آية(إنا عرضنا الأمانة..)فسرها ابن عباس رضي الله عنه وأشكل علي تفسيره!؟

إنضم
07/07/2010
المشاركات
207
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
بالمدينة المنورة
في قوله جل وعلا ( إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها ........ وحملها الإنسان...)
قال ابن عباس رضي الله عنه في تفسيرها:
( قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: الأمانة الفرائض, عرضها الله على السموات والأرض والجبال إن أدوها أثابهم وإن ضيعوها عذبهم فكرهوا ذلك, وأشفقوا عليه من غير معصية, ولكن تعظيما لدين الله أن لا يقوموا بها ثم عرضها على آدم فقبلها بما فيها وهو قوله تعالى: {وَحَمَلَهَا الْأِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً} يعني غراً بأمر الله) انتهى. من تفسير ابن كثير
الإشكال يا سادة يا كرام هو في قوله ( ثم عرضها على آدم...):
ظاهر الآية والله أعلم أن الأمانة عرضت على السموات والأرض والجبال فما هو دليل عرضها على آدم عليه السلام؟
أهو من منطوق الآية أم من نص خارج عنها؟ فإن كان من نص خارج فبها و إن كان من منطوقها فلي فيها رأي لعله يكون صوابا وهو:
أن آدم عليه الصلاة والسلام كان حاضرا حين عرض الله الأمانة على السموات والأرض والجبال فلما رأى رفضهن حمْل الأمانةِ تقدم عندها وطلب حملها قبل أن تعرض عليه ودليله حسب فهمي أن الله عطف جملة الحمل بالواو ولو عرضت على آدم لقال فحملها الإنسان بالفاء التي تسمى (الفاء الفصيحة) إذ يكون المعنى فعرضناها على الإنسان فحملها الإنسان.
،،،،،، ذاك ما تبين لي ،،،،،، فما تقولون حفظكم الله وأسعدكم؟
 
أخى الكريم قال العلامة الطاهر ابن عاشور رحمه الله محلا لكل ما أشكل في فهم الآية وذلك عن طريق المجاز والاستعارة....فقوله: { عرضنا } هنا استعارة تمثيلية لوضع شيء في شيء لأنه أهل له دون بقية الأشياء، وعدم وضعه في بقية الأشياء لعدم تأهلها لذلك الشيء، فشبهت حالة صرف تحميل الأمانة عن السموات والأرض والجبال ووضعها في الإِنسان بحالة من يعرض شيئاً على أناس فيرفضه بعضهم ويقبله واحد منهم على طريقة التمثيلية، أو تمثيل لتعلق علم الله تعالى بعدم صلاحية السماوات والأرض والجبال لإِناطة ما عبر عنه بالأمانة بها وصلاحيةِ الإِنسان لذلك، فشبهت حالة تعلق علم الله بمخالفة قابلية السماوات والأرض والجبال بحمل الأمانة لقابلية الإِنسان ذلك بعرض شيء على أشياء لاستظهار مقدار صلاحية أحد تلك الأشياء للتلبس بالشيء المعروض عليها.
وفائدة هذا التمثيل تعظيم أمر هذه الأمانة إذ بلغت أن لا يطيق تحملها ما هو أعظم ما يبصره الناس من أجناس الموجودات. فتخصيص { السماوات والأرض } بالذكر من بين الموجودات لأنهما أعظم المعروف للناس من الموجودات، وعطف { الجبال } على { الأرض } وهي منها لأن الجبال أعظم الأجزاء المعروفة من ظاهر الأرض وهي التي تشاهد الأبصارُ عظمتها إذ الأبصار لا ترى الكرة الأرضية كما قال تعالى:
{ لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله }
[الحشر: 21].
وقرينة الاستعارة حالية وهي عدم صحة تعلق العرض والإِباء بالسماوات والأرض والجبال لانتفاء إدراكها فأنّى لها أن تختار وترفض، وكذلك الإنسان باعتبار كون المراد منه جنسه وماهيته لأن الماهية لا تفاوض ولا تختار كما يقال: الطبيعة عمياء، أي لا اختيار لها، أي للجبلة وإنما تصدر عنها آثارها قسراً.

ولذلك فأفعال { عَرضنا، أبَيْن، يحملنها، وأشفقن منها، وحملها } أجزاء للمركب التمثيلي. وهذه الأجزاء صالحة لأن يكون كل منها استعارة مفردة بأن يشبه إيداع الأمانة في الإنسان وصرفها عن غيره بالعرض، ويشبه عدم مُصَحح مَواهي السماوات والأرض والجبال لإِيداع الأمانة فيها بالإِباء، ويشبه الإِيداع بالتحميل والحمل، ويشبه عدم التلاؤم بين مواهي السماوات والأرض والجبال بالعجز عن قبول تلك الكائنات إياها وهو المعبر عنه بالإِشفاق، ويشبه التلاؤم ومُصحِّح القبول لإِيداع وصف الأمانة في الإِنسان بالحمل للثقْل.

ومثل هذه الاستعارات كثير في الكلام البليغ. وصلوحية المركب التمثيلي للانحلال بأجزائه إلى استعارات معدود من كمال بلاغة ذلك التمثيل.............. و من أراد المزيد فلينظر في التفسير المبارك
... وما ورد عن سيدنا ابن عباس فهو من باب الشرح والتمثيل فقوله آدم ليشرح الإنسان فجنس الإنسان أصله آدم ومن ثم ما يقع من جنس ولده فهو من باب الإنسانية كلكم لآدم و آدم من تراب.
 
في قوله جل وعلا ( إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها ........ وحملها الإنسان...)
قال ابن عباس رضي الله عنه في تفسيرها:
( قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: الأمانة الفرائض, عرضها الله على السموات والأرض والجبال إن أدوها أثابهم وإن ضيعوها عذبهم فكرهوا ذلك, وأشفقوا عليه من غير معصية, ولكن تعظيما لدين الله أن لا يقوموا بها ثم عرضها على آدم فقبلها بما فيها وهو قوله تعالى: {وَحَمَلَهَا الْأِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً} يعني غراً بأمر الله) انتهى. من تفسير ابن كثير
الإشكال يا سادة يا كرام هو في قوله ( ثم عرضها على آدم...):
ظاهر الآية والله أعلم أن الأمانة عرضت على السموات والأرض والجبال فما هو دليل عرضها على آدم عليه السلام؟
أهو من منطوق الآية أم من نص خارج عنها؟ فإن كان من نص خارج فبها و إن كان من منطوقها فلي فيها رأي لعله يكون صوابا وهو:
أن آدم عليه الصلاة والسلام كان حاضرا حين عرض الله الأمانة على السموات والأرض والجبال فلما رأى رفضهن حمْل الأمانةِ تقدم عندها وطلب حملها قبل أن تعرض عليه ودليله حسب فهمي أن الله عطف جملة الحمل بالواو ولو عرضت على آدم لقال فحملها الإنسان بالفاء التي تسمى (الفاء الفصيحة) إذ يكون المعنى فعرضناها على الإنسان فحملها الإنسان.
،،،،،، ذاك ما تبين لي ،،،،،، فما تقولون حفظكم الله وأسعدكم؟
بارك الله فيك
ذكر بعض أهل العلم كما أذكر أن قوله تعالى ( إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال ) يشملهن ومن فيهن ومن ذلك الإنسان .
أما ما يخص حرف " الواو " إني أتساءل بسببه ما حجم الإنسان وقوته أمام السموات والأرض والجبال ، قال تعالى :
{ أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا (27) رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا (28) وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا (29) وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا (30) أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا (31) وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا (32) }
وهناك أمر آخر ، هل يستطيع الإنسان أن يتقدم من دون أن يعرض عليه الأمر ؟
أليس في هذا نوع من المخالفة والعصيان ، ألا يشبه ما حدث من الشيطان عندما أمره الله تعالى بالسجود لآدم في بعض جوانبه ؟
الله أعلم وأحكم.
 
