترضاً على زيادات القصيد وما ينبغي لمثلي ولكنّي أريد أن أفهم ما هو الضابط في الحكم على وجه من الأوجه أنّه خارج من طرق الشاطبية أم ليس خارجاً. فالأمور ليس واضحة ولا مضبوطة ولا محصورة

أسأل الله تعالى أن يزيدنا علماً وفهماً

والسلام عليكم
 
والسلام عليكم
أخي الحبيب الشيخ محمد يحيي
نعم هكذا بدأنا نضع أيدينا علي جوهر الإشكال ولكن أريد أن أنبه علي أمور:
قولكم : وما ذهبت إليه من أنّ عبارة الداني في جامع البيان مرادها التوسط في البدل ، يزيد الطين بلّة ويُعقّد الأمور أكثر ويجعلني أحتار أكثر في مصدر طول البدل من الشاطبية أي من أين نشأ وجه طول البدل من الشاطبية مع أن الداني لم يقرأ به إن سلمنا ذلك مع العلم أنّ إسناد الشاطبيّ يمرّ على الداني لا محال ؟

أقول : هذا ليس كلامي بل كلام د/ حميتو أنا أزدت فقط قول المالقي .

وقولكم : وإنّما المشكلة في إثبات أنّ ما زاده الأمام الشاطبيّ على التيسير من مصادر وأصول الشاطبية وهو قراءة الداني على مشايخه الثلاثة.))
أقول : هذا سؤال رائع وهو مكمن المشكلة ، نعم سيدي الفاضل الشاطبية أساسها طرق الداني ، ولكن أريد أن أسأل سؤالا : هل الداني ذكر جميع أسانيده التي قرأ بها ؟؟

تعال معي سيدي الفاضل ننظر ماذا قال الداني في جامع البيان بعد انتهائه من ذكر أسانيد القراء والرواة : فهذه الأسانيد التي أدت إلينا القراءة من أئمة السبعة بالأمصار من الرويات والطرق المذكورة في صدر الكتاب قد ذكرناها علي حسب ما انتهت إلينا رواية وتلاوة وتركنا كثيرا منها اكتفاء بما ذكرناها عن ما سواه مع رغبتنا في الاختصار وترك الإطالة والإكثار وبالله التوفيق والله تعالي أعلم ))ا.هـ صـ145

وقال في التيسير : وقال أبو عمرو فهذه بعض الأسانيد التي أدت إلينا الروايات رواية وتلاوة وبالله التوفيق)ص17

ولاحظ معي قوله : وتركنا كثيرا منها اكتفاء بما ذكرناها عن ما سواه مع رغبتنا في الاختصار وترك الإطالة والإكثار) وفي التيسير ذكر (بعض الأسانيد ) هذا يدلك علي أن هناك طرقا صحيحة مأخوذة بها لم يذكرها الداني اختصارا ...وبهذا قد يزول الإشكال ، ونستطيع أن نقول : إن الإمام الشاطبي له دراية بهذه الطرق التي جنح إليها وخرج بها عن طرق الداني المذكورة .

ومع ذلك فخروج الشاطبي مقيد بما صح واشتهر ، ولذا لم يقبلوا منه الخلاف في (يؤاخذ) .

بينما قبلوا منه الخروج في (هئت) لأن الوجه كان صوابا ومعروفا ولذا قال ابن الجزري في هذا الموضع : (قلت) وليس الأمر كما زعم أبو علي ومن تبعه والحلواني ثقة كبير حجة خصوصاً فيما رواه عن هشام وقالون على أنه لم ينفرد بها على زعم من زعم بل هي رواية الوليد بن مسلم عن ابن عامر وروى الدجواني عن أصحابه عن هشام بكسر الهاء مع الهمز وضم التاء وهي رواية إبراهيم بن عباد عن هشام قال الداني في جامعه وهذا هو الصواب (قلت) ولذلك جمع الشاطبي بين هذين الوجهين عن هشام في قصيدته فخرج بذلك عن طريق كتابه لتحري الصواب))ا.هـ

وقال أيضا عند حديثه في نحو (من آمن، قد أفلح، قل إني، عذاب أليم، يؤده إليك) وقفا لحمزة قال : ...وقد غلط من نسب تسهيله إلى أبي الفتح ممن شرح قصيدة الشاطبي وظن أن تسهيله من زيادات الشاطبي على التيسير لا على طرق التيسير.فإن الصواب أن هذا مما زاد الشاطبي على التيسير وعلى طرق الداني (ثم ذكر قول الداني ثم قال : (قلت) : والوجهان من النقل والتحقيق صحيحان معمول بهما وبهما قرأت وبهما آخذ والله أعلم.))ا.هـ1/496
فقد أخذ بزيادة الوجه مع إقراره بخروج الشاطبي عن طرق التيسير .

والخلاصة : صحة الوجه مع شهرته فيه تسامح عند الخروج من الطريق .
ولنا عودة فيما بعد .
والسلام عليكم
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم

أخي الشيخ عبد الرازق أنّ الرواية لا تثبت بالظنّ والاحتمال وليس لك أيّ مبرر أن تحتجّ بوجه يحتمل أن يكون الداني قد قرأه ، فالقراءة والرواية لا تُبنى على هذا الأساس باللعكس فإنّها تُبني على عزو كلّ وجه إلى أصله وراويه ، بل أساس التحريرات والتحقيقات الذي بذل فيها علماؤنا أقصى جهودهم لدلالة على أهمّية الاعتماد على المصادر والأصول. ولا شكّ أنّ الثابت بالنصّ والرواية أقوي من غيره لذا قدّم المغاربة وجه السكت على الوصل بين السورتين لورش.

قد يحتمل أن يكون الداني قد قرأ بوجه البسملة أو الوصل بين السورتين ولكنّ هل هناك ما يدلّ عليه من النصوص الصريحة التي وصلتنا ، إن لم يكن هناك نقل صريح فيبقى الأمل محتمل وثابت بالظنّ ولو اشتهر واستفاض عند المغاربة ، ولا بدّ من التفريق بين ما ثبت بالنًص عن الداني وبين ما ثبت بالقياس والظنّ ما دمنا نتكلّم عن مصادر الشاطبية.

وتعلم جيّداً أخي الكريم أنّ المحررين والمحققين أسقطوا بعض الأوجه لخروجها من مصادر وطرق الحرز وتركوا بعض الأوجه التي مع الوقت يبيّن أنّ الداني ما قرأ بها أو قرأ بها على بعض مشايخه دون البعض فظهر خلط بين الطرق. أتساءل الآن لماذا ؟ ما هو الضابط ؟ كيف نغضّ الطرف عن هذه المسئل مع وجود غموض في المسألة ؟ وليس الهدف تخطئة هؤلاء ، وإن كنتَ لا تبالي بهذا الغموض فليس لك أن تُلزمني بذلك أو أن تثبطني على البحث ، فلست من أولائك الذين يقبلون جميع ما يُروّج أو ما يُكتب في الكتب. وليس المراد من كلامي هذا إسقاط بعض الأوجه التي تلقيناها من الشاطبية ولكن على الأقل أن نكون عارفين ومميّزين بين ما يدخل ضمن طرق الشاطبية وبين ما لا يدخل وفق أسس وقواعد واضحة لا غموض فيه.

وللأسف فإننا قد لا نجد من يجيب على هذه التساؤلات حتّى من طرف من يشار إليهم بالبنان والسبب هو ترك البحث والتحقيق في المسائل بل أصبح ما يثار من هذه القضايا لأجل مجرّد الفهم والمعرفة أمرٌ مستغرب إلى درجة الاستنكار الشنيع مع سوء الأدب لا حول ولا قوّة إلاّ بالله ، ولست أقصدك أخي الحبيب.

محمد يحيى شريف الجزائري
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد

المسألة الرابعة : اجتماع البدل مع الهمزتين المفتوحتين من كلمة نحو { آنذرتهم }

لا يخفى أنّ حكم الهمزتين المجتمعتين من كلمة لورش هو تحقيق الأولى وإبدال الثانية حرف مدّ أو تسهيلها بين بين. لقول الشاطبيّ عليه رحمة الله تعالى :

وقل ألفاً عن أهل مصر تبدّلت .........لورش وفي بغداد يُروى مسهّلا

فإذا اجتمع هذا النوع من الهمزتين مع البدل فسنحصل على ستّة أوجه وهي إبدل الثانية حرف مدّ أو تسهيلها بين بين وكلّ منهما على ثلاثة البدل ولا يُمنع منها شيء. وهو ما عليه المحررون الآن.

إلاّ أنّ وجه الإبدال مع قصر البدل يحتاج إلى نظر. وذلك لأنّ صاحب قصر البدل وهو طاهر ابن غلبون لم يرو إلاّ وجه التسهيل. قال طاهر ابن غلبون في كتابه التذكرة (1/111) عند ذكره للهمزتين المفتوحتين من كلمة : " فقرأ الحرميان وأبو عمرووهشام ورويس بتحقيق الهمزة الأولى ، وجعلوا الثانية بين بين ، فصارت كالمدّة في اللفظ في جميع القرءان "

قال ابن الجزري عليه رحمة الله تعالى : " وسهلها عنه بين بين صاحب العنوان وشيخه الطرسوسي وأبو الحسن طاهر بن غلبون وأبو علي الحسن بن بليمة وأبو علي الأهوازي وغيرهم " (النشر 1/363). انظر تقريب النشر.

وممّا يُقوّي ما ذكرت هو أنّ طرق قصر البدل من الشاطبية والطيّبة وهي التذكرة لابن غلبون ، وتلخيص العبارات لابن بلّيمة وإرشاد لأبي الطيّب عبد المنعم بن غلبون على ما ذكر الشيخ سلطان المزاحي وبه قرأ الأزميري على بعض شيوجه (انظر المطلوب للعلامة الضباع ص3 والروض النضير ص234) ، قد اكتفوا بوجه التسهيل لا غير في نحو { ءأنذرتهم}.

فأمّا كتاب التذكرة فظاهرٌ ، وأمّا تلخيص العبارات فقال ابن بليمة : " فقرأ الحرميان وأبو عمرو وهشام بتحقيق الهمزة الأولى ، وجعلوا الثانية بين بين فصارت مدّة في سائر القرءان." ( تلخيص العبارات ص27). قال ابن الجزري : " وسهلها عنه – أي عن الأزرق - بين بين صاحب العنوان وشيخه الطرسوسي وأبو الحسن طاهر بن غلبون وأبو علي الحسن بن بليمة وأبو علي الأهوازي وغيرهم." (1/363).
وأمّا كتاب الإرشاد فلا شكّ أنّ مذهبه هو التسهيل وبذلك قرأ عليه طاهر ابن غلبون ، إذ قد علمنا أنّ طاهر بن غلبون ما روى إلاّ التسهيل في الهمزتين وروايتة لورش في كتابه التذكرة هي عن أبيه أبي الطيّب صاحب الأرشاد ، إذن فيكون مذهب أبي الطيّب هو التسهيل في الهمزتين لا غير.

فيتبيّن من خلال ما سبق أنّه لم يثبت من طرق قصر البدل سواء من الشاطبية أو من الطيّبة إلاّ التسهيل في نحو { آلذكرين} والعلم عند الله تعالى.

أكتفي بهذا القدر ، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين


محمد يحيى شريف الجزائري
 
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد

أخي الحبيب الشيخ محمد يحيي

في هذه المداخلة سأجيب علي سؤال واحد من كلامك قبل الأخير ، وهذا الجواب شاف كاف ـإن شاء الله ـ ولكن قبل الجواب أحب أن أنبه لأمر ، لست مما لا يبالون كما تفضلتم وقلتم بقضايا الغموض وانظر أخي لقولكم : (وإن كنتَ لا تبالي بهذا الغموض فليس لك أن تُلزمني بذلك أو أن تثبطني على البحث ، فلست من أولائك الذين يقبلون جميع ما يُروّج أو ما يُكتب في الكتب.) ولكن مسألة الإشباع في البدل لا غموض فيها وقد تبين لك أن الداني لم يقرأ بالإشباع ، وقد د/ حميتو جميع الأقوال التي قالها الداني .. فمن أين ستأتي بالدليل ؟؟ اللهم إلا أن تطلب أن يحيي الله لك الداني فيخبرك ثم يموت مرة أخري مثل الذي حدث في قصة البقرة لبني إسرائيل ، وليس أخي الكريم تثبيطا لك ، بل نتائج قد وصلنا إلينا والأقوال أمام انظر فيها بهدوء .

وجوابي سيكون علي قولكم : ((أخي الشيخ عبد الحكيم عبد الرازق أنّ الرواية لا تثبت بالظنّ والاحتمال وليس لك أيّ مبرر أن تحتجّ بوجه يحتمل أن يكون الداني قد قرأه ، فالقراءة والرواية لا تُبنى على هذا الأساس باللعكس فإنّها تُبني على عزو كلّ وجه إلى أصله وراويه ، بل أساس التحريرات والتحقيقات الذي بذل فيها علماؤنا أقصى جهودهم لدلالة على أهمّية الاعتماد على المصادر والأصول. ولا شكّ أنّ الثابت بالنصّ والرواية أقوي من غيره لذا قدّم المغاربة وجه السكت على الوصل بين السورتين لورش.

قد يحتمل أن يكون الداني قد قرأ بوجه البسملة أو الوصل بين السورتين ولكنّ هل هناك ما يدلّ عليه من النصوص الصريحة التي وصلتنا ، إن لم يكن هناك نقل صريح فيبقى الأمل محتمل وثابت بالظنّ ولو اشتهر واستفاض عند المغاربة ، ولا بدّ من التفريق بين ما ثبت بالنًص عن الداني وبين ما ثبت بالقياس والظنّ ما دمنا نتكلّم عن مصادر الشاطبية.))

الجواب : أخي الكريم تحثني علي عدم الأخذ بالظن والاحتمال ثم تأتي أنت وتظن وتحتمل فقولكم " قد يحتمل أن يكون الداني" وقولكم " فيبقى الأمل محتملا وثابتا بالظنّ" فكل ما سبق احتمال من فضيلتكم وظن ، ولا يوجد فيها قطع في شئ ، فقد أجزت لنفسك الظن وعاتبت الآخرين عليه .

ونرجع لأصل قولكم : ((أخي الشيخ عبد الحكيم عبد الرازق أنّ الرواية لا تثبت بالظنّ والاحتمال وليس لك أيّ مبرر أن تحتجّ بوجه يحتمل أن يكون الداني قد قرأه))

الجواب : أكتفي بالنقل لكم من كتاب النشر وكتب المحررين ، وسوف تشبع من قولهم : يحتمل ـ احتمال ـ احتمالا ـ



قال في النشر : وأما عسى فذكر إمالتها له كذلك صاحب الهداية والهادي ولكنهما لم يذكرا رواية السوسي من طرقنا وأما: أنى، ويا ويلتي، وياحسرتي فروى إمالتها بين بين من رواية الدوري عنه صاحب التيسير وصاحب الكافي وصاحب التبصرة وصاحب الهداية وصاحب الهادي وتبعهم على ذلك أبو القاسم الشاطبي، وأما يا أسفي فروى إمالته كذلك عن الدوري عنه بغير خلاف كل من صاحب الكافي وصاحب الهداية وصاحب الهادي وهو يحتمل ظاهر كلام الشاطبي وذكر صاحب التبصرة عنه فيها خلافاً وأنه قرأ بفتحها ونص الداني على فتحها له دون أخواتها وروى فتح الألفاظ السبعة عن أبي عمرو من روايتيه سائر أهل الداء من المغاربة والمصريين وغيرهم وبه قرأ الداني على أبي الحسن.))ص2/117

قال في النشر : فقال (كلتا الجنتين) بالألف يعني بالفتح في الوقف وأما (إلى الهدى ايتنا) على مذهب حمزة في إبدال الهمزة في الوقف لفاً قال الداني في جامع البيان يحتمل وجهين الفتح والإمالة فالفتح على أن الألف الموجودة في اللفظ بعد فتحة الدال هي المبدلة من الهمزة دون ألف الهدى والإمالة على أنها ألف الهدى دون المبدلة من الهمزة قال والوجه الأول أقيس لأن لف الهدى قد كانت ذهبت مع تحقيق الهمزة في حال الوصل فكذا يجب أن تكون مع المبدل منها لأنه تخفيف والتخفيف عارض انتهى. وقد تقدم حكاية ذلك عن أبي شامة في أواخر باب وقف حمزة ولاشك أنه لم يقف على كلام الداني في ذلك والحكم في وجه الإمالة للأزرق عن ورش كذلك والصحيح المأخوذ به عنهما هو الفتح والله أعلم.)2/144

قال في النشر : وقد تبعه فيما ذكره أبو القاسم الشاطبي رحمه الله وزاد عليه احتمال وجهي الإبدال والتنبيه عن كل من القراء وزاد أيضاً قوله (وذو) البدل الوجهان عنه مسهلاً وقد اختلف شراح كلامه في معناه ولا شك والله أعلم أنه إذا أراد بذي البدل من جعل الهاء مبدلة من همزة والألف للفصل لأن الألف على هذا الوجه قد تكون من قبيل المتصل كما تقدم في أواخر باب المد والقصر فعلى هذا القول حقق همزة (أنتم) فلا خلاف عنه في المد لأنه يصير كالسماء والماء ومن سهل له المد والقصر من حيث مونه حرف مد قبل همز مغير فيصير للكلام فائدة ويكون قد تبع في ذلك ابن شريح، ومن قال بقوله. وقيل أراد بذي البدل "ورشاً" لأن الهمزة في (هاأنتم) لا يبدلها ألفاً إلا ورش في أحد وجهيه يعني أن عنه المد والقصر في حال كونه مخففاً بالبدل والتسهيل إذا أبدل مد وإذا سهل قصر وليس تحت هذا التأويل فائدة. وتعسفه ظاهر والله أعلم.))ا.هـ

قال في النشر : (المد) وهو ظاهر كلام الشاطبي وكلام الهذيل. ويحتمله كتاب العنوان.
(والتوسط) طريق أبي الفتح فارس وهو في التيسير وظاهر كلام الشاطبي أيضاً.
(والقصر) وهو غريب في طريق الأزرق لأن أبا الحسن طاهر بن غلبون وابن بليمة اللذين رويا عنه القصر في باب آمن مذهبهما في همزة الوصل الإبدال لا التسهيل ولكنه ظاهر من كلام الشاطبي مخرج من اختياره ويحتمل احتمالاً قوياً في العنوان، نعم هو طريق الأصبهاني عن ورش وهو أيضاً لقالون وأبي جعفر والله تعالى أعلم.))ص1/409

قال الأزميري في عمدة العرفان فى تحرير أوجه القران: و أما يعقوب فيأتى على وجه الوصل بين السورتين مد المنفصل مع قصر عين و يحتمل قصرهما))ص61

قال الأزميري في عمدة العرفان فى تحرير أوجه القران: قوله تعالى : ( ياأيها النبى إنا أرسلناك ) إلى قوله ـ و نذيراً ـ فيه للأزرق خمسة أوجه التسهيل مع ترقيق الراءين و تفخيمهما و تفخيم و مبشرا مع ترقيق و نذيرا و الإبدال مع ترقيق الراءين و تفخيمهما ، و يحتمل وجه سادس من الكافى و هو الإبدال مع تفخيم و مبشرا و ترقيق و نذيرا.))74

قال الأزميري في عمدة العرفان: قوله تعالى : ( فقد جاء أشراطها ) إلى قوله ـ و مثواكم ـ يمتنع لقالون و ابن كثير و أبى عمرو المد للتعظيم فى قوله لا إله إلا الله على القصر فى جاء أشراطها لأن المد للتعظيم سبب معنوى و القصر فى جاء أشراطها سبب لفظى فيلزم التصادم و إن قرئ به فلا بأس ـ و فيه للدورى عن أبى عمرو تسعة عشر وجها صحيحة تسعة على فتح أنى و هى قصر جاء مع قصر المنفصل و إدغام و استغفر لذنبك عليه ثلاثة أوجه فى الهمزة الساكنة مع الإدغام الكبير و مثله على المد فى جاء فقط و مثله مدهما و عشرة أوجه على تقليلهما و هى قصرهما مع إظهار و استغفر و يعلم و الهمز و إدغام و استغفر مع الهمز و الإظهار و مع الإبدال و الإدغام و مثل ذلك على المد فى جاء فقط تكون ستة و السابع و الثامن مدهما مع إظهار و استغفر ـ و يعلم متقلبكم و الهمز و الإبدال فى الهمزة الساكنة و التاسع و العاشر كذلك لكن مع إدغام و استغفر فقط و يحتمل وجهان آخران و هما فتح فأنى مع المد فيهما و إظهار و استغفر و يعلم مع الهمز و الإبدال.. )ص94

قال الأزميري في عمدة العرفان فى تحرير أوجه القران: قوله تعالى : ( فليأتوا بحديث مثله إن كانوا ) إلى قوله ـ المسيطرون ـ يختص وجه السين لابن ذكوان بوجه التوسط فى المنفصل مع عدم السكت و يحتمل من الكامل السكت على الساكن المنفصل و ما فى حكمه))ص95
قال صاحب كتاب التحارير المنتخبة علي متن الطيبة
: قوله تعالي وإذا طلقتم النساء الي هزؤا للأزرق أوجه الأول تغليظ طلقتم وظلموا وتأتي في البدل بثلاثة أوجه ثم تأتي بترقيق ظلموا وعليه المد فقط ويمتنع التوسط والقصر ثم ياتي بترقيق طلقتم وتفخيم ظلموا وعليه الثلاثة أيضا ثم تأتي بترقيقهما مع المد قال المنصوري يحتمل وجهان آخران ترقيقهما مع التوسط للداني..)ص35
قال صاحب كتاب التحارير المنتخبة علي متن الطيبة
: قولة تعالي : ( ولما يأتهم تأويله كذلك كذب الذين من قبلهم ) يمتنع الإدغام مع الهمز وتجوز الثلاثة الباقية(6) ، وكذا لو اجتمع مع المد ؛ كقوله تعالى : ( قل لا أقول لكم ) فانه محتمل لأربعه أوجه وهي : الإدغام مع المد والقصر ، و الإظهار فيهما ممتنع المد مع الإدغام ، وتجوز الثلاثة .))ص5
قال صاحب كتاب التحارير المنتخبة علي متن الطيبة
: الخامس عشر مثله لكن مع المد في إسرائيل السادس عشر أن تأتي بتقليل الموتي مع قصر إسرائيل وترقيق سحر وهذا الوجه الأخير محتمل من الشاطبية اهـ
قال صاحب كتاب التحارير المنتخبة علي متن الطيبة
: وأما زاده الشاطبي رحمه الله تعالي من احتمال أن الهاء مبدله من همزة لابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي فيجوز ح القصر لان الألف حينئذ للفصل فيصير عنده في هانتم هؤلاء لمن ذكر القصر في هانتم مع المد في هؤلاء علي مراتبهم فيه المد فيهما كذلك علي مراتبهم فتعقيه في النشر باله مصادم للأصول ومخالف للأداء قال والذي يحتمل في ذلك أن يقال إن قصد ذكره أن الهاء لايجوز أن تكون في مذهب بن عامر والكوفيين ويعقوب والبزي إلا للتنبيه))ص42

ودمتم بخير أخي الفاضل
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
 
السلام عليكم
بحث د/ حميتو في الهمزتين :
الفصل الأول:
أصول الأزرق عن ورش
في الهمزتين المجتمعتين من كلمة وأحوالهما.
تقع الهمزة ـ والمراد بها هنا همزة القطع ـ مجتمعة مع مثلها في كلمة واحدة في القرآن الكريم على ثلاث صور:
الأولى: أن تتفقا مفتوحتين نحو "أنذرتهم " "أنتم""أسلمتم" "أتخد من دونه".
الثانية: أن تختلفا في الحركة والأولى مفتوحة والثانية مكسورة، نحو "أئنكم" "أئفكا" "أءله مع الله" " أئمة يهدون".
الثالثة: أن تختلفا والأولى مفتوحة والثانية مضمومة نحو "أءنزل" "أءلقي عليه" أءشهدوا خلقهم".
ولأبي يعقوب الأزرق عن ورش في كل قسم منها أصول التزم بها وافق فيها بعض القراء والرواة وخالف سائرهم. فأما مذهبه في المتفقتين بالفتح فقد اختلفت الطرق عنه في ذلك بين التسهيل والبدل.
وقد اقتصر أبو عمرو في "التعريف" على ذكر وجه التسهيل وجعله حكما عاما في الهمزتين من كلمة فقال: "كان ورش يسهل الثانية من الهمزتين المتلاصقتين ولا يدخل بينهما ألفا".( )

وذكر في "التسيير" وجه التسهيل مضمنا، ثم عطف عليه وجه البدل فقال: "فان الحرميين وأبا عمرو وهشاما يسهلون الثانية منهما، وورش بيد لها ألفا، والقياس أن تكون بين بين"". ( )

فقوله فان الحرميين يشير به الى نافع وابن كثير، فيدخل ورش عن نافع ضمنا في وجه التسهيل الذي عبر عنه ببين بين ثم عطف عليه الوجه الثاني المروي عن ورش وهو وجه البدل، إلا أنه تعقبه بما يشبه التوهبن في قوله: ""والقياس أن تكون بين بين"".
وتبعه الشاطبي في ذلك بقوله مع زيادة بيان وتفصيل فقال:
"وتســهيل أخرى همزتين بكلمـــة "سما"، وبذات الفتح خلف لتجملا
وقل ألفا عن أهل مصــر تبدلــت لــورش، وفي بــغداد يروي مســهلا
وتبعه ابن بري في هذا الصنيع فقال:
فنـــــــافع سهل أخرى الهمزتين بكلمـة فهي بـــذاك بين بــــين
لكــــــن في المفتوحتين أبدلــت عن أهــل مصر ألفـــا ومكنت

وقد شرح شارحه الأول أبو عبد الله الخراز بيته الأخير على أنه يعني أن التسهيل في المتفقتين بالفتح أنما هو رواية قالون ـ يعني عن نافع ـ ورواية عبد الصمد عن ورش من طريق البغداديين قال:
"وأما المصريون فرووا عن أبي يعقوب عن ورش إبدالها ألفا لانفتاح ما قبلها".( )

وتعقبه أبو زيد بن القاضي في "الفجر الساطع" فقال: "ذكر الشارح وتابعوه أن البدل من طريق ابن سيف في الثانية من المفتوحتين ذكره صاحب "التذكرة"،( ) وعلى هذا يتخرج كلام المصنف ولا يلتفت لما قالوه. قال الإمام المحقق ابن الجزري في "تقريب النشر":"سهل الثانية من المفتوحتين بين بين ورش من طريق الأزرق عند أبي الحسن بن غلبون وابن بليمة ( ) وصاحب العنوان( )وغيرهم "( )
وقال الإمام الخباز في "شرح التفصيل" وكذلك أبو يعقوب له التسهيل أيضا خلاف ما عند شراح الدرر" الذين يقولون: إن التسهيل من طريق البغداديين، والبدل من طريق المصريين، وظاهر هذا الكلام أن أبا يعقوب ليس له تسهيل، وكأن الشيخ –يعني ابن غازي ـ إنما أتى بهذا البيت في معرض الاستثناء لهم والرد عليهم، وإلا استغنى عنه بقوله: "وإن عزا لواحد خلافا... البيت"( ).

