أرجوا الإفادة : من أهل الاختصاص أو من كان يجمع بين علم الاصوات والقراءات

ريهام عمر

New member
إنضم
13/09/2010
المشاركات
4
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
السلام عليكم ورحمة الله

معلمى الأفاضل ،، معلماتي الفضليات ..

شغلتني قضية شاعت بين متعلمي التجويد ألا وهى دراسة التجويد من كتب الأصوات ..

فعندما كنا ندرس علم الأصوات وجدت تغاير بين مسميات الحروف في كتب التجويد وبين كتب الأصوات ، حتى ان المخارج في بعض الكتب كانت تتغير وكذلك ألقاب الحروف ... إلا اننى وجدت كتاب سراج الباحثين لمؤلفته كوثر الخولي قد جمعت بين ذلك وتلك لكنها لا تختلف اختلاف كليا عن كتب التجويد بل قريبة منها بنفس تقسيمات أهل العلم غير انها فقط تتجه الى التعريفات من ناحية حدوث الصوت ودرجة الاعاقة وكذلك اهتزاز الاحبال الصوتية سواء كان بقوة ام بضعف وعلى ذلك سارت في كتابها ..

ثم وجدت الاستاذ فرغلي سيد عرباوي وهو باحث في على صوتيات التجويد والقراءات والمدرس سابقا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في تحقيقه لكتاب الطرازات المعلمة في شرح المقدمة تصنيف الإمام عبد الدائم الأزهري ذكر ذلك بالنص " ... ويفسر علماء الأصوات المحدثين الجهر تباعا لكتب الأصوات المترجمة عن الغرب _ باهتزاز الأوتار الصوتية في الحنجرة ، ويفسرون أيضا الهمس بأنه الصوت الذي لا تهتز معه الوتار الصوتية في الحنجرة وعدد الحروف المهموسة عندهم ( فحثه شخص سكت قط ) اثنا عشر حرفا ، وزادوا القاف والطاء ، بسبب العاميات المعاصرة تلفظ بهما مهموسان. "



ثم ذكر في تحقيقه للحواشي المفهمة لابن الناظم _ أول شرح للمقدمة _ " وانتقد بعض علماء الأصوات المحدثين تعريف الجهر والهمس المتداول في بطون كتب التجويد من لدن سيبويه ، وقال :" وإذا دقق الباحث في كتب التجويد المعاصرة فإنه سوف يجد اضطرابا كبيرا في تعريف الصوت المجهور والصوت المهموس ، وتحريفا لعبارة سيبويه التى لا تخلو من غموض أصلا ..... " اهـ ثم يريدون منا معاشر المجودين اعتماد منهج علماء الأصوات الغربيين في تعريق المجهور والمهموس والشديد الرخو ، وللأسف استجاب بعض الدكاترة المعاصرين إلى هذا النداء، واخرجوا لنا كتبا تحت مسمى " كتب التجويد " تحمل الفكر الغربي في منهج المخارج والصفات ، وكان الأولى بهم توجيه سهام النقد لم أراد تبديل مخارج وصفات العرب المجودين الفصحاء بتلك التى جاءتنا عن الغربيين ........... " هامش صفحة 150



ثم قال بعد ان سرد كلام الدكتور غانم قدوري الحمد العراقي في كتابه المدخل الى علم أصوات العربية ..... فقد قال المحقق " .... وهل جهل علماء اللغة والتجويد القدماء بإن تعريف صفة الحرف المجهور هو الذي تهتز معه الأحبال الصوتية في الحنجرة أثّر على تلاوتهم ، أو أوقعهم الجهل بهذه المصطلحات الحديثة في لحن القراءة بالطبع لا ، رزقنا الله اتباع نهج السلف في اللقراءة والعبادات " . هامش صفحة 144 _ 145





احتاج رأى خبير بهذا الأمر وعلى أى نهج يسير الآن معلم التجويد ؟ ثم ان من كان يدرس على هذا النهج من كتاب سراج الباحثين هل يتوقف عنه أم يتابع ؟



