أسلمت بلقيس حينما جاءت للصرح ولم تسلم حينما رأت عرشها

إنضم
08/11/2010
المشاركات
291
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
قوله تعالى : ( قال نكروا لها عرشها ) يقول : غيروا سريرها إلى حال تنكره إذا رأته ، قال قتادة ومقاتل : هو أن يزاد فيه وينقص ، وروي أنه جعل أسفله أعلاه وأعلاه أسفله ، وجعل مكان الجوهر الأحمر أخضر ومكان الأخضر أحمر )
المقصود :( ننظر أتهتدي ) إلى عرشها فتعرفه ) ( أم تكون من ) الجاهلين ) ( الذين لا يهتدون )

قال تعالى: «فلما جاءت قيل أ هكذا عرشك قالت كأنه هو و أوتينا العلم من قبلها و كنا مسلمين» أي فلما جاءت الملكة سليمان (عليه السلام) قيل له من جانب سليمان: «أ هكذا عرشك» و هو كلمة اختبار.
و لم يقل: أ هذا عرشك بل زيد في التنكير فقيل: أ هكذا عرشك؟ فاستفهم عن مشابهة عرشها لهذا العرش المشار إليه في هيئته و صفاته، و في نفس هذه الجملة نوع من التنكير.

وحينما أقبلت على الصرح أعلنت إسلامها فماالسر في ذلك ياترى ..؟؟؟
 
[FONT=&quot]ألا يصح أن يقال: إن مسألة إيمانها بدأت بحيرتها من وجود الكتاب في قصرها ولم ترى الرسول بعينها، ولم يره كذلك حرسها أو حتى خدمها، ثم كذلك لما كانت عادة الملوك وصفاتهم النفسية بسبب الملك والتسلط على الناس، فما برح النبي الكريم سليمان عليه السلام يقرعها بما لم تستطع رده؛ أرسلت له هدية فما قبلها، فزارته ورأت قصره المنيف العجيب، وآخرها الصرح الممرد[/FONT].

[FONT=&quot]كأني بها ترى العجائب، حتى لم تتمالك مع تلك العجائب نفسها، وليس هذا فقط، بل يدل قولها كما حكاه عنها رب العزة جل في علاه : "{ قالت يا أيها الملؤا أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمراً حتى تشهدون }" يدل ذلك على رجاحة عقلها وحسن تصرفها، ونوع تواضع موجود فيها، حيث نسبت هذا الأمر كأنه من حاجتها الخاصة، ومع ذلك طلبت المشورة فيه، بل نفت إمكانية بتها في أمرٍ دون الرجوع إلى أولئك الملؤ.[/FONT]
[FONT=&quot]وفعلها هذا يخالف فعل الملوك، حيث يصورون ما يدهم ملكهم على أنه جناية على الناس وتضييع لحقهم.[/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot]فكأن آخر هذه العجائب التي لم تملك معها نفسها الصرح، فبادرت بالإسلام.[/FONT]

والله تعالى أعلم.
 
هل تقصد ياأخي أن تتابع الأحداث حتى وصلت للنهاية كان ذلك كله سببا في هدايتها ...
لربما ماوصلت إليه من نتيجة له وجهه .. ولكن لنعلم أن سيدنا سليمان عليه السلام عمل لها اختبارين
كان أولاهما الإتيان بالعرش مع مافي ذلك من معجزة وانبهار للنفس فكان من المفترض أن تعلن إسلامها
حين رؤية عرشها التي أقفلت عليه سبعا من الدور بسبب أنه عزيز عليها .. ومع ذلك لم تعلن إسلامها
ولكن حينما قيل لها ادخلي الصرح أعلنت إسلامها ..!!!
أليس اختبار العرش أقوى من اختبار الصرح ..؟؟؟
ولنعلم أن سيدنا سليمان لم يكن عند اختبار العرش بينما كان متواجدا في اختبار الصرح ..!!!
مازال التساؤل قائما ومازلنا ننتظر مشاركات الأحبة .
وبارك الله في الجميع .
 
[FONT=&quot]يمكن أن يقال (1) عن هذه القصة إنها من العجائب، ذلك أن التناسق فيها جلي وواضح حسب فهمي الناقص. لا أقول إن نبي الله تعالى سليمان بن داود عليهما السلام قد أقدم على أمر لا يظنه مسلكاً جيداً في محاولة إدخالها في الملة السمحة، بل فعله مع الهدهد عندما أمره بإيصال الكتاب، كأنه يدل، على الأقل، أنه يحاول التأكد من الأمور والحوادث من حوله، وكان يدل كذلك على صبره حتى يتبين حقيقة الأخبار والحوادث[/FONT].

[FONT=&quot]يأتي بعد ذلك محاولة عرض الدين على ((ملكة)) سبأ، استخدم معها نفس الأسلوب والمسلك، عرض عليها عجائب وغرائب بما تأباه فطر الناس السليمة، [/FONT]
[FONT=&quot]قصر منيف[/FONT]!
[FONT=&quot]هل كرسيها هذا الذي أمام عينها؟[/FONT]
[FONT=&quot]صرح ممرد كأنه لجة[/FONT]!
[FONT=&quot]هل هذا يقع تحت إمكانية البشر؟[/FONT]
[FONT=&quot]هل هذا الرجل (النبي الكريم عليه وعلى والده أفصل الصلاة والسلام) مؤيد؟[/FONT]

[FONT=&quot]تأتي بعد ذلك محاولة التوفيق بين كل هذا الحوادث والمسالك[/FONT].
[FONT=&quot]هي تستشير، فهي إذن تحاول الوصول إلى حل معضلاتها بإدارة النظر في الحادثة من جميع الوجوه بحسب طاقتها[/FONT].
[FONT=&quot]فلربما فهمت شيئاً بخلاف حقيقته[/FONT].
[FONT=&quot]أو لربما قصرت في الفهم[/FONT].
[FONT=&quot]فاستشاراتها قد تدل على عادتها في مثل هذه المواقف، قال تعالى حكاية عنها[/FONT]:
clip_image001.png
[FONT=&quot]ما كنت قاطعة أمراً حتى تشهدون [/FONT]
clip_image002.png

[FONT=&quot]وكما هو معروف عن الشخص الذي يستشير أنه يقلب النظر في المسألة، ويعيد دراستها ويكرر فهمها وتطبيق فكرة الحل عليها، فهو يستخدم الأسلوب الاستقرائي المنطقي النقدي في عرض الحادثة والتعامل معها[/FONT].

[FONT=&quot]وهذا هذا ما فعله النبي المكرم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم معها[/FONT].
[FONT=&quot]ألا يمكن أن نقول إنه بفعله هذا جعلها في حيرة من أمرها؟ [/FONT]
[FONT=&quot]ولكن هنا مسألة أخرى، يدل فعلها على أنها أسلمت بدون مشاورة لأعوانها، فقد يدل هذا على أنها تقلب النظر في الأمور وتديرها في رأسها (على فرض عدم حضورهم)، حتى إذا ما اقتنعت لم تتردد، أو أنهم كانوا معها فشاورتهم، وبما أن ما رأوه كان عجباً، لم يترددوا هم كذلك في إسلامهم، مما يدل على حسنها في كلا الحالتين، وحسنهم في الانقياد إلى الحق، إن كانوا معها.[/FONT]​
[FONT=&quot]كذلك فعل الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام معها، فعند عرض بعض العجائب، لم يكن معها، بل في جزئيتها؟[/FONT]​
[FONT=&quot]هل شغل عنها؟[/FONT]​
[FONT=&quot]هل تركها محاولةً في إعطائها فرصة للتفكير إن كانت بنفسها، أو للتفكير والتشاور مع ملئها إن كانوا برفقتها؟ فالعادة المعروفة أنك عندما تكون بحضرة شخص مساوٍ لك، قد تأخذك العزة بالإثم (آسف لا أقصد أحداً بعينه) فلا تنقاد، بينما لو تترك لوحدك فإنك ستفكر وتدير الفكرة في رأسك وتكون عندك فرصة للتأمل والتفكر.[/FONT]​







(1) [FONT=&quot]أتعمد استخدام هذه الألفاظ بدون جزم، حتى أخرج من دائرة التقول على الله سبحانه وتعالى بغير علم، أو حتى التقول على علمائنا الأفاضل، أو حتى ينسب لي رأي، ومن أنا!!!، إنما هي المدارسة والمذاكرة، عسى الله سبحانه وتعالى أن ينفعنا بها، يوم لا ينفع مال ولا بنون[/FONT].​
 
فهمتُ منك ـ يا أخي الكريم ـ أنك تريد منا إعمال فكرنا المتواضع في هذه المسألة, فإن كان ما فهمتُه صوابا فأرجو أن تتقبل مشاركتي في الموضوع, وإن كنتُ لأستحي أن أزجّ باسمي وعلمي القاصر بين أمثالكم.لكنني أحببتُ حقا المشاركة فيه. وفقنا الله وإياكم لكل خير.
أظن أن سؤال سليمان عليه السلام للملكة: أهكذا عرشك ؟ كان يعني أن يُفهمها أنه شبيه عرشها وليس هو. بل سؤاله إنما يدل على أن ما أراده حقا هو ألا يتبادر إلى ذهنها أن أحدا ما وبطريقة خارقة قد أحضر عرشها, فلو أن هذا ما فهمَتْه أو هذا ما تبادر إلى ذهنها لأقامتْ الدنيا وما أقعدتها لأنها قد تنظر إلى الأمر على أنه محاولة لإسقاط مملكتها بالإستيلاء على عرشها, ولأجل ذلك كان سؤاله يلمح إلى أنه شبيه عرشها لا هو.
أما بالنسبة لسبب إعلانها إسلامها لما رأت الصرح فأظن أنه لعدة أسباب لعل من بينها:
* إما لأن الصرح قد فاق العرش جمالا وإتقانا, أوأنها لازالت في شك من مقدرتهم على محاكاة العرش, فلما عاينت إبداعا لم تر مثله في حياتها لم تملك إلا أن أعلنت إسلامها.
* وربما عدم إعلانها لإسلامها حين شاهدت العرش كان بسبب أنها لم تكن حينها بحضرة سليمان عليه السلام, ولعله من لحظتها وقع الإيمان في قلبها لكنها كانت بحاجة لترى صاحب هذه العجائب ولتطمئن أيضا أنه بشر, فلما رأت الصرح وروعته ورأت سليمان عليه السلام أعلنت إسلامها.
*سبب آخر: قد يكون العرش أعظم إعجازا من الصرح لكنها لو كانت من عامة الناس لأعلنت إسلامها مذ رأت العرش فأبهرها ولكن لأنها كانت سيدة قومها وملكة مملكتها فلذلك أرجأت إعلان إسلامها لحين ملاقاة الملك سيد المكان, لا أمام جنوده وحاشيته.
هذه لمحة سريعة من إجتهاداتي المتواضعة وضعتها إثراء مني للموضوع, ولقد جذبتني هذه المسألة قليلا؛ فرحتُ أبحث عما يجيب تلك التساؤلات فوقعتُ على بحث صغير رائع يجيب عن كل الأسئلة التي أثيرتْ في هذا الموضوع, فكم كنت أتسائل وأنا أقرأ هذه الآيات:
مالذي دفع هذه المرأة للإسلام؟ ءإحضار عرشها وصرح ظنته لجة هو السبب الحقيقي خلف إسلامها؟
ثم ما الذي دفع سليمان عليه السلام إلى دعوتها بهذه الطريقة العجيبة؟
وأخيرا فهمتُ الكثير من حكم القصة من خلال هذا البحث الذي نقلته لأضعه بين أيديكم:
لماذا جلب سليمان عرش ملكة سبأ ثم نكّره لها؟
قيل [فعل ذلك لأنه أعجبه][1]، وقيل لكي [يختبر به عقلها][2]، وقال الطبري [ليجعل ذلك حجة عليها في نبوته][3]. وما قاله الطبري أساسي ومهم ولا ريب أنه حجة كافية على ملكة سبأ لتؤمن بعد أن رأت قدرة الله التي أحضرت عرشها من اليمن لفلسطين على يد عبده سليمان عليه السلام. ولكن يعكّر قليلاً على قول الطبري أن سليمان لو أراد ذلك فقط من إحضاره العرش لكان أبقاه على حاله القديم كما عرفته وعهدته ملكة سبأ [لو ترك على ما كان لعرفته][4]. ولكن سليمان نكّر لها العرش، وهذا يشير إلى أنه أراد أمراً آخر من جلب العرش.
فالسبب الأول الذي من أجله جلب سليمان العرش من اليمن هو أن يعطي ملكة سبأ (التي كانت من قوم كافرين) درساً عظيماً يفيدها في دنياها وأخراها وتهتدي به إلى دين الله. وقد استوعبت ملكة سبأ الدرس وفهمته جيداً، فهل فهمناه نحن؟ تعالوا نتعلم من حكمة وعلم نبي الله سليمان [فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا (79) الأنبياء].

قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ (41) فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ (42) النمل
أعدّ سليمان لهذا الدرس أمرين: الأول إحضار العرش من اليمن لفلسطين (وهي مسافة عظيمة تقدر بنحو ألفي كيلومتر) قبل وصول صاحبة العرش ملكة سبأ [قَالَ يَا أَيُّهَا المَلأ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (38) النمل]، والآخر تنكير[5] العرش [قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا]، أي تغييره جزئياً عن طريق إجراء بعض التعديلات الشكلية عليه. وقد أفصح سليمان[6] عن سبب تنكيره العرش [نَنظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ].
حكمة سليمان أحكمت السؤال
وعند وصول ملكة سبأ [فَلَمَّا جَاءتْ]، بدأ درسها. فوجّه إليها سليمان السؤال المحكم: [قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ]. وعلينا أن نلاحظ أن سؤال سليمان ليس بمعنى (أهذا عرشك؟) أو (هل هذا عرشك؟). ولو سألها ذلك لكان كالتلقين[7] والإرشاد والإيحاء، ولربما سهل عليها الجواب الذي سيكون إما (نعم) [8] وإما (لا).
سؤال سليمان المتقن (أَهَكَذَا عَرْشُكِ)، هو بمعنى (أمثل هذا عرشك؟)[9] أو (هل عرشك كهذا العرش؟) أو (هل عرشك مثل هذا العرش؟). وإذن فهذا السؤال المحكم لن يقلق ما هو مترسب في ذهن ملكة سبأ من معلومات خاطئة (اعتقادها أن عرشها باليمن). وبالتالي فإن ملكة سبأ (التي تجهل حقيقة أن عرشها في فلسطين) سوف تستقبل معنى هذا السؤال المحكم وتستوعبه بهذه الصورة: هل عرشك (الذي باليمن) مثل هذا العرش (الحاضر أمامك بفلسطين)؟ أو بعبارة أخرى: ستفهم أن سليمان يسألها عن عرشين (منفصلين) أحدهما أمامها والآخر باليمن. وذلك لأنها حتى هذه اللحظة لا تعلم أن عرشها قد نُقِلَ من اليمن إلى فلسطين.

مقدار تنكير العرش
جواب ملكة سبأ (كَأَنَّهُ هُوَ) قد يفيد أن التغييرات بالعرش لم تكن كبيرة. وهذا قد يعني أن سليمان اعتمد على اعتقادها الخاطئ (أن عرشها باليمن)، أكثر من اعتماده على تنكير العرش.

وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ (42) وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ (43) النمل
إحضار العرش وتنكيره لم يكن هو هدف سليمان وإنما كان ذلك مجرد أداة ووسيلة استخدمها ليصل إلى هدف آخر بالغ الأهمية، وهو مساعدة ملكة سبأ في أن تتأمل وتتفكر وتراجع نفسها لأجل أن تنتبه إلى مشكلة خطيرة قد تودي بها يوم القيامة. وقد أشارت الآيات إلى نتيجة وعاقبة تلك المشكلة التي يعاني منها أكثر الناس وذكرتها صراحة [وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ (42) وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ (43) النمل].
بدأ هدف درس سليمان يتحقق، فأخذت ملكة سبأ تتفكر فيما حدث. فقد رأت الملكة هذا العرش الحاضر أمامها يشبه عرشها الذي تحسبه باليمن، حتى قالت (كَأَنَّهُ هُوَ). لكن ما الذي صدّها عن أن تعلم أن هذا عرشها، فتقول بكل حزم وثقة (هذا عرشي)؟ لابد أنه ذلك الاعتقاد الخاطئ أن عرشها موجود باليمن، بالإضافة إلى تنكيره. وهنا بدأت الملكة تنتبه إلى تلك المشكلة الخطيرة التي قد تتسبب في عمى العقل والقلب، فتصّد الإنسان عن أن يعلم الحقيقة.
هدف سليمان الأساسي من جلبه العرش وتنكيره هو أن يعلّم ملكة سبأ أن دينها (عبادة الشمس وأوهام قومها التي ألّهت غير الله)، قد صدها عن أن تعلم حقيقة أن الله هو الإله الحق الذي لا إله غيره. فكما صدتها أوهامها حول عرشها (ظنها أنه موجود باليمن) عن معرفة حقيقة أن الذي أمامها هو عرشها أو عن القطع بأنه هو، كذلك صدتها أوهام دينها (الذي ورثته عن قومها الكافرين) عن معرفة الحقيقة الساطعة أن الإله الحق هو الله الذي لا إله غيره.
فسليمان بإذن الله استطاع أن يضع عرش ملكة سبأ أمامها بين يديها (وهي لابد أنها عالمة وعارفة وخبيرة بعرشها منذ أن ملكت شعبها)، ولكن رغم هذا عجزت أن تقول: أنا أعلم أن هذا عرشي! والسبب أن الحسابات الخاطئة التي في عقلها وقلبها صدتها عن العلم بعرشها الذي هو بعينه قد وضعه سليمان أمامها. هذا هو الدرس الذي علمه سليمان لملكة سبأ، وهو احذري أيتها الملكة من المعلومات الخاطئة التي لا توجد إلا في عقلك! احذري أن يصدك اعتقاد خاطىء عن الحقيقية الصادقة.
وهذا يذكرنا بحال أخوة يوسف (بعد أن أصبح نائب الملك)، حيث فشل أخوته أن يعلموا أنه أخوهم الصغير (لحمهم ودمهم الذي نشأ وترعرع بينهم والذي ألقوه بأيديهم في البئر). فرغم أنهم ظلوا يترددون على أخيهم يوسف وهو عزيز مصر فترة من الزمن، يرونه خلالها ويلتقون به ويخاطبونه مراراً، ولكن اعتقادهم وتصورهم الخاطيء عن حال أخيهم صدّهم عن أن يعلموا حقيقة أنه أخوهم يوسف. فهذا التصور الخاطئ الذي في رؤوسهم وقلوبهم بشأن حال يوسف، قد ضللهم وحجب عنهم حقيقة أن أخاهم موجود أمامهم يرونه ويسمعونه ويتحدثون معه. فاستمروا تحت تأثير الوهم الذي يصدّهم، حتى أيقظهم يوسف في آخر الأمر بقوله [قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ (89) يوسف]، فتنبهوا وانقشع الضباب وتلاشت الأوهام وانعدم ما يصدّهم وأفاقوا من غمرتهم فعرفوا وعلموا [قَالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ (90) يوسف].

لماذا طلب سليمان من ملكة سبأ أن تدخل الصرح؟
شطط مفسرون في ذلك شططاً بعيداً فقالوا : [اتخذ الصرح ليتعرف ساقها][10]، [أن سليمان أراد أن ينظر إلى قدميها وساقيها][11]، [لتكشف عن ساقيها عنده][12]، [فأراد أن يرى ذلك][13]،[ليعرف ساقها ورجلها][14]، وقد أجيب عن ذلك [قال المحققون : لا يحتمل أن يحتال سليمان لينظر إلى ساقيها وهي أجنبية فلا يصح القول بمثله][15]. وقيل [أراد ان يريها ملكا هو اعز من ملكها][16]، [المقصود من بناء الصرح تهويل المجلس وتعظيمه][17]. وقيل [فعل ذلك ليختبرها][18].
والآن لنتقدم إلى المستوى الثاني من الدرس، والذي سيكون الضربة القاضية التي ستجهز على ما تبقى من أوهام واعتقادات خاطئة في قلب وعقل ملكة سبأ. فبعد المستوى الأول من الدرس الذي استوعبته ملكة سبأ، طلب منها سليمان أن تدخل صرحاً خاصاً.
قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (44) النمل
بعد أن قيل لملكة سبأ [ادْخُلِي الصَّرْحَ]، بدأت الأوهام مرة أخرى تحكم عقلها فحسبت أنها ترى ماء[19] [فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً]. وعليها الآن لكي تدخل الصرح أن تخوض هذا الماء (الذي لا يوجد إلا في عقلها). ولكن هذا يعني أن ثيابها الملكية الفخمة سوف تتبلل بهذا الماء، فقامت برفع ثوبها عن مستوى ما تظنه ماء [وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا]. وهكذا وقعت ملكة سبأ في أوهام (أنها ستخوض ماء) صدتها عن علم أن أمامها أرضية زجاجية صلبة بالغة الاتقان في صقلها وتمليسها[20] [قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ]. فأثبت سليمان لملكة سبأ أن وهمها واعتقادها الخاطئ (حَسِبَتْهُ لُجَّةً) أعماها فصدها عن العلم بالحقيقة (أن الذي أمامها صرح صلب زجاجي). وروي أن بعض تجار المسلمين الذين رأوا سقوف مدينة رومية قد ظنوها بحراً [فإذا بشيء أخضر كهيئة اللج][21].
استوعبت ملكة سبأ الدرس جيداً وعلمت ماذا أراد سليمان من إحضار عرشها وتنكيره ومن إدخالها الصرح الممرد بالقوارير، وهو أن المعلومات الخاطئة التي نؤمن بها ونعتقد بها ونتمسك بها عن غفلة وجهل سوف تصدنا عن العلم بالحقيقة التي أمامنا. لذلك ينبغي علينا أن نتأكد من معلوماتنا (هل هي أوهام وأكاذيب أم هي حقائق) قبل أن نسلّم بها ونعتقد، وإلا امتلأت قلوبنا وعقولنا بأوهام كاذبة خادعة، وسيؤثر ذلك على رؤيتنا للأمور تأثيراً بالغاً وستصبح الحقائق والشواهد والآيات التي أمامنا وتحيط بنا كالغائبة (كأنها مدفونة مطموسة مغمورة)، فلا نعرفها ولا نعلمها ولا نشعر بها وكأننا في غمرة [بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هَذَا (63) المؤمنون]/ الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ (11) الذاريات].
علمت ملكة سبأ أن أوهامها الدينية وتقديراتها الخاطئة التي جعلتها تؤله الشمس قد صدتها عن معرفة الإله الحق الله فجهلته فلم تعلمه[22] [قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي]. وهذا ما قصد سليمان أن تنتبه له ملكة سبأ وتفهمه [العين قد تخطئ في تقدير أقرب الأشياء إليها، فتخطئ في إدراك حقيقة ما تحت أرجلها، مما يدل على خطأ نظرها في عبادة الشمس من دون الله][23]، [فاستوعبت على الفور ، مضمون الرسالة التي وجهها لها سليمان . ... وهذا هو حالها وقومها بعبادة الشمس من دون الله][24]. ففهمته الملكة جيداً فكان جوابها على ما حدث [قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ].
كان سليمان الحكيم يستخدم العرش والصرح كأدوات وكأمثال فقط لهدف أعظم وهو أن تفهم ملكة سبأ أن سبب جهلها الحقيقة التي هي دين الله وعدم معرفتها لها، هو أوهام دينها وخرافاته التي صدّتها. فلما صدقت الملكة أكاذيب دينها صدّها ذلك عن رؤية الحقيقة التي أمامها. ولكي تفهم الملكة ذلك استخدم سليمان أداتين وهما العرش والصرح. فبدأ الدرس الذي فيه حقيقة أن العرش عرشها وأنه الآن بفلسطين لكن ملكة سبأ لم تستطع ان تقول أنا أعلم أن هذا عرشي! والسبب هو اعتقاد الملكة أن عرشها باليمن. فهذه المعلومات الخاطئة التي برأس ملكة سبأ أدّت إلى تضليلها وصدّها، وهو ما أراد سليمان أن تدركه الملكة. ولما أخبرها سليمان فيما بعد أن هذا هو عرشها بالفعل ودققت فيه فتيقنت منه، تعلمت الدرس تماماً وفهمته، إذ ثبت لها أن الأوهام والمعلومات الخاطئة استطاعت أن تصدّها وتضللها عن العلم بالحقيقة، فجعلتها لا تتعرف على عرشها. وأما الأداة والوسيلة الأخيرة فهي صرح القوارير التي قامت بتأكيد نفس الهدف. فبدأ المستوى الثاني وهو حقيقة أن الذي أمام الملكة هي أرضية زجاجية ملساء للغاية، لكن ملكة سبأ لم تتعرف على هذه الحقيقة لاعتقادات وأوهام وتصورات خاطئة غير حقيقية تكونت بعقلها وقلبها تقول لها أن الذي أمامها هو مخاضة ماء ضحلة فأدى ذلك إلى تضليلها وصدّها عن العلم بحقيقة الصرح الزجاجي الذي أمامها.