وقال سيدي الحسن الدرعي في شرحه: "وروي عن أبي يعقوب البدل كما روي عنه التسهيل، قال أبو العباس أحمد الزواوي ( ): وافق أبو يعقوب صاحبه وزاد البدل" ( )
ذلك ما قرره أبو زيد بن القاضي تصحيحا لخطأ شراح الدرر اغترارا بما ذهب إليه الشارح الأول وتقليدا له. وقد استوفي أبو عمرو في كتبه هذه المباحث بما لا يدع فيها مجالا لشك أو ارتياب، وهذه بعض نصوصه في ذلك.

قال في "جامع البيان" واختلف في ذلك عن نافع فروى ورش من غير رواية أبي يعقوب عنه موافقة لابن كثير ـ يعني في تسهيل الثانية من المفتوحتين بين بين ـ وروى أبو يعقوب عن ورش أداء تحقيق الأولى وإبدال الثانية ألفا محضة والإبدان على غير قياس، إلا أنه سمع وروي فجاز استعماله في المسموع والمروي لا غير "ثم قال أبو عمرو:
وهذا الذي حكيناه عن أصحاب ورش وقررناه من مذاهبهم في هذا الضرب على ما تلقيناه أداء دون ما رويناه نصا، فأما النص فإن أبا الأزهر وداود وأبا يعقوب قالوا عنه:
"كل همزتين منتصبتين التقتا في أول حرف مثل""آنتم" "آنذرتم" "آرباب" "آلد وأنا"" فإنه يبين الأولى ويمد الآخرة، لم يزيدوا على ذلك شيئا، ولا ميزوا كيفية التسهيل"( ).
يعني أن الاحتمال ظل واردا في قولهم عنه ويمد الآخرة""أأرادوا به الإبدال المحض أم التسهيل بين بين؟ وقد حكى أبو عمرو المذهبين في تأويل هذه العبارة:
فأما عن تأويل ذلك على معنى البدل فقال في التيسير":"فورش يبدلها ألفا، والقياس أن تكون بين بين ( ).
وقال في "الاقتصاد":"فروي عنه البدل للهمزة، وهي رواية أكثر المصريين عنه، " وذلك ضعيف في العربية على أن قطربا حكاه عن العرب( )
وقال في "إرشاد المتمسكين": وهو قول شيوخ المصريين، وذلك ضعيف في القياس، غير أني به قرأت عليهم". وقال في "إيجازالبيان" و"الإيضاح": "البدل على غير قياس".
وقال في "إيجاز البيان": "وبالبدل عبر عن ذلك محمد بن علي بن أحمد ـ يعني الأذفوي ـ في كتابه ( ).
وقال الداني في "الموجز": "وقال أصحاب أبي يعقوب عنه: إنه يُبْدِلُها ألفا.
وقال في" التلخيص"نحوه: وقال في إيجاز البيان":"وهو الموجود في ألفاظ عامة المصريين لأنهم يشبعون المد في ذلك جدا" ( ).
وأما على تأويل من ذهب في ذلك إلى التسهيل فقد عبر عنه في "التعريف""بما تقدم فقـــال:"كان ورش يسهل الثانية من الهمزتين المتلاصقتين ولا يدخل بينهما ألفا" ( )
وقال في "الاقتصاد":"وروي عنه التخفيف لها بين بين كمذهب ابن كثير، وهي رواية البغداديين وغيرهم، وهي قياس مذهبهم في المختلفتين.
وقال في "إيجاز البيان":"وهذا قول عامة البغداديين وأهل الشام ممن وصلت إلينا الرواية عنه منهم، وهو الوجه السائر في العربية والقياس المطرد في اللغة".
وقال في "ارشاد المتمسكين":"وهو الصحيح في القياس والرواية".
وذكر في "كتاب رواية ورش من طريق المصريين التسهيل بين بين خاصة" ( ).
وقال في "الإيضاح في الهمزتين": "فأما علة ما رواه المصريون أداء عن ورش عن نافع من ابدال الهمزة الثانية ألفا ساكنة في جميع الاستفهام فشاذ خارج عن قياس التسهيل، إلا أنه قد سمع من العرب وحكي عنها.
قال قطرب في "المعاني" ( ):"يقولون"آنذرتهم" يدع الهمزة الثانية ويجمع بين ساكنين: النون في "أنذرتهم""والألف قبلها". قال الداني:يعني المبدل من همزة القطع- قال قطرب: وليس ذلك بالحسن.
قال المنتوري:"وذكر في "إيجاز البيان"نحوه وقال:"وزعم قطرب أن ذلك لغة قريش وسعد بن كنانة وكثير من قيس"( ).
قلت: لاشك أن قول أبي عمرو عن الإبدال هنا إنه "شاذ خارج عن قياس التسهيل" إنما أراد به الشذوذ اللغوي لا القرائي، وذلك عنده وانطلاقا من منهجه الأثري لا يضر، فإن منهجه العام كما أعلن عنه في "جامع البيان" أن "أئمة القراء لا تعمل في شيء من حروف القرآن على الأفشى في اللغة والا قيس في العربية، بل على الأثبت في الأثر والأصح في النقل، والرواية إذا ثبتت عنهم لم يردها قياس عربية ولا فشوّ لغة، لأن القراءة سنة متبعة يلزم قبولها والمصير إليها"( ).

موقف الزمخشري من إبدال الهمزة لورش في أنذرتهم" والرد عليه:
ولهذا استجهل كثير من المفسرين إنحاء الزمخشري على رواية ورش "آنذرتهم" وأخذه فيها بالبدل حيث زعم أن إبدال الهمزة الثانية فيها ألفا لحن وخروج عن كلام العرب، لأنه جمع بين ساكنين على غير حده ( )

قال أبو الحسن النوري:" وهو مطعون في نحره بالأدلة: منها أن هذه قراءة صحيحة متواترة، فهي أقوى شاهد فلا تحتاج إلى شاهد، ولا لتسلسل.قال:"فقد أجاز الكوفيون الجمع بين الساكنين على غير الحد الذي اختاره البصريون، واستدلوا عليه، ويكفي مذهبهم في ذلك" ( ).
وقبله قال شيخ القراءة والعربية الإمام الفذ أبو حيان محمد بن يوسف أثير الدين الغرناطي متعقبا الزمخشري في قوله: "وقد أنكر الزمخشري وزعم أن ذلك لحن وخروج عن كلام العرب من وجهتين: أحدهما الجمع بين ساكنين على غير حده، الثاني: أن طريق تخفيف الهمزة المتحركة المفتوح ما قبلها هو التسهيل بين بين لا بالقلب ألفا، لأن ذلك هو طريق الهمزة الساكنة.

قال أبو حيان: "وما قاله هو طريق البصريين، وقد أجاز الكوفيون الجمع بين الساكنين على غير الحد الذي أجازه البصريون، وقراءة ورش صحيحة النقل لا تدفع باختيار المذاهب، ولكن عادة هذا الرجل اساءة الأدب على أهل الأداء ونقلة القــرآن" ( ).
والقراءة بالبدل مذهب القيروانيين عامة، ولم يذكر أبو عبد الله بن سفيان في "الهادي غير البدل".
ونص عبارته:""وورش عن نافع يحقق الأولى ويبدل من الثانية ألفا" ( )

وقال مكي في التبصرة":"وأما ورش فإنه يبدل الثانية ألفا فيمده لأنه استفهام، ولأنها همزة تقدمت حرف المد واللين، ولأن الألف بعدها ساكن وهو النون من "آنذرتهم" "آنت". قال:
"وقد قيل: إنه يجعلها بين الهمزة والألف وهو أقيس في العربية، ولكن يتمكن إشباع المد مع البدل ما لا يتمكن مع غيره، وبالإشباع قرأت"( ).
وقال المهدوي في "الموضح" موجها لهذه الرواية:"وعلة ورش في إبدال الثانية من المفتوحتين ألفا نحو "أنذرتهم" أن هذا هو البدل على غير قياس، وهو أن تبدل الهمزة المتحركة بحرف ساكن، وإنما فعل ذلك فرارا من الهمزة محققة كانت أو مخففة، ورأى أن نطقه بالألف اللينة أخف من نطقه بهمزة بين بين، لأنه حين سهلها بين بين لم يقنع بذلك، لأنها عنده بمنزلة المحققة."( ) .

وقد أفاض أبو العباس المهدوي في الاحتجاج لهذا المذهب بما لا مزيد عليه. وكذلك مكي في الكشف( ).
والحاصل أن قراءة الإبدال على مذهب المصريين عن ورش أكثر جمهورا عند المغاربة وبها أخذ عامة القيروانيين ومن أخذ بمذهبهم، ولم يذكر الحصري في قصيدته لورش سواه، وذلك في قوله:
"حكى ورش الإبدال فيها وقد حكوا خلافا، ولكنا كما نشتري نشري ( )
وإلى شيوع قراءة البدل يشير المنتوري بقوله:
"وقرأت الثانية من المفتوحتين على أكثر من قرأت عليه بابدالها ألفا، وكان شيخنا أبو عبد الله القيجاطي ـ رضي الله عنه ـ يأخذ في الثانية بالتسهيل بين بين لورش كابن كثير، وبذلك قرأت عليه" ( )
وإلى رواية البدل أشار الأوعيشي في أرجوزة "ما به الأخذ" بقوله:
"وذا الذي يعزي لأهل مصر جرى به العمل فافهم وادر.
- وأما اجتماع همزتين في كلمة واحدة وأولاهما متحركة والثانية ساكنة فليس من هذا الباب لأنه لا خلاف في إبداله وجها واحدا للجميع، وذلك نحو "أمنوا" "وأدم" و"إيمانا" وأوتوا" و"أوذينا" كما أشار ابن آجروم إليه في "البارع" بقوله:
"وليـــس في أخرهما إن سكنت خلف كأوتوا بل لكل أبدلت.

والسلام عليكم
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد

أخي الشيخ عبد الرازق اسمح لي أن أعقّب على ما تفضلت فأقول وبالله التوفيق :

فالاحتمال الذي أقصده هو أن تُبنى المسألة على احتمال قراءة الداني للوجه على سبيل الظنّ ، وذلك في المسائل المتعلّقة بالرواية كأوجه البدل واللين المهموز وغير ذلك ولا أظنّ أنّ سلف الأمّة كانوا يعتمدون على الاحتمال في الرواية والنقل بل كانوا يعتمدون على النصّ بالدرجة الأولى ثمّ الأداء ثمّ القياس الذي يدخل فيه الاحتمال عند عدم النصّ وغموض الوجه في الأداء ، هذا هو الأصل.
فإن ثبت أنّ الداني قرأ بالوجه فينبغي التمسّك به وأمّا إن كان كلامه يحتمل ففي هذه الحالة لا بدّ من شرطين :

أوّلاً : أنّ يكون النصّ محتملاً للوجه احتمالاً قوياً ومعتبراً

ثانياً : أن يكون مضمون ذلك الاحتمال ثابتاً بالأداء مشهوراً ومستفاضاً

وقد ذكرت الكثير من الأمثلة عند تعرّضي لمسائل القياس حيث كان القدامى يعتمدون على القياس تقوية للأوجه الثابتة عندهم بالأداء المجرّد عن النص.

فكلام الداني في جامع البيان يحتمل الطول في البدل احتمالاً قوياً لأنّه استعمل لفظ "الزيادة اليسيرة" على التوسط وتسويته بالمتصل والمنفصل ، ولست أوّل ما قال بذلك بل الكثير من المحققين والمحررين كالأزميري والمتوليّ والضباع وغيرهم، زيادة على ذلك أننا تلقينا جميعاً طول البدل من الشاطبية كابراً عن كابراً بالسند إلى الإمام الشاطبيّ ، فإن لم يثبت وجه الطول من جامع البيان فمن أين إذن ؟
أمّا ما نقلته عن الشيخ حميتوا فلا يمكن الجزم أنّ طول لم يقرأ به الداني لعدة أسباب :
- لقوّة احتمال كلام الداني لوجه الطول في جامع البيان
- اعتماد الكثير من المحققين والمحررين على كلام الداني لعزو وجه الطول إليه
- ثبوت الوجه بالأداء من طريق الشاطبية واشتهاره واستفاضته
إذن فالاحتمال مبنيّ على أصل وثيق ونصّ معتبر وأداء مشتهر إضافة إلى تواتر وجه طول البدل عن غير الداني مما يقويّ الاعتبار في ثبوت وجه الطول للداني على أساس كلامه في جامع البيان.
وما ذكرته من الأمثلة التي استعمل فيها أئمّتنا لفظ الاحتمال لأكبر شاهد لما أقول : فإنّهم أطلقوا لفظ الاحتمال فيما ثبت عنهم أداءً واشتهر واستفاض عندهم فأرادوا أن يجدوا له محملاً من النصوص تقوية لها كما كانوا يستدلون بالقياس تقوية للأوجه التي لم تثبت عندهم بالنصّ الصريح.

أمّا إثبات وجه على أساس احتمال مجرّد عن أصل وثيق معتبر فلم يقل به واحد من أئمّتنا.

فأخي الشيخ عبد الرازق استدل على ثبوت وجه الطول في البدل باحتمال قراءة الداني له أيّ مجرّد الاحتمال فقط وبنى المسألة على ذلك ، ولو كان اعتماده على كلام جامع البيان الذي يحتمل وجه الطول احتمالاً معتبراً لكان أولى وأفضل وهو الموافق لصنيع الأئمّة عليهم رحمة الله تعالى. ففرق كبير بين المنهجيّتين : فالأولي هو مجرّد احتمال لا يعضده ايّ أصل وثيق ، والثاني احتمال مبنيّ على نصّ قويّ الاحتمال للوجه.

فوجه السكت بين السورتين ثابت عن الداني نصاً وأداءً بخلاف وجه البسملة والوصل فإنّهما ثابتان احتمالاً وظناً وإن استفاضاً أداءً من طرق الشاطبية وبالتالي فقد يكون وجه البسملة قوياً من جهة القياس والرسم ويكون وجه السكت الأقوى روية ونصاً وأداءً.
ويجدر بي أن أذكر إخواني الأفاضل أنّ الاعتماد على ما قرأه الداني احتمالاً أمرٌ يجب تجنّبه لعدّة أسباب :

أوّلاً : ثبوت الوجه على اساس احتمال خالص مجرّد عن أصل وثيق يقوّيه

ثانياً : لو سلمنا وجود بعض الأوجه التي قرأ بها الداني ولم تُذكر في المصادر المشهورة كالتيسير وجامع البيان والمفردات والتعريف ، لنُقلت هذه الأوجه عنه من طرق المغاربة القدامى الذين اعتنوا بكتب الداني.
فإن لم يثبت الوجه عن الداني نصاً ولا أداءً ولا نقلاً عنه فعلى أيّ أساس نعتمد على مجرّد الاحتمال في كون الداني قد قرأته. هذا كلام غير معقول ولا أساس له من الصحة وهو مخالف لما كان عليه أهل الأداء في تقرير المسائل.

أمّا مسألة الهمزتين المفتوحتين من كلمة فمشكلتي هو ثبوت وجه الإبدال من طرق قصر البدل ، وإن كان ما نقلته مفيداً إلاّ أنّه لا يحلّ المشكلة.

أخي الشيخ عبد الرازق : لا أريد أن تخرج بنا من لبّ الموضوع إلى بعض المسائل التي تريد أن تناقشني فيها وليس لي رغبة في الخوض فيها الآن لاهتمامي الشديد بزيادات القصيد التي لم يقرأ بها الداني و التي ما تعرّض لها المحررون ولو من بعيد. ولو مشيت معك في الخطّ سأجد نفسي في نقاش معك في بعض المسائل التي هي خارجة عن المقصود.

والسلام عليكم
 
الشيخ الفاضل محمد يحيى شريف، وجدت في رسالة المطلوب في بيان الكلمات المختلف فيها عن أبي يعقوب للإمام المحقق الضباع رحمه الله كلاما في المسألة وهو: " وقد اختلف أهل الأداء عن الأزرق في ذلك على ثلاثة مذاهب:
الأول: الإشباع: وهو طريق صاحب الهداية، والعنوان، والمجتبى، والتجريد، والكافي، والكامل، وهو أحد الثلاثة في الشاطبية، وذكره صاحب لطائف الإشارات للداني من قراءته على أبي الفتح وابن خاقان...اهـ"، فما أدري: هل اعتمد القسطلاني رحمه الله في إثبات الوجه على عبارة الداني في الجامع، أم حققها تحقيقا؟، محبكم.
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لا شكّ أنّ القسطلاني اعتمد على كلام الداني من جامع البيان إذ لم أجد فيما اطلعت عليه إشارة الداني إلى طول البدل في التيسير والمفردات والتعريف ولم ينقل عنه ذلك إلاّ بما نصّه في جامعه ، وما وقع الخلاف في إثبات وجه الطول للداني إلاّ بسبب عبارته في جامع البيان ، فانقسم الناس إلى قسمين : قسم أثبت طول البدل لقوّة احتمال كلام الداني له في الجامع إضافة إلى ثبوته أداءً إليه من طريق الشاطبيّ عليه رحمة الله تعالى ، وقسم تأوّل كلام الداني في جامعه مقارنة مع المصادر الأخرى وما نقل عنه عند المغاربة قديماً في كتبهم. أقول فالجمع بينهما أولى من الترجيح لقوّة احتمال نصّ الداني لطول البدل وثبوته بالأداء من طريق الشاطبيّ عنه.
ومما يدلّ على أنّ القسطلاني اعتمد على كلام الداني في جامعه هو رواية الداني للبدل عن ابن خاقان وأبي الفتح ، وهذا نجده في عبارة القسطلاني وعبارة الداني نفسه في جامعه.

فنخلص مما سبق أنّ عبارة الداني قويّة بل تكاد تكون صريحة في ورود طول البدل عنه وبه ثبت الأداء عن طريق الشاطبيّ عنه ، والعلم عند الله تعالى.

محمد يحيى شريف الجزائري
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخي محمد
ذهبت بالامر كل مذهب
من قال ان طرق زيادات القصيد للازرق يجب ان تمر على الداني؟
هل راجعت اسانيد الشاطبي في مقدمة فتح الوصيد؟
ام اعتمدت على اسانيد ابن الجزري؟
واياً كان كيف لك ان تلزم القصيد ان طرقه في الزيادة يجب ان تمر على الداني؟
بنيت بناء ليس له اساس ثم رمت انت والاخ عبدالحكيم تزيينه وتزويقه
 
السلام عليكم

أخي الشيخ محمد يحيي شريف

أنا لا أناقشك في المسائل ، بل أنا أطرح لك ما قالته الأئمة حتي نستطيع سويا أن نصل لأمر قاطع في المسألة نستريح فيه من عناء الخلاف .

