عمر المقبل
New member
- إنضم
- 06/07/2003
- المشاركات
- 805
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 16
60 وقفة مع الجزء الثالث عشر
2.من أعظم ما يسلي المؤمن إذا فاته شيء من حظوظ الدنيا، أو ابتلي بشيء من كبدها الزائد عن القدر المشترك بين الناس، أن يتدبر هذه الآية: { وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} [يوسف: 57].
3.سوء الظن إذا كان بناء على قرائن قوية، فلا يؤاخذ به الإنسان: {قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَمَا أَمِنْتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ} [يوسف: 64].
4.جمع يعقوب في هذه الآية: {قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ} [يوسف: 66] بين السبب الحسي، والسبب الشرعي في الاحتياط لمراده في الفعل، وفي الآية التي تليها، جمع بين السبب الحسي في الترك، مع السبب الشرعي: {وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ} [يوسف: 67].
5.توقي ما يسبب العين إذا كان بلا مبالغة، لا يمنع منه الشرع: {وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ } [يوسف: 67].
6.من أمثال القرآن: {إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ} [يوسف: 68]، { وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ } [يوسف: 76]، { وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ} [يوسف: 81]، {وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا} [يوسف: 88].
7.الحيلة إذا كانت لاسترجاع الحق، فلا بأس بها: {فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ} [يوسف: 70] ، ومثلها: {فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ} [يوسف: 76] وقد دلّت الشريعة على أن ذلك مشروط بأن يكون الحق ظاهراً، وهذا مبسوط في باب (الحجر) من كتب الفقه.
8.هذه الآية: {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: 72] أصلٌ في باب الكفالة.
9.السرقة من ضروب الفساد في الأرض: {مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ} [يوسف: 73].
10.ما زال يوسف – وهو في حالات الألم النفسي – يمارس الإحسان: {قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [يوسف: 78].
11.جميل أن يكون كبير أولاد الرجل الواحد مرجعاً، وقائداً إذا لم يمنع مانع من ذلك، لتكون كلمتهم أقوى، ورأيهم أسدّ: {فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ ... الآية } [يوسف: 80].
12.مع شدة ما مرّ بيعقوب عليه السلام من أحداث، إلا أن حسن ظنه بربه بقي ثابتاً، لم تزعزعه الخطوب، فها هو يقول بعد أن غاب عنه ثلاثة من أبنائه: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ } [يوسف: 83]، وقال في الآيات بعدها: {قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (86) يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ } [يوسف: 86 - 87].
13.ظهور آثار الحزن القدرية كالعمى، ونحول الجسم، أو الابتلاء ببعض الأمراض - إذا لم يصحبه تسخط - فهو مما لا يلام عليه العبد، ولا ينافي الصبر على أقدار الله تعالى: {وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ} [يوسف: 84].
14.من الابتلاء للوالد، أن يسمع من أولاده كلمات الجفاء في ساعات الابتلاء: {قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ} [يوسف: 85]، وقالواها بعدُ: { قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ } [يوسف: 95].
15.الصالحون مهما اجتمع لهم من النعم، فإنهم لا ينسون نسبتها لواهبها، فهذا أدعى لكمال الشكر، ونفي العجب: {قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا} [يوسف: 90].
16.قاعدة قرآنية محكمة، وشواهدها لا تحصى: {إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [يوسف: 90]، لكن تنبه لشرطيها الكبيرين.
17.قمة الأخلاق، أن تعفو عمن ظلمك، وتفتت الكبد من جراء ظلمه لك: {قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [يوسف: 92]، وهكذا طبق النبي صلى الله عليه وسلم وصية الله له بقوله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ } [الأنعام: 90] فقالها يوم الفتح لكفار قريش الذين أخرجوه من مكة، فما أحوج الدعاة إلى هذا الدرس، وما أجمل قول المقنّع الكندي:
وليس كبير القوم من يحمل الحقدا
19.انتبه أيها الولد .. إذا بلغت المناصب العالية من العلم والعمل، فإياك أن تنسى فضل والديك، ولك في يوسف قدوة حسنة: {فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ (99) وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا } [يوسف: 99، 100].