أما ما يخص حرف " الواو " إني أتساءل بسببه ما حجم الإنسان وقوته أمام السموات والأرض والجبال
بارك الله فيك يا أم عبد الله
ما يتعلق بحرف العطف الواو فسؤالي من ناحية الصناعة النحوية تحديداً
بمعنى لو أن الأمانة عُرضت على آدم كما ذكر ابن عباس رضي الله عنه لكان العطف بالفاء دون الواو
هل هذا الفهم صواب أو لا؟
وشكر الله لكم.
 
تعليق على عجل

تعليق على عجل


قد يكون في قول ابن عباس ( غرا بأمر الله)، إشارة يفهم منها إقدام وجراءة آدم عليه السلام، وتطلع منه لقبول الأمانة، لعدم إدراكه لتبعاتها الثقيلة، وهذا بتقدير الله عز وجل ولما سبق في علمه، وإذا أراد الله أمراً هيأ أسبابه.
ثم إن الأمر على ظاهر، فلكل مخلوق إدراك بحسبه، فالجمادات لها تسبيح وإرادة وتأله لله عزوجل،
قال تعالى: ( ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض إتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين)​
 
أخى الكريم قال العلامة الطاهر ابن عاشور رحمه الله محلا لكل ما أشكل في فهم الآية وذلك عن طريق المجاز والاستعارة....فقوله: { عرضنا } هنا استعارة تمثيلية
قال الشنقيطي -رحمه الله- في "أضواء البيان" :
" ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه عرض الأمانة ، وهي التكاليف مع ما يتبعها من ثواب وعقاب على السماوات والأرض والجبال ، وأنهن أبين أن يحملنها وأشفقن منها ، أي : خفن من عواقب حملها أن ينشأ لهن من ذلك عذاب الله وسخطه ، وهذا العرض والإباء والإشفاق كله حق ، وقد خلق الله للسماوات والأرض والجبال إدراكا يعلمه هو جل وعلا ، ونحن لا نعلمه ، وبذلك الإدراك أدركت عرض الأمانة عليها ، وأبت وأشفقت ، أي : خافت " انتهى .
 
هذا ولعلمائنا جهد معلوم في بيان أسرار التنزيل والإجابة على بعض الأئلة التي تتوارد على الناس مثل كيف ترفض هذه الكائنات و أنى لها بذلك ثم بعد استجابة الإنسان لأمر اللله وحمل الأمانة يأتي الذم كيف هذا فبحثوا ونقبوا وأعملوا جهدهم أجابوا على مثل تلك الأسئلة وكان ممن قام بذلك العلامة الألوسي رحمه الله فقد قال :
{ إِنَّا عَرَضْنَا الامانة عَلَى * السموات والارض *والجبال فَأبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا } لما بين جل شأنه عظم شأن طاعة الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ببيان مآل الخارجين عنها من العذاب الأليم ومنال المراعين لها من الفوز العظيم عقب ذلك عظم شأن ما يوجبها من التكاليف الشرعية وصعوبة أمرها بطريق التمثيل مع الإيذان بأن ما صدر عنهم من الطاعة وتركها صدر عنهم بعد القبول والالتزام من غير جبر هناك ولا إبرام ، وعبر عنها بالأمانة وهي في الأصل مصدر كالأمن والأمان تنبيهاً على أنها حقوق مرعية أودعها الله تعالى المكلفين وائتمنهم عليها وأوجب عليهم تلقيها بحسن الطاعة والانقياد وأمرهم بمراعاتها والمحافظة عليها وأدائها من غير إخلال بشيء من حقوقها ، وعبر عن اعتبارها بالنسبة إلى الاستعداد ما ذكر من السماوات وغيرها من حيث الخصوصيات بالعرض عليهن لإظهار مزيد الإعتناء بأمرها والرغبة في قبولهن لها ، وعن عدم استعدادهن لقبولها ومنافاتها لما هن عليه بالإباء والإشفاق منها لتهويل أمرها وتربية فخامتها وعن قبولها بالحمل لتحقيق معنى الصعوبة المعتبرة فيها بجعلها من قبيل الأجسام الثقيلة ، والمعنى أن تلك الأمانة في عظم الشأن بحيث لو كلفت هاتيك الأجرام العظام التي هي مثل في القوة والشدة مراعاتها وكانت ذات شعور وإدراك لأبين قبولها وخفن منها لكن صرف الكلام عن سننه بتصوير المفروض بصورة المحقق لزيادة تحقيق المعنى المقصود وتوضيحه .​
{ وَحَمَلَهَا الإنسان } أي هذا الجنس نحو { إِنَّ الإنسان لِرَبّهِ لَكَنُودٌ } [ العاديات : 6 ] و { إِنَّ الإنسان ليطغى } [ العلق : 6 ] وحمله إياها إما باعتبارها بالإضافة إلى استعداده أو بتكليفه إياها يوم الميثاق أي تكلفها والتزامها مع ما فيه من ضعف البنية ورخاوة القوة ، وهو إما عبارة عن قبولها بموجب استعداده الفطري أو عن القبول القولي يوم الميثاق ، وتخصيص الإنسان بالذكر مع أن الجن مكلفون أيضاً وكذا الملائكة عليهم السلام وإن لم يكن في ذلك كلفة عليهم لما أنه ليس فيه ما يخالف طباعهم لأن الكلام معه

أما العلامة الشوكاني فقد أطال البيان ورد على قول للسدى وغيره ثم قال:
قال جماعة من العلماء : ومن المعلوم أن الجماد لا يفهم ولا يجيب ، فلا بدّ من تقدير الحياة فيها ، وهذا العرض في الآية هو عرض تخيير لا عرض إلزام . وقال القفال وغيره : العرض في هذه الآية ضرب مثل ، أي إن السماوات والأرض والجبال على كبر أجرامها لو كانت بحيث يجوز تكليفها لثقل عليها تقلد الشرائع لما فيها من الثواب والعقاب ، أي أن التكليف أمر عظيم ، حقه أن تعجز عنه السماوات والأرض والجبال ، وقد كلفه الإنسان وهو ظلوم جهول لو عقل ، وهذا كقوله : { لَوْ أَنزَلْنَا هذا القرءان على جَبَلٍ } [ الحشر : 21 ] وقيل : إن { عرضنا } بمعنى عارضنا ، أي عارضنا الأمانة بالسماوات والأرض والجبال ، فضعفت هذه الأشياء عن الأمانة ورجحت الأمانة بثقلها عليها . وقيل : إن عرض الأمانة على السموات والأرض والجبال إنما كان من آدم عليه السلام ، وأن الله أمره أن يعرض ذلك عليها ، وهذا أيضاً تحريف لا تفسير . ومعنى { وَحَمَلَهَا الإنسان } أي التزم بحقها ، وهو في ذلك ظلوم لنفسه جهول لما يلزمه ، أو جهول لقدر ما دخل فيه كما قال سعيد بن جبير ، أو جهول بربه كما قال الحسن . وقال الزجاج : معنى { حملها } : خان فيها ، وجعل الآية في الكفار والفساق والعصاة ، وقيل : معنى { حملها } : كلفها وألزمها ، أو صار مستعدًّا لها بالفطرة ، أو حملها عند عرضها عليه في عالم الذرّ عند خروج ذرية آدم من ظهره ، وأخذ الميثاق عليهم .
وهذا يكفي لبيان أن القرآن الكريم كتاب عزيز لأن منزله هو العزيز الحميد جل جلاله وعظم سلطانه و أعز جنده
 
الأخ الفاضل عبدالحميد البطاوي
هل وافق ما في (التحرير والتنوير) و(روح المعاني) ما ورد عن السلف في معنى عرض الأمانة هل هو عرض حقيقي أم لا؟
وإذا جاز القول بأن عرض الأمانة الوارد هنا صورة تمثيلية فلماذا لا يجوز القول بأن أكل آدم من الشجرة ووإهباطه من الجنة أيضا من الصور التمثيلية كما ورد في بعض التفاسير؟
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إن السلامة تكمن في الابتعاد عن المجاز بجميع صوره في الغيببيات، وفي مقدمتها أسماء الله وصفاته، فهذا الكلام الذي يدور في آية الآمانة ينبغي حمله على ظاهره؛ لأن العقل الباحث عن المجاز في الآية يبنى رؤيته على القياس، ولا قياس في الغيبيات؛ وإنما هو التسليم والإذعان، وشكرا، لمن ألمح إلى الموضوع، والسلام.
 