ثانيا: لو نظرت في المشهور عن الداني ستجد أن القراء يكادون يجمعون علي أن الداني يرفض الإشباع تماما .
ونقلت لك ما قاله : المالقي وما قاله العلامة المنتوري في المداخلات السابقة ، وأيضا قال ابن الباذش في الإقناع : وكان أبو عمرو عثمان بن سعيد (الداني) يذهب إلي أن ما جاء عن أهل مصر (أي الإشباع) ليس فيه دليل علي زيادة المد في هذا الأصل ، وتأول ما ورد عنهم علي ما قد ذكروه في كتبهم )ص233

لا يمكن أن نتجاهل كل هؤلاء الذين نقلوا عن الداني اعتراضه علي الإشباع ، ونتمسك بقول يحتمل التأويل جمعا بين الأدلة . أم ننسب للداني الإشباع ( بالعافية )

وأخيرا : أنا لم أخرج عن لب الموضوع بل كان حديثي مركزا علي الإشباع وفقط ، ولكنك تظن أني أخرجك من الموضوع ، أقول : أكمل موضوعك واكتب ما تشاء وليبارك الرب

ولا أظن أنك قرأت البحث في الهمزتين لو قرأته لوجدت بغيتك أعد قراءته .
والسلام عليكم
 
أخي الشيخ جنيد الله
ها هو إسناد الشاطبيّ المذكور في فتح الوصيد وقد نقله ابن الجزريّ في نشره فقال :

وقرأ الشاطبيّ على النفزيّ وهو على ابن غلاس وهو على أبي داود وهو على الداني وهو على ابن خاقان وهو على أبي عبد الله محمد بن عبد الله الأنماطي على أبي جعفر أحمد بن إسحاق بن إبراهيم الخياط على النحاس على الأزرق

والسلام عليكم
 
سأرجع بإذن الله إلى فتح الوصيد وأؤكّد لك الآن أنّ الشاطبيّ لم يقرأ لورش إلاّ من طريق الداني وهو الذي اقتصر عليه ابن الجزري في نشره والمحررين من المحققين من بعده وهو المعتبر. ولة ثبتت قراءته من غير طريق الداني لذكرت في المصادر
 
السلام عليكم
الأخ جنيد الله لم أر مداخلتك إلا بعدما كتبت ردي الأخير .
أنا أعلم أن للشاطبي طرقا سوي طرق الداني وقد ذكرها في النشر أيضا منها: ومن طريق القزاز طريقان الأولى طريق صالح بن إدريس عنه ثمان طرق.الأولى: طريق ابن غصن قرأ بها الشاطبي على النفزي على ابن غلام الفرس على أبي الحسن عبد العزيز بن عبد الملك ين شفيع على عبد الله بن هل على أبي سعيد خلف بن غصن الطائي. الثانية طريق طاهر بن غلبون من كتابه التذكرة.
ومنها: طريق الخياط وهي الثانية عن النحاس قرأ بها الشاطبي على النفزي على ابن غلام الفرس على أبي داود على أبي جعفر أحمد بن إسحاق بن إبراهيم الخياط.
وأيضا ما ذكر عن طرق لابن مجاهد ، وقد أشرت إلي ذلك في جوابي علي تحريرات د/ النحاس .
ولكن يبدوا أن فضليتكم قد قرأتم الموضوع ظنا أننا لا نعترف بأي طريق سوي طريق الداني بالنسبة للشاطبية ، ولكننا نتحدث عن أمر هل ثبتت الإشباع في البدل من طريق الداني أم لا ؟؟
فإن لم يثبت إذن من زيادات الشاطبي سواء كان بسند من أسانيد التيسير أو غيره من كتب الداني أو كان بسند بخلاف ما في كتب الداني .

ولعله اتضح لك الأمر وعلمت فيما نتحدث . (الإشباع) من طرق الداني أم لا . البسملة لورش من طرق الداني أم لا . وقس عليه
والسلام عليكم
 
يقول الاخ محمد يحيى شريف (( سأرجع بإذن الله إلى فتح الوصيد وأؤكّد لك الآن أنّ الشاطبيّ لم يقرأ لورش إلاّ من طريق الداني وهو الذي اقتصر عليه ابن الجزري في نشره والمحررين من المحققين من بعده وهو المعتبر. ولة ثبتت قراءته من غير طريق الداني لذكرت في المصادر ))

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الاخ عبدالحكيم لست ممن يتحدث بمالايفهمه
اظن انك انت الان تفهم فيما تتحدثان
 
الاخ عبدالحكيم
والاخ محمد
حتى لا اقطع لكم حواركم الذي يقول الاخ عبدالحكيم اني لااعرف فيما تتحدثان فيه
اصل الشاطبية هو كتاب التيسير فقط وليست كتب الداني الاخرى والادلة على ذلك موجودة
وكل شيئ زاد في القصيد على التيسير فهو من زياداته وللشاطبي طرقه فيه
سواء مرت هذه الطرق على الداني ام لم تمر
وذكر بعضها السخاوي في مقدمة الفتح ولم يذكر بعضها
وتابعوا بارك الله فيكم وعذرا للمقاطعة
 
السلام عليكم
أنّ تدخلّ الأخ الشيخ جنيد الله في الموضوع كان في محلّه لأنّ ثبوت وجه الطول في البدل مع الفتح في الذات إن ثبت عن الشاطبيّ من غير طريق الداني لانحلّت المشكلة في هذه المسألة وفي غيرها كوجه الوصل والبسملة بين السورتين. ولكنّ المشكلة أنّ هذه الأوجه لم تثبت عن الداني وليس للشاطبيّ طريق سوى طريق الداني .


إسناد الشاطبيّ لرواية ورش كما في فتح القصيد :

الإسناد الأوّل :
وقرأ الشاطبيّ على النفزيّ وهو على ابن غلاس وهو على أبي داود وأبي الحسن يحيى ابن إبراهيم بن أبي زيد وهما عن الداني

أمّا الإسناد الثاني : فإنّ أبا الحسن يحيى ابن إبراهيم بن أبي زيد قرأ على أبي الحسن عبد العزيز بن عبد الملك بن شفيع ، قال أبو الحسن حدّثنا بها مكي القيسي

الإسناد الثالث : وقال أبو الحسن يحيى بن إبراهيم بن أبي زيد قرأت بها – أي الأحرف – على الشيخ أبي محمد عبد الله بن سهل المقري و أخذ على التحقيق ، وأخبرني أنّه قرأ بهما على الطرسوسي من أبي عدي من أبي سيف من أبي يعقوب.

نلاحظ في الإسناد الثاني عبارة التحديث أي التحديث بأحرف الخلاف دون التلاوة

وفي الإسناد الثالث قراءة الأحرف أي أحرف الخلاف وليس فيه تصريح بقراءة القرءان كما في الإسناد الأوّل وهذا الذي حمل ابن الجزريّ الاقتصار على الإسناد الأوّل.


أمّا طريق الطرسوسي عن ابن عدي من النشر فمن العنوان والمجتبى قرأ بها الطرسوسي طوسي على أبي عدي على بن سيف على الأزرق وهو ليس من طرق الشاطبية ولا من طرق الداني

أمّا الإسناد الذي ذكره أخي الشيخ عبد الرازق ففيه سقط ، لأنّه اعتمد على كتاب النشر المكتوب على النت وقد وقع لي ذلك من قبل وهو خلاف ما في المطبوع.

وعلى ما سبق فإنّ إسناد الشاطبيّ لورش بالرواية والتلاوة يمرّ بالداني ضرورة

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الاخ محمد
قبل ان تحكم على شي بالنفي او العدمية تاكد مرارا من كلامك لان النفي يستلزم العلم الكلي لديك
فتفسيرك لكلمة قرات بها على انها الاحرف اعحب من العجب
الضمير انما يعود على الرواية اي رواية ورش
وكلمة الاحرف لم تسبق ان مرت قبل ذلك
وتراجم من في السند تدل على انهم انما قراوا القران عرضا
وهذا ايضا تنزلا على ان القراءة لا تقبل الا عرضا
والا لانهدمت علينا طرق كثيرة في النشر
من ايسرها طريق يحي بن آدم عن شعبة وغير ذلك مما لانطيل به
وراجع مقدمة السلاسل الذهبية لاخي ايمن سويد
اما طرق الشاطبي في زياداته
فهل انت تعلم على من قرا وبما قرا عليهم حصرا حتى تنفي؟؟
الذي نقوله ان هذا الوجه من زيادات القصيد
ونحاول ان نجد طريق الشاطبي فيه فيما بلغنا
وحتى ترتاح راجع تراجم من في السند الذي ذكرته تجد انهم قد عرضوا بالقرآن الكريم كما تريد
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد

أخي الشيخ عليك باللطف في العبارات فلست من المتسرّعين في الحكم على الشيء بالنفي أو الإثبات ، ولا ينبغي أن يحقر بعضنا بعضا بل العكس فنحن أهل القرءان إن شاء الله تعالى نحاول تصويب بعضنا البعض باللين واللطف والالتماس الأعذار.

أخي الشيخ ، إنّ ابن الجزري رحمه الله تعالى حصر جميع الأسانيد والطرق في كتابه النشر فاختار أصحّها وأعلاها وما ثبت رواية وأداءً عن الشيوخ ولم يذكر في نشره إلاّ إسناد الشاطبيّ رحمه الله تعالى إلى الداني وما ذكر سواه في رواية ورش خلافاً لبعض الروايات الأخرى أين ذكر إسناد الشاطبيّ من غير طريق الداني. السؤال ما الذي حمل ابن الجزريّ في الاقتصار على أسناد الشاطبيّ الذي يمرّ الداني دون سواه وذلك في رواية ورش ؟ أيمكنك أن تجيب على السؤال يا أخي ؟ ما الذي حمل المحررون على ذلك كما فعل القسطلاني في لطائفه والمتولّي وغيرهم ؟
لو طلبت منك أن تطلع على جميع الإجازات التي تتصل بورش لوجدتّها تمرّ على ابن الجزري ، وإسناد ابن الجزريّ لورش من الشاطبية والتيسير يمرّ على الداني من غير أدنى شكّ. فإن أسند ابن الجزريّ ما تضمنته الشاطبية إلى الداني فمن أين تتصل زيادات القصيد التي لم يقرأ بها الداني من ابن الجزري إلى ورش ؟

هل يمكنك إثبات أنّ طول البدل مع الفتح أو البسملة والوصل بين السورتين أو طول اللين المهموز وغير ذلك مما لم يثبت عن الداني قد قرأ به الشاطبيّ عن مشايخه من غير طريق الداني جزئية جزئية مع تعيين الشيخ الذي قرأ عليه لكلّ وجه ؟

كيف حكم المحررون والمحققون بما فيهم ابن الجزريّ على بعض الأوجه أنّها خارجة عن طرق الشاطبية ؟ وعلى أيّ أساس أيمكنك الإجابة ؟ خاصّة فيما لم يثبت عن الداني ؟

أيمكنك حصر جميع زيادات القصيد للإمام الشاطبيّ مع عزوها إلى شيوخ الشاطبيّ جزئية جزئية ؟


إن لم يكن باستطاعتك يا أخي الشيخ ضبط جميع ذلك مع وجودك في أرض العلم والعلماء ، وإن كانت الأمور لا زالت في غموض والتباس مستمرّ فلك أن تلتمس الأعذار لإخوانك وأن تلطف بهم وأن تساعدهم ما استطعت ً لحلّ هذه الألغاز بدل التعريض من مقام الجهود التي تبذل لإزالة هذا اللبس والغموض.

لو كان الاعتراض يتعقّبه بديل ملموس لكان شيئاً محموداً ، أمّا مجرّد الاعتراض من غير أيّ بديل فلا خير فيه.

فنحن جميعاً نتعلّم ونفتقر إلى العلم ويفتقر بعضنا إلى بعض في التعلم والنصح باللين واللطف والرحمة عسى الله أن يرفعنا بهذا القرءان

وأحيطك علماً أنّي على اتصال بكبار المشايخ في هذه المسائل لتدرك أنّي لم أنفرد بشيء.

والسلام عليكم.

محمد يحيى شريف الجزائري.
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخي محمد
قلت ( أخي الشيخ عليك باللطف في العبارات فلست من المتسرّعين في الحكم على الشيء بالنفي أو الإثبات )
اما اللطف فلك منه مني ماشنت وان اعتبرت تنبيهي لك على امور تتعجل الحكم فيها قسوة فالامر لله
واما التسرع فقد تسرعت جدا ، سالتني اكثر من سؤال كل واحد منها يستلزم مبحثا
مع اني نبهتك الى ان تسرعك في الحكم جعلك تفسر الضمير بما ورد على ذهنك من العجلة مع وضوحها
وانت الان تنفي ان للشاطبي اي طريق غير ما ذكره ابن الجزري في النشر
وهذا ظلم عظيم لعالم بوزن الشاطبي ان ليس له الا هذه الاسانيد فقط وانقل لك كلام ابن رشيد الفهري
( روي القراءة بالاندلس على أبي الحسن بن هذيل وأبي عبدالله محمد بن أبي العاص النفزي وأبي عبدالله بن سعادة وأبي محمد بن عاشر وأبي الحسن بن نعمة وأبي الحسن عليم )
ولو انك تمعنت لعلمت ان ابن الجزري اورد ما ذكره السخاوي في مقدمة فتح الوصيد فقط لا غير
واما قولك ( ولا ينبغي أن يحقر بعضنا بعضا بل العكس فنحن أهل القرءان إن شاء الله تعالى نحاول تصويب بعضنا البعض باللين واللطف والالتماس الأعذار )
لم اجد فيما كتبته تحقيرا لك او لغيرك
وان كان هناك ما تجده تحقيرا لقدرك فانا اعتذر لك ولغيرك ، فما انا الا طالب علم مثلي مثلكم
واما قولك ( إنّ ابن الجزري رحمه الله تعالى حصر جميع الأسانيد والطرق في كتابه النشر )
فهذه دعوى اخرى وهو نفسه لم يدعها
يقول رجمه الله في النشر ( وجملة ماتحرر عنهم من الطرق بالتقريب نحو ألف طريق وهي أصح مايوجد اليوم في الدنيا وأعلاه لم نذكر فيها إلا من ثبت عندنا أو عند من تقدمنا من أئمتنا عدالته وتحقق لقيه لمن أخذ عنه وصحت معاصرته وهذا التزام لم يقع لغيرنا ممن ألف في هذا العلم )
هل قوله أصح يعني أن مالم يذكره غير صحيح؟
أين ادعاؤك الحصر له ؟
واما قولك ( وما ثبت رواية وأداءً عن الشيوخ ) نعم هذا صحيح ومعناه انه لم يشترط العرض الكامل
فقولك السابق ( وفي الإسناد الثالث قراءة الأحرف أي أحرف الخلاف وليس فيه تصريح بقراءة القرءان كما في الإسناد الأوّل وهذا الذي حمل ابن الجزريّ الاقتصار على الإسناد الأوّل )
منقوض بعمل ابن الجزري نفسه في النشر وهذا يعرفه كل من قرا اسانيد النشر وتمعن فيها
ولكن لانك تريد ان اقوم بالعمل عنك مع ان البحث بحثك فخذ بعضها
طريق يحي بن آدم عن شعبة يقول ابن الجزري ( والصحيح ان يحي بن آدم روى عنه الحروف سماعا )
كتاب السبعة لابن مجاهد راجع السند الخاص به عند ابن الجزري ، فكتاب السبعة انما هو رواية لابن الجزري
فمن طرق كتاب السبعة مما لم يذكر ابن الجزري متابعة لها من كتب اخرى عن ابن محاهد
طريق ابن مجاهد عن ابن ابي مهران عن الحلواني عن قالون
طريق ابن مجاهد عن ابي الزعراء عن دوري ابي عمرو
طريق ابن مجاهد عن الازرق عن الحلواني عن هشام
طريق ابن مجاهد عن الصريفيني عن يحي عن شعبة
وكتاب الدارقطني هو رواية لابن الجزري اخذ عنه طريقا في رواية قالون
وغير ذلك مما هو مذكور في النشر
واما قولك ( ولم يذكر في نشره إلاّ إسناد الشاطبيّ رحمه الله تعالى إلى الداني وما ذكر سواه في رواية ورش )
وهل قال ان لاتوجد اسانيد للشاطبي لورش غير هذه ؟
وحتى لاتجد في نفسك من كلامي فاني ساوضح لك هنا اسناد الشاطبي لمكي بن ابي طالب الذي هو عمدته في طول البدل مع الفتح
قرا الشاطبي برواية ورش مما نعرفه بحسب ما ذكره السخاوي
1- طريق التيسير والاقتصاد للداني
2- طريق ابن ابي العاص عن ابن غلام الفرس عن ابن البياز عن مكي
3- طريق محمد ابن ابي العاص عن ابن غلام الفرس عن عبدالعزيز بن شفيع عن محمد بن سهل عن الطرسوسي
وكلها متصلة مقروء بها على شرط ابن الجزري
فالاول والثالث عرضا وليس كما زعمت ان الثالث بالحروف مع ان ليس في كلام السخاوي شي من ذلك
والثاني ايضا عرضا كما نص عليه ابن السلار في اجازاته لتلامذته مما طبع تحت اسم طبقات القراء السبعة ص 59
وكما هو واضح من ترجمة ابن البياز في الغاية والمعرفة وغيرهما
والكلام في ابن البياز من ناحية الاختلاط والضعف لا يعنينا لان ابن الجزري اعتمده في النشر
واما قولك ( أين ذكر إسناد الشاطبيّ من غير طريق الداني )
احلتك على كتاب السخاوي فنقلت الاسناد خطا وفسرته خطا
ثم اعترضت وغضبت
ولو انك قمت بمراجعة الاسانيد التي ذكرها وتراجم رجالها ومدى اتصالها لاتضح ذلك لك
بدلا من الغضب والعجلة
مع اني لا اريد لك الا الخير كما اريده لنفسي
تقول ( إسناد الشاطبيّ لرواية ورش كما في فتح القصيد :

الإسناد الأوّل :
وقرأ الشاطبيّ على النفزيّ وهو على ابن غلاس وهو على أبي داود وأبي الحسن يحيى ابن إبراهيم بن أبي زيد وهما عن الداني

أمّا الإسناد الثاني : فإنّ أبا الحسن يحيى ابن إبراهيم بن أبي زيد قرأ على أبي الحسن عبد العزيز بن عبد الملك بن شفيع ، قال أبو الحسن حدّثنا بها مكي القيسي

الإسناد الثالث : وقال أبو الحسن يحيى بن إبراهيم بن أبي زيد قرأت بها – أي الأحرف – على الشيخ أبي محمد عبد الله بن سهل المقري و أخذ على التحقيق ، وأخبرني أنّه قرأ بهما على الطرسوسي من أبي عدي من أبي سيف من أبي يعقوب.

نلاحظ في الإسناد الثاني عبارة التحديث أي التحديث بأحرف الخلاف دون التلاوة

وفي الإسناد الثالث قراءة الأحرف أي أحرف الخلاف وليس فيه تصريح بقراءة القرءان كما في الإسناد الأوّل وهذا الذي حمل ابن الجزريّ الاقتصار على الإسناد الأوّل.


أمّا طريق الطرسوسي عن ابن عدي من النشر فمن العنوان والمجتبى قرأ بها الطرسوسي طوسي على أبي عدي على بن سيف على الأزرق وهو ليس من طرق الشاطبية ولا من طرق الداني )
لا اعرف كيف خلطت الاسانيد ببعضها وساصوب لك
ابن غلاس = ابن غلام الفرس
يحي بن ابراهيم بن ابي زيد لم يقرا على عبالعزيز بن شفيع بل هما شيخا ابن غلام الفرس
الذي قرا على مكي هو يحي بن البياز
يحي ين ابراهيم ابن البياز لم يقرا على ابن سهل بل الذي قرا على ابن سهل هو ابن شفيع
وابن سهل هو الذي قرا على الطرسوسي
وهذا اسناد متصل بالعرض وليس فيه ذكر الحروف بل هو من كيسك زدته على كلام السخاوي
واما قولك ( السؤال ما الذي حمل ابن الجزريّ في الاقتصار على أسناد الشاطبيّ الذي يمرّ الداني دون سواه وذلك في رواية ورش )
وهل عدم ذكره يوجب رده ؟ او يوجب عدم وجوده؟
الاسناد امامك من كتاب تلميذ الشاطبي وتراجمهم امامك
واما قولك ( لو طلبت منك أن تطلع على جميع الإجازات التي تتصل بورش لوجدتّها تمرّ على ابن الجزري ، وإسناد ابن الجزريّ لورش من الشاطبية والتيسير يمرّ على الداني من غير أدنى شكّ. فإن أسند ابن الجزريّ ما تضمنته الشاطبية إلى الداني فمن أين تتصل زيادات القصيد التي لم يقرأ بها الداني من ابن الجزري إلى ورش ؟ )
أو لو غيرك قالها؟
ما ظننت ان مثل هذا يخفى عليك
ابن الجزري ذكر طريق التبصرة والمجتبى الذين ذكرهما السخاوي
فاين عدم ذكره؟
وختاما مرضي هو سبب عدم اطالتي في الردود فلا استطيع الجلوس كثيرا امام الحاسب وعذرا لك ولغيرك
وساكمل مابقي من اسئلتك باذن الله باقرب فرصة
واعتذر اليك تارة اخرى
 
السلام عليكم
أخي الشيخ أسأل الله تعالى أن يشفيكم


ما الذي حمل ابن الجزري في الاقتصار على إسناد الشاطبي من طريق الداني ؟

إن كان الجواب هو للاختصار ؟ فلماذا لم يفعله لقالون من طريق أبي نشيط مثلاً حيث نقل إسناد الشاطبيّ إلى قالون من غير أن يمرّ على الداني مع أنّ أسانيد الشاطبي من طريق الداني متوافرة ومنقولة في النشر أيضاً ؟

قولك : "الاسناد امامك من كتاب تلميذ الشاطبي "
الجواب : وهل كان ابن الجزريّ ملزماً بالاعتماد على جميع الأسانيد المنقولة في المصادر أم كان له الخيار في ذلك ؟
إضافة إلى ذلك فإنّ الإسناد الثاني الذي فيه مكي القيسي فليس من طرق الشاطبية على قول الشيخ سلطان المزاحي في مسائل العشرين حيث ذكر أنّ طريق ابن بليمة ومكي القيسي ليسا من طرق الشاطبية وذلك عند تحريره لأوجه ورش إضافة إلى التصريح فيه بالتحديث دون الرواية زيادة على ذلك عدم ذكر ابن الجزري إسناد الشاطبيّ إلى مكي القيسي في نشره. فثبوته في فتح الوصيد لا يعني ثبوته بالضرورة في النشر,

أمّا طريق الطرسوسي عن ابن عدي فليس من طرق الشاطبية ، إذ لو رجعت إلى النشر لوجدتّ أنّ ابن الجزري اعتمد على المجتبي والعنوان فقط من هذا الطريق وما ذكر الشاطبيّ ولا الداني.

أقول : إنّ ما ذكرته من الطرق في فتح الوصيد ومن ثبوت الأداء بين الرواة في غاية النهاية وغير ذلك شيء ، وثبوت جميع ذلك في النشر شيء آخر ، فليس كلّ ما يُنقل في المصادر ثابت بالضرورة في النشر وهذا هو لبّ المشكل.
فالسؤال الأوّل : هل جميع الأسانيد المذكورة في فتح الوصيد هي بالضرورة داخلة ضمن أسانيد النشر أم الاكتفاء بالأسانيد المذكورة في النشر ؟
السؤال الثاني : وهل عدم ذكر ابن الجزري لبعض أسانيد فتح الوصيد كان اختياراً أم اختصاراً ؟

وأمّا خلطي للإسانيد كان بسبب اختصاري لأسانيد فتح القصيد وإدراج طريق الطرسوسي عن ابن عدي المذكور في النشر. فلم أحسن وضع الأسانيد وأعتذر لذلك.

وأمّا الأمثلة التي ذكرتها في رواية الحروف دون الأداء فهي وإن كانت كذلك إلاّ أنّها من طرق وأسانيد النشر خلافاً للطرق التي لم تُنقل في النشر إضافة إلى كونها رويت بالحروف فقط.

على كلّ فإنّي انتظر الإجابة على الأسئلة المتبقية لعلنا نستفيد منها

والسلام عليكم
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا لدعائك وابعد عنك السوء
اخي محمد
اعتذر اليك مرة اخرى مما تجد في نفسك من كلامي مع اني اعدت قراءة ماكتبته مرارا وتكرارا لعلني اجد شيئا دفعك للغضب والعتب والاحساس اني احتقر رايك او علمك ولم احد
وعن اسئلتك فابشر اخي
مع اني لا احب الكتابة في النت
ولكن لاجلك سوف افعل وانقل لك بعض ماكتبته مقدمة لتحقيقي لكتاب روضة المعدل
وفيه كلام طويل عن اصول الشاطبية ومامعنى زياداتها ومااصولها
وقد اطلع على عملي فيها اخي السالم
لكن امهلني لاني لا استطيع الكتابة على الحاسب وساجعل احدا ينوب عني
وفقنا الله جميعا للخير
ورفعك وزادك علما وفهمنا ونفع بك
ومثله لي
 
[align=center]اجتماع قصر البدل مع تغليظ اللام بعد الطاء في نحو { الطلاق } و { وبطل } وشبهه.[/align]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد

نحن نعلم مسبقاً أنّ قصر البدل لورش من الشاطبية هو من التذكرة لابن غلبون وبه قرأ الداني عليه.

