أساليب الحفظ في المناهج المحظرية...دراسة تاريخية تأصيلية

إنضم
14 يونيو 2010
المشاركات
159
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
هذا ملخص بحث كنت قد كتبته حول ((أساليب الحفظ في المناهج المحظرية )) زدت فيه زيادات على الأصل وآثرت فيه حذف الهوامش طلبا لاختصار..​


مقدمة

من المتفق عليه أن الحفظ من أهم الوسائل التي يتوصل بها إلى تحصيل العلم،ولذا قيل العلم :( العلم فازت به الحفاظ)،ومن هنا كان الحفظ من أهم المرتكزات التي يقوم عليها نظام الدراسة المحظرية،وهذه الخاصية من أبرز الخصائص التي ارتضعتها المحظرة من أخلاف المدرسة المالكية التي ورثت ذلك عن مالك،وهو عن الزهري و ابن المسيب و بن المنكدر وغيرهم من الحفاظ ،وقد اشتهر عن هشيم بن بشير -وهو من شيوخ مالك- قوله (..من لم يحفظ الحديث فليس من أهله، يأتي أحدهم بكتاب،كأنه سجل مكاتب) ،ولك أن تقف عند هذه الكلمة،وتستكنه دلالاتها،لتدرك أن الذي يعتمد على الكتاب ويهمل الحفظ،قد تنكب طريق التحصيل، وقديما قيل:
ليس بعلم ما حوى القمطر= ما العلم إلا ما حواه الصدر​
وسأحاول في هذه الدراسة استعراض بعض أساليب الحفظ المتبعة في المحاظر الشنقيطية مع تأصيل ما أمكن تأصيله منها،

تمهيد

تعريف المحظرة:
المحظرة: مفعلة من الحظر ،والظاء فيها مبدلة من الضاد على القاعدة المطردة في اللهجة الحسانية ، وعليه يكون جذرها اللغوي عائد الى مادة الحضور،لملازمة طلابها لحضور الدروس ،وتجمع على محاظر،وهي مشتقة ،إما من الاحتظار،لأن الطلاب كانوا يحطون بيوتهم بحظائر من جذوع الشجر وأغصانه الشائكة، لئلا تتلفها الحيوانات،وإما من الحظر ،لأن الطالب يحظر عليه أن يأتي فيها بما يحظره الشرع،والمحظرة في الاصطلاح :مؤسسة خاصة تعنى بتعليم العلوم العربية والإسلامية وفق منهج معين يقوم على حفظ المتون والتربية بالقدوة ،ولا ضابط للمحظرة في النظام القديم،حيث يمكنها أن تأخذ أنماطا مختلفة،فتارة تأخذ شكل عرائش في فترات الإقامة حول نقاط المياه،وتارة تأخذ شكل قوافل متنقلة في فترات انتجاع المراعي،كما قال المختار بن بون الجكني
ونحن ركب من الإشراف منتظم=أجل ذا الدهر قدرا دون أدنانا
قد اتخذنا ظهورر العيس مدرسة=بها نبين دين الله تبيانا
نشأة المحظرة ومراحل تطورها:
