محمود عبدالله إبراهيم نجا
Member
السقف المرفوع يشمل السماء الكونية والجوية
(وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَّحْفُوظًا ۖ وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ)
لو أنصف الإنسان في عصرنا الحديث لكان التطاول في البُنيان، وما يستلزمه من رفع الأسقُف، وحفظها من السقوط أو الزوال خير شاهد على أن لهذا الكون خالق مُدبر عليم، عرف كيف يرفع لنا السماء الجوية (الغلاف الجوي)، والسماء الكونية (السماوات العُلا) بغير عمد نراها، وليس العجب في ذلك فقط، ولكن أيضاً في جعلها سقفاً محفوظا من السقوط علينا أو الزوال عنا، وهذا السقف بحسب المُعطيات العلمية عن عُمر الكون والغلاف الجوي، قاوم السقوط أو الزوال لمليارات السنوات، فسُبحان من أبدع وأتقن صنعته.
قال الله (وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ)، وقال (وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَّحْفُوظًا ۖ وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ)، وقال (وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ)، وقال (وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ)، وقال (ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه)، وقال (إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا)، وقال (وَمِنْ آيَاتِهِ أَن تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ).
ولنا أن نسأل عن المقصود بالسقف، والسماء، والسماوات، في الآيات السابقة، هل قصد الله السماوات العُلا الكونية فقط، أم السماء الجوية فقط (الغلاف الجوي)، أم قصدهما معاً.
إذا رجعنا لكتب التفسير القديمة لجواب هذا السؤال فسنجد أن أغلبها لا تذكر إلا السماوات العُلا فقط، وآياتها من الشمس والقمر والنجوم، وكيف أن الله حفظها من السقوط على الأرض أو الزوال مُبتعدة عنها، وحفظها من الشياطين أن تسترق السمع. ومع أن الغلاف الجوي لُغةً يعتبر سماء وسقفاً لأرضنا، وبه من الآيات الكثير، إلا أن المفسرين لم ينتبهوا له ولعظيم آياته عند تفسير الآيات السابقة، وهم في ذلك معذورون لأنهم لم يقوموا بدراسة الغلاف الجوي، ولا عرفوا ثقل وزنه وصعوبة رفعه، أو أنه قد يفلت من جاذبية الأرض فيتركها مُبتعداً عنها، فكان كل تركيزهم مُنصب على ما ظهر لهم من آيات السماوات العُلا.
وأما التفاسير الحديثة فقل منها من ينتبه لدخول الغلاف الجوي في مُسمى السماء والسقف، فمثلاً يقول السعدي في تفسيره للسقف المرفوع (هو السماء، التي جعلها الله سقفا للمخلوقات، وبناء للأرض، تستمد منها أنوارها، وينزل الله منها المطر)، فأدخل سماء المطر (الغلاف الجوي) في تفسير السقف المرفوع.
ويقول ابن عاشور في تفسير السقف المحفوظ بعد أن أنهى كلامه عن حفظ السماوات العُلا (وكذلك ما يبدو لنا من جهة السماء مثل السحاب والبرق والرعد)، ويقول أيضاً في تفسير آية (وإلى السماء كيف رُفعت)، بعد ذكر النظر لرفع السماوات العُلا وآياتها، فقال (يرقبون أنواء المطر ويشيمون لمع البروق، فقد عرف العرب بأنهم بنو ماء السماء)، فجعل النظر لآيات الغلاف الجوي من المطر والبرق، جزء من تفسير السماء المرفوعة بغير عمد. وهذه الإشارات من ابن عاشور لم تكن صدفة، فهو من أوائل العلماء الذين تحيروا في فهم مُراد الله من السماء، هل هي الكونية أو الجوية، أو كلاهما معاً، فقال بالثلاثة أقوال وذلك في تفسير آية (ويمسك السماء أن تقع على الأرض) وأنقال ما قاله بإختصار:
١. ولفظ السماء يجوز أن يكون بمعنى ما قابل الأرض فيكون كُلاً شاملاً للعوالم العلوية التي لا نحيط بها علماً كالكواكب السيّارة وما الله أعلم به.
٢. ويجوز أن يكون لفظ السّماء بمعنى المطر، فكان في إمساك نزوله منة على الناس.
٣. ويجوز أن يكون لفظ السماء قد أطلق على جميع الموجودات العلوية التي يشملها لفظ (السماء) الذي هو ما علا الأرض، فالله يُمسك ما في السماوات من الشهب ومن كريات الأثير والزمهرير عن اختراق كرة الهواء، ويمسك ما فيها من القُوى كالمطر والبرَد والثلج والصواعق من الوقوع على الأرض.
