سالم سرور عالي
New member
- إنضم
- 15/04/2006
- المشاركات
- 161
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 16
30 يونيو : رؤية شرعية لفِقه التمرد !
حشود في الميادين والساحات الكبرى ذكَّرتني بحشود الحجيج في مِنى وعرفات ! ، قتل ونهب للأموال وحرق للمؤسسات ! ، أعلام سُود وشِعارات ورايات وهتافات ! .
هل هي مُقدِّمة لتحرير الشام من النصيرية ؟!، أم هي جموع الزحف إلى فلسطين وتحرير بيت المقدس ؟! .
هل هذه مِصر الأزهر ومصر النيل ؟! ، هل هذه مِصر محمد حامد الفقي وآل شاكر ؟! .
لا والله ، لا هذا ولا ذاك ! .
الهرج والمرج الحاصل في الديار المصرية أمس واليوم ليس غريباً على من له أدنى اطِّلاع وتأمل ، فالحال أشهر من أن تخفى على عجائز نجد أو اليمن . لكن أحكام الاضطراب في المشهد المصري قد توقع التباساً بين بعض من لا يُحسن التصور الصحيح للسياسة الشرعية في النظر إلى مآلات الأفعال .
مِصر في عهد عمرو بن العاص(ت:43هـ ) رضي الله عنه ارتفعت عمرانياً وعلمياً واجتماعيًا . فما بالها اليوم اتخفضت وانكسرت وتراجعت وأصبحت كأمس الذاهب ؟! .
أين مرحلة الانتقال الديمقراطي التي بُحَّت أصوات المصريين في المناداة بها بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير ؟ ! .
أين تحكيم الشرع والضَّرب على أيدي العابثين والفاسدين يا أهل مصر ؟ .
صح عن ابن عباس (ت:68هـ)رضي الله عنه أنه قال: "مَنْ أراد أن يعلم جهل العرب فليقرأ ما فوق الثلاثين والمائة من سورة الأنعام " .
واليوم نقول من أراد أن يعلم ضعف العرب وتمزقهم فلينظر إلى حال مِصر اليوم.
أصبحوا شِيعا وأحزابا كأُسد الغابة ، القوي يأكل الضعيف .
حزب الدستور ، حزب النور، حزب الكرامة ، حزب مِصر القوية ، حزب الحرية والعدالة، حزب الأصالة ، فضلا عن الحركات اليسارية واليمينية .
لا يرضى بعضهم بما يُرضي الله ، إنما بما يُرضي أعداء الله .
العلمانيون والروافض والنصارى والصوفية ومعهم المدّ الغربي الصليبي بدأوا محاصرة أهل السنة في عُقر دارهم .
لقد لاحت على صفحات وجوههم وفلتات ألسنتهم من العداوة، مع ما هم مشتملون عليه في صدورهم من البغضاء للإسلام وأهله ، ما لا يخفى مثله على لبيب عاقل ، وهذه هي حقيقة التمرد .
يا أهل مصر : لا تظلموا دِينكم ولا تظلموا دنياكم ، وعودوا إلى ربكم ، لا تفتُّوا مصر كما تُفتُّ البعرة ، فمصر وأهلها لهم ذمة ورحمًا .
وقد ثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : " أنتم في زمانٍ من ترك عُشر ما ُأمر به هلك ، وسيأتي عليكم زمانٌ من عمل بِعُشر ماأُمر به نجا " . أخرجه الترمذي باسناد صحيح .
حملات التمرد وجمع الملايين من الأصوات من العامة أتباع كل ناعق ، لن تزيد مِصر إلا خرابًا ودماراً ، وجلبًا للمستعمرين وأعداء الأمة الذين يتربَّعون على الهيمنة المادية ، ليحكموا السيطرة على المسلمين ويتحكَّموا في شبابها وشيوخها .
للإمام ابن تيمية(ت: 728هـ ) برَّد الله مضجعه ، قاعدة نفيسة في الخصومات، ذكر فيها أن الغالب في الظلم في الدِّين أنه يدعو إلى الظلم في الدنيا، وقد لا ينعكس .
لا يمكن تغيير الواقع في عشية أو ضحاها : التراكمات الفاسدة التي خلَّفتها الأنظمة المستبدة لا يمكن أن تزول في لمحة بصر، فهذا مما يخالف سُنن الله الكونية والشرعية . فلا بُدّ من الصبر وحسن التدبير وضبط النفس ومداراة من يغلب شرهم ،حتى تقوى شوكة أهل الاخلاص والايمان .