في سنة سبع وعشرين وأربعمائة من الهجرة المباركة، سافر الأمير يحيى بن إبراهيم الكدالي إلى الحج ،فمر في طريق عودته بالقيروان ،فلقي بها أبا عمران الفاسي،شيخ علماء المالكية في عصره،فطلب منه أن يرسل معه بعض طلابه لنشر العلم في صحراء الملثمين ، فكتب له رسالة إلي تلميذ له في سجلماسة،وهناك وقع الاختيار على الفقيه عبد الله بن ياسين الجزولي، الذي ولى وجهه شطر الصحراء مرشدا ومعلما ،فأقبل عليه أهلها أول الأمر، إلاأن بعض أكابرهم رأوا في دعوته تهديدا لمكانتهم ،فأغروا به سفهاءهم، فأحرقوا داره ،فلجأ صحبة الأمير يحي بن إبراهيم إلي جزيرة قرب البحر المحيط، فاتخد منها رباطا لتعليم العلم ،فانضم إليه جمع من الناس ،فسموا بالمرابطين،فلما كثر عددهم خرجوا للجهاد ،فأخضعوا من حولهم من القبائل ،وفي أثناء ذلك توفي يحي بن إبراهيم ،فخلفه يحي بن عمر اللمتوني ،ثم جاء بعده أخوه أبوبكر بن عمر،وفي عهد سيطر المرابطون علي الصحراء الغربية،والمغربين :الأقصي والأوسط ومعظم بلاد السودان الغربي ،ولم يشأ أبوبكر بن عمر أن يخلد إلي الأرض، فاستخلف ابن عمه يوسف بن تاشفين(علي المغرب ،ورجع هو إلي الصحراء صحبة الإمام الحضرمي وإبراهيم الأموي ،وظل يحارب الوثنيين في تلك الأصقاع إلي أن استشهد بسهم مسموم أصابه في إحدي المعارك،وبموته اقتصر اهتمام مرابطي الصحراء على إقامة الأربطة العلمية ونشر الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة. ،فأقاموا محاظر في (تيشيت( و(ودان( و(تنيك) و(أزوكي)،وأخرى متنقلة في بوادي الصحراء،ولم تكد سنوات القرن الثامن الهجري تكتمل حتى أصبح لمحاظر البادية شأن كبير بسب تنامي الهجرة إلى الصحراء،وخاصة تلك الهجرات الني كان لها أثر في التاريخ العلمي والثقافي لتلك البلاد،ومنها - بمعنى من المعاني- هجرة قبائل بنى حسان التي تنسب إليها اللهجة الحسانية السائدة الآن في بلاد شنقيط....
الجذور الفكرية للمحظرة
بالنظر الى ما تقدم يمكن القول بأن المحظرة مالكية التوجه،مرابطية المنهج،أما كونها مالكية التوجه،فلأنها قامت على جهود علماء المالكية كأبي عمران الفاسي و الإمام الحضرمي، والشريف عبد المؤمن الإدريسي، وأما كونها مرابطية المنهج،فلأنها ولدت في رباط ابن ياسين وأرتضعت منهجه في التربية والتعليم، وقد اشتهر عنه ابن ياسين أنه كان يُعزِّرُ طلابه على التهاون بالشعائر ويلزمهم بمستوى معين من التقشف ،وكان من شيوخ المحظرة من يعاقب طلابه على التهاون بالآداب العامة بالحرمان من الدراسة ،وكان ابن مُتَّال التندغي(، إذا بلغه عن بعض طلابه شيء قال له:
وفعل مالا ينبغي لاينبغي= لتندغ، ولا لغير تندغي
والحقيقة التي لامراء فيها أن المحظرة أخذت كثيرا من خصائص ذلك الرباط المبارك ،وآية ذلك تسمية القائم عليها إلى الآن ب(المرابط) وحرص شيوخها على ترسم منهج المرابطين في الدعوة والإصلاح ،فهما كما قال أبو الاسود

