أبو عبد المعز
Active member
- إنضم
- 20/04/2003
- المشاركات
- 588
- مستوى التفاعل
- 25
- النقاط
- 28
آيات للسائلين:لماذا كاد يوسف لإخوته؟
كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ (76)}
جاء الكيد في القصة ثلاث مرات، يحتل في كل مرة موضعا مفصليا فيها .وجمالية السرد-إذا سمحتم باستطراد في هذا الموضع- يتجلى في هذا التساوق العجيب مع الرؤى الثلاث والقمصان الثلاث:
-الرؤيا الأولى: جرت على يوسف المحن وأسست مسارا سرديا تدهوريا ( في الظاهر):
نفي، استرقاق، غربة، سجن..
-رؤيا الملك: أوقفت المسار التدهوري وأسست مسارا سرديا تحسينيا:
رد الاعتبار،السلطة والملك،اجتماع شمل العائلة.
-رؤيا السجن: توسطت التدهور والتحسين، فقد جاءت في أصعب لحظة من حياة يوسف الصديق ،لكنها في الوقت ذاته رابطة برؤيا الملك التي ستغير الحال تغييرا جذريا..
القمصان الثلاث موزعة أيضا على التمفصلات الثلاث:
فالقميص الأول ظهر في سياق الكيد الأول (كيد الإخوة ليوسف)
والقميص الثاني في سياق الكيد الثاني( كيد النسوة ليوسف)
والقميص الثالث في سياق الكيد الثالث (كيد يوسف لإخوته)
لنترك دلالة القمصان إلى حديث آخر، ولنشتغل بدلالات الكيد، وخاصة الكيد الثالث، فهو محور حديثنا هنا:
لنلاحظ أولا أن كيد الإخوة وكيد النسوة واضحان في المنشأ والمقصد، وليس كذلك كيد يوسف لإخوته...ولم أجد عند المفسرين تعليلا شافيا له، وقد اهتم جلهم "بتكييف" الكيد وليس "بتعليله" :
كيف أخذ يوسف أخاه ؟
هذا هو السؤال الذي أجابوا عنه ،وكان مدار الجواب على التكييف القانوني واختلاف شريعة القبط وشريعة البدو في جزاء السارق...
لكن..
لماذا أخذ يوسف أخاه ؟
أجوبة المفسرين كانت قليلة وجزئية..
قلنا إن الكيد الأول والكيد الثاني واضحان في الدوافع والغايات ، وقد نلحظ تقابلا جميلا بينهما:
فكيد الإخوة دافعه المبالغة في الكراهية.
وكيد النسوة دافعه المبالغة في المحبة{ ...... قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا .... (30)}
ونشأ عن الدافعين المتعارضين غايتان متعارضتان أيضا:
كيد يريد الانفصال وكيد يريد الوصال!!
كل هذا واضح..لكن كيد يوسف يحتاج إلى تأمل باعثه وتدبرمقصده..
نستبعد كليا أن تكون الحكمة هي إنقاذ الأخ الأصغر وذلك من وجهين رئيسن:
-لا نرى خطرا فجائيا يهدد سلامة أو حياة بنيامين فقد كان في متناول أيدي إخوته لزمن طويل، ولم يحدث شيء جديد يستدعي أن يؤذوه فيتدخل أخوه يوسف لإنقاذه..وقوله تعالى: {وَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (69)}
يدل على المواساة والتخفيف وليس فيه أن الغاية من التدبير هو الاجتماع بالأخ الأصغر فقط، بل إن هذه غاية مرحلية ليس إلا.
-لو كان الهدف هو الاجتماع بالأخ فقط لوجدنا تفاوتا صارخا بين الغاية والثمن المدفوع...بل هي صفقة خاسرة بالنظر إلى تبعياتها فلا يمكن أن يعقدها نبي حصيف مثل يوسف الصديق:
فالأخ اتهم بالباطل وتعليل بعض المفسرين باتفاق سري بين يوسف وأخيه لا يفيد شيئا ،فإذا كان بنيامين بريئا في نظر يوسف فإنه في نظر الناس سارق افتضح أمره أمام عيون الجمهور...ولا اظن أحدا يريد لنفسه أن يكون في مثل هذا الوضع.
-ثم ما الفرق بين فعلة الإخوة وفعلة يوسف تجاه أبيهم يعقوب:
فالكذبة الأولى أوجعت الأب ( فقد ابنه يوسف) أما الثانية فقدكانت مصيبة مثلثة( فقد ابنه الأصغر، وفقد ابنه الأكبر، وحركت المدية في نحلة الجرح القديم ) ونتج عن كل ذلك فقدان البصر...
مع كل ذلك لم يكن بين إيواء الأخ الأصغر واستقبال العائلة كلها إلا فترة وجيزة..فهل يستحق استعجال إيواء بنيامين كل متاعب النبي يعقوب...
نقول، نعم.. شريطة أن لا تكون الغاية هي رغبة شخصية في استنقاذ الاخ الشقيق بل غاية أسمى بكثير: غاية نبوية!!