أرجوا الإفادة من أهل الاختصاص حتى نعلم به من تحتنا من المتعلمين ليسيروا على النهج الصواب
وبارك الله فيكم
 
بسم الله الرحمن الرحيم
التجويد الذي يُعنى فيه معلِّموه ومعلِّماته بتلقين الطلاب والطالبات الكيفية الصحيحة لتلاوة القرآن هو فن الأداء ، والعلم الذي تُستقَى منه المادة العلمية هو علم الأصوات . وقد درَج مؤلفو الكتب التي تتناول القراءات والتجويد على ضمّ شيء من هذه المعلومات الصوتية ، وكان اعتمادهم على ما سجَّله علماء اللغة بتجاربهم بحسب إمكانيات زمانهم . وعالم الأصوات العربية الأول هو الخليل بن أحمد رحمه الله ، وما سجَّله عنه تلميذه سيبويه وتناقله اللاحقون من علماء اللغة ومعلِّمي التجويد هو الأساس المتوارث حتى الآن في كتبهم جميعا . لكن الاستعانة بالآلات الحديثة لتصوير جهاز النطق البشري ومعرفة أعضائه التي تنتج الصوت أوضحت لنا كثيرا مما كان غامضا من عبارات القدماء ، أو قرَّبت فهمها ، وعلى ذلك فالصواب في زماننا هذا أن يدرس متعلِّمو التجويد ومتعلماته الأسس العلمية من علم الأصوات الحديث ؛ فلو كانت هذه المعلومات متوفرة لدى القدماء فما أظنهم كانوا تاركيها ، ثم يكون التلقي من معلِّم على قدر فائق من ضبط الأداء من حيث النطق الصوتي وتأثر بعض الأصوات بما يجاورها من أصوات أخرى ، وأحكام المدّ والوقف والابتداء وسائر الأحكام .
هذا والله الموفق .
 
فائدة مهمة:
إنما وقع اللبس في بعض حروف الشدة أمجهورة هي أم مهموسة من جهة أن صوتها غير جار، ولو جرى الصوت لتبين جهره من همسه بغير صعوبة تذكر.
فلما كان حرف الطاء والقاف والجيم والدال والباء والهمزة حروفًا شديدة خفي على كثير من الناس تمييز الجهر والهمس فيها.
غير أنه مما يؤيد ما قاله علم الصوتيات الحديث التجربة الحية، فلو جرب القارئ أن يلفظ الدال أو الباء أو الجيم من غير قلقلة وشدد الضغط بين عضوي النطق لسمع صوت الأوتار الصوتية على نحو لا يخطئ تميييزه متخصص. فإذا فعل ذلك في القاف والطاء ما سمع صوتُا يدل على اهتزاز الأوتار، وهذا مما يقوي ما قاله المحدثون من علماء الأصوات.
والله أعلم.
 
بسم الله الرحمن الرحيم

التجويد الذي يُعنى فيه معلِّموه ومعلِّماته بتلقين الطلاب والطالبات الكيفية الصحيحة لتلاوة القرآن هو فن الأداء ، والعلم الذي تُستقَى منه المادة العلمية هو علم الأصوات . وقد درَج مؤلفو الكتب التي تتناول القراءات والتجويد على ضمّ شيء من هذه المعلومات الصوتية ، وكان اعتمادهم على ما سجَّله علماء اللغة بتجاربهم بحسب إمكانيات زمانهم . وعالم الأصوات العربية الأول هو الخليل بن أحمد رحمه الله ، وما سجَّله عنه تلميذه سيبويه وتناقله اللاحقون من علماء اللغة ومعلِّمي التجويد هو الأساس المتوارث حتى الآن في كتبهم جميعا . لكن الاستعانة بالآلات الحديثة لتصوير جهاز النطق البشري ومعرفة أعضائه التي تنتج الصوت أوضحت لنا كثيرا مما كان غامضا من عبارات القدماء ، أو قرَّبت فهمها ، وعلى ذلك فالصواب في زماننا هذا أن يدرس متعلِّمو التجويد ومتعلماته الأسس العلمية من علم الأصوات الحديث ؛ فلو كانت هذه المعلومات متوفرة لدى القدماء فما أظنهم كانوا تاركيها ، ثم يكون التلقي من معلِّم على قدر فائق من ضبط الأداء من حيث النطق الصوتي وتأثر بعض الأصوات بما يجاورها من أصوات أخرى ، وأحكام المدّ والوقف والابتداء وسائر الأحكام .