وإلا يكنها أو تكنه فإنه=أخوها غذته أمه بلبانها

وبعد هذا التمهيد نصل الى الحديث عن (أساليب الحفظ في مناهج المحظرة)، ونجمل الكلام عليها في المسائل التالية:
المسألة الأولى: تحديد الهدف،وهو مايعبر عنه في قاموس المحظرة ب (لَكْرَايَ اللَّاخْرَ) أي:القراءة لأجل الدار الآخرة، وبعبارة أخرى :طلب العلم لوجه الله تعلى، وملاحظة هذه الناحية واستحضارها سر من أسرار تفتق ملكة الحفظ عند كثير ممن جعلوا هذا الهدف نصب أعينهم ،وقد كان بعض شيوخ المحظرة يأمر تلاميذه بتجديد النية، وكان الشيخ أحمدُّ بن محمذ فال الحسني ،كثيرا ما ينشد في إخلاص النية في طلب العلم،قول الشاعر:

لئن كان هذا الدمع يجرى صبابةً = على غير ليلى،فهو دمع مُضيَّعُ
وقد سمعته مرة يملى على بعض الطلاب هذه الأبيات:

ولتقصدوا أربعةً قبل ابتدا=تعلمٍ لكي تفوزوا بالهدى
أولها الخروج من ضلال=والثاني نفع خلق ذي الجلال
والثالث الإحياء للعلوم=والرابع العمل بالمعلوم
ومن آثار العلم الذي أخذ بهذه النية المركبة من هذه المقاصد العظيمة، أن صاحبه يوفق للحفظ والفهم،وقد سمعت بعض شيوخ المحظرة يقول إن من آثار العلم الذي أخذ بهذه النيات :نجابة سعة الحفظ ونجابة التلاميذ
المسألة الثانية: الابتعاد عن خوارم المروءة ،ومما يؤثر عنهم في ذلك (خوارم المروءة تطفئ نور الحفظ) ، قال الشيخ سيدي بن المختار بن الهيبة الأبيري :
ومن كان ذا لوح وهَـمٍ وطاعة= فلايدنُ للمُستصبيات اللـواعب
فما أفسد الألوح والهم والتقوى=كبيضِ التراقي مشرفات الحقائب
مراضُ العيون النُّجْل،حُوٍّ شفاهها= رقاق الثنـايا حالكات الذوائب
وقد ألمح ابن السالم الحسني إلى هذا المعنى في أبياته المشهورة حين قال:
ما حضرة الشيخ ملهى عاشقٍ كلفٍ=ولا الكلى والعُجَى يجمعن في شُدُق
والأصل في ذلك قوله تعلى (يأيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقنا) وقوله( واتقوا الله ويعلمكم الله) ومما شاع وذاع في هذا المقام قول الشافعي رحمه الله:
شكوت الى وكيع سوء حفظي=فأرشدني الى ترك المعاصي
وأخبر ني بأن العـلـم نور=ونور الله لايعــطى لعاصي
المسألة الثالثة:اختيار الأوقات المناسبة للحفظ: وأهم أوقات الحفظ عندهم:هو وقت السحر، لأنه وقت مبارك :تستجاب فيه الدعوات ،وتتنزل فيه الرحمات،وقدوري أن الأعمش رحمه الله طلب شخصا وقت السحر،فوجده نائما،فقال ماكنت أظن أن أحدا ينام في هذا الوقت، ومما يؤثر عنهم في الحفظ في هذا الوقت (من حفظ في السحر حاز الظفر)،وقد جرت العادة قديما أن تكون القراءة في هذا الوقت على ضوء النار بطريقة جماعية، وكان المرابط عبد الفتاح التركزي يقول لطلابه حين يراهم يجمعون الحطب :(إن هذا الحطب لن يكون خف في الميزان من أرواث الخيل التي تربط في سبيل الله) يشير رحمه الله إلى الحديث المشهور0(الخيل ثلاثة :هي لرجل أجر ولرجل ستر ولرجل وزر،وفيه (مامن رجل يربط فرسا في سبيل الله إلا كانت أرواثها حسنات له..).
المسألة الرابعة: الكتابة في اللوح، وقد ارتبطت الكتابة في اللوح عند شيوخ المحظرة بالحفظ، حتى قال بعضهم (إن العلم الذي أخذ عن طريق الكتابة في اللوح يورث صاحبه الورع والخشية)،واستدل بعضهم على ذلك بقوله تعلى( وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شيء) ،ومما يروى في هذا الصدد أن بعض الطلاب درس باب التركة من مختصر خليل،فاستعصى عليه فهم مسائل العول والانكسار، فأمره شيخه أن يكتب الباب كله في اللوح ، ويقرأه قراءة تدبر، لاقراءة حفظ، فامتثل الطالب أمر شيخه،فانكشف الغطاء بينه وبين مسائل العول والانكسار، وقد مثل اللوح في التراث المحظري قيمة علمية كبيرة،فقد تغنى به الشعراء، ورفع من شانه العلماء ،فمن ذلك قول ابن حنبل الحسني:
عم صبحا أفلحت كل فلاح= فيك يالوح لم أطع ألف لاح
أنت يالوح صـاحبي وأنيسي =وشفائي من غـــلتي ولُوَّاحي
بك لا بالثرا كـلفت قدما= ومحياك،لاوجـــــــوه المِلاَح