فالذي لفت انتباهي عند مطالعتي لبعض المصادر أنّ صاحب التذكرة لم يقرأ بتغليظ اللام إذا وقعت بعد الطاء في نحو { الطلاق } و { وبطل } وشبهه. وحتّى شيخه وأبوه الشيخ عبد المنعم صاحب الإرشاد لم يقرأ به كما هو ظاهر في النشر.

قال طاهر ابن غلبون رحمه الله تعالى : "اعلم أنّ ورشاً كان يُفخّم اللام المفتوحة إذا وقعت بعد الصاد أو الظاء لا غير ، وسواء كانت الصاد أو الظاء مفتوحتين أو ساكنتين فقط " ( التذكرة لابن غلبون 1/246 تحقيق الشيخ أيمن سويد ).

قال الإمام الداني عليه رحمة الله تعالى : " وقرأت على ابن غلبون بتغليظ اللام وتفخيمها مع الصاد والظاء المعجمة وترقيقها مع الطاء " ( جامع البيان ص361 طبعة دار الكتب العلمية ).

قال ابن الجزري رحمه الله تعالى : " وروى بعضهم ترقيقها مع الطاء عنه كالجماعة وهو الذي في العنوان والمجتبى والتذكرة وارشاد ابن غلبون وبه قرأ الداني على شيخه أبي الحسن بن غلبون " (النشر 2/113).

أقول : هذه نصوص واضحة تدلّ على أنّ مذهب صاحب التذكرة في اللام الواقعة بعد الطاء في نحو {الطلاق } و { وبطل } وشبهه وهو الترقيق لا غير وبه قرأ الداني عليه ، ونعلم مسبقاً أنّ الداني ما قرأ بقصر البدل إلاّ على طاهر ابن غلبون صاحب التذكرة فالسؤال : فمن أين طريق قصر البدل مع التغليظ في اللام الواقعة بعد الطاء مع أنّ الداني ما قرأ به من طريق التذكرة ؟ وإنما قرأ بتغليظ الظاء والصاد لا غير ؟

السؤال الثاني : لماذا لم ينقل الشاطبيّ الخلاف في تغليظ اللام الواقعة بعد الطاء مع ثبوته في أحد مصادره المعتبرة وهو قراءة الداني على طاهر ابن غلبون ؟

السؤال الثالث : لماذا لم ينبّه المحررون على هذه المسألة مع جلائها ووضوحها ؟

اللهمّ إلاّ إذا قرأ الشاطبيّ بوجه قصر البدل من غير طريق الداني وهذا مستبعد جداً لأنّ طرق القصر من الشاطبية والطيّبة هي من التذكرة وتلخيص العبارات ولا طريق للشاطبيّ إلى المصدرين إلاّ من التذكرة من طريق الداني.

أكتفي بهذا القدر وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين

محمد يحيى شريف الجزائري
 
مسألة : اجتماع عين { كهيعص } و {عسق } مع قصر البدل.


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد

مما لفت انتباهي أيضاً هو تعيّن التوسط في عين { كهيعص } و {عسق } من كتاب التذكرة لابن غلبون وهو طريق قصر البدل من الشاطبية وهي قراءة الداني على أبي الحسن طاهر ابن غلبون صاحب التذكرة.

قال طاهر ابن غلبون : "وكذا لا خلاف بينهم – أي القراء - في تمكين العين من { كهيعص } ومن { حم عسق } يمدّ الكاف والصاد مداً واحداً ويقصر الهاء والياء ويمكّن العين قليلا " ( التذكرة ص 1/69 تحقيق الشيخ أيمن سويد حفظه الله تعالى ).

أقول : قوله " ويمكّن العين قليلاً " دلالة على التوسط ولأجل ذلك قال المحقق في الهامش عند تفسيره لهذه العبارة " أي يأتي بها بالتوسط بمقدار أربع حركات ".

قال الداني عليه رحمة الله تعالى : "واختلفوا في الياء إذا زال عنها الكسر وانفتح ما قبلها ، وذلك في العين من { كهيعص } و {عسق } فبعضهم يزيد في تمكينه كالزيادة لها إذا انكسر ما قبلها لأجل الساكنين ، وهذا مذهب ابن مجاهد فيما حدّثني به الحسن بن عليّ البصري عن أحمد بن نصر عنه ، وإليه كان يذهب شيخنا أبو الحسن علي بن بشر ، وأبو بكر محمد بن عليّ ، وهو قياس قول من روى عن ورش المدّ في شيء والسوء وشبههما ، وبعضهم لا يبالغ في زيادة التمكين لها لتغيّر حركة ما قبلها إذ ذلك قد زال عنها معظم المدّ ، فيُعطيها من التمكين بقدر ما فيها من اللين لا غير ، وهذا كان مذهب شيخنا أبي الحسن بن غلبون ، ومذهب أبيه ومذهب أبي علي الحسن بن سليمان ، وجماعة سواهم ، وهو قياس قول من روى عن ورش القصر في شيء وبابه " ( جامع البيان ص 206).

أقول : إنّ عبارة الداني توهم أنّ مقدار المدّ في العين عند طاهر ابن غلبون هو القصر وذلك عند قول الداني "وبعضهم لا يبالغ في زيادة التمكين لها لتغيّر حركة ما قبلها إذ ذلك قد زال عنها معظم المدّ ، فيُعطيها من التمكين بقدر ما فيها من اللين لا غير ، وهذا كان مذهب شيخنا أبي الحسن بن غلبون " وقوله "وهو قياس قول من روى عن ورش القصر في شيء وبابه "
ولكن من تمعّن جيّداً في كلام الداني يدرك أنّه أراد من تلكم العبارات التوسط لا غير لعدّة أسباب:

أوّلاً : إنّه ذكر مذهبين في مقدار مدّ العين في { كهيعص } و {عسق } الطول والتوسط إذ لا يُعقل أن يذكر وجه الطول مع القصر دون ذكر التوسط لوجود فاصل كبير بين مرتبة الطول والقصر.

ثانياً : إنّ سبب السكون أقوى من سبب الهمز كما هو معلوم فلا يُعقل أن يكون مقدار مدّ العين في { كهيعص } و {عسق } أقلّ من مقدار المدّ في نحو { شيء} و { كهيئة } وشبههما.

ثالثاً : قول الداني : " وبعضهم لا يبالغ في زيادة التمكين لها لتغيّر حركة ما قبلها إذ ذلك قد زال عنها معظم المدّ ". فذكر عدم المبالغة في التمكين إذ لو كان مراده القصر لما استعمل لفظ المبالغة ، فالمبالغة المقصود منها الطول وعدم المبالغة في التمكين هو التوسط وعدم التمكين هو القصر. فاستعماله لعبارة عدم المبالغة دليل على التوسط لا غير.
رابعاً : أمّا عبارة الداني : "وهو قياس قول من روى عن ورش القصر في شيء وبابه " فالمراد منها التوسط لا غير لعدم ثبوت وجه القصر في اللين المهموز عن الأزرق وقد وضّح ذلك ابن الجزريّ في نشره حين قال : "ومنهم من أخذ بالتوسط نظراً لفتح ما قبل ورعاية للجمع بين الساكنين وهذا مذهب أبي الطيب عبد المنعم بن غلبون وابنه أبي الحسن طاهر بن غلبون. وأبي الحسن علي بن سليمان الانطاكي وأبي الطاهر صاحب العنوان وأبي الفتح بن شيطا وأبي علي صاحب الروضة وغيرهم وهو قياس من روى عن ورش التوسط في (شيء) وبابه وهو الأقيس لغيره والأظهر وهو الوجه الثاني في جامع البيان وحرز الأماني والتبصرة وغيرهم" (النشر 1/348).
فقول ابن الجزري : " وهو قياس من روى عن ورش التوسط في (شيء) وبابه " لتوضيح لعبارة الداني في جامعه.

خامساً : عبارة صاحب التذكرة المذكورة في أوّل البحث توضّح كلام الداني ، إضافة إلى توضيح ابن الجزريّ عند قوله : "ومنهم من أخذ بالتوسط نظراً لفتح ما قبل ورعاية للجمع بين الساكنين وهذا مذهب أبي الطيب عبد المنعم بن غلبون وابنه أبي الحسن طاهر بن غلبون " وقوله "وهو الوجه الثاني في جامع البيان " أي مراد النصّ الذي نقلناه عن الداني.

فنخلص مما سبق أنّ مذهب طاهر ابن غلبون في مقدار تمكين العين في { كهيعص } و {عسق } هو التوسط لا غير وهو مذهب أبيه عبد المنعم كما هو ظاهر النشر.


بيت القصيد :

إن كان مذهب طاهر ابن غلبون التوسط في عين شورى ومريم ، فلماذا أجاز المحررون وجه الطول في العين مع قصر البدل ؟

إن منع المحررون التقليل في الذوات على قصر البدل لعدم ثبوته من طريق التذكرة فلماذا لم يمنعوا وجه الطول في العين على قصر البدل أيضاً وغير ذلك مما لم يثبت من طريق أبي الحسن طاهر ابن غلبون ؟

أكتفي بما ذكرت وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

محمد يحيى شريف الجزائري
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد

تحرير مسألة اجتماع البدل مع {آلذكرين } وأخواتها.


قال ابن غلبون في كتابه التذكرة : " واعلم أنّ ما دخلت فيه همزة الاستفهام على همزة الوصل التي مع لام المعرفة وجملته ستة مواضع : قوله {ءآلذكرين } في الموضعين في الأنعام وقوله { قل آلله أذن لكم } في يونس أيضاً وقوله { آلله خير } في النمل فإنّ همزة الاستفهام تحقق فيها ، وتسقط نبرة همزة الوصل في اللفظ وتمدّ همزة الاستفهام قليلاً ، فتصير في اللفظ همزة واحدة بعدها مدّة ، للفرق بين الاستفهام والخبر لا خلاف في هذا بين القراء أجمعين ، إلاّ ما كان من نقل ورش لحركة همزة الاستفهام إلى اللام الساكنة التي قبلها في قوله { قل آلذكرين } في الموضعين وقوله تعالى في يونس { قل آلله } ثمّ تسقط الهمزة فتصير في اللفظ على قراءته في هذه المواضع الثلاثة مداً يسيراً من غير همز " ( التذكرة 1/115).

وهذا نصّ صريح يدلّ على أنّ مذهب صاحب التذكرة في { آلذكرين } وأخواتها هو التسهيل لا غير ، وهو خلاف ظاهر النشر حيث نقل ابن الجزريّ وجه الإبدال لصاحب التذكرة حين قال : " وأما همزة الوصل الوقعة بعد همزة الاستفهام فتأتي على قسمين: مفتوحة ومكسورة. فالمفتوحة أيضاً على ضربين ضرب اتفقوا على قراءته بالاستفهام وضرب اختلفوا فيه فالضرب الأول المتفق عليه ثلاث كلمات في ستة مواضع (أألذكرين) في موضعي الأنعام (آلآن وقد) في موضعي يونس (أآلله أذن لكم) في يونس (آلله خير) في النمل فأجمعوا على عدم حذفها وإثباتها مع همزة الاستفهام فرقاً بين الاستفهام والخبر. وأجمعوا على عدم تحقيقها لكونها همزة وصل وهمزة الوصل لا تثبت إلا ابتداء. وأجمعوا على تليينها.
واختلفوا في كيفيته فقال كثير منهم تبدل ألفاً خالصة وجعلوا الإبدال لازماً لها كما يلزم إبدال الهمزة إذا وجب تخفيفها في سائر الأحوال. قال الداني هذا قول أكثر النحويين. وهو قياس ما رواه المصريون أداء عن ورش عن نافع يعني في نحو (أأنذرتهم) وبه قرأ الداني على شيخه أبي الحسن وبه قرأنا من طريق التذكرة والهادي والهداية والكافي والتبصرة والتجريد والروضة والمستنير والتذكار والإرشادين والغايتين وغير ذلك من جلة المغاربة والمشارقة وهو أحد الوجهين في التيسير. والشاطبية والإعلان واختاره أبو القاسم الشاطبي. وقال آخرون تسهل بين بين لثبوتها في حال الوصل وتعذر حذفها فيه فهي كالهمزة اللازمة وليس إلى تخفيفها سبيل فوجب أن تسهل بين بين قياساً على سائر الهمزات المتحركات بالفتح إذا وليتهن همزة الاستفهام قال الداني في الجامع والقولان جيدان. وقال في غيره أن هذا القول هو الأوجه في تسهيل هذه الهمزة قال لقيامها في الشعر مقام المتحركة. ولو كانت مبدلة لقامت فيه مقام الساكن المحض. قال ولو كان كذلك لانكسر هذا البيت:
ألحق أن دار الرباب تباعدت......... أو انبتّ حبل أن قلبك طائر

(قلت) – أي ابن الجزري - وبه قرأ الداني على شيخه وهو مذهب أبي طاهر إسماعيل بن خلف صاحب العنوان وشيخه عبد الجبار الطرسوسي صاحب المجتبى. والوجه الثاني في التيسير والشاطبية والإعلان........" النشر ..........

أقول : إنّ ما أثبته ابن الجزريّ من الإبدال من طريق التذكرة فيه نظر لأنّ صاحب التذكرة لم يذكر في كتابه إلاّ وجه التسهيل كما هو ظاهر نصّ التذكرة ، وهذا الذي حمل العلامة الأزميري أن يقول : " التسهيل في آلذكرين مع قصر البدل من الشاطبية وكذا من التذكرة على ما وجدنا فيها " ( بدائع البرهان - مخطوط مكتوب بيد الشيخ أبو الحسن الكردي حفظه الله تعالى- ص84).
إذن فثبوت وجه الإبدال من التذكرة كان على أساس ظاهر كلام النشر وقراءة ابن الجزري له من طريق التذكرة أمّا وجه التسهيل فهو على اساس ما نقل في كتاب التذكرة.
قال الأزميري في بدائع البرهان : " قوله تعالى : قل آلذكرين إلى قوله صادقين فيه للأزرق ستة أوجه كلّها صحيحة الأوّل والثاني والثالث الإبدال في { آلذكرين } مع القصر في { نبؤني } من الشاطبية وتلخيص ابن بليمة وكذا من التذكرة على ما في النشر ، ومع التوسط في { نبؤني } من تلخيص ابن بليمة والتيسير والشاطبية ومع الطول فيهما من الشاطبية والتجريد والتبصرة والكافي والهداية ، والرابع والخامس والسادس التسهيل في{ آلذكرين } مع قصر البدل من الشاطبية وكذا من التذكرة على ما وجدنا فيها ومع التوسط في البدل من التيسير والشاطبية ومع الطول فيه من الشاطبية والكامل والعنوان والمجتبى وأغرب التسهيل مع قصر البدل في النشر وليس بغريب ومنعه الشيخ ولا وجه لمنعه " ( نفس المصدر السابق ). فقوله رحمه الله تعالى : " وأغرب التسهيل مع قصر البدل في النشر وليس بغريب ومنعه الشيخ ولا وجه لمنعه " أي اتسغرب العلامة الأزميري عدم ثبوت وجه التسهيل مع قصر البدل في النشر مع وروده في كتاب التذكرة ، وقد منع الشيخ وهو المنصوري وجه التسهيل على القصر عملاً بظاهر النشر ولا وجه لمنعه لثبوته من التذكرة. وهذا الذي حمل العلامة المتوليّ أن يقول :

..........نبؤ قصرهُ اهملَنْ..........إذا ما بعيد اثنين قل قد تسهّلاَ

أي اهمِل القصر في البدل في كلمة { نبؤني } إذا قرأت بالتسهيل في { آلذكرين } وقد عبّر عنها ببُعيد اثنين لأنها وقعت في الموضعين بعد كلمة { اثنين }. وإلى هذا جنح المحقق القاضي رحمه الله في البدور الزاهرة وهو ظاهر كلام النشر.

أقول من خلال ما ذُكر من الأقوال يمكن استخراج الفوائد التالية :

أوّلاً : اختلاف المحررين إلى مذهبين : الأوّل : المعتمدون على ظاهر النشر وعلى رأسهم العلامة المنصوري الذي منع وجه التسهيل على قصر البدل اعتماداً على ظاهر النشر. والثاني المعتمدون على أصول النشر وعلى رأسهم العلامة الأزميري حيث اعتمد على كتاب التذكرة في إثبات صحة وجه التسهيل على قصر البدل.

ثانياً : ورود الاختلاف بين ظاهر النشر ومصدره ، وقد لاحظنا جميعاً أنّ ابن الجزري نصّ على وجه الإبدال من التذكرة إضافة إلى تلاوته به بالإسناد إلى ابن غلبون مع أنّ في التذكرة لم نجد إلاّ وجه التسهيل.

ثالثاً : قد أثبت العلامة الأزميري كلا الوجهين من التذكرة فوجه الإبدال اعتماداً على ظاهر النشر ووجه التسهيل اعتماداً على كتاب التذكرة. والذي حمله على ذلك في نظري هو ثبوت وجه الإبدال عن ابن الجزري بالأداء إلى صاحب التذكرة فتقوىّ وجه الإبدال بذلك والله أعلم.

رابعاً : لم يُنقل الخلاف عن صاحب التذكرة في ذلك وبالتالي فإجراء الوجهين عنه يحتاج إلى نظر ، فإمّا أن يكون ابن الجزري قد وهم في نسبة وجه الإبدال إليه وإمّا أن يكون صاحب التذكرة أقرأ بهما واكتفى بذكر وجه التسهيل في تذكرته. وهذا كلّه مجرّد احتمال. ويجدر بي أن أنبّه على أنّ مذهب صاحب التذكرة في الهمزتين هو التسهيل فقط وذلك في نحو { ءأنذرتهم } مع اشتهار وجه الإبدال عن ورش وهذا ما يؤكّد على أنّ مذهبه في { آلذكرين } هو التسهيل.

خامساً : قول ابن الجزريّ : " وبه – أي بوجه الإبدال - قرأ الداني على شيخه أبي الحسن " فيه نظر لأنّ الداني لم يقل بذلك في جامع البيان كعادته وهو خلاف ما في التذكرة ، ويبدوا أنّ ابن الجزريّ قاله اعتماداً على أدائه في ذلك لا غير.

رابعاً : إنّ ما جنح إليه العلامة المتولّي في منع وجه التسهيل على القصر كان في البداية قبل أن يتبنّى مذهب الأزميري والدليل على ذلك أنّ ما حنح إليه في البداية كان على خلاف ما حققه الأزميري من جهة ومن جهة أخرى فقد نقل في روض النضير وجه التسهيل من التذكرة حين قال : " وكذا يمتنع ترقيق اللام التي بعد الظاء للأزرق لأنّ التسهيل من التذكرة والعنوان والمجتبى وأحد الوجهين من التيسير والشاطبية وبه قرأ الداني على أبي الفتح " (الروض النضير ص405). تنبيه : قول المتولي " وبه قرأ الداني على أبي الفتح " فيه نظر فإنّ أثبت وجه التسهيل من التذكرة في روض النضير فتكون قراءة الداني لوجه التسهيل على أبي الحسن طاهر ابن غلبون صاحب الكتاب وليس على أبي الفتح.

خامساً : هذه المسألة تدلّ على أنّ المتولي والضباع لم يطلعا على كتاب التذكرة بل اعتمدا في ذلك على كلام الأزميري في بدائعه ، والحمد لله فإنّ كتاب التذكرة وغيره في متناول المتخصصين اليوم وبالتالي فلا بدّ من إعادة النظر في المسائل اعتماداً على المصادر المطبوعة والمخطوطة بدل الاعتكاف على كلّ ما قرره أئمتنا المحررين الذين اجتهدوا على حسب ما بلغهم وما بحوزتهم من المصادر ، والحجة مع من قرأ على من لم يقرأ.

سادساً : نلاحظ أنّ جميع الأوجه الستة أي ثلاثة البدل مع وجهي { آلذكرين } ثابتة من الشاطبية خلافاً للمصادر الأخرى التي اكتفت ببعضها دون البعض مع تأخّر الشاطبية على معظم تلك المصادر ، وهذا يدلّ على أنّ العمل بمقتضى ظاهر الشاطبية يُفضي إلى التلفيق والخلط بين الطرق لعدّة أسباب : أوّلاً : أنّ الشاطبيّ عليه رحمة الله تعالى لم يقم بتحرير الطرق بل ترك الأمر على الإطلاق. ثانياً : اعتبر المحررون والمحققون على رأسهم إمام الفنّ ابن الجزري الشاطبية مصدراً مستقلاً بمثابة المصادر الأخرى بغضّ النظر عن حصر طرقها ومصادرها. إذ من تأمّل في مضمون الشاطبية يجد أنّها تحوي على الكثير من المصادر كما هو الحال في طيّبة النشر مع اختلاف عدد الطرق والمصادر ، فكان من الأولى على المحررين أن يعاملوا الشاطبية كما عاملوا الطيّبة في حصر الطرق والمصادر لأنّ المصدر إذا احتوى على الكثير من المصادر وجب تحرير طرقه وعزوها إلى مصادرها درءً للتلفيق والتركيب وهذا الذي فعله ابن الجزري في مسائله التبريزية مع مسألة اجتماع البدل مع الذات وهذا الذي ينبغي فعله في باقي المسائل لكن مع عزو كلّ وجه إلى مصدره. وهذا هو السبب الذي حمل المحررون على عدم حصر طرق ومصادر الشاطبية جزئية جزئية لاعتبارهم بأنّها مصدر مستقلّ بمثابة كتاب التيسير وغيره.


وخلاصة البحث هو إجراء الأوجه الستة من طريق الشاطبية على هذا النحو :

- التسهيل في { آلذكرين } وأخواتها مع قصر البدل على ما في التذكرة
- الإبدال على قصر البدل من التذكرة على ما في النشر وبه قرأ ابن الجزري من طريق التذكرة
-التسهيل والإبدال على التوسط من طريق التيسير وبه قرأ الداني على ابن خاقان
- التسهيل والإبدال مع الطول في البدل من جامع البيان.

والعلم عند الله تعالى.

أكتفي بما ذكرت وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

محمد يحيى شريف الجزائري
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد

تحرير مسألة الهمزتين المنفصلتين المتفقتين في الحركة نحو { هؤلاء إن } و { شاء أنشره } و {أولياء أولائك } مع أوجه البدل.


قال ابن غلبون في كتابه التذكرة في الهمزتين المفتوحتين من كلمتين نحو { جاء أجلهم } ، و { شاء أنشره }: " فقرأ قنبل وورش ورويس بهمزالأولى وجعلوا الثانية بين بين ، فصارت كالمدّة في اللفظ في جميع القرءان... " (1/116).

وقال في المكسورتين نحو {هؤلاء إن كنتم } : " فقرأ قنبل وورش ورويس بهمز الأولى وجعلوا الثانية بين بين فصارت كالياء الساكنة في اللفظ في جميع القرءان ". ثمّ قال " وقد رُوي عن ورش في قوله { هؤلاء إن كنتم } في البقرة وقوله في النور { على البغاء إن أردن } أنّه همز الأولى وجعل الثانية مكسورة كسرة خفيفة من غير مدّ فيها في هذين الموضعين فقط ، ةقد قرأت به ، غير أنّ الأجود فيهما والأشهر هذه الرواية الأولى "

وقال في المضمومتين : وذلك في { أولياء أولائك } " فقرأ قنبل وورش ورويس بهمز الأولى وجعلوا الثانية بين بين ، فصارت كالواو الساكنة في اللفظ ....."

أقول : من خلال كلام صاحب التذكرة يتبيّن أنّ مذهبه في الهمزتين من الكلمتين والمتفقتين في الحركة هو تحقيق الأولي وتسهيل الثانية بين بين وجواز إبدال الثانية ياءً خفيفة الكسر في { هؤلاء إن كنتم } في البقرة و{ على البغاء إن أردن } في النور.

