أخلاق حملة القرآن ... أين ... رحمهم الله تعالى ...

إنضم
24/04/2003
المشاركات
1,398
مستوى التفاعل
6
النقاط
38
الإقامة
المدينة المنورة
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..
فإن من أعظم بركة هذا القرآن الكريم ؛ أنه يؤثر في نفس صاحبه ، فيحمله على جميل الصفات وكريم الأخلاق ، أخلاق أهل القرآن ، فتجد العالم بالقرآن ، ورعاً ، متواضعاً ، حليماً ... إلى غير ذلك من الأخلاق ..
وقد كان خلق الرسول صلى الله عليه وسلم القرآن، كما وصفته عائشة رضي الله عنها.
وقد ألف الإمام الآجري كتابه المعروف أخلاق حملة القرآن للتنبيه على وجوب تأدب حامل القرآن بآداب القرآن ، وهو بلا شك مطلب نفيس ينبغي مراجعته مرات ومرات ، لنعرف مقدار ما ابتعد به الخلف عن السلف ..
ومن المحزن والمؤلم ، أنه جمعني لقاء بأحد حملة القرآن ، فرأيت والله عجباً ، ورأى صاحبي عجباً ، ولا أدري ما تأويل هذا القارئ ، وأعوذ بالله أن نظلم أو نُظلم ، ولكن الأخلاق الكريمة تبدو على محيا صاحبها ، ولم تكن بادية على محياه، بل بدى عكسها ، فرجعت مهموماً من اللقاء أقلب كعادتي كلما رأيت مثله كتب الأخلاق فإن كان قاضياً قرأت فصل أخلاق القاضي في كتاب تبصرة الحكام لابن فرحون المالكي ، وإن كان قارئاً قرأت أخلاق أهل القرآن للآجري ، وإن كان طالب علم قرأت تذكرة السامع والمتكلم لابن جماعة ، فأرى البون الشاسع بين علم السلف وعلمنا ، وأخلاقهم وأخلاقنا ، ولا أدري من أين أتت هذه الآفة عند بعض طلاب العلم ..
وليت المتخصصين في الدورات والبرامج العلمية يؤكدون على هذا الجانب المهم في تكوين الطالب ، فلسنا بحاجة إلى حفاظ بلا خلق ولا طلاب علم بلا أدب ..
ولا حول ولا قوة إلا بالله ..
6 / 6 / 1429هـ
 
لفتة مهمة ..

ولعل من أهم الأسباب التي أدت إلى بروز هذه النوعية ـ نعوذ بالله من حالها ـ الطريقة التي يتلقى بها أبناؤنا القرآن في الحلق ؛ فالحفظ هو الهمُّ الأكبر ، حتى ولو لم يصلّ الغلام !!
الحفظ .. حتى ولو تلفظ ببذيء الكلام !!

الحفظ .. حتى ولو كان سيء الأخلاق !!

وآمل أن تخف هذه الظاهرة ببعض الجهود التي تبذل الآن ؛ لربط الطلاب بالقرآن (قولاً وعملاً) ،ولعل تفعيل عبادة (التدبر) ـ بالتجربة ـ من أقصر الطرق ..

وفي الجعبة ـ من الحلول العملية ـ شيء طيب مبارك ،ولعل منها عقد ملتقىً لمناقشة الأساليب العملية لتفعيل أثر القرآن على طلابه (على غرار ملتقى تدبر الأول الذي عقد في 1/6/1429هـ) والله الهادي .
 
"
فأرى البون الشاسع بين علم السلف وعلمنا ، وأخلاقهم وأخلاقنا ، ولا أدري من أين أتت هذه الآفة عند بعض طلاب العلم

قلت: لأنهم يا شيخنا الحبيب هم السلف ونحن الخلف، هم السلف الذين طبقوا قول الله تعالى {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }{الأنعام162}
هم السلف عقيدة وشريعة، هم السلف في العبادات والعادات والتقاليد وعدم التفريق بين أبناء الأمة بناء على العنصر أو القومية أو العرقية أو الفخذية ............................
والتلاميذ على دين شيوخهم، ومن لي بالربانيين الذين يعلِّمون العلم لوجه الله رب العالمين ويمسِّكون بالكتاب، ويأخذونه بقوة، فيلقنون التلاميذ في الحلقات ـ مرورا الابتدائي والمتوسط والثانوي وانتهاءً بأستاذ الجامعة ـ ولا يعيرون عين الرقيب البشري اهتماماً لوجود الرقيب داخلهم، بل لوجوده في عين ضمائرهم.

أما نحن ـ والذي يمثله في كلام الفاضل الشيخ فهد كلمة " وعلمنا "في قوله :" فأرى البون الشاسع بين علم السلف وعلمنا " ـ فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، قد اختلط لدينا الحابل بالنابل ، والفضائيات بالإباحيات، والمزج الكلي بين ثقافة الآخر وثقافتا، حتى أضحى أهل القرآن كغيرهم من عباد الله كالأيتام على مآدبة اللئام، والمعصوم من عصمه الله، ولا منجى إلا بالله وفضله ثم بالنجح في النصح وتعاهد كلنا لكلنا .


أما ما أشار إليه د. المقبل ـ حفظه الله ـ فهو جدير بالقبول، إذ قد يحفظ التلميذ القرآن دون حث على الصالحات، ولا حض على مكارم الأخلاق.