الأخ الكريم صلاح الدين
إن علماءنا رضى الله عنهم لم يتسرعوا بالقول بالمجاز إنما أشكل على البعض بعض الأمور فرأوا في المجاز مندوحة فوجدوا ضالتهم وأزالوا إشكالاتهم أما ما مثلت به فلا داعي للقول بالمجاز و لا نقر به فقد قال القاسمي - رحمه الله
(في بعض فتاويه -شيخ الإسلام ابن تيمية -):نحن نقول بالمجاز الذي قام دليله وبالتأويل الجاري على نهج السبيل ولم يوجد في شئ من كلامنا وكلام أحد منا أنا لا نقول بالمجاز والتأويل، والله عند لسان كل قائل ولكن ننكر من ذلك ما خالف الحق والصواب، وما فتح به الباب إلى هدم السنة والكتاب. واللحاق بُمحرّفة أهل الكتاب ،والمنصوص عن الإمام أحمد وجمهور أصحابه أن القرآن مشتمل على المجاز ولم يعرف عن غيره من الأئمة نص في هذه المسألة. وقد ذهب طائفة من العلماء من أصحابه وغيرهم كأبي بكر بن أبي داود وأبي الحسن الخرزى وأبى الفضل التيمى وابن حامد فيما أظن وغيرهم إلى إنكار أن يكون في القرآن مجاز وإنما دعاهم إلى ذلك ما رأوه من تحريف المحرفين للقرآن بدعوى المجاز فقابلوا الضلال والفساد بحسم المواد وخيار الأمور التوسط والاقتصاد [1]

[1] المحاسن 17/6156
 
ألفاظ الآية على ظاهرها ، وليس فيها أي نوع من المجاز كما أشار إلى ذلك الأخ .
وأما كون آدم كان موجودا حين عرض الأمانة على السماوات والأرض والجبال ؛ فغير متجه ؛ ولا مانع من عرضها عليهم ، ثم عرضها على آدم بعد خلقه ..
وهذا ينبني على وقت عرضها عليهم هل هو عند خلقهم ؛ فإن كان كذلك فآدم قطعا لم يوجد بعد ، وإن كان بعد خلقهم فلا شك أنه قبلها بعد إبائهم عنها كما هو ظاهر الآية .
والله تعالى أعلم .
 
الأخ الكريم عبدالحميد البطاوي
وإن كنت ممن لا ينكر وقوع المجاز، غير أن ما أوردته من نقل العلامة القاسمي عن الإمام ابن تيمية معارض لما كرره ابن تيمية -رحمه الله- في كتبه كثيرا من استنكار القول بوقوع المجاز، فكيف يقول:(ولم يوجد في شئ من كلامنا وكلام أحد منا أنا لا نقول بالمجاز والتأويل)، إلا إذا كان هذا القول قولا قديما له، ثم إن هذا المنقول غير موجود في جميع ما هو بين أيدينا اليوم من كتب ابن تيمية، ولعله منحول على ابن تيمية ثم راج على القاسمي فنقله، فالسجع الذي فيه متكلف على غير عادة ابن تيمية-رحمه الله- في ترك تكلف السجع، وما سوى ذلك فالأسلوب مشابه
ثم كيف يقول ابن تيمية -رحمه الله- : (والمنصوص عن الإمام أحمد وجمهور أصحابه أن القرآن مشتمل على المجاز ولم يعرف عن غيره من الأئمة نص في هذه المسألة) وهو يروي في كتبه ما يعارض ذلك، ثم إن ابن تيمية حنبلي هو وأجداده فهو يعرف أقوال إمامه جيدا.
أخيرا أخي أعيد قولي لك:(هل وافق ما في (التحرير والتنوير) و(روح المعاني) ما ورد عن السلف في معنى عرض الأمانة هل هو عرض حقيقي أم لا؟)
 
ثم إن ابن تيمية حنبلي هو وأجداده فهو يعرف أقوال إمامه جيدا.

أنبه فقط إلى أن أمثال شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم والشنقيطي وغيرهم من أئمة الإسلام يخطئ من يجعلهم في خانة المذهبيين ؛ وإدراج كتبهم ضمن خانة مذهب معين مجانب للصواب ..
والقارئ لكتبهم يجدهم يدورون مع الدليل حيث دار ؛ فتارة يرجحون المذهب الذي تربوا في بئته وأحيانا يضعفونه ..
نعم قد يؤثر عليهم الجو العام الذي يقطنون فيه كأي بشر ؛ ولكنهم لا يتمذهبون بمذهب زيد أو عمرو.
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.
 
الأخ الفاضل صلاح الدين رزقني الله و إياك الصلاح والفلاح
لا يشترط لقبول التفسير أن يكون من أقوال السلف فقط و إلا لما قام من بعدهم بالتفسير ولكن يشترط ألا نخطئ السلف أما إذا زاد المفسر قولا على أقوال السلف وكان لهذا القول قوة في حل بعض الأئلة التي ذكرت في المشاركة الأولى وغيرها مما نتعرض له عند حديثنا مع الناس فنذهب لمن أجاب وحل الاشكال ولنا أسوة حسنة بابن كثير حيث قال كلاما يخالف رأي السلف في مسألة متشابهة و أجاب على بعض الأسئلة وبين أن المقام يتسع لما يجيب به ففي تفسيره لقوله تعالى "​

وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (172) أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آَبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ (173).........
فهذه الأحاديث دالة على أن الله، عز وجل، استخرج ذرية آدم من صلبه، وميز بين أهل الجنة وأهل النار، وأما الإشهاد عليهم هناك بأنه ربهم، فما هو إلا في حديث كلثوم بن جبر (1) عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس [رضي الله عنهما] (2) وفي حديث عبد الله بن عمرو [رضي الله عنهما] (3) وقد بينا أنهما موقوفان لا مرفوعان، كما تقدم. ومن ثم قال قائلون من السلف والخلف: إن المراد بهذا الإشهاد إنما هو فَطْرهم على التوحيد، كما تقدم في حديث أبي هريرة وعياض بن حمَار المُجَاشعي، ومن رواية الحسن البصري عن الأسود بن سَرِيع. وقد فسر الحسن البصري الآية بذلك، قالوا: ولهذا قال: { وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ } ولم يقل: "من آدم" ، { مِنْ ظُهُورِهِمْ } ولم يقل: "من ظهره" { ذُرِّيَّاتِهِمْ } أي: جعل نسلهم جيلا بعد جيل، وقرنًا بعد قرن، كما قال تعالى: { وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الأرْضِ } [الأنعام:165] وقال: { وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأرْضِ } [النمل:62] وقال: { كَمَا أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ } [الأنعام:133]
ثم قال: { وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى } أي: أوجدهم شاهدين بذلك، قائلين له حالا وقالا. والشهادة تارة تكون بالقول، كما قال [تعالى] (4) { قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا } [الأنعام:130] الآية، وتارة تكون حالا كما قال تعالى: { مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ } [التوبة:17] أي: حالهم شاهد عليهم بذلك لا أنهم قائلون ذلك، وكذلك (5) قوله تعالى: { وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ } [العاديات:7] كما أن السؤال تارة يكون بالقال، وتارة يكون بالحال، كما في قوله: { وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ } [إبراهيم:34] قالوا: ومما يدل على أن المراد بهذا هذا، أن جعل هذا الإشهاد حجة عليهم في الإشراك، فلو كان قد وقع هذا كما قاله من قال (6) لكان كل أحد يذكره، ليكون حجة عليه. فإن قيل: إخبار الرسول به كاف في وجوده، فالجواب: أن المكذبين من المشركين يكذبون بجميع ما جاءتهم به الرسل من هذا وغيره. وهذا جعل حجة مستقلة عليهم، فدل على أنه الفطرة التي فُطِروا عليها من الإقرار بالتوحيد؛ ولهذا قال: { أَنْ يَقُولُوا } (7) أي: لئلا يقولوا يوم القيامة: { إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا } أي: [عن] (8) التوحيد { غَافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا } (9) الآية.
وهناك أقوال لشيخ الاسلام ابن تيمية قال فيها بالمجاز قد يقبلها البعض وأما ابن القيم فأمثلته كثيرة بل وعجيبة رحمهما الله تعالى رحمة واسعة​
 
ثم عرضها على آدم بعد خلقه ..
بارك الله فيك أخي الفاضل
سؤالي عن دليل عرضها على آدم بعد خلقه،
فظاهر النص تحدث عن حمل الأمانة لا عرضها والعطف بالواو دليل على أنها لم تعرض أصلاً.
والله أعلم.
 
بارك الله فيك أخي الفاضل
سؤالي عن دليل عرضها على آدم بعد خلقه،
فظاهر النص تحدث عن حمل الأمانة لا عرضها والعطف بالواو دليل على أنها لم تعرض أصلاً.
والله أعلم.
بل الظاهر أنها عرضت عليه ، وذكر عرضها عليه غير محتاج إليه بالنسبة للعربي لظهوره .
قال ابن جرير الطبري رحمه الله تعالى : ( حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا هشيم عن أَبي بشر عن سعيد بن جبير في قوله (إِنَّا عَرَضْنَا الأمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا) قال: الأمانة: الفرائض التي افترضها الله على العباد.
قال: ثنا هشيم عن العوام عن الضحاك بن مزاحم عن ابن عباس في قوله (إِنَّا عَرَضْنَا الأمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا) قال: الأمانة الفرائض التي افترضها الله على عباده.
قال: ثنا هشيم قال أخبرنا العوام بن حوشب وجويبر كلاهما عن الضحاك عن ابن عباس في قوله (إِنَّا عَرَضْنَا الأمَانَةَ ... ) إلى قوله: (جَهُولا) قال: الأمانة الفرائض. قال جويبر في حديثه: فلما عرضت على آدم قال: أي رب وما الأمانة؟ قال: قيل: إن أديتها جزيت، وإن ضيعتها عوقبت، قال: أي رب حملتها بما فيها، قال: فما مكث في الجنة إلا قدر ما بين العصر إلى غروب الشمس حتى عمل بالمعصية، فأخرج منها.
حدثنا ابن بشار قال ثنا محمد بن جعفر قال ثنا شعبة عن أَبي بشر عن سعيد عن ابن عباس أنه قال في هذه الآية (إِنَّا عَرَضْنَا الأمَانَةَ) قال: عرضت على آدم، فقال: خذها بما فيها فإن أطعت غفرت لك وإن عصيت عذبتك، قال: قد قبلت، فما كان إلا قدر ما بين العصر إلى الليل من ذلك اليوم حتى أصاب الخطيئة.
حدثني علي قال: ثنا أَبو صالح قال: ثني معاوية عن علي عن ابن عباس قوله: (إِنَّا عَرَضْنَا الأمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَالْجِبَالِ) إن أدوها أثابهم وإن ضيعوها عذبهم، فكرهوا ذلك، وأشفقوا من غير معصية، ولكن تعظيما لدين الله أن لا يقوموا بها، ثم عرضها على آدم فقبلها بما فيها، وهو قوله: (وَحَمَلَهَا الإنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا) غرًّا بأمر الله.
حدثني محمد بن سعد قال: ثني أَبى قال: ثني عمي قال: ثني أَبي عن أبيه عن ابن عباس قوله (إِنَّا عَرَضْنَا الأمَانَةَ) : الطاعة عرضها عليها قبل أن يعرضها على آدم، فلم تطقها، فقال لآدم: يا آدم إني قد عرضت الأمانة على السموات والأرض والجبال، فلم تطقها، فهل أنت آخذها بما فيها؟ فقال: يا رب: وما فيها؟ قال: إن أحسنت جزيت وإن أسأت عوقبت، فأخذها آدم فتحملها فذلك قوله (وَحَمَلَهَا الإنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا) .
حدثنا ابن بشار قال: ثنا أَبو أحمد الزبيري قال: ثنا سفيان عن رجل عن الضحاك بن مزاحم في قوله (إِنَّا عَرَضْنَا الأمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا) قال: آدم قيل له خذها بحقها قال وما حقها؟ قيل: إن أحسنت جزيت وإن أسأت عوقبت، فما لبث ما بين الظهر والعصر حتى أخرج منها.)
والله تعالى أعلم .
 
أنبه فقط إلى أن أمثال شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم والشنقيطي وغيرهم من أئمة الإسلام يخطئ من يجعلهم في خانة المذهبيين ؛ وإدراج كتبهم ضمن خانة مذهب معين مجانب للصواب ..
والقارئ لكتبهم يجدهم يدورون مع الدليل حيث دار ؛ فتارة يرجحون المذهب الذي تربوا في بئته وأحيانا يضعفونه ..
نعم قد يؤثر عليهم الجو العام الذي يقطنون فيه كأي بشر ؛ ولكنهم لا يتمذهبون بمذهب زيد أو عمرو.
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.
أخي الحسني بارك الله فيك
مكانة شيخ الإسلام في الإجتهاد واتباع الدليل معلومة، ولكن هذا لا يعارض انتماءه لمذهب الإمام أحمد في الأصول والقواعد كحال غيره من الإئمة.
يقول الإمام ابن تيمية في (الإقتضاء): (وصرح أصحابنا وغيرهم، من أصحاب مالك والشافعي وغيرهما، بتحريمه ومن العلماء من أطلق فيه لفظ الكراهة...)
وقد كرر لفظ (أصحابنا) في (الإقتضاء) وحده نحو 28 مرة، وهذا عندي لا يعيبه بل مما يزيده رفعة بلا شك.
فهو-رحمه الله- أدرى بمذهب نفسه.
 
ما دليل ذلك الظهور من منطوق الآية؟

دليله في الأحاديث التي نقل أئمة العلم وقد نقلت لك بعضا منها ، والسنة تفسر القرآن .
وأكتفي بذلك خوفا من الجدل ؛ وإلا فإن في ظاهر منطوق الآية دليلا بينا على ذلك .
 
أخي الحسني بارك الله فيك
مكانة شيخ الإسلام في الإجتهاد واتباع الدليل معلومة، ولكن هذا لا يعارض انتماءه لمذهب الإمام أحمد في الأصول والقواعد كحال غيره من الإئمة.
يقول الإمام ابن تيمية في (الإقتضاء): (وصرح أصحابنا وغيرهم، من أصحاب مالك والشافعي وغيرهما، بتحريمه ومن العلماء من أطلق فيه لفظ الكراهة...)
وقد كرر لفظ (أصحابنا) في (الإقتضاء) وحده نحو 28 مرة، وهذا عندي لا يعيبه بل مما يزيده رفعة بلا شك.
فهو-رحمه الله- أدرى بمذهب نفسه.