هذا والله الموفق .

رأي سديدٌ يا أبا هاني وفقك الله .
وأنا شخصياً أبدأ في التدريس للمقرر بتدريس مخارج الحروف ثم صفاتها وأبين للطلاب صورة الحنجرة وكيفية إنتاج الصوت وأستفيد من كتب الصوتيات في ذلك .
ثم أدخل إلى مباحث النون الساكنة والتنوين وبقية الموضوعات فتكون ممتعة كثيراً وواضحة للطلاب وجربت ذلك خلال السبع سنوات الماضية بالذات ووجدت له أثراً طيباً جداً عليَّ أنا قبل الطلاب .
وفقكم الله لكل خير.
 
لكي أقرِّب مسألة العلاقة بين فن التجويد وعلم الأصوات أضرب هذا المثل اليسير والملموس في حياتنا :
المعرفة الجغرافية التي سجلها المؤلفون العرب والمسلمون في إبان النهضة العلمية العربية والإسلامية كما في كتب البلدان وصورة الأرض وما إلى ذلك كانت محدودة بالإمكانيات المتاحة آنذاك ؛ فوسائل الانتقال والسفر والقياس كانت ضعيفة إذا قيست بما جدَّ في القرنين الماضيين وعرفه العالم بعد اتساع الكشوف الجغرافية وتقدم رسم الخرائط ثم صور الأقمار الصناعية .
العامل الزمني والتقدم التكنولوجي لهما أثر في تنامي المعرفة الإنسانية وفهم الأمور ؛ ولو اكتفينا الآن بما ذكره المؤلفون القدامى في شؤون الجغرافيا لفاتنا الكثير .
أضيف أمرا آخر لم يُتَحْ لي التطرق إليه وهو فرع تالٍ لعلم الأصوات العامّ فونتكس phonetics ؛ ذلك هو علم الفونولوجي phonology ، وهو يتناول ما يطرأ على الأصوات في حال تجاورها من تأثير وتأثر ، وهذا ماتناوله التجويد في القلب والإخفاء والإدغام وتفخيم اللام والراء وترقيقهما ، وتناوله علم الصرف في إبدال تاء الافتعال إذا سبقها الدال والذال والزاي والصاد والضاد والطاء والظاء ، والفونولوجي يعرِّبه الباحثون بعلم وظائف الأصوات أو علم الأصوات التشكيلي .
عسى أن يكون في هذا شيء من النفع إن شاء الله .
 