ولأن السماء لُغةً تشمل الكونية والجوية معاً وجميع الآيات السابقة التي ذكرت السقف، والمفرد سماء، والجمع سماوات، ليس في سياقها قرينة تشير للكونية فقط أو للجوية فقط، فالسياق عام يصلح لوصف الجوية والكونية معاً، فكلتاهما سقف للأرض، وكلتاهما مرفوعتان عن الأرض بغير عمد، وكلتاهما محفوظتان ممسوكتان من الوقوع على الأرض، أو الزوال عنها، ولذا فإنني أرجح القول الثالث لإبن عاشور، والذي قال فيه بجواز أن تكون السماء في الآيات السابقة كونية وجوية معاً، وهو استنتاج يتماشى مع دقة المُصطلحات القرآنية التي غالبًا ما تحمل معاني متعددة تتناسب مع مختلف الأزمنة والاكتشافات العلمية.
وهذا الإستنباط السابق الذي يجعل الغلاف الجوي سماء مرفوعة، ومحفوظة عن السقوط أو الزوال، مثل السماء الكونية، سيفتح بابًا لتجديد النظر في آليات رفع الغلاف الجوي بغير عمد، وكيفية إمساكه بالأرض وحفظه من السقوط أو الزوال، وآليات حفظه للأرض، بجانب آليات رفع الالسماء الكونية بغير عمد، وكيفية إمساكها بالأرض وحفظها من السقوط أو الزوال، وآليات حفظها للأرض، فليست الجوية فقط هي ما تعمل كسقف حافظ ومحفوظ للأرض، وإنما الكونية أيضاً.
■ ملحوظة
سبق أن بينت التفسير العلمي للآيات السابقة في بحث بعنوان (إشارات قُرآنية للجاذبية، وإمساك السماء المرفوعة عن السقوط أو الزوال)، وفيه رجحت أن "السماء" تشمل الغلاف الجوي والسماوات الكونية معًا، وبينت آليات رفعهما ومنعهما من السقوط أو الزوال، في إطار المعارف العلمية الحديثة، ويمكن مُراجعة البحث على الرابط التالي؛
www.facebook.com
اللهم ما كان من توفيق فمنك وحدك وما كان من خطأ أو سهو او نسيان فمني ومن الشيطان والله ورسوله منه براء.
د. محمود عبد الله نجا
كلية طب، جامعة المنصورة، مصر
(وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَّحْفُوظًا ۖ وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ)
لو أنصف الإنسان في عصرنا الحديث لكان التطاول في البُنيان، وما يستلزمه من رفع الأسقُف، وحفظها من السقوط أو الزوال خير شاهد على أن لهذا الكون خالق مُدبر عليم، عرف كيف يرفع لنا السماء الجوية (الغلاف الجوي)، والسماء الكونية (السماوات العُلا) بغير عمد نراها، وليس العجب في ذلك فقط، ولكن أيضاً في جعلها سقفاً محفوظا من السقوط علينا أو الزوال عنا، وهذا السقف بحسب المُعطيات العلمية عن عُمر الكون والغلاف الجوي، قاوم السقوط أو الزوال لمليارات السنوات، فسُبحان من أبدع وأتقن صنعته.
قال الله (وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ)، وقال (وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَّحْفُوظًا ۖ وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ)، وقال (وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ)، وقال (وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ)، وقال (ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه)، وقال (إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا)، وقال (وَمِنْ آيَاتِهِ أَن تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ).
ولنا أن نسأل عن المقصود بالسقف، والسماء، والسماوات، في الآيات السابقة، هل قصد الله السماوات العُلا الكونية فقط، أم السماء الجوية فقط (الغلاف الجوي)، أم قصدهما معاً.
إذا رجعنا لكتب التفسير القديمة لجواب هذا السؤال فسنجد أن أغلبها لا تذكر إلا السماوات العُلا فقط، وآياتها من الشمس والقمر والنجوم، وكيف أن الله حفظها من السقوط على الأرض أو الزوال مُبتعدة عنها، وحفظها من الشياطين أن تسترق السمع. ومع أن الغلاف الجوي لُغةً يعتبر سماء وسقفاً لأرضنا، وبه من الآيات الكثير، إلا أن المفسرين لم ينتبهوا له ولعظيم آياته عند تفسير الآيات السابقة، وهم في ذلك معذورون لأنهم لم يقوموا بدراسة الغلاف الجوي، ولا عرفوا ثقل وزنه وصعوبة رفعه، أو أنه قد يفلت من جاذبية الأرض فيتركها مُبتعداً عنها، فكان كل تركيزهم مُنصب على ما ظهر لهم من آيات السماوات العُلا.