20.هذا والله العفو، والصفح الجميل: {وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي} [يوسف: 100] فلم يتعرض لأي ملف من ملفات الماضي، ولم يُشر بأي كلمة في حق إخوته، فاللهم ارزقنا حسن الخلق.
وفي الآية: من الاعتراف بفضل الله، وأن السجن من جملة العذاب، والخروج منه حسنة من الله.
وقد استشكل بعض الناس قوله (وجاء بكم من البدو) مع الأنبياء لا يكونون إلا من الحواضر، والسبب أن يعقوب وأولاده مالوا إلى مواطن البادية فعاشوا فيها طلبا للرزق، وإلا فهم من سادات الناس في الشام.
21.ختم هذه القصة والمشهد المهيب بهذه الجملة: {إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} [يوسف: 100] غاية ما يكون من المناسبة، فإن كلّ ما وقع كان بتقدير الله ولطفه، وبعلمه، وكان لهذه القصة من الحكم البليغة التي توضح شيئاً من حكمة الله في تقدير البلاء على أوليائه، ولطفه الخفي بهم، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
22.من تمام الشكر، الاعتراف بواهب النعم: {رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}[يوسف: 101].
23.من أعظم مطالب الصالحين: الوفاة على الإسلام، وتأمل كيف قدّم بين يدي دعائه ثناء على الله، وهذا من أهم آداب الدعاء: {رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} [يوسف: 101].
24.من قواعد الدعوة: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} [يوسف: 103].
25.ومن أعظم قواعد الدعوة، التي تبين جملةً من شروطها: { قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ } [يوسف: 108] وهذه الشروط: الإخلاص (أدعو إلى الله) وليس إلى شخصي أو حزب أو جماعة، والثاني (على بصيرة) بالحال والحكم.
26.القراءة السبعية في هذه الآية: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ} [يوسف: 110] وهي {كُذِّبُوا} تزيل اللبس الذي وقع عند بعض أهل العلم، وهو أن الرسل إذا يأسوا من استجابة أقوامهم لهم، وظنوا أن القوم مصرين على الكذب، جاءهم نصرنا .. الآية.
27.{ لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [يوسف: 111] ليس المراد من القصص السرد، بل الاعتبار، وإلا فقدنا مقصداً من أعظم مقاصد القصص، ونبهت الآية أن الاعتبار بالقصص من علامة كمال العقل، {عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ}.
28. سورة الرعد من السور العظيمة التي تحدثت عن مظاهر وآثار عظمة الله جل جلاله في خلقه وملكه، فمن أراد أن يملأ قلبه بهذا النوع من العلم – وهو أشرف العلوم – فليتأمل هذه السورة، وعها ثلاث أخريات: الفرقان، فاطر، الملك.
29.{ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ } [الرعد: 4] من يقدر على هذا إلا الله؟
30.قف هنا وأنت تقرأ هذه الآية: {اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ} [الرعد: 8] وسرّح فكرك في كل أنثى: من آدمية، وجنيّة، وطير، وسمك، وحشرةٍ، وحويان من ذوات الأربع والاثنتين، وما شاء الله! كم وقع في هذه اللحظة - التي تقرأ فيها هذه الأسطر – من حمل، وكم خرج من حمل إلى هذه الدنيا؟ وكم سقط من جنين؟ سبحان من نحيط ولا بشيء من علمه.
31.من سنن الله في الأمم والمجتمعات: { إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ } [الرعد: 11].
32.هذه بعض آثار عظمته في السماء: {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ (12) وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ } [الرعد: 12، 13] هذه الملائكة التي لا تعصي قط، تخاف من الملك الكبير الجبار ! فاللهم املأ قلوبنا من تعظيمك وإجلالك.
33.من الأمثلة القرآنية: { فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا} [الرعد: 17]، وكذلك: {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ } [الرعد: 17].
34.الشرط الوحيد لاجتماع الآباء والأولاد والزوجات ببعضهم في الجنة هو الصلاح: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ } [الرعد: 23] اللهم أصلحنا وأصلح لنا أعمالنا وأولادنا وأزواجنا.