وكانوا يعتنون باللوح عناية كبيرة،حتى أجري بعض فقهائهم حكم مس اللوح الذي فيه قرءان على حكم مس المصحف،ومن نوادر تعلق شيوخ المحظرة باللوح، أن بعضهم،كان يكتب ورده من القرآن في اللوح،فقيل له في ذلك ؟، فقال أحب أن يأتيني الموت والقرآن في لوحي، وجاء في ترجمة الامام محمد بن حمامة النيجي شيخ ابن غازي،أنه مات والقرآن في لوحه،وعمره يومئذ ثمانون سنة،ونظير هذا ما ذكر في ترجمة ابن الجوزي أنه أوصى أن يسخن ماء غسله عند الموت على براية الأقلام التي كان يكتب بها حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم .
المسألة الخامسة:ترجيع الصوت أثناء التكرار،بطريقة تشبه الترنم، وغالبا ما يستعمل ذلك في حفظ الشعر والأراجيز العلمية،وهذا الأسلوب له طرق متعدد تختلف باختلاف البحور الشعرية،ومن فوائد هذه الطريقة أنها تنمي الذوق الا دبي، وهي أكثر ملائمة لمن أعطي صوتا حسنا،لأن الصوت الحسن يفتح مغلقات النفس ويعين على تثبيت الحفظ،وهي أمكن في حفظ قواعد التجويد وتطبيقها بشكل صحيح،لأن علم التجويد علم تلقيني ،وقد ورد في صحيح البخاري عن معاوية بن قرة أنه قال سمعت عبد الله ابن مغفل المزني يقول:لو شئت أن أحكي قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم لفعلت،سمعته يوم الفتح يقرأ سورة الفتح ،وهو على ناقته، يقرأ ويرجع،ويفهم من الحديث أنه حفظ السورة وفق ذلك الأداء القائم على الترجيع،و في بعض طرق الحديث( ولولا أن يجتمع الناس علي لحكيت لكم قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم).
المسالة السادسة:كثرة التكرار، وليس لذلك حد معلوم،لأن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص، لكن كلما كثر التكرار كان أكثر نفعا، ومن نوادرهم في هذا الباب أن الشيخ أحمد بن العاقل الديماني: كان يُدَرِّسُ مختصر خليل لبعض طلابه وهو يحمل الميرة على جمال له في أقاصي بلاد تنبكتو،فسأله بعض أهل تلك البلاد كيف، حفظت المتن والشرح جميعا؟ فقال:(بألْفْ أَغَبَّادْ أُمِيْتْ تِكْرِيْرَهْ)) يعني أنه كان يكرر المتن ألف مرة، ويراجعه مائة مرة،ومن الطرق المتبعة عندهم في الحفظ ،طريفة (الجهات)، وهي أن يكرر الطالب الدرس مائة مرة إلى كل جهة من الجهات الأربع، وهي طريقة المشايخ الذين بَرَّزُوا في حفظ المتون واستظهار شروحها، وما حفظ بهذه الطريقة لايَنِدُّ عن الذهن منه شيء ،ومن فروع هذه الطريقة مايسمى بطريقة (التجريد) ،وهي أن يجرد الطالب من نفسه شخصا يحاوره أثناء المراجعة.
المسالة السابعةالانقطاع الكلي للدراسة ،ولو أدى ذلك إلى البعد عن الأهل والتغرب عن الوطن ،وهذه المسالة من أهم المسائل التي يقوم عليها منهج الحفظ في المحاظر ،ولم يزل الشيوخ يحثون طلابهم على الأخذ بوصية الشيخ حماد بن الأمين المجلسي بهذا الخصوص حيث يقول:
له تغرّب و تواضع و اتَّبِعْ = و جُعْ و هُن و اعص هواك و اتّرِعْ
حتى ترى حالك حال المنشد= ((لو أن سلـمى أبصرت تَخَدُدِي
ورقـةً في عظم ساقي ويدي = وبعدَ أهـلي وجفاء َعُوَّدِي
عَضَّتْ من الوجدِ بِأطرافِ اليَدِي))=........................
وكان من طلاب المحاظر من يضرب به المثل في الانقطاع للعلم والتفرغ له،فقد مكث ا بن حبل في إحدى المحاظر سبع سنين لم يزر أهله مع قربهم منه، وكان أحمد بن كداه الكمليلي،مقيما بإحدى المحاظر لدراسة ألفية ابن مالك، فنفد زاده ،فلم يحمله ذلك على مغادرة المحظرة،وظل يكابد الغربة وضيق ذات اليد إلى أن أكمل ألفية ابن مالك ،فكتب إلى أهله هذه الأبيات:
فمن مبلغ أهلي باني هاهنا = أقاسي أمورا لست فيها بِمُنْجــَدِي
يساورني جُنْدَا أبي وابنَ مالكٍ = ومن ساور الجندين لابد يَجْـَدِي
أرد جُنْدَ الابن إن جـــاء صائلاً = ومالي على جند الجد إن جاء من يدي
والمراد بأبي مالك: الجوع،إذ هو علم عليه،والمراد بابن مالك ألفيته، وطلب الشيخ سيد عبد الله ابن الحاج إبراهيم العلوي العلم أربعين سنة،طاف خلالها محاظر شنقيط وحواضر المغرب،وقد أشار إلى بعض ثمار ذلك السعي المحمود في آخر مراقي السعود فقال:

أنهيت ما جَمَّعَه اجتهادي = وضربي الأغوار مع الأنجاد
مما أفادنيه درسُ البرره = مما انطوت عليه كُتْبُ المهره
ومن نوادر هذا الباب أن بعضهم أقام سنين عديدة في إحدى المحاظر لدراسة العلم، وكان كلما وصلته رسالة من أهله احتفظ بها في وعاء خاص،فلما انتهت مدة دراسته،جلس يقرأ تلك الرسائل ،فاذا فيها من الأخبار مايكدر صفو الذهن ويشوش عقل الأريب،فقال لو علمت بهذه الأخبار لما استطعت أن أحَصِّلَ ما حصلت من العلم.
المسالة الثامنة: الاقتصار على فن واحد في كل مرحلة من مراحل الطلب،لأن ذلك أدعى الى استجماع الذهن، ومما يؤثر عنهم في ذلك:
وفي ترادف الفنون المنع جا = إن توأمان استبقا،لن يخرجا
ومن فوائد هذه الطريقة إتقان الحفظ، واستيعاب المسائل المتعلقة بذلك الفن استيعابا تاما، وقد قيل ( من أتقن فنا أداه الى سائر الفنون) ،ولو قارنت بين هذه الطريقة وبين بعض الطرق المتبعة في المناهج الحديثة التي تقوم على الدراسة المختلطة ،لوجدت الفرق كبيرا والبون شاسعا،وأعرف بعض حملة الشهادات العليا ممن درسوا العلم وفق تلك المناهج إذا تلكم أحدهم في مسالة من المسائل التي تتعلق بتخصصه، قدم وأخر ونقص وزاد وأتي بمنكر من اللحن ومهجور من القول، مع أنه ربما درَّس ذلك الفن سنين كثيرة .
المسالة التاسعة:التدرج في وسائل الأخذبحيث يكتب الطالب النص،ثم يصححه ثم يحفظه، ثم يدرسه على الشيخ ، ثم يُدَّرسه لغيره حين يتأهل للتدريس،وقد يراد بهذه المرتبة تدريسه لغيره على وجه التكرار،ويروي(تدوين) بدل(تدريس)،لأن الكتابة قيد العلم،ولأن من أقسام الحفظ حفظ الكتاب،ومما يؤثر عندهم في هذا المعنى:
لابدللزاويِّ من كَنَّاشِ = يكتب فيه العلم ،وهْوَ ماشِ
وهذا الترتيب الذي ذكرناه هو مذهب الشيخ ابن متال،وإليه أشار بقوله:
كتب إجازة وحفـظ الرسم = قراءة تدريس،أخذ العلم
ومن يقدم رتبة عن المحل =من ذي المراتب المرام لم ينل
وقدم بعضهم القراءة على الحفظ، والأول هو المعتمد، وهذه الطريقة من أنجع وسائل الحفظ، لأنها تجمع بين حفظ النص وتصحيحه وفهمه،وكان بعضهم يسمها [أم الوسائل] ،لجمعها لوسائل الأخذ المختلفة،كالكتابة والنظر والسماع،وهي طريقة الجيل الأول من شيوخ المحاظر ،الذين كانت معارفهم في صدورهم،فكان منهم من يُدَرِّسُ وهو يحمل الأمتعة على الدواب أو يمتاح الماء من البئر أو يحلب الشاة،وقد وصف صاحب الوسيط جانبا من ذلك فقال( ..ولا ضابط للهيئة التي يلقي عليها المدرس عندهم، فتارة يدرِّس ماشيا مسرعا ،ومرة جالسا في بيته، ومرة في المسجد ، ومنهم من يدرس في أثناء الارتحال من جهة إلى جهة، سواء كان ماشيا أو راكبا ، وقد يكون راكبا والطلبة يمشون على أقدامهم في ناحيتيه،) ،وربما استبعد من لم يعرف واقع تلك البيئة وقوع مثل هذا الأمر ،ولكنه حق مثلما أنكم تنطقون.
المسالة العاشرة:التدرج في الحفظ ،بحيث يَتَلَقَّى الطالب الدرس ،ثم يكتبه في لوحه،ثم يصححه، ثم يكرره الى قرب وقت زوال الشمش ، ثم يعاود قراءته بعد الظهر ،فإن حفظه انتقل إلى مراجعة الدرس الذي قبله،والمسمى ب(الفوْقانِيَة) ،لأنه يكون فوقه حسب ترتيب الدروس في اللوح،فإن حفظه انتقل إلى الدرس الذي بعده، ويسمى (الدَّرْسْ) بترقيق الراء، من الدروس، الذي هو التقادم، وفي اليوم الثاني يعود إلي مراجعة دروسه وفق الترتيب المذكور ،إلا أن التركيز يظل دائما على الدرس الجديد،فإن حفظه أخد درسا جديد ،وإن