قال أبو عمرو الداني في التيسير : "اعلم أنّهما إذا اتفقتا بالكسر ، نحو {هؤلاء إن كنتم} و { من النساء إلاّ } وشبهه فقنبل وورش يجعلان الثانية كالياء الساكنة. وأخذ عليّ ابن خاقان لورش بجعل الثانية ياءً مكسورة في البقرة في قوله عزّ وجلّ { هؤلاء إن كنتم } وفي النور { على البغاء إن أردن } فقط وذلك مشهورٌ عن ورش دون النصّ. " ثمّ قال " فإذا انفتحا نحو قوله تعالى { جاء أجلهم } ، و {شاء أنشره } وشبهه فورش وقنبل يجعلان الثانية كالمدّة " ثمّ قال " فإذا اتفقتا في الضمّ وذلك في موضع واحد في الأحقاف في قوله تعالى { أولياء أولائك } لا غير ، فورش وقنبل يجعلان الثانية كالواو الساكنة " ( التيسير ص151 و 152 طبعة مكتبة الصحابة ).

من خلال كلام الداني في كتابه التيسير يتبيّن أنّه قرأ على ابن خاقان في الهمزتين المتفقتين في الحركة بتحقيق الأولى وتسهيل الثانية بين بين ، فعبّر في المكسورتين ب كالياء الساكنة وفي المفتوحتين ب كالمدة وفي المضمومتين ب كالواو الساكنة وكلّ ذلك بمعنى التسهيل كما وضّح ذلك الإمام المالقي في شرحه على التيسير حيث قال : " قال الحافظ : فقنبل وورش يجعلان الثانية كالياء الساكنة ...إلى آخر كلامه ومراده أنّهما يجعلانها بين الهمزة والياء ...." ثمّ قال في الأخير " وحاصلها في جميع ما تقدّم أنّ الكوفيين وابن عامر يحققون الهمزتين في جميع الأنواع الثلاثة ، وورشاً وقنبلاًً يسهّلان الثانية بجعلها بين الهمزة والحرف الذي منه حركتها ، فتكون المكسورة بين الهمزة والياء ، والمفتوحة بين الهمزة والألف ، والمضمومة بين الهمزة والواو." (الدرّ النثير ص362 ، 363).

ومن الملاحظ أيضاً أنّ عبارة الداني توهم الاستثناء في { هؤلاء إن كنتم } وفي النور { على البغاء إن أردن } أي لزوم أبدال الثانية فيهما ياءً مكسورة من غير تخيير وهو الذي جنح إليه المالقي في شرحه على التيسير وقرره ابن الجزريّ في نشره كما سيأتي. قال المالقي : " وقوله – أي الداني – : (وأخذ عليّ ابن خاقان) يقتضي في هذين الموضعين خاصّة أحد أمرين : إمّا أن يقرأ ورش بالياء المكسورة قولاً واحداً ، فيكون في حكم الاستثناء المطلق من جميع الفصل. وإمّا أن يقرأ لورش بالوجهين ، أعني يسهّل بين بين كسائر الفصل وبالبدل أيضاً ، فيكون في حكم الاستثناء المخصوص برواية ابن خاقان ، فينبغي أن يبحث عن تحقيق مذهبه في كتاب التيسير : فاعلم أنّه إنّما أسند قراءته برواية ورش في التيسير عن ابن خاقان لا غير ، وابن خاقان هو الذي استثنى له هذين الموضعين ، فعلى هذا ليس في التيسير في هذين الموضعين في قراءة ورش إلاّ البدل ..." ثمّ قال في الأخير : " وظاهر مذهبه في التيسير الأخذ بجعلها ياءً مكسورة في الموضعين ، والله أعلم " ( نفس المصدر السابق )


قال ابن الجزريّ : " وأما الأزرق فروي عنه إبدال الهمزة في الأقسام الثلاثة حروف مد كوجه قنبل جمهور أصحاب المصريين ومن أخذ عنهم من المغاربة وهو الذي قطع به غير واحد منهم كابن سفيان والمهدوي وابن الفحام الصقلي وكذا في التبصرة والكافي وقالا أنه الأحسن له ولم يذكره الداني في التيسير وذكره في جامع البيان وغيره. وقال إنه الذي رواه المصريون عنه أداء. ثم قال والبدل على غير قياس وروى عنه تسهيلها بين بين في الثلاثة الأقسام كثير منهم كأبي الحسن بن غلبون وأبي الحسن بن بليمة وأبي الطاهر صاحب العنوان وهو الذي لم يذكر في التيسير غيره وذكر الوجهين جميعاً أبو محمد مكي وابن شريح والشاطبي وغيرهم واختلفوا عنه في موضعين وهما (هؤلاء إن كنتم، والبغاء إن أردن)فروى عنه كثير من الرواة التسهيل جعل الثانية فيها ياء مكسورة، وذكر في التيسير أنه قرأ به على ابن خاقان عنه وانه المشهور عنه في الأداء، وقال في الجامع: إن الخاقاني وأبا الفتح وأبا الحسن استثنوها فجعلوا الثانية منهما ياء مكسورة محضة الكسرة، قال وبذلك كان يأخذ فيهما ابو جعفر بن هلال وأبو غانم بن حمدان وأبو جعفر بن أسامة وكذلك رواه إسماعيل النحاس عن أبي يعقوب أداء، قال وروى أبو بكر بن سيف عنه إجراءهما كسائر نظائرهما وقد قرأت بذلك أيضاً على أبي الفتح وأبي الحسن وأكثر مشيخة المصريين على الأول (قلت) فدل على أنه قرأ بالوجهين على كل من أبي الفتح وأبي الحسن ولم يقرأ بغير إبدال الياء المكسورة على ابن خاقان كما أشار إليه في التيسير وقد ذكر فيهما الوجهين أعني التسهيل والياء المكسورة أبو علي الحسن بن بليمة في تلخيصه وابن غلبون في تذكرته وقال إن الأشهر التسهيل، على أن عبارة جامع البيان في هذا الموضع مشكلة " (النشر 1/384،385).


أقول : من خلال ما تقدّم من كلام ابن الجزريّ يتبيّن أنّ مذهب أبي الحسن طاهر ابن غلبون هو التسهيل بين بين في الأنواع الثلاثة.
وأمّا في {هؤلاء إن كنتم } و{على البغاء إن } فقد قرأ الداني على أبي الحسن بن غلبون بالوجهين وهما تحقيق الأولي وتسهيل الثانية بين بين أو إبدال الثانية ياءً مكسورة وهو ظاهر كلام صاحب التذكرة والنشر . وقرأ على أبي الفتح بالوجهين أي بتحقيق الأولى وإبدال الثانية ياءً مدية أو إبدالها ياءً مكسورة ودليل ذلك أنّ الداني لم يقرأ على أبي الحسن في المكسورتين إلاّ بالتسهيل ولم يقرأ على ابن خاقان إلاّ بالتسهيل كما في التيسير وبالتالي فوجه الإبدال – أي الياء المدية - لا يكون إلاّ من قراءته على أبي الفتح. ومما يؤكد ذلك أنّ ابن الجزري قد نقل كلّ من له التسهيل والياء المكسورة وهم ابن غلبون وابن بليمة حين قال : " وقد ذكر فيهما الوجهين أعني التسهيل والياء المكسورة أبو علي الحسن بن بليمة في تلخيصه وابن غلبون في تذكرته وقال إن الأشهر التسهيل " ولم يذكر معهم أبا الفتح ، فدلّ على الداني قرأ على أبي الفتح في المكسورتين بإبدال الثانية ياءً مدية.
وأمّا ابن خاقان فلم يقرأ في الموضعين إلاّ بإبدال الثانية ياءً مكسورة فهو استثناء لوجه التسهيل في المكسورتين كما هو ظاهر كلام المالقي وكذا ابن الجزريّ حين قال : " ولم يقرأ بغير إبدال الياء المكسورة على ابن خاقان كما أشار إليه في التيسير"

فنخلص مما سبق أن الداني قرأ على أبي الحسن وابن خاقان بتحقيق الأولى وتسهيل الثانية بين بين في الأنواع الثلاثة ، وقرأ بإبدال الثانية ياءً مدية على أبي الفتح.
وقرأ {هؤلاء إن كنتم } و{على البغاء إن } على أبي الحسن بالوجهين أي التسهيل والياء المكسورة وعلى أبي الفتح بالوجهين أي الياء المدية والياء المكسورة وقرأ على ابن خاقان بوجه واحد وهو الياء المكسورة.

وينبغي التذكير أنّ قصر البدل هو قراءة الداني على أبي الحسن طاهر ابن غلبون ، وأنّ توسط البدل هو قراءة الداني على ابن خاقان من التيسير وأنّ طول البدل قراءة الداني على أبي الفتح من جامع البيان.

وبالتالي فتحرير الأوجه بين البدل والهمزتين المتفقتين في الحركة كالتالي :

- فقصر البدل عليه التسهيل لا غير من طريق التذكرة وبه قرأ الداني على أبي الحسن

- توسط البدل عليه التسهيل كذلك ، من طريق التيسير وبه قرأ الداني على ابن خاقان

- طول البدل يكون بإبدال الثانية ياءً مدية من طريق جامع البيان وبه قرأ الداني على أبي الفتح.


وأمّا {هؤلاء إن كنتم } و{على البغاء إن } فيكون تحريرها كالتالي :

- قصر البدل وعليه الوجهان وهما التسهيل والياء المكسورة من التذكرة لابن غلبون وهي قراءة الداني على أبي الحسن.

- توسط البدل مع الياء المكسورة فقط من التيسير ودليلي في ذلك قول المالقي : ": فاعلم أنّه – أي الداني - إنّما أسند قراءته برواية ورش في التيسير عن ابن خاقان لا غير ، وابن خاقان هو الذي استثنى له هذين الموضعين ، فعلى هذا ليس في التيسير في هذين الموضعين في قراءة ورش إلاّ البدل ..."

- طول البدل وعليه الوجهان وهما الياء المدية والياء المكسورة من جامع البيان وهي قراءة الداني على أبي الفتح.

فيحصل من ذلك خمسة أوجه من طريق الشاطبية والعلم عند الله تعالى.

أكتفي بما ذكرت وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

محمد يحيى شريف الجزائري
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد


تحرير أوجه الهمزتين من كلمتين الأولى مضمومة والثانية مكسورة نحو { يشاء إلى } مع أوجه البدل


قال أبو الحسن طاهر ابن غلبون في كتابه التذكرة : " فقرأ الحرميان وأبو عمرو ورويس بهمز الأولى وجعلوا الثانية بين بين فصارت كالياء المختلسة وهو الجيّد ، وهو مذهب الخليل وسيبويه الذي لا يجوز عندهما غيره .." ثمّ قال " وقد ذهب قوم كثير من المقرئين إلى أنّ هذه الهمزة المليّنة في هذا الضرب تُجعل واواً مكسورة ، وهو يجوز على مذهب الأخفش ....... " (التذكرة 1/ 118 و119).

أقول : كلام أبي الحسن يدلّ على جواز الوجهين عنده أي تحقيق الأولى وتسهيل الثانية بين بين أو إبدالها واواً مكسورة.

قال أبو عمرو الداني : " وقد قرأت بالمذهب الأوّل على فارس أحمد في مذهب أهل الحرمين وأبي عمرو وهو أوجه في القياس" ( جامع البيان ص 227).

وأمّا قراءة الداني على أبي الحسن فبالوجهين جميعاً كما هو ظاهر في كلام أبي الحسن المذكور آنفاً.

وأمّا قراءة الداني على ابن خاقان فبالوجهين جميعاً ، قال الداني في التيسير : " والمكسورة المضموم ما قبلها تُسهّل على وجهين : تُبدل واواً مكسورة على حركة ما قبلها ، وتُجعلُ بين الهمزة والياء على حركتها ، والأوّل مذهب القراء وهو آثر ، والثاني مذهب النحويين وهو أقيس وبالله التوفيق " (التيسير ص153)

قال ابن الجزريّ : " واختلف أئمتنا في كيفية تسهيل القسم الخامس فذهب بعضهم إلى أنها تبدل واواً خالصة مكسورة وهذا مذهب جمهور القراء من أئمة الأمصار قديماً وهو الذي في الإرشاد والكفاية لأبي العز قال الداني في جامعه وهذا مذهب أكثر أهل الأداء قال وكذا حكى أبو طاهر ابن أبي هاشم أنه قرأ على ابن مجاهد قال وكذا حكى أبو بكر الشذائي أنه قرأ على غير ابن مجاهد. قال وبذلك قرأت أنا على أكثر شيوخي. وقال في غيره وبذلك قرأت على عامة شيوخي الفارسي والخاقاني وابن غلبون. وذهب بعضهم إلى أنها تجعل بين بين أي الهمزة والياء وهو مذهب أئمة النحو كالخليل وسيبويه ومذهب جمهور القراء حديثاً وحكاه ابن مجاهد نصاً عن اليزيدي عن أبي عمرو ورواه الشذائي عن ابن مجاهد أيضاً وبه قرأ الداني على شيخه فارس بن أحمد بن محمد قال وأخبرني عبد الباقي ابن الحسن أنه قرأ كذلك عن شيوخه. وقال الداني أنه الأوجه في القياس وإن الأول آثر في النقل (قلت) وبالتسهيل قطع مكي والمهدوي وابن سفيان وصاحب العنوان وأكثر مؤلفي الكتب كصاحب الروضة والمبهج والغايتين والتلخيص ونص على الوجهين في التذكرة والتيسير والكافي والشاطبية وتلخيص العبارات وصاحب التجريد في آخر فاطر وقال إنه قرأ بالتسهيل على الفارسي وعبد الباقي. وقد أبعد وأغرب ابن شريح في كافيه حيث حكى تسهيلها كالواو ولم يصب من وافقه على ذلك لعدم صحته نقلاً وإمكانه لفظاً فإنه لا يتمكن منه إلا بعد تحويل كسر الهمزة ضمة أو تكلف إشمامها الضم وكلاهما لا يجوز ولا يصح والله تعالى أعلم.وقرأ الباقون وهم ابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي وخلف وروح بتحقيق الهمزتين جميعاً في الأقسام الخمسة وانفر ابن مهران عن روح بالتسهيل مثل رويس والجماعة." ( النشر 1/388).

أقول : من خلال كلام ابن الجزريّ عليه رحمة الله تعالى يتبيّن أنّ الداني قرأ على جميع شيوجه بالإبدال وذلك عند قوله : " قال – أي الداني - وبذلك قرأت أنا على أكثر شيوخي. وقال في غيره وبذلك قرأت على عامة شيوخي الفارسي والخاقاني وابن غلبون." و قد نقل هذا الكلام عن الداني الخراز في شرحه على الدرر اللوامع والمسمّى القصد النافع لبغية الناشئ والبارع على الدرر اللوامع ص179.
وأمّا وجه التسهيل فهو أحد الوجهين في التذكرة وبه قرأ الداني على أبي الحسن ، وهو كذلك في التيسير ، وبه قرأ الداني على ابن خاقان ، وبه قرأ أيضاً على أبي الفتح كما هو ظاهر جامع البيان والنشر.

فالحاصل أنّ الداني قد قرأ على مشايخه الثلاثة بالإبدال والتسهيل جميعاً ، فأمّا الإبدال فهو نصّ كلام الداني الذي صرّح بأنّه قرأ على جميع مشايخه بالإبدال ، وأمّا التسهيل فهو أحد الوجهين في التذكرة والتيسير أي قراءة الداني على أبي الحسن وابن خاقان. وأمّا أبو الفتح فقد صرح الداني في جامعه أنّه قرأ عليه بالتسهيل وهو منقول في النشر كما يظهر.

فنخلص ممّا سبق أنّ التسهيل والإبدال كلاهما يجريان مع ثلاثة البدل ولا يمنع منها شيء والعلم عند الله تعالى.

محمد يحيى شريف الجزائري
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم


تحرير لفظ { هأنتم } مع أوجه البدل.


قال طاهر ابن غلبون رحمه الله تعالى : " وقرأ قنبل ورويس { هأنتم } بالهمز من غير مدّ حيث وقع ، وقرأ نافع وأبو عمرو بالمدّ من غير همز ، وقرأ الباقون بالمدّ والهمز. واعلم أنّ أبا عمرو ورجال نافع يتفاضلون في المدّ في { هأنتم } إذا جعلتَ الهاء بدلاً من همزة الاستفهام ، على ما بيّناه من تفاضلهم في المدّ في قوله تعالى { ءأنذرتهم }.
فأمّا إذا جعلتَ الهاء للتنبيه فإنّهم يستوون في المدّ في {هأنتم} لأنّه ليس أحد منهم يُدخلُ بين الهمزة والألف والهمزة المليّنة التي بعدها ألفاً ، كما فعل ذلك من فعله منهم في قوله {ءأنذرتهم} ونحوه, وكذا الباقون ممن عدا قنبلاً ورويساً يتفاضلون في المدّ في {هأنتم} على ما بيّناه في تفاضلهم في المدّ في حرف اللين الواقع قبل الهمزة ، في باب المدّ والقصر فيما كان من كلمة أو كلمتين ، على الوجهين من كون الهاء بدلاً من همزة الاستفهام أو للتنبيه ، فاعلم " التذكرة (2/289).

أقول : كلام صاحب التذكرة يدل على أنّ مذهبه في {هأنتم} لورش هو إثبات حرف المدّ بالطول مع تسهيل الهمزة ، وذلك لأنّ رويساً وقنبلاً قرآ بالهمز من غير مدّ ، والبزي وابن عامر والكوفيون وروح بالهمز مع المدّ ، والباقون وهم نافع وأبي عمرو بالمد من غير همز بحسب تفاضلهم في المدّ أي المنفصل ، والمراد من غير همز أي بالتسهيل إذ لا يمكن أن يكون غير ذلك.
قال ابن الجزريّ في نشره : ". وأما (هانتم) في موضعي آل عمران وفي النساء والقتال فاختلفوا في تحقيق الهمزة فيها وفي تسهيلها وفي حذف الألف منها، فقرأ نافع وأبو عمرو وأبو جعفر بتسهيل الهمزة بين بين. واختلف عن ورش من طريقيه فورد عن الأزرق ثلاثة أوجه:
(الأول) حذف الألف فيأتي بهمزة مسهلة بعد الهاء مثل (هعنتم) وهو الذي لم يذكر في التيسير غيره وهو أحد الوجهين في الشاطبية والإعلان.
(الثاني) إبدال الهمزة ألفاً محضة فتجتمع مع النون وهي ساكنة فيمد لالتقاء الساكنين. وهذا الوجه هو الذي في الهادي والهداية وهو الوجه الثاني في الشاطبية والإعلان.
(الثالث) إثبات الألف كقراءة أبي عمرو وأبي جعفر وقالون إلا أنه مشبعاً على أصله وهو الذي في التبصرة والكافي والعنوان والتجريد والتلخيص والتذكرة وعليه جمهور المصريين والمغاربة." (النشر 1/400).

قال أبو عمرو الداني في جامع البيان : " وأمّا ما حكاه النحاس عن أبي يعقوب ، وما رواه أحمد بن صالح عنه من أنّه يمدّ فوجهه أن يكونا يرويان عنه إبدال الهمز ألقاً خالصة كرواية عامّة أصحاب أبي يعقوب الأزرق عنه ذلك في الاستفهام نحو {ءأنذرتهم} وبابه ، وإذا أُبدلت إبدالاً صحيحاً ولم يجعل بين بين على القياس لم يكن بدّ من زيادة التمكين لتلك الألف المبدلة منها لخلوص سكونها وسكون النون بعدها ليتميّز بتلك الزيادة الساكنان أحدهما من الآخر ، ولا يلتقيان ، وقد يتوجّه ما روياه من المدّ أيضاً إلى أن تكون الهاء عندهما للتنبيه دون أن تكون مبدلة من الهمزة ، لأنّها إذا كانت كذلك حصلت ألف ساكنة بين الهاء وبين الهمزة المسهّلة ، فلا بدّ من مدّها وإشباع تمكينها لأجل تلك الهمزة المسهّلة من حيث كانت بزنة المحققة " (جامع البيان ص452).

أقول : كلام الداني ظاهر في إثبات وجه المدّ مع التسهيل لورش باعتبارها هاءً للتنبيه وذلك عند قوله "، وقد يتوجّه ما روياه من المدّ أيضاً إلى أن تكون الهاء عندهما للتنبيه دون أن تكون مبدلة من الهمزة ، لأنّها إذا كانت كذلك حصلت ألف ساكنة بين الهاء وبين الهمزة المسهّلة ، فلا بدّ من مدّها وإشباع تمكينها لأجل تلك الهمزة المسهّلة من حيث كانت بزنة المحققة "

وعلى ما سبق فإنّ وجه المدّ مع التسهيل في {هأنتم} ثابت لورش في التذكرة ، ونقله ابن الجزريّ وأثبته من طريق التذكرة ، ونقله الداني عن النحاس أبي يعقوب الأزرق في جامع البيان ولاشك أنّه به قرأ على أبي الحسن طاهر ابن غلبون لاقتصاره عليه في كتابه التذكرة.

السؤال الآن لماذا أهمل الشاطبيّ هذا الوجه ولم يذكره في حرزه مع ثبوته من طرقه واستفاضتة وشهرته حتّى قال ابن الجزريّ : " وعليه جمهور المصريين والمغاربة." ؟

وعلى هذا الأساس لابدّ من إثبات وجه المدّ مع التسهيل في {هأنتم} لورش من الشاطبية وإن أهمله الشاطبيّ عليه رحمة الله تعالى لأنّ تحرير الطرق ليس مقتصراً على إلغاء ما خرج من الطرق والمصادر بل الأمر يتعدّى إلى إثبات ما أهمل من الأوجه مما ثبت من طرق الكتاب واستفاض وتلقاه أهل الأداء بالقبول فضلاً عن ما اشتهر عن جمهور المصريين والمغاربة

ومن الأمثلة ما استدركه المحققون على الشاطبيّ إلحاق { يصّالحا } مع { طال } و { فصالا} مع أنّ الشاطبيّ لم يذكر إلا { طال } و { فصالا} وذلك عند قوله ( وفي طال خلف مع فصالاً وعندما ) ولا شكّ أنّه ذكر الكلمتين على سبيل الحصر لقلّتها.

ومن المهمّ أن أذكّر أنّ المدّ إذا وقع قبل الهمزة المسهّلة جاز فيه المدّ والقصر جميعاً ، فالمدّ باعتبار الهمز الواقع بعد حرف المدّ ، والقصر باعتبار تغيّر الهمز ، إلاّ أنّ المدّ يُقدّم في الأداء لبقاء أثر الهمزة. قال الشاطبيّ رحمه الله تعالى :
( وإن حرف مدّ قبل همز مغيّر .......يجز قصره والمدّ ما زال أعدلا).

فخلاصة القول في علاقة { هأنتم } بالبدل هي كالتالي :

- قصر البدل وعليه تسهيل الهمزة مع المدّ والقصر في { هأنتم} من التذكرة وبه قرأ الداني على أبي الحسن

- توسط البدل وعليه تسهيل الهمزة مع حذف حرف المدّ مثل (هعنتم) من التيسير وبه قرأ الداني على ابن خاقان.

- طول البدل وعليه إبدال الهمزة حرف مدّ مشبع لالتقاء الساكنين من جامع البيان ويبدوا أنّ الداني قد قرأ به على أبي الفتح. والعلم عند الله تعالى


قد يقول القائل كيف نُثبتُ وجهاً من الشاطبية ولم نقرأ به على مشايخنا ؟ الجواب من ناحيتين :

الأولى : إنّ المحررين تركوا الكثير من الأوجه التي تلقوها عن مشايخهم اعتماداً على ما ثبت في المصادر إذ المصادر تعبّر عن الوجه الذي قرأ به القدامى بأسانيدهم.