بسم الله الرحمن الرحيم
من خلال الخمسة عشر عاماً السابقة أفدت كثيراً من علم الأصوات الحديث في تدريس التجويد النظري والعملي ، وأسجل هنا ملاحظاتي للفائدة والله الموفق للصواب :
- ينبغي ردم الهوة وإقامة الجسور ونبذ الخلافات بين الأمرين اللذيْن يصدران من مشكاة واحدة ، ولا ينبغي أن نهول الأمر ونقول بأن الغربيين قصدوا التغيير أو التحريف ، فعلم الأصوات فرع من فروع علم اللغة ، وعلم اللغة وصفي ، فالغربيون بأجهزتهم الحديثة وصفوا لنا أصوات لغتنا بما يمثلها قراؤنا ، ويجب أن نحكم بالعلم لا بالعاطفة ، فمثلاً : الضاد يدرسها علماء التجويد قاطبة على أنها رخوة نظرياً ، لكنهم يطبقونها شديدة عملياً ، فإذا قال لنا المحدثون إن الضاد شديدة فهم لا يقصدون تبديل لغتنا وقرآننا ، لا ، بل يصفون نطقنا ، فلماذا لا ننطقها رخوة كما وصفها لنا علماؤنا الأوائل ؟ وكلامهم فيها واضح .
- ينبغي ، بل يجب ، الرجوع إلى علم الأصوات الحديث . لماذا ؟ علماء التجويد والقراءات الأوائل تابعون لعلماء اللغة ، فمثلاً في تعداد المخارج في كتب التجويد نجدهم يقولفون : للعلماء ثلاثة مذاهب ، ويعنون بهم علماء اللغة : فذهب الخليل إلى أنها سبعة عشر مخرجاً وذهب سيبويه إلى أنها ستة عشر ، وذهب قطرب إلى أنها أربعة عشر ، مع أن الثالث تلميذ الثاني والثاني تلميذ الأول .
- علينا أن نستفيد من علم الأصوات الحديث الذي بدوره يعتمد على التشريح أولاً ، وهذا ليس بدعة ، لأن الرئيس ابن سينا وهو أول من شرح الجثث صنف رسالة في أسباب حدوث الحروف .
- نأخذ من العلم الحديث ما يؤكد كلام علمائنا ، فإذا وجناه مخالفاً ننظر : إذا كان الخلاف اصطلاحي فلا مشاحة ، وإذا كان جذرياً ننظر : إذا دل على تغيير في النطق فعلينا أن نحاول تمثيل نطق الأوائل كما وصفوه هم . مثلا : يقول المحدثون عن الجيم إنها رخوة ، ويقولون عن التي وصفها سيبويه إنها (g) أي من مخرج الكاف ، وعلينا ألا نلتفت لقولهم وننطقها من مخرج الشين شديدة (وقفية) محاولة منا لتمثيل أصوات القرآن كما أنزل ، حتى وإن لم نتأكد أنها هي .
- أنا لا أؤيد من يقول إن كلام سيبويه وغيره من العلماء غير واضح !!! بالعكس ، كلامهم في تمام الوضوح ، فسيبويه يقول عن الرخاوة إنها استمرار الصوت إذا وقف عليه تسير به متى شئت ، ومثل بالضاد ، كلامه واضح لكن المجودين في عصرنا لا يطبقون .