لم يحفظه،جعله هو الدرس اليومي، وسمى (غَابًّا) من الغب، الذي هو ورود الماء يوما وتركه يوما، ويظل الطالب يراجع هذه الدروس كلها خلال هذه الأوقات، مادامت لم تغسل من اللوح ،وذلك خلال الأسبوع الذي يبدأ من بعد ظهر يوم الجمعة، وينتهي بعد زوال يوم الأربعاء، وأما المحفظات الأخرى فإن الطالب يظل على صلة بها بحيث يختمها كل أسبوع عدة مرات ،وكانوا ينهون الطالب في هذه المرحلة عن القراءة في المصحف،أو الرجوع إليه عند الاستغلاق،لأن ماحفظ بسهولة يذهب بسهولة، ولأن الطالب في هذه المرحلة ينبغي أن يأخذ بالعزائم،وهذه الطريقة هي المستعملة في حفظ القرءان الكريم، وربما استعملت في غيره .
المسألة الحادية عشرة: تنمية الحفظ عن طريق الاختبار،ومن أشهر الطرق المعتمدة في ذلك طريقة(الزَّرْكْ)،و معناه: الرمي، والمزراق:آلة يرمى بها،وهو عبارة عن اختبار جماعي،على شكل مباريات،و أكثر مايستخدم هذا الأسلوب في حفظ القرآن الكريم وربما استخدم في الرسم والإعراب وحفظ الشعر ،وقد جرت العادة أن يراعى في اختبارات حفظ القرآن تغطية معظم أماكن المتشابه ،وتتم هذه الطريقة تحت إشراف نخبة من الحفاظ،بينما تجرى اختبارات في الرسم عن طريق كتابة بعض الكلمات القرآنية بطريقة خاصة،تسمى ب(التَّثْلِيثْ) وهي من أنجع الطرق التي تعين على إتقان الرسم وحفظ شوا رده،وتقوم اختبارات الإعراب على إلقاء بعض المقطوعات التي لها صلة بقواعد النحو المختلفة،وكان بعض الشيوخ يضيف إلى ذلك ،الاختبار في معاني المفردات والبحور الشعرية، وكثيرا ما ترتبط هذه المباريات بذكريات جميلة،يتشوق إليها الطلاب ويندبون المعاهد والديار من أجلها، كما قال أحمدو بن احْبَيِّبْ الشمشوي:
قف بالديار معاهد الأصحاب =زمن الصبا، ومنازل الأحباب
واذر الدموع على الخدود سواكبًا =سيل الخليج ووكفة الميزاب
دور بها قد كررت ألواحنا= وتَزَارَكَ الطُّـلاب بالإعراب
فيطيح ذا ويطيح ذا،اولربما= نـزل الطُّيَاحُ بأشمطٍ عرَّاب
ومن ذلك أيضا قول الشيخ أحمدو بن اسليمان الديماني
مـن لي بفتيـانٍ كرام ٍأعزة =يكونون صحبي،وأصحبهم دهرا
فمن كــاتب قفا طويلا وكاتب = علم أصول الدين يجعله ذخرى
ومن كـاتب (قف بالديار) وكاتب = (ألا عم صباحا) أو(قفا نبك من ذكرى)
ومـن قارئ(إن الخليط )وقارئ = (خليلي مرا)أو (سمــالك)إذ يقرى
ومـن منشد(إن الخليط) ومنشد = (خلـلي)أو (تذكرت والذكرى)
ومـن منشد يشدوا بأحسن صوته= (دعا باسم ليلى)أو(إذا مضر الحمرا)
ومـن معرب (يُرْمَى)،فيعرب كِلمةً = مـن البيت ويسقط في الأخـرى
فمن قائل تلك اسم كـان أوسم لا = ومن قائل تلك اختصاص،وذي إغرا
وقول الشيخ سيد محمد ابن الشيخ سيدي:
أدمعا تبقيان بغرب عين= وقد عاينتما دار الكُنَيْنِ
أليس من الوفاء لساكنيها=إذالة ما يصان بغرب عين
قفا ثم ارجعا الأبصار فيها=وعودا فارجعاها كرتين
فكم سَامرت سُمَّارًا فُتُوًّا = إلى المجد انتموا من مَحتِدَينِ
حووا أدبا على حسب فداسوا = أديم الفر قدين بأخمصين
أذاكر جمعهم ويذاكـروني=بكل تخالفٍ في مذهبين
كخلف الليث والنعمان طرا = وخلف الأشعريِّ مع الجويني
وأقـوال الخليل وسيبويه = وأهلي كوفة ٍوالأخفشين
نُوَّضح حيث تلتبس المعاني = دقيق الفرق بين المعنيين
وأطوارا نميل لذكر دارا= وكسرى الفارسي وذي رعين
ونحـو الستة الشعراء ننحوا = ونحو مهلهلٍ ومُرَقِّشَين
ونذهب تارة لأبي نواسٍ= ونذهب تارة لابن الحسين