35.الدنيا قد يبسطها الله على ألد أعدائه استدراجاً له، لكن الشأن في المصير الأخروي: {اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ } [الرعد: 26].
36.إذا رأيت قلبك لا يطمئن بذكر الله، فهو مريض فعالجه: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 28].
37.لم يذكر جواب (لو) في قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى} [الرعد: 31] للعلم به، والمعنى: لكان هذا القرآن. فيا حسرة من لم يحرك القرآن قلبه، وهو الذي لو سيرت به الجبال لسارت، ولو قطعت به الأرض لقطعت، ولو كلم به الموتى لتكلموا.
38.سلوة للدعاة: {وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ} [الرعد: 32].
39.قد تتساءل عن سبب إصرار بعض الكفار والمجرمين على ما هم فيه، فالجواب: {بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} [الرعد: 33].
40.الزواج من سنن المرسلين: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً } [الرعد: 38].
41.ما في اللوح المحفوظ لا يتغير ألبتة، وإنما الذي يقع فيه التبديل هو ما في أيدي الملائكة: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ } [الرعد: 39].
42.{كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [إبراهيم: 1] فمن لم يهتد بهذه القرآن فهو في ظلماته يرتكس، وإن كان برفوسورا في أدق العلوم.
43.{ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} [إبراهيم: 4] هذه الآية أصل في مشروعية ترجمة العلوم النافعة.
44.{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [إبراهيم: 5] هذه وظيفة الرسل، وأتباعهم.
45.{وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ} [إبراهيم: 5] التذكير بأيام الله، ونعمه وآلائه من الدواعي للشكر، وهذا كله من مهام الرسل، فمتى يكف اللامزون للوعاظ المتأسين بالرسل؟.
46.قاعدة قرآنية محكمة: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ } [إبراهيم: 7].
47.ما أكرم الله! وما أجوده! مع كمال غناه إلا أنه يدعو عباده على ألسنة رسله ليغفر لهم، ويكرمهم: { قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [إبراهيم: 10].
48.من أدوية الحسد: {وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} [إبراهيم: 11].
49.التوكل على الله من أعظم الأسلحة الإيمانية التي يواجه بها الرسلُ وأتباعهم كيد الأعداء: { وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ} [إبراهيم: 12].
50.{مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ} [إبراهيم: 18] وماذا يبقى من الرماد إذا كان اليوم عاصفا؟ لا شيء! {هباء منثورا}.
51.في أحلك الظروف يتخلى الشيطان عن أتباعه، حين يخطب بهم في النار: {وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ} [إبراهيم: 22].
52.الإيمان الصادق من أعظم أسباب حسن الخاتمة، والثبات على الحق، كما أن ظلم العباد من أعظم أسباب سوء الخاتمة: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} [إبراهيم: 27].
53.كفر النعم، وعدمُ شكرها من أسباب العقوبات العامة: { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ } [إبراهيم: 28].
54.{وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} [إبراهيم: 34] إذا كنا لا نستطيع عدّها فكيف نستطيع شكرها؟ فلله الحمد الذي رضي بالقليل منا.
55.{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ } [إبراهيم: 35] قال إبراهيم التميي: ومن يأمن البلاء بعد إبراهيم؟!
56.من أعظم مقاصد بناء البيت الحرام إقامة الصلاة: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ} [إبراهيم: 37] فعندها تتعجب ممن يترك الصلاة وهو مجاور للحرم!
57.دعاء ينبغي أن نكرره كثيراً: {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ } [إبراهيم: 40].
58.سلوة للمظلومين: { وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ} [إبراهيم: 42] وأيضاً: {فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ} [إبراهيم: 47].
59.{سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ } [إبراهيم: 50] من أسرار اختيار القطران – كما قال بعضهم -: لأن القطران يجمع بين أربع خصائص سيئة: سواده، ونتن رائحته، وحرارته، وسرعة اشتعاله، ولكن هذا قطران الدنيا، فكيف بقطران الآخرة؟! اللهم أعذنا من النار.
60.يا من تقرا سورة إبراهيم، تدبر خاتمتها، وانظر موقع قلبك منها: {هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ } [إبراهيم: 52].
والله أعلم وأحكم