محمد سلامة المصري
Member
هل نطق عيسى عليه السلام كلمة "إنجيل" الإغريقية اليونانية، أم أن ورودها في القرآن مجرد استخدام لكلمة مألوفة عند نصارى العرب؟
علينا أن نتفق أولا على عدة نقاط:
- أوحى الله لعيسى كتابا، تماما كما أوحى لموسى توراة ولمحمد قرآنا. أما ما نجده اليوم في يد النصارى فهي كتابات من نوع السيرة النبوية (بيوجرافي) ومعها رسائل دعوية أرسلها بولس وآخرون لعدة مدن. هذا لا جدال فيه. فكيف سينزل الله على عيسى قصة حياة عيسى؟! هل يجوز مثلا أن نصف سيرة ابن إسحق بأنها القرآن؟!
- هذه السير الأربع فيها فعلا بعض بقايا الوحي الذي نزل على عيسى، لأنها تقتبس بعض أقواله التي أمره الله أن يبلغها لقومه. ولهذا جاز وصف هذه السير بأنها إنجيل، من قبيل وصف الكل بالجزء. فهي متضمنة شيئا من كلام الله الموحى لعيسى.
- "وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ"
- أناجيل النصارى مكتوبة باليونانية، لا بالآرامية. كانت فلسطين وقتها واقعة تحت سيطرة سياسية وثقافية هلينية (بسبب الرومان اللاتين، وبسبب ما حدث في الماضي من احتلال السلوقيين أتباع الإسكندر للشام). لكن لغة الشعب اليهودي كانت أرامية، وهي تشبه العبرية. والأدلة على هذا كثيرة ومعروفة. حتى في الأناجيل اليونانية نجد المؤلف يترجم لليونانية الجملة التي قالها المصلوب: "إلهي إلهي لما شبقتني؟" أي "لماذا تخليت عني يا إلهي؟". كانت اليونانية "لغة ثانية" في المجتمع، خصوصا بين المثقفين وطبقة الحكام، لأنهم مقربون من سلطة الاحتلال الأجنبي، أما الشعب فكان يتكلم الأرامية.
- قبل الرسالة المحمدية، كان كل رسول يبعث لقومه خاصة، لا للناس عامة.
- بولس، عليه من الله ما يستحق، جعل المسيحية عامة، ونشرها في تركيا وروما. وغيرها بحيث تناسب الذوق الروماني، وابتعد عن الشريعة اليهودية.
- انحرفت رسالة عيسى (وهو رسول لبني إسرائيل فقط) إلى رسالة جديدة تنتشر بين شعوب ذات ثقافة هيلينية، وبالتالي صدرت الكتابات باليونانية لا بالأرامية. ومن هنا تحولت بشارة عيسى إلى "إي أنجيليون"، وهي كلمة يونانية تعني "الأخبار السعيدة"، (وتنطق في الإنجليزية اليوم "إيفانجيليون"). ولهذا وصلت للعرب قبل الإسلام كلمة "إنجيل".
السؤال هنا: لماذا سمى الله الكتاب الموحى به إلى عيسى بكلمة يونانية، في حين أن عيسى لم يبعثه الله لليونان؟!
بعض الباحثين يجيبون قائلين: كلمة إنجيل في القرآن تخاطب العرب بما يعرفون، بينما الاسم الأصلي الحقيقي للكتاب الذي أنزله الله على عيسى غير معروف لنا!
وأراها إجابة جريئة، لكن لها شواهد. فأسماء الأنبياء الأعجمية في القرآن لا تعني بالضرورة أنها كانت أسماءهم الحقيقية في حياتهم، بل هي تعريب لأسمائهم. ربما كان اسم إبراهيم عليه السلام ابراهام.. واسم عيسى الأصلي نفسه يقال أنه يهوشوع أو يوشع والتي تحولت إلى يسوع.
إجابة أخرى: حيث أن اليونانية كانت مألوفة لقوم عيسى بعض الشيء، فربما كان للكتاب اسمان: اسم أرامي واسم يوناني، وكان عيسى عليه السلام يستخدم الاسم اليوناني عندما يخاطب طبقة اليهود المثقفين!
إجابة أخرى: كلمة إنجيل اليونانية نفسها كان اليونان قد اقتبسوها عن لغة أخرى قديمة. وبعض اللغويين يقول أن الأصل ربما "سامي"، أو آكادي، أو فارسي.
كما قلنا، إنجيليون تعني الأخبار السعيدة. "انجل" بمفردها تعني رسالة أو حامل الرسالة. ولهذا في الإنكليزية نجد كلمة "إنجلز" معناها "ملائكة"، حيث أن الملائكة رسل، وكلمة ألوكة تعني الرسالة في العربية.
en.wiktionary.org
لماذا نثير هذا الموضوع؟ لأن النصارى يزعمون في جدالهم ضد المسلمين أن كتابات العهد الجديد اليونانية هي نفسها الإنجيل الذي أوحاه الله لعيسى، بدليل أن كلمة "إنجيل" في القرآن يونانية. وأنه لو كانت رسالة عيسى بلسان قومه، كما يقول المسلمون، لكان من المتوقع أن يكون اسم الكتاب أراميا لا يونانيا. ولهذا يزعمون أنه لا وجود لكتاب أنزله الله على عيسى أصلا، وأن هذا من اختلاقات القرآن، وأن عيسى تكلم الأرامية ثم لما كتبوا سيرته كتبوها باليونانية ثم جاء القرآن فاقتبس الاسم اليوناني.
قالوا: قرآنكم يستخدم كلمة يونانية، وعيسى لم يكن يونانيا، وبالتالي قرآنكم وقع في مأزق: فهو يخالف الأناجيل اليونانية في العقيدة لكنه في نفس الوقت يسمي كتاب عيسى الأرامي اسما يونانيا (وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ) !!