ولكن التلميذ الحافظ على كل حال فيه الخير كل الخير، فحفظ القرآن العظيم الذي لا يستطيعة بعض ممن ينتسبون إليه إنجاز هائل لا شك في ذلك ، ويكفي إن الحلاوة في باطن الحافظ كالسكر في الكوب، فلا يحتاج إلا إلى التحريك فحسب.
هدانا الله تعالى جميعاً وأولادنا إلى أقوم سبيل.
 
ماطرحه الشيخان الكريمان أمر جدير بالاهتمام وحريٌ بأن يعتنى به في جانبي التعليم بشقيه الجامعي أو حلق تحفيظ القرآن ، وهنا آمل أن تأذنوا لي أن أسجل عدداً من الملحوظات :
- مسميات حلق "تحفيظ القرآن " ، لا تعليم القرآن ، وهو خلاف النصوص الكثيرة التي تدعو إلى تعلم القرآن وتعليمه ، لا تحفيظ القرآن فحسب .
- كنت قد درست في كلية القرآن الكريم على يد فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور حكت بشير ياسين وفقه الله ، فكان يمر بالطلاب في أروقة الكلية فيسلم سلاماً متميزاً بصوت مرتفع ، وكان مختلفاً عن غيره من بعض المشايخ في ذلك ،حتى أن بعضهم لاتسمع منه السلام ، وربما ردّ عليك في قلبه أو بصوت منخفض ، ناهيك عن الابتسامة ، فهي أمرٌ بعيد المنال عند البعض !، فسألته ذات مرة عن سبب هذا السلام بهذا الأسلوب والرد بالابتسام ، فقال : يابني لقد تعلمنا إشاعة السلام من شيخنا الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله - ، فلقد كان يدعونا إلى إشاعة السلام في كل مكان بين طلبته ومع من هم خارج طلبة العلم ، وكان يحثنا عليه ، فأصبح شيئاً ملازماً لي ، فتأمل !
- قدّر لي - الفترة الماضيه - القيام بجرد سريع للأحاديث الواردة في البخاري عن تعامل النبي - صلى الله عليه وسلم - مع الآخرين ، سواءً أكانوا من أهل بيته أو من الصحابة - رضي الله عنهم - أو من الرجال أو النساء ، أو الأطفال ، أو غير المسلمين ، والحقيقة أنني وجدت أمراً عجباً ، وكنت في كل مرة أقول في نفسي كم نحن بعيدون عن الهدي النبوي في التعامل ، وكنت أتذكّر حديث عائشة - رضي الله عنها - : " كان خلقه القرآن " .، وقد تلقف الصحابة - رضي الله عنهم - هذا الشيء في التعامل ، وتجد النصوص طافحة بمثل ذلك .
- إن الإشارة إلى الخلق في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - في تزويج الشخص الذي نرضى دينه ، دليلٌ على أنه أمرٌ زائد على الدين - في ظني - ، وبالتالي فلربما تجد من ترضى دينه ولاترضى خلقه ، مع التأكيد على أن الدين والخلق أمران لايجب أن يفترقا ، ولربما هوّن ذلك العتب على أخينا الشيخ فهد وفقه الله .
- إن تعامل بعض طلبة العلم والمشايخ في هذا الموضوع أمرٌ بحاجة إلى إعادة نظرٍ كبيرٍ ، وبخاصة أنهم قدوات ينظر إليهم الناس ، وهو أمرٌ حريٌ بالتنبّه له ، لكونهم لايمثلون أنفسهم فحسب .
- كنت في رحلة علمية مع أحد المشايخ في لبنان ، فقابلنا قسيساً أرثوذكسياً مهتماً بموضوع التقريب بين الإسلام والمسيحية ، وقابلنا آخر أوكل إليه مجلس الكنائس العالمي ، مهمة الحوار بين الإسلام والمسيحية ، فشدنا حسن تعاملهما وأدبهما الجمّ وتواضعهما ، الأمر الذي حدا بصاحبي إلى القول : أدعو الله لهما بأن يسلما ليحرم وجههما على النار ، لأن مثل هذا التعامل والخلق الجم يجب أن يكون من المسلمين من باب الأولى .
ثم ذكر لي لوعته من بعض المشايخ في التعامل وفي المواعيد وغير ذلك .
وهنا لا أودّ أن يفهم مني أحدٌأنني أمجّد هذا القس أو ذاك ، لكنه حقٌ جاء المجال للحديث عنه في جانب حسن الخلق .
أيها العلماء ، أيها المشايخ ، ياطلبة العلم ؛ أذكر نفسي وأذكركم بأننا حملة رسالة وبعضنا حملة كتاب الله ، فحريٌ بنا أن يكون خلقنا القرآن .
 
الخلل في الأدب والفهم والعمل عند قراء اليوم أمر ظاهر ومقلق كما أشار إليه المشايخ الفضلاء، ولا نبرئ أنفسنا منه .
وكان من أهم أسبابه ما يلي:
1) حفظ كثير الطلاب للقرآن الكريم خلال فترة وجيزة، سواء كان ذلك بطريقة فردية، أو عن طريق القراءة على بعض الشيوخ الذين لا يحددون قدراً معيناً للمحفوظ في كل جلسة، ولا يوقفون الطالب للمراجعة والضبط والتدبر.
2)غفلة الطالب عن المقصد الأعلى من حفظ وتعلم القرآن الكريم، وما يترتب على ذلك من الحقوق والواجبات.
3)عدم كفاءة المعلم علمياً وتربوياً لممارسة هذه المهنة الشريفة، حيث ركز اهتمامه على الكم في المخرجات وليس على الكيف.
4)التـنافس غير المنضبط بين الطلاب الأقران، حيث يسـعى بعض الطلاب إلى مجاراة زملائه ممن سبقوه بالحفظ، دون التفات إلى جانب الضبط والفهم والعمل.

