ههنا آية أشكلت علي ولم أفهم ماذا عنى الله بها
وهي قول الله عز وجل في سورة النحل (..... وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر......)
إذ لم يتبين لي كيف أن هناك سرابيل تقي من الحر مع أن الواقع لا توجد فيه مثل هذه السرابيل إنما الموجود سرابيل تخفف من شدة الحر
وعليه فما هو معنى الآية أيها السادة ؟!!!!
وجزاكم الله خيرا
___
اخي الاستاذ / محمد قاسم اليعربي
سوف يزول الاشكال - انشاء الله تعالى - عن طريق مدارسة - امرين
الامر الاول: بفهم معنى كلمة سرابيل
السرابيل ، هي القمص ، ولكن لابد من معرفة الخام الذي يصنع منه السربال ماهو ؟ ..
هل هو القماش او شي اخر !! الذي اعتقدته ان.! -مادة صنع السربال هي الجلد، فهي البسه تصنع من الجلد فقط، وهو مدخل في غاية الاهمية لفهم الاية - الفهم الصحيح باذن الله .
الدليل على ان مادة صنع السربال هي الجلد من وجهين
الاول: ليس باستطاعتنا القول ان السربال هو القماش العادي الذي نعرفه
لقوله تعالى (وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ) ونحن نعرف ان الدرع لاتصنع من القماش اما الحديد ، او الجلد او مواد اخرى كالبرونز ، الجلد يعرفه العرب في الدروع وذلك لخفته ، وفاعليته عند المناورة وقوته في تحمل الضربات ، ولكن كيف يصنع الدرع من الجلد يتم ذلك بوضعه طبقات بعضها فوق بعض .قوله تعالى ( أن اعمل سابغات
وقدر في السرد واعملوا صالحا إني بما تعملون بصير ) يقول ابن فارس في معجمه (سَرَدَ) السِّينُ وَالرَّاءُ وَالدَّالُ أَصْلٌ مُطَّرِدٌ مُنْقَاسٌ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى تَوَالِي أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ يَتَّصِلُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ. مِنْ ذَلِكَ السَّرْدُ اسْمٌ جَامِعٌ لِلدُّرُوعِ ، فتامل قول ابن فارس ( تَوَالِي أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ يَتَّصِلُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ) . فقوله عزوعلا ( (وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ) يشمل - انشاء الله - كل مايلزم لحماية المحارب كالقمصان الجلدية المدعمه التي تحتمل الضربات الخفيفه ، لفافات اليدين للحماية من انزلاق السيوف مثلا ، والدروع . كلها مصنوعات جلديه محاكه ومدعمه بنسب معينة لاجل حماية المحارب.
الثاني : قوله تعالى في سورة ابراهيم ( سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النار) (50) . القطران سائل يستخرج عن طريق التسخين والتقطير لنبات الحنظل ، يعرفه العرب كدواء لمعالجة الجلود سواء للبشر او الانعام وبخاصة الابل ، ويستخدم ايضا لمعالجة الجلود فيما يعرف بالدباغة، وذلك لتطرية الجلد والتخلص من قساوته
فالشاهد هنا : ان القطران ارتبط عند العرب بالجلود ، فبين لنا الحق سبحانه وتعالى ان ملابس اهل النار - والعياذ بالله- ليس كما عهدتم بانها من الجلد بل ان مادتها من القطران .
الثاني: بربط الاية التي سقتها بما قبلها
وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ (80) وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلَالًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَ
جَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ (81)
الاية الاولى وهو الاية (80) من سورة النحل فيها معنى الاقامة والاستقرار لقوله تعالى ( واللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا) فالبيوت هنا يدخل في صناعتها النخل والطين والخشب، والاستفاده من جلود الانعام لبناء بيوت سهلة خفيفه للرحيل والاقامة وكذلك استفادتهم من صوف الضان ووبر الابل وشعر الماعز في الاثات ومختلف المتاع.
اما الاية الثانية : جاءت مكلمة ومتتمه لبعض النعم وهي يوم الرحيل الذي اشير اليه في الاية السابقة بقوله تعالى (جَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ) فهذا هو سمة الاية الثانية الرحيل لغرض الغزو او لغيره وتعديد للنعم المشاهده مما خلق الله من الظلال والجبال ، بالاضافة لبيوتهم الخفيفه المصنوعة من الجلد.
معنى كلمة ( سرابيل ) في القواميس العربية
سربل (لسان العرب)
السِّرْبالُ: القَميص والدِّرْع، وقيل: كُلُّ ما لُبِسَ فهو سِرْبالٌ، وقد تَسَرْبَلَ به وسَرْبَلَه إِياه.
وسَرْبَلْتُه فَتَسَرْبَل أَي أَلبسته السِّرْبالَ.
السِرْبال (القاموس المحيط)
السِرْبال، بالكسر: القَميصُ، أو الدِرْعُ، أو كلُّ ما لُبِسَ، وقد تَسَرْبَلَ به، وسَرْبَلْتُه.
***
التركيز على قول ابن منظور ( كُلُّ ما لُبِسَ فهو سِرْبالٌ)
في تاويل الاية التي سقتها - اخي / محمد قاسم
قوله تعالى (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلَالًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا
وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ (81)
قبل ان نبدأ - أذكر بقول ابن منظور عند تعريفه لكلمة سربال : قال ( كُلُّ ما لُبِسَ فهو سِرْبالٌ)
قوله تعالى (وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ )
أول سؤال يتبادر ؟ كيف اتقى الحر بلباس مصنوع من الجلد ، فالمفهوم ان الجلد يزيد من الحراره؟ ، نقول له نعم .. نجوابك - انشاء الله - بسؤال ..! ماهو الشي المصنوع من الجلد الذي اذا لبسته خفف أو منع عنك الحراره ؟ ..
فيكون الجواب لسوالك - انشاء الله - اخي محمد / هو الحذاء او النعل - والله اعلم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته