76 وقفة مع الجزء السادس عشر

عمر المقبل

New member
إنضم
06/07/2003
المشاركات
805
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
76 وقفة مع الجزء السادس عشر


ستكون البداية مع قصة موسى وهي تبدأ قبيل الجزء السادس عشر:

1. قصة موسى جاءت لتعالج فتنة العلم، وما المنهج الشرعي في التعامل معها؟
2. {لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا} [الكهف: 62] وصف السفر بالنصب لا ينافي الصبر، وليس من الشكوى المذمومة في شيء.
3. وصف الله الخضر عليه السلام بثلاث صفات عظيمة: {فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا} [الكهف: 65] فوصفه بالعبودية والرحمة والعلم، ومتى اجتمعت لمعلِّم حاز الفضل، ونفع الله بعلمه، وبقدر ما يقع النقص من هذه الجهات، يقع الخلل والتقصير.
4. تأمل في أدب موسى، وإظهار الافتقار لعلم شيخه في هذه الرحلة – مع كون موسى أفضل منه -: {قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا} [الكهف: 66] وقارن هذا ببعض الأسئلة التي تنضح منها رائحة الكبر، خشية أن يكون مستفيداً من قرينة، فضلاً عمن هو أقلُ منه علماًَ! ومثل هؤلاء لا يفلحون في العلم.
5. من عادة الإنسان استنكار ما لا يحيطون به علماً {وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا} [الكهف: 68].
6. العذر بالنسيان مما اتفقت الفطر على اعتباره: {قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ } [الكهف: 73].
7. استدل بعض العلماء بهذه الآية: {أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا} [الكهف: 74] بأن النفس المقتولة صغيرة دون البلوغ، لوصفها بأنها (زكية) أي لم تتدنس بذنب.
8. إكرام الضيف من محاسن الأخلاق التي فطر عليها البشر، فتأمل كيف استنكر موسى، مع أن هؤلاء أهل قرية، والغالب على أهل القرى الفقر: {إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا} [الكهف: 77].
9. المسكين أحسن حالاً من الفقير، فإن الله تعالى أثبت للمساكين مالاً، وهي السفينة: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا } [الكهف: 79] وفي هذه الآية ما يدل على أن (وراء) تطلق ويراد بها الأمام، ولهذا في قراءة – لكنها غير متواترة -: وكان أمامهم ، وهي قراءة تفسيرية.
10. من أعظم نعم الله على الوالدين أن يرزقا ولداً بهذه الصفة: {فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا} [الكهف: 81] .
11. {وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا} [الكهف: 82] هذا دليل على أن الصلاح في الأسرة له أثر في غالب الأحيان، وبهذا خاطب بنو إسرائيل مريم عليها السلام: {يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا} [مريم: 28].
12. قصة ذي القرنين جاءت لتعالج فتنة الإنسان بالملك.
13. من أدب ذي القرنين في الألفاظ أنه حين تحدث عن العذاب بدأ بفعله، ثم ثنّى بذكر الجزاء الإلهي، فلما جاء ذكر الجزاء الحسن بدأ بجزاء الله، ثم بجزائه: {قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا (87) وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا } [الكهف: 87، 88].
14. { وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا} [الكهف: 93] هذا دليل على أنهم أهل لغة مختلفة.
15. من لطائف استنباط بعض أهل العلم من هذه الآية: {فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا} [الكهف: 95] أنه قال: فيها دليل على مشروعية بناء السجون لمنع شرّ أهل الفساد.
16. ما الحكمة من قوله: {الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي } [الكهف: 101] فهل الذكر يُرى حتى يحال بينه وبين العيون بما يرى؟
17. {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا } [الكهف: 103، 104] هذه عمّم السلف معناها إلى كلّ من استحسن شيئاً محرماً، سواء كان في البدع، أو المعاصي، ولهذا طبقها السلف على الخوارج.
18. كل مكان في الدنيا مهما كان جماله، ومهما بلغت روعته، فلا بد أن يصيب الإنسان منه ملل، أما الجنة، فتأمل ماذا قال الله فيها: {لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا} [الكهف: 108].
19. من الآيات التي تدل على سعة علم الله، وهي موضع إخبات وخشوع: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا } [الكهف: 109].