لا أريد أن نخرج عن صلب الموضوع .
ولكن للتنبيه فإن قول شيخ الإسلام قال أصحابنا لا تدل على تمذهبه بمذهب الإمام أحمد ؛ وإلا فقد يقول معترض عليك إنه ألف كتابا في مدح أصول مذهب الإمام مالك وأهل المدينة ، وأنه مالكي بناء على ذلك .
المهم أن شيخ الإسلام ليس حنبليا بالمعنى المذهبي وكذلك ابن عبد البر وابن حزم وغيرهم .
وقول بعض هؤلاء قال علماؤنا أو قال أصحابنا ليس تمذهبا فقهيا .
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.
 
الأخ الفاضل ابراهيم الحسني
السياق الذي ذكرت فيه أن شيخ الإسلام ينتسب للمذهب الحنبلي هو في سياق مدحي له بقوة المعرفة والعلم بمذهب الإمام أحمد وليس في سياق الدعوى عليه بأنه مقلد أو غير مجتهد.
وبصراحه ..لقد استغربت منك أخي اقتباس كلامي والتعليق عليه بحيث دفعتني للإبتعاد عن الموضوع الرئيسي
وقد استفدنا من ابن تيمية رحمه الله أن ((العلم بحث محقق ونقل مصدق وما سوى ذلك فهذيان مزوق )) على ضوء هذا المقولة لابن تيمية رحمه الله فيجب علينا جميعا أن نراجع ما نتباحثه في هذا الملتقى حتى لا نظل ندور في حلقة مفرغة.
وباختصار فلا أرى أكثر مما قاله الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله الراجحي في (فوائد في أصول الفقه): (شيخ الإسلام ابن تيمية مجتهد مطلق، وإنما ينتسب إلى أحمد وأصحابه، فيقول عن أصحابنا مثلا لموافقته لأحمد في الأصول والقواعد)
وجاء في فتوى لدار الإفتاء المصرية: (...وأما اتباع المذاهب في إطار الدراسة والتفقه فهذا مما لا فكاك منه ولا بديل عنه؛ لأن هذه المذاهب الفقهية الأربعة المتبعة قد خُدِمت خدمة لم تتوفر لغيرها فاعتني بنقلها وتحريرها ومعرفة الراجح فيها واستدل لها وترجم لأئمتها بما جعل كل واحدة منها مدرسة مستقلة لها أصول معلومة وفروع محررة يتحتم على من أراد التفقه في الدين أن يسلك أحدها متعلمًا ودارسًا ومتدربًا، فتكون بدايته هو من حيث انتهوا هم....)
فما الضير في الإنتساب لمذهب في إطار الدراسة والتفقه لا التعصب، وهذا هو ما عنيته في سياق ما ورد في وصفي سابقا لشيخ الإسلام بالإنتساب للمذهب الحنبلي، حيث أن من انتسب لمذهب الإمام أحمد في إطار الدراسة والتفقه يكون خبيرا بأقاويل الإمام أحمد-رحمه الله-.
أخيرا: هل كان ابن ابي يعلى حنبليا؟ وهل كان البيهقي شافعيا؟
 
الأخ الفاضل ابراهيم الحسني
السياق الذي ذكرت فيه أن شيخ الإسلام ينتسب للمذهب الحنبلي هو في سياق مدحي له بقوة المعرفة والعلم بمذهب الإمام أحمد وليس في سياق الدعوى عليه بأنه مقلد أو غير مجتهد.
وبصراحه ..لقد استغربت منك أخي اقتباس كلامي والتعليق عليه بحيث دفعتني للإبتعاد عن الموضوع الرئيسي
وقد استفدنا من ابن تيمية رحمه الله أن ((العلم بحث محقق ونقل مصدق وما سوى ذلك فهذيان مزوق )) على ضوء هذا المقولة لابن تيمية رحمه الله فيجب علينا جميعا أن نراجع ما نتباحثه في هذا الملتقى حتى لا نظل ندور في حلقة مفرغة.
وباختصار فلا أرى أكثر مما قاله الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله الراجحي في (فوائد في أصول الفقه): (شيخ الإسلام ابن تيمية مجتهد مطلق، وإنما ينتسب إلى أحمد وأصحابه، فيقول عن أصحابنا مثلا لموافقته لأحمد في الأصول والقواعد)
أخيرا: هل كان ابن ابي يعلى حنبليا؟ وهل كان البيهقي شافعيا؟
أخي الكريم : لا أشك في قصدك ، ومرادك في التعليق ، وأنه خير وحسن إن شاء الله تعالى .
ولكن أحببت فقط أن أنبه إلى هذه النقطة لأن كثيرا من الناس - وخاصة بعد ظهور المكتبات الألكترونية - يرى كتب شيخ الإسلام مع كتب الحنابلة فيظن أنه حنبلي متمذهب ..
والهدف هو الفائدة وقد استفدت من مشاركاتك في هذا الملتقى .
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.
 
الدليل والله أعلم من الآية نفسها في قول الحق تبارك وتعالى: ( وحملها الإنسان ) ومن إطلاقات هذه اللفظة في القرآن أن المراد بها آدم - عليه السلام - قال ابن جريج - رحمه الله -
فلما خلق الله آدم عرض عليه فحمله ( إنه كان ظلوما ) ظلمه نفسه في خطيئته ( جهولا ) بعاقبة ما تحمل. اهـ
وأُحيلك على الدر المنثور فقد ذكر العرض عليه عن جماعة.
 
سؤالي بورك فيكم هو في العطف بحرف الواو دون الفاء
لأن المسألة هي في قوله( وحملها الإنسان )
لو كان هناك عرض لقال: فحملها الإنسان
ويكون التقدير فعرضناها على الإنسان فحملها الإنسان
فلا يصح أن تكون الجملة: وعرضناها على الإنسان وحملها الإنسان
والله أعلم.
 
المشكلة في هذا التركيب هو أن العطف بالواو يعني أن عرض الأمانة وحملها وقعا دفعة واحدة في آن واحد وهذا غير متصور
بل المتصور إن كان هناك عرض هو حدوث الحمل عقيب حدوث العرض وحق هذا أن يعطف بالفاء دون الواو ،
حيث أن الفاء هي التي تفيد الترتيب والتعقيب بخلاف الواو،
فمجيء الآية بالواو دليل على أن حمل الأمانة لم يسبقه عرض لها.
والله أعلم.
 
المشكلة في هذا التركيب هو أن العطف بالواو يعني أن عرض الأمانة وحملها وقعا دفعة واحدة في آن واحد وهذا غير متصور
بل المتصور إن كان هناك عرض هو حدوث الحمل عقيب حدوث العرض وحق هذا أن يعطف بالفاء دون الواو ،
حيث أن الفاء هي التي تفيد الترتيب والتعقيب بخلاف الواو،
فمجيء الآية بالواو دليل على أن حمل الأمانة لم يسبقه عرض لها.
والله أعلم.
أخي الفاضل : هذا كلام عجيب ، ويلاحظ عليه ما يلي :
1 - الواو في اللغة لا تفيد ترتيبا ولا عدمه في مذهب أكثر النحويين ومعنى هذا أنها كما لا تفيد الترتيب فإنها لا تفيد عدمه .
وذهب جمع من النحاة الكوفيين إلى أنها تفيد الترتيب ، ولكن يكفينا ما ذهب إليه جمهور النحاة.
2 - حتى على فرض أنها تفيد عكس الترتيب - وهو ما لم يقل به أحد من النحاة ألبتة - فليس في الآية دليل على ما ذهبت إليه من عدم العرض قبل تحمل الأمانة .
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.
 