الثانية : إنّ الثابت عن الداني هو قراءته بتسهيل الهمزة مع المدّ في {هأنتم} من طريق التذكرة أي من طريق قصر البدل ، فكيف نقرأ نحن به ولم يثبت عن الداني ؟


أكتفي بما ذكرت وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

محمد يحيى شريف الجزائري.
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد

تحرير لفظ { أرايتكم } و { أرايتم } و { أرايت } ونحوه مع أوجه البدل :


قال ابن غلبون : " وقرأ نافع { قل أرءيتكم } و { أرءيتم } و { أرءيت } و { أرءيتك } وما أشبه هذا ، مما قبل الراء همزة وبعدها همز : بهمز الأولى وجعل الثانية بين الهمزة والألف ، فتكون كالمدّة في اللفظ حيث وقع " (التذكرة 2/323).

قال الإمام الداني في التيسير : " نافع : { أرايتكم } و { أرايتم } و { أرايت } و { أفرايت } : يُسهّل الهمزة التي بعد الراء" (التيسير ص275 - مكتبة الصحابة-).

وقال في جامع البيان : " قرأ نافع { أرأتكم } و { أرأيتك} و { أرأيت } و { أرأيتم } و { أفرأيتم } و { أفرأيت } و ما أشبهه إذا كان أوّله همزة الاستفهام بتسهيل الهمزة الثانية التي بعد الراء ، فتكون بين الهمزة والألف " (جامع البيان ص389).

قال ابن الجزريّ : "(السادس) أن تكون الهمزة مفتوحة بعد فتح فاتفق نافع وأبو جعفر على تسهيلها بين بين إذا وقع بعد همزة الاستفهام نحو (أرأيتكم، وأرأيتم، وأرأيت، وأفرأيتم) حيث وقع. واختلف عن الأزرق عن ورش في كيفية تسهيلها فروى عنه بعضهم إبدالها ألفاً خالصة وإذا أبدلها مد لالتقاء الساكنين مداً مشبعاً على ما تقرر من باب المد وهو أحد الوجهين في التبصرة والشاطبية والإعلان وعند الداني في غير التيسير وقال في كتابه التنبيه أنه قرأ بالوجهين، وقال مكي وقد قيل عن ورش إنه يبدلها ألفاً وهو أحرى في الرواية لأن النقل والمشافهة إنما هو بالمد عنه وتمكين المد إنما يكون مع البدل وجعلها بين بين أقيس على أصول العربية قال وحسن جواز البدل في الهمزة وبعدها ساكن أن الأول حرف مدد ولين. فالمد الذي يحدث مع السكون يقوم بها حركة يتوصل بها إلى النطق بالساكن انتهى. وقال بعضهم إنه غلط عليه. قال أبو عبد الله الفارسي ليس غلطاً عليه بل هي رواية صحيحة عنه فإن أبا عبيد القاسم بن سلام رحمه الله روى أن أبا جعفر ونافعاً وغيرهما من أهل المدينة يسقطون الهمزة غير أنهم يدعون الألف خلفاً منها فهذا يشهد بالبدل. وهو مسموع من العرب، حكاه قطرب وغيره (قلت) والبدل في قياس البدل في (أأنذرتهم) وبابه إلا أن بين بين في هذا أكثر وأشهر وعليه الجمهور والله أعلم."

قال المالقي (ت705) : " ومذهب الحافظ والإمام عن ورش إنّما هو بين بين كقالون لا غير " (الدرّ النثير ص637).

وقال الخراز ( ت731) في شرحه على الدرر اللوامع : " وقد نصّ على ذلك – أي الإبدال – أبو عمرو الداني في أيجاز البيان ورجّح فيهما التسهيل – أي {هأنتم } و{ أرأيت} – ، ولم يذكر في التيسير غيره وهو القياس " (القصد النافع ص351).

قال الواسطي (740) في كتابه الكنز "فإن تقدّمها همزة الاستفهام نحو { أرأيتكم } ، {أرأيتم} ، { أرأيت} فإنّ المدنيين يُليّنان همزتها بين بين, ورُويَ عن الأزرق إبدالها إلفاً أيضاً ، نقله مع وجه التليين مكيّ " ( الكنز 1/241). وإسناد الواسطي يمرّ على الداني عن ابن خاقان أي نفس إسناد التيسير.

من خلال ما سبق من الأقول والنصوص يتبيّن أنّ وجه التسهيل ثابت عن الداني من كتابه التيسير وجامع البيان وبه قرأ على أبي الحسن على ما يظهر في التذكرة. بل صرّح المالقي على أنّ الداني ليس له إلاّ التسهيل حين قال : " ومذهب الحافظ والإمام عن ورش إنّما هو بين بين كقالون لا غير " ، وبه قرأ الواسطي بسنده إلى الداني عن ابن خاقان. أمّا وجه الإبدال فلم أجده لا في التيسير ولا في جامع البيان ولا في المفردات ولا في التعريف وإنّما أثبت ابن الجزري الوجهين للداني من كتابه التنبيه حيث صرّح فيه الداني أنّه قرأ بالوجهين ، ونقل الخراز كلا الوجهين عنه من كتابه إيجاز البيان.

فالذي يظهر جليّاً أنّ وجه التسهيل أقوى رواية وقياساً خلافاً لوجه الإبدال فإنّه ضعيف رواية لا سيما عن الداني ، وذلك خلاف ما نسمعه الآن من المشايخ في تقديم وجه الإبدال في التلاوة ، وقد نبّه على تقديم وجه التسهيل العلامة الصفاقسيّ والعلامة المارغني عليهما رحمة الله تعالى.

فنخلص مما سبق أنّ وجه التسهيل هي قراءة الداني على جميع شيوخه كما في التذكرة والتيسير وجامع البيان. أمّا وجه الإبدال فإنّ الداني لم يقرأ به على أبي الحسن كما هو ظاهر كتاب التذكرة ، ولم يقرأ به على ابن خاقان كما هو ظاهر التيسير وقراءة الواسطي بسنده إلى الداني عن خاقان فتكون قراءة الداني بوجه الإبدال على ابن خاقان ضعيفة الاحتمال ، فما يبقى إلاّ قراءة الداني على أبي الفتح اعتماداً على ما نقله ابن الجزريّ عن الداني من كتابه التنبيه وما نقله الخراز عن الداني في إيجاز البيان ، فيُحتمل أن يكون الداني قد قرأ بوجه الإبدال مع وجه التسهيل على أبي الفتح ، والعم عند الله تعالى.

وبالتالي ، فإنّ وجه التسهيل يجري مع ثلاثة البدل ، وأمّا الإبدال فيكون مع طول البدل وهي قراءة الداني على أبي الفتح والعلم عند الله تعالى. ولا أدّعي الكمال فيما ذكرت وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

محمد يحيى شريف الجزائري.
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد


تحرير لفظ {إرم} مع أوجه البدل :


اعلم حفظك الله تعالى أنّ ابن غلبون لم يستثن لفظ {إرم} من الترقيق بل اعتبرها مرققة كباقي الراءات المرققة المسبوقة بالكسر الأصليّ المتصل بها ، بل صرّح الداني أنّه قرأ عليه بالترقيق فقال : " فأقرأني ابن غلبون {إرم} بإمالة الراء لأجل الكسرة ، وأقرأنيه غيره بإخلاص فتحها لكون هذا الاسم بمنزلة الأعجميّ... " ( جامع البيان ص354).
والإمالة تُطلق على الترقيق كما هو معلوم في اصطلاح القدامى.

قال ابن الجزريّ : " وأما الألفاظ المخصوصة فهي ثلاثة عشر: أولها (إرم ذات العماد) في الفجر. ذهب إلى ترقيقها من أجل الكسرة قبلها أبو الحسن بن غلبون وأبو الطاهر صاحب العنوان وعبد الجبار صاحب المجتبى ومكي. وبه قرأ الداني على شيخه ابن غلبون وذهب الباقون إلى تفخيمها من أجل العجمة وهو الذي في التيسير والكافي والهداية والهادي والتجريد والتلخيصين والشاطبية. والوجهان صحيحان من أجل الخلاف في عجمتها. وقد ذكرهما الداني في جامع البيان. " (النشر 2/96).

أقول : من خلال ما سبق يظهر جلياً أنّ ترقيق الراء في { إرم} هو مذهب أبي الحسن طاهر ابن غلبون لعدم استثنائه لها في كتابه التذكرة وبه قرأ الداني عليه كما صرّح في جامع البيان. وقرأ الداني على غير أبي الحسن بالتفخيم أي قرأ على ابن خاقان وأبي الفتح بالتفخيم.

ثمّ إنّ ترقيق الراء في { إرم} صحيح وثابت في العنوان والمجتبى والتبصرة ولم ينفرد به أبو الحسن حتّى يُسقطه الإمام الشاطبيّ عليه رحمة الله تعالى.

فالسؤال : لماذا أهمل الإمام الشاطبيّ وجه الترقيق في {إرم} مع ثبوته من أحد طرقه وهو كتاب التذكرة لابن غلبون وبه قرأ الداني ورواه عنه في جامع البيان إضافة إلى ثبوت الوجه وصحته عن غير أبي الحسن ؟

وبالتالي فلا بدّ من إثبات وجه الترقيق في {إرم} من طريق الشاطبية ، وتحرير الكلمة مع أوجه البدل يكون كالتالي :

- قصر البدل وعليه الترقيق في {إرم} من التذكرة وبه قرأ الداني على أبي الحسن.
- توسط البدل وعليه التفخيم فيها من التيسير وبه قرأ الداني على ابن خاقان.
- طول البدل وعليه التفخيم فيها من جامع البيان وبه قرأ الداني على أبي الفتح.

أكتفي بما ذكرت ، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

محمد يحيى شريف الجزائري.
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم وبعد

أ – تحرير كلمة { كتابيه إنّي } من حيث جواز النقل وعدمه :

قال ابن غلبون في كتابه التذكرة عندما ذكر ما يُستثني من نقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها : " والموضع الثاني : هاء السكت وهو موضع واحد في الحآقّة { كتابيه إنّي ظننت } لأنّه بها الوقف وانقطاع الهمزة عنها " (التذكرة 1/124).

قال أبو عمرو الداني : " الموضع الواحد قوله في الحآقّة { كتابيه إنّي ظننت }. اختلف أصحاب ورش عنه ، فروى أبو يعقوب عنه أداءً أنّه سكن الهاء ، وحقّق الهمز بعدها على مراد القطع والاستئناف ، وبذلك قرأت من طريقه على الخاقاني وأبي الفتح وابن غلبون عن قراءتهم ، وعلى ذلك عامّة أهل الأداء المصريين " (جامع البيان ص267).

وقال في كتابه التيسير : "واستثنى أصحاب أبي يعقوب عن ورش من ذلك حرفاً واحداً في الحآقّة وهو قوله تعالى { كتابيه إنّي ظننت } ، فسكّنوا الهاء وحقّقوا الهمزة بعدها ، على مراد القطع والاستئناف. وبذلك قرأت على مشيخة المصريين وبه آخذ " ( التيسير ص157).

وقد نقل الخراز قولاً للداني فقال : "قال أبو عمرو : وبذلك قرأت على كلّ من قرأت عليه بروابة أبي يعقوب " (القصد النافع ص203). ويؤكد ذلك أنّ الداني روى وجه النقل من طريق عبد الصمد وليس من طريق أبي يعقوب الأزرق فقال : " وروى عبد الصمد عنه أنّه ألقى حركة الهمزة على الهاء ، وحرّكها بها على مراد الوصل طرداً لمذهبه في سائر السواكن ، ذكر عبد الصمد في كتابه المصنّف في الاختلاف بين نافع وحمزة ، وبذلك قرأت في روايته من طريق محمد بن سعيد الأنماطي وعبد الجبار بن محمد في رواية الباقين من أصحاب ورش.." (جامع البيان ص267). قال السخاوي : " فقال الحافظ أبو عمرو الداني رحمه الله : قرأت لورش فيه بترك النقل على جميع من قرأت عليه برواية أبي يعقوب ، والنقل برواية عبد الصمد ، ويونس ، وأحمد ، فيما قرأت به من طريقهم ، قال : - أي الداني – ولم يُذكر ذلك منصوصاً عنه – أي ورش- غير عبد الصمد فإنّه نصّ على ذلك في كتابه الذي صنّفه في الاختلاف بين نافع وحمزة ، قال : - أي عبد الصمد – الروايتان صحيحتان " ( فتح الوصيد 1/391 ،392).

قال ابن الجزريّ عليه رحمة الله تعالى : "واختلف عن ورش في حرف واحد من الساكن الصحيح وهو قوله تعالى في الحاقة (كتابيه إني ظننت) فروى الجمهور عنه إسكان الهاء وتحقيق الهمزة على مراد القطع والاستئناف من أجل إنهاء هاء سكت وهذا الذي قطع به غير واحد من الأئمة من طريق الأزرق ولم يذكر في التيسير غيره وذكره في غيره وقال إنه قرأ بالتحقيق من طريقيه على الخاقاني وأبي الفتح وابن غلبون وبه قرأ صاحب التجريد من طريق الأزرق عن ابن نفيس عن أصحابه عنه وعلى عبد الباقي عن أصحابه عن ابن عراك عنه ومن طريق الأصبهاني أيضاً بغير خلف عنه وهو الذي رجحه الشاطبي وغيره وروى النقل فيه كسائر الباب جماعة من أهل الأداء ولم يفرقوا بينه وبين غيره وبه قطع غير واحد من طريق الأصبهاني وهو ظاهر نصوص العراقيين له وذكره بعضهم عن الأزرق وبه قرأ صاحب التجريد على عبد الباقي عن أبيه من طريق ابن هلال عنه وأشار إلى ضعفه أبو القاسم الشاطبي وقال مكي أخذ قوم بترك النقل في هذا، وتركه أحسن وأقوى. وقال أبو العباس المهدوي في هدايته وعنه في (كتابيه إني)النقل والتحقيق فسوى بين الوجهين. (قلت) وترك النقل فيه هو المختار عندنا والأصح لدينا والأقوى في العربية وذلك أن هذه الهاء هاء سكت وحكمها السكون فلا تحرك إلا في ضرورة الشعر على ما فيه من قبح. وأيضاً فلا تثبت إلا في الوقف فإذا خولف الأصل فأثبتت في الوصل إجراء له مجرى الوقف لأجل إثباتها في رسم المصحف فلا ينبغي أن يخالف الأصل من وجه آخر وهو تحريكها فيجتمع في حرف واحد مخالفتان." النشر (1/409).

أقول : من خلال ما سبق من كلام الأئمّة عليهم رحمة الله تعالى يتبيّن أنّ أبا عمرو الداني لم يقرأ على مشايخه الثلاثة من طريق أبي يعقوب الأزرق إلاّ بإسكان الهاء وتحقيق الهمز في { كتابيه إنّى} كما يظهر من كلامه في جامع البيان والتيسير وما نقله الخراز والسخاوي عنه ، وهو ظاهر كلام النشر والتذكرة لابن غلبون ، وإنّما قرأ بوجه النقل من طريق عبد الصمد وغيره من غير طريق الأزرق كما ذكر في جامع البيان. فوجه النقل وإن ذكره الإمام الشاطبيّ في قصيدته فإنّ الداني لم يقرأ به من طريق أبي يعقوب الأزرق ، وحينئذ يكون وجه النقل خارج من طرق الإمام الشاطبيّ رحمه الله تعالى ، وبالتالي فينبغي الاكتفاء بوجه الإسكان وعدم النقل من طريق الحرز والعلم عند الله تعالى.


ب – تحرير كلمة { ماليه هلك } من حيث الإدغام والإظهار وعلاقتها ب {كتابيه إنّي}

أمّا {ماليه هلك } في الحاقة ، فقال ابن الجزريّ عليه رحمة الله تعالى : "وأما (ماليه هلك) في سورة الحاقة فقد حكى فيه الإظهار من أجل كونه هاء سكت كما حكى عدم النقل في (كتابيه إني) وقل مكى في تبصرته: يلزم من ألقى الحركة في (كتابيه إني) أن يدغم (ماليه هلك) لأنه قد أجراها مجرى الأصل حين ألقى الحركة وقدر ثبوتها في الأصل. قال وبالإظهار قرأت وعليه العمل وهو الصواب إن شاء الله قال أبو شامة يعني بالإظهار أن يقف على ماليه هلك وقفة لطيفة. وأما أن وصل فلا يمكن غير الإدغام أو التحريك قال وإن خلا اللفظ من أحدهما كان القارئ واقفاً وهو لا يدري لسرعة الوصل. وقال أبو الحسن السخاوي وفي قوله (ماليه هلك) خلف. والمختار فيه أن يوقف عليه لأن الهاء إنما اجتلبت للوقف فلا يجوز أن توصل فإن وصلت فالاختيار الإظهار لأن الهاء موقوف عليها في النية لأنها سيقت للوقف: والثانية منفصلة منها فلا إدغام ( قلت) وما قاله أبو شامة أقرب إلى التحقيق، أحرى بالدراية والتدقيق؛ وقد سبق إلى النص عليه أستاذ هذه الصناعة أبو عمرو الداني رحمه الله تعالى قال في جامعة فمن روى التحقيق يعني التحقيق في (كتابيه إني) لزمه أن يقف على الهاء في قوله (ماليه هلك) وقفة لطيفة في حال الوصل من غير قطع لأنه واصل بنية الواقف فيمتنع بذلك من أن يدغم في الهاء التي بعدها قال ومن روى الإلقاء لزمه أن يصلها ويدغمها في الهاء التي بعدها لأنها عنده كالحرف اللازم الأصلي انتهى وهو الصواب والله أعلم." (النشر 2/21).

أقول : كلام ابن الجزريّ يوضّح أنّ الإدغام في { ماليه هلك } ضعيف عند أهل الأداء ولم يُنقل عن الداني ، ويدلّ على ذلك أنّ وجه الإدغام منوط بوجه النقل في { كتابيه إنّي } ، وقد علمنا فيما سبق أنّ الداني لم يقرأ بوجه النقل في {كتابيه إنّي} فيكون مذهبه في { ماليه هلك } الإظهار لا غير لعدّة أسباب :

أوّلاً : لم يثبت عن الداني فيما اطلعت عليه أنّه قرأ بوجه الإدغام في { ماليه هلك }.

ثانياً : قد ذكر الداني في جامع البيان أنّ من روى التحقيق في (كتابيه إني) لزمه أن يقف على الهاء في قوله (ماليه هلك) وقفة لطيفة في حال الوصل من غير قطع لأنه واصل بنية الواقف. فإن كان مذهبه التحقيق في {كتابيه إنّي} فيكون مذهبه في { ماليه هلك } بالإظهار ضرورة من جهة القياس والأداء جميعاً حيث وافق القياس وجه الأداء ، فلا اعتراض على القياس في هذه المسألة إن وافق القياس الأداء كما اعترض أحد إخواننا الكرام على ذلك. وإنّما الاعتراض يكون في حالة ثبوت وجه النقل في { كتابيه إنّي } كما هو الحال في رواية ورش من طريق عبد الصمد فيقوم أهل الأداء بإثبات وجه الإدغام في { ماليه هلك } من طريقه قياساً على النقل في {كتابيه إنّي} وإن لم يثبت ، ففي هذه الحالة يكون الاعتراض في محلّه لإعمال القياس على حساب الأداء أوالنصّ أو كليهما.
قد يقول قائل لا بدّ من التسوية بينهما لاتفاقهما في الوصف لقول ابن الجزريّ عليه رحمة الله تعالى " واللفظ في نظيره كمثله " ؟ الجواب : اتفاق الحرفين أو الكلمتين في الوصف لا يعني اتفاقهما في الحكم ، فقد قرأ نافع { لا يَحزُنهم } في الأنبياء بفتح الياء وضمّ الزاي خلافاً لغيرها ، وقرأ أبو جعفر بعكس ذلك أي بضمّ الياء وكسر الزاي دون غيرها ، وقرأ شعبة لفظ { رضوان } بضمّ الراء في جميع القرءان إلاّ موضع المائدة وهكذا.

فنخلص مما سبق أنّ الذي ينبغي الأخذ به لورش من طريق الشاطبية هو التحقيق وعدم النقل في { كتابيه إنّي } مع الإظهار والسكت في { ماليه هلك }. وأنّ النقل في { كتابيه إنّي } مع الإدغام في { ماليه هلك} خارج من طرق الشاطبية وأصولها. والعلم عند الله تعالى.

أكتفي بما ذكرت وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين

محمد يحيى شريف الجزائري
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد

تحرير كلمة { أراكهم } مع أوجه البدل :

قال ابن الجزريّ عليه رحمة الله تعالى : " واختلف عن الأزرق في (أراكهم) في الأنفال فقطع له بالفتح فيه صاحب العنوان وشيخه عبد الجبار وأبو بكر الأدفوي وبه قرأ الداني على أبي الفتح فارس وقطع بين بين صاحب تلخيص العبارات والتيسير والتذكرة والهداية وقال إنه اختيار ورش , وإنّ قراءته على نافع بالفتح وكذلك قال مكي إلا أنه قال وبالوجهين قرأت. وقال صاحب الكافي إنه قرأه بالفتح: قال وبين اللفظين أشهر عنه (قلت) وبه قرأ الداني على ابن خاقان وابن غلبون: وقال في تمهيده وهو الصواب: وقال في جامعه وهو القياس. قال وعلى الفتح عامة أصحاب ابن هلال وصحاب أبي الحسن النحاس وأطلق له الخلاف أبو القاسم الشاطبي والوجهان صحيحان عن الأزرق والله أعلم." (النشر 2/42).

قال أبو عمرو الداني عليه رحمة الله تعالى : " واختلف أهل الأداء من المصريين عن أبي يعقوب عنه في قوله في الأنفال { ولو أراكهم } فروى بعضهم أن أخلص الفتح للراء وما بعدها فيه ، وعلى ذلك عامّة أصحاب أبي هلال وأصحاب أبي الحسن النحاس. وبذلك أقرأني أبو الفتح عن قراءته ، وكذلك روى ذلك أدءً محمد بن علي عن أصحابه عنه. وروى آخرون عنه أنّه قرأ الراء وما بعدها بين اللفظين ، وبذلك أقرأني ابن خاقان وابن غلبون عن قراءتهما ، وهو القياس " (جامع البيان ص312).

أقول : من خلال كلام ابن الجزريّ والحافظ أبي عمرو الداني يتبيّن أنّ الداني قرأ بوجه التقليل على أبي الحسن وابن خاقان حيث لم يستثن أبو الحسن ابن غلبون كلمة { ولو أراكهم } من التقليل في كتابه الت>كرة ، ولم يستثنها الداني في كتابه التيسير من قراءته على ابن خاقان كذلك ، وأمّا قراءته بالفتح فهي عن فارس ابن أحمد كما ذكر في جامع البيان.

وعلى ماسبق فإنّ تحرير كلمة { أراكهم } مع أوجه البدل هي كالتالي :

-قصر البدل وعليه التقليل في { أراكهم } من التذكرة وبه قرأ الداني على أبي الحسن ،
-توسّط البدل وعليه التقليل في { أراكهم } من التيسير وبه قرأ الداني على ابن خاقان ،
-طول البدل وعليه الفتح في { أراكهم } من جامع البيان وبه قرأ الداني على أبي الفتح.

بقي إشكال وهو أنّ الداني ذكر في جامع البيان أنّ وجه الفتح هو مذهب أصحاب أبي الحسن النحاس مع أنّ الداني قرأ على ابن خاقان بالتقليل ، وقراءة الداني عن ابن خاقان هي من طرق النحاس كما سبق ذكره في أوّل البحث ، فكيف التوفيق ؟

أكتفي بما ذكرت وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

محمد يحيى شريف الجزائري.
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم

تحرير الأوجه فيما كان من رؤوس الآي على لفظ (ها) وذلك في سورة النازعات والشمس نحو (بناها، وضحاها وسواها. ودحاها، وتلاها؛ وأرساها، وجلاه ) وشبهه


قال ابن غلبون عليه رحمة الله تعالى : " وقرأ ورش ما كان منها فيه راء بعدها ألف ، أو كان رأس آية أخرها ألف بين اللفظين ، وفتح الباقي " التذكرة (1/206).