وأما التفاسير الحديثة فقل منها من ينتبه لدخول الغلاف الجوي في مُسمى السماء والسقف، فمثلاً يقول السعدي في تفسيره للسقف المرفوع (هو السماء، التي جعلها الله سقفا للمخلوقات، وبناء للأرض، تستمد منها أنوارها، وينزل الله منها المطر)، فأدخل سماء المطر (الغلاف الجوي) في تفسير السقف المرفوع.
ويقول ابن عاشور في تفسير السقف المحفوظ بعد أن أنهى كلامه عن حفظ السماوات العُلا (وكذلك ما يبدو لنا من جهة السماء مثل السحاب والبرق والرعد)، ويقول أيضاً في تفسير آية (وإلى السماء كيف رُفعت)، بعد ذكر النظر لرفع السماوات العُلا وآياتها، فقال (يرقبون أنواء المطر ويشيمون لمع البروق، فقد عرف العرب بأنهم بنو ماء السماء)، فجعل النظر لآيات الغلاف الجوي من المطر والبرق، جزء من تفسير السماء المرفوعة بغير عمد. وهذه الإشارات من ابن عاشور لم تكن صدفة، فهو من أوائل العلماء الذين تحيروا في فهم مُراد الله من السماء، هل هي الكونية أو الجوية، أو كلاهما معاً، فقال بالثلاثة أقوال وذلك في تفسير آية (ويمسك السماء أن تقع على الأرض) وأنقال ما قاله بإختصار:
١. ولفظ السماء يجوز أن يكون بمعنى ما قابل الأرض فيكون كُلاً شاملاً للعوالم العلوية التي لا نحيط بها علماً كالكواكب السيّارة وما الله أعلم به.
٢. ويجوز أن يكون لفظ السّماء بمعنى المطر، فكان في إمساك نزوله منة على الناس.
٣. ويجوز أن يكون لفظ السماء قد أطلق على جميع الموجودات العلوية التي يشملها لفظ (السماء) الذي هو ما علا الأرض، فالله يُمسك ما في السماوات من الشهب ومن كريات الأثير والزمهرير عن اختراق كرة الهواء، ويمسك ما فيها من القُوى كالمطر والبرَد والثلج والصواعق من الوقوع على الأرض.
ولأن السماء لُغةً تشمل الكونية والجوية معاً وجميع الآيات السابقة التي ذكرت السقف، والمفرد سماء، والجمع سماوات، ليس في سياقها قرينة تشير للكونية فقط أو للجوية فقط، فالسياق عام يصلح لوصف الجوية والكونية معاً، فكلتاهما سقف للأرض، وكلتاهما مرفوعتان عن الأرض بغير عمد، وكلتاهما محفوظتان ممسوكتان من الوقوع على الأرض، أو الزوال عنها، ولذا فإنني أرجح القول الثالث لإبن عاشور، والذي قال فيه بجواز أن تكون السماء في الآيات السابقة كونية وجوية معاً، وهو استنتاج يتماشى مع دقة المُصطلحات القرآنية التي غالبًا ما تحمل معاني متعددة تتناسب مع مختلف الأزمنة والاكتشافات العلمية.
وهذا الإستنباط السابق الذي يجعل الغلاف الجوي سماء مرفوعة، ومحفوظة عن السقوط أو الزوال، مثل السماء الكونية، سيفتح بابًا لتجديد النظر في آليات رفع الغلاف الجوي بغير عمد، وكيفية إمساكه بالأرض وحفظه من السقوط أو الزوال، وآليات حفظه للأرض، بجانب آليات رفع الالسماء الكونية بغير عمد، وكيفية إمساكها بالأرض وحفظها من السقوط أو الزوال، وآليات حفظها للأرض، فليست الجوية فقط هي ما تعمل كسقف حافظ ومحفوظ للأرض، وإنما الكونية أيضاً.
■ ملحوظة
سبق أن بينت التفسير العلمي للآيات السابقة في بحث بعنوان (إشارات قُرآنية للجاذبية، وإمساك السماء المرفوعة عن السقوط أو الزوال)، وفيه رجحت أن "السماء" تشمل الغلاف الجوي والسماوات الكونية معًا، وبينت آليات رفعهما ومنعهما من السقوط أو الزوال، في إطار المعارف العلمية الحديثة، ويمكن مُراجعة البحث على الرابط التالي؛
Log into Facebook
Log into Facebook to start sharing and connecting with your friends, family, and people you know.
اللهم ما كان من توفيق فمنك وحدك وما كان من خطأ أو سهو او نسيان فمني ومن الشيطان والله ورسوله منه براء.
د. محمود عبد الله نجا
كلية طب، جامعة المنصورة، مصر