20. سورة مريم هي سورة الرحمة الإلهية بأوليائه الصالحين، وقد تكررت فيها مفردة الرحمة بجذورها ست عشرة مرة ! ، ولا يوجد سورة في القرآن أكثر منها في هذا المعنى، وأول آية فيها بعد الحروف المقطعة: { ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا} [مريم: 2].
21. من أدب الدعاء: {إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا} [مريم: 3].
22. { قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (4) وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا } [مريم: 4 - 6] تأمل في هذه التفاصيل التي ذكرها زكريا عليه السلام، مع أن الله تعالى يعرف حاله، وما في نفسه، ولكن في مقام السؤال فمن الأدب مع الله إظهار الافتقار إلى الغني الجبار.
23. {إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا} [مريم: 7] اختصاص نبي من الأنبياء بميزة، لا تعني تفضيله المطلق، كما هو الحال في بعض المناقب التي تذكر لصاحب من الصحابة، لا تعني التفضيل المطلق، وهذه من الضوابط في باب التفضيل.
24. من أعظم البراهين على عظيم منزلة الذكر عند الله أنه سبحانه وتعالى حال بين زكريا وبين كلّ كلمة إلا ذكره طيلة ثلاثة أيام: {قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا (10) فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا} [مريم: 10، 11] فنعوذ بالله من الغفلة.
25. منهج للمربين والآباء في تربية الصغار على معالي الأمور: {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ } [مريم: 12].
26. يا لتعاسة العاق لوالديه! فكم اجتمع فيه من الشر! {وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا } [مريم: 14] وفي قصة عيسى: {وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا} [مريم: 32] فهو جبار وعاصٍ وشقي.
27. أهل التقى يستغرب منهم الوقوع في الفاحشة: {قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا} [مريم: 18] وفيه أن التقوى من أعظم العواصم من الوقوع في الفاحشة.
28. المولود هبة ربانية: {لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا} [مريم: 19].
29. تمني الموت خوف الفتنة في الدين لا بأس به: {يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا} [مريم: 23].
30. بغض النظر من هو القائل والمنادي: {فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي } [مريم: 24] ففي الآية الحرص على تسلية المحزون.
31. {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا} [مريم: 25] ماذا تصنع هزة يسيرة من امرأة لنخلة باسقة، وفي حالة ولادة؟ إنها التربية على فعل الأسباب.
32. من آثار الصيام في شريعتهم عدم الكلام: {فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا} [مريم: 26].
33. ثلاث منن في نصف سطر: {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا } [مريم: 30] فسبحان من هذا كلامه! وتأمل كيف بدأ بأشرف ما ينسب إليه الإنسان: العبودية.
34. أكثر من هذا الدعاء لله بأن يجعلك كما جعل عيسى: {وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ } [مريم: 31].
35. لا أمد للعبودية إلا الموت: {وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا} [مريم: 31]
36. يلفت النظر في قصة إبراهيم عليه السلام عظيم الأدب الذي خاطب به أباه: {إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ} [مريم: 42].
37. رتبة العلم ترفع مقام الابن فوق مقام الأب: {يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ} [مريم: 43] لكنها لا تلغي مقام الأدب معه.
38. المتوقع أن يقال في هذه الآية: {يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ} [مريم: 45] (أن يمسك عذاب من الجبار) ولعل السر في هذا: إرسال رسالة إلى الوالد أنه إن أصابك عذاب ممن تسمى بـ(الرحمن) أي واسع الرحمة، فإنك قد أغلقت على نفسك جميع المنافذ التي تنجو بها من عذابه.
39. من ترك شيئاً لله عوضّه الله خيراً منه: {وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا (48) فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا } [مريم: 48، 49] فالخليل لما اعتزل قومه بعد أن هدده أبوه، وهب الله له من الخيرات فوق ما في الوصف.