سنكشفها بعد حين إن شاء الله..
كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ (76)}
جاء الكيد في القصة ثلاث مرات، يحتل في كل مرة موضعا مفصليا فيها .وجمالية السرد-إذا سمحتم باستطراد في هذا الموضع- يتجلى في هذا التساوق العجيب مع الرؤى الثلاث والقمصان الثلاث:
-الرؤيا الأولى: جرت على يوسف المحن وأسست مسارا سرديا تدهوريا ( في الظاهر):
نفي، استرقاق، غربة، سجن..
-رؤيا الملك: أوقفت المسار التدهوري وأسست مسارا سرديا تحسينيا:
رد الاعتبار،السلطة والملك،اجتماع شمل العائلة.
-رؤيا السجن: توسطت التدهور والتحسين، فقد جاءت في أصعب لحظة من حياة يوسف الصديق ،لكنها في الوقت ذاته رابطة برؤيا الملك التي ستغير الحال تغييرا جذريا..
القمصان الثلاث موزعة أيضا على التمفصلات الثلاث:
فالقميص الأول ظهر في سياق الكيد الأول (كيد الإخوة ليوسف)
والقميص الثاني في سياق الكيد الثاني( كيد النسوة ليوسف)
والقميص الثالث في سياق الكيد الثالث (كيد يوسف لإخوته)
لنترك دلالة القمصان إلى حديث آخر، ولنشتغل بدلالات الكيد، وخاصة الكيد الثالث، فهو محور حديثنا هنا:
لنلاحظ أولا أن كيد الإخوة وكيد النسوة واضحان في المنشأ والمقصد، وليس كذلك كيد يوسف لإخوته...ولم أجد عند المفسرين تعليلا شافيا له، وقد اهتم جلهم "بتكييف" الكيد وليس "بتعليله" :
كيف أخذ يوسف أخاه ؟
هذا هو السؤال الذي أجابوا عنه ،وكان مدار الجواب على التكييف القانوني واختلاف شريعة القبط وشريعة البدو في جزاء السارق...
لكن..
لماذا أخذ يوسف أخاه ؟
أجوبة المفسرين كانت قليلة وجزئية..
قلنا إن الكيد الأول والكيد الثاني واضحان في الدوافع والغايات ، وقد نلحظ تقابلا جميلا بينهما:
فكيد الإخوة دافعه المبالغة في الكراهية.
وكيد النسوة دافعه المبالغة في المحبة{ ...... قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا .... (30)}
ونشأ عن الدافعين المتعارضين غايتان متعارضتان أيضا:
كيد يريد الانفصال وكيد يريد الوصال!!
كل هذا واضح..لكن كيد يوسف يحتاج إلى تأمل باعثه وتدبرمقصده..
نستبعد كليا أن تكون الحكمة هي إنقاذ الأخ الأصغر وذلك من وجهين رئيسن:
-لا نرى خطرا فجائيا يهدد سلامة أو حياة بنيامين فقد كان في متناول أيدي إخوته لزمن طويل، ولم يحدث شيء جديد يستدعي أن يؤذوه فيتدخل أخوه يوسف لإنقاذه..وقوله تعالى: {وَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (69)}
يدل على المواساة والتخفيف وليس فيه أن الغاية من التدبير هو الاجتماع بالأخ الأصغر فقط، بل إن هذه غاية مرحلية ليس إلا.
-لو كان الهدف هو الاجتماع بالأخ فقط لوجدنا تفاوتا صارخا بين الغاية والثمن المدفوع...بل هي صفقة خاسرة بالنظر إلى تبعياتها فلا يمكن أن يعقدها نبي حصيف مثل يوسف الصديق:
فالأخ اتهم بالباطل وتعليل بعض المفسرين باتفاق سري بين يوسف وأخيه لا يفيد شيئا ،فإذا كان بنيامين بريئا في نظر يوسف فإنه في نظر الناس سارق افتضح أمره أمام عيون الجمهور...ولا اظن أحدا يريد لنفسه أن يكون في مثل هذا الوضع.
-ثم ما الفرق بين فعلة الإخوة وفعلة يوسف تجاه أبيهم يعقوب:
فالكذبة الأولى أوجعت الأب ( فقد ابنه يوسف) أما الثانية فقدكانت مصيبة مثلثة( فقد ابنه الأصغر، وفقد ابنه الأكبر، وحركت المدية في نحلة الجرح القديم ) ونتج عن كل ذلك فقدان البصر...
مع كل ذلك لم يكن بين إيواء الأخ الأصغر واستقبال العائلة كلها إلا فترة وجيزة..فهل يستحق استعجال إيواء بنيامين كل متاعب النبي يعقوب...
نقول، نعم.. شريطة أن لا تكون الغاية هي رغبة شخصية في استنقاذ الاخ الشقيق بل غاية أسمى بكثير: غاية نبوية!!
سنكشفها بعد حين إن شاء الله..