في قوله جل وعلا ( إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها ........ وحملها الإنسان...)
قال ابن عباس رضي الله عنه في تفسيرها:
( قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: ثم عرضها على آدم فقبلها بما فيها وهو قوله تعالى: {وَحَمَلَهَا الْأِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً} يعني غراً بأمر الله) انتهى. من تفسير ابن كثير
الإشكال يا سادة يا كرام هو في قوله ( ثم عرضها على آدم...)
يا سادة يا كرام إشكال آخر ألا وهو:
إذا كان المراد بالإنسان في قوله(وحملها الإنسان) هو آدم عليه السلام وهذا ما عليه جماهير علماء التفسير
حسنا، فلو قال قائل أليس الله جل وعلا يقول(ولا تزر وازرة وزر أخرى)
فإذا كان آدم عليه السلام هو من عُرضت عليه الأمانة -على القول بذلك- وتحملها هو فما ذنبي أنا في تحملها ولمّا تعرض عليّ
ألا يجوز لو عُرضت الأمانة علي أن لا أتحملها؟
ما الجواب؟؟؟؟؟
بارك الله في علمكم وعملكم
والسلام عليكم.
 
التعديل الأخير:
قال الإمام البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه : حدثنا الحسن بن صباح، حدثنا شبابة، حدثنا ورقاء، عن عبد الله بن عبد الرحمن، سمعت أنس بن مالك، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لن يبرح الناس يتساءلون حتى يقولوا: هذا الله خالق كل شيء، فمن خلق الله "
وقال الإمام مسلم رحمه الله تعالى : حدثنا هارون بن معروف، ومحمد بن عباد، واللفظ لهارون، قالا: حدثنا سفيان، عن هشام، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال: هذا خلق الله الخلق، فمن خلق الله؟ فمن وجد من ذلك شيئا، فليقل: آمنت بالله "
وقال أيضا : حدثني عبد الوارث بن عبد الصمد، قال: حدثني أبي، عن جدي، عن أيوب، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا يزال الناس يسألونكم عن العلم حتى يقولوا: هذا الله خلقنا، فمن خلق الله؟ " قال: وهو آخذ بيد رجل، فقال: صدق الله ورسوله، قد سألني اثنان وهذا الثالث، أو قال: سألني واحد وهذا الثاني.
وقال أيضا : حدثني عبد الله بن الرومي، حدثنا النضر بن محمد، حدثنا عكرمة وهو ابن عمار، حدثنا يحيى، حدثنا أبو سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يزالون يسألونك يا أبا هريرة حتى يقولوا: هذا الله، فمن خلق الله؟ " قال: فبينا أنا في المسجد إذ جاءني ناس من الأعراب، فقالوا: يا أبا هريرة، هذا الله، فمن خلق الله؟ قال: فأخذ حصى بكفه فرماهم، ثم قال: قوموا قوموا صدق خليلي
 
قال الإمام البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه : حدثنا الحسن بن صباح، حدثنا شبابة، حدثنا ورقاء، عن عبد الله بن عبد الرحمن، سمعت أنس بن مالك، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لن يبرح الناس يتساءلون حتى يقولوا: هذا الله خالق كل شيء، فمن خلق الله "
وقال الإمام مسلم رحمه الله تعالى : حدثنا هارون بن معروف، ومحمد بن عباد، واللفظ لهارون، قالا: حدثنا سفيان، عن هشام، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال: هذا خلق الله الخلق، فمن خلق الله؟ فمن وجد من ذلك شيئا، فليقل: آمنت بالله "
وقال أيضا : حدثني عبد الوارث بن عبد الصمد، قال: حدثني أبي، عن جدي، عن أيوب، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا يزال الناس يسألونكم عن العلم حتى يقولوا: هذا الله خلقنا، فمن خلق الله؟ " قال: وهو آخذ بيد رجل، فقال: صدق الله ورسوله، قد سألني اثنان وهذا الثالث، أو قال: سألني واحد وهذا الثاني.
وقال أيضا : حدثني عبد الله بن الرومي، حدثنا النضر بن محمد، حدثنا عكرمة وهو ابن عمار، حدثنا يحيى، حدثنا أبو سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يزالون يسألونك يا أبا هريرة حتى يقولوا: هذا الله، فمن خلق الله؟ " قال: فبينا أنا في المسجد إذ جاءني ناس من الأعراب، فقالوا: يا أبا هريرة، هذا الله، فمن خلق الله؟ قال: فأخذ حصى بكفه فرماهم، ثم قال: قوموا قوموا صدق خليلي
ليس هذا جواب سؤالي
ألا يوجد جواب آخر؟
وشكر الله لكم.
 
بارك الله في الجميع
سأذكر جوابا ظهر لي ألا وهو:
أن قوله جل وعلا(وحملها الإنسان)
(أل) هي للجنس أي آدم عليه السلام وجميع ذريته وهذا قول أورده ابن عطية وابن عاشور وغيرهما
وهذا يعني أن من قال بأن الإنسان في هذه الآية هو ءادم فقط قوله مجانب للصواب
ولكن يرد على القول الآخر سؤال وهو:
متى عرض الله الأمانة على جميع بني آدم السابقين منهم واللاحقين ومتى حملوها؟؟
جوابه:أولا: أنه لم يكن هناك عرض للأمانة ،،
ثانيا:أن جميع بني آدم قد حملوا الأمانة يوم أن أخرجهم الله من ظهور آبائهم
وهو قوله تعالى(وإذ أخذ ربك من بني ءادم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى..)
وعليه يكون معنى الآية والله أعلم:
(وحملها الإنسان)أي حملها جميع البشر يوم أن كانوا في عالم الذر
ولكن ما سبق من جواب لا يعضده قول وارد عن أحد من العلماء السابقين
فهل من العلماء اللاحقين من يعضده أو ينقده؟؟؟
بارك الله في من أسدى إليّ عيوبي
والسلام عليكم.
 
في كتاب (حاشية الجمل على تفسير الجلالين) أو(الفتوحات الإلهية بتوضيح تفسير الجلالين للدقائق الخفية) (ج 3ص 487) (طبعة المطبعة العامرة الشرقية سنة 1303هجرية) قال مصنفه : ((قوله (وحملها الإنسان) معطوف على مقدر أي: فعرضناها على الإنسان فحملها كما أشار بقوله (بعد عرضها عليه) )) اه من (حاشية الجمل).
هذا النقل عن هذا العالم هو ما رأيته صوابا ولكنني لم أجرؤ على قوله دون أن أرى من قاله من العلماء ففتشت عشرات المؤلفات فلم أر من بحث ذلك حتى إذا استيأست وظننت أنني غير واجد شيئا، يسر الله هذا الكتاب فوافق ما في النفس ،فلله الحمد من قبل ومن بعد.
ثم إن البلاغيين عند حديثهم عن الجمل المتعاطفة المفصولة ينظرون لمقتضى الجملة المعطوف عليها ولفحوى الكلام باعتبار قرائن الأحوال ثم ينزلون المقتضى منزلة المصرَّح به، فلعل ما بحث هنا من هذا الباب أو ما يشبهه.
وأنصح أخي الفاضل اليعربي بمطالعة مبحث (الفصل والوصل) من (الإيضاح في علوم البلاغة) للقزويني، وتجده هناك يقول:
(الوصل عطف بعض الجمل على بعض والفصل تركه وتمييز موضع أحدهما من موضع الآخر على ما تقتضيه البلاغة فن منها عظيم الخطر، صعب المسلك دقيق المأخذ لا يعرفه على وجهه، ولا يحيط علمًا بكنهه، إلا من أو تي في فهم كلام العرب طبعًا سليمًا، ورزق في إدراك أسراره ذوقًا صحيحًا، ولهذا قصر بعض العلماء البلاغة على معرفة الفصل من الوصل، وما قصرها عليه؛ لأن الأمر كذلك، إنما حاول بذلك التنبيه على مزيد غموضه وأن أحدًا لا يكمل فيه إلا كمل.
في سائر فنونها فوجب الاعتناء بتحقيقه على أبلغ وجه في البيان..)