وقد حاولت المساهمة في علاج هذه الظاهرة من خلال تصميم دورة تدريبية بعنوان( جمال القراء) قدمتها بضع مرات خلال السنتين الماضيتين ، ولكن للأسف لم تجد الحفاوة اللائقة من جمعيات ومراكز التحفيظ ولذلك انصرفت عنها.
 
كلمة ما أصدقها "لسنا بحاجة إلى حفاظ بلا خلق ولا طلاب علم بلا أدب .."
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فقد آلمني جداً الحديثُ عن هذا الموضوع وهو موضوع أخلاق أهل القرآن الذين يفترضُ فيهم أن يكونوا موطئي الأكناف للصغير والكبير والجليل والحقير.

وأظنّ أهم أسباب اختلال سلوكنا اليومَ هو غيابُ القدوات , وادّخار المتميزين - من طلبة العلم والحفّاظ المتقنين الأتقياء فيما يحسبون - للإعادة والاشتغال بالدراسات العليا مع حاجة السّاحة وخلوها من أمثالهم , ويترك الأمر حينئذ لكل حافظٍ , ولو كان بعيداً عن التطبيق والتخلق بأخلاق القرآن.

ولا أشك أن لكثير من الأحبة في هذا الملتقى ذكريات طفولة ومواقف مع أحد الأماجد ممن أقرأهم القرآن كان تأثيرها بالغاً ولا زال إلى اليوم يتردد في مسمعه أو على عينه كلما قرأ الآية ذاتها أو سمعها.

وقد أكرمني الله في دراستي الابتدائية بالقراءة على فضيلة الشيخ (التلميدي بن محمود الشنقيطي) رحمه الله وغفر له وهو من أقدم وأبرز معلمي مدرسة أبي بن كعب لتحفيظ القرآن الكريم بالمدينة المنورة, وشيخٌ لكثير من مشايخ هذا الملتقى العامر.

فلا تسلْ عمّا خلفه رحمه الله تعالى في نفسي ونفس غيري من مواقف وعظاتٍ وعبر مع آيات من كتاب الله أجزمُ أنه ربما لم يكن يظن خلودها في النفس بعد وفاته , حيث لقي الله وأنا في الصف الثاني الموسط حينئذ وقد بلغ السبعين أو تجاوزها , ومع ذلك يعلم طلبة المرحلة الابتدائية صباحاً , ويأخذنا بسيارته إلى الحلقة مساءاً بلا سآمة ولا ملل.

ولا أنسى في هذا المضمار الإشادة بجهدٍ لأحد الدكاترة المتميزين في التخصص اليومَ حيث يقومُ بانفسه بالإشراف والمتابعة لحلقات التحفيظ بنفسه ولا يرضى الإنابة في هذا العمل ونفع الله بحلقاته تلك نفعاً عظيماً , وفي المقابل بتثاقلُ بعضنا عن التدريس والإشراف على الحلقات ظنا منه أنّه لا يليق به إلا البحثُ واستخراج غوامض الكتب وحل مشكلاتها , فمن للناشئة الذين هم قادة وعلماء وقراءُ الغد إن تواكلنا في القيام بهذه المهمة الشاقة جداً والبعيدة عن الأضواء وألقينا بها على عواتق البسطاء.؟

كما أود التنبيه إلى جزء آخر من الموضوع ليس ببعيد عنه , وهو من يحسبُه عامةُ الناس من أهل القرآن وهو ليس منهم إلا على سبيل المجاز, لكونه لا يحفظ القرآن ولا يجيد قراءته وإن كان يشرف على حلقات تحفيظه أو الجمعيات الخيرية أو مدارس التحفيظ والمجمّعات التعليمية أو الأقسام العلمية المعتنية بالدراسات والبحوث القرآنية.

فتشويه أولاء لصورة حامل القرآن أبلغ تنفيراً في نفوس العامة من سوء سلوكيات حملة القرآن من طلاب ومعلمين ومشرفين وموجهين وغيرهم, لأنهم -في نظر العوام- هم القدوات المنتهون في الإحاطة بالقرآن علماً وعملاً وتطبيقاً .

وهذا في حقيقة الأمر يدعوا إلى أن لا يؤمَّ القومَ إلا أقرؤهم لكتاب الله بمفهوم أشمل وأوسع من إمامة الصلاة يتعداها إلى إمامة الإدارة والإشراف والتوجيه والعمل الذي ينتج المخرجات البشرية الحاملة لرسالة القرآن , وأن يُـبحث في رئاسة الجمعيات والحلقات وإدارة المدارس والأقسام عن الحفظة المتقنين بالدرجة الأولى, ولا داعي للمجاملة في هذا الأمر , لأنّ الحفّاظ الذين تردد القرآن على مسامعهم ووعته قلوبهم واعتادت تلاوتَه ألسنتُهم مهما بلغوا من سوء واختلال سلوكٍ فهم أحق وأولى بالنزاهة والعفة والإحسان في الفعل والقول من غيرهم وإن كان للقاعدة شواذ , ولكن هذا الغالب.