أمثلة لأوهام صدت كثيراً من الناس عن الحقائق
ما أكثر الأوهام والخرافات والأكاذيب التي يعتنقها الناس فتصدهم عن الحق [أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ (67) العنكبوت]. ولا يسعنا هنا إلا عرض بضعة أمثلة: أليس الاعتقاد بصلب المسيح الذي يؤمن به النصارى قد صدهم عن حقيقة [وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ (157) النساء]؟ أليس اعتقاد النصارى أن الله ثلاثة وأن المسيح ابن الله قد صدهم عن حقيقة [وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْرًا لَّكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ (171) النساء]. أليس وهم من يظن أن الله لا يعلم عنه سيرديه[25]؟ أليس اعتقاد الملحد الخاطىء بنظرية التطور وأن العالم قديم غير حادث قد صدهم عن حقيقة الخلق والخالق [أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (35) الطور]؟ أليس الاعتقاد بنظرية التطور قد صدهم عن حقيقة أن أصل البشر هو آدم الذي خلقه الله من تراب مباشرة وأنه لا أصل حي سابق لآدم؟

قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي (44) النمل
تعلمت ملكة سبأ من حكمة سليمان واعترفت لله بظلمها لنفسها [رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي]. فهل تعلمنا نحن واعترفنا لله بظلمنا؟ هل استفدنا من دروس القرآن العظيم أم على قلوب أقفالها؟ أليس من الحكمة أن يحاول كل إنسان أن يراجع نفسه فيتأكد مما يعتقده إن كان وهماً أم حقيقة، فلا يقع فيما وقعت فيه ملكة سبأ؟ ألم يعلمنا القرآن العظيم أن الأكاذيب والأوهام والمعلومات الخاطئة قد صدت ملكة سبأ وقد أثبت لها سليمان ذلك، فهل من معتبر من ملكة سبأ وهل من متعلم من حكمة سليمان؟
المصادر والمراجع:
[1]تفسير الطبري: واختلف أهل العلم في السبب الذي من أجله خصّ سليمان مسألة الملأ من جنده إحضار عرش هذه المرأة من بين أملاكها قبل إسلامها، فقال بعضهم: إنما فعل ذلك لأنه أعجبه حين وصف له الهدهد صفته، وخشي أن تسلم فيحرُم عليه مالها، فأراد أن يأخذ سريرها ذلك قبل أن يحرُم عليه أخذه بإسلامها. ... عن قَتادة، قال: أخبر سليمانَ الهدهدُ أنها قد خرجت لتأتيه، وأخبر بعرشها فأعجبه. كان من ذهب وقوائمه من جوهر مكلَّل باللؤلؤ، فعرف أنهم إن جاءوه مسلمين لم تحلّ لهم أموالهم، فقال للجنّ:(أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ).

