«(والتفّتِ الساقُ بالساقِ)»

جاءت هذه الآية الكريمة في سياق آيات تصور مشهد الاحتضار وانتزاع الروح من الجسد، وما يساور الإنسان في تلك اللحظة من خلجات ومشاعر مليئة بالخوف من الفراق، والرغبة في التخلص من الشدة التي تحيط بالمحتضر بأي وسيلة، ، فجاء قوله تعالى: { وَٱلْتَفَّتِ ٱلسَّاقُ بِٱلسَّاقِ } يصف حالة الكرب التي تلف المحتضر، والهول الذي يداهمه، وكلمة الساق استخدمت عند العرب بمعنى الشدة، فالعرب تقول: قامت الحرب على ساقها، أي: اشتدت، ولهذا شواهد كثيرة، ذكرها د. أحمد نوفل في بحث كتبه في قوله تعالى: (يوم يكشف عن ساق).
ونجد قولاً آخر لبعض المفسرين يحمل معنى الساق على العضو المعروف، والمعنى أن ساقا الميت تلتفا عند الموت، أو تلتفا في الكفن.
 
قوله تعالى: «و ظن أنه الفراق» أي و علم الإنسان المحتضر من مشاهدة هذه الأحوال أنه مفارقته للعاجلة التي كان يحبها و يؤثرها على الآخرة.

قوله تعالى: «و التفت الساق بالساق» ظاهره أن المراد به التفاف ساق المحتضر بساقه ببطلان الحياة السارية في أطراف البدن عند بلوغ الروح التراقي.


و قيل: المراد به التفاف شدة أمر الآخرة بأمر الدنيا، و قيل: التفاف حال الموت بحال الحياة، و قيل: التفاف ساق الدنيا و هي شدة كرب الموت بساق الآخرة و هي شدة هول المطلع.

و لا دليل من جهة اللفظ على شيء من هذه المعاني نعم من الممكن أن يقال: إن المراد بالتفاف الساق بالساق غشيان الشدائد و تعاقبها عليه واحدة بعد أخرى من حينه ذلك إلى يوم القيامة فينطبق على كل من المعاني.


بارك الله فيكم ونفع بكم الإسلام والمسلمين ...
 
ذكر الطبري رحمه الله تحت هذه الآية ستة أقوال , يمكن إرجاعها إلى قولين أساسين هما :
1 ـ التفت شدة أمر الدنيا بشدة أمر الآخرة . روي ذلك عن ابن عباس , ومجاهد , والحسن , والربيع , وقتادة , والضحاك , وإسماعيل بن أبي خالد , وابن زيد ( وله كلام لعلي أفرده بالحديث لنفاسته وجماله ) .
2 ـ التف أمرٌ بأمرٍ . قاله أبو عيسى .
3 ـ التف بلاءٌ ببلاءٍ . قاله مجاهد .
وهذه الأقوال ترجع إلى القول الأول , وإن اختلفت العبارة. والمراد بالساق على ذلك هو المعنى المجازي , وشواهده في اللغة معروفة . وهو اختيار الطبري , وأبي جعفر النحاس كما نقله عنه القرطبي رحمهم الله .

4 ـ التفت ساقا الميت إذا لفتا في الكفن . قاله الحسن .
5 ـ التفاف ساقي الميت عند الموت . قاله الشعبي , وأبو مالك , وقتادة .
6 ـ يبسهما عند الموت . قاله أبو مالك .
وهذه الأقوال الثلاثة ترجع إلى معنى واحد ، وهو أن المراد بالساق في الآية هو العضو المعروف . ويكون المراد بالتفاف الساقين موتهما , وضم إحداهما إلى الأخرى في الكفن ؛ خشية يبسهما .

وهذا التعدد في الأقوال هو من قبيل اختلاف التنوع الذي يرجع فيه إلى أكثر من معنى , وسببه الاختلاف في حمل اللفظ على الحقيقة أو المجاز . لذا فلعل الأقرب ـ والله أعلم ـ أنه يمكن حمل اللفظ على المعنيين كليهما ؛ إذ لا تعارض بينها , وهو اختيار ابن عاشور رحمه الله .
 
روضة قال:
جاءت هذه الآية الكريمة في سياق آيات تصور مشهد الاحتضار وانتزاع الروح من الجسد ... فجاء قوله تعالى: { وَٱلْتَفَّتِ ٱلسَّاقُ بِٱلسَّاقِ } يصف حالة الكرب التي تلف المحتضر، والهول الذي يداهمه، وكلمة الساق استخدمت عند العرب بمعنى الشدة...
ونجد قولاً آخر لبعض المفسرين يحمل معنى الساق على العضو المعروف، والمعنى أن ساقا الميت تلتفا عند الموت، أو تلتفا في الكفن.
بارك الله فيك، أختي روضة
على القول الأول بأن هذا في حالة الاحتضار، وهو المتبادر إلى الذهن، لأن الله - تعالى - قال: ( كلا إذا بلغت التراقي. وقيل من راق. وظن أنه الفراق ) فهل تلتف الساقان في ذلك الموقف؟ أما في في الكفن فليس في حالة الاحتضار.
 
عودة
أعلى