وكم يتمزق قلب الغيور حين يرى أحد الذينَ زُجّوا - لإدارة حلقة أو مدرسة أو مجمع تعليمي خاص بالقرآن - بدافع المجاملة والتبجيل على حساب العمل والإنتاج يكذب ويتحرى الكذب ويقع في النّاس ويتفّه الجهود القائمة ولا يعجبه عمل مجتهد ولا صنيع صانع إلا نفسه , وينسبُ جهود العاملين تحته لنفسه فلا يكاد يذكر أحدهم بخير ولو استنفد حياته في سبيل الرقي بالمُنشأة التي يترأسها هذا المسؤول , ولا ينطق إلا بضمير الفاعلين (فعلنا وقررنا وقتحنا وارتأينا وأمرنا ومنعنا ....الخ).
 
وقد حاولت المساهمة في علاج هذه الظاهرة من خلال تصميم دورة تدريبية بعنوان( جمال القراء) قدمتها بضع مرات خلال السنتين الماضيتين ، ولكن للأسف لم تجد الحفاوة اللائقة من جمعيات ومراكز التحفيظ ولذلك انصرفت عنها.

أخي الكريم د.إبراهيم الحميضي ..

كم يؤلمني ما تفضلت به .. ومع هذا فإنني اتمنى أن لا يقعدنا عدم التفاعل من المضي في بث هذا العلم وما يخدمه ،ولو بتجديد الأسلوب ،وتنويع الطرح ،ولعلي أطرح بعض الاقتراحات ، لعلها تسهم في الرقي بمثل هذه الدورة ،أو تعين على التفاعل معها بشكل أكبر :
1 ـ عدم الاستجابة ممن ذكرتهم ألم تجعل فضيلتكم يتساءل : ما السبب ؟ ألا يحتمل أن هناك بعض الجوانب التي تحتاج تكميلاً فيما طُرِح ؟

2 ـ حبذا لو استكملت جوانب هذه الدورة بالاستفادة من بعض التربويين ،والنفسيين في تلمس جوانب النقص ،وتكميلها ، فإن تكامل التخصصات يسدد التي قد لا نفطن لها نحن (الشرعيين) ،ورحم الله امرءاً عرف قدر نفسه.

3 ـ تسجيل هذه الدورة ،وعرضها على بعض من تثق بهم ، ليبدوا لك أوجه القصور التي لا يسلم منها عمل البشر ،وليبينوا أوجه التميز ليتم تطويرها .

وفقك الله .. وزادك من فضله ،وجعلك مباركاً اينما كنت.
 
أشكر أخي الدكتور عمر على ما تفضل به، وأفيدكم بأن عدم الحفاوة بتلك الدورة ليس راجعاً إلى مضمونها أو عدد ساعاتها أو أسلوب تقديمها، بل ذلك راجع إلى أمور منها: عدم اهتمام كثير من المؤسسات القرآنية بالتدريب، والتعقيدات الإدارية التي تعيق أو تأخر إجراءات تنفيذها، وعدم تواصل تلك المؤسسات مع المتخصصين في الدراسات القرآنية.
وهناك مؤسسات متميزة في هذا الجانب ولكنها قليلة ومنها: جمعية تحفيظ القرآن الكريم في جدة.
علماً أنني عرضت هذه الدورة على عدد من المتخصصين قبل تقديمها، كما نالت استحسان الجهات التي قدمتها لهم، ظََهَر ذلك من خلال إفادة المشرفين عليها، والاستبانات التي توزع على المتدربين في ختام الدورة، على أنها جهد مقل لا تخلو من القصور.
 
علماً أنني عرضت هذه الدورة على عدد من المتخصصين قبل تقديمها، كما نالت استحسان الجهات التي قدمتها لهم، ظََهَر ذلك من خلال إفادة المشرفين عليها، والاستبانات التي توزع على المتدربين في ختام الدورة، على أنها جهد مقل لا تخلو من القصور.

هذا الظن بك أبا سلمان .. زادك الله توفيقاً ، وزاد الله المعنيين بمثل هذه الدورات بصيرةً وهداية .
 
جزاكم الله خيرا على هذا الطرح النافع والمثمر وكم نحن بحاجه للتذاكر فيه والله المستعان...
 
مِـن أهمِّ ما قَضَـى عَلى الأخْلاقِ القُرآنيَّـةِ عند بعضِ المُنتَسِبينَ إليهِ جعلُ شهوةِ النَّفسِ ورضَى بعضِ الناسِ إلهينِ اثنينِ معبودينِ يُستَرضيانِ بالحلالِ والحرام , وتصديقُهم لما يقولهُ الناسُ عنهم (غير الجيران والأسرة والمخالطينَ في العمَل ) ممن تخدعهم المظاهرُ مع علمهِ بأنَّهُ محضُ خيالٍ فحسبُ والاشتِغالُ لذلكَ بالوسيلةِ عن الغايةِ , والتفاني في القِشرةِ عن اللُّبابِ , والاستماتةُ في الواقعِ عن المُستَقبَل (الآخرة).