قال أبو عمرو الداني عليه رحمة الله تعالى : " وقرأ ورش جميع ذلك بين اللفظين إلاّ ما كان من ذلك في سورة أواخر آيها هاء ألف ، فإنّه أخلص الفتح فيه على خلاف بين أهل الأداء في ذلك. هذا إذا لم يكن في ذلك راء. " (التيسير ص179).

وقال في جامع البيان : "...أو وقع في فاصلة في سورة فواصلها على ياء نحو {والنجم} و { عبس} وما أشبههما بين اللفظين ما عدا ذلك بإخلاص الفتح ، وكذا إن ألحق الفواصل كناية مؤنّث كفواصل {والشمس} وبعض فواصل {والنازعات} إلاّ قوله : {من ذكراها} فإنّه لم يخلص فتحته من أجل الراء التي قبل ألف التأنيث فيه ، وأقرأني ابن خاقان وأبو الفتح عن قراءتهما في روايته عن ورش الباب كلّه بين اللفظين ، وهو الصحيح عن ورش نصاً وأداءً وبه آخذ. " (جامع البيان ص312).

وقال في المفردات : " كان ورش من قراءتي على ابن خاقان وعلى أبي الفتح في رواية أبي يعقوب وعبد الصمد وإسماعيل في رواية أبي الزعزاء ، والمسيّبي في رواية ابن سعدان ، وقالون في رواية القاضي ، وأبي عون عن الحلواني ، عنه يقرءون كلّ ما كان من ذوات الياء في الأسماء والأفعال في رؤوس الآي وفي غيرها بين اللفظين نحو قوله : {الهدى} ، و{ العمى} و {كسالى} ، و{ أسارى} ، و{النصارى} ، و{يرى} ، و{ نرى} ، و { توارى} وشبهه وكذلك : { والضحى } ، و { سجى} ، وسائر رؤوس الآي كنّ من ذوات الياء أو ذوات الواو وما لم يكن بعد الألف هاء وألف نحو بعض أي والنازعات وآي والشمس وضحاها ، فإنّه لا خلاف بينهم فيما قرأت لهم في إخلاص الفتح إلاّ في قوله في النازعات : { من ذكراها} ، فكلّ من تقدّم يقرأ الراء وما بعدها بين اللفظين " ( المفردات ص44 طبعة دار الصحابة ).

قال المالقي في شرحه لكتاب التيسير عند كلامه على رءوس الآي : "ويقرأ جميعه بين اللفظين من طريق الحافظ – أي أبي عمرو الداني – على أصله في ذوات الياء " (الدرّ النثير ص480).

أ
قال ابن الجزريّ رحمه الله تعالى : " واختلف عنه – أي ورش من طريق الأزرق - فيما كان من رؤوس الآي على لفظ (ها) وذلك في سورة النازعات والشمس نحو (بناها، وضحاها وسواها. ودحاها، وتلاها؛ وأرساها، وجلاها) سواء كان واوياً أو يائياً فأخذ جماعة فيها بالفتح وهو مذهب أبي عبد الله بن سفيان وأبي العباس المهدوي وأبي محمد مكي وابني غلبون وابن شريح وابن بليمة وغيرهم وبه قرأ الداني على أبي الحسن وذهب آخرون إلى إطلاق الإمالة فيها بين بين وأجروها مجرى غيرها من رؤوس الآي وهو مذهب أبي القاسم الطرسوسي وأبي الطاهر بن خلف صاحب العنوان وأبي الفتح فارس بن حمد وأبي القاسم الخاقاني وغيرهم والذي عول عليه الداني في التيسير هو الفتح كما صرح به أول السور مع أن اعتماده في التيسير على قراءته على أبي القاسم الخاقاني في رواية ورش وأسندها في التيسير من طريقه ولكنه اعتمد في هذا الفصل على قراءته على أبي الحسن فلذلك قطع عنه بالفتح في المفردات وجهاً واحداً مع إسناده فيها الرواية من طريق ابن خاقان وقال في كتاب الإمالة اختلفت الرواة وأهل الأداء عن ورش في الفواصل إذا كن على كناية مؤنث نحو آي (والشمس وضحاها) وبعض آي (والنازعات) فأقرأني ذلك أبو الحسن عن قراءته بإخلاص الفتح وكذلك رواه عن ورش أحمد بن صالح وأقرأنيه أبو القاسم وأبو الفتح عن قراءتهما بإمالة بين بين وذلك قياس رواية أبي الأزهر وأبي يعقوب وداود عن ورش وذكر في باب ما يقرؤه ورش بين اللفظين من ذوات الياء مما ليس فيه راء قبل الألف سواء اتصل به ضمير أو لم يتصل أنه قرأه على أبي الحسن بإخلاص الفتح وعلى أبي القاسم وأبي الفتح وغيرهما من اللفظين ورجح في هذا الفصل بين اللفظين وقال وبه آخذ فاختار بين اللفظين. والوجهان جميعاً صحيحان عن ورش في ذلك من الطريق المذكورة. "(النشر 2/49).


أقول : من خلال ما سبق من النصوص يظهر أنّ مذهب صاحب التذكرة هو الفتح في السور التي آخر آيها هاء المؤنّثة الغائبة لأنّه خصّ التقليل بذوات الراء ورءوس الآي التي آخرها ألف دون غيرها وبذلك قرأ الداني عليه ، خلافاً لقراءته على ابن خاقان وأبي الفتح فإنّها بالتقليل كما يظهر صراحة في جامع البيان وكتاب الإمالة بل أكّد أنّه هو الصحيح عن ورش نصاً وأداءً وبه أخذ. وقد عوّل الداني في كتابه التيسير على وجه الفتح ثمّ ذكر الخلاف مع أنّ قراءته على ابن خاقان بالتقليل وقد أسند رواية ورش في كتابه التيسير عن ابن خاقان ، وبالتالي فإنّ وجه الفتح من التيسير مخالف لما قرأه على ابن خاقان فيكون بذلك قد خرج عن طريق التيسير إلى طريق التذكرة لأبي الحسن الذي قرأ عليه بالفتح. وقد فعل ذلك أيضاً عليه رحمة الله تعالى في كتابه المفردات حيث أسند الرواية عن ابن خاقان وروى عنه وعن أبي الفتح القراءة بالفتح ، فيكون بذلك خرج عن الطريقين أي طريق ابن خاقان وطريق أبي الفتح إلى طريق أبي الحسن كذلك.


قد يقول القائل : قد ذكر الداني في كتابه التيسير وجه الفتح فيحتمل أن يكون قد قرأ به على ابن خاقان وذكر ذلك أيضاً في المفردات عن ابن خاقان وأبي الفتح أو يحتمل أن يكون الداني يجيز الخلط والتلفيق بين الطرق ؟ الجواب : كلام الداني في جامع البيان وما نقله عنه ابن الجزريّ في كتاب الإمالة دقيق وصريح في كونه قد قرأ بالفتح على أبي الحسن وبالتقليل على ابن خاقان وأبي الفتح بل أكّد ورجّح وجه التقليل وقال وبه آخذ ، وهذا هو الصحيح عنه . زيادة على ذلك فقد أثبت المالقي رحمه الله تعالى وجه التقليل من التيسير مع أنّ الداني ذكر الفتح فيه ، قال المالقي : "ويقرأ جميعه بين اللفظين من طريق الحافظ – أي أبي عمرو الداني – على أصله في ذوات الياء " (الدرّ النثير ص480). وما ذكره الداني في التيسير والمفردات في عزو وجه الفتح إلى ابن خاقان وأبي الفتح وهْم منه رحمه الله تعالى إذ هو بشر قد يعتريه الوهم والخطأ.

وعلى ما سبق فإنّ وجه الفتح عن ابن خاقان من التيسير وأبي الفتح من جامع البيان مخالف لقراءة الداني عليهما ، وإنما قرأ به على أبي الحسن كما هو ظاهر من كلام الداني ونصّ عبارة التذكرة ولذلك قال الشيخ علي توفيق النحاس محقق كتاب المفردات في الهامش ص44 : " فيؤخذ من ذلك أنّ التقليل لورش في الباب كلّه هو الصحيح من طريق التيسير ، وهو الصحيح عن ورش كما تقدّم في (ها) المؤنثة الغائبة لخروج الداني عن طريقه في التيسير والمفردات إذ اعتمد الفتح الذي هو روايته عن أبي الحسن "

فنخلص مما سبق أنّ رءوس الآي الواقعة في الشمس والنازعات يكون تحريرها مع أوجه البدل كالتالي :

- قصر البدل وعليه الفتح من التذكرة وبه قرأ الداني على أبي الحسن ،
- توسط البدل وعليه التقليل من التيسير وبه قرأ الداني على ابن خاقان ،
- طول البدل وعليه التقليل من جامع البيان وبه قرأ الداني على أبي الفتح ، والعلم عند الله تعالى.



أكتفى بما ذكرت وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

محمد يحيى شريف الجزائري.
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم


تحرير كلمتي { والجار } و { جبارين } وعلاقتهما بذوات الياء والبدل.


قال ابن غلبون : " وأمّا قوله في النساء { والجار ذي القربي والجار والجار الجنب } فأمالها الأعشى ورجال الكسائي سوى أبي الحارث وفتحها الباقون " وقال : " وأمّا قوله تعالى { جبارين } في المائدة والشعراء فأمالهما الأعشى ورجال الكسائي سوى أبي الحارث وفتحها الباقون " (التذكرة 1/214).

قال أبو عمرو الداني : " وقرأ نافع في رواية ورش من غير طريق الأصبهاني جميع ما تقدّم بين اللفظين ، واسثنى لي فارس بن أحمد عن قراءته في رواية أبي يعقوب الأزرق عنه الأبصار خاصّة ، {لأولي الأبصار } و { يذهب بالأبصار } وشبهه من لفظه حيث وقع ، فأخذ ذلك عليّ بإخلاص الفتح. واستثنى ابن غلبون عن قراءته {والجار} في الموضعين و {جبارين } في المكانين فأخذ ذلك عليّ بالفتح. وقرأت له ذلك كلّه على ابن خاقان بين بين كنظائره " ( جامع البيان ص324).

وقال عليه رحمة الله تعالى : "وأمّا قوله عزّ وجلّ { والجار } و {جبارين} فإنّ ورشاً يقرؤهما أيضاً بين بين ، على اختلاف بين أهل الأداء عنه في ذلك. وبالأوّل قرأت وبه آخذ. " (التيسير ص182).

قال ابن الجزريّ عليه رحمة الله تعالى في حكم { والجار } : "واختلف فيه عن الأزرق عن ورش فرواه أبو عبد الله بن شريح عنه بين بين وكذلك هو في التيسير وإن كان قد حكى فيه اختلافاً فإنه نص بعد ذلك على أنه بين بين قرأ به وبه يأخذ وكذلك قطع به في مفرداته ولم يذكر عنه سواه. وأما في جامع البيان فإنه نص على أنه قرأه بين بين على ابن خاقان وكذلك على أبي الفتح فارس بن أحمد وقرأه بالفتح على أبي الحسن بن غلبون (قلت) والفتح فيه هو طريق أبيه أبي الطيب واختياره وبه قطع صاحب الهداية والهادي والتلخيص وغيرهم، وقال مكى في التبصرة مذهب أبي الطيب الفتح وغيره بين اللفظين انتهى. وهو يقتضى الوجهين جميعاً وبهما قطع في الشاطبية وكلاهما صحيح والله أعلم " (النشر 2/55).

قال ابن الجزريّ في حكم { جبّارين } : "واختلف فيه عن الأزرق فرواه عنه بين بين أبو عبد الله بن شريح في كافيه وأبو عمرو الداني في مفرداته وتيسيره وبه قرأ على شيخه الخاقاني وفارس ، وقرأ بفتحه على أبي الحسن ابن غلبون وهو الذي في التذكرة والتبصرة والكافي والهداية والهادي والتجريد والعنوان وتلخيص العبارات وغيرها وذكر الوجهين جميعاً أبو القاسم الشاطبي وبهما قرأت وآخذ و الباقون بالفتح وبالله التوفيق " (النشر 2/58).


أقول : من خلال ما يظهر من كلام أئمّتنا عليهم رحمة الله تعالى يتبيّن أنّ الداني قد قرأ بالفتح في ( الجار ، وجبارين ) على أبي الحسن وهو ظاهر كلام التذكرة وجامع البيان والنشر. وقرأ بالتقليل في الكلمتين على ابن خاقان وأبي الفتح فارس بن أحمد ، وهو ظاهر كلامه في جامع البيان والتيسير وكلام صاحب النشر ، ولم يخصّهما بالفتح في كتابه المفردات الذي أسند فيه الرواية عن ابن خاقان.

وخلاصة القول في هذه المسألة هو أنّ الداني قرأ بالفتح في ( والجار وجبارين ) على أبي الحسن ، وقرأ بالتقليل فيهما على ابن خاقان وأبي الفتح ، وبالتالي فيكون تحرير الأوجه فيهما كالتالي :

فقي قوله تعالى { والجار ذي القربي } : الفتح في {الجار} مع الفتح في {القربي} من التذكرة وبه قرأ الداني على أبي الفتح ، والتقليل في {الجار} مع {القربي } جميعاً من التيسير وجامع البيان وبه قرأ الداني على ابن خاقان وأبي الفتح.

وفي قوله تعالى : { قالوا يا موسى إنّ فيها قوماً جبارين } : الفتح في {موسى } وعليه الفتح في {جبارين} من التذكرة وبه قرأ الداني على أبي الحسن. ثمّ التقليل في الجميع من التيسير وجامع البيان وبه قرأ الداني على ابن خاقان وأبي الفتح.

وعلاقتهما بالبدل تكون كالآتي :

- قصر البدل وعليه الفتح فيهما أي { الجار } و { جبارين } من التذكرة ، وبه قرأ الداني على أبي الحسن
- توسط البدل وعليه التقليل فيهما من التيسير ، وبه قرأ الداني على ابن خاقان.
- طول البدل مع التقليل فيهما أيضاً من جامع البيان ، وبه قرأ الداني على أبي الفتح.

أمّا الفتح في { الجار } و { جبارين } مع التقليل في ذوات الياء أو العكس أي التقليل فيهما مع الفتح في الذوات ، فليس من طرق الشاطبية إذ لم يقرأ به الداني على مشايخه لأنّ الفتح في { الجار } و { جبارين } من التذكرة فقط ومذهب صاحب التذكرة هو الفتح في الذوات لا غير ، وأصحاب التقليل فيهما وهما ابن خاقان وأبي الفتح ليس لهما في الذوات إلاّ التقليل. فيلزم من ذلك التسوية بين { الجار } و { جبارين } وبين ذوات الياء ، والعلم عند الله تعالى.


أكتفي بما ذكرت وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

محمد يحيى شريف الجزائري
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد :

أشكر الأخ الشيخ محمد يحي شريف جزيل الشكر على ما يقدمه من بحوث و بيانات في هذا المنتدى مما يدل على سعة الإطلاع و النظر في الطرق و الأوجه في رواية ورش عن نافع . فجزاك الله خيرا وجعل عملك في ميزان حسناتك ووفقك الله .
وأقول لوجمعت هذه المسائل و الإشكالات و أرسلتها إلى الشيخ إيهاب فكري مدرس القراءات بالمسجد النبوي. فشيخنا حفظه الله محقق و مدقق في مثل هذه المسائل فقد تجد ماتريد ويشفي غليلك كتابه وجوابه . والله الموفق
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أخي الجزائري أشكرك على هذه المداخلة المشجّعة ، واعلم أخي العزيز أنّه لا يمكن لأيّ واحد الاستغناء عن العلماء ، وما وضعتُ هذه المسائل على صفحات هذا المنتدى المبارك إلاّ لذلك ، وإذا أتيحت لي الفرصة لعرضها على الشيخ أيهاب حفظه الله تعالى فلن أتأخّر عن ذلك أبداً ، وإذا تيسّر لأحد الإخوان عرضها على الشيخ مع نقله للاعتراضات الشيخ على المنتدى لتعمّ الفائدة فإنّ ذلك من التعاون على البرّ والتقوى ومن الخدمة للعلم والقرءان.
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم


تحرير { ذكراً } وأخواتها مع أوجه البدل :


قال أبو الحسن طاهر ابن غلبون : " وأمّا ما حال بينهما الساكن فكقوله تعالى : { الذكر لتبيّن } ، {وما علّمناه الشعر } و { وزر أخرى} و{ غير إخراج } و { إخراجهم } و { إكراههنّ } و { المحراب } و { إسرافنا } و { الإشراق } و { عبرة } و { سدرة} و { سرّكم } و { ذو مرّة } و { إسرافاً } و { صهراً } و { ذكراً } وما أشبه هذا : فورش وحده يقرأ هذه الراء مع هذه الكسرة في هذين الضربين بين اللفظين ...." ( التذكرة 1/221،222).

أقول : كلام صاحب التذكرة واضح في ترقيق باب ذكراً أخواتها كما يظهر في المثالين الأخرين.

قال أبو عمرو الداني عليه رحمة الله تعالى : "واختلف شيوخنا أيضاً في الراء إذا لحقها التنوين وحال بينها وبين الكسرة ساكن غير حرف استعلاء ، نحو قوله { ذكراً } و {إمراً} و {ستراً} و {وزراً} و {حجراً } و {صهراً}. وما أشبهه. فأقرأني ذلك أبو الحسن بإمالة الراء بين بين وصلاً ووقفاً لأجل الكسرة وضعف الساكن الحائل بينها وبين الراء, وأقرأنيه ابن خاقان وأبو الفتح بإخلاص الفتح مناقضة للأصل ، وعلى ذلك عامّة أهل الأداء من المصريين وغيرهم, وكذلك رواه جميع أصحاب أبي يعقوب وأبي الأزهر وداود عنهم عن ورش ، وكذلك حكاه محمد بن علي عن أصحابه ، والأوّل أقيس والثاني آثر." (جامع البيان ص355).

وقال في التيسير :" ونقض مذهبه – أي ورش – مع الكسرة في الضربين : في قوله { الصراط } و { صراط } حيث وقعا و { الفراق } و { فراق بيني } و { الإشراق } و { إعراضاً } و { إعراضهم } و { مدراراً } و { إسراراً } و { ضراراً} و { فراراً } و { الفرار } و { إبراهيم } و { إسرائيل } و { عمران } و { إرم ذات العماد } و { إمراً } و { ذكراً } و { ستراً } و { وزراً } و {صهراً} و { حجراً } و { إصرهم } و { إصراً} و { مصر } و { مصراً } و { قطراً} و { فطرت الله } و {وقراً} ، وماكان من نحو هذا فأخلص الفتح للراء في ذلك كلّه ، من أجل حرف الاستعلاء والعجمة وتكرير الراء مفتوجة ومضمومة. " (التيسير ص193).

قال ابن الجزريّ رحمه الله تعالى : " وذهب الجمهور إلى التفصيل فاستثنوا ما كان بعد ساكن صحيح مظهر وهو الكلمات الست (ذكرا وسترا) وأخواته ولم يستثنوا المدغم وهو: سراً ومستقراً. من حيث أن الحرفين في الإدغام كحرف واحد إذ اللسان يرتفع بهما ارتفاعة واحدة من غير مهلة ولا فرجة فكأن الكسرة قد وليت الراء في ذلك وهذا مذهب الحافظ أبي عمرو الداني وشيخيه أبي الفتح والخاقاني وبه قرأ عليهما وكذلك هو مذهب أبي عبد الله بن سفيان وأبي العباس المهدوي وأبي عبد الله بن شريح وأبي علي بن بليمة وأبي محمد مكي وأبي القاسم بن الفحام والشاطبي وغيرهم. إلا أن بعض هؤلاء استثنى من المفصول بالساكن الصحيح صهرا. فرققه من أجل إخفاء الهاء كابن شريح والمهدوي وابن سفيان وابن الفحام ولم يستثنه الداني ولا ابن بليمة ولا الشاطبي ففخموه وذكر الوجهين جميعاً مكي. وذهب آخرون إلى ترقيق كل منون ولم يستثنوا (ذكرا) وبابه فمنهم أبو الحسن طاهر بن غلبون وغيره وبه قرأ الداني عليه " (النشر 2/95).

أقول : من خلال ما نقلته من أقوال أئمتنا عليهم رحمة الله تعالى يتبيّن جلياً أنّ الداني قرأ بالترقيق في { ذكراً } وأخواتها على أبي الحسن بن غلبون كما يظهر من التذكرة وجامع البيان والنشر ، وقرأ بالتفخيم فيها على ابن خاقان وأبي الفتح كما يظهر من جامع البيان والنشر وكذا التيسير من طريق ابن خاقان. وحينئذ يكون تحرير هذه الكلمات الستّة مع أوجه البدل كالتالي :

- قصر البدل وعليه الترقيق من التذكرة وبه قرأ الداني على أبي الحسن ابن غلبون.
- توسط البدل وعليه التفخيم من التيسير وبه قرأ الداني على ابن خاقان.
- طول البدل وعليه التفخيم من جامع البيان وبه قرأ الداني على أبي الفتح.


أمّا ما ذهب إليه المحررون من إثبات الأوجه الخمسة وهي قصر البدل وطوله مع الوجهين جميعاً ، وتوسط البدل مع التفخيم من الشاطبية ففيه نظر لعدة أسباب :

أوّلاً : الأوجه الخمسة هي من الطيّبة وليست من الشاطبية ، قال العلامة الأزميري في بدائع البرهان : "قوله تعالى : { كذكركم آباءكم أو أشدّ ذكراً } للأزرق بحسب التركيب ستة أوجه ويمنع منها وجه واحد وهو التوسط على الترقيق ، ويصحّ خمسة أوجه : الأوّل والثاني القصر في البدل مع التفخيم في ذكراً من الشاطبية وتلخيص ابن بليمة ومن إرشاد عبد المنعم ومع الترقيق من التذكرة وبه قرأ الداني على ابن غلبون والثالث التوسط مع التفخيم من التيسير والشاطبية وجامع البيان وتلخيص ابن بليمة ومن إرشاد عبد المنعم كما قبل ، والرابع والخامس الطول مع التفخيم من الشاطبية والكافي والكامل والتجريد والتبصرة والهداية ومع الترقيق من العنوان والمجتبى وطريق أبي مشعر وهو الوجه الثاني من الكافي " (بدائع الرهان ص36 مخطوط كتب بخط الشيخ أبو الحسن الكردي حفظه الله تعالى ). ومعلوم أنّ الثابت من الطيّبة لا يثبت بالضرورة من الشاطبية.

ثانياً : إن كانت هذه الأوجه من الطيّبة فلماذا طبقها المحررون على الشاطبية ؟

ثالثاً : قصر البدل مع التفخيم من تلخيص ابن بليمة وهو ليس من طرق الشاطبية ، وأمّا طريق الإرشاد لأبي الطيّب وحتّى إن ثبت ، فإنّ أبا الحسن صاحب التذكرة لم يقرأ بالتفخيم على أبي الطيّب كما هو ظاهر في التذكرة ، ولم يقرأ الداني على أبي الحسن إلاّ بالترقيق ، وبالتالي فلا يصح على قصر البدل من الشاطبية إلاّ الترقيق وهي قراءة الداني على أبي الحسن.
أمّا الطول مع الترقيق فمن العنوان والمجتبي وطريق أبي مشعر وأحد وجهي العنوان ، وهذه المصادر ليست من طرق الشاطبية وبالتالي فلا يُقرأ من الشاطبية على طول البدل إلاّ بالتفخيم وبه قرأ الداني على لأبي الفتح.

