كيف يقول الله تعالى:" إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ" وقد هدى سبحانه الظالمين؟

إنضم
12/01/2013
المشاركات
701
مستوى التفاعل
21
النقاط
18
العمر
52
الإقامة
مراكش-المغرب
بسم الله الرحمن الرحيم



كيف يقول الله تعالى:" إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ" وقد هدى سبحانه الظالمين؟


يقول جل في علاه:" وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ"-البقرة:258-، ويقول سبحانه:"إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ"-الأنعام:144-، وقد ذكر جل في علاه عدم هدايته للظالمين في غير هذين الموضعين من كتابه الحكيم.

والسؤال الذي يرد هنا:

كيف التوفيق بين هذه الآيات وبين الواقع وهو أن الله تعالى يهدي الظالمين فكم من ظالم هداه الله بل كم من كافر –ومعلوم أن الكفر قمة الظلم وأعظمه كما قال تعالى:" وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ"- فكانه حصر الظلم فيهم وهو أتمه وأعظمه-؟

ومن وجوه التوفيق:

1- الظالمون الذين نفى الله تعالى عنهم الهداية هم من حقت عليهم كلمة العذاب وسبق في علم الله الأزلي أنهم لن يوفقوا لتوبة وأنهم سيستمرون على ظلمهم وطغيانهم أو كفرهم وضلالهم حتى الموت، كما قال تعالى:" إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ (96) وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (97)"-يونس-.

فهؤلاء لا بد أن يصيروا إلى ما قدر الله عليهم وقضاه، وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون، فلما ردوا الحق وآثروا الضلال والظلم كان الجزاء من جنس العمل كما قال سبحانه:{ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ }.

2- أن هذه الآيات عامة ومعلوم أن العام يمكن أن يخرح عن عمومه بعض أفراده، فمن منّ الله عليه من الظلمة بالهداية خرج من هذا العموم.

3- ومن وجوه الجمع ما ذكره الإمام الشنقيطي رحمه الله تعالى وهو أن من منّ الله تعالى عليه بالهداية والتوبة من الظلم لم يعد ظالما ولم يعد وصف الظلم منطبقا عليه، وبالتالي يزول الإشكال.-هذا معنى كلامه رحمه الله تعالى وليس لفظه-.

4- وظهر لي وجه آخر: وهو أن الألف واللام في قوله تعالى:" الظَّالِمِينَ" للاستغراق، فتكون بمعنى (كل) فيكون المعنى أن الله تعالى لا يهدي كل الظالمين، ومفهومه أنه قد يهدي بعض الظالمين.

هذا والله أعلم وأحكم ونسبة العلم إليه سبحانه أسلم.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين أما بعد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أرى والله تعالى أعلم أن يكون العنوان هو (كيف نفهم قوله تعالى( إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) وقد هدى الله
تعالى بعض الظالمين ؟) .
1- إن فهم الجزء من الآية الكريمة إنما يكون وفق سياق الآيات الكريمة وكلمة (سياق ) بلغة العرب هو سير الإبل في الطريق فإنما تسير
متتابعة بعضها بعد بعض ، وفي الآيات الكريمة إنما تفهم وفق تسلسلها فمعنى الآية في سورة البقرة جاء ضمن قصة النبي إبراهيم
عليه الصلاة والسلام مع النمرود قال سبحانه ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ ۖ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (258))
قال ابن كثير رحمه الله تعالى : ( قال الله تعالى ( والله لا يهدي القوم الظالمين ) أي : لا يلهمهم حجة ولا برهانا بل حجتهم داحضة عند ربهم ، وعليهم غضب ولهم عذاب شديد ) .
2- وفي سورة الانعام قال تعالى: ( وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ ۗ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنثَيَيْنِ ۖ أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَٰذَا ۚ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِّيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (144))
قال ابن كثير : ( وقوله : ( أم كنتم شهداء إذ وصاكم الله بهذا ) تهكم بهم فيما ابتدعوه وافتروه على الله ، من تحريم ما حرموه من ذلك ، ( فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم ) أي : لا أحد أظلم منه ، ( إن الله لا يهدي القوم الظالمين ) ) .
والله تعالى أعلم .
 
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

بارك الله فيك أخي البهيجي...لا بأس بالعنوان...فالاستفهام إنما المراد به تدبر الآية ومحاولة التوفيق بينها وبين الواقع ولا يجوز أن يفهم أن هناك تناقضا بينها وبين كون الله تعالى هدى بعض الظالمين...تعالى الله علوا كبيرا عن أن يكون في كلامه تناقض أو أن يكون بين كلامه وبعض أفعاله تعارض...تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.

أما بالنسبة لما تفضلت به من أن الآية يتم فهمها من خلال النظر إلى السياق من سابق ولاحق...فلا شك في ذلك...فالسياق من أهم ما ينفع في فهم الكلام.
لكن أخي تدبر معي الموضوع...أنا لا أتكلم عن معنى الآية بتتبع مواضعها أو مواضع شبيهاتها في القرآن الكريم، وإنما المراد أعم من ذلك وهو كيف التوفيق بين نفي الهداية عن الظالمين بغض النظر عن موضع الآية وبين الواقع وأن الله هدى ويهدي من يشاء من الظالمين.
 
عودة
أعلى