ولقدْ جَهِـلنا حيناً من الدَّهرِ أنَّ الصفةَ لا تنفي إلا ضدَّها بمعنى أنَّ المتعلِّمَ لا ينتفي عنهُ غيرُ الجهلِ خلافاً لما لزِم في أذهاننا أنَّ التعلُُّمَ ينفي الجهلَ وكثيراً لوازمهِ , فكانَ لذلكَ أحدُنا يضيقُ ذرعاً وهو في مقاعد الدراسة (الأولى) بأناسٍ ينالونَ من أهل القرآنِ الذينَ تخلعُ عليهم أنفُسُنا هاماتِ الإجلالِ وتجودُ لهم قناعاتُنا بالجدارةِ بلَبوسِ الكمالِ كنتيجةٍ طبيعيةٍ لما اشتهروا بهِ (من القرآنِ وعلومه) فكنا نقرأ كُتبَهم ونسمعُ أشرطتهم ونرى لامعَ أسمائهم يعلو مناشطَ القرآنِ ومقاعدَهم تتقدَّمُ صفوف مناسباتهِ الجميلة فنصفُّهم في أذهاننا البسيطة مع أبي العلاء وابن عطية وغيرهما, فلما خالطنا بعضَ أولئكَ وعامَلناهُم بدت لنا السوْءاتُ التي طفقوا يخصفونَ عليها من ورقِ التشبُّعِ والتزيُّدٍ فلم يُغنِ عنهم شيئاً , وانقلبَ إلينا طرفُ الإجلالِ والإعجابِ خاسئاً وهُو حسيرٌ كسيرٌ , فوجدنا نفوساً متنمِّـرةً وقُلوباً منقلبةً وأيدٍ حديديةً تخمشُ وتخدِشُ بكل ضراوةٍ من لا يُحسنُ المكاءَ والتصديةَ عَلى الحقِّ والباطل , وعلمنا - بأخَرةٍ - أنَّا ضحايا استسمانِ الأورامِ بنوْعَيها.
ولِسانُ حالِ المَفجُوءِ بهذه الصُّـورةِ الشوهاءِ:
يا (صُورةً) نفَتِ الرقادَ , وغادرَتْ ** بينَ الجَوَانِحِ جمرةً لا تَنطَفِـي​
ويوجدُ كتابٌ أدبيٌّ ماتعٌ جداً أنصَحُ بقراءاتهِ في ساعاتِ الهُدوء التامِّ وصفاءِ الذِّهن (من خُلق القرآنِ - لمحمد عبد الله دراز).
 
ولقدْ كانَ أحدُنا يضيقُ ذرعاً وهو في مقاعد الدراسة (الأولى) بأناسٍ ينالونَ من أهل القرآنِ الذينَ تخلعُ عليهم أنفُسُنا هاماتِ الإجلالِ وتجودُ لهم قناعاتُنا بالجدارةِ بلَبوسِ الكمالِ كنتيجةٍ طبيعيةٍ لما اشتهروا بهِ (من القرآنِ وعلومه) فكنا نقرأ كُتبَهم ونسمعُ أشرطتهم ونرى لامعَ أسمائهم يعلو مناشطَ القرآنِ ومقاعدَهم تتقدَّمُ صفوف مناسباتهِ الجميلة فنصفُّهم في أذهاننا البسيطة مع أبي العلاء وابن عطية وغيرهما, فلما خالطنا بعضَ أولئكَ وعامَلناهُم بدت لنا السوْءاتُ التي طفقوا يخصفونَ عليها من ورقِ التشبُّعِ والتزيُّدٍ فلم يُغنِ عنهم شيئاً , وانقلبَ إلينا طرفُ الإجلالِ والإعجابِ خاسئاً وهُو حسيرٌ كسيرٌ , فوجدنا نفوساً متنمِّـرةً وقُلوباً منقلبةً وأيدٍ حديديةً تخمشُ وتخدِشُ بكل ضراوةٍ من لا يُحسنُ المكاءَ والتصديةَ عَلى الحقِّ والباطل , وعلمنا - بأخَرةٍ - أنَّا ضحايا استسمانِ الأورامِ بنوْعَيها.
ولِسانُ حالِ المَفجُوءِ بهذه الصُّـورةِ الشوهاءِ:
يا (صُورةً) نفَتِ الرقادَ , وغادرَتْ ** بينَ الجَوَانِحِ جمرةً لا تَنطَفِـي​
يا نَفْثَةَ المَصْدُورِ غُلَّ زَفِيرُها .. غارَتْ سَماها والدَّياجِي تَقْتَفِي
بلاءٌ مُسْتَشْرٍ في كل مكان نسأل الله العصمة والتوفيق .
 