ثالثاً : عزو الأزميري هذه الأوجه الخمسة إلى الشاطبية كان باعتبار مطلق ظاهر النظم من غير أيّ تحرير ، وذلك لا يدلّ على ثبوتها في مصادر الشاطبية ، ودليل ذلك منعه الترقيق مع التوسط مع ثبوته من الشاطبية جملة ، فكان من الأحرى أن يُلغي جميع ما خرج من طرق الشاطبية كما فعل بوجه التوسط مع الترقيق. وسبب ذلك أنّ المحررين اعتبروا الشاطبية مصدراً مستقلاً عن أصولها ومصادرها لذا وقعوا في التناقض ، فكان الأولي عليهم أن يحرروا الشاطبية على وفق ما ورد في مصادرها وطرقها ثمّ إدراج هذه التحريرات ضمن تحريرات الطيّبة.

وخلاصة القول في هذه المسألة هو الاقتصار على الأوجه الثلاثة من الشاطبية وهي قصر البدل مع الترقيق ، ثمّ توسطه وطوله مع التفخيم. والعلم عند الله تعالى.

أكتفي بما ذكرت وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين

محمد يحيى شريف الجزائري.
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد

حكم تفخيم الراء في (سراعاً، وذراعاً، وذراعيه) من طريق الشاطبية وتحريرها مع أوجه البدل.

قال أبو الحسن ابن غلبون رحمه الله تعالى : " والسادس : إذا وقع بعد هذه الراء ألف ، بعدها عين مفتوحة ، كقوله تعالى : { عنهم سراعاً } و { من الأجداث سراعاً } و { سبعون ذراعاً } ، وقد ذهب قوم إلى الأخذ لورش في هذا الموضع بين اللفظين ، وقد قرأت بذلك على بعضهم ، والفتح أجود " ( التذكرة 1/223،224).

قال أبو عمرو الداني : " وقد خالف أبو الحسن أيضاً الجماعة من أهل الأداء في الراء التي يليها كسرة لازمة ..............والألف التي بعدها عين نحو قوله { ذراعيه } و { ذراعاً } و {سراعاً } . وقرأت ذلك كلّه على غيره بالإمالة اليسيرة ، وهو الصحيح في الأداء والقياس وبه آخذ. " ( جامع البيان ص353).

قال ابن الجزريّ عليه رحمة الله تعالى : " ثانيها : (سراعاً، وذراعاً، وذراعيه) ففخمها من أجل العين صاحب العنوان وشيخه وطاهر بن غلبون وابن شريح وأبو معشر الطبري. وبه قرأ الداني على أبي الحسن ورققها الآخرون من أجل الكسرة وهو الذي في التيسير والتبصرة والهداية والهادي والتجريد والشاطبية. وبه قرأ الداني على فارس والخاقاني وذكر الوجهين ابن بليمة والداني في الجامع." (النشر 2/97).

قال العلامة الأزميري رحمه الله تعالى : { ذراعيه بالوصيد لو اطلعت عليهم } فيه للأزرق أربعة أوجه كلها صحيحة الأول والثاني الترقيق في ذراعيه مع تغليظ اللام في اطلعت من الشاطبية والتيسير والهداية والتجريد والتبصرة وأحد الوجهين من تلخيص ابن بليمة وبه قرأ الداني على أبي الفتح وابن خاقان ومع ترقيق اللام من إرشاد أبي الطيّب وأحد الوجهين من التذكرة على ما وجدنا فيها لكن قال فيها والفتح أجود أي التفخيم في الراء أجود ، والثالث والرابع تفخيم الراء في ذراعيه مع تفخيم اللام لابن شريح وأبي مشعر والوجه الثاني لابن بليمة ومع ترقيق اللام من العنوان والمجتبى والتذكرة وبه قرأ الداني على ابن غلبون " ( بدائع البرهان ص118).

أقول : من خلال ما سبق من أقوال الأئمّة يتبيّن ما يلي :

أولاً : ورود وجه الترقيق والتفخيم مع تقديم التفخيم في (سراعاً، وذراعاً، وذراعيه) من التذكرة ، وأكّده الأزميري في بدائعه ،

ثانياً : اقتصار صاحب النشر على التفخيم من التذكرة وهو ظاهر كلام الداني في جامع البيان

ثالثاً : ثبوت وجه التفخيم في هذه الكلمات عن أبي الطيّب عبد المنعم شيخ طاهر ابن غلبون على ما ذكره الأزميري ، وبالتالي فتكون قراءة طاهر ابن غلبون عن أبيه عبد المنعم بالتفخيم.

رابعاً : قراءة الداني على أبي الفتح وابن خاقان بالترقيق لا غير.

أقول : حتّى وإن ثبت وجه الترقيق من التذكرة فإنّ طاهر ابن غلبون لم يقرأ به على أبيه عبد المنعم وبالتالي فوجه الترقيق ليس من طرق الداني ولا من طرق النشر لأنّ إسناد الداني عن طاهر ابن غلبون هو من طريق عبد المنعم بن غلبون شيخ شيخ الداني ، ولهذا اقتصر صاحب النشر على وجه التفخيم من التذكرة لأنّها قراءة صاحب التذكرة على عبد المنعم إضافة تقديم صاحب التذكرة وجه التفخيم في الأداء. ولذلك أعتقد أنّ الأزميري قد وهم في إثبات وجه الترقيق من التذكرة اعتماداً على ظاهر كلام ابن غلبون مع أنّه لم يقرأ على أبيه بالترقيق ، وإسناد صاحب التذكرة هو عن أبيه كما هو معلوم.

قد يقول القائل قد انفرد صاحب التذكرة بوجه التفخيم في (سراعاً، وذراعاً، وذراعيه) كما ذكر الداني في جامع البيان ؟ الجواب : انفراد صاحب التذكرة بوجه التفخيم بالنسبة لمشايخ الداني الذين أقرءوه بالترقيق ، وليس بالنسبة لعامّة أهل الأداء ، حيث ثبت وجه التفخيم أيضاً عن ابن شريح وأبي مشعر الطبري وغيرهما كما ذكر ابن الجزريّ وبالتالي فلم ينفرد صاحب التذكرة بوجه التفخيم. وهذا الذي حمل الداني على تقديم وجه الترقيق والأخذ به لأنّه ظنّ أنّ أبا الحسن قد انفرد به عن عامّة أهل الأداء وليس كذلك كما هو ظاهر من كلام صاحب النشر.

السؤال : لماذا أهمل الإمام الشاطبيّ وجه التفخيم في (سراعاً، وذراعاً، وذراعيه) مع ثبوت ذلك من التذكرة بل قوّاه صاحب التذكرة في الأداء وبه قرأ على أبيه عبد المنعم وبه قرأ الداني عليه ، إضافة إلى ذلك أنّ صاحب النشر اقتصر على وجه التفخيم من التذكرة ولم يُضعّفه لأنّ أبا الحسن لم ينفرد به بل وافق بعض أهل الأداء ؟
لأجل ذلك ينبغي إثبات وجه التفخيم في (سراعاً، وذراعاً، وذراعيه) من الشاطبية وحينئذ يكون تحرير (سراعاً، وذراعاً، وذراعيه) مع أوجه البدل هي كالتالي :

- قصر البدل وعليه التفخيم في (سراعاً، وذراعاً، وذراعيه) من التذكرة وبه قرأ الداني على أبي الحسن.
- توسط البدل وعليه الترقيق فيها من التيسير وبه قرأ الداني على ابن خاقان
- طول البدل وعليه الترقيق فيها من جامع البيان وبه قرأ الداني على أبي الفتح.


أمّا تحرير قوله تعالى : { ذراعيه بالوصيد لو اطلعت عليهم } من الشاطبية فكالتالي :

- تفخيم الراء مع ترقيق اللام من التذكرة وبه قرأ الداني على أبي الحسن ، ( وقد سبق بيان مذهب صاحب التذكرة في اللام المسبوقة بحرف الطاء ).

- ترقيق الراء مع تغليظ اللام من التيسير وجامع البيان وبه قرأ الداني على ابن خاقان وأبي الفتح.


أكتفي بما ذكرت وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

محمد يحيى شريف الجزائري.
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد

تحرير : {افتراء على الله} و{افتراء عليه} ، و{ مراء}


قال أبو الحسن طاهر ابن غلبون عليه رحمة الله تعالى : " والسابع : إذا وقع بعد هذه الراء ألف ، بعدها همزة مفتوحة ، كقوله تعالى { إلاّ مراءً } و {افتراءً عليه} و ٍ افتراءً على الله } وما أشبه. " ثمّ قال " وقد ذهب قوم إلى الأخذ لورش في هذا الموضع - أي الثامن - والموضع الذي قبله – أي السابع – بين اللفظين ، وقد قرأت بذلك على بعضهم والفتح أجود فيهما " (التذكرة 1/224).

قال أبو عمرو الداني عليه رحمة الله تعالى : " وقد خالف أبو الحسن أيضاً الجماعة من أهل الأداء في الراء التي يليها كسرة لازمة .............والألف التي بعدها همزة نحو قوله {افتراءً علي الله} و {افتراءً عليه} و {مراءً ظاهراً } وما أشبهه .والألف التي بعدها عين نحو قوله { ذراعيه } و { ذراعاً } و {سراعاً } . وقرأت ذلك كلّه على غيره بالإمالة اليسيرة ، وهو الصحيح في الأداء والقياس وبه آخذ. " ( جامع البيان ص353).

قال ابن الجزريّ عليه رحمة الله تعالى : " ثالثها (افتراء على الله، وافتراء عليه، ومراء) ففخمها من أجل الهمزة ابن غلبون صاحب التذكرة وابن بليمة صاحب تلخيص العبارات وأبو معشر صاحب التلخيص وبه قرأ الداني على أبي الحسن ورققها الآخرون من أجل الكسرة وذكر الداني الوجهين في جامع البيان." (النشر 2/97).

قال الأزميري عليه رحمة الله تعالى : " قوله تعالى : {إلاّ مراءً ظاهراً} فيه للأزرق بحسب التركيب أربعة أوجه يصحّ منها ثلاثة أوجه الأوّل والثاني ترقيق {مراء} مع ترقيق {ظاهراً} للجمهور ومع تفخيم {ظاهراً} في الحالين من الكامل وإرشاد أبي الطيّب وفي الوصل فقط من الهداية والكافي ومن التجريد عن عبد الباقي في أحد الوجهين ، والثالث تفخيم {مراء} مع ترقيق ظاهراً من التذكرة وتلخيص ابن بليمة ولأبي مشعر وبه قرأ الداني على ابن غلبون ويمتنع تفخيمهما معاً " (بدائع البرهان ص118).

أقول من خلال ما سبق من كلام أئمّتنا عليهم رحمة الله تعالى يتبيّن ما يلي :

أوّلاً : قراءة الداني على ابن خاقان وأبي الفتح بالترقيق لقول الداني في جامع البيان "وقرأت ذلك كلّه على غيره- أي أبي الحسن - بالإمالة اليسيرة ".

ثانياً : قراءة الداني على أبي الحسن بالتفخيم كما هو ظاهر في جامع البيان والنشر.

ثالثاً : ثبوت الوجهين من التذكرة لابن غلبون كما هو ظاهرٌ من كلام أبي الحسن والأزميري.

رابعاً : ورود وجه الترقيق عن أبي الطيّب والد طاهر ابن غلبون على ما ذكره الأزميري. ويؤكد ذلك أنّ مكي القيسي لم يذكر في كتابه التبصرة إلاّ وجه الترقيق ومن شيوخه في إسناد رواية ورش أبو الطيّب ابن غلبون.

أقول : هناك إشكال وهو أنّ الداني قرأ على أبي الحسن بالتفخيم على ما يظهر في جامع البيان والنشر ، وقرأ أبو الحسن على أبي الطيّب بالترقيق لورود الخلاف عن أبي الحسن من جهة وورود وجه التفخيم عن أبي الطيّب من جهة أخرى. وإسناد الداني عن أبي الحسن هو عن أبي الطيّب أي قراءة الداني على أبي الحسن عن أبي الطيّب ومع ذلك فقد أقرأ أبو الحسن تلميذه الداني بغير ما قرأه على أبيه أبي الطيّب. قد يكون السبب في ذلك تقديم أبي الحسن وجه التفخيم على وجه الترقيق وقراءته له على غير أبي الطيّب فيكون بذلك خارجاً عن الطريق.
وبالتالي فإننا نُثبت الوجهين لصاحب التذكرة من طرق النشر والحرز : فالتفخيم باعتبار قراءة الداني على أبي الحسن كما أثبته له بن الجزريّ في نشره مع التذكير أنّ أبا الحسن قدّمه في الأداء، والترقيق باعتبار قراءة صاحب التذكرة على أبي الطيّب إذ هو من طرق الشاطبية أيضاً. وإن كنت أميل إلى وجه الترقيق لأنّه هو الأصل أي قراءة أبي الحسن على أبيه قبل أن يُقرئ أبو الحسن تلميذه الداني بوجه التفخيم خلافاً لما قرأ على أبيه. والعلم عند الله تعالى.

وهذا مثال آخر لبعض الأوجه التي أهملها الإمام الشاطبيّ عليه رحمة الله تعالى والتي هي من طرقه ومصادره ، وقد أثبت وجه التفخيم ابن الجزري في نشره لصاحب التذكرة ولم يُضعّفه لثبوته عن غير أبي الحسن كابن بليمة وأبي مشعر الطبري. وطريق كتاب التذكرة من النشر هو نفس الطريق من الشاطبية لورش.

فنخلص مما سبق أنّ تحرير الكلمات : (افتراء على الله، وافتراء عليه، ومراء) مع أوجه البدل هي كالتالي :

- قصر البدل وعليه التفخيم والترقيق جميعاً فيها : فالتفخيم من التذكرة وبه قرأ الداني على أبي الحسن ، والترقيق من التذكرة أيضاً وبه قرأ أبو الحسن على بعض شيوخه وقرأ به أبوه أبو الطيّب ( عبد المنعم).
- توسط البدل وعليه الترقيق من التيسير وبه قرأ الداني على ابن خاقان.
- طول البدل وعليه الترقيق أيضاً من جامع البيان وبه قرأ الداني على أبي الفتح.


وأمّا قوله تعالى : {إلاّ مراءً ظاهراً} فتحريرها كالتالي :

- الترقيق فيهما أي في { مراءً } و { ظاهراً} من التيسير وجامع البيان والتذكرة
- التفخيم في { مراءً } مع الترقيق في { ظاهراً} من التذكرة وبه قرأ الداني على أبي الحسن.


أكتفي بما ذكرت وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

محمد يحيى شريف الجزائري
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد

تحرير : {ساحران}، و{تنتصران}، و{طهرا}

قال أبو الحسن طاهر ابن غلبون عليه رحمة الله تعالى : " والثامن : إذا وقع بعد هذه الراء ألف تدلّ على الاثنين ، سواء كانت تلك الألف اسماً أو حرفاً : فالاسم كقوله { أن طهرا بيتي } و { فلا تنتصران } و { سحران }. وقد ذهب قوم إلى الأخذ لورش في هذا الموضع - أي الثامن - والموضع الذي قبله – أي السابع – بين اللفظين ، وقد قرأت بذلك على بعضهم والفتح أجود فيهما " (التذكرة 1/224).


قال أبو عمرو الداني عليه رحمة الله تعالى : " وقد خالف أبو الحسن أيضاً الجماعة من أهل الأداء في الراء التي يليها كسرة لازمة ، ويقع بعدها أحد الثلاثة أخرف ألف الاثنين ، وسواء كانت حرفاً أو اسماً أو ألف بعدها همزة أو ألف بعدها عين ، فكان يخلص الفتح للراء من أجل ذلك ، فألف الإثنين نحو قوله { تنتصران } و {لساحران } و { طهّرا } وما أشبهه .." ثمّ قال " وقرأت ذلك كلّه على غيره بالإمالة اليسيرة ، وهو الصحيح في الأداء والقياس وبه آخذ. " ( جامع البيان ص353).

قال ابن الجزريّ رحمه الله تعالى : "رابعها (ساحران، وتنتصران، وطهرا) ففخمها من أجل ألف التثنية أبو معشر الطبري وأبو علي بن بليمة وأبو الحسن بن غلبون وبه قرأ الداني عليه ورققها الآخرون من أجل الكسرة والوجهان جميعاً في جامع البيان." (النشر 2/97).

قال الأزميري عليه رحمة الله تعالى : " قوله تعالى : أو لم يكفروا بما أوتي موسى من قبل إلى قوله كافرون فيه للأزرق عشرة أوجه : الأوّل إلى الرابع قصر البدل مع الفتح {موسى} وترقيق الرائين من الشاطبية ومع تفخيم {كافرون} فقط من التذكرة في أحد الوجهين على ما وجدنا فيها من ترقيق {ساحران} ومع تفخيم {ساحران} وترقيق {كافرون} من تلخيص ابن بليمة ومع تفخيم {كافرون} من التذكرة وبه قرأ الداني على ابن غلبون ، والخامس والسادس التوسط مع الفتح وتفخيم {ساحران} وترقيق {كافرون} من تلخيص ابن بليمة ومع التقليل وترقيق الرائين من التيسير والشاطبية وبه قرأ الداني على أبي الفتح وابن خاقان ، والسابع إلى العاشر الطول مع الفتح وترقيق الرائين من الشاطبية والكامل والكافي والهداية والتجريد والتبصرة ومع تفخيم {ساحران} وترقيق {كافرون} من طريق أبي مشعر ومع التقليل وترقيق الرائين من الشاطبية والكامل وبه قرأ الداني على أبي الفتح على قول ومع تفخيم {كافرون} فقط من العنوان والمجتبى " (بدائع البرهان ص144).

قال المتولّي عليه رحمة الله تعالى : " فخّم (تنتصران ، وساحران ،و طهرا بيتي) أبو مشعر ، وابن بليمة وصاحب التذكرة ، وبه قرأ الداني عليه ، وذكر الوجهين الأزميري في الكلمات الثلاث عن التذكرة قال : والفتح أي التفخيم أجود " (روض النضير ص269).

من خلال ما سبق من كلام الأئمّة والمحققين يتبيّن ما يلي :

أوّلاً : قراءة الداني على ابن خاقان وأبي الفتح بالترقيق لقول الداني في جامع البيان "وقرأت ذلك كلّه على غيره- أي أبي الحسن - بالإمالة اليسيرة ".

ثانياً : قراءة الداني على أبي الحسن بالتفخيم كما هو ظاهر في جامع البيان والنشر والبدائع .

ثالثاً : ثبوت الوجهين من التذكرة لابن غلبون كما هو ظاهرٌ من كلام أبي الحسن في التذكرة والأزميري في بدائعه والمتولي في روضه.

رابعاً : وجه الترقيق من التذكرة خروج عن الطريق لأنّ صاحب التذكرة لم يقرأ به على أبيه أبي الطيّب إلاّ بالتفخيم كما هو ظاهرٌ في النشر حيث قال "ورققها الآخرون من أجل الكسرة" من بينهم أبو الطيّب ولم يذكر الأزميري وجه التفخيم لأبي الطيّب دلّ ذلك أنّ مذهبه الترقيق.


رابعاً : أقول : هناك إشكال وهو أنّ الداني قرأ على أبي الحسن بالتفخيم على ما يظهر في جامع البيان والنشر ، وقرأ أبو الحسن على أبي الطيّب بالترقيق لورود الخلاف عن أبي الحسن من جهة وورود وجه الترقيق عن أبي الطيّب من جهة أخرى. وإسناد الداني عن أبي الحسن هو عن أبي الطيّب أي قراءة الداني على أبي الحسن عن أبي الطيّب ، ومع ذلك فقد أقرأ أبو الحسن تلميذه الداني بغير ما قرأه على أبيه أبي الطيّب. قد يكون السبب في ذلك تقديم أبي الحسن وجه التفخيم على وجه الترقيق وقراءته له على غير أبي الطيّب فيكون بذلك خارجاً عن الطريق.
وبالتالي فإننا نُثبت الوجهين لصاحب التذكرة من طرق النشر والحرز : فالتفخيم باعتبار قراءة الداني على أبي الحسن كما أثبته له بن الجزريّ في نشره مع التذكير أنّ أبا الحسن قدّمه في الأداء، والترقيق باعتبار قراءة صاحب التذكرة على أبي الطيّب إذ هو من طرق الشاطبية أيضاً. وإن كنت أميل إلى وجه الترقيق لأنّه هو الأصل أي قراءة أبي الحسن على أبيه قبل أن يُقرئ أبو الحسن تلميذه الداني بوجه التفخيم. والعلم عند الله تعالى.

خامساً : ذكر الداني في جامعه أنّ أبا الحسن انفرد بالتفخيم في تلك الكلمات ، وهذا الانفراد بالنسبة لما قرأه هو على شيوخه حيث ثبت التفخيم في تلك الكلمات عن غير أبي الحسن كأبي معشر الطبري وابن بليمة كما ذكر في النشر وبالتالي فلم ينفرد بذلك صاحب التذكرة.

سادساً : قد ذكر الأزميري أنّ توسط البدل مع التقليل هي قراءة الداني على ابن خاقان من التيسير وأبي الفتح من جامع البيان اعتداداً بظاهر النشر لأنّ ابن الجزريّ لم يُثبت طول البدل من جامع البيان. وأمّا من أثبته كالقسطلاني في لطائفه فعلى أساس ظاهر جامع البيان وبه أخذ الأزميري كما يظهر في بدائع البرهان والضباع في كتابه المطلوب.


فنخلص مما سبق أنّ تحرير الكلمات : (ساحران، وتنتصران، وطهرا) مع أوجه البدل هي كالتالي :

- قصر البدل وعليه التفخيم والترقيق جميعاً فيها : فالتفخيم من التذكرة وبه قرأ الداني على أبي الحسن ، والترقيق من التذكرة أيضاً وبه قرأ أبو الحسن على أبيه أبي الطيّب ( عبد المنعم).
- توسط البدل وعليه الترقيق من التيسير وبه قرأ الداني على ابن خاقان.

- طول البدل وعليه الترقيق أيضاً من جامع البيان وبه قرأ الداني على أبي الفتح.

أمّا قوله تعالى : {أو لم يكفروا بما أوتي موسى من قبل قالوا سحران } فتحرره كالتالي :

- قصر البدل (أوتي) وعليه الفتح في (موسى) مع التفخيم في (ساحران) من التذكرة وبه قرأ الداني على أبي الحسن ، والترقيق أيضاً في (ساحران) من التذكرة وبه قرأ الداني على أبي الطيّب.
- توسط البدل وعليه التقليل مع الترقيق من التيسير وبه قرأ الداني على ابن خاقان.

- طول البدل وعليه التقليل مع الترقيق من جامع البيان وبه قرأ الداني على أبي الفتح.


أكتفي بما ذكرت وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين

محمد يحيى شريف الجزائري
 
هناك خطأ في هذه العبارة :

رابعاً : وجه الترقيق من التذكرة خروج عن الطريق لأنّ صاحب التذكرة لم يقرأ به على أبيه أبي الطيّب إلاّ بالتفخيم كما هو ظاهرٌ في النشر حيث قال "ورققها الآخرون من أجل الكسرة" من بينهم أبو الطيّب ولم يذكر الأزميري وجه التفخيم لأبي الطيّب دلّ ذلك أنّ مذهبه الترقيق.

والصواب هو :

رابعاً : وجه الترقيق من التذكرة خروج عن الطريق لأنّ صاحب التذكرة لم يقرأ به على أبيه أبي الطيّب إلاّ بالترقيق كما هو ظاهرٌ في النشر حيث قال "ورققها الآخرون من أجل الكسرة" من بينهم أبو الطيّب ولم يذكر الأزميري وجه التفخيم لأبي الطيّب دلّ ذلك أنّ مذهبه الترقيق.
 
عودة
أعلى