40. قال بعض العلماء هذه أعظم شفاة في التاريخ: {وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا} [مريم: 53] حيث شفع موسى لأخيه هارون، فجعله الله نبياً.
41. من هدي الأنبياء الذي غاب في واقع الكثيرين: {وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ } [مريم: 55].
42. هذه أعظم أحوال الأنبياء المذكورين في الآية: {أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا} [مريم: 58] فلنفتش عن أثر القرآن على قلوبنا.
43. هذه من صفات حطب جهنم: {أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ} [مريم: 59] وسبحان الله! ما أكثر التلازم بينها، إذ لا يمكن أن يستمر عبدٌ في شهواته وهو يقيم الصلاة حقاً! لأن الصلاة الصحيحة تنهى عن الفحشاء والمنكر.
44. تأمل كيف جعل الله من نعيم الجنة عدم سماع اللغو من الكلام: {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا } [مريم: 62] فيا حبذا تلك المجالس التي تتشبه بشيء من نعيم الجنة!
45. هذه الآية جمعت أنواع التوحيد الثلاثة: {رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} [مريم: 65].
46. أخبرنا الله بأننا واردون على النار: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا } [مريم: 71] والشأن كل الشأن هل سنصدر أم ....؟! اللهم أجرنا من النار.
47. من أدلة زيادة الإيمان: {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى } [مريم: 76].
48. من أمثلة ما يعرف في أصول الفقه بالسبر والتقسيم: {أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا (78) كَلَّا } [مريم: 78، 79].
49. تأمل الفرق بين سياق أهل الجنة وأهل النار: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا (85) وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا} [مريم: 85، 86] فسمّى الله قدومهم عليه: وفداً، فما ظنك بمن يقدم وافداً على الله؟ ما الذي ينظره من الإكرام؟ وما الذي ينتظر المجرمين حينما يردون النار عطاشاً، بعد وقوف على الأقدام دام خمسين ألف سنة؟! اللهم اجعلنا ممن يفد عليك وفداً.
50. {لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا} [مريم: 94] قف هنا، واستعرض في ذهنك كلّ نفسٍ درجن على هذه الأرض، في البراري والقفار، في السهول والجبال، في الغابات ... الخ، كلُّ هؤلاء لا يخفون على ربك.
51. {وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا} [مريم: 95] اللهم ارحم ذلّ وقوفنا بين يديك، وأدم سترك الجميل علينا في الدنيا والآخرة.
52. انتشار القبول للعبد بين الخلق من آثار رحمة الله بالعبد: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا } [مريم: 96].
53. كلما كان الإنسان أتقى لله، كان انتفاعه بهذا القرآن أعظم وأكبر: {فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِي} [مريم: 97].
54. {مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى } [طه: 2] والله لن يشقى من تعلق بهذا القرآن، فإذا وقعت على شقي متصل بالقرآن، فثق وأيقن أن في قلبه بلاءً!
55. {يَفْقَهُوا قَوْلِي} [طه: 28] من المهم في مقام الدعوة أن يكون البيان واضحاً، ولذا سأل موسى ربّه حلّ هذه العقدة، فأجاب الله سؤله: {قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى} [طه: 36].
56. تأمل علوّ همة موسى حين حدد أهدافه من شفاعة موسى لأخيه عند الله: {وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي (29) هَارُونَ أَخِي (30) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (31) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (32) كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا (33) وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا} [طه: 29 - 34] وانظر كيف ركّز على الذكر والتسبيح، فما هي معاييرنا حينما نختار رفقاءنا في طريق الدعوة؟
57. {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه: 44] تأمل من المخاطب بهذا؟ ومن الذي يراد مخاطبته ودعوته؟ فما بال بعض الناس يخاطب إخوانه المسلمين بالعنف، ويرغب منهم أن يستمعوا له ويقبلوا منه؟!
58. الخوف من بطش الطغاة معتبر شرعاً: {قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى } [طه: 45].