- ينبغي التحذير من التجديدات التي لا تستند إلى شيء من العلم ؛ فالقول بأن الاستطالة هي تحرك اللسان قليلاً ثم يقف !!! لم يقل به أحد قديماً ولا حديثاً ، وكاد ينتشر هذا التفسير الخاطئ لدى جمهور المعلمين ، لأنهم يعتمدون على شيخ معين دون مناقشة أو تحليل . كلام علمائنا وااااااااضح : الاستطالة صفة للمخرج ، أي المخرج بدل أن يكون نقطة لتلاقي عضوين يحبسان الهواء كلياً أو جزئياً كما في سائر الحروف ، فإنه في الضاد العتيقة خاصة خط لا نقطة ، من أول ضرح إلى آخر ضرس مع الحافة كله مخرج ، الاستطالة معناها إذن طول في المخرج ، كله يخرج منه صوت الضاد بلا تحرك للسان . وحبس الهواء فيه جزئي لا كلي أي أن الضاد الساكنة يستمر الصوت بها ولا ينقطع - كما قال سيبويه وغيره تماماً - لا ينقطع حتى ينتهي الهواء الخارج من الرئة ، كالشين وسائر الحروف الرخوة ، هكذا قال العلماء . علينا أن نطبق ما قالوه . لا أن نخترع علوماً جديدة بلا أسس .
- يمكن الاستفادة من علم الأصوات الحديث في تفسير ظواهر سكت عن تعليلها الأوائل أو عللوها بتعليلات غير مقنعة ، فمثلاً : نظر الأوائل في معرفة الجهر والهمس إلى خروج النفس بكثرة من الفم ، ولما لم يخرج مع الهمزة نفس قالوا بأنها مجهورة ، وبعض المحدثين نظروا إلى اهتزاز الحبلين الصوتيين في الجهر وهدوئهما في الهمس ، ولما لم يحدث مع الهمزة اهتزاز قالوا بأنها مهموسة ، والصواب - كما هو عند معظم المحدثين - النظر إلى الجانبين معاً ، وعليه فالهمزة صوت لا يوصف بجهر ولا بهمس ؛ ليس مجهوراً لعدم الاهتزاز ، وليس مهموساً لعدم خروج النفس . وهذا يفسر عدم قلقلته ، لأن الأوائل يعللون بالقلقلة باجتماع الجهر والشدة ، وهو تعليل صحيح علمياً ، فإذا كانت الهمزة شديدة مجهورة فلم لم تقلقل ؟ ! يعللون استثناءها بتخفيفها ، وهو تعليل غير مقبول ؛ لأن المحققة لا تقلقل وهي غير مخفف ( لم تخفف وهي غير مقلقلة ) .
- الخلاصة : الأصوات تغيرت مع الزمن ، والقدماء وصفوا أصواتهم بدقة ، وعلم الأصوات الحديث وصف نطقنا لأصواتنا المعاصرة بدقة ، علينا فهم هذا وهذا ، وليس ثمة تناقض كبير ، بل هي ملاحظات قليلة ، قد تكون اصطلاحية لا علاقة لها بالنطق كما في الهمزة ، سواء قلنا إنها مجهورة أم مهموسة فإن نطقها واحد لم يتغير . وعلينا إذا وجدنا خلافاً في النطق بين القديم والحديث كما في همس القاف والطاء ( وهو ما لاحظته من خلال تدريسي للتجويد - ومن خلال سماعي حتى لبعض المجودين ممن لهم تسجيلات ) - أقول : علينا أن نحاول تمثيل نطق الأصوات القرآنية القديمة قدر وسعنا ، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
 