ويجب أن يُعلم أن ما نزل بأهل مصر ومن حولهم من الأمصار إنما هو بسبب ذنوبهم .
يجب على من ثبتت ولايته من أهل مصر أن يسعى إلى دفع البلاء عن الأمة بقدر الطاقة . والتدريج سنة عمل بها السلف . وقد روي عن عمر بن عبد العزيز(ت:101هـ) رحمه الله تعالى أنه قال : "لو أقمتُ فيكم خمسين عامًا ما استكملتُ فيكم العدل، إني لأريد الأمر وأخاف أن لا تحمله قلوبكم، فأخرج معه طمعًا من الدنيا، فإن أنكرت قلوبكم هذا سكنت إلى هذا " .
وسئل الإمام مالك(ت: 179هـ ) رحمه الله تعالى عن الرقيق العجم، يُشترون في شهر رمضان وهم لا يعرفون الإسلام ويرغبون فيه، لكن لا يفقهون ما يُراد منهم، فهل يُجبرون على الصيام أم يُطعمون؟ فقال: " أرى أن يُطعموا ولا يمنعوا الطعام ويرفق بهم حتى يتعلَّموا الإسلام، ويعرفوا واجباته وأحكامه ".
المهمات الكبرى ، والقضايا المصيرية التى يرتبط بها عِزُّ الأمة ونصرها ، ينبغي ألا تُفوَّض إلا لحازم فارغِ القلب ، لم تأسره الدنيا ، ولم يشغله المعاش ، ولم تُلهه الشهوات ، لأن المتعلِّق بأمور الدنيا ،وشؤون الحياة ، قد يضعف عزمه عن المواجهة والإقدام .والقلب إذا تشعَّبت به الهموم ضَعَّف عمل الجوارح ، والدليل على ذلك الحديث المرفوع :" غزا نبي من الأنبياء ، فقال لقومه :" لا يتبعني رجل ملك بُضع امرأة ، وهو يريد أن يبني بها ولمَّا يبن بها ، ولا أحد بنى بيوتا ولم يرفع سقوفها ، ولا أحد اشترى غنما أو خَلفات ، وهو ينتظر وِلادها ، فغزا ، فدنا من القرية صلاة العصر ، أو قريبا من ذلك " متفق عليه .
هناك من ينادي : المشاركة أو المغالبة ! . كيف يشاركنا من لا يتفق معنا في دين ولا دنيا ! ، والله تعالى يقول : " ولو اتَّبع الحق أهواءهم لفسدت السموات والأرض ومن فيهن " ( المؤمنون: 71 ) .
ومن لطائف جلال الدين المحلِّي (ت:864هـ) رحمه الله تعالى وهو شافعي من شافعية مصر : " الردة هي قطع الإسلام بنيةِ كفرٍ، أو قولِ كفرٍ، أو فعلٍ مكفِّر، سواء في القول قاله استهزاءً أو عِناداً أو اعتقاداً " .
ومن فِقه الامام البخاري (ت:256هـ ) رحمه الله تعالى أنه بوَّب بابًا بلفظ : باب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم .
فعلى من ولَّاه الله وِلاية مصر أن يسوس هذه الأحزاب بسياسة الدِّين مع تغليب الحزم ، لإسكات أهل الباطل واخماد صولتهم ، وقد قال بعض السلف : " ثلاثة يُمتحن بها عقول الرجال: كثرة المال، والمصيبة، والولاية" .
لن يُمكَّن لأهل مصر أمرهم ما داموا يلهثون خلف شِعارات الاخوانية والحزبية والارتماء بأحضان أعداء الاسلام ،ونسوا التعلق بالله والعمل بالأسباب الشرعية لإصلاح الرعية . وبات حال بعضهم كالغراب الذي ضيَّع مشيته ولم يمشي مثل الحمامة ! .
وما أجمل قول الأديب الجاحظ (ت:255هـ) عفى الله عنه :" إذا استوحش الإنسان تمثّل له الشىء الصغير فى صورة الكبيرة ، وارتاب وتفرّق ذهنه ،فرأى مالا يُرى ، و سمع مالا يُسمع ،وتوهَّم على الشىء اليسير الحقير، أنه عظيمٌ جليل " .
هذا ما تيسر تحريره ، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .
أ/أحمد بن مسفر بن معجب العتيبي
عضو هيئة التدريس بقوات الأمن الخاصة
(منقول)
حشود في الميادين والساحات الكبرى ذكَّرتني بحشود الحجيج في مِنى وعرفات ! ، قتل ونهب للأموال وحرق للمؤسسات ! ، أعلام سُود وشِعارات ورايات وهتافات ! .
هل هي مُقدِّمة لتحرير الشام من النصيرية ؟!، أم هي جموع الزحف إلى فلسطين وتحرير بيت المقدس ؟! .
هل هذه مِصر الأزهر ومصر النيل ؟! ، هل هذه مِصر محمد حامد الفقي وآل شاكر ؟! .
لا والله ، لا هذا ولا ذاك ! .
الهرج والمرج الحاصل في الديار المصرية أمس واليوم ليس غريباً على من له أدنى اطِّلاع وتأمل ، فالحال أشهر من أن تخفى على عجائز نجد أو اليمن . لكن أحكام الاضطراب في المشهد المصري قد توقع التباساً بين بعض من لا يُحسن التصور الصحيح للسياسة الشرعية في النظر إلى مآلات الأفعال .
مِصر في عهد عمرو بن العاص(ت:43هـ ) رضي الله عنه ارتفعت عمرانياً وعلمياً واجتماعيًا . فما بالها اليوم اتخفضت وانكسرت وتراجعت وأصبحت كأمس الذاهب ؟! .
أين مرحلة الانتقال الديمقراطي التي بُحَّت أصوات المصريين في المناداة بها بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير ؟ ! .
أين تحكيم الشرع والضَّرب على أيدي العابثين والفاسدين يا أهل مصر ؟ .
صح عن ابن عباس (ت:68هـ)رضي الله عنه أنه قال: "مَنْ أراد أن يعلم جهل العرب فليقرأ ما فوق الثلاثين والمائة من سورة الأنعام " .
واليوم نقول من أراد أن يعلم ضعف العرب وتمزقهم فلينظر إلى حال مِصر اليوم.
أصبحوا شِيعا وأحزابا كأُسد الغابة ، القوي يأكل الضعيف .
حزب الدستور ، حزب النور، حزب الكرامة ، حزب مِصر القوية ، حزب الحرية والعدالة، حزب الأصالة ، فضلا عن الحركات اليسارية واليمينية .
لا يرضى بعضهم بما يُرضي الله ، إنما بما يُرضي أعداء الله .
العلمانيون والروافض والنصارى والصوفية ومعهم المدّ الغربي الصليبي بدأوا محاصرة أهل السنة في عُقر دارهم .
لقد لاحت على صفحات وجوههم وفلتات ألسنتهم من العداوة، مع ما هم مشتملون عليه في صدورهم من البغضاء للإسلام وأهله ، ما لا يخفى مثله على لبيب عاقل ، وهذه هي حقيقة التمرد .
يا أهل مصر : لا تظلموا دِينكم ولا تظلموا دنياكم ، وعودوا إلى ربكم ، لا تفتُّوا مصر كما تُفتُّ البعرة ، فمصر وأهلها لهم ذمة ورحمًا .
وقد ثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : " أنتم في زمانٍ من ترك عُشر ما ُأمر به هلك ، وسيأتي عليكم زمانٌ من عمل بِعُشر ماأُمر به نجا " . أخرجه الترمذي باسناد صحيح .
حملات التمرد وجمع الملايين من الأصوات من العامة أتباع كل ناعق ، لن تزيد مِصر إلا خرابًا ودماراً ، وجلبًا للمستعمرين وأعداء الأمة الذين يتربَّعون على الهيمنة المادية ، ليحكموا السيطرة على المسلمين ويتحكَّموا في شبابها وشيوخها .
للإمام ابن تيمية(ت: 728هـ ) برَّد الله مضجعه ، قاعدة نفيسة في الخصومات، ذكر فيها أن الغالب في الظلم في الدِّين أنه يدعو إلى الظلم في الدنيا، وقد لا ينعكس .
لا يمكن تغيير الواقع في عشية أو ضحاها : التراكمات الفاسدة التي خلَّفتها الأنظمة المستبدة لا يمكن أن تزول في لمحة بصر، فهذا مما يخالف سُنن الله الكونية والشرعية . فلا بُدّ من الصبر وحسن التدبير وضبط النفس ومداراة من يغلب شرهم ،حتى تقوى شوكة أهل الاخلاص والايمان .