وهذه الطريقة بفروعها المذكورة لها فوائد علمية وتربوية كبيرة، وهي فوق ذلك طريقة نبوية مباركة ،فقد روى البخاري في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم:قال لصحابه يوما( إن من الشجر شجرة لايسقط ورقها،وإنها مثل المؤمن،أخبروني ماهي) قال ابن عمر فوقع الناس في شجر البوادي،فوقع في نفسي أنها النخلة،فاستحييت،فقالوا يارسول الله حدثنا ماهي:قال:هي النخلة، فذكرت ذلك لعمر،فقال:لو قلت :النخلة لكان أحب إلى من ،وكذا).
المسالة الثانية عشرة:اختيار الشيخ المربي، وقد كانوا يرحلون من بلاد بعيدة بحثا عمن تتوفر فيه هذه الخاصية،لأن حصول الطالب على شيخ بهذه المثابة يحقق له أكثر من هدف، فمنه يأخذ أساليب الحفظ،ومنه يتعلم طرق تحرير المسائل،ومنه يكتسب الأدب و السلوك ،قال الشعبي( مادخل الكوفة أحد من الصحابة أنفع علما ولا أفقه صاحبا من عبد الله بن مسعود) ،وقد شبه علي رضي الله عنه تلاميذ ابن مسعود بالسُّرُج،فقال (أصحاب ابن مسعود سرُجُ هذه الأمة) ،وقد أشار إلى هذا المعنى الشيخ محمد سالم بن عدود رحمه الله فقال:
ربىَّ ابنُ مسعود مقيمُ المِلَّهْ = فكـان يحكي هَديه ودَلَّهْ
وكـان علقمة لابن أمِّ = عبدٍ، كهذا للنبيِّ الأمي
وكان إبراهيم يحكي علقمة= واهًا له من نسبٍ ما أكرمه
وكـان منصورٌ لإبراهيما = كذلك يحكي هديه القويما
و كان سفيان بلا قصور = مشبَّهًا بشيخه منصور
وهكذا أيضا وكيعٌ كانا = مشبها بشيـخه سفيانا
وكان أحمد ٌلدى الجميع= مشبهًا بشيخه وكيِع
كذا أبوا داود عند الكُمَّل =مشبهًا بأحمد بن حنبـل
وكانت حال كثير من شيوخ المحاظر تنعكس على الآخذين عنهم، فقد كان النابغة الغلاوي يُشَّبه بشيخه أحمد بن العاقل ،وكان قد رحل من بلاد الحوض، يبحث عن شيخ جامع للعلوم،فكان كلما أراد أن يقرأ على شيخ سأله الشيخ عن الفن الذي يريد أن يقرأ،فينصرف ولا يجيبه، حتى وصل إلى أحمد بن العاقل في أقصى بلاد القبلة،فلم يسأله عن شيء وإنما قال له (مَشِّ)أي:اقرأ،وكان كان يحظيه بن عبد الودود الجكني شديد التأثر بشيخه أحمد بن محمد سالم المجلسي،فكان يحكي عبارته في التدريس وربما ذكر المكان الذي قرأ عليه فيه، ويروى أنه لما أتاه نعيه، وأنه دفن بوضع يسمى(أكْلَيْبْ طَيْرْ أُلاَلْ) ،قال ( اكْلَعْلَكْ الْغَبّْ يَا أكْلَيْبْ طَيْرْ أُلاَلْ )أي:اقرأ ،فلا أحد يزاحمك اليوم على أحمد...)،وذلك كناية عن كثرة ازدحام الطلاب علي الشيخ أحمد رحمه الله،وقد ورث الشيخ يحظيه هذه الخاصية من شيخه أحمد ،فكان كما قال مَمُّ بن عبد الحميد الجكني في نظمه لسيرة الشيخ يحظيه:
ولم يصنف لازدحام المدرسهْ= عليه كل نَفَسٍ تَنَفَّسَهْ
في كل يوم يحدق الطلاب = به، فيبدو العجب العجاب
في كل يوم يحدق الطلاب = به، فيبدو العجب العجاب
وكـل حي في العلوم مُرتحِلْ= إليه يضربون أكباد الإبل
المسالة الثالثة عشرة: الاعتماد على المتون المنظومة، لان النظم أسهل حفظا وأقرب متناولا،كما قال النابغة الغلاوي
وإنـما رغبت في النظـام = لأنه أحـظي لدى المرام
وهو الذي تصغي له العـــــقول= والسيف من حصوله مسلول​
ولتحقيق هذا الهدف لجأ شيوخ المحظرة إلى نظم بعض المقررات النثرية ، كمختصر خليل في الفقه،و جمع الجوامع في الأصول للسبكي والمفتاح في علوم البلاغة ،كما أعادوا صياغة بعض الأنظام لتلائم طريقتهم في النظم ، كالخزرجية في العروض، والدرة في القراءات الثلاث،وقد نتج عن ذلك وجود بعض الأنظام المكملة لبعض المقرارات،كاحمرار ابن بون الجكني على ألفية ابن مالك، واحمرار بن زين القناني على لامية الأفعال في التصريف، ،واحمرار ابن عبد الجليل العلوي على السلم في المنطق،واحمرار الادوعيشي على الدرر اللوامع في قراءة نافع، ومن فوئد هذه الطريقة أنها تمكن الطالب من تحصيل رصيد لغوي كبير ،بالإضافة إلى أنها تنمي عنده ملكة النظم،ولذا قويت ملكة النظم عند طلاب المحظرة ...
الخاتمة