بسم الله الرحمن الرحيم
فالغربيون بأجهزتهم الحديثة وصفوا لنا أصوات لغتنا بما يمثلها قراؤنا ، ويجب أن نحكم بالعلم لا بالعاطفة .
السلام عليكم
أخي الكريم هل تستطيع أن تأتي بعالم من علماء الأصوات جلس علي جهاز من هذه الأجهزة ؟
فالغربيون يريدون أن تقع فتنة ، ولعلك تظن أن الخلاف بين القراء والأصوات خلاف في الاصطلاح ، بل الخلاف حقيقي وفي اللفظ .
وعلم الأصوات الحديث وصف نطقنا لأصواتنا المعاصرة بدقة ، علينا فهم هذا وهذا ، وليس ثمة تناقض كبير ، بل هي ملاحظات قليلة ، قد تكون اصطلاحية لا علاقة لها بالنطق كما في الهمزة .
لعلك علمت أن الخلاف بين القراء والأصوات خلاف كما بين الشيعة وأهل السنة .
وإليك هذه المقالة الرائعة لأستاذنا الدكتور سليمان خاطر وهو يتحدث عن شئ نفيس وكلام أكثر من رائع في حقيقة علم الأصوات حيث قال :
........إن هي إلا أسئلة طالب علم يريد الحق ويطلب الحقيقة في هذه القضية التي طال الجدل فيها في العصر الحديث وما يزال، وكثر النزاع الذي قد يؤدي إلى الشقاق في كثير من الأحوال.
ولي على كلامه الطيب كلام لا أملك له الوقت الآن،فليسمح لي بطَلٍّ على أن يأتي الوابل بعدُ إن شاء الله.
لا أعرف في علوم العربية الاثني عشر المعروفة عند سلف هذه الأمة من القراء وعلماء العربية علما اسمه علم الأصوات، وإنما أعرف فيها فقه اللغة الذي من مباحثة الكبرى وأبوابه المهمة دراسة أصوات العربية وصفاتها وأحوالها وأحكامها عند العرب،على نحو ما عند إمام النحاة سيبويه في الكتاب،وعبقري العربية أبي الفتح ابن جني في سر صناعة الإعراب وغيرهما من أهل القرآن والعربية ،وقد انفصلت تلك النظرات اللغوية الصوتية والأحكام القرآنية عن كتب العربية الخالصة إلى كتب مستقلة عند القراء ومعلمي القرآن في القرن الخامس الهجري ،كما تفضلتم بذكر ذلك في مشاركتكم الطيبة الأخيرة،فظل الأمر على ذلك تدرس أصوات العربية في كتب التجويد نظرا وتطبيقا في القرآن الكريم،وفي كتب العربية كذلك،ومضى على ذلك القرون الإسلامية حتى إذا جاء العصر الحديث وصارت الغلبة في البلاد العربية والإسلامية للكفار من أهل الاستخراب والاستشراق من ملل الكفر المختلفة،وهو ملة واحدة في الحرب على الإسلام والمسلمين،ظهر من يدعي وضع علم جديد هو علم الأصوات .
ولعلكم تلحظون إصرارهم على كلمة (علم) ويقصدون بذلك أنه علم تجريبي من نتائج المعامل مثل سائر العلوم التجريبية، في إشارة واضحة إلى أن ما عند المسلمين من ذلك مجرد ظنون وتخمينات وأوهام لا تخضع للمعايير العلمية،وهم لا يؤمنون إلا بالتجرب و والمعمل البشري،وكل ما عدا ذلك من الخرافات (الميتافيزيقية) أي ما وراء الطبيعة، وهذا عندهم من الضلال المبين،وما أصروا على تسمية ما زعموا أنهم وضعوه بعلم الأصوات إلا من باب الطعن على قراء القرآن وعلماء العربية الأثبات في كل القرون والأعصار والأمصار.
وقد كان بعد ذلك ما كان من تلقف جماعة من بني جلدتنا الذين يتكلمون بألسنتا لهذه الدعاوى حين تتلمذوا على هؤلاء الكفرة من يهود ونصارى ومن لا دين لهم من المستشرقين الذين حضروا إلى بلادنا أو بعث إليهم أبناء الإسلام والعربية،لا لتعليمهم العلوم التجريبية من الطب والتقنية الحديثة والصناعات المفيدة التي يتساوى فيها البشر،بل لتعليمهم العلوم الإنسانية التي تقوم على الأخلاق والدين ،ولكل وجهة فيها هو موليها. وقد عادوا إلينا فخورين بما اكتشفوه من كنوز لغوية جدية في ظنهم لا عهد للعرب والمسلمين بها فيخيالهم ويجب أن تحل محل علم التجويد والعربية عندنا في وهمهم.