ويجب أن يُعلم أن ما نزل بأهل مصر ومن حولهم من الأمصار إنما هو بسبب ذنوبهم .
يجب على من ثبتت ولايته من أهل مصر أن يسعى إلى دفع البلاء عن الأمة بقدر الطاقة . والتدريج سنة عمل بها السلف . وقد روي عن عمر بن عبد العزيز(ت:101هـ) رحمه الله تعالى أنه قال : "لو أقمتُ فيكم خمسين عامًا ما استكملتُ فيكم العدل، إني لأريد الأمر وأخاف أن لا تحمله قلوبكم، فأخرج معه طمعًا من الدنيا، فإن أنكرت قلوبكم هذا سكنت إلى هذا " .
وسئل الإمام مالك(ت: 179هـ ) رحمه الله تعالى عن الرقيق العجم، يُشترون في شهر رمضان وهم لا يعرفون الإسلام ويرغبون فيه، لكن لا يفقهون ما يُراد منهم، فهل يُجبرون على الصيام أم يُطعمون؟ فقال: " أرى أن يُطعموا ولا يمنعوا الطعام ويرفق بهم حتى يتعلَّموا الإسلام، ويعرفوا واجباته وأحكامه ".
المهمات الكبرى ، والقضايا المصيرية التى يرتبط بها عِزُّ الأمة ونصرها ، ينبغي ألا تُفوَّض إلا لحازم فارغِ القلب ، لم تأسره الدنيا ، ولم يشغله المعاش ، ولم تُلهه الشهوات ، لأن المتعلِّق بأمور الدنيا ،وشؤون الحياة ، قد يضعف عزمه عن المواجهة والإقدام .والقلب إذا تشعَّبت به الهموم ضَعَّف عمل الجوارح ، والدليل على ذلك الحديث المرفوع :" غزا نبي من الأنبياء ، فقال لقومه :" لا يتبعني رجل ملك بُضع امرأة ، وهو يريد أن يبني بها ولمَّا يبن بها ، ولا أحد بنى بيوتا ولم يرفع سقوفها ، ولا أحد اشترى غنما أو خَلفات ، وهو ينتظر وِلادها ، فغزا ، فدنا من القرية صلاة العصر ، أو قريبا من ذلك " متفق عليه .
هناك من ينادي : المشاركة أو المغالبة ! . كيف يشاركنا من لا يتفق معنا في دين ولا دنيا ! ، والله تعالى يقول : " ولو اتَّبع الحق أهواءهم لفسدت السموات والأرض ومن فيهن " ( المؤمنون: 71 ) .
ومن لطائف جلال الدين المحلِّي (ت:864هـ) رحمه الله تعالى وهو شافعي من شافعية مصر : " الردة هي قطع الإسلام بنيةِ كفرٍ، أو قولِ كفرٍ، أو فعلٍ مكفِّر، سواء في القول قاله استهزاءً أو عِناداً أو اعتقاداً " .
ومن فِقه الامام البخاري (ت:256هـ ) رحمه الله تعالى أنه بوَّب بابًا بلفظ : باب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم .
فعلى من ولَّاه الله وِلاية مصر أن يسوس هذه الأحزاب بسياسة الدِّين مع تغليب الحزم ، لإسكات أهل الباطل واخماد صولتهم ، وقد قال بعض السلف : " ثلاثة يُمتحن بها عقول الرجال: كثرة المال، والمصيبة، والولاية" .
لن يُمكَّن لأهل مصر أمرهم ما داموا يلهثون خلف شِعارات الاخوانية والحزبية والارتماء بأحضان أعداء الاسلام ،ونسوا التعلق بالله والعمل بالأسباب الشرعية لإصلاح الرعية . وبات حال بعضهم كالغراب الذي ضيَّع مشيته ولم يمشي مثل الحمامة ! .
وما أجمل قول الأديب الجاحظ (ت:255هـ) عفى الله عنه :" إذا استوحش الإنسان تمثّل له الشىء الصغير فى صورة الكبيرة ، وارتاب وتفرّق ذهنه ،فرأى مالا يُرى ، و سمع مالا يُسمع ،وتوهَّم على الشىء اليسير الحقير، أنه عظيمٌ جليل " .
هذا ما تيسر تحريره ، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .
أ/أحمد بن مسفر بن معجب العتيبي
عضو هيئة التدريس بقوات الأمن الخاصة
(منقول)