· وبعد.. فهذه أهم أساليب الحفظ المتبعة في المناهج المحظرية. حاولنا استعراضها في سياق تاريخي تاصليلي ،ولعله من المناسب أن نختمها بعرض لبعض الآثار التي ترتبت على الأخذ بها،ومن أهم هذه الآثار:
** شيوع ثقافة الحفظ في الأوساط المحظرية،ومن نوادر ما يحكى في هذا الصدد قصة المجيد ري اليعقوبي مع علماء الأزهر التي تعيد إلى الأذهان قصة الإمام البخاري مع أهل بغداد،وهي قصة مشهورة نكتفي من ذكرها بالإشارة إليها،فقد ألمح إليها المجيدري في موشحته ،حين قال:
يامن يَرى ولا يُرى= عني الكروب نَفِّسي
لقد نفى عني الكرى= شوقي لأهل تيرس
لهفي عليهم نبلا = مهذبين فضلا
أن قيس معبد على= غَرِّيدهم كالأخرس
أو قيس سحبان على= بليغهم لم ينبس
منزلهم رجب الذَّرَى= وكومهم شم الذُّرَى
فاقوا جميع من قرى= وخط بالأباخس
وقد وُصف المجيدري أنه رابع أربعة لم يبلغ أحد في ذلك القطر مبلغهم،وجاء في ترجمة الطالب أحمد الجماني أنه خرج من تيشيت وهو يحفظ ثلاثة عشر نصا في علوم مختلفة.
** ازدهار العلوم والمعارف،الأمر الذي نتج عنه ظهور عدد كبير من العلماء الكبار الذين ذاع صيتهم في المشرق ،ومن أبرز هم هؤلاء العلماء:
· محمد محمود بن التلاميذ التركزي، الذي انفرد في المشرق بالعربية والأنساب،وكان حيث مجالس العلم في الأزهر،فقد تحدث عنه الدكتور طه حسين في كتابه(الأيام) حديثا مفصلا وعجب من مهارته في اللغة والنحو،وقد انتدبه السلطان عبد الحميد للتنقيب عن كتب علماء الأندلس في خزائن اسبانيا،'ثم انتدبه مرة أخرى على رأس وفد من العلماءالى ملك السويد والنرويج "أسكار الثاني" في إطار التحضير للؤتمر الثامنللعلوم الشرقية "باستكهلم"
· أحمد ابن الامين العلوي ، الذي أملى مادة "الوسيط في تراجم أدباء شنقيط" من حفظه،وقد أشاد بسعة حفظه الدكتور مصطفى السباعي في كتابه "السنة ومكانتها في التشريع"، واستدل بذلك على موهبة الحفظ عند العرب قديما وحديثا،وذلك في معرض رده على شبهات الطاعنين في حفظ الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه.
· محمد حبيب الله بن ما يأبي الجكني الذي انفرد في المشرق بحفظ الحديث والتبحر في علومه، وقد أسند إليه تدريس مادة الحديث في كلية أصول الدين بالأزهر وظل يدرس بها لى أن توفي سنة1363ه ،وحسبك أن فهرس الفهارس والأثبات ومعجم المعاجم والمشيخات والمسلسلات لعبد الحي الكتاني إجازة من إجازاته ،وإليه يعود الفضل في جمعه وترتيبه، كما ذكر في مقدمته.
· محمد الخضر بن مايابي الجكني الذي كان مفتيا عاما للمالكية بالمدينة المنورة،قبل أن يتولى منصب قاضي القضاة بالأردن،
· محمد الامين بن فال الخير الحسني ،مؤسس مدرسة النجاة الأهلية بالزبير ،قرب البصرة،ومن أبرز تلاميذه الشيخ تقي الدين الهلالي المغربي، وعبد الله بن عبد الرحمن آل بسام صاحب تيسر العلام بشرح عمدة الأحكام ،و عبد الرحمن بن ناصر السعدي ، صاحب تيسير اللطيف المنان في خلاصة تفسير القرآن،وهما من مشاهير علماء القصيم
· الشيخ محمد الأمين الجكني :صاحب أضوان البيان في إيضاح القرءان ، الذي كان له الأثر البالغ في إحياء علمي الأصول والتفسير في الحجاز ، وقد نفع الله به خلقا كثيرا،حيث كان مدرسا بالجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة،فتخرجت على يده أجيال في فنون شتى...
· الشيخ ماء العيينين بن الشيخ محمد فاضل القلقمي،الذي حل بصحراء المغرب الأقصى،حلول الغيث بعد الجدب،فأحيا رسوم العلم الدين في تلك الربوع ...
وبعد:فهل تشحذ هذه الشذرات همم أصحاب الهمم وتستنهض عزم أولي العزم نذلك ما نرجو أن يكون...
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمين
 
ماشاء الله تبارك الله طرح طيب ومفيد بارك الله في علمكم وزادكم من فضله وجزاكم الله خيراً
 
أصل (أساليب الحفظ في المحاظر الشنقيطية..)على هذا الرابط:


# تم تعديل الرابط .. المشرف.
 
عودة
أعلى