وأحب أن أنبه أن أنبه هنا أن الواو للإستئناف لا للعطف فالجملتان مفصولتان، وأن هذه المباحث في بعضها خلاف بين النحويين والبلاغيين مما قد يثير إشكالات في ذهن دارسها.

وأنصح الأخ الفاضل اليعربي بمزيد من التريّث والأناة.
كما أرجو ممن لديه تعقيب أو إضافة من الإخوة المختصين ألا يبخل به علينا.
والله ولي التوفيق
 
بارك الله فيك أخي صلاح وأنا لم أذكر رأيي إلا ليتم نقده وتبيان مواضع الخلل فيه

((قوله (وحملها الإنسان) معطوف على مقدر أي: فعرضناها على الإنسان فحملها كما أشار بقوله (بعد عرضها عليه) )) اه من (حاشية الجمل).
هل يعني هذا أن حرف العطف الواو يأتي في لسان العرب في موضع الفاء وتكون له ذات الدلالة؟؟
إذا كان كذلك فهل قال به أحد من علماء اللغة؟؟



وأنصح الأخ الفاضل اليعربي بمزيد من التريّث والأناة.
والله ولي التوفيق
جزيت خيرا..
سأعمل بنصيحتك مع أني ما قلت الذي قلت إلا لأجد من يبين لي حل ما أشكل علي
وبورك فيك والسلام.
 
وقد ورد عن ابن مسعود خلاف ما ورد عن ابن عباس
ولم أطلع على قول ابن مسعود إلا بعد أن كتبت ما كتبته
قال القرطبي في تفسيره نقلا عن الترمذي الحكيم أبو عبد الله محمد بن علي قال:
فحدثني أبي رحمه الله قال حدثنا الفيض بن الفضل الكوفي حدثنا السري بن إسماعيل عن عامر الشعبي عن مسروق عن
عبد الله بن مسعود قال:
{لما خلق الله الأمانة مثلها صخرة، ثم وضعها حيث شاء ثم دعا لها السماوات والأرض والجبال ليحملنها، وقال لهن: إن هذه" الْأَمانَةَ"، ولها ثواب وعليها عقاب، قالوا: يا رب، لا طاقة لنا بها، وأقبل الإنسان من قبل أن يدعى فقال للسموات والأرض والجبال: ما وقوفكم؟ قالوا: دعانا ربنا أن نحمل هذه فأشفقن منها ولم نطقها، قال: فحركها بيده وقال: والله لو شئت أن أحملها لحملتها، فحملها حتى بلغ بها إلى ركبتيه، ثم وضعها وقال: والله لو شئت أن أزداد لازددت، قالوا: دونك! فحملها حتى بلغ بها حقويه «2»، ثم وضعها وقال: والله لو شئت أن أزداد لازددت، قالوا: دونك، فحملها حتى وضعها على عاتقه، فلما أهوى ليضعها، قالوا: مكانك! إن هذه" الْأَمانَةَ" ولها ثواب وعليها عقاب وأمرنا ربنا أن نحملها فأشفقن منها، وحملتها أنت من غير أن تدعى لها، فهي في عنقك وفي أعناق ذريتك إلى يوم القيامة، إنك كنت ظلوما جهولا.}
فقول ابن مسعود رضي الله عنه: ( وأقبل الإنسان من قبل أن يدعى) (وحملتها أنت من غير أن تدعى لها)
يُأخذ منه أنه قد وقع خلاف بين الصحابة في شأن عرض الأمانة على آدم من عدمها
وعليه فنحتاج إلى إعمال قواعد الترجيح بين القولين.
والله أعلم.
 
أخي الفاضل محمد قاسم اليعربي –حفظه الله-
إن العلماء وإن كانوا يتساهلون في أسانيد الروايات التفسيرية ، إلا أنهم لا يأخذون بما يصل إلى درجة الموضوع وشديد الضعف وما كان في إسناده كذاب، وأنا إذ لم أكن خبيرا بنقد الأسانيد فلعله يكفي إيراد علة واحدة في السند المذكور ففي إسناده (السُّرِّيُّ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْهَمْدَانِيُّ الْكُوفِيّ)،قالَ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ وَذُكِرَ السُّرِّيُّ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، قَالَ: " اسْتَبَانَ لِي كَذِبُهُ فِي مَجْلِسِي " . الضعفاء الكبير للعقيلي
كما أن الرواية لم يتابع الحكيم الترمذي عليها أحد من أصحاب كتب السنن والمسانيد المعتبرة.
قال الحافظ السيوطي رحمه اللهفي "جمع الجوامع":
(وكل ماعزي لهؤلاء الأربعة أو للحكيم الترمذي في نوادر الأصول أو الحاكم في تاريخه أو لابن الجارود في تاريخه أو الديلمي في مسند الفردوس فهو ضعيف فيستغنى بالعزو إليها أو إلى بعضها عن بيان ضعفه)ا.هـ
قال المعلميرحمه الله في تحقيقه لكتاب (الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة) للشوكاني : (وإنما ذكرت هذا ليعرف أن غالب ما ينفرد به الحكيم الترمذي هو من هذه الأكاذيب . وله ترجمة في لسان الميزان 5/308...)
وقال الشيخ محمد الحوت في "أسنى المطالب" ص370: (وكذلك كتب الترمذي الحكيم فيها جملة من الموضوع ، فلا يعتمد على ما انفرد به ، قال ابن أبي جمرة وابن القيم : إن الترمذي الحكيم شحن كتبه في الموضوع)ا.هـ
ولكي لا يتعب أحد نفسه محاولا العثور على ترجمة مفصلة له أنبهه لما قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله-في"لسان الميزان" : ((...ولم أقف لهذا الرجل مع جلالته على ترجمة شافية، والله المستعان))
وقد نقل البغوي عن أبي بكر النقاش تلك الرواية المنسوبة لعبدالله بن مسعود ولعل النقاش قد ذكرها في تفسيره، ولكن قبل النظر في الإسناد: ما حال النقاش نفسه؟
قال شيخ الإسلام ابن تيميةرحمه الله في (منهاج السنة) ( 7/34 ) : ( وأما ما يرويه أبو نعيم في " الحلية " أو في " فضائل الخلفاء " , والنقاش , والثعلبي , والواحدي , ونحوهم في التفسير , فقد اتفق أهل المعرفة بالحديث على أن فيما يروونه كثيراً من الكذب الموضوع)
وقال ابن حجر رحمه الله في (تبيين العجب) : (والعهدة في هذا الإسناد على النقاش، والنقاش هذا هو مؤلف كتاب "شفاء الصدور" وقد ملأ أكثره بالكذب والزور.
وقد تكلم الناس في النقاش واتهموه بالوضع، ومن ذلك ما قال الخطيب فيه:من أن أحاديثه مناكير بأسانيد مشهورة .
وقال طلحة بن محمد بن جعفر الحافظ:كان النقاش يكذب في الحديث والغالب عليه القصص.)
وقد سمى اللالكائيرحمه الله كتاب النقاش ب(شقاء الصدور)-بالقاف بدلا من الفاء-.