[2]تفسير الطبري: وقال آخرون: بل فعل ذلك سليمان ليعاتبها به، ويختبر به عقلها، هل تثبته إذا رأته، أم تنكره؟ .. قال ابن زيد: أعلم الله سليمان أنها ستأتيه، فقال:(أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ) حتى يعاتبها، وكانت الملوك يتعاتبون بالعلم./ الكتاب : تفسير البحر المحيط- ابن حيّان: { قال نكروا لها عرشها } . روي أن الجن أحست من سليمان ، أو ظنت به أنه ربما تزوج بلقيس ، فكرهوا ذلك ورموها عنده بأنها غير عاقلة ولا مميزة ، وأن رجلها كحافر دابة ، فجرب عقلها وميزها بتنكير العرش.

[3]تفسير الطبري: قال أبو جعفر: وأولى الأقوال بالصواب في السبب الذي من أجله خصّ سليمان بسؤاله الملأ من جنده بإحضاره عرش هذه المرأة دون سائر ملكها عندنا، ليجعل ذلك حجة عليها في نبوته، ويعرفها بذلك قدرة الله وعظيم شأنه، أنها خلَّفته في بيت في جوف أبيات، بعضها في جوف بعض، مغلق مقفل عليها، فأخرجه الله من ذلك كله، بغير فتح أغلاق وأقفال، حتى أوصله إلى ولية من خلقه، وسلمه إليه، فكان لها في ذلك أعظم حجة، على حقيقة ما دعاها إليه سليمان، وعلى صدق سليمان فيما أعلمها من نبوّته.

[4]تفسير الفخر الرازي: وذلك لأنه لو ترك على ما كان لعرفته لا محالة.

[5]الكشاف للزمخشري: نَكّرُواْ اجعلوه متنكراً متغيراً عن هيئته وشكله ، كما يتنكر الرجل للناس لئلا يعرفوه/ تفسير البحر المحيط- ابن حيّان: وتنكير عرشها ، قال ابن عباس ومجاهد والضحاك : بأن زيد فيه ونقص منه . وقيل : بنزع ما عليه من الفصوص والجواهر . وقيل : بجعل أسفله أعلاه ومقدمه مؤخره . وتنكير عرشها ، قال ابن عباس ومجاهد والضحاك : بأن زيد فيه ونقص منه . وقيل : بنزع ما عليه من الفصوص والجواهر . وقيل : بجعل أسفله أعلاه ومقدمه مؤخره . والتنكير : جعله متنكراً متغيراً عن شكله وهيئته ، كما يتنكر الرجل للناس حتى لا يعرفوه ./ عمدة القاري للعيني: وقال مجاهد نكروا غيروا، أي قال مجاهد في معنى قوله تعالى نكروا لها عرشها غيروا/ زاد المسير - ابن الجوزي : قال ابن قتيبة ومعنى نكروا غيروا يقال نكرت الشئ فتنكر أي غيرته فتغير

[6] تفسير الطبري: وقوله:(نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي ) يقول: ننظر أتعقل فتثبت عرشها أنه هو الذي لها (أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ ) يقول: من الذين لا يعقلون فلا تثبت عرشها./ تفسير الطبري: عن مجاهد: (نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي ) أتعرفه؟.

[7]تفسير البحر المحيط- ابن حيّان: { فلما جاءت قيل أهكذا عرشك } : أي مثل هذا العرش الذي أنت رأيتيه عرشك الذي تركتيه ببلادك؟ ولم يأت التركيب : أهذا عرشك؟ جاء بأداة التشبيه ، لئلا يكون ذلك تلقيناً لها ./ فتح القدير - الشوكاني : { أهكذا عرشك } لم يقل هذا عرشك لئلا يكون ذلك تلقينا لها فلا يتم الاختبار لعقلها./ تفسير أبي السعود: { أَهَكَذَا عَرْشُكِ } لم يقُل أهذا عرشُكِ لئلاَّ يكونَ تلقيناً لها فيفوتَ ما هو المقصودُ من الأمرِ بالتَّنكيرِ من إبرازِ العرشِ في مَعْرضِ الإشكالِ والاشتباهِ.

[8]زاد المسير - ابن الجوزي : فلو أنهم قالوا هذا عرشك لقالت نعم قاله مقاتل/ تفسير القرطبي: وقال مقاتل: ...ولو قيل لها: أهذا عرشك لقالت نعم هو؛ وقاله الحسن بن الفضل أيضا. / الكشف والبيان ـ الثعلبي النيسابوري: ولو قالوا لها : هذا عرشك لقالت : نعم / فتح القدير - الشوكاني : ولو قيل لها : أهذا عرشك لقالت نعم

[9]التسهيل لعلوم التنزيل لابن جزي: وأن يقال لها أهكذا عرشك؟ أي أمثل هذا عرشك؟ لئلا تفطن أنه هو

[10] الكشاف للزمخشري: فقالوا له : إن في عقلها شيئاً ، وهي شعراء الساقين ، ورجلها كحافر الحمار فاختبر عقلها بتنكير العرش ، واتخذ الصرح ليتعرف ساقها/ تفسير مقاتل: فقالوا : تعالوا نبغضها إلى سليمان ، نقول : إن رجليها مثل حوافر الدواب ، لأن أمها كانت جنية ، ففعلت ، فأمر سليمان فبنى لها بيتاً من قوارير فوق الماء ، وأرسل فيه السك لتحسب أنه الماء ، فتكشف عن رجليها فنينظر سليمان أصدقته الجن أم كذبته

