[FONT="]يمكن أن يقال (1) عن هذه القصة إنها من العجائب، ذلك أن التناسق فيها جلي وواضح حسب فهمي الناقص. لا أقول إن نبي الله تعالى سليمان بن داود عليهما السلام قد أقدم على أمر لا يظنه مسلكاً جيداً في محاولة إدخالها في الملة السمحة، بل فعله مع الهدهد عندما أمره بإيصال الكتاب، كأنه يدل، على الأقل، أنه يحاول التأكد من الأمور والحوادث من حوله، وكان يدل كذلك على صبره حتى يتبين حقيقة الأخبار والحوادث[/FONT].
[FONT="]يأتي بعد ذلك محاولة عرض الدين على ((ملكة)) سبأ، استخدم معها نفس الأسلوب والمسلك، عرض عليها عجائب وغرائب بما تأباه فطر الناس السليمة، [/FONT]
[FONT="]قصر منيف[/FONT]!
[FONT="]هل كرسيها هذا الذي أمام عينها؟[/FONT]
[FONT="]صرح ممرد كأنه لجة[/FONT]!
[FONT="]هل هذا يقع تحت إمكانية البشر؟[/FONT]
[FONT="]هل هذا الرجل (النبي الكريم عليه وعلى والده أفصل الصلاة والسلام) مؤيد؟[/FONT]
[FONT="]تأتي بعد ذلك محاولة التوفيق بين كل هذا الحوادث والمسالك[/FONT].
[FONT="]هي تستشير، فهي إذن تحاول الوصول إلى حل معضلاتها بإدارة النظر في الحادثة من جميع الوجوه بحسب طاقتها[/FONT].
[FONT="]فلربما فهمت شيئاً بخلاف حقيقته[/FONT].
[FONT="]أو لربما قصرت في الفهم[/FONT].
[FONT="]فاستشاراتها قد تدل على عادتها في مثل هذه المواقف، قال تعالى حكاية عنها[/FONT]:
[FONT="]ما
كنت قاطعة
أمراً حتى تشهدون [/FONT]
[FONT="]وكما هو معروف عن الشخص الذي يستشير أنه يقلب النظر في المسألة، ويعيد دراستها ويكرر فهمها وتطبيق فكرة الحل عليها، فهو يستخدم الأسلوب الاستقرائي المنطقي النقدي في عرض الحادثة والتعامل معها[/FONT].
[FONT="]وهذا هذا ما فعله النبي المكرم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم معها[/FONT].
[FONT="]ألا يمكن أن نقول إنه بفعله هذا جعلها في حيرة من أمرها؟ [/FONT]
[FONT="]ولكن هنا مسألة أخرى، يدل فعلها على أنها أسلمت بدون مشاورة لأعوانها، فقد يدل هذا على أنها تقلب النظر في الأمور وتديرها في رأسها (على فرض عدم حضورهم)، حتى إذا ما اقتنعت لم تتردد، أو أنهم كانوا معها فشاورتهم، وبما أن ما رأوه كان عجباً، لم يترددوا هم كذلك في إسلامهم، مما يدل على حسنها في كلا الحالتين، وحسنهم في الانقياد إلى الحق، إن كانوا معها.[/FONT]
[FONT="]كذلك فعل الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام معها، فعند عرض بعض العجائب، لم يكن معها، بل في جزئيتها؟[/FONT]
[FONT="]هل تركها محاولةً في إعطائها فرصة للتفكير إن كانت بنفسها، أو للتفكير والتشاور مع ملئها إن كانوا برفقتها؟ فالعادة المعروفة أنك عندما تكون بحضرة شخص مساوٍ لك، قد تأخذك العزة بالإثم (آسف لا أقصد أحداً بعينه) فلا تنقاد، بينما لو تترك لوحدك فإنك ستفكر وتدير الفكرة في رأسك وتكون عندك فرصة للتأمل والتفكر.[/FONT]