"لسنا بحاجة إلى حفاظ بلا خلق ولا طلاب علم بلا أدب .."
نعم كما قلت إذا لافائدة فالقرآن يربي والعلم كذلك فإذا حُفظ القران بلا تطبيق !!فما الفائدة ..​
 
أنا أرفض رفضا قاطعا أن نتطلّّع لأهل القرآن كما لو كانوا ملائكة, فهم بشر مهما علا شأنهم ورفُعتْ مكانتهم. فيهم الخيّر والأخْيَر, وفيهم السيّئ والأسوأ, ولا يصحّ الحكم عليهم جميعا بحكم واحد من حيث الصلاح أو الفساد, بل إن الحكم العادل الأليق بهم ـ من وجهة نظري ـ هو أن يقال أنهم بشر؛ يصيبون ويخطئون, يتواضعون ويتعالون, ينصفون ويظلمون, يحسنون ويسيئون إلا من رحم الله.
ولي تجربة مؤلمة ـ بعض الشيء ـ حدثتْ معي في صغري مع أهل القرآن جعلتني أُحِيكُ رأيا صارما فيهم, تبلْوَر هذا الرأي داخلي من واقع عشته وتجرعتُ غصصه الواحدة تلو الأخرى. وبغض النظر عن نظرتي القاصرة وقتها والتي حتَّمَتْ عليّ رؤية الواقع من زواية ضيقة الأفق؛ إلا أنه كان واقعا آلمني وأزعجني ردها من الزمن, ربما اليوم أنظر إليه بنظرة أكثر نضجا وأقل اتهاما ولذاعة من ذي قبل؛ لكنه يبقى واقعا لي الحق في سرده من الزاوية الطفولية القاصرة التي كنتُ أرى بها الأشياء وقتها. وأرجو أن يُستخلص من سردي هذا بعض الفوائد والعبر:
فمنذ صغري ورغم أني نشأتُ في أسرة ملتزمة من أهل القرآن؛ إلا أن الملتزمين ـ هم أنفسهم ـ قد جعلوني أكره الالتزام وأهله جملة وتفصيلا, فلا أحب مجالستهم ولا الاجتماع بهم؛ سواء في مدارس التحفيظ أو المجالس الخاصة أو العامة, وبالطبع كان هناك أسباب ومبررات جعلتني على هذه الصورة وسأسرد بعضا منها:
حين كنتُ في الصف الثالث أو الرابع الابتدائي أُجبرتُ على التسجيل في مدرسةٍ لتحفيظ القرآن في المساء, ونظرا لأني كنتُ أحفظ نصف القرآن مع مَدرستي الصباحية (وهي أيضا مدرسة لتحفيظ القرآن وأظنها تشبه مدارس الأزهر تقريبا) لم أُلحق بحلقات الصغيرات, وإنما أُلحقتُ بالحافظات, وكانتْ أعمارهن فوق العشرين إلى الخمسين تقريبا, وكنتُ أصغر طالبة بينهن, وكانت المعلمة شديدة في أسلوبها, لاتفوِّت لي خطأ ولا هفوتا, ولم تفرق في معاملتها بيني وبين البقية رغم فارق العمر, فكانتْ تصحح لي التجويد بصرامة, وكنتُ أشعر أنني فأرُ تجاربٍ قد سقط في معملها؛ فحين أقرأ تطلب من الجميع المشاركة في تصحيح أخطائي, وكأني لا تكفيني معلمة واحدة! فإذا أخطأتُ تقلّد خطأي بطريقة مضحكة ومبالغ بها فتنفجر الضحكات من حولي, ويتندّر البعض منهن حتى بردود أفعالي, ثم يتداولن النقاش في وجهات نظرهن حولي؛ وأنا بينهن كمجرم يرتجف خلف القضبان في قاعة المحكمة؛ وقد تشتتْ عيناه في رعب بين محامي الاتهام ومحامي الدفاع, ولأن نظرتي للأمور كانت من منظور ضيق ومحدود وقتها, فقد كرهتُ التحفيظ من شخص تلك المعلمة وكرهتُ الملتزمات من فعلهن وفعلها. ثم تمرّدتُ على الجميع وتركتُ الحلقة ولم أعد إليها أبدا. وكانت تلك هي الشرارة الأولى في حياتي.
ثم استمر كرهي يزداد للملتزمين والملتزمات عامة ومعلمات التحفيظ خاصة حتى بلغتُ المرحلة المتوسطة. وفيها بُليتُ بنماذج تكرِّه في الدين من حيث تريد أن ترغِّب فيه. فقد كانت الشدة منهجهن في الأمر بالمعروف وفي النهي عن المنكر, وحاولتُ عبثا أن أجادل أو أرفض هذا الأسلوب الفظ إلا أن النقاش كان مبدأ مرفوضا.
وفي تلك المرحلة ورغم أنني كنتُ محجّبة حجابا كاملا؛ وأعتز بالحجاب بل وأناقش وأنافح دفاعا عنه؛ إلا أن إصراري مثلا على ترك الإسدال ولبس النقاب الذي بالكاد يُظهر رموشي أو لبس الجوارب الشفافة أو عدم مداومتي على لبس القفازات, يجعلني مصنفة في أعين هؤلاء, من العصاة الضالين أصحاب الكبائر!
فيحزّ في نفسي ازدرائهن لي بهذا الشكل, فأهرب من سياط نظراتهن الحارقة تلك لأدخل بسببهن ـ رغما عني ـ في زمرة الكارهات للالتزام وأهله رغم حبي واعتزازي بالدين.