علينا أن نتفق أولا على عدة نقاط:
- أوحى الله لعيسى كتابا، تماما كما أوحى لموسى توراة ولمحمد قرآنا. أما ما نجده اليوم في يد النصارى فهي كتابات من نوع السيرة النبوية (بيوجرافي) ومعها رسائل دعوية أرسلها بولس وآخرون لعدة مدن. هذا لا جدال فيه. فكيف سينزل الله على عيسى قصة حياة عيسى؟! هل يجوز مثلا أن نصف سيرة ابن إسحق بأنها القرآن؟!
- هذه السير الأربع فيها فعلا بعض بقايا الوحي الذي نزل على عيسى، لأنها تقتبس بعض أقواله التي أمره الله أن يبلغها لقومه. ولهذا جاز وصف هذه السير بأنها إنجيل، من قبيل وصف الكل بالجزء. فهي متضمنة شيئا من كلام الله الموحى لعيسى.
- "وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ"
- أناجيل النصارى مكتوبة باليونانية، لا بالآرامية. كانت فلسطين وقتها واقعة تحت سيطرة سياسية وثقافية هلينية (بسبب الرومان اللاتين، وبسبب ما حدث في الماضي من احتلال السلوقيين أتباع الإسكندر للشام). لكن لغة الشعب اليهودي كانت أرامية، وهي تشبه العبرية. والأدلة على هذا كثيرة ومعروفة. حتى في الأناجيل اليونانية نجد المؤلف يترجم لليونانية الجملة التي قالها المصلوب: "إلهي إلهي لما شبقتني؟" أي "لماذا تخليت عني يا إلهي؟". كانت اليونانية "لغة ثانية" في المجتمع، خصوصا بين المثقفين وطبقة الحكام، لأنهم مقربون من سلطة الاحتلال الأجنبي، أما الشعب فكان يتكلم الأرامية.
- قبل الرسالة المحمدية، كان كل رسول يبعث لقومه خاصة، لا للناس عامة.
- بولس، عليه من الله ما يستحق، جعل المسيحية عامة، ونشرها في تركيا وروما. وغيرها بحيث تناسب الذوق الروماني، وابتعد عن الشريعة اليهودية.
- انحرفت رسالة عيسى (وهو رسول لبني إسرائيل فقط) إلى رسالة جديدة تنتشر بين شعوب ذات ثقافة هيلينية، وبالتالي صدرت الكتابات باليونانية لا بالأرامية. ومن هنا تحولت بشارة عيسى إلى "إي أنجيليون"، وهي كلمة يونانية تعني "الأخبار السعيدة"، (وتنطق في الإنجليزية اليوم "إيفانجيليون"). ولهذا وصلت للعرب قبل الإسلام كلمة "إنجيل".
السؤال هنا: لماذا سمى الله الكتاب الموحى به إلى عيسى بكلمة يونانية، في حين أن عيسى لم يبعثه الله لليونان؟!
بعض الباحثين يجيبون قائلين: كلمة إنجيل في القرآن تخاطب العرب بما يعرفون، بينما الاسم الأصلي الحقيقي للكتاب الذي أنزله الله على عيسى غير معروف لنا!
وأراها إجابة جريئة، لكن لها شواهد. فأسماء الأنبياء الأعجمية في القرآن لا تعني بالضرورة أنها كانت أسماءهم الحقيقية في حياتهم، بل هي تعريب لأسمائهم. ربما كان اسم إبراهيم عليه السلام ابراهام.. واسم عيسى الأصلي نفسه يقال أنه يهوشوع أو يوشع والتي تحولت إلى يسوع.
إجابة أخرى: حيث أن اليونانية كانت مألوفة لقوم عيسى بعض الشيء، فربما كان للكتاب اسمان: اسم أرامي واسم يوناني، وكان عيسى عليه السلام يستخدم الاسم اليوناني عندما يخاطب طبقة اليهود المثقفين!
إجابة أخرى: كلمة إنجيل اليونانية نفسها كان اليونان قد اقتبسوها عن لغة أخرى قديمة. وبعض اللغويين يقول أن الأصل ربما "سامي"، أو آكادي، أو فارسي.
كما قلنا، إنجيليون تعني الأخبار السعيدة. "انجل" بمفردها تعني رسالة أو حامل الرسالة. ولهذا في الإنكليزية نجد كلمة "إنجلز" معناها "ملائكة"، حيث أن الملائكة رسل، وكلمة ألوكة تعني الرسالة في العربية.
ἄγγελος - Wiktionary, the free dictionary
لماذا نثير هذا الموضوع؟ لأن النصارى يزعمون في جدالهم ضد المسلمين أن كتابات العهد الجديد اليونانية هي نفسها الإنجيل الذي أوحاه الله لعيسى، بدليل أن كلمة "إنجيل" في القرآن يونانية. وأنه لو كانت رسالة عيسى بلسان قومه، كما يقول المسلمون، لكان من المتوقع أن يكون اسم الكتاب أراميا لا يونانيا. ولهذا يزعمون أنه لا وجود لكتاب أنزله الله على عيسى أصلا، وأن هذا من اختلاقات القرآن، وأن عيسى تكلم الأرامية ثم لما كتبوا سيرته كتبوها باليونانية ثم جاء القرآن فاقتبس الاسم اليوناني.
قالوا: قرآنكم يستخدم كلمة يونانية، وعيسى لم يكن يونانيا، وبالتالي قرآنكم وقع في مأزق: فهو يخالف الأناجيل اليونانية في العقيدة لكنه في نفس الوقت يسمي كتاب عيسى الأرامي اسما يونانيا (وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ) !!