د محمد الجبالي
Well-known member
السِّلْم والسَّلْم
أربع مسائل في قول الله تعالى: ({وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا}) (الأنفال:61)
المسألة الأولى: ما الفرق بين السِّلْم والسَّلْم؟
قال الكسائي: السِّلم والسَّلم بمعنى واحد، وفي اللسان: وكذلك السِّلْم والسَّلْم يذهب بهما إلى الْمُسالَمَة فتؤنث. وذهب بعض المفسرين إلى أن السَّلم بفتح السين يقصد به الإسلام.
المسألة الثانية: لماذا استعمل السَّلْم بفتح السين؟
قلنا أعلاه أن القراءتين [السِّلْم والسَّلْم] متواترتان، وأهل اللغة يقولون أنهما بمعنى واحد، وإني أميل إلى قراءة الفتح لأنها تحتمل معنى الميل إلى الاستسلام والميل إلى الإسلام بحسب ما ذهب بعض المفسرين، وذلك أشمل للمعنى.
المسألة الثالثة: ما سبب تأنيث الضمير في (فاجنح لها)؟
في المصباح: والسلم بكسر السين وفتحها الصلح ويذكر ويؤنث، وقال الزمخشري: والسلم تؤنث تأنيث نقيضها وهي الحرب، وذهب أهل اللغة وتابعهم المفسرون أن [السِّلْم والسَّلْم] اكتسبا التأنيث من معنى الْمُسالَمَة، ولهذا أُنِّثَ الضمير لِعَوْدِه على مؤنث.
المسألة الرابعة: لماذا عَدَلَ عن التَّعَدِّي بـ (إلى) إلى التَّعَدِّي بـ (اللام) في: {(جَنَحُوا لِلسَّلْمِ)}،{ (فَاجْنَحْ لَهَا)}؟
اِلْتَفَتَ ابن عاشور رحمه الله إلى هذه النكتة البلاغية اللطيفة وقال: "اللَّامُ فِي قَوْلِهِ: لِلسَّلْمِ وَاقِعَةٌ مَوْقِعَ (إِلى) لِتَقْوِيَةِ التَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ مَيْلَهُمْ إِلَى السَّلْمِ مَيْلُ حَقٍّ، أَيْ: وَإِنْ مَالُوا لِأَجْلِ السَّلْمِ وَرَغْبَةً فِيهِ لَا لِغَرَضٍ آخَرَ غَيْرِهِ، لِأَنَّ حَقَّ جَنَحَ أَنْ يُعَدَّى بِ (إِلَى) لِأَنَّهُ بِمَعْنَى مَالَ الَّذِي يُعَدَّى بإلى فَلَا تَكُونُ تَعْدِيَتُهُ بِاللَّامِ إِلَّا لِغَرَض". وإلى مثل هذا ذهب البقاعي، قال: "والتعبير باللام دون «إلى» لا يخلو عن إيماء إلى التهالك على ذلك ليتحقق صدق الميل"
فالتعدي باللام بغرض التأكيد على صدق ميلهم للسلم، ورغبتهم فيه.
والله أعلم
د. محمد الجبالي
أربع مسائل في قول الله تعالى: ({وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا}) (الأنفال:61)
- ما الفرق بين السِّلْم والسَّلْم؟
- ولماذا استعمل السَّلْم بفتح السين؟
- وما سبب تأنيث الضمير في (فاجنح لها)؟
- لماذا عدل عن التعدي بـ (إلى) إلى التعدي بـ (اللام) في: (جَنَحُوا لِلسَّلْمِ)}،{(فَاجْنَحْ لَهَا})؟
المسألة الأولى: ما الفرق بين السِّلْم والسَّلْم؟
قال الكسائي: السِّلم والسَّلم بمعنى واحد، وفي اللسان: وكذلك السِّلْم والسَّلْم يذهب بهما إلى الْمُسالَمَة فتؤنث. وذهب بعض المفسرين إلى أن السَّلم بفتح السين يقصد به الإسلام.
المسألة الثانية: لماذا استعمل السَّلْم بفتح السين؟
قلنا أعلاه أن القراءتين [السِّلْم والسَّلْم] متواترتان، وأهل اللغة يقولون أنهما بمعنى واحد، وإني أميل إلى قراءة الفتح لأنها تحتمل معنى الميل إلى الاستسلام والميل إلى الإسلام بحسب ما ذهب بعض المفسرين، وذلك أشمل للمعنى.
المسألة الثالثة: ما سبب تأنيث الضمير في (فاجنح لها)؟
في المصباح: والسلم بكسر السين وفتحها الصلح ويذكر ويؤنث، وقال الزمخشري: والسلم تؤنث تأنيث نقيضها وهي الحرب، وذهب أهل اللغة وتابعهم المفسرون أن [السِّلْم والسَّلْم] اكتسبا التأنيث من معنى الْمُسالَمَة، ولهذا أُنِّثَ الضمير لِعَوْدِه على مؤنث.
المسألة الرابعة: لماذا عَدَلَ عن التَّعَدِّي بـ (إلى) إلى التَّعَدِّي بـ (اللام) في: {(جَنَحُوا لِلسَّلْمِ)}،{ (فَاجْنَحْ لَهَا)}؟
اِلْتَفَتَ ابن عاشور رحمه الله إلى هذه النكتة البلاغية اللطيفة وقال: "اللَّامُ فِي قَوْلِهِ: لِلسَّلْمِ وَاقِعَةٌ مَوْقِعَ (إِلى) لِتَقْوِيَةِ التَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ مَيْلَهُمْ إِلَى السَّلْمِ مَيْلُ حَقٍّ، أَيْ: وَإِنْ مَالُوا لِأَجْلِ السَّلْمِ وَرَغْبَةً فِيهِ لَا لِغَرَضٍ آخَرَ غَيْرِهِ، لِأَنَّ حَقَّ جَنَحَ أَنْ يُعَدَّى بِ (إِلَى) لِأَنَّهُ بِمَعْنَى مَالَ الَّذِي يُعَدَّى بإلى فَلَا تَكُونُ تَعْدِيَتُهُ بِاللَّامِ إِلَّا لِغَرَض". وإلى مثل هذا ذهب البقاعي، قال: "والتعبير باللام دون «إلى» لا يخلو عن إيماء إلى التهالك على ذلك ليتحقق صدق الميل"
فالتعدي باللام بغرض التأكيد على صدق ميلهم للسلم، ورغبتهم فيه.
والله أعلم
د. محمد الجبالي