فليس لنا إلا المأثور المصرِّح بفهم السلف أن الأمانة قد عُرضت على الإنسان، ويجب أن نسلم لفهمهم خصوصا وأن الآية تتحدث عن أمر غيبيّ، ولا ننسى أن النحو قواعد استقرأها علماء اللغة من النظر في كلام العرب الذين لم يدخل اللحن في كلامهم وبعض من روي عنهم التفسير المأثور هم من هؤلاء العرب.
ثم إن مثل هذه الروايات التفسيرية لا يعكّر على الإستدلال بها أن الصحابي ممن ينقل عن أهل الكتاب فهي ليست في أخبار بني إسرائيل وتاريخهم بل في أمر غيبي، فتقبل كما قبل أهل السنة من ابن عباس رضي الله عنهماما ذكره في تفسير قوله تعالى: (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ) .حيث روى ابن أبي شيبة في كتاب " صفة العرش " والحاكم في " مستدركه " وقال : إنه على شرط الشيخين ولم يخرجاه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى : { وسع كرسيه السموات والأرض } أنه قال : " الكرسي موضع القدمين ، والعرش لا يقدر قدره إلا الله تعالى " .
أما وقوع الواو بمعنى الفاء فقد ذكر ذلك أبوبكر بن الإنباري مثلا ،ولكنني أظنه لم يقع هنا والكلام المنقول من (حاشية الجمل) ليس فيه تصريح بأن الواو هنا بمعنى الفاء ولكنه تفسير للمعنى، فوقوعها بمعنى الفاء مثلوا له بقوله تعالى: (وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا ...)

وحيث عرفت واو الاستئناف بأنها الواو التي يكون ما بعدها مختلفاً عما قبلها في المعنى أو في النوع ولا يشاركه في الإعراب، فذلك يذكر ب(الإحتباك) أو ما سماه الزركشيرحمه الله ب(الحذف المقابلي) وعرفه في (البرهان) فقال: (وهو أن يجتمع في الكلام متقابلان ، فيحذف من واحد منهما مقابلة ; لدلالة الآخر عليه) ولعله وقع في هذه الآية المبحوثة ويكون المتقابلان هما السموات والأرض والجبال من جهة والإنسان من جهة.
والله أعلم
 
القضية يا إخوان أن الواو والفاء - من ناحية الصناعة النحوية - لا علاقة لها بالتفسير هنا فورود الآية بالواو لا ينافي العرض عند أي عربي ؛ وقد بينت ذلك في مشاركة سابقة .
فلو جاءت الآية هكذا : "فحملها الإنسان" أو هكذا "وحملها الإنسان" ففي كلا الحالين لا يغير ذلك في مسألة العرض على الإنسان ألبتة .
والله تعالى أعلم .
 
منطلق هذا النقاش سؤال يتعلق بدليل "عرض الأمانة " على الإنسان: أهو من خارج النص القرآني أم من داخله؟
كلام ابن عباس رضي الله تعالى عنه يجيب على السؤال من خرج النص.
والأدلة من داخل الآية يمكن تلمسها من أوجه لعل أبرزها أن الحمل في سياقه " وحملها الانسان" يقتضي عرضا مسبقا، لأنه لا يمكن أن يقع حمل دون عرض للشيء المحمول، فحكمة الله اقتضت أن لا يكلف الإنسان بما لا يطيقه، خصوصا إذا كان هذا الشيء المحمول ثقيلا وذا أهمية وهو هنا من الله، فهو يستلزم ويتطلب كلفة ومشقة ليتم حمله والقيام بشؤونه وأعبائه.
فالحمل: إقلال لشيء ما بعدما بدا وظهر جليا أمام القائم بالحمل أو المؤهل له حسب طبيعة الشيء المحمول وأهميته ومكانة العارض والمتصدي لحمله. وحمل الرسالة أو الأمانة من قبل الإنسان بعد عرضها عليه من أخيه الإنسان أو من الله جل جلاله يعني أداؤها على الوجه المطلوب، لأن الحمل ليس هدفا لذاته، إنما الغاية منه الأداء.كقبولك عملا أو شغلا ما بعدما عُرض عليك ورُشحت أو رَشحت نفسك له، لخصائص توجد فيك لا في غيرك؛ ومرادك أداؤه لأنك حينئذ صرت مسؤولا عنه بعد حملك له.
وعلى هذا، فإن العرض كامِنٌ في الحمل، فهذا رأيي حسب فهمي وإدراكي واطلاعي. والله أعلم.
 
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه
يقول تعالى : {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً }الأحزاب72
فقبل التطرق للآية الكريمة نلفت النظر إلى ما يلي :
أولا : ينبغي أن نتجنب التقادير البعيدة والمجازات المعقدة عند تفسير القرآن الكريم .
ثانيا : أن نصوص الكتاب تحمل على معهود الأميين في الخطاب .
ثالثا : أن كل ما جاء به القرآن الكريم حق .
إذا راعينا هذه القواعد ورجعنا إلى الآية الكريمة نتأملها ونحاول فهمها من الداخل يتبين لنا أنها تنقسم إلى ثلاثة أقسام :
القسم الأول : إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال .
القسم الثاني : فأبين أن يحملنها وأشفقن منها .
القسم الثالث : وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا .
+ الأمانة معروضة على السموات والأرض والجبال ، وهذه المخلوقات أعظم خلقا من الإنسان . يقول تعالى : {أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّمَاء بَنَاهَا }النازعات27
والعرض من فعل عرض ، وعرض الشيء عليه يعرضه عرضا : أراه إياه ، كما جاء في لسان العرب . فالأمانة معروضة على هذه المخلوقات .
+ طبيعة السموات والأرض والجبال لا تتوافق مع حمل الأمانة فهو امتناع داخلي فطري وإشفاق لحملها .
+ الإنسان بحكم كونه مكرما ومسخرا له ما في السموات وما في الأرض من قبل الله تعالى : {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً }الإسراء70
{وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لَّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }الجاثية13
وكذلك ما أودعه الله في هذا المخلوق الكريم من مؤهلات فطرية ومكتسبة ، فهو قابل لتحمل الأمانة رغم ثقلها فهو مقبل عليها وشغوف بها ، فحملها . والمقصود هنا الإنسان كل الإنسان وليس آدم بعينه . لأن حملها في صالح إسعاده ، لأنها تكاليف تؤدي به إلى سعادة الدارين .
وفي حمله هذه الأمانة قد يضيعها فيكون ظلوما جهولا .
ظلوما لنفسه جهولا بما ارتكبه من تضييع الأمانة . والجهول من الجهل . وكما قال الراغب الأصفهاني في المفردات أن من الجهل فعل الشيء بخلاف ما حقه أن يفعل سواء اعتقد فيه اعتقادا صحيحا أو فاسدا ، كمن يترك الصلاة متعمدا .
الخلاصة :
بصرف النظر عن الصور التمثيلية والمجاز والاستعارة ، وكون الطبيعة عمياء لا تعقل وهذا لا يتوافق مع التصور القرآني للمخلوقات . يقول تعالى : {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً }الإسراء44
فكلام الله حق ، وهو خالق كل شيء : {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ }الملك14
فالأمانة معروضة على السموات والأرض والجبال ، لكنها تأبى أن تحملها وتشفق منها ، رغم عظم خلق هذه المخلوقات ، والإنسان الضعيف حملها ، لأن الله أودع فيه مؤهلات ، جعلته قادرا على حملها ، لأن حملها وأداءها على أحسن وجه ، سيجعله سعيدا في الدارين ، بخلاف إذا ضيعها ، فعند ذلك يكون ما أظلمه وما أجهله . لأن عاقبة التضييع سيتحملها وحده وستكون وبالا عليه .
والله أعلم
 
عودة
أعلى