وحسبك دليلا على ذلك أنك ذكرت -صادقا مصدقا -أن أول من ألف في علم الأصوات في العربية بالعربية هو إبراهيم أنيس الذي لا يؤمن بالإعراب في العربية ويراه مجرد بدعة تواضع عليها بعض علماء العربية في القرون المتأخرة ثم فرضوها على الفصحاء ! ولا يؤمن-كشيخه د.طه حسين- بالقراءات القرآنية ويرى أن لكل أحد أن يقرأ القرآن بما شاء كيف شاء، ولهما تلاميذ وأتباع إلى اليوم تقيلوهما وهذا شائع عنهم منتشر في كتبهم،ولا يخفى عليكم. مع أن أكثرهم لا يعرفون ما التجويد؛إذ لم يدرسوه ولم يطلعوا على كتبه بله تلقيه ممن يعانيه من أهل القرآن ومعانيه. ومع ذلك فقد أقبلوا بغير قليل من التفاخر والتعالي والدعاوى العريضة وهم شديدو الاعتزاز بشيوخهم من الغرب كثيرو الرزاية على أسلافهم من قدامى العرب سواء أكانوا من القراء أم من علماء العربية،المهم عندهم أنهم قدامى يجب تركهم.
وقد درستُ علم الأصوات الحديث عند بعض هؤلاء التلاميذ الأوفياء لشيوخهم الأدعياء،فلم أجد عندهم من جديد مفيد أو قديم سليم،فكل ما هنالك مصطلحات جديدة بعضها معربة وأكثرها مترجمة ترجمة من لا يحسن العربية إحسانه الأعجمية ،ثم نظريات طويلة الذيل قليلة النيل،ثم آراء وأقوال قيلت في لغات أخرى ممن جهل الفصحى، في جملة دعاوى سفسطائية لا صلة لها بالواقع مع الجهل بالقرآن،فقلما تجد مدرسا لعلم الأصوات الحديثة في الجامعات الإسلامية والعربية-بله غيرها- يحسن قراءة الفاتحة بما يغني عن إعادة صلاة من صلى خلفه.
أما علم التجويد فلا خلاف في أنه من العلوم الإسلامية العربية العريقة عراقة العربية أصيلة أصالة الكتاب الكريم.
لأنه به الإله أنزلا * وهكذا منه إلينا وصلا
ونحن جميعا نؤمن إيمانا لا يتطرق إليه الشك أن النبي-عليه الصلاة والسلام -تلقى القرآن من لدن حكيم حميد وتلقى منه أصحابه-رضوان الله عليهم- وهكذا إلى اليوم،دون أي إخلال بشيء من لفظه،فقراء القرآن هم الذين حفظ الله بهم كتابه الكريم وذكره العظيم،فلا ناقص عندهم ليكمل ولا خلل ليصلح ولا ناقص ليتم بعد مرور أكثر من أربعة عشر قرنا على نزوله،فعلم الأصوات لأهل القرآن علم يضر والجهل به ينفع؛لأن كثرة المصطلحات وتداخلها في أي علم مما يؤدي إلى الخلط والاضطراب،فما عندنا في علم التجويد يكفي لحفظ هذا الكتاب وأدائه كما أنزل ،إلى يوم القيامة وما بعد يوم القيامة كذلك،إن شاء الله عز وجل
.وقد بذل علماء التجويد والقراءات والعربية من الجهد في خدمته ما تفنى فيه الأعمار ولا يفنى،فما أكثر ما ألفوا ودونوا ودرسوا وبينوا،فكان علم التجويد وأصوات العربية ،كما أنزلت في القرآن علما كافيا شافيا غنيا مغنيا إلى أبد الآبدين. والعلم عند الله رب العالمين ومنزل الكتاب المبين القائل:"إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون".
والانشال بهذا العلم المزعوم-في نظري- مضيعة للوقت الذي نسأل عنه يوم القيامة،فالمهمات كثيرة والأوقات قليلة والعمر قصير،فما داعي لإنفاقه في وهم كبير عندنا مكانه العلم الغزير والفضل الكبير،فلنتجه إلى القرآن تلاوة وحفظا وعلم التجويد نظرا وتطبيقا والعربية دراسة وعملا ،وفي ذلك غنى أي غنى وكفاية أي كفاية.والله تعالى أعلم.
هذا مع كثير شكري واحترامي للشيخ العلامة الأستاذ الدكتور غانم الذي لا أعرف أحدا جهد جهده في بيان علم الأصوات العربية كما في كتب التجويد والعربية،والتعريف به ونشره في البحوث والدراسات والجامعات،وما يزال هذا المجال في حاجة إلى مزيد من جهد أمثاله من أهل القرآن والعربية؛للكشف عن الحقائق ورد الأباطيل المنكرة والدعاوى الكاذبة. جزى الله الشيخ خير الجزاء.والله الموفق.
وأخلص إلى أن علم الأصوات الحديثة الذي وضعه المستشرقون وتلقاه عنهم وعربه تلاميذهم المخلصون ممن إلى الإسلام والعربية ينتمون،ميدان كثرت فيه ألاعيب السحرة وغابت عنه عصا موسى؛فترى فيه للباطل طنينا لا ينقضي وللحق أنينا لا ينتهي،فلا يغلو من عده شرا يجب اجتنابه، أو رجسا من عمل شياطين الإنس يجب الحذر منه،ودراسته-إن كان لا بد من دراسته- بغير قليل من الحيطة.
........................
وهذه مجرد آراء شخصية لا تخلو من حماسة الشباب،فلينظر إليها بحكمة الشيوخ.ولي عودة-إن شاء ربي- بعد الإجابة عن أسئلتي تلك ممن يملك الجواب،والله الهادي إلى الصواب.
)انتهي كلامه ـ حفظه الله ـ
http://vb.tafsir.net/showthread.php?t=11801
والسلام عليكم
 
عودة
أعلى