وفي المدرسة كانتْ تُعرف المعلمة الملتزمة من هيأتها, فهي لا تهتم باللباس ولا بالزينة, والطالبة الملتزمة كذلك لا تهتم بشعرها ولا حقيبتها ولا تهتم بإكسسواراتها, بل نراها متجهّمة أغلب الأحيان, ولا تحضر الفسحة معنا ولا تخالطنا, ولا تضحك وتكركر مثلنا لأن المسلم لا ينبغي له أن يضحك, وكان عليه السلام يبتسم فقط....الخ, وكثيرا ما كانت تُلقي الواحدة منهن وهي في طريقها مارة بجوار مجالسنا العادية قنبلة موقوتة في شكل نصيحة قصيرة مقتضبة تبتغي بها وجه الله لكنها تفسد بها أكثر مما تصلح لسوء تقديرها للزمان والمكان, وهي قوله تعالى (فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا) فنبتلع ضحكاتنا الصاخبة البريئة؛ وتجحظ أعيننا فزعا, ثم يمسك بعضنا بعضا لنهدِّأ الثائرات منّا حتى لا نسّبها وفي فورة الغضب قد نتطاول على الدين بسببها. وكم كنتُ أمقتُ هذه المظاهر التي تزيدني كرها وبغضا للالتزام.
وحين كنتُ أناقش وأجادل معلمات الدين في بعض الفتاوى التي لا تدخل عقلي مثل: فتوى تحريم لبس البنطال ولو على بلوزة طويلة تصل إلى الركبة, فكنتُ أقول للمعلمة أرأيتِ إن لبستُ البنطال مع بلوزة طويلة تغطي الركبة هل يجوز لي ذلك؟ فتجيب: لا؛ البنطال حرام للنساء. فأقول: فما الحكم لو أنني ارتديتُ هذه البلوزة الطويلة التي تغطي الركبة وحدها دون البنطال, هل يجوز؟ فتجيب: نعم, وحين تفطن لحيلتي وخبث سؤالي أُعنّف وأُتّهم بأني أتحايل على فتاوى العلماء!.
هذه نماذج كانتْ موجودة بيننا تجعلك تكره الالتزام, رغم أن الدين لا يصح أن يُحكم عليه بأفعال المنتسبين إليه وعقولهم وإنما هو أرقى من ذلك كله, لكن عقلي الصغير حينها لا يستوعب أن ثمّة فرق بين الالتزام وبين الملتزمين.
ثم كان من أسباب ذلك الكره الطفولي أنني أحبّ الصراحة بطبعي وأكره الازدواجية, فكنتُ أغضب حين أرى معلمتي وهي تتحدث بحماسٍ عن الظلم وأسبابه وعواقبه, ثم تطلب منّا أن نكتب لها صورا أو قصصا على الظلم؛ لأجد وجهها بعد ذلك قد امتقع وتلوّن عدة ألوان وهي تقرأ ورقتي, ثم ترفضها وتطلب غيرها, لا لشيء سوى أنني كتبتُ بالصدق الذي تعلمتُه منها عن ظلم أمريكا وبغيها واستعبادها للبشر؛ وأنها سيدة الظلم على مستوى العالم؛ وأنني لا أستطيع أن أنطق بكلمة الظلم دون أن تقفز أمريكا إلى خيالي!.
ولأني صغيرة لم أكن أفهم أن للصدق حدود! وأن الذي يتجاوز هذا الحد سيذهب في رحلة ( وراء الشمس) وقد يعجبه المكان فلا يعود أبدا! . كل ذلك قد ساهم في تشويه صورة الالتزام وأهله في عيني, وكنتُ أرى مجالسهم مجالس نصح متشددة أغلبها عن الموت وعذاب القبر, وفيها الكثير من الاستنقاص من غير الملتزمين, فكنتُ عنادا فيهم أزيد من غيي ولا أبالي, حتى طال كرهي صديقات والدتي الملتزمات, فكنتُ لا أخرج في مجالسهن ولا أذهب مع أمي لزيارتهن, فإن حدث وقابلتهن أستفزهن بأي طريقة, إما بلبسي أو باندماجي في رواية أدبية أمسك بها بين أناملي أو بتعمّدي التمايل أمامهن طربا وأنا أتمتم بعض الكلمات ليظنّوا أني أغني فيجنّ جنونهن.
حتى تداركتني رحمة الله واستجاب الله دعاء والديّ فأقبلتُ على الدين من طريق غير ذلك الطريق, وقد حدث ذلك حين منّ الله علينا فجاءتنا في المرحلة الثانوية نماذج رائعة من المعلمات الصالحات التي لم نعهد رؤية أمثالهن من قبل, كن ينتهجن نهجا صحيحا في الدعوة, ينصحن باللين لا بالعنف, يشاركن الجميع في الضحك والاهتمامات الأخرى, ينظرن لمن وقعتْ في معصية نظرة رحمة لا ازدراء, يُجِبن السائلة حتى تصل إلى القناعة, وفي نفس الوقت كنّ يرتدين أجمل الثياب ويتزينّ بأجمل الزينة.
حينها فقط أقبلتُ على الالتزام بنفسية جديدة, فنفضتُ صور الماضي من الذاكرة, وأقبلتُ على الدين بنضج أكبر فرأيتُه على حقيقته رائعا صافيا نقيا بعيدا عن تشويهات البشر المقصودة واللامقصودة. فأقبلتُ على دروس الدعاة الشيّقة الخفيفة, وصرتُ أحضر مجالس بعض الملتزمات بنفسية غير التي كنتُ عليها.
ومنذ ذلك الحين عاهدتُ الله أن أكون داعية إلى الإسلام باللطف واللين, وأن أكون سببا في تحبيب الناس في الالتزام, وأن أحترم العقول فأدعو إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة حتى لو كنتُ أخاطب صغيرا.
وقد أقرّ الله عيني بعد انتهاجي لهذا النهج المرن في الحوار والنقاش في الدعوة إلى الله باعتناق بعض الأخوات الغير مسلمات للإسلام على يدي رغم أنني وقتها لم أتجاوز السادسة والعشرين من عمري, وإني لأرجو الله أن يرزقني الإخلاص وأن ينفع بي. وأن يجزي جميع معلماتي منذ صغري وإلى يومي هذا خير الجزاء. وأن يجعلنا جميعا هداة مهتدين صالحين مصلحين. كما أرجو من الله أن ينفع بحديثي هذا.​
 