[11] تفسير البغوي: وذلك أن سليمان أراد أن ينظر إلى قدميها وساقيها من غير أن يسألها كشفها، لما قالت الشياطين: إن رجليها كحافر الحمار، وهي شعراء الساقين،/ حياة الحيوان الكبرى – الدميري: قيل: إنه إنما بنى الصرح، لأنه أراد أن ينظر إلى قدميها وساقيها، من غير أن يسألها كشفها. وقيل: أراد أن يختبر فهمها كما فعلت هي بالوصفاء والوصائف، وقد تقدم ذكر ذلك في باب الدال المهملة، في الدود. فجلس سليمان عليه السلام على السرير، ودعا بلقيس، فلما جاءت، قيل لها: ادخلي الصرح، فلما رأته حسبته لجة، وهي معظم الماء، وكشفت عن ساقيها لتخوضها إلى سليمان، فنظر سليمان فإذا هي أحسن الناس ساقاً وقدماً إلا شعر الساقين، فلما رأى سليمان ذلك، صرف بصره عنها وناداها: إنه صرح ممرد من قوارير وليس بماء، ثم دعاها إلى الإسلام./ زاد المسير - ابن الجوزي : قوله تعالى قيل لها ادخلي الصرح قال المفسرون أمر الشياطين فبنوا له صرحا كهيئة السطح من زجاج وفي سبب أمره بذلك ثلاثة ... والثاني انه اراد ان ينظر إلى قدمها من غير ان يسألها كشفها لأنه قيل له إن رجلها كحافر الحمار فامر ان يهيأ لها بيت من قوارير فوق الماء ووضع سرير سليمان في صدر البيت هذا قول محمد بن كعب القرظي / زاد المسير - ابن الجوزي : قوله تعالى قال نكروا لها عرشها قال المفسرون خافت الشياطين أن يتزوج سليمان بلقيس فتفشي إليه أسرار الجن لأن أمها كانت جنية فلا ينفكون من تسخير سليمان وذريته بعده فأساؤوا الثناء عليها وقالوا إن في عقلها شيئا وإن رجلها كحافر الحمار فأراد سليمان أن يختبر عقلها بتنكير عرشها وينظر إلى قدميها ببناء الصرح/ تفسير ابن أبي حاتم :عَنِ السُّدِّيِّ، قَالَ:"وَكَانَ قَدْ نُعِتَ لَهُ خَلْقُهَا، فَأَحَبَّ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى سَاقَيْهَا.

[12]تفسير البحر المحيط- ابن حيّان: روي أن الجن أحست من سليمان ، أو ظنت به أنه ربما تزوج بلقيس ، فكرهوا ذلك ورموها عنده بأنها غير عاقلة ولا مميزة ، وأن رجلها كحافر دابة ، فجرب عقلها وميزها بتنكير العرش ، ورجلها بالصرح ، لتكشف عن ساقيها عنده.

[13]التبصرة ـ لابن الجوزى: وكانت الشياطين قد وقعت فيها عنده وقالوا رجلها كرجل الحمار فأراد أن يرى ذلك فقيل لها ( ادخلي الصرح )/ البداية والنهاية لابن كثير: وقد قيل إن الجن أرادوا أن يبشعوا منظرها عند سليمان وأن تبدي عن ساقيها ليرى ما عليها من الشعر فينفره ذلك منها، وخشوا أن يتزوجها لان أمها من الجان فتتسلط عليهم معه. وذكر بعضهم أن حافرها كان كحافر الدابة وهذا ضعيف. وفي الاول أيضا نظر والله أعلم.

[14]تفسير الطبري: وجائز عندي أن يكون سليمان أمر باتخاذ الصرح للأمرين الذي قاله وهب، والذي قاله محمد بن كعب القرظيّ، ليختبر عقلها، وينظر إلى ساقها وقدمها، ليعرف صحة ما قيل له فيها./ تفسير النسفي: واتخذ الصرح ليعرف ساقها ورجلها فكشفت عنهما فإذا هي أحسن الناس ساقا وقدما إلا أنها شعراء فصرف بصره

[15] تفسير النسفي.

[16]زاد المسير - ابن الجوزي : قوله تعالى قيل لها ادخلي الصرح قال المفسرون أمر الشياطين فبنوا له صرحا كهيئة السطح من زجاج
وفي سبب أمره بذلك ثلاثة أقوال أحدها أنه أراد ان يريها ملكا هو اعز من ملكها قاله وهب بن منبه/ تفسير ابن أبى حاتم : عن يزيد بن رومان ، ثم قال : ادخلي الصرح ليريها ملكا هو اعز من ملكها ، وسلطانا هو اعظم من سلطانها

[17]اللباب في علوم الكتاب - ابن عادل: فقيل كان المقصود من بناء الصرح تهويل المجلس وتعظيمه

[18]زاد المسير - ابن الجوزي : قوله تعالى قيل لها ادخلي الصرح قال المفسرون أمر الشياطين فبنوا له صرحا كهيئة السطح من زجاج
وفي سبب أمره بذلك ثلاثة أقوال ... والثالث أنه فعل ذلك ليختبرها كما اختبرته بالوصائف والوصفاء ذكره ابن جرير

[19]معاني القرآن – النحاس: فلما رأته حسبته لجة أي ماء./ فتح القدير - الشوكاني : واللجة معظم الماء/ فتح القدير - الشوكاني : عن ابن عباس في قوله : { فلما رأته حسبته لجة } قال : بحرا/ تفسير النسفي: { فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً } [النمل : 44] ماء عظيماً

[20]تفسير النسفي : { إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ } [النمل : 44] مملس مستو ومنه الأمرد { مِّن قَوَارِيَرَ } [النمل : 44] من الزجاج./فتح القدير - الشوكاني : { إنه صرح ممرد من قوارير } الممرد المحكوك المملس ومنه الأمرد وتمرد الرجل إذا لم تخرج لحيته قاله الفراء ومنه الشجرة المرداء التي لا ورق لها