59. مسلك في ضبط المواعيد:{قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى } [طه: 59] فهنا حددوا اليوم، ثم حددوا الوقت في ذلك اليوم.
60. يا للدهشة! ماذا أحدث الإيمان في قلوب السحرة في دقائق محدودة؟ تأمل في جوابهم لمن كانوا لا يراجعونه في شيء من هيبته!: {قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (72) إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [طه: 72، 73].
61. الطغيان ,وكفر النعم من أعظم أسباب حلول غضب الله: {كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي } [طه: 81].
62. للطاهر ابن عاشور تعليق نفيس على هذه الآية: {قَالَ يَبْنَؤُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي} [طه: 94] تحسن مراجعته، لصلته الوثيقة بمسألة في الواقع.
63. بعض التائبين يحتفظ ببعض آثار الماضي، ثم لا يلبث أن يعود، فانظر كيف تعامل موسى مع ذهب خالص!: {وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا} [طه: 97] وهذا من فقه التوبة: قطع جميع العلائق التي تذكر بالماضي، ولو كان مالاً نفيساً، أو صديقاً، أو بقعةً، ويبين هذا أكثر حديث الذي قتل تسعة وتسعين نفساً، فأمر بمفارقة البلد التي كان فيها.
64. { وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا} [طه : 102] قال بعض العلماء: هذه رزقة العيون! فبالله تأمل قبح ذلك الوجه الأسود وعيونه زرقاء! نعوذ بالله من النار.
65. هذا الموضع الوحيد الذي ربط جواب السؤال فيه بالفاء: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا} [طه : 105] ولذلك سبب، ذكره بعض العلماء، فحاول أن تتدبره.
66. لا تقبل الشفاعة يوم القيامة إلا بشرطين: {يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ} [طه : 109].
67. ويل للظالمين! {وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا} [طه : 111] وهذه اللاية تشمل كل من ظلم، سواء كان ظلمه كثيراً أم قليلاً، والخيبة تعظم بعظم الظلم.
68. ضمان ووعدٌ لا يخلف: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا } [طه : 112].
69. لا تلهينك كثرة قراءة القرآن عن التفكر في هذه المقاصد العظمى من نزول القرآن: {وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا} [طه : 113] فإذا لم تحدث لك القراءة زيادة في التقوى، والتذكر، فأعد النظر في طريقة قراءتك.
70. {إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى (118) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى} [طه : 118 ، 119] جمع بين العري الظاهر والباطن.
71. النبي قد تقع منه المعصية، لكنه لا يقر عليها، بل لا بد أن يتوب منها: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (121) ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى} [طه : 121 ، 122].
72. الإعراض عن القرآن عذاب معجّل، فضلاً عن المؤخّر: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [طه : 124].
73. من أشق أنواع العذاب أن ينسى الإنسان أحوج ما يكون إلى العون: {قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى } [طه : 126] وإذا كان الترك من الله فما أقساه من عذاب! ولكن الله لا يظلم أحداً: {وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى } [طه : 127] جزاءً وفاقاً.
74. من أعظم ما يعين على الصبر على أذى الأعداء: العبادة المستمرة: {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى} [طه : 130].
75. منهج تربوي لا يصبر عليه إلا أولوا العزائم: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} [طه : 132] فتأمل في كلمة (واصطبر) ففيها صبر خاص.
76. كان بعض السلف إذا ضاق رزقه فزع إلى الصلاة، ويتأول هذه الاية: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} [طه : 132].

والله أعلم وأحكم،،،
 
بارك الله بعلمكم دكتور عمر وزادكم من فضله..ماشاء الله تبارك الله وقفات كريمة وسديدة وثمينة..
فجزاكم الله خيراً على ما أفدتنا به...وشكر الله لكم.
 
هل كان آدم نبياً عندما أكل من الشجرة؟ أسأل طلباً للإجابة لا إنكاراً.
هذا الأصل، ومن نفاه فعليه الدليل، فإن الله تعالى لا يوحي لأحدٍ بشيء ويكلمه إلا وهو نبي.
 
عودة
أعلى