الأخت بنت اسكندراني :
شكر الله لكِ ما طرحتيه ، وهذا الواقع الذي تفضل المشايخ الكرام بالحديث عنه وحكيت فيه قصتك ظاهرة شديده الظهور في المجتمعات الإسلاميه للأسف الشديد .
ويخيل إلي أن الناظر إلي هذه النماذج يظن أن هذا هو الإسلام ، أضف الي ذلك سوء الخلق من كثير الناس ليس علي مستوى حمله القرآن فقط ، بل هو علي المستوى الأعم بكل أسف وقد عِشت هذا كثيراً حتى أنه إنتشر بين العوام أن الملتزمين هم أصحاب الأخطاء علي كافه المستويات ولاعجب فالكثير منهم يزعم أنه علي هُدى فيقول : قال الله ، قال رسول الله (صلي الله عليه وسلم) وهو أبعد الناس عن ذلك ، وقد حدثنى من أثق فيهم أنه علي أتم الإستعداد أن يُرينى شخصاً يتكلم كلاماً رائعاً عن الله ورسوله فإذا ماأدار ظهره لم يمانع أن يسب الدين نعم والله أخى الكريم إن ماقرأتُه صحيحاً ولحيته هذا الساب طويله جداً .
فأنا أعتب علي إخواني حصر هذا الكلام علي أهل القرآن فقط لأن أهل القرآن المعنيين لم تفسد أخلاقهم إلا بسبب فساد نسبه كبيره الملتزمين ، حتى صار والله ولا أُبالغ الملتزمون علي المنهج القويم أهلُ غربه بين الملتزمين .
هدانا الله وإياهم .
 
بَعضُـنا من ضِعَاف الإدراكِ والثِّقَة بالنَّفسِ يتحيَّـنُ فُرصَة المسؤوليَّة والإشراف والترؤُّسِ والإدارةِ ويشرئبُّ لها بعُنق نفسهِ وغيرهِ ويسألها اللهَ والملائكةَ والنَّاسَ أجمعينَ فإذا ما تهيَّأ لهُ مُرادهُ وانتَظَرَ مَن دونَهُ أن يتحرَّكَ وينفَعَ وينصَحَ للكُرسيِّ والمسؤوليَّـة التي قُلِّدَها تناسَى وتَعَامَى عن كلِّ شيءٍ خلا نفسِهِ ومُلحقاتِها من الأحقاد والتصفياتِ والتعالي المَقيت.
ولئن كانت هذه التصرُّفاتُ قبيحةً من كلِّ مسلمٍ لكنَّـها من المنتسبينَ إلى القرآن والعلمِ الشرعيِّ أقبحُ ما تكونُ , لأنَّ واحدَ هؤلاء كما يقول الآجُرِّيُّ لسانُهُ لسانُ العُلماء وأخلاقهُ وأفاعيلهُ أفاعيل السفهاءُ , يتجمَّلُ بالعلمِ تجمُّل فتاة الخِدر بالحُليِّ , وحظهُ منهُ الدَّعـوى الغليظَـةُ لا غيرَ , وربَّما استعبَدَ بكرسيِّه الأحرار واستتبعَ الرجال وتعاظَم في أعين من تُعشيهم المناصبُ والألقابُ وهم لا يميزونَ بين الشحم والورَم , ومُصيبةُ مثلِ هؤلاءِ قياسُهم كلَّ أحَدٍ على أنفسِهم - أيامَ الاشْرِئْبَابِ إلى المناصبِ وابتغاء الوسيلة إليها - فلا ينصحُهم أو يُخالفُهم أو يترفَّعُ عن إذلالهم أحدٌ إلاَّ أضافوهُ لقائمة الأعداء مستحضرينَ في ذات الوقتِ مقالةَ قومِ نوحٍ (مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُم).
ومن هذه المقولة الشنعاءِ الصَّلعاءِ نتبيَّـنُ أنَّ القرآنَ الكريمَ صوَّر المخافةَ على الرئاسات الدنيويةِ بأنَّها خلقُ الأرذلينَ المُكذِّبينَ المُغرَقينَ , ولا يتفانَى في طلبِ رفعَـة الدُّنيا بحقٍّ وغيرِ حقٍّ إلا من نكَـبَ عن الصِّراط المُستقيم الذي يتظاهرُ بانَّـهُ من أهلهِ (وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ) ولكلِّ متناسٍ ومُتعامٍ عن الاخِرة في سكرةِ التفاخر والتكاثر حظُّـهُ من تنكُّـب صراط الله , لأنَّ العمَل السيءَ لا يتزيَّـنُ إلا في أعين النَّاسين للمصير المحتومِ أو الجاحدينَ لهُ كلٌّ بحسبهِ كما قال الله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ).
 
عودة
أعلى