[21]معجم البلدان - ياقوت الحموي : وقال الوليد بن مسلم الدمشقي أخبرني رجل من التجار قال ركبنا البحر وألقتنا السفينة الى ساحل رومية فأرسلنا إليهم إنا إياكم أردنا فأرسلوا إلينا رسولا فخرجنا معه نريدها فعلونا جبلا في الطريق فإذا بشيء أخضر كهيئة اللج فكبرنا فقال لنا الرسول لم كبرتم قلنا هذا البحر ومن سبيلنا أن نكبر إذا رأيناه فضحك وقال هذا سقوف رومية وهي كلها مرصصة

[22]تفسير السراج المنير ـ الشربيني: {قالت رب} أي : أيها المحسن إليّ {إني ظلمت نفسي} أي : بما كنت فيه من العمى بعبادة غيرك عن عبادتك

[23][مجلة البيان صناعة الحدث - محمد بن شاكر الشريف: إقامة الدليل العقلي بالتجربة العملية على أن العين قد تخطئ في تقدير أقرب الأشياء إليها، فتخطئ في إدراك حقيقة ما تحت أرجلها، مما يدل على خطأ نظرها في عبادة الشمس من دون الله، ومن كل ذلك تولّد لدى المرأة اليقين التام بصدق سليمان عليه السلام، وأن ما يدعو إليه هو الحق، لذلك أعلنت الإيمان بما جاء به، وبذلك نقول: إن سليمان ـ عليه السلام ـ قد تدخل في صناعة الحدث ليكون على النحو الذي يريد./ صفر - 1426هـ، مارس / أبريل - 2004م، (السنة : 20)]

[24]زوال دولة إسرائيل: ولما لامست قدميها الزجاج تبين لها بطلان ما اعتقدت . وهنا مربط الفرس ، فما كان منها إلا أن خجلت ، من وهمها وانعدام بصيرتها ، وذهاب عقلها وحكمتها وضلالها في تلك اللحظة ، إذ لم تستطع تمييز الزجاج من الماء ، فاستوعبت على الفور ، مضمون الرسالة التي وجهها لها سليمان . العبرة : فقد يظنّ الإنسان بجهله أنه على حقّ ، بينما يكون في الحقيقة على باطل ، وهذا هو حالها وقومها بعبادة الشمس من دون الله ، وأنه دعاها إلى الحق عن علم ، فتمسّكت بالباطل عن جهل ، فتبينت بالتجربة والبرهان بطلان معتقدها ، وأن الحقّ مع سليمان.

[25]وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ (22) وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23) فصلت
حامد العولقي
وفقكم الله ورعاكم وجزاكم خيرا على إثارة شغفنا للبحث في المسألة حتى استفدنا.
 
أحسنت أخي تساؤلا وأحسنت أختي نقلا ومحاولة
أقول هذه الإجابة أثارت لدي تساؤلا آخر وهو هل أن درس العرش يوافق درس الصرح تماما أم أن له هدفا آخر ؟ وتثير تساؤلا آخر لما قدم العرش على الصرح ؟
 
أحسنت أخي تساؤلا وأحسنت أختي نقلا ومحاولة
أقول هذه الإجابة أثارت لدي تساؤلا آخر وهو هل أن درس العرش يوافق درس الصرح تماما أم أن له هدفا آخر ؟ وتثير تساؤلا آخر لما قدم العرش على الصرح ؟
جيد ..لنعمل فكرنا في هذه القصة ..
أيضا ..لطيفة سرية للغاية لم أفصح عنها من قبل في قوله تعالى " وكشفت عن ساقيها "
أقول: ملكة لها من العظمة والأنفة والكبرياء والعز وتحمل كل مقومات ووسائل التبرج ومع ذلك متسترة ..
فماهو حال بنات المسلمين الآن ..!!!!
 
بسم الله الرحمن الرحيم ، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبيه محمد وعلى آله وصحبه أجمعين؛في هذه القصة حكمة بالغة في الدعوة إلى دين الله عز وجل؛ هذه الحكمة تتمثل في معرفة أسرار النفس البشرية وطبيعتها؛ من هذه الأسرار ،أن من نواقص النفس البشرية "الكبر"، ويرتبط مع الكبر "العناد"؛ والنفس في حالة العناد لا تقبل "الحق" ولا تعترف به حتى لو استقر في يقين تلك النفس؛ والعناد أشبه ما يكون بالقفل الذي يغلق القلوب؛ وإذا كسر العناد في النفس البشرية ؛ تفتحت القلوب لقبول الحق والاعتراف به؛ ولذلك فإن الملكة بلقيس في رؤيتها عرشا يشبه عرشها قد أدركت "الحق"؛ وهي تملك "العقل" الذي به تستطيع إدراك الحقيقة؛ وهذا يظهر في قول سليمان عليه السلام: " قال نكروا لها عرشها ننظر أتهتدي أم تكون من الذين لا يهتدون"؛ وقد أهتدت إلى الحق وفهمت المغزى من هذا الحدث؛ وقد ظهر عقلها في دقة جوابها ؛ولكن بقي مسألة كسر حالة "العناد" التي تصاحب الكبر؛ ولذلك جاء الحدث الآخر بدخول الصرح؛ حين قامت بلقيس بحركة عفوية غير مقصودة حين كشفت عن ساقيها؛ فتساقط ذلك "الكبرياء " الملكي وتساقط معه العناد والتمنع ؛ فجاء الاعتراف المباشر بما استقر في يقين بلقيس فقالت : " قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ " ؛ويصاحب كسر حالة العناد، أو يسبقها؛ اعتراف النفس بجهلها؛ وفي هذا التفسير فائدة للدعاة حين يرون من الآخرين العناد والمكابرة أن يلجأوا إلى وسائل تحييد العناد والمكابرة؛ ومن هذه الوسائل القول اللين حين دعوة أصحاب المراكز العالية في أقوامهم وجماعاتهم؛لترقيق النفوس، والقصص كثيرة في هذا السياق ،والله تعالى أعلم.
 
عودة
أعلى